المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌نفيع بن الحارث ويقال ابن مسروح - مختصر تاريخ دمشق - جـ ٢٦

[ابن منظور]

فهرس الكتاب

- ‌موسى بن عمران بن موسى بن هلال

- ‌موسى بن عمرو بن سعيد بن العاص

- ‌موسى بن عيسى بن موسى بن محمد

- ‌موسى بن عيسى بن موسى أبو عيسى

- ‌موسى بن فضالة بن إبراهيم بن فضالة

- ‌موسى بن كعب بن عيينة بن عائشة

- ‌موسى بن محمد بن عبد الله بن خالد

- ‌موسى بن محمد بن عطاء بن أيوب

- ‌موسى بن محمد بن عمران

- ‌موسى بن محمد بن أبي عوف

- ‌موسى بن محمد أبو هارون البكاء

- ‌موسى بن مروان

- ‌موسى بن نصير

- ‌موسى بن نضير

- ‌موسى بن وردان

- ‌موسى بن هشام بن أحمد بن العلاء

- ‌موسى بن يحيى بن خالد بن برمك البرمكي

- ‌موسى بن يزيد بن عبد الرحمن

- ‌موسى بن يسار الأردني

- ‌موسى بن يوسف بن موسى بن راشد

- ‌المؤمل بن أحمد بن المؤمل بن أحمد

- ‌مؤمل بن إهاب ويقال ابن يهاب بن قفل بن سدل

- ‌المؤمل بن الفضل بن مجاهد

- ‌المهاجر بن أبي مسلم

- ‌المهاجر بن عبد الله الكلابي

- ‌المهاجر بن أبي المهاجر

- ‌المهاجر بن يزيد

- ‌مهاجر

- ‌مهدي بن إبراهيم

- ‌مهدي بن جعفر بن جبهان بن بهرام

- ‌المهلب بن أبي صفرة ظالم بن سراق

- ‌مهلهل بن يموت واسمه محمد بن المزرع

- ‌مهند بن عبد الرحمن بن عبيد

- ‌مهنا بن يحيى

- ‌ميماس بن مهري بن كامل

- ‌ميسرة غلام خديجة رضي الله عنها

- ‌ميسرة بن مسروق العبسي

- ‌ميسرة مولى فضالة

- ‌ميمون بن أحمد بن عمار بن نصير السلمي

- ‌ميمون بن إبراهيم

- ‌ميمون بن إسماعيل الدمشقي

- ‌ميمون بن الحسن بن سهل البصري الدباس

- ‌ميمون بن علي بن يعقوب

- ‌ميمون بن قيس بن جندل بن شراحيل بن عوف بن سعد

- ‌ميمون بن مهران

- ‌أسماء النساء على حرف الميم

- ‌مريم بنت عمران بن ماتان بن أليعازر

- ‌مريّة ويقال مُرّية

- ‌ملكة بنت داود بن محمد بن سعيد القرطكي

- ‌مؤمنة بنت بهلول

- ‌مهدية بنت إبراهيم بن محمد

- ‌ميسون بنت بحدل بن أنيف بن دلجة

- ‌ميّة مولاة معاوية بن أبي سفيان

- ‌حرف النون

- ‌نابت بن يزيد

- ‌ناتل بن قيس بن زيد بن حباء

- ‌ناشب بن عمرو أبو عمرو الشيباني

- ‌ناشرة بن سمي اليزني المصري

- ‌ناصح أبو عبد الله

- ‌ناصر بن عبد الرحمن بن محمد

- ‌ناصر بن محمد أبو المكارم

- ‌ناصر بن محمود بن علي

- ‌ناعم بن مرثد

- ‌نافع بن جبير بن مطعم بن عدي

- ‌نافع بن دريد ويقال ابن ذؤيب

- ‌نافع بن علقمة النوفلي

- ‌نافع بن كيسان

- ‌نافع بن مالك بن أبي عامر

- ‌نافع أبو عبد الله

- ‌نافع والد المنذر بن نافع

- ‌نبيه بن صوان

