الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سُورَة هود
قَالَ الله تَعَالَى {وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا} [هود: 7]
تَفْسِير الْآيَة:
كَانَ المُرَاد بِخلق السَّمَاوَات وَالْأَرْض خلقهما وَمَا فيهمَا أَو تجْعَل (السَّمَوَات) مجَازًا عَن العلويات فتشملها وَمَا فِيهَا وَتجْعَل (الأَرْض) مجَازًا بِمَعْنى السفليات فتشملها وَمَا فِيهَا من غير تَقْدِير واحتيج إِلَى ذَلِك لاقْتِضَاء الْمقَام إِيَّاه وَإِلَّا فخلقهما فِي تِلْكَ الْمدَّة لَا يُنَافِي خلق غَيرهمَا فِيهَا
وَالْمرَاد بِالْيَوْمِ الْوَقْت مُطلقًا لَا الْمُتَعَارف إِذْ لَا يتَصَوَّر ذَلِك حِين لَا شمس وَلَا قمر وَمِنْهُم من قَالَ أُرِيد بِهِ مُدَّة زمَان دور المحدد الْمُسَمّى بالعرش بزعمهم دورة تَامَّة وَإِلَيْهِ ذهب الشَّيْخ مُحي الدّين وَقد علمت حَاله فِيمَا سبق وَأَن الشَّيْخ الإِمَام تَقِيّ الدّين أَحْمد بن تَيْمِية ذكر أَن للأيام عَلَامَات تصدر من جَانب الْعَرْش بهَا تعرف وَقد ذكر ذَلِك فِي كثير من كتبه مِنْهَا «منهاج السّنة»
وَفِي عدم خلقهما دفْعَة كَمَا علمت دَلِيل على كَونه سُبْحَانَهُ قَادِرًا مُخْتَارًا مَعَ مَا فِيهِ من الِاعْتِبَار للنظار والحث على التأني فِي الْأُمُور
وإيثار صِيغَة الْجمع فِي السَّمَاوَات لاختلافها بِالْأَصْلِ والذات دون الأَرْض، وَإِن قيل إِنَّهَا مثل السَّمَاء فِي كَونهَا سبعا طباقا بَين كل أَرض وَأَرْض مَسَافَة وفيهَا مخلوقات وَبِذَلِك فسر قَوْله سُبْحَانَهُ {وَمن الأَرْض مِثْلهنَّ}
وَالْكثير على أَن الأَرْض كرة وَاحِدَة منقسمة إِلَى سَبْعَة أقاليم وحملوا الْآيَة على ذَلِك.
وَمعنى قَوْله {وَكَانَ عَرْشه على المَاء} أَن عَرْشه كَانَ على المَاء قبل خلقهما
وَهُوَ الَّذِي يَقْتَضِيهِ كَلَام مُجَاهِد وَبِه صرح القَاضِي الْبَيْضَاوِيّ ثمَّ قَالَ لم يكن حَائِل بَينهمَا فُرْجَة أَي بَين الْعَرْش وَالْمَاء لَا أَنه كَانَ مَوْضُوعا على المَاء وَاسْتدلَّ بِهِ على إِمْكَان الْخَلَاء وَأَن المَاء أول حَادث بعد الْعَرْش من أجرام هَذَا الْعَالم انْتهى.
وَوَافَقَهُ أَبُو السُّعُود على ذَلِك لكنه قَالَ:
" لَيْسَ تَحت الْعَرْش غير المَاء سَوَاء كَانَ بَينهمَا فُرْجَة أَو مَوْضُوعا على مَتنه كَمَا ورد فِي الْأَثر فَلَا دلَالَة فِيهِ على إِمْكَان الْخَلَاء كَيفَ لَا وَلَو دلّ لدل على وجوده لَا على إِمْكَانه فَقَط وَلَا على كَون المَاء أول مَا حدث فِي الْعَالم بعد الْعَرْش وَإِنَّمَا يدل على أَن خلقهما أقدم من خلق السَّمَاوَات وَالْأَرْض من غير تعرض للنسبة بَينهمَا" انْتهى
وَالْأَكْثَرُونَ على أَن الْحق مَعَ أبي السُّعُود
وَفِي الْمقَام تَفْصِيل يَنْبَغِي أَن يُرَاجع تَفْسِير الْآيَة فِي مفصل التفاسير.