المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌أميل القرن التاسع عشر - مجلة المنار - جـ ٧

[محمد رشيد رضا]

فهرس الكتاب

- ‌المجلد رقم (7)

- ‌غرة المحرم - 1322ه

- ‌فاتحة السنة السابعة

- ‌كلمة ثانية في أهل الذمة

- ‌سوريا والإسلام

- ‌تأييد علماء الآفاق للفتوىبحل طعام الكتابي ولباسه

- ‌السؤال والفتوى

- ‌نظام الحب والبغض

- ‌بلرم صقلية(4)

- ‌الأخبار والآراء

- ‌16 المحرم - 1322ه

- ‌موعظة للمسلمين بآيات الكتاب المبين

- ‌خطبة من خطب عمرو بن العاص

- ‌السؤال والفتوى

- ‌نظام الحب والبغض

- ‌تقريظ المنار ورسالة التوحيد

- ‌الفتاة اليابانية والحرب

- ‌الأخبار والآراء

- ‌رزء الشام بالشيخ محمد علي أفندي مسلم

- ‌غرة صفر - 1322ه

- ‌سوريا والإسلام

- ‌تنوير الأفهام في مصادر الإسلام

- ‌رأي في سلب الأمن من الحجاز

- ‌بلرم صقلية(5)

- ‌التقريظ

- ‌الأخبار والآراء

- ‌16 صفر - 1322ه

- ‌مناظرة بين مقلد وصاحب حجة

- ‌سوريا والإسلام

- ‌السؤال والفتوى

- ‌نظام الحب والبغض

- ‌التقريظ

- ‌التعليم الإسلامي في سيراليون

- ‌النساء المسلمات في الهند

- ‌غرة ربيع الأول - 1322ه

- ‌كتاب تنوير الأفهام

- ‌السؤال والفتوى

- ‌نظام الحب والبغض

- ‌الأخبار والآراء

- ‌16 ربيع الأول - 1322ه

- ‌علماء الأزهر والمحاكم الشرعية

- ‌مناظرة بين مقلد وصاحب حجة

- ‌سوريا والإسلام

- ‌السؤال والفتوى

- ‌(المنار في تونس)