- ‌نجاح بن سلمة بن نجاح بن عتاب بن نهار

- ‌نجا بن أحمد بن عمرو بن حرب بن عبد الله

- ‌نجا بن سعيد بن حمزة

- ‌نجبة بن الأسود الغساني

- ‌نجم بن عبد المنعم بن الحسن بن الخضر

- ‌نجيب بن عماد بن أحمد

- ‌نخار بن أوس بن أبيز بن عمرو

- ‌نشبة بن حندج بن الحسن بن عبد الله بن

- ‌نصر الله بن محمد بن عبد القوي

- ‌نصر بن أحمد بن سهل بن الأزهر

- ‌نصر بن أحمد بن الفتح بن هارونان

- ‌نصر بن أحمد بن محمد بن عجل

- ‌نصر بن أحمد بن مقاتل بن مظكود

- ‌نصر بن إبراهيم بن نصر

- ‌نصر بن الحجاج بن علاط

- ‌نصر بن الحجاج القرشي

- ‌نصر بن الحسن بن زكريا

- ‌نصر بن الحسن بن أبي القاسم

- ‌‌‌نصر بن الحسين

- ‌نصر بن الحسين

- ‌نصر بن حمزة بن مالك بن الهيثم

- ‌نصر بن زكريا أبو عمرو البلخي

- ‌نصر بن شاكر بن عمار

- ‌نصر بن عبد الله

- ‌نصر بن علي بن المقلد

- ‌نصر بن الفتح أبو القاسم السامري

- ‌نصر بن القاسم بن الحسن

- ‌نصر بن قتيبة

- ‌نصر بن الليث بن سعد

- ‌نصر بن محمد بن أحمد بن يعقوب بن منصور

- ‌نصر بن محمد بن عبيد الله

- ‌نصر بن مسرور بن محمد

- ‌نصر بن منصور بن بسام

- ‌نصر الشيباني

- ‌نصيب بن رباح

- ‌النضر بن عربي

- ‌النضر بن عبد الرحمن بن إبراهيم الدمشقي

- ‌النضر بن عمر المقرائي الحميري

- ‌النضر بن محمد بن خالد

- ‌النضر بن محمد بن بعيث

- ‌نضلة بن عبيد ويقال ابن عمرو

- ‌نضير بن الحارث بن علقمة بن كلدة

- ‌نضير ويقال نصير ويقال بصير

- ‌النعمان بن برزج اليماني

- ‌النعمان بن بشير بن سعد ثعلبة

- ‌النعمان بن جميل بن أحمد

- ‌النعمان بن أبي شمر

- ‌النعمان بن المنذر

- ‌النعمان بن وداع بن عبد الله

- ‌نعمان الزاهد

- ‌نعمة بن هبة الله بن محمد

- ‌نعمة بن الوابشي الطبراني

- ‌نعيمان بن عمرو بن رفاعة بن الحارث بن

- ‌نعيم بن حماد بن معاوية

- ‌نعيم بن سلامة السبائي

- ‌نعيم بن عبد الله بن أسد بن عبد بن عوف بن

- ‌نعيم بن هبار ويقال ابن هدار

- ‌نفير بن مالك بن عامر

- ‌نفيع بن الحارث ويقال ابن مسروح

- ‌نفيع أبو إسماعيل العبسي

- ‌نمران بن عتبة الذماري

- ‌النمر بن قطبة

- ‌النمر بن محمد بن النمر بن عبد السلام

- ‌نمير بن أوس الأشعري

- ‌نمير بن الوليد بن نمير بن أوس الأشعري

- ‌نوح بن حبيب

- ‌نوح بن عمرو بن حوي بن عمرو بن نافع

- ‌نوح بن لمك بن متوشلخ

- ‌نوح بن نصر بن محمد

- ‌نوفل بن الفرات بن مسلم

- ‌نوفل بن مساحق بن عبد الله

- ‌نوف بن فضالة

- ‌نهار بن توسعة بن أبي عينان

- ‌نهيك بن صريم

- ‌نهيك بن عمرو القيسي البصري

- ‌نهيك بن بريم الأوزاعي

