المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌نجاح بن سلمة بن نجاح بن عتاب بن نهار - مختصر تاريخ دمشق - جـ ٢٦

[ابن منظور]

فهرس الكتاب

- ‌موسى بن عمران بن موسى بن هلال

- ‌موسى بن عمرو بن سعيد بن العاص

- ‌موسى بن عيسى بن موسى بن محمد

- ‌موسى بن عيسى بن موسى أبو عيسى

- ‌موسى بن فضالة بن إبراهيم بن فضالة

- ‌موسى بن كعب بن عيينة بن عائشة

- ‌موسى بن محمد بن عبد الله بن خالد

- ‌موسى بن محمد بن عطاء بن أيوب

- ‌موسى بن محمد بن عمران

- ‌موسى بن محمد بن أبي عوف

- ‌موسى بن محمد أبو هارون البكاء

- ‌موسى بن مروان

- ‌موسى بن نصير

- ‌موسى بن نضير

- ‌موسى بن وردان

- ‌موسى بن هشام بن أحمد بن العلاء

- ‌موسى بن يحيى بن خالد بن برمك البرمكي

- ‌موسى بن يزيد بن عبد الرحمن

- ‌موسى بن يسار الأردني

- ‌موسى بن يوسف بن موسى بن راشد

- ‌المؤمل بن أحمد بن المؤمل بن أحمد

- ‌مؤمل بن إهاب ويقال ابن يهاب بن قفل بن سدل

- ‌المؤمل بن الفضل بن مجاهد

- ‌المهاجر بن أبي مسلم

- ‌المهاجر بن عبد الله الكلابي

- ‌المهاجر بن أبي المهاجر

- ‌المهاجر بن يزيد

- ‌مهاجر

- ‌مهدي بن إبراهيم

- ‌مهدي بن جعفر بن جبهان بن بهرام

- ‌المهلب بن أبي صفرة ظالم بن سراق

- ‌مهلهل بن يموت واسمه محمد بن المزرع

- ‌مهند بن عبد الرحمن بن عبيد

- ‌مهنا بن يحيى

- ‌ميماس بن مهري بن كامل

- ‌ميسرة غلام خديجة رضي الله عنها

- ‌ميسرة بن مسروق العبسي

- ‌ميسرة مولى فضالة

- ‌ميمون بن أحمد بن عمار بن نصير السلمي

- ‌ميمون بن إبراهيم

- ‌ميمون بن إسماعيل الدمشقي

- ‌ميمون بن الحسن بن سهل البصري الدباس

- ‌ميمون بن علي بن يعقوب

- ‌ميمون بن قيس بن جندل بن شراحيل بن عوف بن سعد

- ‌ميمون بن مهران

- ‌أسماء النساء على حرف الميم

- ‌مريم بنت عمران بن ماتان بن أليعازر

- ‌مريّة ويقال مُرّية

- ‌ملكة بنت داود بن محمد بن سعيد القرطكي

- ‌مؤمنة بنت بهلول

- ‌مهدية بنت إبراهيم بن محمد

- ‌ميسون بنت بحدل بن أنيف بن دلجة

- ‌ميّة مولاة معاوية بن أبي سفيان

- ‌حرف النون

- ‌نابت بن يزيد

- ‌ناتل بن قيس بن زيد بن حباء

- ‌ناشب بن عمرو أبو عمرو الشيباني

- ‌ناشرة بن سمي اليزني المصري

- ‌ناصح أبو عبد الله

- ‌ناصر بن عبد الرحمن بن محمد

- ‌ناصر بن محمد أبو المكارم

- ‌ناصر بن محمود بن علي

- ‌ناعم بن مرثد

- ‌نافع بن جبير بن مطعم بن عدي

- ‌نافع بن دريد ويقال ابن ذؤيب

- ‌نافع بن علقمة النوفلي

- ‌نافع بن كيسان

- ‌نافع بن مالك بن أبي عامر

- ‌نافع أبو عبد الله

- ‌نافع والد المنذر بن نافع

- ‌نبيه بن صوان

- ‌نجاح بن سلمة بن نجاح بن عتاب بن نهار

- ‌نجا بن أحمد بن عمرو بن حرب بن عبد الله

- ‌نجا بن سعيد بن حمزة

