الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الرد على المدعو عبد المحمود البخاري فيما موّه به من أقوال الإتحادية والمشركين لأحد علماء نجد
…
الرد على المدعو عبد المحمود البخاري فيما موّه به من أقوال الاتحادية والمشركين
استواء الله على عرشه وعلوه على خلقه وبدع المبتدعة
بسم الله الرحمن الر حيم
الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، إله الأولين والآخرين، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله؛ إمام المتقين -صلوات الله وسلامه عليه، وعلى آله وأصحابه أجمعين، وسلم تسليما.
أما بعد: فإني وقفت على ورقتين لرجل جاءنا، يزعم أنه من أهل بخارى، ويقول: إن اسمه عبد المحمود، فرأيت ورقتيه تضمنتا عبارات تنبئ أنه يقول بقول أهل وحدة الوجود، وربما خلط ذلك بعبارات الفلاسفة، فتعين عليَّ أن أبين ما في ورقتيه من الإلحاد والدسائس التي موَّه بها على بعض الجهال، فأوقع بعضهم في لبس وضلال، فلما حصل الجواب رجع من رجع.
فأول ما ابتدأ به الورقتين قوله: "الحمد لله المتوحد بجميع الجهات"؛ فاعلموا -وفقكم الله- أن هذه الكلمة ليس لها استعمال في الكتاب، ولا في السنة، ولا عند علماء السنة، ولا عند غيرهم من الطوائف، بل هي من عبارات أهل الاتحاد، ومعناها: أنه المتوحد بجميع الجهات، فهو فيها وحده، ليس فيها غيره، ومصدره توحّد يتوحد توحدا، إذا توحد بالمكان، فليس فيه غيره، كقول القائل: توحّد فلان بمكان كذا وكذا، إذا كان هو الذي فيه وحده.
وأرادت هذه الطائفة بمثل هذه العبادة أن كل ما في الجهات فهو الله، يبين ذلك أنك لا تجد أحدا من أهل السنة، ولا من المتكلمين يصف الله -تعالى- بأنه توحد بجميع الجهات.
فالسلف -أهل السنة- يقولون: إنه -تعالى- فوق العرش الذي هو أعظم المخلوقات، وهو فوق السموات، والله -تعالى- فوق عرشه، كما قال -تعالى-:{يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ} 1 {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} 2 في سبعة مواضع،
1 سورة النحل آية: 50.
2 سورة طه آية: 5.
{تَعْرُجُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ} 1 {يا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ} 2.
وأمثال هذه الأدلة في الكتاب والسنة كثير تدل على أن الله -تعالى- فوق عرشه، وأنه ليس في الجهات، وأدلة علو الرب تبارك وتعالى على عرشه كثيرة في الكتاب والسنة.
وأما أهل البدع من الجهمية، ومن سلك سبيلهم، فيقولون: إنه -تعالى- حال في كل شيء، تعالى الله عما يقولون علواً كبيراً، لكنهم لم يقولوا بقول أهل الاتحاد: إن الذي هو حال فيه هو عينه، بل يقولون: إنه غيره، وأما أهل الوحدة فيقولون: إنه الوجود بعينه، وهو قول هذا الرجل، كما يدل عليه بقية كلامه.
وأما الأشاعرة فأخلوه -تعالى- من جميع الجهات، ولم يثبتوا علوه على خلقه، واستواءه على عرشه 3 فخالفوا السلف، وأهل السنة، ولم يؤمنوا بما في كتاب الله، ولا
1 سورة المعارج آية: 4.
2 سورة آل عمران آية: 55.
3 لم يثبتوه كما أثبته السلف بمعناه العربي من غير تمثيل ولا تعطيل ولا تأويل، بل أولوه بما ينافي ما أرادوه من التنزيه، فقالوا: استولى على العرش. فيقال لهم: إن كان استيلاؤه عليه كاستيلاء بشر على العراق ونحوه، فهذا عين التشبيه الذي تفرون منه، وان كان استيلاء يليق به لا كاستيلاء الملوك وغيرهم على البلاد، فلم لا تقولون هذا في اللفظ الوارد في كتاب الله، كما قال السلف، والحال أن لفظكم يرد عليه من الاعتراض ما لا يرد على لفظ كتاب الله، وذلك من وجهين:"أحدهما": أنه لا يقال: إن فلانا الملك، أو القائد استولى على بلد كذا إلا إذا انتزعه من خصم له كان مستولياً عليه قلبه، "ثانيهما": أن عطف الاستواء على خلق السموات والأرض بثُمّ يفيد أن الاستيلاء على العرش حصل بعد خلق السموات والأرض، والحق أنه كان مستولياً عليه ومالكا له قبل ذلك، أي منذ خلقه، وهذا لا يرد على نص التنزيل على طريقة السلف كما هو ظاهر، ولا على طريقتكم في التأويل؛ لأن الاستواء في اللغة يدل على معنيين: العلو والتدبير الذي ورد في آية: {استوى على العرش يدبر الأمر} ، فإنه لا محذور في العطف بثم على هذين المعنيين. إذ حاصلة أنه -تعالى- لما خلق السموات والأرض، وتحقق بذلك متعلق صفة الملك، تحقق بعده كل من علوه -سبحانه- على مجموع هذا الملك وتدبيره له، وهو معنى استوائه على العرش، فإن رتبة العلو على الملك وتدبيره مرتبة على خلقه وإيجاده، وإنما التراخي بثم هنا في الرتبة لا في الزمن. وكتبه محمد رشيد رضا.
في سنة رسوله من أدلة العلو، ويلزمهم على هذا لوازم ليس هذا محل ذكرها.
وإنما أردنا بيان طريقة هذا الرجل، وما دل عليه كلامه لقول أهل الاتحاد، وليس في الكتاب والسنة، ولا في كلام سلف الأمة أن الله -تعالى- متوحد بجميع الجهات، بل الذي في القرآن:{وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ} 1.
ومعناه: أنه -تعالى- اختص بالإلهية دون كل ما سواه؛ فهو الذي تؤلهه القلوب محبة وذلا وعبودية، وتعظيما، ودعاء ورجاء، وغير ذلك من أنواع العبادة التي لا تصلح إلا له، وكل إله سواه فهو باطل، فالإلهية صفته التي لا يصح أن يوصف بها غيره إلا على وجه الإنكار لها ونفيها، وهذا هو التوحيد الذي بعث الله به رسله، وأنزل به كتبه، وفي سورة الإخلاص:{قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} 2 أي لا شبه له، ولا مثل له، ولا ند له، ولا كفو له، بل هو الكامل في ذاته وصفاته، لا إله غيره ولا رب سواه، فهذا هو التوحيد العلمي الذي يجب اعتقاده.
بيان القرآن لتوحيد الألهية والربوبية وإلحاد المبتدعة
والقرآن يقرر هذا التوحيد، ويبين أنه الإله الحق، كما قال -تعالى-:{ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ} 3 وهذا هو التوحيد في الإلهية، ويبين توحيده في ربوبيته بقوله -تعالى-:{ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ} 4 وقوله: {قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ} 5 إلى قوله: {فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ فَقُلْ أَفَلا تَتَّقُونَ} وهذا التوحيد الثاني قد أقر به مشركو العرب وغيرهم، لكنهم جحدوا التوحيد العملي؛ توحيد العبادة، فصار إقرارهم بهذا النوع حجة عليهم فيما جحدوا، كما قال -تعالى-:{مَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ} 6.
قال علماء الصحابة والسلف والمفسرون: تسألهم مَن خلق السموات والأرض؟ فيقولون: الله، فذلك إيمانهم، وهم مع ذلك يعبدون غيره، فذلك شركهم.
وأما توحيده -تعالى- في أسمائه التي هي أوصافه -تعالى-، فالسلف وأهل السنة يثبتون ما أثبته الله في كتابه، وما أثبته رسوله في سنته، على ما يليق بجلال الرب
1 سورة البقرة آية: 163.
2 سورة الإخلاص آية: 1.
3 سورة الحج آية: 62.
4 سورة يونس آية: 3.
5 سورة يونس آية: 31.
6 سورة يوسف آية: 106.
-تعالى- وعظمته، إثباتا بلا تمثيل، وتنزيها بلا تعطيل، كما قال -تعالى-:{لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} 1.
وأما أهل البدع فألحدوا في هذا التوحيد؛ فمنهم من نفى ما دلت عليه الصفات من كمال الرب، ومنهم من تأولها تأويلات بعيدة تخالف ما دلت عليه من المعاني المعروفة في اللغة، ولسان الشرع، والفطر والعقول الصحيحة.
فتدبر -أيها الطالب للعلم والهدى- والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم، إذا عرفت ذلك، وتميز الحق من الباطل عند من طالع في هذا الجواب، فليعلم أن أهل السنة والجماعة لا يطلقون على الله -تعالى- لفظ الجهة؛ لعدم وروده في الكتاب والسنة، وإنما يطلقون على الله -تعالى- ما ورد، فيقولون: إنه -تعالى- استوى على عرشه استواء يليق بجلاله وعظمته، ويقولون: إنه فوق العرش، وأنه على عرشه -تعالى- وتقدس، ويثبتون له العلو من جميع الجهات، علو القهر، وعلو القدر، وعلو الذات، ولا يبخسونه واحداً منها، كما قال -تعالى-:{وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلا يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ} 2 وهذا في عدة مواضع من القرآن.
فلله الحمد لا نحصي ثناء عليه، هو كما أثنى على نفسه، وفوق ما يثني عليه خلقه.
الزعم بأن الإله في كلمة التوحيد كلي مطلق
وأما قوله: "إن لا إله إلا الله إنما نفت كليا في الذهن، لا يوجد منه في الخارج إلا فرد، وهو المستثنى" فهذا تحريف فاسد لمعنى كلمة الإخلاص، لم يسبقه إليه أحد من مشركي الأمم، ولا يقدر أحد على هذا التحريف الذي لا أفسد منه، فإن "لا" إنما وضعت لنفي أفراد الجنس الموجودة في الخارج، ولم توضع لمقدرات الذهن التي لا يوجد لها أفراد، وهذا أمر معروف بالضرورة. واليهود الذين وصفهم الله -تعالى- بكونهم يحرفون الكلم عن مواضعه لا يقدر أحد منهم على مثل هذا التحريف، الذي هو من أعظم التحريف وأبعده عن الإسلام والإيمان، والرسل والكتب،
1 سورة الشورى آية: 11.
2 سورة البقرة آية: 255.
وهذا الكلي الذي قدره هؤلاء في الذهن لا حقيقة له، بل هو كذب محض، وجناية على أصل دين الإسلام، وإبطال لمعنى هذه الكلمة العظيمة التي هي أساس الدين، وهذا من عظيم كفر هذه الطائفة الاتحادية.
ومن المعلوم عند كل طائفة أن "لا" النافية للجنس لم توضع لما يقدر في الأذهان، بل وضعت لغة لنفي أفراد الجنس الموجود في الأعيان، والخيالات الذهنية، لم يوضع لها شيء من الأدوات أصلا؛ لأنها خيال ذهني كاذب.
وقد مثل ما ذهب إليه بقوله "لا شمس إلا الشمس" يعني أنه قدر في ذهنه أن هناك شموساً انتفت بلا، واستثنى منها الفرد الموجود، وهذا كذب محض، فما ليس في الوجود لا يصح تقديره موجوداً ينتفي بلا، بل هو منتف في نفسه أصلا، فكيف يدعي أن "لا" نفت ما لا وجود له من تخيلات الأذهان التي هي كذب محض.
وهذه الطائفة حاولوا إبطال معنى لا إله إلا الله الذي جاءت به الكتب والرسل من نفي عبادة الأصنام والأنداد، التي دلت العقول الصحيحة والفطر السليمة، والرسل والكتب على نفيها وإبطالها، وعلى ما حرفته هذه الطائفة لم يبق من الإسلام والإيمان حبة خردل، بل هو كفر؛ لأنه لم ينف وثنا ولا صنما، والرسل والكتاب تنفي ذلك كله بكلمة الإخلاص، وقد أراد بذلك أن يفتن الجهال، فوقى الله شره، فلله الحمد على ذلك.
وأيضاً فقد تناقض بدعواه أن هذا الفرد الموجود قد انتفى بلا، ثم أثبت بلا، وهذا تناقض ظاهر لا يصدر إلا ممن لا يدري ما يقول، وكل صاحب باطل فلا بد أن يأتي بكلام يناقض بعضه بعضاً.
كلمة التوحيد تنفي آلهة الباطل المتخذة وتثبت الإله الحق
وأما قول هذا الأعجمي: الإله هو المعبود غير مقيد بقيد الحقيقة أو البطلان "فالجواب": لا يخفى أن هذا قول في غاية الفساد والمغالطة، فالعناد لا يؤخذ
منه معنى ويستفاد، ولا صدر عن دراية ولا عن رواية، بل ولا تقليد، بل هو عن الصواب بمكان بعيد، بل هو زعم كاذب، لا أصل له في كلام أحد من طوائف الأمة، قد خالف اللغة والمنقول والمعقول.
بيان ذلك: أن أسماء المسميات موجودة في سابق علم الله -تعالى- قبل وجود مسمياتها، كاسم الجنس، وعلم الجنس، والمتواطئ، والمشترك، والأعلام ونحو ذلك، ثم إن الله -تعالى- علم آدم الأسماء كلها، كما قال -تعالى-:{وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلائِكَةِ فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلاءِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} 1.
وجميع اللغات إنما وجدت بإلهام من الله -تعالى- ولم يحدث لها بعد ذلك تغيير ولا تقييد بعد الوضع الأول، وكل اسم وضع على مسماه، فمنها ما هو مشترك بين الحق والباطل، كاسم الإله فإنه يقع على كل معبود. إذا ألهه العبد بالعبادة صار مألوها، فإن كان الذي ألهه العبد بالعبادة هو الله وحده فهو الإله الحق، وهذا وصفه تعالى فيما لم يزل ولا يزال كما قال -تعالى-:{وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ} 2 وقال -تعالى-: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ} 3 الآية، ولها نظائر في القرآن. فإن اتخذ العبد معبودا سوى الله فقد ألهه بالعبادة وصار باطلا كما في قوله:{وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ} وهذا هو الأصل في وضع هذا الوصف لم يتغير إطلاقه عن الأصل على الإله الحق سبحانه.
وأما إطلاقه على غيره فمن جهة فعل العبد إذا ألَّه غير الله بالمحبة والإجلال، والخضوع والذل، والتوجه ودعائه، وغير ذلك من أنواع العبادة، فيكون قد ألهه بذلك، وشبهه بالإله الحق بعبادته له، فأطلق عليه بهذا الاعتبار، كما قال -تعالى-:{أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ هَذَا ذِكْرُ مَنْ مَعِيَ وَذِكْرُ مَنْ قَبْلِي} 4 الآية.
فبين -تعالى- أن إلهيتها ليست بحق، والحق ما قام عليه البرهان. وقال -تعالى-: {وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لِيَكُونُوا لَهُمْ عِزّاً كَلا سَيَكْفُرُونَ بِعِبَادَتِهِمْ وَيَكُونُونَ
1 سورة البقرة آية: 31.
2 سورة البقرة آية: 163.
3 سورة الحج آية: 62.
4 سورة الأنبياء آية: 24.
عَلَيْهِمْ ضِدّاً} 1.
ففي هذه الآية بيان: أن الإلهية هي العبادة، قال -تعالى-:{وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لَعَلَّهُمْ يُنْصَرُونَ} 2 فسماهم -تعالى- آلهة، وأخبر عن عجزهم عن نصرة أنفسهم، فضلا عن غيرهم.
وقد فسر الله هذه الكلمة العظيمة في مواضع من كتابه بأوضح بيان، وأظهر برهان، يعرف ذلك من طلبه، وبالله التوفيق.
وهذا الذي ذكرناه هو العلم الذي يستفاد منه التوحيد، وهذه الآلهة التي تعبد من دون الله هي المنفية بلا إله إلا الله، فلا بد من نفيها بالقول والفعل والاعتقاد، وأما ما ذكره هذا الأعجمي فلا يفيد إلا التخبيط والتخليط، وإدخال الشك على من لا بصيرة له، ولا مقاربة في الفهم ولا تسدد، فالحمد لله الذي دفع عن المسلمين فتنته وبليته، وأظهر لأهل العلم طويته.
وأنت -أيها المغرم بحبه- فتش كلامه هذا الذي ذكرناه وانظر إلى ما تأخذه منه، فإنك لا تجد فيه ما ينفعك، وما إخالك تسلم، فإنك عرفت أنه إنما يتكلم بجهل محض لا يعرف عن أحد من طوائف الأمة، بل هو من تخاليط الجهال، وأرباب الضلال، وإلى الله -تعالى- نرغب في هداية قلوبنا، ومغفرة ذنوبنا، وهو المستعان، وعليه التكلان.
وأما قوله: إذ اشتقاقه من ألّهه إذا عبده، يوجب اتحاده معه في المعنى.
"فالجواب": هذا لا يصلح تعليلا لقوله: غير مقيد بقيد، بل هو إلى كونه مقيداً أقرب، فإن المشتق والمشتق منه
لا بد أن يكون متضمنا لمعناه الذي وضع له على ما كان هو عليه في أصل الوضع، وهذا أمر بين لمن له أدنى معرفة بما ذكره العلماء -رحمهم الله تعالى- في أصل وضع اللغة، وهذا لا يلتبس إلا على جاهل؛ لا معرفة عنده، ولا بصيرة له.
وقوله يوجب اتحاده معه في المعنى، هذا لا يفيد معنى الاشتقاق، فلو كان له
1 سورة مريم آية: 81، 82.
2 سورة يس آية: 74.
معرفة لبين معنى اتحاد المشتق مع المشتق منه، وذلك لعدم معرفته بحقيقة ما تكلم به.
إذا عرفت ذلك فقد ذكر العلماء- منهم ابن القيم -رحمه الله تعالى- ما يبين حقيقة الاشتقاق فقال: ونحن لا نعني بالاشتقاق إلا أنها ملاقية لمصادرها في اللفظ لا أنها متولدة منه، تولد الفرع من أصله. وتسمية النحاة للمصدر، والمشتق منه أصلا وفرعا، ليس معناه أن أحدهما متولد من الآخر، وإنما هو باعتبار أن أحدهما يتضمن الآخر وزيادة. اه.
نفي أعيان المعبودات وإبطالها وإزالتها وجعل الله هو المعبود وحده
ثم إن هذا الرجل لما سمع بما كتبته من الرد عليه، أجاب بقوله: قلنا: إنما يلزم هذا لو أريد بالمستثنى منه فرد خاص جزئي، وإنما أريد منه المفهوم العام المتناول لأفراد المعبود بحق سواء كانت في الذهن أو في الخارج.
"فالجواب": أن من تأمل كلام هذا علم أن هذا الكلام مع تناقضه يصرح بما ذهب إليه من الاتحاد، وذلك أنه قال: إنما يلزم هذا لو أريد بالمستثنى منه فرد خاص جزئي، وإنما أريد منه المفهوم العام، فصرح بأن المراد من المستثنى منه المفهوم العام، وهذا هو معنى قوله الأول: إن لا إله إلا الله إنما نفت مفهوما، ولم تنف ما نفاه الخليل عليه السلام وإخوانه من الرسل، وجميع ما في القرآن والسنة، فإن المنفي في ذلك أشخاص موجودة عند عابديها، كأصنام قوم نوح، وكاللات، والعزى، ومناة، ونحو ذلك مما كان يعبده الأمم.
وهذا هو الذي نفته كلمة الإخلاص لا إله إلا الله، نفت أن يكون لله شريك في الإلهية من جميع ما كان يعبده أهل الشرك كما قال -تعالى- عن قوم إبراهيم:{قَالُوا نَعْبُدُ أَصْنَاماً فَنَظَلُّ لَهَا عَاكِفِينَ} 1 وقال -تعالى-: {وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرائيلَ الْبَحْرَ فَأَتَوْا عَلَى قَوْمٍ يَعْكُفُونَ عَلَى أَصْنَامٍ لَهُمْ} 2 إلى قوله: {أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِيكُمْ إِلَهاً} 3 الآية.
1 سورة الشعراء آية: 71.
2 سورة الأعراف آية: 138.
3 سورة الأعراف آية: 140.
فليس المراد بالنفي في كلمة الإخلاص مفهوما، وإنما المنفي بها أعيان المعبودات، وإبطال عبادتها وإزالتها، وجهاد الخلق على أن يكون الله وحده معبودهم، دون كل معبود.
وقد حصل ذلك لما فتح الله على رسوله مكة، فأزال كل صنم حول الكعبة، وهي ثلاثمائة وستون صنما، وبعث علي بن أبي طالب إلى مناة فهدمها، وبعث خالد بن الوليد إلى العزى مرتين، فقطع الشجرة، وهدم البناء.
ولما أسلم أهل الطائف بعث المغيرة بن شعبة فهدم اللات، فلم يبق في جزيرة العرب من الأصنام والأوثان شيء إلا أزاله صلى الله عليه وسلم وقد بعث جرير بن عبد الله إلى ذي الخلصة فهدمه، فصارت كلمة الله هي العليا.
فلله الحمد على ما أكمل للأمة من دينه الذي بعث به رسوله صلى الله عليه وسلم فأنزل الله على نبيه صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع، وهو بعرفة:{الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْأِسْلامَ دِيناً} 1 كما صرح به القرآن في هذه الآيات ونحوها. وهذه الأصنام ونحوها هي التي تجب البراءة منها، ومن عابديها؛ لقول الخليل عليه السلام {إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ إِلا الَّذِي فَطَرَنِي} 2 الآية، فتبرأ مما كانوا يعبدون بالقول والفعل، ولم يكونوا يعبدون مفهوما محله الذهن، وقال -تعالى-:{إِنَّمَا اتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْثَاناً مَوَدَّةَ بَيْنِكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} 3 إلى قوله: {وَمَا لَكُمْ مِنْ نَاصِرِينَ} 4.
فمن قال: إن المستثنى منه مفهوم عام فقد خالف الكتب والرسل، ولم يدر ما معنى هذه الكلمة العظيمة، ثم إن هذا القول منه يقتضي أن هذه الأصنام والأوثان التي يعبدها المشركون ليست منتفية بكلمة الإخلاص، فيلزمه أن تكون تلك الأوثان والأصنام ثابتة غير منتفية، إذا كان النفي مفهوما عاما فغيره على قوله، ولم ينف هذا -لم يقل به- إلا أهل الاتحاد خاصة.
وأما طوائف أهل الشرك فهم يعتقدون أن الرسل إنما نهتهم عن عبادة
1 سورة المائدة آية: 3.
2 سورة الزخرف آية: 26، 27.
3 سورة العنكبوت آية: 25.
4 سورة العنكبوت آية: 25.
ما كانوا يعبدونه من تلك الأشخاص التي تألهتها قلوبهم، هذا القول مبني على ما تقدم من كلام أهل الوحدة القائلين: بأن مسمى الله هو الوجود بعينه، فكل شيء يوجد في الخارج فهو الله، وبهذا وسمهم العلماء بأنهم أكفر أهل الأرض.
ثم إنه قال: وإنما أريد منه المفهوم العام المتناول لأفراد المعبود بحق، فجعل المستثنى منه يتناول أفراد المعبود بحق، فجعل للمعبود بحق أفرادا، ولهذا قال سواء كانت في الذهن أو في الخارج، فانظر كيف جعل للمعبود بحق أفرادا، وهذا كفر صريح؛ فإن المعبود بحق هو الله وحده لا شريك له في ذلك، كائنا ما كان.
التوحيد الذي دعا إليه جميع الرسل
ثم يقال: كيف يكون معبوداً بحق، وهو منفي بلا النافية للجنس؟ فإذا انتفت إلهيته بطل أن تكون حقا، وتعين أن المستثنى هو الحق خرج من المنفي بأداة الاستثناء، كما قال -تعالى-:{إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْقَصَصُ الْحَقُّ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلا اللَّهُ وَإِنَّ اللَّهَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} 1 فهذا هو التوحيد الذي دعت إليه الرسل، ولم يفهم أهل الشرك من دعوة الرسل إلا هذا التوحيد، وهو إفراد الرب -تعالى- بالإلهية كما أخبر -تعالى- عن المشركين أنهم قالوا:{أَجَعَلَ الآلِهَةَ إِلَهاً وَاحِداً إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ} 2 وأخبر عن قوم هود أنهم قالوا: {أَجِئْتَنَا لِنَعْبُدَ اللَّهَ وَحْدَهُ} 3.
ولم يقل أحد من الأمم أن المستثنى له أفراد كلها حق، وهذا القول ينافي ما تقدم له في ورقته من قوله: إن المنفي بلا كلي منوي، لا يوجد منه في الخارج إلا فرد واحد وهو المستثنى، وهو يناقض كلامه هنا، مع أنه باطل في نفسه.
فإن قال لنا قائل: المشركون كانوا يعتقدون في آلهتهم أنها حق. قلنا: هذا هو الذي أنكرته الرسل على الأمم؛ فإن الله لم يبعثهم لإبطال ما كان يفعله أهل الشرك مع آلهتهم التي يعبدونها من دون الله، ولم يجحدوا معنى ما دعتهم الرسل إليه، لكن هم لم يتركوا عبادة آلهتهم التي كانوا يعبدونها مع الله، وهؤلاء جحدوا المعنى الذي دلت عليه لا إله إلا الله كما قد عرفت، فخالفوا الرسل والأمم في معنى ما دعت إليه
1 سورة آل عمران آية: 62.
2 سورة ص آية: 5.
3 سورة الأعراف آية: 70.
الرسل من نفي الإلهية عما سوى الله بأداة النفي في كلمة الإخلاص، وخالفوهم في إثبات الإلهية لله وحده، وقالوا: كل شيء هو الله، كما تقدمت الإشارة إليه عن إمامهم ابن عربي من قوله:
وعبَّاد عجل السامري على هدًى
…
ولائمهم في اللوم ليس على رشد
بناء منه على مذهبه الخبيث الذي تقدم بيانه، وقالوا: إن لا إله إلا الله لم تنف شيئاً موجوداً في الخارج، بل كل ما في الخارج من الأصنام وغيرها فهو الله، فلهذا صاروا أكفر الطوائف؛ لأنهم جعلوا المخلوقات هي عين الخالق، وهذا لم يقله أحد ممن تقدم من طوائف أهل الشرك، إلا ما كان من الفلاسفة، فإن قولهم يضاهي قول هؤلاء، قاتلهم الله، ولا حاجة بنا إلى ذكر مذهبهم.
ولولا أنا قد ابتلينا بهذا الملحد في بلدنا، لما تجاسرنا على أن نحكي ما كانوا عليه من الضلال، وقد قال -تعالى- عن قوم هود:{أَجِئْتَنَا لِنَعْبُدَ اللَّهَ وَحْدَهُ} 1 فدل على أنهم يعبدونه -تعالى- لكنهم أبوا أن يفردوه بالعبادة، وعرفوا أنه غير معبوداتهم.
وكذلك مشركو العرب أقروا لله -تعالى- بربوبيته، وأن الخلق خلقه، وهو الذي خلقهم وحده، كما قال -تعالى-:{وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ} 2 ولما قال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم "أريد منكم كلمة واحدة، قولوا: لا إله إلا الله" 3 فقالوا: {أَجَعَلَ الآلِهَةَ إِلَهاً وَاحِداً إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ} 4 فأنكروا ما دعاهم إليه من أن لا يجعلوا لله شريكا في الإلهية التي هي العبادة.
فبهذا وأمثاله مما في القرآن يتبين أن أهل الاتحاد، والفلاسفة قد أربوا في كفرهم على كل كافر.
وذكر شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله عن هاتين الطائفتين -أعني الفلاسفة، وأهل الوحدة- أنهم أخذوا أسماء جاء بها الشرع، ووضعوا لها مسميات مخالفة لمسميات صاحب الشرع، ثم صاروا يتكلمون بتلك الأسماء، فيظن الجاهل أنهم
1 سورة الأعراف آية: 70.
2 سورة الزخرف آية: 87.
3 الترمذي: تفسير القرآن "3232" ، وأحمد "1/227".
4 سورة ص آية: 5.
قصدوا ما قصده صاحب الشرع، فأخذوا مخ الفلسفة، فكسوه ثوب الشريعة، وهذا كلفظ الملك والملكوت والجبروت، واللوح المحفوظ، والشيطان، والحدث والقدم، وغير ذلك، وقد ذكرنا من ذلك طرفا في الرد على الاتحادية، لما ذكرنا قول ابن سبعين وابن عربي، وما يوجد في كلام بعض الناس من أصول هؤلاء الفلاسفة والملاحدة الذين حرفوا كلام الله ورسوله عن مواضعه، كما فعلت القرامطة الباطنية. اه.
المراد بالجنس المنفي بكلمة التوحيد
قلت: وقد ذكر إبراهيم بن سعد الكوراني تحريفهم لمعنى لا إله إلا الله، ذكر أنهم اشترطوا في {لا" النافية للجنس في هذه الكلمة شرط الوحدة؛ فجعلوا الجنس المنفي واحداً، لا يوجد إلا ذهنا.
وردّ رحمه الله هذا القول بأن قال:
"أما أولا": فالمراد بالجنس المأخوذ بلا شرط، وهو الصالح للصدق على الأفراد، يعني المنفية بلا إله إلا الله فهي صادقة بنفي كل فرد مما كان يعبد من دون الله.
قال: "وأما ثانيا": فإن الكلام يخرج عن إفادة التوحيد بالكلية؛ لأن حاصله حينئذ: هذا الجنس المأخوذ بشرط الوحدة الذهنية المغايرة لله -تعالى- منتف، وليس هذا من التوحيد في شيء، ولا شم من رائحة الدلالة عليه.
"ويقال: ثالثا": إن أريد أن هذا الجنس منتف في الذهن فهو قطعي البطلان، إذ كل من ينطق بهذا التوحيد مستحضر لمعناه، وقد تحقق هذا الجنس في ذهنه، فكيف يصح نفيه؟ وعلى كل حال فلا يصح تفسيرا لهذه الكلمة؛ لأن المراد من لا إله إلا الله هو الدلالة على توحيد الإلهية، وهذا معلوم بالضرورة، وعلى تفسيرهم يكون بينهم وبين الدلالة على التوحيد بُعْد المشرقين. اهـ.
فذكر رحمه الله تعالى حقيقة قول هؤلاء الملاحدة، وأنهم حملوا معنى كلمة الإخلاص على معنى بعيد من معناها الذي وضعت له شرعاً ولغة، وفطرة وعقلا، وأنهم أبطلوا دلالتها على التوحيد الذي يفهمه منها كل أحد من علماء المنقول والمعقول.
وهذا القول الذي أبطله رحمه الله وبيّن بُعْده عن التوحيد، هو بعينه قول هذا الرجل الذي يقول: إنه من بخارى، فموّه على الجهلة بما يوقعهم في الإلحاد، ويبعدهم
عن التوحيد الذي دعت إليه الرسل، فهذه بلية عظيمة، وقى الله المسلمين شرها.
تفسير ابن القيم والرازي لكلمة التوحيد
وأما التوحيد الذي بعث الله به رسله، فنذكر من كلام العلامة ابن القيم رحمه الله ما يدل عليه؛ لأنه هو وشيخه من أحسن من عبر عن معنى هذه الكلمة على مقتضى ما دل عليه القرآن والسنة، قال رحمه الله:
نظير هذا اشتمال كلمة الإسلام، وهي شهادة أن لا إله إلا الله على النفي والإثبات، فكان في الإتيان بالنفي في صدر هذه الكلمة من تقرير الإثبات، وتحقيق معنى الإلهية، وتجريد التوحيد الذي يقصد بنفي الإلهية عن كل ما ادعيت فيه سوى الإله الحق تبارك وتعالى، فتجريد هذا التوحيد من القلب واللسان بتصور إثبات الإلهية لغير الله، كما قال أعداؤه المشركون، ونفيه وإبطاله من القلب واللسان، من تمام التوحيد وكماله وتقريره، وظهور أعلامه، ووضوح شواهده، وصدق براهينه.
وقال الفخر الرازي في معنى لا إله إلا الله: التحقيق أن المضمر المرفوع بلا راجع بالحقيقة إلى نفي الأعيان التي سموها آلهة، من حيث إنها آلهة لا إلى وجودها في حد ذاتها ضرورة أنها موجودة في الخارج، بالفعل محسوسة. وحاصله نفي كل فرد إله من تلك الحيثية غير الله، راجع إلى نفي الألوهية عن كل موجود غير الله. انتهى.
{قلت": وحقيقتها إبطال إلهية كل ما يؤله من الأعيان بأي نوع كان من أنواع العبادة؛ كأصنام قوم نوح، والأمم بعدهم، ولما فتح الله مكة لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم أزال كل ما فيها من صنم، وهي ثلاثمائة وستون صنما، وبعث علي بن أبي طالب إلى مناة فهدمها، وبعث خالد بن الوليد إلى العزى فهدمها، وقطع الشجرة، ولما أسلمت ثقيف بعث المغيرة فهدم اللات -كما تقدم-.
فأبطلت هذه الكلمة عبادة كل ما عبد من دون الله، أو يعبد من جميع الأعيان، ولو تتبعنا ما في القرآن من بيان معنى هذه الكلمة، وما قاله العلماء في معناها لاحتمل جزءاً، وفي الإشارة إلى ذلك كفاية لمن رغب في معرفة التوحيد الذي دلت عليه الآيات المحكمات، وقد غلط في مسماه طوائف لا يحصيهم إلا الله -تعالى-، والحمد لله على تمييز الحق من الباطل، لا نحصي ثناء عليه، وصلى الله على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه وسلم تسليما كثيراً إلى يوم الدين، والحمد لله رب العالمين.