- ‌أسماء النساء على حرف النون

- ‌نائلة بنت عمارة الكلبية

- ‌نائلة بنت الفرافصة بن الأحوص

- ‌نوار جارية الوليد بن يزيد بن عبد الملك

- ‌حرف الواو

- ‌وابصة بن معبد بن عتبة

- ‌واثلة بن الأسقع بن عبد العزى بن عبد ياليل

- ‌واثلة بن الحسن

- ‌واثلة بن الخطاب القرشي العدوي

- ‌واثلة بن الخطاب بن واثلة بن الأسقع

- ‌وادع بن ذوللة الكلبي

- ‌واصل بن أبي جميل

- ‌واصل بن عبد الله السلامي

- ‌واصل

- ‌وائل بن حجر بن سعد بن مسروق

- ‌وائل بن رياب بن حذيفة

- ‌وثيق بن أحمد بن عثمان

- ‌وجيه بن عبد الله بن مسعر

- ‌وحشي بن حرب

- ‌وحشي بن حرب بن وحشي بن حرب

- ‌وراد أبو الورد

- ‌وراد بن جهير بن عبد الرزاق

- ‌وردان أبو عبيد ويقال أبو عثمان

- ‌وردان بن صالح بن كثير

- ‌ورقة بن نوفل بن أسد

- ‌وريزة بن محمد بن وريزة

- ‌وزير بن صبيح

- ‌وزبر بن القاسم بن وزير

- ‌وزير بن محمد بن الحكم

- ‌وزير بن مسافر الجرشي

- ‌وصيف بن عبد الله

- ‌وضاح بن خيثمة

- ‌الوضين بن عطاء بن كنانة بن عبد الله بن مصدع

- ‌وقاص بن ربيعة

- ‌وكيع بن الجراح بن مليح

- ‌الوليد بن أحمد بن محمد بن الوليد

- ‌الوليد بن بكر بن مخلد بن أبي زياد

- ‌الوليد بن جميل بن قيس

- ‌الوليد بن الحارث السيكسكي

- ‌الوليد بن حماد بن جابر

- ‌الوليد بن حنيفة

- ‌الوليد بن سريع المخزومي الكوفي

- ‌الوليد بن سريع المحاربي

- ‌الوليد بن سليمان بن أبي السائب

- ‌الوليد بن سليمان بن عبد الصمد بن ثابت

- ‌الوليد بن شجاع بن الوليد بن قيس

- ‌الوليد بن صالح الدمشقي

- ‌الوليد بن صبح

- ‌الوليد بن أبي عائشة الرقي

- ‌الوليد بن العباس

- ‌الوليد بن عبد الرحمن بن هانئ وهو أبو مالك

- ‌الوليد بن عبد الرحمن الجرشي

- ‌الوليد بن عبد الملك بن مروان بن الحكم

- ‌الوليد بن عبيد بن يحي بن عبيد بن شملال

- ‌الوليد بن عبيد الدمشقي

- ‌الوليد بن عتبة بن صخر بن حرب

- ‌الوليد بن عتبة أبو العباس الأشجعي

- ‌الوليد بن عقبة بن أبي معيط

- ‌الوليد بن عمر بن الدرفس الغساني

- ‌الوليد بن القعقاع بن خليد العبسي

- ‌الوليد بن كامل بن معاذ بن محمد بن أبي أمية

- ‌الوليد بن محمد أبو بشر القرشي

- ‌الوليد بن محمد بن العباس

- ‌الوليد بن مروان بن عبد الله

- ‌الوليد بن مزيد العذؤي البيروتي

- ‌الوليد بن مسلم

- ‌الوليد بن معاوية بن مروان بن عبد الملك

- ‌الوليد بن موسى القرشي

- ‌الوليد بن النضر

- ‌الوليد بن نمير بن أوس الأشعري

- ‌الوليد بن الوليد بن زيد

- ‌الوليد بن الوليد بن سمرة

- ‌الوليد بن هاشم أبو العباس

- ‌الوليد بن هشام بن معاوية

