المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[الحلقة السادسة ستر العورة واستقبال القبلة] - ما يجب أن يعرفه المسلم عن دينه

[عبد الله الخياط]

الفصل: ‌[الحلقة السادسة ستر العورة واستقبال القبلة]

[الحلقة السادسة ستر العورة واستقبال القبلة]

الحلقة السادسة: ستر العورة واستقبال القبلة أيها المسلم المقيم على طاعة الله والحاج إلى بيت الله: يقول الله سبحانه في محكم كتابه مخاطبا بني آدم ممن أسلم وجهه لله وقام لطاعة الله: {يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ} [الأعراف: 31] والمراد بالزينة ما يستر العورة والمراد بالمسجد الصلاة، ومعنى الآية يا بني آدم استروا عوراتكم عند ما تريدون الصلاة والوقوف بين يدي الله.

ويكشف هذا التوجيه القرآني أن ستر العورة في الصلاة شرط لصحتها فمن صلى وبعض عورته مكشوفة لا تصح صلاته، ولكن ما هو حد العورة التي يجب أن يسترها المصلي؟ وهل يستوي في سترها الرجال والنساء أم أن الستر خاص بالنساء دون الرجال؟ .

والجواب: أن الأمر بستر العورة عام للرجال والنساء

ص: 28

دون تفريق، فإن الخطاب في الآية يشمل الجنسين، وأما حد العورة بالنسبة للرجال والنساء فإنه يختلف اختلافا كبيرا، فحد عورة الرجل الذي يجب أن يستره في الصلاة ما بين السرة والركبة بخلاف النساء فإن المرأة كل جسدها عورة يجب أن تستره وخاصة في الصلاة إلا الوجه والكفين، لحديث أم المؤمنين أم سلمة رضي الله عنها «أنها سألت النبي صلى الله عليه وسلم: أتصلي المرأة في درع وخمار بغير إزار؟ قال - أي النبي صلى الله عليه وسلم: " إذا كان الدرع سابغا يغطي صدور قدميها» ، والدرع هو القميص، والخمار ما تغطي المرأة به رأسها، والإزار ما يستر العورة، وفي الحديث دليل على وجوب ستر المرأة لجميع بدنها في الصلاة.

أما كشف الرجل رأسه في الصلاة فلا يترتب عليه شيء. واستقبال القبلة في الصلاة شرط لصحتها، قال تعالى:{فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} [البقرة: 144] أي اتجه في صلاتك جهة مكة {وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ} [البقرة: 144] فإذا كان المصلي في المسجد الحرام أمام الكعبة

ص: 29

يشترط أن يستقبل الكعبة لا يميل عنها ولا ينحرف، وإذا كان بعيدا عنها بأن كان خارج المسجد أو في بلده فعليه أن يستقبل جهة الكعبة، ولا تصح الصلاة بدون ذلك.

فعلى حجاج بيت الله الحرام، إذا كانوا في المسجد الحرام أن يتحروا استقبال الكعبة في صلاتهم فرضا كانت الصلاة أو نفلا، وكثير من الحجاج لا يهتم بهذا الأمر بل يقوم للصلاة فيتجه يمينا وشمالا عن الكعبة وفي ذلك فساد صلاته وضياع مجهوده الذي بذله في الوضوء والسعي إلى المسجد وانتظار الصلاة.

بقي أن نعرض لشرط من شروط صحة الصلاة قد لا يخفى على أحد إلا إذا كان في الصحراء أو في بلد غير إسلامي: وهو العلم بدخول وقت الصلاة، ففي البلدان الإسلامية يتعرف المسلم إلى أوقات الصلاة بالأذان إذا سمع المؤذن يؤذن لها، وفي الصحراء، وفي المواضع التي ليس فيها مساجد، ولا مآذن يجتهد في التعرف على الوقت حتى يتيقن أو يغلب على ظنه دخول الوقت ثم يصلي.

