الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ولو أنهم قد اكتفوا بظاهر السند ومعاصرة الراوي مع من فوقه عموما في حكمهم على الإسناد بالاتصال ما قرأنا في كتبهم أصلا مصطلح التدليس ولا علمنا المدلسين ولا مراتبهم.
وأما إذا لم تتوفر لدى الناقد آليات البحث والتتبع فليس له إلا اعتماد الظاهر، وعليه فعنعنة الراوي تحمل على الانقطاع إذا كان مدلسا، وإلا فتحمل على الاتصال.
ـ
[هل قول شعبة - رحمة الله - فلان عن فلان ليس بحديث. صحيح
وإذا كان كلامه صحيحاً هل خالفه أحد من الائمة في ذلك القول. وجزاكم الله خيراً. ]ـ
وأما قول شعبة (فلان عن فلان ليس بحديث) فقد رواه الإمام ابن عبد البر في التمهيد 1/ 13، غير أنه رواه عن وكيع أن شعبة قد رجع بعد ذلك إلى قول سفيان إنه حديث يعني حديثا متصلا.
هذا وقد اشتهر عن شعبة قوله بأن الحديث الذي ليس فيه حدثنا وأخبرنا خل وبقل. أورده الأئمة في كتبهم في مناسبة كلامهم عن الإسناد وأهميته. يعني بذلك أن الحديث بدون سند ليس بشيئ، وعليه فقوله الأول خاص بالإسناد المنعنعن، والقول الثاني يكون حول الإسناد وأهميته عموما. ويمكن أيضا أن يكون قصده بالقولين واحدا، وعليه فإنه قد رجع عنه وقال إنه حديث فيما رواه ابن عبد البر. والله أعلم.
ـ[ما قولكم ـ بارك الله فيكم ـ في
من يقول: أن تعليل الأئمة لا يُقبل حتى يكون مُفسّراً
. ويردّ بطريقته هذه كثير من تعليلات الأئمة. ]ـ
قد يكون ذلك جهلا من القائل، أو تعصبا لرأي يتأيد بذلك الحديث الذي أعله النقاد. وأياكان دافع هذا القائل فإن قوله ذاك مستفز لشعور من يعرف منهج المحدثين، بل مضحك مبك في آن واحد لغرابته وجرأته وغروره بالنفس، والأغرب من ذلك أن بعضهم يرد بذلك على النقاد حين يبينون سبب التعليل - كالتفرد والغرابة مثلا- غير أن هذا القائل لم يكن منتبها لحقيقة قصدهم بذلك السبب، ولا فاهما لأبعاده النقدية.
ومن المعلوم أن طلب السبب واستفسار الوجه إنما يعقل إذا أغرب الناقد برد حديث صححه غيره من النقاد، أو بتصحيح حديث أعلوه، أو إذا أصدر الحكم من لم يكن من أهله، وأما في غير ذلك فيعد تلاعبا بكلام القوم دون أن يشعر.
يقول الحافظ ابن حجر:
…
فمتى وجدنا حديثا قد حكم إمام من الأئمة المرجوع إليهم بتعليله، فالأولى اتباعه في ذلك كما نتبعه في تصحيح الحديث إذا صححه، وهذا الشافعي مع إمامته يحيل القول على أئمة الحديث في كتبه فيقول: وفيه حديث لا يثبته أهل العلم بالحديث (النكت 2/ 711).
ويقول السخاوي في نوع "الموضوع": فمتى وجدنا في كلام أحد المتقدمين الحكم به كان معتمدا لما أعطاهم الله من الحفظ الغزير وإن اختلف النقل عنهم عدل إلى الترجيح اهـ (فتح المغيث 1/ 237)
ويقول أيضا في مناسبة تعليقه على شرح أبي حاتم منهج النقاد في معرفة صحيح الحديث وضعيفه: ''وهو أمر يهجم على قلوبهم، لا يمكنهم رده، وهيئة نفسانية، لا معدل لهم عنها، ولهذا ترى الجامع بين الفقه والحديث، كابن خزيمة والإسماعيلي والبيهقي وابن عبد البر، لا ينكر عليهم، بل يشاركهم، ويحذو حذوهم، وربما يطالبهم الفقيه أو الأصولي العاري عن الحديث بالأدلة'' (فتح المغيث 1/ 274).
ويقول الحافظ ابن كثير: ''أما كلام هؤلاء الأئمة المنتصبين لهذا الشأن فينبغي أن يؤخذ مسلما من غير ذكر أسباب، وذلك للعلم بمعرفتهم، واطلاعهم، واضطلاعهم في هذا الشأن، واتصفوا بالإنصاف والديانة، والخبرة والنصح، لا سيما إذا أطبقوا على تضعيف الرجل أو كونه متروكا أو كذابا، أو نحو ذلك. فالمحدث الماهر لا يتخالجه في مثل هذا وقفة في مواقفهم، لصدقهم وأمانتهم ونصحهم'' (اختصار علوم الحديث ص: 79)