الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[الحلقة السابعة صفة الصلاة بطريقة عملية]
الحلقة السابعة: صفة الصلاة بطريقة عملية أيها المسلم الواعي، أيها الحاج اللبيب:
من براهين الحب للمصطفى صلى الله عليه وسلم اتباع سنته والعمل على ما رسمه للمسلمين في أبواب الطاعة والعبادة، وأفضل ما يتقرب به العبد إلى ربه فرائضه التي فرضها عليه، وفي مقدمتها الصلاة.
ولقد أوضح الرسول صلى الله عليه وسلم الطريق السديد في أداء الصلاة وأمر أمته أن يقتدوا به في هذا الأداء فقال: «صلوا كما رأيتموني أصلي» ، وإذا لم يحظ آخر هذه الأمة بشرف رؤية الرسول صلى الله عليه وسلم، فقد نقل الأئمة رحمهم الله من السلف - رضوان الله عليهم - عن الصحابة صفة صلاته، حتى كأننا نراه فيها فنؤديها كما كان يؤديها ويأمر بأدائها، ونحظى بشرف الاقتداء والاهتداء بهديه صلى الله عليه وسلم.
كما ورد في حديث آخر موضحا ذلك فقال: «إذا أردت أن تصلي فتوضأ فأحسن وضوءك، ثم استقبل القبلة، فكبر، ثم اقرأ بأم القرآن، ثم اقرأ بما شئت، ثم اركع حتى تطمئن راكعا - أي انتظر في ركوعك بقدر
ما تسبح تسبيحة واحدة على الأقل أو ثلاثا، - ثم ارفع حتى تعدل قائما -، أي اطمئن في قيامك من الركوع، وانصب ظهرك - ثم اسجد حتى تطمئن ساجدا - أي اطمئن في سجودك بقدر تسبيحة واحدة على الأقل، أو ثلاثا -، ثم افعل ذلك في صلاتك كلها» أي في كل الركعات والسجدات، سواء كانت الصلاة ثنائية كالصبح أو رباعية كالظهر والعصر، أو ثلاثية كالمغرب، وسواء كانت الصلاة فرضا أو نفلا يشترط لها الوضوء، واستقبال القبلة. . . إلخ.
ومن أركانها: قراءة الفاتحة، والطمأنينة في الركوع والاعتدال من الركوع والسجود، والرفع من السجود.
ومن لم يكن معه شيء من القرآن أو لا يحسن القراءة فليحمد الله ويكبره ويهلله. لحديث رفاعة بن رافع «أن النبي صلى الله عليه وسلم علم رجلا الصلاة فقال: إن كان معك قرآن فاقرأ، وإلا فاحمد الله وكبره وهلله ثم اركع.» على أن الواجب أن يحفظ المسلم سورة الفاتحة وما تيسر
من سور القرآن الكريم، ليصلي بها وأن يعلمها لأولاده ذكورا وإناثا ليحفظوها من الصغر فإن هذا مطلوب وحق علينا.
وفي حالة السجود يجب أن يمكن المصلي أعضاء السجود في الأرض، لقوله صلى الله عليه وسلم:«أمرت أن أسجد على سبعة أعظم على الجبهة - وأشار بيده على أنفه - واليدين والركبتين وأطراف القدمين» .
وبعد صلاة ركعتين يجلس المصلي لقراءة التشهد الأول سواء أكانت الصلاة ركعتين أو ثلاث ركعات أو أربع، ثم ينهض للإتيان ببقية الصلاة، ويجلس في الركعة الأخيرة لقراءة التشهد مع الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، وبذلك تتم صلاته لقوله صلى الله عليه وسلم في حديث المسيء صلاته:«فإذا رفعت رأسك من آخر سجدة وقعدت قدر التشهد ثم سلمت فقد تمت صلاتك» .
التشهد: أصح ما ورد في التشهد تشهد ابن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا جلس أحدكم، - أي للتشهد -
فليقل: التحيات لله والصلوات والطيبات، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين - فإنكم إذا قلتم ذلك أصاب كل عبد صالح في السماء والأرض - أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله» .
صفة الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في التشهد الأخير: روي عن الصحابي الجليل بشير بن سعد قال: «يا رسول الله: أمرنا الله أن نصلي عليك، فكيف نصلي عليك؟ فسكت، ثم قال: " قولوا: اللهم صلى على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على آل إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد» .
