الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بِالصَّبْرِ (3)} [العصر: 1 - 3]، فذكر الإيمان، ثم ذكر بعده الأعمال، وهي التي تدخل في الإسلام، وكحديث جبريل السابق.
وأركان الإيمان ستة، هي:
الركن الأول: الإيمان بالله تعالى
.
ويشمل هذا الركن: الإيمان بوجوده تعالى، وأعتقاد وحدانيته في ربوبيته، وألوهيته، وأسمائه وصفاته. وسيأتي الكلام على هذا الركن بالتفصيل في الباب الثاني - إن شاء الله تعالى -.
الركن الثاني: الإيمان بملائكة الله تعالى
.
والإيمان بالملائكة عليهم السلام يتضمن أربعة أمور:
الأمر الأول: الإيمان بوجودهم، وأنهم أجسام نورانية - أي خلقهم الله من نور -، وأنهم عباد لله مكرمون، لا يعصون الله ما أمرهم، ويفعلون ما يؤمرون، خلقهم الله تعالى لعبادته وطاعته، وأنهم مشفقون من الله - أي يخافون عذابه -، كما قال تعالى ردًا على من زعم أن الملائكة بنات له تعالى. {وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ بَلْ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ (26) لَا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ (27) يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ (28)} [الأنبياء: 26 - 28].
الأمر الثاني: الإيمان بمن علمنا اسمه منهم باسمه، كجبريل، وميكائيل، وإسرافيل، ورضوان، ومالك، ومن لم نعلم اسمه نؤمن بهم إجمالًا، فنؤمن بأن لله ملائكة غير من سُمِّيَ لنا، منهم من ذكر عمله، ومنهم من لم يذكر لنا عمله.
ونؤمن أيضًا بأن عدد الملائكة كثير جدًّا، فقد روى البخاري ومسلم عن النبى صلى الله عليه وسلم في قصة المعراج، أنه النبي صلى الله عليه وسلم ذكر استفتاح جبريل عليه السلام السماء السابعة، ثم قال:"ففتح لنا، فإذا أنا بإبراهيم عليه السلام مسندًا ظهره إلى البيت المعمور، وإذا هو يدخله كل يوم سبعون ألف ملك لا يعودون إليه" متفق عليه.
الأمر الثالث: الإيمان بما علمنا من صفات الملائكة، فقد أخبرنا جل وعلا أنه جعل لهم أجنحة، قال تعالى:{الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَاعِلِ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ} [فاطر: 1] وثبت في السنة أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى جبريل عليه السلام على صفته التي خلق عليها، رآه منهبطًا من السماء، سادًّا عظم خلقه ما بين السماء إلى الأرض. متفق عليه.
وثبت عن ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "رأيت جبريل عند سدرة المنتهى، وعليه ستمائة جناح، ينتثر من ريشه التهاويل: الدر والياقوت".
وقد يتحول الملك بأمر الله تعالى إلى هيئة رجل، كما قال تعالى عن جبريل عليه السلام لما أرسله تعالى إلى مريم رضي الله عنها:{فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا} [مريم: 17] وكما جاء الملائكة إلى إبراهيم ولوط عليهم السلام على صورة بشر، وكما جاء جبريل على صورة رجل شديد سواد الشعر إلى النبي صلى الله عليه وسلم يسأله، ليعلم هذه الأمة أمر دينها.
الأمر الرابع: الإيمان بما علمنا من أعمال الملائكة عليهم السلام:
الملائكة عليهم السلام ينفذون ويدبرون ما أمرهم ربهم جل وعلا بتنفيذه وتدبيره، كما قال تعالى:{فَالْمُدَبِّرَاتِ أَمْرًا} [النازعات: 5]، وهم أعظم جنود الله
تعالى، وهم رسل الله وسفراؤه بينه وبين عباده، ينزلون بالأمر من عنده في أقطار العالم، ويصعدون إليه بالأمر.
ومن الأعمال الموكلة إلى بعض الملائكة عليهم السلام:
1 -
أوكل إلى جبريل عليه السلام: وحي الله تعالى، والذي به حياة القلوب، فالله تعالى يرسله به إلى الأنبياء والرسل، كما قال تعالى عن نزوله عليه السلام بالقرآن {نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ (193) عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ (194) بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ (195)} [الشعراء: 193 - 195].
2 -
أوكل إلى إسرافيل عليه السلام: النفخ في الصور لقيام الساعة، وبعث الخلق، فينفخ فيه مرتين، فينفخ فيه النفخة الأولى، فيصعق الناس الذين تدركهم الساعة وهم أحياء، فيموتون لشدة هذا الصوت، ثم ينفخ فيه أخرى، فإذا هم قيام ينظرون، فترجع كل روح إلى بدنها الذي كانت تعمره في الدنيا.
وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "كيف أنعم وصاحب الصور قد التقمه، وحنى جبهته، ينتظر متى يؤمر أن ينفخ".
3 -
أوكل إلى بعض الملائكة: عمارة السماوات بالصلاة والتسبيح، كما قال تعالى:{وَلَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَنْ عِنْدَهُ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَلَا يَسْتَحْسِرُونَ (19) يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لَا يَفْتُرُونَ (20)} [الأنبياء: 19 - 20]، وكما في حديث حكيم بن حزام السابق.
4 -
أوكل إلى بعض الملائكة: حفظ أعمال العباد وتسجيلها، فقد وكَّل تعالى بكل شخص ملكين أحدهما يكتب الحسنات، والثاني يكتب السيئات، كما قال تعالى: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ (16) إِذْ
يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ (17) مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ (18)} [الانفطار: 10 - 12].
5 -
أوكل إلى بعض الملائكة: قبض الأرواح، فقد أوكل تعالى إلى ملك الموت قبض الأرواح، وله أعوان من ملائكة الرحمة ينزلون عند خروج روح المؤمن، فيستخرج ملك الموت روحه برفق، ثم يأخذها منه أعوانه هؤلاء، فيحنطونها بحنوط من الجنة، ويكفنونها بكفن من الجنة، وله أعوان من ملائكة العذاب، ينزلون معه عند قبض روح العبد العاصي لله تعالى، فيستخرج ملك الموت روحه بشدة وقوة، ويتألم صاحبها ألمًا كبيرًا، ولكنه لا يستطيع الحراك ولا الكلام، ثم يأخذها منه أعوانه هؤلاء، فيحنطونها بحنوط من النار، ويكفنونها بكفن من النار، وقد ذكر ذلك مجملًا في كتاب الله، كما في قوله تعالى:{الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ فَأَلْقَوُا السَّلَمَ مَا كُنَّا نَعْمَلُ مِنْ سُوءٍ بَلَى إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (28) فَادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَلَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ (29) وَقِيلَ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا مَاذَا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قَالُوا خَيْرًا لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ وَلَدَارُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ وَلَنِعْمَ دَارُ الْمُتَّقِينَ (30) جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ لَهُمْ فِيهَا مَا يَشَاءُونَ كَذَلِكَ يَجْزِي اللَّهُ الْمُتَّقِينَ (31) الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلَامٌ عَلَيْكُمُ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (32)} [النحل: 28 - 32]، وكما في قوله تعالى:{حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لَا يُفَرِّطُونَ} [الأنعام: 61] وذكر ذلك مفصلًا في السنة، كما في حديث البراء وغيره.
6 -
أوكل إلى بعض الملائكة: خزانة الجنة، كما قال تعالى:{وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ (73)} [الزمر: 73].