ص: 30

أوقات الصلوات المكتوبة: وقد عين الرسول صلى الله عليه وسلم أوقات الصلوات المكتوبة وحدها بعلامات لا يخطئها المتعرف عليها كما جاء في حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «وقت الظهر إذا زالت الشمس أي مالت عن وسط السماء وكان ظل الرجل كطوله ما لم تحضر العصر، ووقت العصر ما لم تصفر الشمس - أي من بعد خروج وقت الظهر يدخل وقت العصر ويستمر إلى قبيل المغرب - ووقت صلاة المغرب من بعد غروب الشمس إلى ظهور الحمرة في السماء - وهي الشفق، فإذا غربت الحمرة خرج وقت المغرب - ووقت صلاة العشاء من غروب الشفق الأحمر إلى نصف الليل - اختيارا أو إلى ما قبل الفجر ضرورة ويحرم تأخيرها إلا ما بعد نصف الليل - ووقت صلاة الصبح من طلوع الفجر ويستمر إلى قبل طلوع الشمس» والمراد بالفجر النور الذي يظهر معترضا في الأفق فلا تصح الصلاة قبل هذه الأوقات، والأفضل تعجيل الصلوات في أول

ص: 31

الوقت فأول الوقت رضوان الله.

النوم عن الصلاة والنسيان حتى يخرج الوقت: المرء بحكم بشريته معرض للخطأ والنسيان والغفلة، وقد يكون الخطأ غير متعمد وقد ينشأ عن النسيان، وقد تصرف المرء صوارف الحياة ومشاغلها عن القيام بالواجب الديني المفروض عليه كأن ينسى الصلاة أو ينام عنها فلا يستيقظ إلا بعد خروج وقت الصلاة فليس عليه حرج في ذلك، فالإسلام دين السماحة واليسر وإقالة العثرة، وقد رخص لمن نسي الصلاة ونام عنها أن يصليها إذا ذكرها أو حين يستيقظ من نومه، كما جاء في الحديث عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«من نسي صلاة فليصلها إذا ذكرها، لا كفارة لها إلا ذلك» ، رواه البخاري ومسلم، ولحديث أبي قتادة قال: ذكروا أي الصحابة - رضوان الله عليهم - نومهم عن الصلاة فقال: «إنه ليس في النوم تفريط إنما التفريط في اليقظة، فإذا نسي أحدكم صلاة أو نام عنها فليصلها إذا ذكرها» ، رواه النسائي والترمذي وصححه.

ص: 32

ويجب أن لا يتخذ المسلم النوم عن الصلاة عادة وخاصة صلاة الفجر وصلاة العشاء اللتين تشهدهما الملائكة، فإن ذلك يدخله في عداد الغافلين أو الساهين الذين ذمهم الله وتوعدهم بقوله:{فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ - الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ} [الماعون: 4 - 5] عدد الصلوات المكتوبة وركعاتها: ليس من شك أن المسلم أول ما يعنى به من دينه صلاته فهي أول ما يسأل عنه من أعماله وأول ما يحاسب عنه، قال الصحابي الجليل أنس بن مالك رضي الله عنه:«فرضت الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ليلة أسري به خمسين، ثم نقصت حتى جعلت خمسا، ثم نودي أي في السماء ليلة أسري برسول الله صلى الله عليه وسلم وعرج به إلى السماوات العلا: " يا محمد إنه لا يبدل القول لدي وإن لك بهذه الخمس خمسين» ، أي أجر خمسين صلاة لقاء هذه الصلوات الخمس وذلك فضل من الله تفضل به على هذه الأمة المرحومة، أمة محمد صلى الله عليه وسلم، يقبل منها القليل ويعطيها عليه الأجر الكثير.

ص: 33

أما عدد ركعاتها فهي كما يلي:

1 -

الصبح ركعتان.

2 -

الظهر أربع ركعات.

3 -

العصر أربع ركعات.

4 -

المغرب ثلاث ركعات.

5 -

العشاء أربع ركعات.

هذه هي الصلوات المكتوبة المفروضة وعدد ركعاتها، أما ما عداها مما اعتاد المسلم أن يصليها عقب هذه الفروض فهي نوافل يؤجر عليها العبد وتجبر ما لعله أن يحدث في الفروض سهوا لا يشعر به المرء أو خللا.

ملحوظة: في الركعة الأولى من صلاة الفجر يوم الجمعة، يسن أن يقرأ الإمام سورة (ألم) السجدة ويسجد عند قراءة آية السجدة وهي:{إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّدًا} [السجدة: 15] الآية، ثم ينهض لقراءة بقية السورة، ولا تعتبر هذه السجدة زيادة في عدد الركعات كما يظن

ص: 34

ذلك بعض الناس.

ويقرأ في الركعة الثانية سورة: {هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ} [الإنسان: 1]

ص: 35