- ‌نجبة بن الأسود الغساني

- ‌نجم بن عبد المنعم بن الحسن بن الخضر

- ‌نجيب بن عماد بن أحمد

- ‌نخار بن أوس بن أبيز بن عمرو

- ‌نشبة بن حندج بن الحسن بن عبد الله بن

- ‌نصر الله بن محمد بن عبد القوي

- ‌نصر بن أحمد بن سهل بن الأزهر

- ‌نصر بن أحمد بن الفتح بن هارونان

- ‌نصر بن أحمد بن محمد بن عجل

- ‌نصر بن أحمد بن مقاتل بن مظكود

- ‌نصر بن إبراهيم بن نصر

- ‌نصر بن الحجاج بن علاط

- ‌نصر بن الحجاج القرشي

- ‌نصر بن الحسن بن زكريا

- ‌نصر بن الحسن بن أبي القاسم

- ‌‌‌نصر بن الحسين

- ‌نصر بن الحسين

- ‌نصر بن حمزة بن مالك بن الهيثم

- ‌نصر بن زكريا أبو عمرو البلخي

- ‌نصر بن شاكر بن عمار

- ‌نصر بن عبد الله

- ‌نصر بن علي بن المقلد

- ‌نصر بن الفتح أبو القاسم السامري

- ‌نصر بن القاسم بن الحسن

- ‌نصر بن قتيبة

- ‌نصر بن الليث بن سعد

- ‌نصر بن محمد بن أحمد بن يعقوب بن منصور

- ‌نصر بن محمد بن عبيد الله

- ‌نصر بن مسرور بن محمد

- ‌نصر بن منصور بن بسام

- ‌نصر الشيباني

- ‌نصيب بن رباح

- ‌النضر بن عربي

- ‌النضر بن عبد الرحمن بن إبراهيم الدمشقي

- ‌النضر بن عمر المقرائي الحميري

- ‌النضر بن محمد بن خالد

- ‌النضر بن محمد بن بعيث

- ‌نضلة بن عبيد ويقال ابن عمرو

- ‌نضير بن الحارث بن علقمة بن كلدة

- ‌نضير ويقال نصير ويقال بصير

- ‌النعمان بن برزج اليماني

- ‌النعمان بن بشير بن سعد ثعلبة

- ‌النعمان بن جميل بن أحمد

- ‌النعمان بن أبي شمر

- ‌النعمان بن المنذر

- ‌النعمان بن وداع بن عبد الله

- ‌نعمان الزاهد

- ‌نعمة بن هبة الله بن محمد

- ‌نعمة بن الوابشي الطبراني

- ‌نعيمان بن عمرو بن رفاعة بن الحارث بن

- ‌نعيم بن حماد بن معاوية

- ‌نعيم بن سلامة السبائي

- ‌نعيم بن عبد الله بن أسد بن عبد بن عوف بن

- ‌نعيم بن هبار ويقال ابن هدار

- ‌نفير بن مالك بن عامر

- ‌نفيع بن الحارث ويقال ابن مسروح

- ‌نفيع أبو إسماعيل العبسي

- ‌نمران بن عتبة الذماري

- ‌النمر بن قطبة

- ‌النمر بن محمد بن النمر بن عبد السلام

- ‌نمير بن أوس الأشعري

- ‌نمير بن الوليد بن نمير بن أوس الأشعري

- ‌نوح بن حبيب

- ‌نوح بن عمرو بن حوي بن عمرو بن نافع

- ‌نوح بن لمك بن متوشلخ

- ‌نوح بن نصر بن محمد

- ‌نوفل بن الفرات بن مسلم

- ‌نوفل بن مساحق بن عبد الله

- ‌نوف بن فضالة

- ‌نهار بن توسعة بن أبي عينان

- ‌نهيك بن صريم

- ‌نهيك بن عمرو القيسي البصري

- ‌نهيك بن بريم الأوزاعي

- ‌أسماء النساء على حرف النون

- ‌نائلة بنت عمارة الكلبية

- ‌نائلة بنت الفرافصة بن الأحوص

- ‌نوار جارية الوليد بن يزيد بن عبد الملك

- ‌حرف الواو

- ‌وابصة بن معبد بن عتبة

- ‌واثلة بن الأسقع بن عبد العزى بن عبد ياليل