- ‌غرة ربيع الآخر - 1322ه

- ‌مناظرة بين مقلد وصاحب حجة

- ‌السؤال والفتوى

- ‌هذا أوان العبر

- ‌التقريظ

- ‌الأخبار والآراء

- ‌16 ربيع الآخر - 1322ه

- ‌دعوى الشعرانيأنه أعطي أن يقول للشيء كن فيكون

- ‌السؤال والفتوى

- ‌هذا أوان العبر

- ‌التقريظ

- ‌الأخبار والآراء

- ‌غرة جمادى الأول - 1322ه

- ‌استغناء البشر عن دين جديد

- ‌الأخبار والآراء

- ‌16 جمادى الأولى - 1322ه

- ‌السؤال والفتوى

- ‌الأولياء والكفاءة في الأزواج

- ‌الفتوى لشركة جريشام

- ‌المسائل الزنجبارية

- ‌تأثير الجرائد وحالها في مصر

- ‌غرة جمادى الآخر - 1322ه

- ‌مناظرة بين مقلد وصاحب حجة

- ‌السؤال والفتوى

- ‌آثار علمية أدبية

- ‌تقريظ المصنفات

- ‌سياحة العلماء وهداية الحكماء

- ‌قضية السادات وصاحب المؤيد

- ‌16 جمادى الآخر - 1322ه

- ‌مناظرة بين مقلد وصاحب حجة

- ‌الفداء والقداسة

- ‌السؤال والفتوى

- ‌أميل القرن التاسع عشر

- ‌قصيدة في ندوة العلماء بالهند

- ‌تقريظ المصنفات

- ‌الأخبار والآراء

- ‌غرة رجب - 1322ه

- ‌مناظرة بين مقلد وصاحب حجة

- ‌السؤال والفتوى

- ‌أميل القرن التاسع عشر

- ‌الرجل والمرأة في دمشق

- ‌16 رجب - 1322ه

- ‌فتاوى المنار

- ‌أسباب ضعف المسلمين وعلاجه

- ‌ أميل القرن التاسع عشر

- ‌التقريظ

- ‌غرة شعبان - 1322ه

- ‌أسئلة هندية

- ‌أسباب ضعف المسلمين وعلاجه

- ‌أميل القرن التاسع عشر

- ‌إلى مصر

- ‌التقريظ

- ‌16 شعبان - 1322ه

- ‌فتاوى المنار

- ‌نابتة العصر ومستقبل مصر

- ‌أميل القرن التاسع عشر

- ‌خلاصة تاريخ حرب اليابان وروسيا

- ‌الانتقاد على المنار

- ‌آثار علمية أدبية

- ‌غرة رمضان - 1322ه

- ‌ضعف المسلمين بمزج السياسة بالدين

- ‌أميل القرن التاسع عشر

- ‌التقريظ

- ‌16 رمضان - 1322ه

- ‌مواقيت العبادة من الصلاة والصيام والحج

- ‌فتاوى المنار

- ‌أميل القرن التاسع عشر

- ‌مكافأة امتحان التلامذة في الأزهر

- ‌قصيدة في الحرب

- ‌ الأخبار والآراء

- ‌غرة شوال - 1322ه

- ‌صلاة الظهر بعد صلاة الجمعة

- ‌فتاوى المنار

- ‌فرنسا والأزهر

- ‌انتقاد شواهد الطبعة الأولى من تفسيرابن جرير الطبري

- ‌آثار علمية أدبية

- ‌كتاب حافظ إبراهيم إلى الشيخ محمد عبده

- ‌الأخبار والآراء

- ‌16 شوال - 1322ه

- ‌فتاوى المنار

- ‌كتاب المصالحة المنتظمةبين سلطان مراكش ولويز الخامس عشر ملك فرنسا

- ‌الأخبار والآراء

- ‌غرة ذو القعدة - 1322ه

- ‌توضيح وكشف إبهام

- ‌فتاوى المنار

- ‌تاريخ السودانالقديم والحديث

- ‌محمود سامي باشا البارودي

- ‌الأخبار والآراء

- ‌16 ذو القعدة - 1322ه

- ‌فتاوى المنار

- ‌رثاء محمود سامي باشا البارودي

- ‌الأخبار والآراء

- ‌غرة ذو الحجة - 1322ه

- ‌فتاوى المنار

- ‌شكل حكومة الإسلاموضعف المسلمين باستبداد الحكام

- ‌آثار علمية أدبية

- ‌الأخبار والآراء

- ‌16 ذو الحجة - 1322ه

- ‌فتاوى المنار

- ‌رسالة البدعة في صلاة الظهر بعد الجمعة

- ‌كتاب الإمامة والسياسة

- ‌آثار علمية أدبية

- ‌خاتمة السنة السابعة

الفصل: ‌أميل القرن التاسع عشر

الكاتب: عبد العزيز محمد

‌أميل القرن التاسع عشر

ما يتعلم في السفينة

الشذرة الخامسة عشرة من جريدة الدكتور أراسم

في اليوم الخامس من شهر مارس بلغنا مينا جرافسند [1] حيث سلم مُعَرِّف

التأميز [2] زمام سفينتنا إلى مُعِّرف البوغاز الذي أخذ الآن على نفسه إبلاغنا ما

وراء مصب النهر.

في نحو الساعة السادسة من المساء برز الربان على ظهر السفينة وتعهد

بنفسه ما شحن فيها من المؤنات كالماء والبقسماط وبراميل اللحم المملح ، واستوثق

من سلامتها ، ثم قضينا ليلتنا على المرساة.

وقرب حد الظهيرة من الغد سارت بنا السفينة تجرها باخرة صغيرة الحجم

شديدة القوة تسمى (نلسن) ، وفي وقت مرورنا حيال منارة (نور) هبت علينا

ريح طيبة ، فأمكنتنا من مد بعض الشُرع ، ثم تغير لون الماء فصار ذا خضرة

كدراء.

كانت تلك الساعة هي المعينة لنزولي إلى حجرات المسافرين لعيادتهم فيها ،

وليس القيام بشئون الصحة في سفينة إنكليزية كبرى من الأعمال (الوظائف) التي

يؤجر صاحبها بلا كسب فإن (المونيتور) تحمل خمسة وثلاثين راكبًا من الدرجة

الأولى ، وقل منهم من يقوى على أول صدمة للبحر عدو الإنسان، ويكون آمنًا من

العثار ، فلم ينج من مرضه إلا هيلانة وامرأتان أخريان أو ثلاث.

وفى اليوم الثامن من الشهر بلغنا حوالَي الكثبان ، فألقى معرف البوغاز مقاليد

السفينة إلى ربانها، ونزل بالساحل ثم رجعت الباخرة الجارة بعد إبلاغنا هذا المكان

من حيث أتت، ووكلتنا إلى قوانا أي إلى شُرُع سفينتنا، ولما رأى المسافرون

والملاحون أن هذه البقعة هي آخر موقف يؤذن لهم فيه بالاقتراب من البر حمل

كثير منهم المعرف رسائل إلى أصدقائهم تتضمن بالبداهة آخر وداع لهم.

جاء دور البحارة الآن في العمل ، فمدوا أيديهم إليه بهمة وإقدام ، واشتغل

الضابط الأول والثاني للسفينة بترتيب الحرس ، فعيَّنَا لكل حارس عمله، ثم تدلت

من جميع السواري وهي في نصف ارتفاعها أنسجة طويلة نفختها الريح وصفقتها ،

فأنشأت السفينة تميد ، وأحست باستقلالها من وقت أن ثابث إليها أجنحتها، وكانت

قبيل هذا تبدو عليها علائم الكآبة والخجل أن ترى مقودة بغيرها.

أديرت على الملاحين كأس من خمر عسل السكر استحقوها كل الاستحقاق

بكدهم ونَصَبهم.

