المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ حول مصطلح (المتقدمين والمتأخرين) - لقاءات ملتقى أهل الحديث بالعلماء - جـ ٩

[ملتقى أهل الحديث]

فهرس الكتاب

- ‌الشيخ حمزة المليباري

- ‌مقدمة الأجوبة للشيخ حمزة المليباري

- ‌[ما هي نصيحتكم ـ بارك الله فيكم ـ لطالب العلم، وبخاصة علم الحديث

- ‌ معرفة رجال الحديث

- ‌ منزلة كتاب الكفاية في علم الرواية للخطيب

- ‌ مرتبة الخطيب البغدادي بين علماء الجرح والتعديل

- ‌ حول مصطلح (المتقدمين والمتأخرين)

- ‌ قولكم في مصطلح الإمام الترمذي " حسن غريب

- ‌[هل يصح في المهدي المنتظر عندكم شيء

- ‌ مرتبة أقوال الحافظ البيهقي والحافظ الطحاوي

- ‌[هل ترون من فرق بين مجرد ذكر ابن حبان لراو في كتابه الثقات دون التنصيص على أنه ثقة وبين من ينص على أنه ثقة

- ‌ الاقتصار على تهذيب التهذيب للحافظ ابن حجر

- ‌ عدد الأحاديث النبوية المرفوعة الصحيحة

- ‌ منهجاً في إتمام دراسته

- ‌ توثيق من ليس له إلا بضعة أحاديث

- ‌ الحديث الحسن الإسناد -على حد المتأخرين

- ‌ التسامح في باب الأثار الموقوفة وما دونها

- ‌ تعارض رواية الثقة والضعيف

- ‌[هل رواية المتروك لا تصلح للاعتبار مطلقا

- ‌[ما هو رأيكم في مسالة اشتراط السماع

- ‌ طريقة مختصرة للحكم على الأسانيد

- ‌ دعوى عدم احتجاج الإمام احمد بالحديث الضعيف

- ‌ لو أن علم عمر وضع في كفة ميزان ووضع علم أهل الأرض في كفة لرجح علمه بعلمهم

- ‌ تفرّد الإمام الحافظ

- ‌[من هو القائل وما دليله بالحد الفاصل سنة 300 ه

- ‌[هل إذا اجتهد أحد من العلماء المتأخرين الذين هم بعد سنة 300 هـ في الحكم علي حديث (بالصحة) وخالف أحد من العلماء المتقدمين الذين هم قبل سنة 300 هـ يعد هذا العالم المتأخر مبتدع منهج جديد

- ‌[هل العالم المتقدم الذي هو قبل سنة 300 هـ معصوم من الخطأ والوهم الذي يقع فيه العلماء المتأخرين الذين هم بعد سنة 300 هـ جميعاً

- ‌[ما رأيكم بكتاب منهج المتقدمين في التدليس لناصر الفهد

- ‌[ما رأيكم بمنهج المشايخ عبد الله السعد والشيخ عبد العزيز الطريفي والشيخ العلوان وحاتم الشريف ومن نحى نحوهم

- ‌[إذا كان لا يوجد فرق بين الحسن والصحيح - حسب اصطلاح المتأخرين - من جهة العمل بهما فما فائدة التقسيم إذن

- ‌[متى وكيف يرتقي الحديث الضعيف إلى رتبة الحسن أو الصحيح

- ‌ما هو اختياركم وترجيحكم في حال إبراهيم التيمي من حيث احتياجه اثبات التحديث والسماع أم عدمه

- ‌[ما رأيكم في (محمد بن المصفى)

- ‌[ما رأيكم في كتابات (عداب الحمش)

- ‌[ما رأيكم في تحقيق (عبد الفتاح أبو غدة) للسان الميزان

- ‌[القواعد المحررة المعتمدة في الحكم على الحديث أو سنده هل توجد أم لا

- ‌ هذا المنهج إنما هو مبنيٌ على فهوم العارف بالأسانيد. فما مدى صحة هذه القولة

- ‌[التسلسل الزمني للدعوة لهذا المنهج

- ‌[منهجية جمع الأسانيد والمقارنة بينها

- ‌[جهود المتأخرين كـ (العراقي) و (ابن حجر) و (السخاوي) وغيرهم

- ‌[يقول الشافعي في الرسالة "والعلمُ به عند العرب كالعلم بالسنة عند أهل الفقه، لا نعلم رجلاً جمع السنن فلم يذهب منها عليه شيءٌ

