الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل
(1)
وقال شيخ الإسلام أيضاً: (ومن المحرمات العكوف عند قبر، والمجاورة عنده، وسدانته، وتعليق الستور عليه، كأنه بيت الله الكعبة، وقد بيّنا أن نفس بناء المسجد عليه منهي عنه باتفاق الأمة، محرم بدلالة السنة، فكيف إذا ضم إلى ذلك المجاورة في ذلك المسجد، والعكوف فيه، كأنه المسجد الحرام؟ بل عند بعضهم العكوف فيه أحب من العكوف في المسجد الحرام، إذ من الناس من يتخذ من دون الله أنداداً يحبونهم كحب الله، والذين آمنوا أشد حباً لله، بل حرمة ذلك المسجد المبني على القبر الذي حرمه الله ورسوله، أعظم عند المقابريين من بيوت الله التي (2) أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه، وقد أسست على تقوى من الله ورضوان.
وقد بلغ الشيطان بهذه البدع إلى الشرك العظيم من كثير من الناس، حتى إن منهم من يعتقد أن زيارة المشاهد التي على القبور، إما لنبي، أو شيخ، أو بعض أهل البيت: أفضل من حج البيت الحرام، ويسمى زيارتها الحج الأكبر، ومنهم من يرى أن السفر لزيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم أفضل من حج البيت؛ وبعضهم إذا وصل إلى المدينة رجع، وظن أنه حصل [له](3) المقصود، وهذا لأنهم ظنوا أن زيارة القبور لأجل الدعاء عندها والتوسل بها، وسؤال الميت ودعائه، ولهذا كثير من هؤلاء يسأل الميت والغائب كما يسأل ربه، وكثير من
(1) في "ش" بياض بمقدار كلمة: (في المصورة التي لدي) .
(2)
في جميع النسخ: "الذي"، والمثبت من:"الاقتضاء".
(3)
ما بين المعقوفتين إضافة من: "الاقتضاء".
الناس تمثل له صورة الشيخ المستغاث به، ويكون ذلك شيطاناً قد خاطبه، كما تفعل الشياطين بعبدة الأصنام. وأعظم من قصد الصلاة عنده، النذر (1) له، أو للسدنة، أو المجاورين (2) عنده من أقاربه، أو غيرهم، واعتقاد أنه بالنذر له قضيت الحاجة، وكشف البلاء.
واعلم أن أهل القبور المدفونين من الأنبياء والصالحين يكرهون ما يفعل عندهم كل الكراهة، كما أن المسيح عليه السلام يكره ما يفعل النصارى به، وكما كان أنبياء بني إسرائيل يكرهون ما يفعله (3) الأتباع) .
(11 قلت: (فمن ظن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكره ما كرهه (4) المسيح- عليه السلام (5) -وتبرأ منه فقد سبَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أعظم السبِّ، وصار بهذا كافراً؛ لكونه نسب الرسول صلى الله عليه وسلم إلى الرضاء بما نهاه الله تعالى (6) عنه في مواضع (7) من كتابه، والنبي (8) صلى الله عليه وسلم بلَّغ عن الله وحيه، واشتدت عداوته لمن ارتكب ما نهى الله عنه من هذا (9) الشرك العظيم، وقاتل من لم يتب منه، واستحل دمائهم، وأموالهم، ثم قال الشيخ رحمه الله تعالى (10)) 11) :
(1) في (الأصل) : "والنذر"، والمثبت من "م" و "ش" و "الاقتضاء".
(2)
سقطت من: (المطبوعة) : "أو..".
(3)
في جميع النسخ: "ما يفعل"، والمثبت من "الاقتضاء".
(4)
في "م" و "ش": "ما كره".
(5)
سقطت من "م" و "ش": "عليه السلام".
(6)
سقطت "تعالى" من: "م" و "ش".
(7)
في "م" و "ش"" "غير موضع".
(8)
في "م" و"ش": "والرسول".
(9)
سقطت "هذا" من: "م"و "ش".
(10)
ما بين القوسين سقط من: (المطبوعة) .
(فلا يحسب المرء المسلم أن النهي عن اتخاذ القبور أعياداً وأوثاناً غض من أصحابها، بل هو من باب إكرامهم، وذلك أن القلوب إذا اشتغلت بالبدع أعرضت عن السنن (1) فتجد أكثر هؤلاء العاكفين على القبور معرضين عن سنة ذلك المقبور وطريقته، مشتغلين بقبره عما أمر به ودعا إليه، ومن كرامة الأنبياء والصالحين أن يتبع ما ادعوا إليه من العمل الصالح؛ ليكثر أجرهم بكثرة أجور من تبعه من غير أن ينقص من أجورهم شيء" (2) .
وإنما اشتغلت طوائف من الناس بنوع من العبادات المبتدعة، لإعراضهم عن المشروع أو بعضه، وإلا فمن أقبل على الصلوات الخمس بوجهه وقلبه؛ عاقلاً لما اشتملت عليه من الكلم الطيب والعمل الصالح؛ فاهتم بها كل
الاهتمام، أغنته عن كل ما يتوهم فيه خير من جنسها، ومن/أصغى إلى كلام الله ورسوله بعقله وتدبره بقلبه، وجد فيه من الفهم والحلاوة والبركة والمنفعة ما لا يجده في شيء من الكلام، ومن اعتاد الدعاء المشروع في أوقاته (3) ، كالأسحار وإدبار الصلوات والسجود أغناه عن كل دعاء مبتدع، فعلى العاقل أن يجتهد في اتباع السنة في كل شيء، فإنه من يتحر الخير يعطه ومن يتق (4) الشر يوقه) .
(1) في هامش: (الأصل) : "هنا تأمل فرحمة الله عليه من عالم".
(2)
وتمامه" ومن دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام من تبعه لا ينقص ذلك من
آثامهم شيئاً"
أخرجه مسلم كتاب"العلم" باب من سن سنة حسنة أو سيئة ومن دعى إلى هوى أو
ضلالة: (ح/2674) .
(3)
في "ش": "في أوقات الأسحار".
(4)
في "الاقتضاء": "يتوق".