الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل
(1)
وقد أنكر الله تعالى (2) في محكم كتابه على من دعا الأنبياء والصالحين والملائكة. فقال تعالى (3) : {قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ فَلا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنْكُمْ وَلا تَحْوِيلاً، أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورا} (4) .
نزلت هذه الآيات فيمن يدعو المسيح وأمه والعزير والملائكة، وأئمة التفسير (5) ذكروا ذلك في معنى هذه الآية الكريمة. فانظر إلى هذا التهديد والوعيد في حق من دعا الملائكة والأنبياء والصالحين؛ وأخبر تعالى أنهم لا يملكون كشف الضر عمن دعاهم، ولاتحويله، وأخبر تعالى أن أولئك الذين يدعونهم من الأنبياء والصالحين يبتغونإلى ربهم الوسيلة أيهم أقرب، وأعظم الوسائل (6 التي تقرب إلى الله6)(6) إخلاص العبادة لله تعالى، وتجريد التوحيد، ومخالفة ما كان يفعله المشركون من دعوةغير الله.
(1) في "ش": بياض بمقدار كلمة: (في المصورة التي لدي) .
(2)
سقط من: (المطبوعة) : "تعالى".
(3)
سقط من "م": "تعالى".
(4)
سورة الإسراء، الآيتان: 56و 57.
(5)
انظر مثالاً على ذلك "تفسير ابن كثير": (3/50) .
(6)
ما بين القوسين سقط من: (المطبوعة) .
ومما يتوسل به إلى الله تعالى ذكر (1) أسماؤه وصفاته، كما قال تعالى:
{وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا} (2) ، وقد علم النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه (3) أن يتوسلوا إلى الله في دعائهم بحمده والإخلاص له، كما في الحديث الصحيح:
"اللهم إني أسألك بأن لك الحمد لا إله إلا أنت المنان بديع السموات والأرض يا ذا الجلال والإكرام"(4) ، وحديث "اللهم إني أسألك بأني أشهد (5) أنك أنت الله لا إله إلا أنت الأحد والصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد"(6)
(1) سقط من: (المطبوعة) : "ذكر".
(2)
سورة الأعراف، الآية:180.
(3)
سقطت "أصحابه"من: "ش".
(4)
أخرجه أحمد: (3/12و180و 245و 265)، وأبو داود كتاب الصلاة باب الدعاء:(ح/1495)، والترمذي "تحفة الأحوذي":(ح/3612) . وقال: "حديث غريب من هذا الوجه وقد روي هذا الحديث من غير وجه عن أنس"، والنسائي كتاب "السهو" باب الذكر بعد الدعاء:(3/912)، وابن ماجه في كتاب "الأدب" باب اسم الله الأعظم:
(ح/3858)، والبخاري في "الأدب المفرد":(ح/705)، والطبراني في "الدعاء":
(2/833)، والطحاوي في "مشكل الآثار":(1/62)، وابن حبان كما في "الإحسان":
(ح/2382)، والحاكم:(1/503و 504) وقال: "صحيح على شرط مسلم ووافقه الذهبي".
عن أنس بن مالك قال: "كنت جالساً مع النبي صلى الله عليه وسلم في المسجد فدخل يصلي فقال:
اللهم..الحديث. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: دعى الله باسمه الأعظم الذي إذا دعي به أجاب وإذا سئل به أعطى" وهو صحيح.
(5)
سقط من: (المطبوعة)"بأني أشهد".
(6)
أخرجه أحمد: (5/360)، وأبو داود في كتاب "الصلاة"باب الدعاء:(ح/1493) ،
والترمذي كتاب "الدعوات"باب جامع الدعوات عن الله صلى الله عليه وسلم: (ح/3475) وقال: "حديث حسن". والنسائي كتاب "السهو"باب الذكر بعد الدعاء: (3/52)، وابن ماجه كتاب "الأدب"باب اسم الله الأعظم:(ح/3857)، وابن حبان كما في "الإحسان":(ح/2383) ، والحاكم في "المستدرك" 1/504 وقال صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه وله شاهد صحيح على شرط مسلم، ووافقه الذهبي عن بريدة.