- ‌ في الجن صحابة

- ‌[هل ينجبر المرسل إذا تُوبِعَ

- ‌[ما قولكم في الحديث الذي علّقه البخاري عن شيخه

- ‌[ماذا عن تفرّد الإمام الذهبي بالتوثيق في ((الكاشف))، وبخاصه لمن وُصِفَ بالجهالة

- ‌[هل هناك فرقٌ بين (الحديث الباطل) و (الحديث الموضوع)

- ‌ دليل صريح على أنّ الشيخين اشترطا لإيراد الحديث في صحيحيهما شروطا ًأشدّ صرامة ممّا اشترطاه لصحة الأحاديث خارج الصحيحين

- ‌ أحاديث (النهي عن التنعّل قائماً)

- ‌[ما هي المباحث العلميّة التي تقترحون على طلاب الحديث أن يشتغلوا بها في هذا الوقت

- ‌ في (الأردن): عمّن من طلبة العلم تنصحون أخذ علم الحديث

- ‌[(المليباري) نسبة إلى ماذا

- ‌[هل من الممكن عمليا - لا نظريا - جمع السنة النبوية كلها

- ‌[لم أر شيئا من كتبكم في المغرب

- ‌[لماذا لم يقع الاعتناء بمسند الإمام أحمد

- ‌[قسم علماء مصطلح الحديث الصحيح إلى مراتب:

- ‌ تحرير القول في الخلاف في الحديث المعنعن

- ‌ لا ينبغي ذكر قول ابن حجر وغيره من المتأخرين في ذلك الراوي جنبا ًإلى جنب أقوال المتقدّمين

- ‌ رأيكم في من أعل أحاديث في مسلم بحجة تدليس أبي الزبير عن جابر

- ‌ اختيار الشيخ سعد آل حميّد وفقه الله تعالى في التسمية (منهج المحدثين ومنهج الفقهاء) أوضح من (المتقدمين والمتأخرين)

- ‌[هل المرسل (عن ابن المسيب) يقوي رواية عن راو قال فيه الإمام أحمد أحاديثه أحاديث مناكير

- ‌ إطلاقات أهل العلم لهذا المصطلح (جوّده)

