الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وكان عامله على المدينة مروان بن الحكم، فلمّا قدم المدينة هيّأ له مروان طعاما فأكثره وجوّده، فلمّا حضر الغداء جاء متطبّب نصرانيّ لمعاوية فوقف فجعل إذا مرّ لون قال: كل يا أمير المؤمنين! من هذا، وإذا اتي بلون ظنّ أنّه لا يوافقه، قال: لا تأكل من هذا؛ ثمّ أقبل زنجيّان مؤتزران بريطتين بيضاوين يدلحان بجفنة لها أربع حلقات مترعة حيسا، فلمّا رءاها معاوية استشرف لها وحسر عن ذراعيه، فقال الطبيب: أيّ شيء تريد؟ يا أمير المؤمنين! قال: أريد والله أواقع ما ترى؛ قال: أمزّق ثيابي، قال: ولو مزّقت بطنك؛ فجعل يدبل مثل دبل البعير ويقذف في جوفه، حتى إذا نهل قال: يا مروان! ما حيسكم هذا؟ قال: يا أمير المؤمنين! عجوة ناعميّة، وإقطة مزنيّة وسمنة جهنيّة. قال: هذه أشفية جمعت لا كما يقول هذا النصرانيّ.
3890 - ليث الدولة أبو فراس بن أحمد بن أبي العزّ التغلبيّ الجزريّ الأمير
.
كان أخباريّا عالما، له معرفة بالأدب واطّلاع على التواريخ والسير، أنشد للجاحظ:(1)
سقام الحرص ليس له دواء
…
وداء الجهل ليس له طبيب
وطيب العيش أن تلقى حكيما
…
غذاه العلم والنظر المصيب
= (يدلحان: يحملانها وقد أثقلهما حملها. يدبل: دبل اللقمة جمعها وعظّمها). والخبر لا يحتاج إلى تعليق فهذا من أبسط أخبار أمرائهم ومنه ومن أمثاله أخذوا دينهم.
(1)
(ذكر شعر الجاحظ أبو بكر الخطيب في تاريخ بغداد 215/ 12 بتغيير في الترتيب وضمّ شعر ثالث إليها وهاك روايته:
يطيب العيش أن تلقى حكيما
…
غذاه العلم والظنّ المصيب
فيكشف عنك حيرة كل جهل
…
وفصل العلم يعرفه الأريب
سقام الحرص ليس له شفاء
…
وداء الجهل ليس له طبيب).