المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌سُورَة ق قَالَ الله تَعَالَى {أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّمَاءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ - ما دل عليه القرآن مما يعضد الهيئة الجديدة القويمة بالبرهان

[محمود شكري الألوسي]

الفصل: ‌ ‌سُورَة ق قَالَ الله تَعَالَى {أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّمَاءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ

‌سُورَة ق

قَالَ الله تَعَالَى {أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّمَاءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا وَمَا لَهَا مِنْ فُرُوجٍ (6) وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ (7) تَبْصِرَةً وَذِكْرَى لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ (8)} [ق: 6 - 8]

أَي أفلم ينْظرُوا إِلَى السَّمَاء فَوْقهم بِحَيْثُ يشاهدونها كل وَقت وَهَذَا ظَاهر على مَا هُوَ الْمَعْرُوف بَين النَّاس من أَن الْمشَاهد هُوَ السَّمَاء الَّتِي هِيَ الجرم الْمَخْصُوص الَّذِي يطوى يَوْم الْقِيَامَة وَقد وصف بِالْآيَاتِ وَالْأَحَادِيث بِمَا وصف

وَأما على مَا ذهب إِلَيْهِ من أَن الْمشَاهد هُوَ كرة البخار أَو هَوَاء ظهر بِهَذَا اللَّوْن وَلَا لون لَهُ حَقِيقَة وَدون ذَلِك الجرم فَفِيهِ خَفَاء

وَقَالَ بعض الأفاضل فِي هَذَا الْمقَام إِن ظَاهر الْآيَات وَالْأَخْبَار ناطقة بِأَن السَّمَاء مرئية وَمَا ذكره الفلاسفة المتقدمون من أَن الأفلاك أجرام صلبة شفافة لَا ترى غير مُسلم أصلا

وَكَذَا كَون السَّمَاوَات السَّبع هِيَ الأفلاك السَّبْعَة غير مُسلم عِنْد الْمُحَقِّقين وَكَذَا وجود كره البخار وَأَن مَا بَين السَّمَاء وَالْأَرْض هَوَاء مُخْتَلف الْأَجْزَاء فِي اللطافة فَكلما علا كَانَ ألطف حَتَّى أَنه رُبمَا لَا يصلح للتعيش وَلَا يمْنَع خُرُوج الدَّم من المسام الدقيقة جدا لمن وصل إِلَيْهِ وَأَن رُؤْيَة الجو بِهَذَا اللَّوْن لَا يُنَافِي رُؤْيَة السَّمَاء حَقِيقَة وَإِن لم تكن فِي نَفسهَا

ص: 132

ملونة وَلَا يكون ذَلِك كرؤية قَعْر الْبَحْر أَخْضَر من وَرَاء مَائه وَنَحْو ذَلِك مِمَّا يرى بِوَاسِطَة شَيْء على لون وَهُوَ فِي نَفسه على غير ذَلِك اللَّوْن

وَأَنت تعلم أَن الْأَصْحَاب مَعَ الظَّوَاهِر حَتَّى يظْهر دَلِيل على امْتنَاع مَا يدل عَلَيْهِ وَحِينَئِذٍ يؤولونها وَأَن الْتِزَام التطبيق بَين مَا نطقت بِهِ الشَّرِيعَة وَمَا قَالَه الفلاسفة مَعَ إكذاب بعضه بَعْضًا أصعب من الْمَشْي على المَاء أَو العروج إِلَى السَّمَاء

وَمعنى {بنيناها} أحكمناها ورفعناها بِغَيْر عمد {وزيناها للناظرين} بالكواكب الْمرتبَة على أبدع نظام {وَمَا لَهَا من فروج} أَي من فتوق وشقوق وَالْمرَاد سلامتها من كل عيب وخلل فَلَا يُنَافِي القَوْل بِأَن لَهَا أبوابا

وَمعنى قَوْله {وَالْأَرْض مددناها} قد مر مرَارًا

ص: 133