- ‌ لماذا لا يكون لكم عمل على كتب السنة تصحيحا وتضعيفا

- ‌هل الغريب عند ابن أبي شيبة يعني الخطأ

- ‌ موسوعة رجال الكتب التسعة طبعة دار الكتب العلمية

- ‌[هل يشهد الموقوف للمرفوع، والعكس

- ‌[ما هو المنهج المقترح لطالب علم الحديث

- ‌ رأي فضيلتكم بهذا الكتاب: ((فيما صحّ من آثار الصحابة)) للباكستاني

- ‌ ما هو رأيكم بكتاب " تحرير تقريب التهذيب

- ‌كيف نعرف إن كان إرسال غير الملازم وهماً أم لا

- ‌[هل الإسناد (المعنعن) مقبول مطلقاً أم هناك خلاف في قبوله

- ‌[هل قول شعبة - رحمة الله - فلان عن فلان ليس بحديث. صحيح

- ‌من يقول: أن تعليل الأئمة لا يُقبل حتى يكون مُفسّراً

- ‌ الحديث لا يكون شاذاً إلا عند المخالفة

- ‌ ضابط الحسن عند المتقدمين

- ‌[هل المنكر عند المتقدمين هو نوع الشاذ المردود

- ‌ حديث: "العقيقة تذبح لسبع أو أربعة عشر أو إحدى وعشرين

- ‌ معنى الحديث (الحسن) واختلاف المحدثين فيه

- ‌لم يذكر مسلم الإسناد إلى أبي سعيد

- ‌ القاعدة التي نميز بها الأصول من غيرها في الصحيحين

- ‌ قضية نقد المتن

- ‌ رأيكم في اصطلاحات الترمذي في سننه

- ‌ رواية أبي اسحاق السبيعي بالعنعنة خارج الصحيح

- ‌رواية سعيد بن المسيب عن عمر

- ‌ رواية مجالد عن الشعبي

- ‌[هل الإعلال في التفرد يعمل به في الموقوفات

- ‌ رواية مجاهد عن عائشة

- ‌ صحة حديث القلتين

- ‌ الآثار لمحمد بن الحسن وأبي يوسف

- ‌ فما الفرق بين الطبقتين مادام أنه لن يحتج بحديث أحدهم إلا ما صرح فيه بالسماع

- ‌[ما معنى قول ابن معين إذا سئل عن رجل يقول "صالح

- ‌[هل تعتبر كلمة "لا بأس به" توثيقاً عند غير ابن حبان

- ‌ حكم الراوي إذا لم نجد فيه إلا التوثيق المعلَّق

- ‌[في قول البخاري ((حديث حسن))

- ‌ شروط الإجتهاد في التصحيح والتضعيف

- ‌ الامام أحمد رضي الله عنه يحتج بالحديث الضعيف في الاحكام

- ‌ الخلاف بينكم وبين الشيخ ربيع

- ‌ أول من ذكر اسم الحديث الحسن

- ‌من يقول إن الحافظ ابن حجر عنده أوهام كثيرة

- ‌ لماذا يشدد العلماء في الروايات الحديثية مع أنهم يتسامحون في رواية الضعفاء في أسانيد القراءات

- ‌[إذا قلنا بتواتر القراءات السبع ألا يلزمنا تصحيح الأوجه التي رواها القراء وهي ضعيفة عند المحدثين

- ‌ ما أثاره الشيخ المحدث الطريفي عن اختلاف التدليس عند المتقدمين عن المتأخرين

- ‌[هل صحيح أن السيرة النبوية لا يشترط فيها ما يشترط في الحديث النبوي

- ‌ من يتهم أهل الحديث بأنهم لا فقه عندهم

- ‌[هل ثبت اتهام حسان بن ثابت رضي الله عنه بالخوف

- ‌ تقويم فضيلتكم لبرامج الحاسب الآلي

- ‌ ابن آدم تفرغ لعبادتي املاء صدرك غنى

- ‌[حديث من أصبح وهمه الآخرة جمع الله له شمله وأتته الدنيا وهي راغمة

- ‌[حديث (يا ابن آدم سر في طاعتي يطيعك كل شئ لي

- ‌[ما هو حكم زيادة ومغفرته في رد السلام

- ‌ زيادة وكل ضلالة في النار في خطبة الحاجة

- ‌ صحة من يقول إن البخاري قد استوعب كل أحاديث الأحكام التي على شرطه في الصحيح

- ‌[صنف الإمام أحمد مسنده حتى نعرض الحديث عليه فإذا وجدناه في مسنده علمنا أن له أصلاً

- ‌[بعض الناس يقسّم منهج المتقدمين إلى مناهج في علل الحديث

- ‌هل الخمر نجسة

- ‌[من هم علماء العلل وكيف نعرفهم

- ‌ حديث فيه ضعف والعمل عليه عند أهل العلم

- ‌ زيادة في السلام "ومغفرته

- ‌ بعض المحققين يفكون ألفاظ السماع ويذكرونها كما هي من غير اختصار، مع إضافة (قال)

- ‌ ما الكتب التي تنصح بها لطالب علم مبتدئ

- ‌ يطالب بعدم التقليد في مسألة أحوال الرواة وبخاصة التدليس

الفصل: ‌ حول مصطلح (المتقدمين والمتأخرين)

ـ[أما وقد وصل الشيخ - وفقه الله - إلينا فلا بد أن أقول مافي نفسي‌

‌ حول مصطلح (المتقدمين والمتأخرين)

وكنت كتبته سابقاً، فآمل القرآة بتركيز حفظ الله الجميع:. . أرى والله أعلم أن مسائل المصطلح لم تتغير على مر السنين وهي مبثوثة والحمد لله في مصنفات أهل العلم عبر القرون، ولازال كل عصر يخرج لنا من تصفونهم أنتم بأنهم على منهج المتقدمين، أما أنا فلا أقول بهذا المصطلح، لأني إن قلت به فيلزمني كذلك القول به في بقية علوم أهل الإسلام - لا علوم أهل الكلام - إذاً ما الذي يحدث، فالواقع أننا نرى انحرافاً عن المنهج الصحيح في تصحيح الأحاديث وتضعيفها؟ ]ـ