- ‌الوليد بن هشام بن يحيى بن يحيى بن قيس الغساني

- ‌الوليد بن يزيد بن عبد الملك بن مروان

- ‌الوليد بن يزيد الخزاعي

- ‌وهب بن الأسود

- ‌وهب بن أكيدر بن عبد الملك بن عبد الحق

- ‌وهب بن جابر الهمداني الحيواني الكوفي

- ‌وهب بن زمعة بن أسيد

- ‌وهب بن سعد بن أبي سرح

- ‌وهب بن سلمان بن أحمد

- ‌وهب بن منبه بن كامل بن سيج

- ‌وهب بن وهب بن كبير

- ‌وهيب بن حامد بن إبراهيم بن الوليد

- ‌أسماء النساء على حرف الواو

- ‌ولادة بنت العباس بن جزي

- ‌حرف الهاء

- ‌هابيل بن آدم صلى الله عليه وسلم

- ‌هارون بن إبراهيم

- ‌هارون بن سعيد

- ‌هارون بن عبد الصمد بن عبدوس بن حسان

- ‌هارون بن عمران بن يزيد بن خالد بن أبي جميل القرشي

- ‌هارون بن عمر بن يزيد بن زياد

- ‌هارون بن محمد بن بكار بن بلال

الفصل: ‌نفيع بن الحارث ويقال ابن مسروح

‌نفيع بن الحارث ويقال ابن مسروح

أبو بكرة الثقفي ويقال: إن اسم أبي بكرة مسروح مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، من أهل الطائف، أتى النبي صلى الله عليه وسلم في حصار الطائف فأعتقه، وسكن البصرة، ووفد على معاوية.

حدث أبو بكرة قال: جئت ونبي الله صلى الله عليه وسلم راكع قد حفزني النفس، فركعت دون الصف، ثم مشيت إلى الصف، فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاته قال: أيكم ركع دون الصف؟ فقلت: أنا، فقال: زادك الله حرصاً، ولا تعد.

كان ولد أبي بكرة يقولون: نفيع بن الحارث الثقفي، وكان أبو بكرة ينكر ذلك، وقال لابنته حين حضرته الوفاة: اندبيني ابن مسروح الحبشي.

وكان رجلاً صالحاً ورعاً، ومات أبو بكرة والحسن بن علي في سنة واحدة، ومات الحسن بن علي سنة تسع وأربعين، وقيل: مات بعد الحسن بن علي سنة إحدى وخمسين، وقيل: سنة اثنتين وخمسين، وقيل: مات في ولاية زياد بن أبي سفيان بالبصرة، وكان أخاه لأمه، واسمها سمية.

وكان أبو بكرة عبداً بالطائف، فلما حاصر رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل الطائف قال: أيما حر نزل إلينا فهو آمن، وأيما عبد نزل إليها فهو حر، فنزل إليه عدة من عبيد أهل الطائف فيهم أبو بكرة، فأعتقهم رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وكان أبو بكرة تدلى إليهم في بكرة فكنوه أبا بكرة، فكان يقول: أنا مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم.

ص: 180

وكان أبو بكرة مسروح عبداً للحارث بن كلدة.

قال أبو عثمان النهدي: سمعت سعد بن مالك وأبا بكرة يقولان: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " من ادعى إلى غير أبيه وهو يعلم أنه غير أبيه فالجنة عليه حرام ".

