الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فأجاب فضيلته بقوله: لا بأس، لكن السنة أن يقف في النهار والليل، فإذا غابت الشمس دفع، لكن لو تأخر فله إلى طلوع الفجر.
س1075: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: ما الحكم لو لم يدرك الحاج الوقوف بعرفة إلا متأخراً
؟
فأجاب فضيلته بقوله: الحاج في اليوم الثامن يخرج إلى منى، ويبقى بها إلى صباح اليوم التاسع، ثم يذهب إلى عرفة، فلو أن الحاج لم ينزل بمنى اليوم الثامن، وذهب إلى عرفة رأساً فيصح حجه، بدليل حديث عروة بن المضرس- رضي الله عنه أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم حين صلى معه صلاة الفجر في مزدلفة، سأله فقال: يا رسول الله، إني أتبعت نفسي، وأكللت راحلتي فلم أدع جبلاً إلا وقفت عنده، فقال النبي عليه الصلاة والسلام:"من شهد صلاتنا هذه ووقف معنا حتى ندفع، وقد وقف قبل ذلك بعرفة ليلاً أو نهاراً فقد تم حجه وقضى تفثه"(1) .
وهذا يدل على أنه لا يجب أن يبقى الحاج في منى في اليوم الثامن ليلة التاسع، وأنه لو ذهب إلى عرفة رأساً لكان حجه صحيحاً، لكن الأفضل أن يبقى في منى من ضحى اليوم الثامن إلى أن تطلع الشمس من اليوم التاسع.
أما إذا ذهب إلى عرفة متأخرًا، ولكنه أدرك للوقوف بها قبل أن يطلع الفجر يوم العيد فقد أتم حجه ولا شيء عليه، فوقت الوقوف بعرفة ينتهي بطلوع فجر يوم العيد.
(1) تقدم ص 22.
كلمة فجر يوم عرفة 9/12/1420هـ بمنى
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالين، وأصلي وأسلم على نبينا محمد خاتم النبيين وإمام المتقين، وعلى اَله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد، فهذا اليوم هو اليوم التاسع من ذي الحجة وهو يوم
عرفة فأكثروا فيه من ذكر الله ودعائه والتضرع إليه وادعوا الله تعالى بما تريدون، لأن الدعاء من العبادة، كما قال الله تعالى:(وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ) ، وقد خطب النبي صلى الله عليه وعلى اَله وسلم في هذا اليوم خطبة عظيمة بليغة قرر فيها من قواعد الإسلام ما قرر، ومن ذلك أنه أوصى بالنساء خيراً، فقال: "اتقوا
الله في النساء فإنكم أخذتموهن بكلمة الله، واستحللتم فروجهن بكلمة الله، أخذتموهن بأمان الله، واستحللتم فروجهن بكلمة الله ولكم عليهن ألا يوطئن فرشكم أحداً تكرهونه، ولهن عليكم
رزقهن وكسوتهن بالمعروف" (1)
وكثير من الناس يظلمون أنفسهم ويظلمون زوجاتهم بعدم القيام بالواجب، فتجده يقصر في النفقة مع أنه غني، تجده لا يلقاها بوجه طلق مع أنه مأمور بذلك، تجده إذا أعطاها حقها يعطيها ذلك بتكره وتباطؤ، فاتقوا الله عباد الله في النساء ولا تستغلوا ضعفهن في استكباركم عليهن، فإن من كان عالياً في الدنيا بغير حق سيكون
(1) أخرجه مسلم، كتاب الحج، باب حجة النبي صلى الله عليه وسلم (رقم 1218) .
ذليلاً في الآخرة، وقرر صلى الله عليه وسلم وضع الربا، قال:"ربا الجاهلية موضوع، وإن أول رباً أضع ربا العباس بن عبد المطلب فإنه موضوع كله"، والربا من أشد المعاصي إثماً، حتى إن الله تعالى قال في كتابه:(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا الله وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (278) فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ الله وَرَسُولِهِ) يعني أعلنوا الحرب على الله ورسوله- والعياذ بالله- (وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ) ولعن النبي صلى الله عليه وسلم آكل الربا وموكله وشاهديه وكاتبه وقال: "هم سواء"، فاتقوا الله في أنفسكم واتقوا الله في إخوانكم، وأنظروا المعسر ولا تلزموه، بل ولا تطالبوه بل ولا تطلبوه أن يوفيكم مادمتم تعلمون أنه معسر، لقول الله تبارك وتعالى:(وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ) أن تسمحوا وتسقطوا الحق خير لكم. وبعض الناس نسأل الله لنا ولهم الهداية إذا كان مطلوبه فقيراً لا يرحمه ولا يبالي، بل يرفعه إلى الولاة ويسجن، ويحبس عن أهله، وعن طلب الرزق لطالبه، وهذا محرم، يحرم على الإنسان إذا كان له مدين معسر أن يطلبه بدينه، أو يطالبه به، أو يطلب حبسه عليه، لأن الله قال:(وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ) إن بعض الناس إذا لم يطلب المدين الفقير هدده بالحبس وأجبره على أن يكبر عليه الدين ويقلب الدين عليه ويقول مثلاً: استدن وأوفني فتتراكم الديون على هذا الفقير، أو يقول له: اشتري مني سلعة بثمن زائد على أصلها
وأوفني وما أشبه ذلك من الحيل والخداع والمكر، فاتقوا الله تعالى في أنفسكم ولا تخالفوا ما أمر الله به ورسوله فإنكم مخلوقون لعبادة الله
والتذلل له، أسأل الله لي ولكم حجًّا مبروراً وذنباً مغفوراً وسعياً مشكوراً، ولا حاجة للإطالة لأن الناس سوف يتأهبون للدفع إلى عرفة جعلنا الله وإياكم من المعتقين من النار في هذا اليوم إنه على كل
شيء قدير.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.