ـ[الجواب والله أعلم - والكلام ما زال للسائل - ذو شقين: ]ـ

ـ[1 - قد يجتهد أحد العلماء في تتبع مسائل المصطلح والنظر فيها وتأمل كلام الأئمة الأوائل واقتفاء آثارهم في الجانب النظري، ثم إذا جاء الى التخريج والتطبيق فقد ينشط وقد يضعف، وهذا الأمر له أسباب كثيرة جداً، ولعل من أبرزها: الرغبة في كثرة المؤلفات - الرغبة في البروز على حساب حديث نبينا صلى الله عليه وسلم، وهذا إن كان قليلاً في السابقين فهو في وقتنا كثير نوعًا ما - إلى غير ذلك من الأسباب كالمرض والضعف وقلة المراجع ..... الخ. . . وأنت لو سألت هؤلاء عن المسألة الاصطلاحية هل قمت بمراجعتها في الكتب المعتمدة في المصطلح؟ لأجاب بالنفي، ولقال لك: الحقيقة أنني خريج كتب التخريج. . . فمثلا: مسألة زيادة الثقة .... هذه المسألة لا زالت كتب المصطلح تتناقل أن القول الصحيح أنه لابد من تتبع القرائن ثم الحكم على ضوء ذلك، فالقول الصحيح مبثوث في الكتب .... وهذا الكلام يقال في جميع فنون العلم كذلك]ـ

ـ[2 - يجب أن نسعى جاهدين لتقرير مسائل المصطلح من طريقين:. . أ- بيان طريقة الأئمة في كل أبواب المصطلح دون أن ندعي منهجاً للمتقدمين، باعتبار أن هذا المنهج موجود يصيبه من بحث عنه شأنه شأن بقية العلوم، وأن الذي ينبغي أحياؤه هو: روح المحدث الباحث عن الصواب

ومن هنا ينبغي أن نحذر من إحياء مسألة المتقدمين والمتأخرين دون إحياء روح البحث والهمة في تتبع الطرق والروايات فنقع فيما نقدنا الناس فيه، فطالب علم الحديث ينبغي أن يتقرر لديه أنه يصحح أو يضعف كلام النبي صلى الله عليه وسلم، وعليه أن يخلع من رأسه كل غرض دنيوي، فالتجارة ليس هذا أحد ميادينها. . . ب - التطبيق العملي المرافق للدراسة النظرية، وهنا ينبغي دراسة الأمثلة الصحيحة والواضحة، مع تربية الطالب على احترام وتقدير أقوال أئمة هذا الفن، مع كشف حال من يدعي من المحققين المعاصرين أنه وقف على طريق أو شاهد لم يقف عليه أئمة هذا الفن. . . والخلاصة - عندي - أن من اجتهد في مسألة المتقدمين والمتأخرين لم يصب، العنوان الصحيح: وهو: ضرورة بذل الوسع والجهد في التصحيح والتضعيف، مع عدم إغفال كلام نقاد الحديث المعتبرين

والله أعلم. ]ـ

أقول (وبالله التوفيق):

جزاك الله خيرا أخي، وكلامك جميل، وقرأته بتركيز أكثر من مرة حتى أقف على الخيوط التي تربط أول الكلام بآخره، لكني فشلت في ذلك، وعلى كل ففيه من الملحوظات ما يأتي:

أولا: مسائل المصطلح لم تكن كما قلتَ؛ بل إنها تغيرت، مثل بقية علوم الشريعة، بل إن اللغة العربية لم تكن الآن مثل ما هي في العصور السابقة، حتى أصبحت لغة القرآن غير معروفة الآن، لذا كان الناس يحتاجون في معرفة خصائصها إلى معاجم اللغة وكتب التفاسير. إن اللغة لا سيما المصطلحات العلمية كانت تتبدل وتتغير وتتوسع حسب

الظروف العلمية التي تمر عليها؛ لذا لا ينبغي تفسير شئ منها بما استقر عليه الآن من المفاهيم والمعاني دون مراعاة أسلوب القدامى في استخدام تلك الكلمات، ودون تأمل في تاريخ دلالتها اللغوية.