قال: وكان سعد بن مالك أول من رمى بسهم في سبيل الله، وكان أبو بكرة أول من تسور على رسول الله صلى الله عليه وسلم في وفد ثقيف.

قال عبد الرحمن بن أبي بكرة: أتيت عبد الله بن عمرو في بيته، فقال لي: من أنت؟ قلت: عبد الرحمن بن أبي بكرة، قال: من أبو بكرة؟ قلت: أما تذكر الرجل الذي وثب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من سور الطائف؟ قال: بلى، فرحب بي.

حدثني رجل من ثقيف قال: سألنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثاً، فلم يرخص لنا، فقلنا: إن أرضنا أرض باردة، فسألنا أن يرخص لنا في الطهور، فلم يرخص لنا، وسألناه أن يرخص لنا في الدباء، فلم يرخص لنا فيه ساعة، وسألناه أن يرد إلينا أبا بكرة، فأبى، وقال:" هو طليق الله وطليق رسوله "، وكان أبو بكرة خرج إلى النبي صلى الله عليه وسلم حين حاصر الطائف فأسلم.

أرادت ثقيف أن تدعي أبا بكرة، فقال: أنا مسروح مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وكان أبو بكرة لا يعرف أبوه، فإذا عيره أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك، قال: فإن لم تعلموا آباءهم فإخوانكم في الدين ".

ص: 181

وعن عبد الرحمن بن جوشن: في قوله عز وجل: " ادعوهم لآبائهم " هو أقسط عند الله " فإن لم تعلموا آباءهم فإخوانكم في الدين " قال: قال أبو بكرة: أنا من إخوانكم ممن لا أب له.

قال عبد العزيز بن أبي بكرة: إن أبا بكرة تزوج امرأة من بني غدانة، وإنها هلكت، فحملها إلى المقابر، فحال إخوته بينها وبين الصلاة عليها، فقال لهم: لا تفعلوا فإني أحق بالصلاة منكم، قالوا: صدق صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فصلى عليها، ثم إنه دخل القبر، فدفعوه دفعاً عنيفاً، فوقع، فغشي عليه، فحملوه إلى أهله، فصرخ عليه يومئذ عشرون من ابن وبنت، قال عبد العزيز: وأنا يومئذ من أصغرهم. فأفاق إفاقة، فقال لهم: لا تصرخوا علي، فوالله ما من نفس تخرج أحب إلي من نفس أبي بكرة، ففزع القوم، فقالوا له: لم يا أبانا؟ قال: إني أخشى أن أدرك زماناً لا أستطيع أن آمر بمعروف، ولا أنهى عن منكر، وما خير يومئذ.

قال الحكم الأعرج: جلب رجل خشباً من السند أو الهند، فطلبه زياد أو ابن زياد منه، فأبى أن يبيعه، فغصبه إياه، فبنى صفة مسجد البصرة، فلم يصل أبو بكرة فيها حتى قلعت.

وعن سعيد بن المسيب: أن عمر بن الخطاب جلد أبا بكرة ونافع بن الحارث وشبل بن معبد، فاستتاب نافعاً وشبل بن معبد، فتابا، فقبل شهادتهما، واستتاب أبا بكرة، فأبى وأقام، فلم يقبل شهادته، وكان أفضل القوم.

وكان أبو بكرة إذا أتاه الرجل يشهده، قال: أشهد غيري، فإن المسلمين قد فسقوني. وهذا إن صح فلأنه امتنع من أن يتوب من قذفه، وأقام عليه، ولو كان تاب منه لما ألزموه اسم الفسق.

ص: 182

وحدث سعد بن إبراهيم قال: يزعم أهل العراق أن القاذف لا يجلد حداً شديداً، أشهد أن أبي أخبري أن أمه أم كلثوم بنت عقبة أمرت بشاة حين جلد أبو بكرة فسلخت، فلبس مسكها، فهل كان ذلك إلا من ضرب شديد؟ سأل عبيد الله بن زياد أبا بكرة: ما أعظم المصيبة؟ قال: مصيبة الرجل في دينه، قال: ليس عن هذا أسألك، قال: فموت الأب قاصمة الظهر، وموت الولد صدع في الفؤاد، وموت الأخ قص الجناح، وموت المرأة حزن ساعة.