وبذلك يختم المصلي صلاته ويدعو بما أحب من الأدعية من خيري الدنيا والآخرة لقوله صلى الله عليه وسلم: «ثم ليتخير من المسألة ما شاء» . والدعاء مستحب سواء كان مأثورا أو غير مأثور شريطة أن لا يكون فيه بدعة أو منكر.
صلاة الجماعة وفضلها: الإسلام دين الجماعة يحث عليها ويعمل على دعمها، والصلاة التي هي عمود الدين ويتحد المسلمون في أقاصي الدنيا لأدائها كل يوم خمس مرات في وقت واحد، وعلى شكل واحد - شرع لها الجماعة لتعطي فكرة للمسلمين في اتحاد الكلمة وليقفوا أبدا صفوفا متراصة، لا تختلف على بعضها فتتوثق روابطهم ويستقيم بنيانهم. وقد شجع الإسلام على صلاة الجماعة وحث عليها ورغب في المحافظة على أدائها بأمرين:
الأمر الأول: مضاعفة أجرها، كما جاء في الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «صلاة الرجل في جماعة تضعف على صلاته في بيته وفي سوقه خمسا وعشرين ضعفا» أي يضاعف الله أجر صلاة الجماعة وتفضل على صلاة المنفرد بخمس وعشرين درجة. والحاذق اللبيب والعاقل الرشيد يسعى للربح في أعماله ولو كان يسيرا، فكيف بهذا الربح العظيم، وتمام الحديث
قوله صلى الله عليه وسلم: «وذلك أنه إذا توضأ فأحسن الوضوء، ثم خرج إلى المسجد لا يخرجه إلا الصلاة، لم يخط خطوة إلا رفعت له بها درجة وحط عنه بها خطيئة، فإذا صلى لم تزل الملائكة تصلي عليه ما دام في مصلاه، ما لم يحدث - أي ما لم ينتقض وضوءه، بناقض من نواقض الوضوء - اللهم صل عليه اللهم ارحمه - أي تدعو له الملائكة بذلك ويا لسعادة من دعت له الملائكة - ولا يزال في صلاة ما انتظر الصلاة» أي يكتب له أجر الصلاة طوال المدة التي يلبث في المسجد لانتظار الصلاة.
وإنه لفضل عظيم سابغ للمحافظين على صلاة الجماعة الذين تعلقت قلوبهم بالمساجد، فهم ممن يظلهم الله بظل عرشه، فقد ورد في الحديث:«سبعة يظلهم الله بظله» - أي يتفضل الله عليهم بالاستظلال بظل العرش - وعد منهم الرجل الذي تعلق قلبه بالمساجد، أي لأداء الصلوات فيها مع الجماعة ولذكر الله عز وجل. فهنيئا له ثم هنيئا له.
الأمر الثاني في الحث على الجماعة: الترهيب والتخويف والوعيد الذي توعد به رسول الله صلى الله عليه وسلم المتخلف عن صلاة الجماعة حيث يقول: «والذي نفسي بيده: لقد هممت أن آمر بحطب فيحتطب، ثم آمر بالصلاة فيؤذن لها، ثم آمر رجلا فيؤم الناس، ثم أخالف إلى رجال - وفي رواية: لا يحضرون الصلاة فأحرق عليهم بيوتهم» متفق عليه، ورسول الله صلى الله عليه وسلم لا يتوعد إلا على شيء عظيم، وعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «ما من ثلاثة في قرية وبدو لا تقام فيهم الصلاة - أي جماعة - إلا استحوذ عليهم الشيطان، فعليكم بالجماعة فإنما يأكل الذئب من الغنم القاصية» - أي البعيدة - رواه أبو داود.
وصلاة الجماعة خاصة بالرجال دون النساء، أما النساء فصلاتهن في البيوت أفضل، صونا لهن ولعدم الافتتان بهن لقوله صلى الله عليه وسلم لمن رغبت في الصلاة معه في المسجد: «صلاتك في حجرتك خير من صلاتك في
مسجد قومك، وصلاتك في مسجد قومك خير من صلاتك في مسجد الجماعة» - أي كلما استترت المرأة بصلاتها كان أفضل.