- ‌واثلة بن الحسن

- ‌واثلة بن الخطاب القرشي العدوي

- ‌واثلة بن الخطاب بن واثلة بن الأسقع

- ‌وادع بن ذوللة الكلبي

- ‌واصل بن أبي جميل

- ‌واصل بن عبد الله السلامي

- ‌واصل

- ‌وائل بن حجر بن سعد بن مسروق

- ‌وائل بن رياب بن حذيفة

- ‌وثيق بن أحمد بن عثمان

- ‌وجيه بن عبد الله بن مسعر

- ‌وحشي بن حرب

- ‌وحشي بن حرب بن وحشي بن حرب

- ‌وراد أبو الورد

- ‌وراد بن جهير بن عبد الرزاق

- ‌وردان أبو عبيد ويقال أبو عثمان

- ‌وردان بن صالح بن كثير

- ‌ورقة بن نوفل بن أسد

- ‌وريزة بن محمد بن وريزة

- ‌وزير بن صبيح

- ‌وزبر بن القاسم بن وزير

- ‌وزير بن محمد بن الحكم

- ‌وزير بن مسافر الجرشي

- ‌وصيف بن عبد الله

- ‌وضاح بن خيثمة

- ‌الوضين بن عطاء بن كنانة بن عبد الله بن مصدع

- ‌وقاص بن ربيعة

- ‌وكيع بن الجراح بن مليح

- ‌الوليد بن أحمد بن محمد بن الوليد

- ‌الوليد بن بكر بن مخلد بن أبي زياد

- ‌الوليد بن جميل بن قيس

- ‌الوليد بن الحارث السيكسكي

- ‌الوليد بن حماد بن جابر

- ‌الوليد بن حنيفة

- ‌الوليد بن سريع المخزومي الكوفي

- ‌الوليد بن سريع المحاربي

- ‌الوليد بن سليمان بن أبي السائب

- ‌الوليد بن سليمان بن عبد الصمد بن ثابت

- ‌الوليد بن شجاع بن الوليد بن قيس

- ‌الوليد بن صالح الدمشقي

- ‌الوليد بن صبح

- ‌الوليد بن أبي عائشة الرقي

- ‌الوليد بن العباس

- ‌الوليد بن عبد الرحمن بن هانئ وهو أبو مالك

- ‌الوليد بن عبد الرحمن الجرشي

- ‌الوليد بن عبد الملك بن مروان بن الحكم

- ‌الوليد بن عبيد بن يحي بن عبيد بن شملال

- ‌الوليد بن عبيد الدمشقي

- ‌الوليد بن عتبة بن صخر بن حرب

- ‌الوليد بن عتبة أبو العباس الأشجعي

- ‌الوليد بن عقبة بن أبي معيط

- ‌الوليد بن عمر بن الدرفس الغساني

- ‌الوليد بن القعقاع بن خليد العبسي

- ‌الوليد بن كامل بن معاذ بن محمد بن أبي أمية

- ‌الوليد بن محمد أبو بشر القرشي

- ‌الوليد بن محمد بن العباس

- ‌الوليد بن مروان بن عبد الله

- ‌الوليد بن مزيد العذؤي البيروتي

- ‌الوليد بن مسلم

- ‌الوليد بن معاوية بن مروان بن عبد الملك

- ‌الوليد بن موسى القرشي

- ‌الوليد بن النضر

- ‌الوليد بن نمير بن أوس الأشعري

- ‌الوليد بن الوليد بن زيد

- ‌الوليد بن الوليد بن سمرة

- ‌الوليد بن هاشم أبو العباس

- ‌الوليد بن هشام بن معاوية

- ‌الوليد بن هشام بن يحيى بن يحيى بن قيس الغساني

- ‌الوليد بن يزيد بن عبد الملك بن مروان

- ‌الوليد بن يزيد الخزاعي

- ‌وهب بن الأسود

- ‌وهب بن أكيدر بن عبد الملك بن عبد الحق

- ‌وهب بن جابر الهمداني الحيواني الكوفي

- ‌وهب بن زمعة بن أسيد

- ‌وهب بن سعد بن أبي سرح

- ‌وهب بن سلمان بن أحمد