قال المنذري في "الترغيب والترهيب": (2/274) : "قال شيخنا الحافظ المقدسي: وإسناده لا يطعن فيه ولم يرد في هذا الباب حديث أجود إسناداً منه".
وأمثال هذا في الأحاديث كثير. وأما ما ادعاه المنحرفون عن الإيمان م أن الوسيلة هي (1) التوسل إلى الله تعالى بذوات (2) الأنبياء والصالحين، فهذا باطل يناقض ما ذكره الله تعالى في أول الآية: من تهديد من دعاهم، وإنكاره عليهم دعوتهم، وقد تقدم ما يدل على (3) أن هذا الدعاء (4) هو بعينه دين المشركين والمتخذين الشفعاء يسألونهم أن يشفعوا لهم عند الله، ويقربوهم إليه زلفى، والقرآن كله من أوله إلى آخره يبطل هذه الوسيلة ويبين أنها شرك وكفر، كما قال تعالى:{وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ لا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الْكَافِرُون} (5)، وقوله:{وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَة} (6)
الآية (7)، وقوله:{وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِير} إلى قوله: {وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُم} (8) .
(1) في (المطبوعة) : "هو" وهو تحريف.
(2)
سقط من (المطبوعة)"بذوات".
(3)
سقط من: (المطبوعة)"على..".
(4)
في (المطبوعة)"المدعى" وهو تحريف.
(5)
سورة المؤمنون، الآية:117.
(6)
سورة الأحقاف، الآية:5.
(7)
في (المطبوعة) : "الآيتين".
(8)
سورة فاطر، الآيتان: 13و14.
فتظاهرت الآيات والأحاديث على أن هذه الوسيلة التي يدعيها أولئك الضلال؛ من التعلق بالأموات والغائبين برغبة أو رهبة (1) أن هذا هو (2) الشرك الأكبر الذي لا يغفره الله تعالى (3) ، كما تقدم ذلك صريحاً في كلام العلماء، والاستدلال على ذلك بهذه الآيات ونظائرها. وهؤلاء الجهلة (4) الضلال قلبوا الحقائق، ودعوا الخلق إلى أن يجعلوا لله أنداداً يصرفون لهم من العبادة ما لا يستحقه إلا الله تعالى، فخالفوا الرسل والكتب، فأنكروا (5)[التوحيد](6) الذي تضمنته دعوة الرسل والكتب، ودلت عليه كلمة الإخلاص لا إله إلا الله (7) ، وأجازوا الشرك الذي هو أعظم المنكرات، واتفقت الرسل/ والكتب على إنكاره والنهي عنه، والتحذير منه ومن عقوباته، وهذا بين واضح لمن ألهمه الله رشده، ووقاه شر نفسه، وأحياالله قلبه.
وليس عند هذا العراقي –وأمثاله من المشركين (8) – ما يدفع حجج الله وبيّناته، حاش وكلا.
وغاية ما يستدل به: إما حديث مختلق مفترى، والأحاديث لا يقبل منها
(1) في "م" و"ش": "برغبة ورهبة".
(2)
سقط من: (المطبوعة)"أن هذا "، وفي (المطبوعة) :"هي" وهو تحريف.
(3)
سقط كم "م" و "ش" و (المطبوعة) : "تعالى".
(4)
في "م" و "ش": الجهال".
(5)
في "م" و "ش": "وأنكروا".
(6)
ما بين المعقوفتين إضافة من: "م" و"ش".
(7)
ما بين القوسين من: (المطبوعة) .
(8)
ما بين القوسين من: (المطبوعة) .
إلا ما رواه العلماء من أهل الحديث بالأسانيد المتصلة وليس فيها من يتهم بالكذب، [أو النسيان](1) ، أو غير ذلك من العلل التي ذكرها المحدثون. (2 وعلى كل حال فالحديث لا يخالف ما صرح به القرآن من النهي عن الشرك قليله وكثيره، وهو الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد 2)(2) .