مما عرفته من الأماكن في مسيرنا (بيشى هد) وهو رأس فى أميرية

(قونتية) صاسقس ، وجزيرة وايت ، وستارت بوينت ، وقد صار الماء الآن ذا

خضرة بهيجة تطفو على سطحه أعشاب بحرية تشبه التبن الطويل. صادفتنا سفينة

راجعة إلى إنكلترا فخاطبناها بأعلامنا الملونة، وسألناها بهذه اللغة السرية أن تبلغ

سفر سفينتا مكتب الملاحة لشركة ليود.

انتهينا من اجتياز البوغاز ، فخرجنا منه وكان الجو صحوًا ، فصعد المسافرون

على ظهر السفينة لاستنشاق النسيم البارد.

إني قلما رأيت اللج مرة لم يكن مرآه فيها مثارًا للعجب في نفسي ، ولكن

أخص ما شغل ذهني منه الآن هو جملة العلوم التي استفادها الإنسان من ممارسة

البحر. انظر إلى النظام الكوني تجد علم الهيئة الذي يبحث فيه عنه إنما تولد من

الملاحة ، فإنه لولا أن حاجة الإنسان إلى الاهتداء في سيره على ظهر البحار دفعته

إلى درس الفلك؛ لكان من المحتمل أن لا يخطر بباله أصلاً أن يتقصى سرًّا من

أسراره ، فاحتياجه إلى السعي في طلب الغنى هو الذي اضطره إلى قياس الزمان

والأبعاد قياسًا مضبوطًا ، فترى الملاح الساذج مع أنه لا يعرف القراءة دائمًا حائزًا

بالتحقيق لكثير من العلوم العلمية. سله إن شئت ، وليكن ذلك عن بعض الأمور

الطبيعية؛ تجد كلامه فيها يرجع إلى ما قرره العالم الذي قضى سنين كاملة في دار

من دور الكتب، وإذا كنا الآن قد أنشأنا نظن أن للرياح والزوابع قانونًا، فإنما كان

ذلك بسبب ما جمع من ملاحظات البحارة المختلفين في السفن الموزعة على جميع

البحار ، فأصبح أشد الفواعل الكونية تعاصيًا عن الضبط منقادًا إلى قانون، ودخل

أبعد الحوادث عن النظام في نظام العلم العام، وكشفت المسابير أغوار قعر المحيط

وقفاره المفروشه بأسلاب فرائسه ، وأضحى الآن من الميسور رسم خريطة لتيارات

البحر السفلية، ثم إن الفضل فيما عرفناه من العلوم الصحيحة عن شكل العالم راجع

إلى الملاحين.

خلق البحر مثالاً للأزل لأنه مثال للحركة ، فشهد تولد اليابسات المتعاقبة

وانعدامها وارتفاع الجبال، وما وقع على مر الدهور من ضروب فعل الأرض

وانفعالها مما لا يزال يرتجف منه فؤاده ، وهو اليوم كما كان في مبدأ العالم لا

يعتوره نصب في جهاده وجلاده، فتراه يعض بعض سواحله، ويقرض ما يقاومه

من الصخور الصوانية ، ويقتلع بعض أجزاء الأرض من أماكن مختلفة فينقلها من

أحد نصفيها إلى النصف الآخر ليبني بها سواحل جديدة وجزرًا ورءوسًا لابد أن

يهدمها بعد، وبِدَأْبِه على العمل يتحول من مكان إلى مكان على تعاقب العصور

بالقوة الساكنة التي توجد فيما لا يموت من الأشياء، وكما أنه رحم للخلائق

العضوية الأولى هو أيضًا أكبر مستودع للحياة.

من المحقق الذي لا مرية فيه أن ممارسة البحر قد وسعت دائرة علومنا،

ولكنا قد استفدنا منه ما هو أجل من العلم نفسه ألا وهو ما يتحلى به الرجال من

الفضائل التي ينميها في النفس الجهاد مع المحيط المخوف ، فلولا هذا الجهاد لما

عرف الإنسان شيئًا يستحق المعرفة فما أمثل الملاحة طريقة للتربية! فذلك المربي

القاسي العبوس وأعني به البحر يبث كل يوم في أذهان غلمانه الذين يتغذون بلبان

معارفه أن النفوس متساوية ، وأن الفلاح في الاعتماد عليها ، ويعلمهم من البسالة ما

لا تزعزعه الخطوب ، ومن الصبر ما يقوون به على احتمال كل ضروب الحرمان

واقتحام جميع المخاطر، ومن ذا الذي في وسعه أن يصف ما آتى الجنان من الثبات،

وما ألبس النفس من درع القوة ، وهو - وإن غلبه الملاحون بمثابرتهم على قهره

وثباتهم في طلب الظفر به - يحق له في نفس هذا الغلب أن يفخر بغالبيه ، فإنه هو

الذي أنشأهم وهم تلامذته اهـ.

((يتبع بمقال تالٍ))

_________

(1)

جرافسند هي أحد موانئ إنكلترا وموقعها في الجنوب الشرقي للوندرة.

(2)

التأميز نهر من أنهار إنكلترا يمر بأكسفورد ولوندرة ويصب في بحر الشمال.

ص: 508