- ‌وهب بن منبه بن كامل بن سيج

- ‌وهب بن وهب بن كبير

- ‌وهيب بن حامد بن إبراهيم بن الوليد

- ‌أسماء النساء على حرف الواو

- ‌ولادة بنت العباس بن جزي

- ‌حرف الهاء

- ‌هابيل بن آدم صلى الله عليه وسلم

- ‌هارون بن إبراهيم

- ‌هارون بن سعيد

- ‌هارون بن عبد الصمد بن عبدوس بن حسان

- ‌هارون بن عمران بن يزيد بن خالد بن أبي جميل القرشي

- ‌هارون بن عمر بن يزيد بن زياد

- ‌هارون بن محمد بن بكار بن بلال

الفصل: ‌نجاح بن سلمة بن نجاح بن عتاب بن نهار

‌نجاح بن سلمة بن نجاح بن عتاب بن نهار

قدم نجاح دمشق في صحبة المتوكل، وكان يتولى ديوان التوقيع له.

كان رجل من دهاة الكتاب وفضلائهم ولي بعض النواحي، وكان عاملاً عليها، فطولب بالحساب فدافع به حتى انقرضت دولة المأمون والمعتصم والمتوكل والواثق، وقد ولي في هذه المدة أحد عشر وزيراً، يطالب في كل وقت ويدافع ويصانع وينسحب ويتحيل إلى أن ولي نجاح بن سلمة الوزارة، فوقع ذكره إليه ذات يوم، فسأله عنه، فقيل له: أيها الوزير، هذا رجل يطلب فلا يقدر عليه، فنظر نجاح إلى رجل بين يديه، فقال له: احلف بحق رأسي أنك تطلب هذا الرجل حيث كان، وأنك إذا رأيته لم تتركه يأكل خبزاً ولا يصلي ولا يعمل شيئاً دون إحضاره الديوان؛ - وكان الرجل يعرف بمحمد بن مسلمة الواسطي -. فحلف برأسه أن يفعل جميع ما أمر به الوزير.

ومضى في طلبه، وكان جزلاً متحركاً ذا حيلة ولطف، فلم يزل يتوصل إلى أن وقع في يديه، وكان واسع الحيلة، فبذل له مالاً كثيراً فامتنع عليه فلما لم ير له فرجاً عنده، صار معه إلى دار الوزير، فصادفه قد ركب إلى دار السلطان، فجلس في بعض المواضع ينتظر رجوعه.

وكان محمد بن مسلمة صفراوياً لا يصبر على الجوع، فجاع جوعاً شديداً كاد أن يتلف منه، فقال للرجل: يا هذا، أنا والله جائه، ومنزلي قريب، فصر معي لنأكل خبزاً ونرجع إلى حين يعود الوزير، فقال: لا، قال: فاشتر لي شيئاً آكله، فما معي فضة، فقال له: ما معي فضة أيضاً، قال: اقترض لي درهماً بدينار، فقال: لا أفعل، كل ذلك والرجل يفزع من اتساع تحيله، وخوف بعد حصوله أن يفلت منه.

ص: 114

وزاد الجوع على محمد بن مسلمة، فإذا هو بغلام كما عذر، حسن الوجه، فأومأ إليه، فجاءه فعرفه خبره، فقال له الغلام: عندي ما تأكل، قم، فأخذ بيده، وأدخله إلى بعض الصحون اتلي يجلس فيها الوزير، فأجلسه في صفة مقابلة للمجلس، وقال للغلمان: هاتوا.

فأحضرت مائدة عليها من النوادر التي لم ير أحسن منها. ومن سائر ما يكون للمعد، ونقل الطعام الحار والبارد والمشوي، والرجل يأكل أكل جائع، فإذا الوزير نجاح قد دخل، فالتفت إلى الصفة، فرآه فتبسم، ومضى إلى المجلس، وقال لبعض الغلمان: امض إلى الرجل فأقره مني السلام، وقل له: بحياتي عليك إن احتشمت، وكل حتى تستوفي ما تحتاج إليه.

