الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فأجاب- رحمه الله بقوله: حجهم صحيح إن شاء الله ولا شيء عليهم؛ لأنهم تعجلوا وخرجوا لكن بودي أنهم ما خرجوا من منى حتى رموا وهم إذا رموا ولو بعد المغرب مادام قد جهزوا
أنفسهم وسافروا وعزموا على التعجل فلا شيء عليهم ولو رموا بعد المغرب.
س1385: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: قوله تعالى: (فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَى) ما معنى (لِمَنِ اتَّقَى) ؟
فأجاب- رحمه الله بقوله: يعني أن هذا الحكم إنما هو لمن اتقى الله عز وجل، بحيث أتى بالحج كاملاً قبل التعجل، أو تأخر للتقرب إلى الله عز وجل، لا لغرض دنيوي، أو حيلة أو ما أشبه ذلك فيكون هذا القيد راجعاً لمسألتين: للتعجل والتأخر، وقيل: إن القيد للأخير فقط (وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَى) يعني أن التأخر أتقى لله عز وجل، لأنه خير من التعجل، حيث إن الرسول عليه الصلاة والسلام تأخر، وحيث إن المتأخر يحصل له عبادتان: الرمي والمبيت، لكن يظهر والله أعلم المعنى الأول أن هذا القيد للتعجل والتأخر بحيث يحمل الإنسان تقوى الله عز وجل على التعجل أو التأخر.
س1386: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: ما هي الأخطاء الواقعة في أيام الإقامة بمنى في أيام التشريق
؟
فأجاب- رحمه الله بقوله: أما الأخطاء في منى فمنها:
أولاً: أن بعض الناس لا يبيتون بها ليلتي الحادي عشر والثاني عشر، بل يبيتون خارج منى من غير عذر يريدون أن يترفهوا، أو يشموا الهواء- كما يقولون- وهذا جهل وضلال، ومخالفة لسنة
الرسول صلى الله عليه وسلم، والإنسان الذي يريد أن يترفه لا يأتي للحج، فإن بقاءه في بلده أشد ترفهاً، وأسلم من تكلف الشاق والنفقات.
ثانياً: ومن الأشياء التي يحل بها بعض الحجاج في الإقامة بمنى، بل التي يخطئون فيها أن بعضهم لا يهتم بوجود مكان في منى، فتجده إذا دخل في الخطوط، ووجد ما حول الخطوط ممتلئاً، قال: إنه ليس في منى مكان، ثم ذهب ونزل في خارج منى، والواجب عليه أن يبحث بحثاً تاماً في ما حول الخطوط وما كان داخلها، لعله لمجد مكاناً يمكث فيه في أيام منى؛ لأن البقاء في منى واجب، لقول النبي صلى الله عليه وسلم:"خذوا عني مناسككم"(1) وقد أقام صلى الله عليه وسلم في منى ورخص للعباس بن عبد المطلب رضي الله عنه من أجل سقايته أن يبيت في مكة ليسقي الحجاج.
ثالثاً: ومن الأخطاء أيضاً: أن بعض الناس إذا بحث ولم لمجد مكاناً في منى نزل إلى مكة، أو إلى العزيزية وبقي هنالك، والواجب إذا لم لمجد مكاناً في منى أن ينزل عند آخر خيمة من خيام الحجاج
ليبقى الحجيج كلهم في مكان واحد متصلاً بعضه ببعض، كما نقول في ما لو امتلأ السجد بالمصلين فإنه يصلي مع الجماعة، حيث تتصل الصفوف ولو كان خارج المسجد.
(1) تقدم ص 98.
