المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

خليل مردم بك وجميل صليبا وكاظم الداغستاني وكامل عياد - - مجلة «الثقافة» السورية - جـ ١

[خليل مردم بك]

الفصل: خليل مردم بك وجميل صليبا وكاظم الداغستاني وكامل عياد -

خليل مردم بك وجميل صليبا وكاظم الداغستاني وكامل عياد - دمشق 5 نيسان 1933 10 ذي الحجة 1351

‌المقدمة

في الشرق العربي هزة استيقظ لها الناس بعد سبات عميق فهبوا خفافاً أو ثقالاً بعد أن بلغت تلك الهزة مناحي حياتهم بأجمعها فنهاك نهضة مضطربة في العلم والأدب والأخلاق والاجتماع والسياسة والاقتصاد وما إلى ذلك من أوضاع الحياة ومرافقها وشؤون المعاش. إما مكانهم الحاضر من هذه النهضة فما زال برزخاً بين ماضيهم الدفين ومستقبلهم الجنين وشأنهم في ذلك عدم الرضا بالحاضر في كل مظاهره والطموح إلى المستقبل.

ليس بدعاً أن تأتي النهضة في الشرق العربي على كل صورة من صور الحياة سلسلة متصلة الحلقات إذا وهت حلقة منها اضطراب اتساقها. ولكن الواقع أن تلك النهضة صحبها اضطراب شمل جميع مناحي حياتنا حتى ظهرت مشوشة يطغى بعضها على بعض. فأضحى من الصعب إصلاحها دون الاعتماد على أسس لإطراد سيرها وتقدمها ، لأن النهضة الفكرية أساس للنهضة العلمية والاجتماعية.

فأمثل السبل والحالة هذه أشد أزر كل عنصر من عناصر هذه النهضة واستخلاص ثقافة متميزة تلائم روح العصر ، وذلك بدراسة الأوضاع الحاضرة وتفهمها وحرث الماضي وتصوره وإظهار صلتنا به لأن الحاضر وليد الماضي ومتصل به كما أنه مسير بنور المستقبل ، ولا يتم معرفة شيء إذا جهلت أصوله ، ولابد لنا مع هذا من الاقتباس من المدنية الغربية وانتهاج السبل التي أدت إلى بلوغ القوم ذلك المبلغ من الحضارة. وهكذا فيجب أن تقوم حياتنا العلمية على أسس ثلاثة: دراسة الماضي ، ومعرفة الحاضر ، والاقتباس من الغرب.

وأهم ما تستدعيه النهضة الفكرية من الوسائل معالجة المواضيع العلمية والفلسفية والأدبية وتحبيبها للناس على أن جعلها على طرف اللثام لا ينبغي أن يحول دون ضبطها والتعميق فيها لتكوين ثقافة فكرية دائمة.

وللأدب - إذا أعطي حقه - أبلغ في تكوين هذه الثقافة فهو روح النهضات ومظهر حياة الأمة. ولقد طغت عليه جلبة السياسة في هذه الأيام حتى كاد يخفت صوته في ضوضائها فأصبح من الواجبإقالته من عثرته والأخذ بيده وتقديس حرمه وانتهاج طريق واضح له في

ص: 1

الدراسة والوضع. أما دراسته فعلى طريقة التنظيم والتوضح ونفي الفوضى والإبهام وتحكيم العلم والعقل والذوق والنقد الصحيح. وأم الوضع فنرمي من ورائه إلى تكوين أدب يصور حياتنا الحاضرة ويسير معها ويطرد مع ارتقائها ويزجيها إلى المثل الأعلى ويلامس طبقات الشعب بلسان عربي مبين له من الفن وسيلة إلى بلوغ الغاية وهي تمثيل الحياة بأروع صورها هذه حاجاتنا وهي كما ترى كثيرة تستعصي على الطالب وتستدعي جهداً عظيماً ، ولكن إدراكها كلها أو بعضها بالتدريج والتراخي خير من القنوط أو الإهمال ، لذلك فأصحاب هذه المجلة يستعينون الله في مظاهرة رصفائهم في الشرق العربي ممن استقلوا بحمل هذه الأمانة في صحفهم ومجلاتهم ويصدرونها تبحث في الآداب والفنون والجتماع والتاريخ والحقوق والعلوم والفلسفة. وغاية ما يرجونه أن يكون التوفيق جزاء

إخلاصهم.

ص: 2