فرد الرسول إليه، وقال: وحق رأسك، لا قصرت فيما أمرت به، وتشاغل عنه بما يحتاج إليه، والرجل يجيد الأكل، فنقل إليه من الحلوى شيء كثير، فلما فرغ وغسل يديه جاءه الغلام بالبخور فتبخر.

واستدعاه الوزير، فقال له: الحساب، فأخرجه إليه، ونظر فيه ساعة، ثم قال له: بارك الله فيك، إن أستاذي في الكتبة عمرو بن مسعدة، والله الذي لا إله إلا هو إن كان يحسن يعمل مثل هذا في صحنه، وفتح الدواة، ووقع على كل فصل منه صح، صح إلى آخره، فقبل محمد بن مسلمة يده، فقال: عد إلى أهلك آمناً، وأسرع إليهم.

وقام لينصرف، فلما بعد قال للغلام رده، فرده، فقال له: يا محمد، اجلس، إني لم أردك إلا لشيء أوصيك به في ثلاث حوائج لي، فقال: يأمر الوزير بما يشاء، قال: حاجتي إليك أولاً أني أعلم أن جيرانك لما غبت عنهم هذا الزمان، وأنت منسحب، منهم من بنى فزاد عليك في السمك، ومنهم من ترك خشبة في حائطك، ومنهم من حفر بئاً بقرب دارك، فبحسناتي عليك، إن استطلت عليهم بقربك مني، ومنزلتك عندي، واجعل هذه ثلث ما أردت أخذه منك. وأصدقاؤك وإخوانك ومعاشروك تقول: غبت فسبوني

ص: 115

وذكروني، فإذا لقيتم، فالقهم بوجه من بلغك عنهم كل جميل، وابسط خلقك لهم بسط غير متكلف، وعاشرهم بأحسن معاشرة، ولا تشمخ عليهم بما عاملوك به، واجعله ثلث ما أردت أخذه منك. واحرص كل الحرص ألا يرفع أحد من أصحاب الأخبار إلي عنك ذماً ولا مدحاً، وأخمل نفسك فتسلم، واجعل هذا ثلث ما أردت أخذه منك.

وكان الوزير لما رأى " محمد بن " مسلمة يأكل، سأل عن السب، فعرفوه خبره وما عمله الغلام، وكان الغلام مملوكاً له، قريب المنزلة منه، فعتقه، ووهب له عشرة غلمان، وجعل أرزاقهم تحت يده، وحمله على عشرة براذين وخلع عليه عشر خلع.

ثم كتب رقعة إلى محمد بن مسلمة بعد يومين: يا محمد، لا تنكرنا، خبرنا برك واحتفادك، واحسب ما تستحقه منا، لكن لنا في ذلك رأي يتبين لك بعد وقت آخر.

فلما كان بعد مدة خاطب فيه الواثق، وعرفه صحة حسابه وفضله وثقته وشهامته؛ فقلده واسط وأعمالها، وأكسبه ثلاث مئة ألف دينار في مدة يسيرة، وكان يقول: ما بلغنا في محمد بن مسلمة ما يستحقه منا لما فعله.

كان نجاح قد خص بالمتوكل، وأنس به، وعاشره، فقال المتوكل، وقد ذكره الفتح وهو مقيم بالجعفري، ويحك ألا ترى إلى نجاح، قعد بسر من رأى وتركنا ههنا؟ ابعث فأشخصه بجماعة يجيئون به على الحال التي يجدونه عليها، فوجه إليه بجماعة، فألفوه يشرب، فحملوه في ثياب بذلته، وجاؤوا به إلى المتوكل، فلما رآه قال: ويلك! تدعنا ههنا، وتمر إلى سر من رأى؟ قال: نعم يا سيدي، أدعك إذا لزمت الصحارى والخرابات وأمضي إلى معادن الأموال والخيرات، جئتك وخلفت ورائي مالاً عظيماً لائحاً يصيح: خذوني، وليس يجد من يأخذه، فقال له: عند من ويلك؟! قال: عند الحسن بن مخلد، وميمون بن غبراهيم، ومحمد بن موسى المنجم، وكان يتقلد الزرع والهندسة في الآفاق، وأحمد بن موسى وكان قد تقلد أعمالاً كثيرة.