وعن الحسن قال:

مر بي أنس بن مالك وقد بعثه زياد إلى أبي بكرة يعاتبه، فانطلقت معه، فدخلنا إلى الشيخ وهو مريض، فأبلغه عنه، فقال: إنه يقول: ألم أستعمل عبيد الله بن زياد على فارس؟ ألم أستعمل زواداً على دار الرزق؟ ألم أستعمل عبد الرحمن على الديوان وبيت المال؟ فقال أبو بكرة: هل زاد على أن أدخلهم النار؟ فقال أنس: إني لا أعلمه إلا مجتهداً، فقال الشيخ: أقعدوني، إني لا أعلمه إلا مجتهداً، وأهل حروراء قد اجتهدوا فأصابوا أم أخطؤوا، قال أنس: فرجعنا مخصومين.

لما اشتكى أبو بكرة عرض عليه بنوه أن يأتوه بطبيب، فأبى، فلما نزل به الموت، فعرف الموت من نفسه، وعرفوه منه، قال: أين طبيبكم، ليردها إن كان صادقاً، فقالوا: وما يغني الآن، قال: وقبل الآن، فجاءت ابنته أمة الله، فلما رأت ما به بكت، فقال: أي بنية، لا تبكي، قالت: يا أبه، فإذا لم أبك عليك فعلى من أبكي؟ فقال: لا تبكي، فوالذي نفسي بيده، ما على الأرض أحب إلي من أن تكون قد خرجت، من نفسي هذه، ولا نفس هذا الذباب الطائر، فأقبل على حرمان يعني ابن أبان وهو عند رأسه، فقال: ألا أخبرك مم ذلك؟ قال: حسبت والله أنه يوشك أن يجيء أمر يحول بيني وبين الإسلام.

ص: 183

ثم جاء أنس بن مالك فقعد بين يديه، وأخذ بيده، وقال: إن ابن أمك زياد أرسلني إليك يقرئك السلام، وقد بلغه الذي نزل بك من قضاء الله، فأحب أن يحدث بك عهداً، ويسلم عليك، ويفارقك عن رضى.

فقال: أمبلغه عني؟ قال: نعم، قال: فإني أحرج عليه أن يدخل لي بيتاً، ويحضر لي جنازة، قال: لم يرحمك الله وقد كان لك معظماً، ولبيتك واصلاً؟ قال في ذلك غضبه عليه، قال: ففي خاصة نفسك ما علمته إلا مجتهداً، قال؛ فأجلسوني، فأجلس، فقال: نشدتك الله لما حدثتني عن أهل النهر، أكانوا مجتهدين؟ قال: نعم قال: فأصابوا أم أخطؤوا؟ قال: هو ذلك. قال: أضجعوني.

فرجع أنس إلى زياد، فأبلغه، فركب مكانه متوجهاً إلى الكوفة، فتوفي وهو بالجلحاء، فقدم بنوه أبا برزة، فصلى عليه، " وقيل: إنه أوصى أن يصلي عليه أبو برزة ".

وعن الحسن قال: لما حضرت أبا بكرة الوفاة قال: اكتبوا وصيتي: فكتب الكاتب: هذا ما أوصى به نفيع الحبشي مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو يشهد أن الله ربه، وأن محمداً صلى الله عليه وسلم نبيه، وأن الإسلام دينه، وأن الكعبة قبلته، وأنه يرجو من الله ما يرجوه المعترفون بتوحيده، المقرون بربوبيته، الموقنون بوعده ووعيده، الخائفون لعذابه، المشفقون من عقابه، المؤملون لرحمته، إنه أرحم الراحمين.

ص: 184