وقد صنف بعضهم في الموضوعات، وأفردها بالتصنيف؛ لئلا يغتر بها جاهل، ومما بهرج به ما ينسبه إلى بعض العلماء، وهو إما أن يكون كذباً عليهم، أو أنه أخطأ والخطأ جائز عليه (3) ؛ ولهذا ورد في كلام بعض الصحابة التحذير من زلة الحكيم، (6 وفي الحديث "إنما أخاف على أمتي الأئمة المضلين (4) ، وهذا يدل على أنه قد يوجد في الأمة من هو كذلك، بل قد وجد في كلام كثير جهلاً منهم، وقال ابن عباس رضي الله عنهما 6) (5)(6) كلٌّ يؤخذ من قوله ويترك إلا الرسول صلى الله عليه وسلمن فإن الله تعالى عصمه وأخبر أنه لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى، وأيضاً فكل هذه الحكايات منقطعة لا يجوز الاحتجاج
(1) ما بين المعقوفتين إضافة من: "م" و "ش".
(2)
ما بين القوسين سقط من: (المطبوعة) .
(3)
في "م" و"ش": "عليهم".
(4)
أخرجه الإمام أحمد: (ح/278) ، وأبو داود كتاب "الفتن والملاحم" باب ذكر الفتن
ودلالئلها: (ح/4252)، والترمذي كتاب "الفتن" باب ما جاء في الأئمة المضلين:
(ح/2229)، وقال:"حسن صحيح"، وابن ماجه كتاب "الفتن"باب ما يكون من الفتن:
(ح/3952)، والدارمي كتاب "الرقاق" باب في الأئمة المضلين:(ح/2755) من
حديث ثوبان رضي الله عنه.
(5)
في "ش": عنه، وسقطت "رضي الله عنهما"من:"م".
(6)
ما بين القوسين سقط من: (المطبوعة) .
بها، ولو لم تعارض نصوص الكتاب والسنة، فكيف إذا عارضت أصل (1) الإسلام الذي أكمله الله تعالى في كتابه، وعلى لسان رسوله صلى الله عليه وسلم؟ فلا تجد حكاية من الحكايات إلا وهي منقطعة، والناقل مجهول الحال أو متهم بالكذب (2) ، وبكل وجه اعتبرته يفسد به الاستدلال.
فلا يروج ما لبس به هذا العراقي إلا على جاهل لا بصيرة له في معرفة الحق من الباطل.
ولا خلاف بين العلماء –رحمهم الله تعالى- أن أدلة الشرع المتفق عليها ثلاثة: آية محكمة، أو حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم يرويه العلماء بالأسانيد المتصلة، ويحتجون به على محل النزاع، والثالث: الإجماع، وهو إجماع الصحابة والتابعين وأئمة المسلمين من المجتهدين.
وأما القياس: ففي الاستدلال به نزاع بين العلماء، ومن قال منهم: إنه دليل، فلقبوله شروط مذكورة في كتب العلماء من الأصوليين وغيرهم (3 فإن خالف نصاً، أو ظاهراً فسد اعتباره بالإجماع 3)(3) ، فإذا كانت هذه الحكايات التي يذكرها هذا العراقي لا يدل عليها نص كتاب ولا سنة ولا قياس، ولا أجمع عليها من يعتد بإجماعه ممن ذكرنا، ومع هذا فقد صادمت الأدلة كلها، فإذا كان الأمر كذلك –كما لا يخفى – علم يقيناً أنها من وحي الشياطين (4) ، وتلبيس الجاهلين المنحرفين عن الحق المبين.
(1) في "م": "أدلة".
(2)
سقطت "أو متهم بالكذب" من: (المطبوعة) .
(3)
ما بين القوسين سقط من: (المطبوعة) .
(4)
في "م" و "ش": "الشيطان".
وقد ذكر شيخ الإسلام –رحمه الله تعالى- حكايات ذكر أنه (1) اغتر (2) بها عباد القبور، وأجاب عن ذلك بم يكفي ويشفي، وسنذكر إن شاء الله (3) تعالى في هذا الجواب بعض ذلك.