ص: 116

فقال المتوكل: فما عندك في عبيد الله بن يحيى؟ فسكت، فأعاد عليه القول، وقال له: بحياتي قل ما عندك فيه. فقال: حلفتني بحياتك، ولا بد من صدقك: قد كان على طريقة مستقيمة حتى صاغ صوالجة وكرات من ثلاثين ألف درهم، فقلت له: أمير المؤمنين أطال الله بقاءه يضرب بكرة جلود وصولجان خشب، وأنت تريد أن يكون ذلك من فضة؟.

فالتفت إلى الفتح فقال: يا فتح، ابعث فأحضرهم كلهم.

فكتب الفتح بالخبر إلى عبيد الله على ما جرى، ووجه إلى الجماعة في الحضور، فحضرت وتشاورت بينها، ورأت أنها قد بليت من نجاح ببلية لا تقاوم؛ فاتفقت على البعثة إليه بأحمد بن إسرائيل برسالتهم معاتباً على ما قاله ومقبحاً ما أتى، فأدى إليه أحمد الرسالة عن الجماعة، فقال: يا أبا جعفر، وتلومني على ما فعلت، وقد تركت الكتابة، وسمحت بمفارقة الصناعة، وصرت نديماً وملهياً، وهم لا يدعون الطعن على قطائعي، وأذاي في ضياعي، ومعارضتي في سائر أموري، والله الذي لا إله إلا هو، لا فارقتهم أو أتلفهم أو أتلف.

فانصرف أحمد إلى عبيد الله والجماعة، فعرفهم، فقال عبيد الله: قد صدق في كل ما قال، فتضمن له عني كل ما يحب، واحتل في أن تأخذ رقعته إلي بالذي جرى منه على جهة الغلط ومن حمل النبيذ له على ذلك، وأنه سيصلح ما أفسد ويسعى في إزالة ما وقع في قلب أمير المؤمنين، فرجع إليه أحمد وتلطف به وضمن له، ولم يبرح حتى أخذ رقعته بذلك.

ثم دخلوا جميعاً إلى المتوكل، فلما وقفوا بين يديه قال لهم ما قال نجاح، وهم بأن يدعو به ليناظرهم، فقال له عبيد الله: يا سيدي، قد كتب إلي يعتذر ويزعم أن النبيذ حمله على ما كان منه، وهذه رقعته بذلك، وهؤلاء خدم أمير المؤمنين، فإذا حدثت عليهم حادثة لم يؤخذ منهم عوض، وهم أصحاب المملكة والمتصرفون فيها، فإذا أوقع بهم فمن يقوم بالأعمال؟ ونجاح، فإنما بذل أن يضمن هذه الجماعة لينفرد وحده، ويتمكن من كتاب المملكة. وهم يضمنونه وحده بما بذل عنهم جميعاً، ولا يزول عن المملكة إلا كاتب واحد.

ص: 117

فاغتاظ المتوكل، وقال: إنما كذبني وغرني، وتقدم بتسليمه إليهم، وأن يخلع عليهم، فانصرفوا وهو بين أيديهم، فجمعوا بينهم صدراً من المال مال الضمان وحملوه، لأن مال نجاح لم يكن يفي بما ضمنوه عنه، وبسطوا عليه الضرب والعسف والتضييق.

وسأل المتوكل عنه الفتح مرات، وبلغ الخبر خبر ضربهم إياه، فقال لعبيد الله: إن أمير المؤمنين قد سألني عن نجاح ثلاث دفعات، وقد وقفت على ضربكم إياه، ولست آمن أن يتلف فينكر علي تركي تعريفه خبره، ولا بد من إخباره به، فدفعه عن ذلك، فلم يندفع، فقال له: أنت أعلم، فخبر المتوكل أنه مضيق عليه مضروب مقيد، فقال المتوكل: لا، ولا كرامة، تقدم بإحضار الحسين بن إسماعيل بن أخي إسحاق بن إبراهيم، وكان يتقلد الشرطة، بحضرته، فقال له: اقبض على نجاح فاجعله عندك، ووسع عليه، ولا يوصل إليه بسوء إلا بإذني.