وذلك واضح جدا من خلال نظرة سريعة في مصطلحات العلوم، وقد شرح ذلك

بشئ من التفصيل محققو علمائنا السابقين. على سبيل المثال مصطلح التوسل والوسيلة، إذ يفسر الآن هذا المصطلح بما هو غير مألوف في العصور الأولى. انظر كلام شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في رسالته القيمة في التوسل.

وكذلك مصطلح (الفقيه) يتداول الآن بحيث يضيق معناه الذي وسع فيه القدامى، وكيف يفسر الفقه الذي جاء في حديث (من يرد الله خيرا يفقهه في الدين)، وما المقصود بالفقه هنا في هذا الحديث؟ هل يعني أنه عالم في فقه العبادات والمعاملات كما هو المتبادر الآن في الأذهان؟ أو عالم في أمور الدين كلها؛ كالسلوك والعقيدة والشريعة؟

ونرى ذلك التفاوت أيضا في مصطلح (النية) الذي أصبح الآن مصطلحا فقهيا، يتبادر إلى الذهن عند الإطلاق ما هو أخص من الإخلاص الذي كان هو المقصود بالنية في العصور الأولى.

هذه الأمثلة ذكرتهاكنماذج على وجه السرعة. أما في كتب المصطلح فآثار التغيير ملموسة عند من يملك منهجا سليما في فهم النصوص. من تلك الآثار إطلاق صحيح لذاته، وصحيح لغيره، وحسن لذاته، وحسن لغيره، والحاكم، والمسنِد، وغير ذلك مما لن تجد له في نصوص النقاد أثرا.

بل إذا تأملت في كتب المصطلح ترى بأم عينيك أن كثيرا من المصطلحات وتعريفاتها كانت مرتبطة بأحوال الرواة، وبتغيرها تختلف المصطلحات وتعريفاتها، ويشهد على ذلك ما يأتي من المصطلحات وتعريفاتها: صحيح لذاته، وصحيح لغيره، وحسن لغيره وحسن لذاته، والشاذ والمنكر، والمحفوظ والمعروف، والحديث المتروك، والحديث الموضوع، وهذه المصطلحات وتعريفاتها قائمة على ربطها بأحوال الراوي، الأمر الذي

أدى إلى فهم كثير من المعاصرين أن التصحيح والتضعيف والتحسين تابع لأحوال الرواة، كما أدى ذلك إلى التباين المنهجي بينهم وبين النقاد القدامى.

أما تصحيح الفقهاء المتأخرين وتضعيفهم للأحاديث فكان على غير نهج المتقدمين النقاد كما صرح بذلك ابن دقيق العيد واللاحقون. وإذا تتبعنا عمل كثير من المتأخرين المحدثين والمعاصرين وجدناهم على منهج الفقهاء.

ومن وقف على هذا الواقع من التباين المنهجي فإنه لا يفسر الصحيح الذي أطلقه الإمام السيوطي مثلا بالمعنى الذي قصده النقاد، ومن لم يقف على ذلك فإنه يكون قد قلب الأمور رأسا على عقب.

ومن أخطر آثار التبديل والتغيير في مسائل المصطلح فصل الإسناد عن المتن في الحكم، في الواقع أن السند لا يحكم عليه بالاتصال أو الانقطاع أو الإرسال أو التدليس أو الصحة أو الضعف أو الحسن إلا في ضوء المتن، وإلا فحكم عام يقوم على ظاهر حال الراوي، والمعاصرة، واللقاء، ولا يكون لذلك صلة بذلك الحديث الذي رواه، وبالتالي لا يفهم من ذلك الحكم أن الراوي سمع هذا الحديث ممن هو فوقه، ولا أنه قد أصاب في روايته، أو أخطأ فيها.