رابعاً: ومن الأخطاء التي يرتكبها بعض الحجاج في الإقامة بمنى وهو يسير لكن ينبغي المحافظة عليه أن بعض الناس يبيت في منى، ولكن إذا كان النهار نزل إلى مكة ليترفه بالظل الظليل، والمكيفات والمبردات، ويسلم من حو الشمس ولفح الحر، وهذا وإن كان جائزاً على مقتضى قواعد الفقهاء، حيث قالوا:(إنه لا يجب إلا المبيت) فإنه خلاف السنة، لأن النبي صلى الله عليه وسلم بقي في منى ليال وأيام التشريق فإنه عليه الصلاة والسلام يمكث في منى ليالي أيام التشريق وأيام التشريق. أما لو كان الإنسان محتاجاً إلى ذلك كما لو كان مريضاً أو كان مرافقاً لمريض لا بأس به؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم وخص للرعاة أن يبيتوا خارج منى، وأن يبقوا في الأيام في مراعيهم
مع إبلهم.
هذه بعض من الأخطاء لتي يرتكبها بعض الحجاج في الإقامة في منى.
رسالة
بسم الله الرحمن الرحيم
من محبكم محمد الصالح العثيمين إلى الأخ المكرم حفظه الله تعالى السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
كتابكم الكريم المؤرخ 15 وصلني أمس، سرنا صحتكم الحمد لله على ذلك.
سؤالكم عمن قدموا مكة فنزلوا بمنى، ثم دخلوا مكة لقضاء عمرتهم، وعادوا إلى منى وأقاموا بها إلى الحج فهل هذا جائز؟
فالجواب: لا أرى في ذلك منعاً، لكن الأولى عدم فعل ذلك؛ لأن هذه المحلات أعني منى ومزدلفة وعرفة إنما هي أمكنة للأنساك المفعولة فيها، والنبي صلى الله عليه وسلم نزل بالأبطح في مكة، ولم يخرج إلى منى إلا في يوم التروية.
وسؤالكم أيضاً عمن نفر من منى، ووكل من يرمي عنه، ثم ودع البيت قبل رمي موكله، فهل يجوز ذلك؟
فالجواب كما يأتي:
1-
نسأل لماذا وكل من يرمي عنه؟
فإن كان الجواب: لأنه غير قادر على الرمي بنفسه فالتوكيل جائز، ولكن لا ينبغي أن ينفر من منى حتى يرمي الوكيل؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم ينفر من منى إلا بعد الرمي، وقال:"خذوا عني مناسككم"(1) .
(1) تقدم ص 98.
أما إن كان قادراً على الرمي بنفسه فإن التوكيل لا يجوز لا في الفرض ولا في النفل، على الصحيح، لأن نفل الحج والعمرة كفرضهما في وجوب الإتمام إذا شرع فيهما، قال الله تعالى:(وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لله) .
2-
والوداع لا يجوز إلا بعد فراغ أفعال الحج كلها، فلو ودع الإنسان قبل الرمي، ثم خرج ورمى لم يجز له ذلك؛ وعليه إعادة الطواف؛ لأن النبي لمجسم لم يوح البيت حتى فرغ من جميع أفعال
الحج، ولمحال للناس:"خذوا عني مناسككم"(1) وأيضاً فإنه قال للناس: "لا ينفرن أحد حتى يكون آخر عهده بالبيت"(2) ولم يكونوا ينفرون إلا بعد الرمي.
وأيضا فإن قوة كلام الأصحاب وترتيبهم لما لفعله الحاج دليل على أن طواف الوداع يكون بعد تمام أفعال النسك كلها، وقد عبروا عن ذلك بقولهم: يطوف للوداع إذا فرغ من جميع أموره.
وسؤالكم عن المرأتين اللتين تجاوزتا خمسين سنة وإحداهما يأتيها الحيض على الصفة المعروفة، والأخرى على غير الصفة المعروفة فالجواب:
1-
التي يأتيها على صفته المعروفة يكون دمها دم حيض صحيح، على القول الراجح، إذ لا حد لأكثر سن الحيض، وعلى هذا فيثبت لها أحكام دم الحيض المعروفة، من اجتناب الصلاة، والصيام، والجماع، ولزوم الغسل، وقضاء الصوم ونحو ذلك.
(1) تقدم ص 98.
(2)
تقدم ص 80.