ففعل ذلك وحماه، فلما رأت الجماعة ذلك أيقنت بالهلاك، ولم تشك أن نجاحاً سيعمل الحيلة عليهم، ففكروا في الاحتيال عليه إلى أن وجدوا عملاً عمله الحسين بن إسماعيل في وقت تقلده فارس، ألزمه فيه عشرين ألف ألف درهم.

وقيل: إنهم زوروا العمل، وادعوه على نجاح، فلما وقع في أيديهم أحضروا الحسين فأقرؤوه العمل، ثم قالوا له: أيها أحب إليك: نجاح أم نفسك؟ إما كفيتناه وإما أنفذنا هذا إلى أمير المؤمنين حتى يتقدم بمطالبتك به؛ فقال لهم: قد كفيتم.

وانصرف إليه، فوضع عليه فقتله في ذي القعدة سنة خمس وأربعين ومئتين.

فلما عرفوا خبره صاروا إلى المتوكل ليخبروه بموته، وهم وجلون مما سيرد عليهم منه، فتلقاهم الفتح، فأخبروه، فقال لهم: إنه كان البارحة في ذكره، وسيتهمكم.

وجاءهم رجاء الزيادي بإزار منام المعتز، وفيه أثر احتلامه في تلك الليلة، فلما رآه عبيد الله قال: توقف قليلاً حتى أدخل قبلك، قال: أخاف أن تبشره أنت بهذه النعمة، فقال: لا والله، لا فعلت.

ودخل عبيد الله والجماعة، وتوقف رجاء، فلما استقروا دخل رجاء الزيداني بالإزار، وعرفه الخبر، فخر ساجداً لله.

ص: 118

وابتدأ عبيد الله فهنأه، ودعا له، ووصل كلامه بأن قال: وقد طهر الله الأرض البارحة من عدو أمير المؤمنين، قال: ومن هو؟ قال: نجاح، قال: فعلتموها يا عبيد الله؟ قال: يا سيدي، هذا يوم فعلتموها أو يوم سرور وشكر وصدقة؟.

ونهض وقد تشاغل المتوكل باحتلام المعتز، ودخل إلى فتيحة، فوجه الكتاب إلى فتيحة: الله الله، أشغلته عنا يومين ثلاثة؟ وانصرفوا فجمعوا صدراً من المال الذي بقي عليهم، فحملوه، وكتبوا إليه بخبره، فتناساه، ولم يعد عليهم بسببه مكروه.

وذكر أن عبيد الله والكتاب عرفوا المتوكل أن نجاحاً قد ألط بالمال لنفسه بانقباض اليد عنه، وسألوه الإذن لهم في ضربه عشرة مقارع، لا يزيدون عليها فيها، ليعلم أن اليد منبسطة عليه فأذن في ذلك، وحظر تجاوزه، وإنه لما بطح أخرجت إحدى أنثييه من بين فخذيه، وتعمدت بالضرب عليها، فمات في سبعة مقارع.

وكان فيمن أخذ من أبنائه عبيد الله بن مخلد، فضرب بالمقارع وحبس، وأخذ جميع ما ملكه، وكان ابنه الحسين مستتراً فظفر به فضرب وحبس، وأخذ جميع ما ملكه، وأخذ من وكيله ابن عياش عشرون ألف دينار.

وقال أبو علي البصري في نجاح: " من المتقارب "

لئن كان نجم نجاح هوى

وزلت به للحضيض القدم

فأصبح يحكم فيه الرجال

وبالأمس عهدي به يحتكم

لما كان ذلك حتى اشتكته

وضجت إلى الله منه النعم

وحتى لأوجس منه الثري

خؤوفاً كما أوجس المتهم

وما للشقي إذا ما اشتكى

وأبدى تأسفه والندم

أكنت ترى الله في حلمه

وطول تأنيه لا ينتقم

وهل رحم الناس إلا امرأ

إذا ما هم استرحموه رحم

ص: 119