وقال العلامة ابن القيم (4) –رحمه الله تعالى-: (والمقصود أن الشيطان بلطف كيده يحسن الدعاء عند القبور، وأنه أرجح منه في المسجد، ثم يدعوه إلى درجة أخرى من الدعاء عنده إلى الدعاء به والإقسام به على الله تعالىن ثم ينقله إلى دعاء الميت نفسه من دون الله، ثم ينقله إلى أن يتخذ قبره معتكفاً، / ويوقد عليه القناديل، ويضع عليه الستور، ويعبده بالسجود له والطواف، والتقبيل والاستلام، والحج إليه، والذبح له (5) ، ثم ينقله إلى دعاء الناس إلى عبادته، واتخاذه معبوداً، ثم إلى الإنكار على من أنكر شيئاً من هذه المفاسد، والحكم عليه بالضلال البعيد.
وأعظم الفتنة بالأنصاب فتنة أصحاب القبور، وهي أصل فتنة عباد الأصنام، كما ذكره السلف من الصحابة والتابعين.
فمن أعظم كيد الشيطان: أنه ينصب لأهل الشرك قبراً معظماً معبوداً، ثم يوحي إلى أوليائه أن من نهى عن عبادته واتخاذه وثناً فقد تنقصه وهضمه، فيسعى الجاهلون والمشركون في قتله وعقوبته ويكفرونه، وما ذنبه إلا أنه يأمر
(1) سقطت "ذكر أنه"من: (المطبوعة) .
(2)
في "ش": "اعتبر".
(3)
سقط لفظ الجلالة "الله" من: (المطبوعة) .
(4)
انظر "إغاثة اللهفان": (1/212و 213و 214و 216و 217)"ط/دار المعرفة".
(5)
في هامش (الأصل) و "م": "قلت وهذا الذي رأينا في كلام ابن منصور أنكر على شيخنا –
رحمه الله تعالى- إنكار هذه المفاسد"، وزاد في (الأصل) في آخره "تقرر".
بما أمر الله به ورسوله من توحيده، وينهى الله عنه ورسوله من اتخاذ القبور أوثاناً وأعياداً وإيقاد السرج عليها وبناء القباب، وغير ذلك مما تقدمت الإشارة إليه من فنون الشرك الذي كان يفعله المشركون مع أرباب القبور.
فقد علم بالاضطرار من دين الإسلام أنه مضاد لما بعث الله به رسله من تجريد التوحيد، فإذا نهى الموحد عن الشرك بالأموات [والغائبين] (1) إشمأزت قلوبهم؛ وقالوا: قد تنقص أهل الرتب العالية؛ وزعم أنهم لا حرمة لهم ولا قدر، ويسري (2) ذلك في نفوس الجهال والطغام وكثير ممن ينتسب إلى العلم والدين، حتى عادوا أهل التوحيد ورموهم بالعظائم؛ ونفروا الناس عنهم ووالوا أهل الشرك وعظموهم وزعموا أنهم أولياء الله وأنصار دينه ويأبى الله ورسوله ذلك، وما كانوا أولياؤه إن أولياؤه إلا المتقون (3) الداعون إلى توحيده على بصيرة، لا لابسوا ثياب الزور الذين يصدون الناس (4) عن سبيل الله، ويبغونها عوجا، وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا. ولا تحسب أيها المنعم عليه باتباع صراط المستقيم أن النهي عن اتخاذ القبور مساجد وأعياداً (5) ، وإيقاد السرج عليها، والسفر إليها ودعائها، والنذر لها واستلامها وتقبيلها، وتعفير الوجوه في عرصاتها ونحو ذلك: غضّمن قدر أصحابها، كما يحسبه أهل الإشراك والضلال، بل ذلك من إكرامهم
(1) ما بين المعقوفتين إضافة من "م" و"ش".
(2)
في "م" و "ش": "وسرى".
(3)
قوله "وما كانوا
…
المتقون" أوردها المصنف –رحمه الله –للاستشهاد لا للاستدلال وقد
وردت في المطبوعة على سبيل الاستدلال!!
(4)
سقطت "الناس" من: "م".
(5)
في "م": "أو أعياداً".