إذن يكون قولك إن مسائل المصطلح لم تتغير تنقصه الدقة في نظري، ولا أعني بذلك إلصاق تهمة التبديل إلى أئمتنا السابقين، إذ أعتقد جازما بأنهم لم يقصروا في جمع ما يتعلق بمنهج النقاد من المسائل، وأضافوا في كتبهم ما استخدموا من المصطلحات، ولم يتركوا شيئا إلا أوردوه فيها، لكن ذلك مبثوث فيها بغير ترتيب، ويحتاج القارئ إلى منهج سليم أساسه المقارنة، وهناك مسائل كثيرة ينبغي تقييدها بما ذكر في مواطن أخرى، وأحسن مثال لذلك مسألة زيادة الثقة، وقد شرحت ذلك في بعض أبحاثي حول زيادة الثقة بعد أن رأينا بعض أفاضل العصر يقول زيادة الثقة مقبولة كما هو مقرر في كتب المصطح، وإن دل هذا على شيئ فإنما يدل على مدى تغير مسائل المصطلح.

ثانيا: الانحراف في التصحيح والتضعيف.

الذين يصححون الأحاديث ويضعفونها بناء على أحوال الرواة يشكل ذلك منهجا مختلفا عمن يصحح ويضعف بناء على مدى موافقة الراوي للواقع الحديثي أو مخالفته له أو تفرده بما له أصل أو بما ليس له أصل، سواء أأطلقنا عليهم مصطلح: المتقدمون والمتأخرون، أم نقاد الحديث وغيرهم، أو غير ذلك؛ فإن التباين المنهجي بين النقاد وغيرهم أمر واقع لا يمكن إنكاره.

ثالثا: مصطلح: المتقدمون والمتأخرون.

هذا مصطلح آثرته لاعتبارات كثيرة؛ من أهمها كونه مألوفا لدى الجميع في جميع انواع العلوم الشرعية، ثم إنه لا مشاحة في الاصطلاح، لذا ينبغي تفسيره بالمعنى الذي بينته في أكثر من موضع من كتبي، وقد صرحت فيها بأني لا أقصد بذلك جميع المتقدمين ولا جميع المتأخرين، وأن الفاصل بينهم ليس زمنيا، وإنما هو منهجي، ولم يكن استثناء الحافظ ابن خزيمة والحافظ ابن حبان والحاكم من منهج النقاد إلا على ذلك الأساس، وأن هذا الاستثناء متفق لدى الجميع، مع بيان تفاوت مراتبهم في التساهل. فمعنى ذلك أنه من الضرورة استثناء كل من يسلك طريقة هؤلاء الحفاظ المعروفين بالتساهل في التصحيح والتضعيف، سواء كان متقدما أو متأخرا، وبأي مصطلح كان ذلك، والمهم هو عدم الخلط بين المناهج المختلفة في التصحيح والتضعيف، وقواعدهما ومعاني المصطلحات المنبثقة عنها.

أما إذا استخدنا مصطلح: (المحدثون والفقهاء) كما يحب بعض الإخوة؛ فإن ذلك يساعد على رسوخ خطأ فادح في نفوس الأجيال، ألا وهو الفصل بين المحدثين والفقهاء، وأن المحدثين ليسوا فقهاء، هذا في الحقيقة نكران التاريخ. ثم إن ذلك يوهم أن المحدثين كانوا جميعا يمارسون النقد، وليس الأمر كذلك. ولم يسبقنا أحد باستخدام هذا المصطلح في المجال الذي نحن بصدده، بينما مصطلح: المتقدمون والمتأخرون قد استخدمه من قبلنا، انظر الحافظ ابن حجر والذهبي والسخاوي وغيرهم ممن أوردنا أسماءهم في كتاب الموازنة.

من المعلوم أن لا مشاحة في الاصطلاح، لذا ينبغي تفسير المصطلح بما اصطلح عليه واضعه.

رابعا: إحياء روح التتبع والبحث.

إذ نطرح هذه المسألة فإننا نهدف إلى إحياء روح التتبع والبحث في التصحيح والتضعيف وإحياء منهج النقاد فيهما حتى يستوعبه الباحثون، إذ النقاد هم المصدر الأصيل في هذين المجالين، أما المتأخرون فهم عالة عليهم فيما يخص الحديث الشريف رواية ونقدا.

وإذا لم يستوعب الباحث منهج النقاد ولم يفهم مصطلحاتهم فما فائدة التتبع والبحث والهمة والنشاط؟ وهو كما قلت أنت إذا سألت أحدهم يقول أنا خريج كتب التخريج، أوليس هذا مما ينبغي علاجه أخي!.

ص: 9