الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثانياً: حكم جلده وسواقطها:
يرى الإمام أحمد ان جلد العقيقة ورأسها ونحو ذلك يباع ويتصدق بثمن ذلك، فقد روى الخلال أن أحمد سئل في العقيقة:[الجلد والرأس والسقط يباع ويتصدق به، قال: يتصدق به]. (1)
ومنع المالكية بيع أي شيء منها، قال الإمام مالك:[ولا يباع من لحمها شيء ولا جلدها](2)، وقال ابن رشد:[وأما حكم لحمها وجلدها وسائر أجزائها فحكم لحم الضحايا في الأكل والصدقة ومن البيع]. (3)
ثالثاً: هل يكره كسر عظام العقيقة
؟
في المسألة قولان:
الأول: قال الشافعية والحنابلة يستحب أن تذبح العقيقة وتقطع على المفاصل ولا تكسر عظامها وتطبخ جدولاً (4)، ونقل هذا عن عائشة وعطاء وابن جريج (5)، ونص على ذلك الإمام أحمد، فقد روى الخلال عن عبد الملك بن عبد الحميد أنه سمع أبا عبد الله يقول في العقيقة:[لا يكسر عظمها ولكن يقطع كل عظم من مفصله فلا تكسر العظام]. (6)
(1) تحفة المودود ص 70، كشاف القناع 3/ 31.
(2)
الموطأ بهامش المنتقى 3/ 103.
(3)
بداية المجتهد 1/ 377.
(4)
الجدول جمع جدل وهو كل عظم موفر كما هو لا يكسر أي تقطع عضواً عضواً، لسان العرب 2/ 211.
(5)
المجموع 8/ 430، المغني 9/ 463، المحلى 6/ 240، مغني المحتاج 4/ 394، كشاف القناع 3/ 30.
(6)
تحفة المودود 60/ 61.
الثاني: وذهب الإمام مالك إلى جواز كسر عظمها بل استحب ذلك، لمخالفة أهل الجاهلية الذين كانوا لا يكسرون عظم الذبيحة التي تذبح عن المولود وبه قال الزهري وابن حزم الظاهري. (1)
قال ابن رشد: [واستحب كسر عظامها لما كانوا في الجاهلية يقطعونها من المفاصل]. (2)
وقد احتج الفريق الأول بما ورد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في العقيقة التي عقتها فاطمة عن الحسن والحسين رضي الله عنهما: (أن ابعثوا إلى بيت القابلة برجل وكلوا وأطعموا ولا تكسروا منها عظماً) رواه البيهقي وغيره وهو ضعيف كما سبق.
واحتجوا أيضاص بما ورد عن عائشة أنها قالت: (تقطع جدولاً ولا يكسر لها عظم) سبق تخريجه وجعله الألباني مدرجاً في الحديث من كلام عطاء وأيد ذلك بما ذكره البيهقي: [وكان عطاء يقول تقطع جدولاً ولا يكسر لها عظم](3).
واحتج الفريق الثاني بأنه لم يثبت في كسر عظامها نهي مقصود، قال ابن حزم:[ولم يصح في المنع من كسر عظامها شيء]. (4) وقالوا إن كسر عظامها فيه مخالفة لأهل الجاهلية، قال الباجي:[إنما قاله مالك - أي كسر عظامها - لأن أهل الجاهلية كانوا إذا عقوا عن المولود لم يكسروا العظام وإنما كانت العقيقة تفصل من ذلك ما وافقهم، وفي الجملة كسر عظامها ليس بلازم وإنما لا يجوز تحري الامتناع عنه، والعقيقة في ذلك كسائر الذبائح وربما كان لها مزية المخالفة لفعل أهل الجاهلية]. (5)
(1) الخرشي 3/ 48، الموطأ بهامش المنتقى 3/ 103، المنتقى 3/ 103، المحلى 6/ 234.
(2)
بداية المجتهد 1/ 377.
(3)
سنن البيهقي 9/ 302، إرواء الغليل 4/ 396.
(4)
المحلى 6/ 240، انظر المجموع 8/ 430.
(5)
المنتقى 33/ 103 - 104.
وقالوا أن العادة جرت بكسر العظام، وفي ذلك مصلحة لتمام الانتفاع بها ولا مصلحة تمنع من ذلك ولم يصح في المنع من ذلك ولا في كراهته سنة يجب المصير إليها. (1)
والذي يظهر لي أنه لا بأس بكسر عظامها إن احتيج لذلك، وإن استطاع الجزار تقطيعها على المفاصل فهو أفضل لما ورد في الآثار وإن لم يثبت عن الرسول صلى الله عليه وسلم فقد وردت عن عدد من السلف كعائشة وعطاء وجابر كما ذكره البيهقي وغيره. (2)
وخاصة أن القائلين بعدم تكسير عظامها ذكروا وجوهاً في الحكمة من ذلك تميل إليها النفس ذكرها ابن القيم وهي:
1.
أنها جرت مجرى الفداء استحب أن لا تكسر عظامها تفاؤلاً بسلامة أعضاء المولود وصحته وقوتها وبما زال من عظام فدائه من الكسر.
2.
إظهار شرف الإطعام وخطره إذا كان يقدم للآكلين ويهدى إلى الجيران ويطعم للمساكين فاستحب أن يكون قطعاً كل قطعة تامة في نفسها لم يكسر من عظامها شيء ولا نقص العضو منها شيئاً، ولا ريب أن هذا أجل موقعاً وأدخل في باب الجود من القطع الصغار.
3.
أن الهدية إذا شرفت وخرجت عن حد الحقارة وقعت موقعاً حسناً عند المهدي إليه ودلت على شرف نفس المهدي وكبر همته، وكان في ذلك تفاؤلاً بكبر نفس المولود وعلو همته وشرف نفسه (3). والله أعلم.
(1) تحفة المودود ص 62.
(2)
سنن البيهقي 9/ 302.
(3)
تحفة المودود ص 62.