ومتابعتهم فيما يحبونه، وتجنب ما يكرهونه، بل أنت والله وليهم ومحبهم، وناصر طريقتهم وسنتهم، وعلى هديهم ومنهاجهم، وهؤلاء المشركون من أعصى الناس لهم، وأبعدهم من هديهم، كالنصارى مع المسيح والروافض مع علي، فأهل الحق أولى بأهل الحق من أهل الباطل، والمؤمنون والمؤمنات بعضهم ألياء بعض، والمنافقون والمنافقات بعضهم من بعض.
فاعلم أن القلوب إذا اشتغلت بالبدع أعرضت عن السنن، فتجد أكثر هؤلاء العاكفين على القبور معرضين عن طريقة من فيها وسنته، مشتغلين بقبره عما دعا إليه وأمره به.
فتعظيم الأنبياء والصالحين ومحبتهم إنما هي باتباع ما دعوا إليه من العلم النافع، والعمل/ الصالح، واقتفاء آثارهم وسلوك طريقهم، دون عبادة قبورهم والعكوف عليها، وقد أرسلوا إلى أممهم بالنهي عن ذلك، فنهوا عنه أشد النهي، فكيف يتقرب إليهم بما قد حرموه ونهوا عنه، ونصبوا العداوة لمن فعلهن
وتبرأوا منه؟
وإنما اشتغل كثير من الناس بكثير من أنواع العبادة المبتدعة التي حرمها الله ورسوله لإعراضهم عن المشروع؛ وإن قاموا بالصورة الظاهرة، فقد حرموا المقصود منه، ومن أصغى إلى كلام الله ورسوله بقلبه وتدبره (1) بكليته، وحدّث (2) نفسه باقتباس الهدى والعلم منه، أغناه عن البدع، والآراء، والتخرصات، والشطحات، والخيالات، التي هي وساوس النفوس وتخيلاتها)
(1) في "م" و "ش": "وتدبر".
(2)
في (المطبوعة) : "وأخذت" وهو تحريف.
انتهى (2كلام العلامة –رحمه الله (1) –وهو يحكي ما وقع في هذه الأمة من الشرك العظيم كما لا يخفى على ذوي البصاير2) (2) .
ومما يقرر ما قدمناه –من أن مدلول الدعاء هو السؤال والطلب رغبة أو رهبة (3) أو مجموعهما –ما ذكره البخاري رحمه الله تعالى وغيره من المحدثين والمفسرين فإنه قال في صحيحه: كتاب الدعوات، باب (4) قول الله تعالى:
ولكل (6) نبي دعوة مستجابة.
حدثنا إسماعيل قال: حدثني مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة رضي الله عنه (7) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لكل نبي دعوة (8) بها، وأريد أن أختبأ دعوتي شفاعة لأمتي يوم القيامة"(9) زاد مسلم" وهي (10) نائلة إن شاء الله تعالى من مات من أمتي لا يشرك بالله شيئاً"(11) وذكر –رحمه الله (12)
(1) سقطت "رحمه الله" من: "م" و "ش" و (المطبوعة) .
(2)
ما بين القوسين سقط من: (المطبوعة) .
(3)
في "م" و "ش": "برغبة ورهبة".
(4)
ليس في مطبوعة الصحيح: "باب".
(5)
سورة غافر، الآية:60.
(6)
في مطبوعة الصحيح: "باب لكل
…
".
(7)
ليس في مطبوعة الصحيح: "رضي الله عنه".
(8)
في مطبوعة الصحيح: "....دعوة مستجابة".
(9)
في مطبوعة الصحيح: "في الآخرة".
(10)
في مطبوعة "صحيح مسلم": "فهي".
(11)
انظر "البخاري": (ح/6304) وأيضاً أخرجه في كتاب "التوحيد"باب المشيئة والإرادة:
(ح/7474)، وانظر "صحيح مسلم":(1/189) .
(12)
زاد في "م" و "ش": "تعالى".
أحاديث في هذا المعنى كغيره من المحدثين والمصنفين في الأذكار والدعوات؛ مما لا يقدر مبطل على دفعه ومنعه، وبالله التوفيق وهو حسبنا ونعم الوكيل.