2-
وأما التي يأتيها صفوة وكدرة فالصفرة والكدرة إن كانت في زمن العادة فحيض، وإن كانت في غير زمن العادة فليست بحيض، وأما إن كان دمها دم الحيض المعروف، لكن تقدم أو تأخر
فهذا لا تأثير له، بل تجلس إذا أتماها الحيض وتغتسل إذا انقطع عنها.
وهذا كله على القول الصحيح من أن سن الحيض لا حد له، أما على المذهب فلا حيض بعد خمس سنة وإن كان دماً أسود عادياً، وعليه فتصوم وتصلي ولا تغتسل عند انقطاعه، لكن هذا
القول غير صحيح.
هذا ما لؤم. شرفونا بما يلزم، بلغوا سلامنا الشيخ محمداً والأولاد والإخوان، كما أن الجميع بخير، والله يحفظكم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
كلمة في اليوم الثالث عشر من ذي الحجة بمنى
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد خاتم النبيين وإمام المتقين، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد: فهذا هو اليوم الثالث من أيام التشريق وهو
آخرها، وقد قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم:"أيام التشريق أيام أكل وشرب وذكر لله عز وجل"(1) ولم يرخص في أيام التشريق أن يصمن إلا لمن لم يجد الهدي، وبهذا لا يصوم الإنسان هذا اليوم وإن كان اليوم الأول من الأيام البيض؛ لأنه من أيام التشريق وأيام التشريق ينبغي للإنسان أن يتفرغ للذكر ويأكل ويشرب، لأنه في ضيافة الله عز وجل، ولكن من لم يجد الهدي للقارن أو المتمتع فإنه يصوم هذه الأياٍم الثلاثة، لقوله تعالى:(فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ) فلنا أن نستغرق هذا اليوم في الذكر وأن نتمتع بما منَّ الله علينا بالأكل والشرب حتى نحقق ما أراده النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: "أيام التشريق أيام أكل وشرب وذكر لله عز وجل" وهو أي هذا اليوم من أيام الذبح؛ لقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: "كل أيام التشريق ذبح"(2) أي وقت للذبح، وهذا هو القول الراجح من أقوال العلماء، ومن العلماء في يقول: تنتهي أيام الذبح بانتهاء اليوم الثاني عشر، لكن القول بأن جميع أيام التشريق أيام ذبح هو الصواب.
(1) أخرجه مسلم، كتاب الصيام، باب تحريم صيام أيام التشريق (1141) .
(2)
أخرجه الإمام أحمد (4/82) .
وفي هذا اليوم يودع الحجاج منى؛ لأنهم يرمون الجمرات بعد الزوال، ثم يغادرونها، ولكن إذا أراد الإنسان أن يسافر إلى بلده من مكة بعد الحج، فإنه لابد أن يطوف طواف الوداع، وهو بثيابه
المعتادة، ولا سعي بعده، وطواف الوداع واجب إلا على الحائف والنفساء، فإنه لا وداع عليهما، لقول عبد الله بن عباس- رضي الله عنهما: أمر الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت إلا أنه خفف عن الحائض، وينبغي لك أجها الأخ المسلم بعد أن منَّ الله عليك بهذا الحج الذي أرجو الله تعالى أن يجعل حجنا وحجكم مبروراً، وذنبنا مغفوراً، وسعينا مشكوراً، ينبغي لك أن لا تسود صفحات
أعمالك بالسيئات بعد أن طهرك الله منها، فإن النعمة إنما تشكر بمثلها، بمعنى أن الإنسان إذا وفقه الله لحسنة فإن من شكر هذه الحسنة أن تأتي بحسنة أخرى، ولهذا قال بعض العلماء: علامة
قبول الحسنة الحسنة بعدها، وإذا شكوت الله عز وجل فإن تلك نعمة تحتاج إلى شكر، وإذا شكرت على هذه النعمة أي نعمة الشكر الأول تحتاج إلى شكر آخر وهلم جوا.
ولهذا قال بعضهم شعراً:
إذا كان شكري نعمة الله نعمة
…
علي له بمثلها يجب الشكر
فكيف بلوغ الشكر إلا بفضله
…
وإن طالت الأيام واتصل العمر
اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك.