المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌مسائل وفتاوي أخرى لبعض علماء نجد - مجموعة الرسائل والمسائل النجدية (الجزء الرابع، القسم الثاني)

[مجموعة من المؤلفين]

فهرس الكتاب

- ‌النبذة الشريفة النفيسة في الرد على القبوريين للشيخ حمد بن ناصر

- ‌رسالة تنزيه الذات والصفات من درن الإلحاد والشبهاتلبعض علماء نجد

- ‌رسالة فيما هو الميثاق الذي أخذ الله على بني آدم

- ‌مسائل وفتاوى فقهية في الطهارة والجمعة والأضحية والتغليس والوقف واللقطة والتغليس والوقف واللقطة والصّلح للشيخ حسن بن حسين

- ‌الرد على المدعو عبد المحمود البخاري فيما موّه به من أقوال الإتحادية والمشركين لأحد علماء نجد

- ‌رسالة في العهد والأمان لبعض علماء نجد

- ‌مسائل وفتاوى في الطلاق والخلع، والشهادات والعينة، وشروط الصلاة وغيرهالأحد علماء نجد

- ‌مسائل وفتاوى فقهية لبعض علماء نجد

- ‌مسائل وفتاوي أخرى لبعض علماء نجد

- ‌مسائل وفتاوى في القراءة لأحد علماء نجد

- ‌مسائل وفتاوى في الطلاق والعدة والإجارة والثمار والعاقلة والتيمم للشيخ سعيد بن حجي

- ‌رسالة في الرد على صاحب جريدة القبلة لأحد علماء نجد

- ‌الكلام المنتقى مما يتعلق بكلمة لا إله إلا الله للشيخ سعيد بن حجي

- ‌مسائل وفتاوى ويليه رسالة في دحض شبهات على التوحيد من سوء الفهم لثلاثة أحاديث

- ‌رسالة في حكم من يكفر غيره من المسلمين والكفر الذي يعذر صاحبه بالجهل للشيخ عبد الله بن عبد الرحمن

- ‌فتاوى ومسائل فقهية مختلفة "لبعض علماء نجد

الفصل: ‌مسائل وفتاوي أخرى لبعض علماء نجد

‌مسائل وفتاوي أخرى لبعض علماء نجد

بسم الله الرحمن الر حيم

الحمد لله والصلاة والسلام على خير خلق الله وعلى آله وأصحابه الذين كانوا نصرة لدين الله.

"المسألة الأولى" ما قولكم فيمن ترك السنة 1 من غير استخفاف ما حكمه؟.

"الجواب" الذي ذكر أهل العلم أن من ترك السنة وداوم عليها من غير استخفاف بها أنه يكون ناقصا ولا تقبل شهادته.

الرواتب كم قدرها ووقتها وأيها أفضل

"الثانية" ما قولكم في الرواتب كم قدرها ووقتها وأيها أفضل؟

"الجواب" ثبت في الصحيحين عن عبد الله بن عمر قال: "حفظت من رسول الله صلى الله عليه وسلم عشر ركعات: ركعتين قبل الظهر وركعتين بعدها وركعتين بعد المغرب وركعتين بعد العشاء وركعتين قبل صلاة الصبح"وفي حديث في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم -يصلي قبل الظهر أربعا"2 فيحتمل أنه كان يصلي تارة أربعا قبل الظهر وتارة ركعتين. وذكر العلماء أن آكد التطوع الكسوف، ثم الوتر ثم ركعتا الفجر؛ لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم -لم يدعهن لا حضرا ولا سفرا.

المسند والمرسل معناهما وأيهما أقوى

"الثالثة" المسند والمرسل أيهما أقوى.

"الجواب" إن المسند أقوى من المرسل؛ وذلك لأن المسند ما اتصل سنده إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم -فإذا كان رجال المسند كلهم ثقات وليس فيه شذوذ؛ فأجمع العلماء

1 أي من الصلاة النافلة وهي التي تسمى الرواتب. وليس المراد السنة بمعنى الهدي النبوي والطريقة الشرعية.

2 الترمذي: الصلاة "424".

ص: 802

على الاحتجاج به 1 إذا لم يعارض بمثله أو أقوى منه، وأما المرسل؛ فهو ما يرويه التابعي عن النبي صلى الله عليه وسلم -كقول الحسن: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم -كذا.

وقول محمد بن شهاب الزهري: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو قول عطاء: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسقط الصحابي بينه وبين الرسول صلى الله عليه وسلم وكثير من أهل العلم لا يحتج بالمرسل إلا إذا اتصل وأسند من وجه صحيح، فإذا كان ذلك كذلك تبين لك أن المسند أقوى وأصح من المرسل بكثير.

"الرابعة" ما قولكم في معناهما؟.

"الجواب" يتبين لك من جواب المسألة قبلها. ومن أصح المراسيل عندهم مراسيل سعيد بن المسيب القرشي المديني عالم المدينة. وقيل: إنه عالم التابعين وأفضلهم، رضي الله عنه.

ترجيح الحديثين المتعارضين في الأمر والنهي

"الخامسة" إذا جاء خبران عن النبي صلى الله عليه وسلم -أحدهما يدل على الأمر، والآخر يدل على النهي أيهما أرجح؟.

"فالجواب" أن الراجح ما صح سنده إلى النبي صلى الله عليه وسلم بنقل العدول الثقات الضابطين، فإن قدر اتحادهما في الصحة، فإن أمكن معرفة الآخر منهما أخذ بالآخر؛ لأنه هو الناسخ، وإنما يؤخذ بالآخر، فالآخر من فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم أو قوله، فإن لم يمكن معرفة ذلك وأمكن الجمع بينه جمع بينهما، فإن لم يمكن ذلك أخذ بالأحوط، وهو الذي عليه الأكثر من العلماء والفقهاء.

مذاهب العلماء في قراءة البسملة والجهر بها في الصلاة

"السادسة" ما قولكم في حذف البسملة في الصلاة وما الدليل على ذلك؟.

"فالجواب" أن البسملة اختلف الفقهاء فيها، هل هي آية من الفاتحة وغيرها من كل

1 أي في الأحكام العملية من العبادات والمعاملات وإن كان آحاديا.

ص: 803

سورة، أو هي آية من الفاتحة دون غيرها من السور؟ أو ليست من الفاتحة ولا غيرها من السور بل هي آية من القرآن تكتب في أول كل سورة وتقرأ سوى سورة براءة؟.

هذه أقوال ثلاثة، ذهب إلى كل قول طائفة من العلماء، والذي يترجح عندنا القول الأخير، وبه قال الإمام أحمد بن حنبل وغيره من فقهاء الحديث.

وأما الجهر بها في الصلاة؛ فالأحاديث الصحيحة تدل على أن الرسول صلى الله عليه وسلم -كان لا يجهر بها لا هو ولا الخلفاء الراشدون اللهم إلا أن يكون بعض الأحيان، فإنه قد روي في بعض أحاديث كما ثبت ذلك في الصحيح عن أنس بن مالك خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم -وأبا بكر وعمر كانوا يستفتحون القرآن ب {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} 1 في أول القراءة ولا في آخرها، يعنى أن أول ما يجهر به في الصلاة من القرآن {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} 2 وبذلك أخذ الإمام أحمد وجماعة من فقهاء الحديث واستحبوا ترك الجهر بها من غير إنكار على من جهر بها.

رفع اليدين ووضعهما في الصلاة

"السابعة" ما قولكم في الرفع والضم وما الدليل على ذلك؟.

"فالجواب" إن كان مراد السائل رفع اليدين في الصلاة، وجعل اليمين على الشمال في الصلاة، فهذا سنة مؤكدة ثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم -في أحاديث كثيرة في الصحاح والسنن والمسانيد ومن أشهر ذلك حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما المتفق على صحته قال:"كان رسول الله صلى الله عليه وسلم -يرفع يديه حذو منكبيه إذا افتتح الصلاة وإذا أراد أن يركع وإذا رفع رأسه من الركوع".

وأما وضع اليمين على الشمال ففي حديث سهل بن سعد في صحيح البخاري قال: "كان الناس يؤمرون أن يضع الرجل يده اليمنى على ذراعه اليسرى في الصلاة" 3 وإن كان مراد السائل غير ذلك فيبينه بعبارة صحيحة واضحة.

1 سورة الفاتحة آية: 1.

2 سورة الفاتحة آية: 2.

3 البخاري: الأذان "740" ، وأحمد "5/336"، ومالك: النداء للصلاة "378".

ص: 804

التأمين آخر الفاتحة

" الثامنة" ما قولكم في التأمين آخر الفاتحة؟.

" فالجواب" إنه سنة مؤكدة وصح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم -كان إذا قرأ: {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ} 1 قال: آمين يجهر بها، وصح من حديث أبي هريرة أن الله صلى الله عليه وسلم -قال:"إذا قال الإمام: {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ} 2 فقولوا: آمين، فإن من وافق قوله قول الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه" وأجمع العلماء من أهل السنة على استحباب ذلك.

قول المؤذن الصلاة خير من النوم

"التاسعة" ما قولكم في قول المؤذن: "الصلاة خير من النوم" وما الدليل على ذلك؟.

"الجواب" دليله ما رواه أهل السنن قالوا: كان بلال إذا أذن أيقظ النبي صلى الله عليه وسلم -لصلاة الفجر، فقيل له: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم -نائم، فقال: الصلاة خير من النوم، ورفع بها صوته، قال ابن المسيب: فأدخلت هذه الكلمة في أذان الفجر، واتفق الأئمة الأربعة على استحباب ذلك.

دعاء الاستفتاح في الصلاة

"العاشرة" ما قولكم في استفتاح الصلاة بما الناس عليه وما الدليل على ذلك؟.

"فالجواب" أنه قد ثبت في السنن الأربعة "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم -كان يستفتح الصلاة بسبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك، وتعالى جدك ولا إله غيرك"3.

وصح في صحيح مسلم أن عمر كان يجهر بهؤلاء الكلمات يعلمهن الناس في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم -بحضرة الأكابر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم -من المهاجرين والأنصار، فلأجل ذلك أخذ به الإمام أحمد وجماعة من فقهاء الحديث قال أحمد: أنا اختاره وإن استفتح رجل بغيره مما صح عنه صلى الله عليه وسلم فحسن.

1 سورة الفاتحة آية: 7.

2 سورة الفاتحة آية: 7.

3 الترمذي: الصلاة "243"، وأبو داود: الصلاة "776"، وابن ماجه: إقامة الصلاة والسنة فيها "806".

ص: 805

أول من وضع علم النحو

"الحادية عشرة" ما قولكم في النحو، هل شيء جاء في الاجتهاد أم لا؟.

"الجواب" إن علم النحو وضعه بعض العلماء بسبب تغير لغة العرب، وقيل: إن أول من وضعه علي رضي الله عنه وذلك لأن الله أنزل القرآن والسنة على لغة العرب، فيجب على الأمة معرفة اللغة وضبطها ليعرف بذلك كتاب الله وسنة نبيه عليه الصلاة والسلام.

النسخ في الكتاب والسنة

"الثانية عشرة" هل ينسخ القرآن بعضه بعضا، وهل ينسخ السنة والسنة تنسخه أم لا؟.

"الجواب" الذي عليه أئمة أهل العلم أن القرآن ينسخ بعضه بعضاً، وفيه آيات معروفة منسوخة، والآية التي نسختها معروفة، يعرف ذلك من طلبه من مظانه. وكذلك القرآن ينسخ السنة بإجماع.

وأما نسخ القرآن بالسنة، فالذي عليه المحققون من العلماء أن السنة لا تنسخ القرآن، لكن السنة تفسر القرآن وتبينه وتفصل مجمله، لأن الله امتن على أزواج نبيه بما يتلى في بيوتهن من الكتاب والحكمة، قال كثير من العلماء: كان جبرائيل ينزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم -بالسنة كما ينزل بالقرآن، ولا يسمى ذلك نسخا، بل هو تفسير له وتوضيح وتشريع للأمة؛ لأن الله ضمن لنبيه صلى الله عليه وسلم -جمع القرآن في صدره وبيان معناه كما قال تعالى:{إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ} 1.

رواية الكتاب والسنة بالمعنى

"الثالثة عشرة" هل تجوز رواية الكتاب والسنة بالمعنى أم لا؟.

"الجواب" أما قراءة القرآن بالمعنى فما علمت أحدا يجوز ذلك، وكيف يجوز تغيير كلام الله وتغيير نظمه الذي أعجز الله به جميع الخلق وجعله آية ودلالة باهرة على نبوة محمد صلى الله عليه وسلم؟ هذا لا يقوله أحد. وأما رواية الحديث بالمعنى، فهو مما اختلف

1 سورة القيامة آية:17: 19.

ص: 806

فيه العلماء وأجازه طائفة ومنعه كثيرون من أهل الحديث وغيرهم.

حجية إجماع الصحابة

"الرابعة عشرة" هل إجماع الصحابة حجة وقول الواحد منهم حجة أم لا؟.

"الجواب" إن إجماعهم حجة قاطعة يجب الأخذ بها بالإجماع من أهل العلم، واستدلوا على ذلك بقوله تبارك وتعالى:{وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيراً} 1 وقوله: {وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ} 2 وقوله في أعظم سورة من القرآن: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ} 3 وهم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وأما قول الواحد منهم فهو حجة عند العلماء يأخذ به الإمام أحمد وغيره إذا لم تخالفه مثله، وأما إذا خالفه غيره من الصحابة فليس قول أحدهما حجة على الآخر.

إجماع علماء الإسلام

"الخامسة عشرة" إجماع علماء الإسلام من غير الصحابة حجة.

"الجواب" نعم حجة قاطعة 4 لكن لا يوجد إجماع صحيح إلا وله سند من

1 سورة النساء آية: 115.

2 سورة التوبة آية: 100.

3 سورة الفاتحة آية:6،7.

4 إطلاقه هذا الجواب غريب وأول مخالف فيه الإمام أحمد "رح" فالمشهور عنه أنه لا يحتج إلا بإجماع الصحابة فقد روى عنه أبو داود أنه قال: الإجماع أن يتبع ما جاء عن النبي "ص" وعن أصحابه وهو في التابعين مخير. وروي مثل هذا عن أبي حنيفة، وهو مذهب الإمام داود بن علي، بل روي عن الإمام أحمد أنه يقول بعدم إمكان العلم بالإجماع في عصره أو بعد الصحابة. والقائلون بحجية إجماع العلماء المجتهدين وهم جمهور الأصوليين قد اختلفوا فيه هل هو حجة قطعية أو ظنية أو فيه تفصيل؟ وقوله: إن الأمة لا تجتمع على ضلالة هو معنى حديث مرفوع استدل به القائلون بأنه حجة، ورد المنكرون عليهم بأن خطأ المجمعين قد يكون عن اجتهاد في صحة نص أو في دلالته وهذا لا يسمى ضلالة، على أن إجماع المجتهدين في عصر على شيء ليس إجماعا للأمة كلها، ولا تتسع هذه الحاشية لأكثر من هذا التنبيه.

ص: 807

الكتاب والسنة وإجماع الصحابة وكثير من المسائل يدعى بعضهم فيها الإجماع، وليس هو قول جميع علماء الإسلام، بل يوجد فيها خلاف لبعض العلماء لا يعلمه من حكى الإجماع. وأمة محمد صلى الله عليه وسلم -لا تجتمع على ضلالة بل قد أجارها الله من ذلك.

الواجب من قراءة القرآن في الصلاة

"السادسة عشرة" كم الواجب من القرآن في الصلاة وما الدليل على ذلك؟.

"فالجواب" الواجب من ذلك هو قراءة الفاتحة لا غير لمن قدر على تعلمها واستدلوا على ذلك بقوله صلى الله عليه وسلم: "لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب"1 أخرجه مسلم في صحيحه وفيه دلالة واضحة.

قراءة المأموم في الصلاة

"السابعة عشرة" هل يجب أن يقرأ المأموم لنفسه أم الإمام يتحمل ذلك؟.

"فالجواب " هذه مسألة اختلف العلماء فيها؛ فأوجب طائفة من العلماء قراءة الفاتحة على الإمام والمأموم والمنفرد واستدلوا بالحديث المتقدم، وكرهها آخرون للمأموم في السر والجهر وتوسط فيها آخرون فأوجبوها على الإمام والمنفرد في كل ركعة، واستحبوها للمأموم في الصلاة السرية وكرهوها للمأموم في الجهرية إذا سمع قراءة الإمام، واستدلوا على ذلك بقوله عز وجل {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا} 2 قال أحمد: هذه الآية في الصلاة، وبما روي في الحديث "من كان له إمام فقراءة الإمام له قراءة" 3 وهذا الذي عليه العمل عندنا ونختاره.

قراءة المأموم مع الإمام

"الثامنة عشرة" إذا قرأ المأموم مع الإمام هل تفسد صلاته؟.

"فالجواب" إن صلاته لا تفسد ولا أعلم أحداً قال بفسادها بذلك، بل كرهها من كرهها من العلماء للآية المتقدمة التي قبلها، ولدلائل أخر ليس هذا موضع بسطها ولم يبطلوها بذلك.

1 البخاري: الأذان "756"، ومسلم: الصلاة "394"، والترمذي: الصلاة "247"، والنسائي: الافتتاح "910 ،911"، وأبو داود: الصلاة "822"، وابن ماجه: إقامة الصلاة والسنة فيها "837" ، وأحمد "5/313".

2 سورة الأعراف آية: 204.

3 ابن ماجه: إقامة الصلاة والسنة فيها "850" ، وأحمد "3/339".

ص: 808

حكم صلاة الجماعة والعيدين

"التاسعة عشرة" ما قولكم في صلاة الجماعة والعيد هل هما واجبتان أم مسنونتان؟ وما الدلائل على ذلك؟.

فنقول: أما صلاة الجماعة فاختلف العلماء في وجوبها، وهل هي شرط لصحة الصلاة أو ليست بواجبة ولا شرط لصحة الصلاة، بل سنة مؤكدة؟ فالمشهور عن أحمد وغيره من فقهاء الحديث أنها واجبة على الرجال المكلفين حضراً وسفراً، واستدلوا على ذلك بما ثبت في الصحيحين أن رجالا كانوا يتخلفون عن صلاة الجماعة مع النبي صلى الله عليه وسلم -فهَمَّ صلى الله عليه وسلم -بتحريق بيوتهم بالنار، وإنما منعه من ذلك ما فيها من النساء والذرية، وقال:" لقد هممت أن آمر رجلا يؤم الناس ثم أخالف إلى قوم لا يشهدون الصلاة فأحرق عليهم بيوتهم"1 وقال ابن مسعود: "لقد رأيتنا وما يتخلف عنها إلا منافق معلوم النفاق"2 ولدلائل أخر ليس هذا موضع بسطها، وأما صلاة العيدين، فالصحيح من أقوال العلماء: أنها فرض كفاية، ومن قال: إنهما سنتان قال: إذا اتفق أهل بلد على تركهما قاتلهم الإمام، واستدلوا على أنها فرض كفاية بأن النبي صلى الله عليه وسلم -أمر بهما مالك بن الحويرث وصاحبه.

النهي عن سب الصحابة وجزاء من يفعل ذلك

"العشرون" من سب الصحابة هل يكفر أو يفسق، وما الدليل على ذلك؟.

"فالجواب" إن فسقه لا خلاف فيه لقوله عليه السلام: "سباب المسلم فسوق وقتاله كفر" 3 وأما تكفيره فاختلف العلماء في ذلك فمنهم من كفره ويذكر عن مالك، واحتج على كفره بقوله تعالى:{لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ} 4 قال: فكل من سبهم فهو كافر لهذه الآية. والذي عليه الأكثر عدم تكفيره، وتوقف أحمد في تكفيره وقتله، وأما تعزيره وتأديبه بالضرب والحبس الذي يزجره عن ذلك فلا خلاف فيه.

وهذا ما تحتمله الورقة ونسأل الله أن يوفقنا وسائر إخواننا لما يحبه ويرضاه، وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم.

1 البخاري: الخصومات "2420"، ومسلم: المساجد ومواضع الصلاة "651"، والترمذي: الصلاة "217"، والنسائي: الإمامة "848"، وأبو داود: الصلاة "548 ،549"، وابن ماجه: المساجد والجماعات "791" ، وأحمد "2/314 ،2/376 ،2/416 ،2/479 ،2/525 ،2/537"، ومالك: النداء للصلاة "292"، والدارمي: الصلاة "1212".

2 مسلم: المساجد ومواضع الصلاة "654"، وأبو داود: الصلاة "550"، وابن ماجه: المساجد والجماعات "777" ، وأحمد "1/382 ،1/414".

3 البخاري: الإيمان "48"، ومسلم: الإيمان "64"، والترمذي: البر والصلة "1983" والإيمان "2634 ،2635"، والنسائي: تحريم الدم "4105 ،4106 ،4108 ،4109 ،4110 ،4111 ،4112 ،4113"، وابن ماجه: المقدمة "69" والفتن "3939" ، وأحمد "1/385 ،1/411 ،1/417 ،1/433 ،1/439 ،1/446 ،1/454 ،1/460".

4 سورة الفتح آية: 29.

ص: 809