الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الرابع النفاق الأصغر
وفيه مبحثان:
المبحث الأول: تعريفه وحكمه:
النفاق الأصغر هو: أن يظهر الإنسان أمرًا مشروعًا ويبطن أمرًا محرمًا يخالف ما أظهره.
فكل من فعل أو قال قولًا مشروعًا واجبًا أو مستحبًا أو مباحًا، وقد أبطن ضد ما أظهره فقد فعل خصلة من النفاق الأصغر، ويسميه بعض أهل العلم "النفاق العملي" لأنه يتعلق بالأعمال، وليس في الاعتقاد، وأطلق عليه بعض أهل العلم أيضًا "نفاقًا دون نفاق". وحكم هذا النفاق أنه محرم، وكبيرة من كبائر الذنوب، ومن فعل خصلة من خصاله فقد تشبّه بالمنافقين، ولكنه لا يخرج من ملة الإسلام بإجماع أهل العلم.
المبحث الثاني: خصاله وأمثلته:
للنفاق الأصغر خصال كثيرة، أهمها:
1 -
أن يكذب في كلامه متعمدًا، ومن يسمع كلامه مصدق له.
2 -
أن يعدَ وفى نيته وقت الوعد أن لا يفي بما وعد به، ثم لا يفي فعلًا بهذا الوعد.
3 -
أن يخاصم غيره، ويفجر في خصومته، بأن يعدل عن الحق إلى
الباطل متعمدًا، فيدّعي ويحتج بالباطل والكذب، ليأخذ ما لا يجوز له أخذه.
4 -
أن يعاهد غيره بعهد، وفي نيته وقت العهد أن لا يفي به، ثم لا يفي فعلًا بهذا العهد.
والدليل على كون هذه الخصال الأربع من النفاق الأصغر: ما رواه البخاري ومسلم عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أربعٌ من كنَّ فيه كان منافقًا خالصًا، وإن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها: إذا حدث كذب، وإذا عاهد غدر، وإذا وعد أخلف، وإذا خاصم فجر".
5 -
الخيانة في الأمانة، وذلك بأن يأخذ الأمانات من الآخرين وفي نيته وقت أخذها أن يجحدها، ثم لا يؤدّيها إليهم فقد روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي قال:"آية المنافق ثلاث، إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا ائتمن خان".
6 -
الرياء في الأعمال الصالحة، فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:"أكثر منافقي أمّتي قراؤها".
والمراد بنفاق القراء: الرياء
7 -
إعراض المسلم عن الجهاد، وعدم تحديث نفسه به، فقد روى مسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:"من مات ولم يغز ولم يحدِّث به نفسه مات على شعبة من نفاق".
8 -
إظهار مودة الغير، والتقرب إليه بما يجب، مع إضمار بغضه، أو التكلّم فيه في غيبته بما لا يرضيه، فقد روى البخاري عن محمد بن زيد بن عبد الله بن
عمر، قال: قال أناس لابن عمر: إنا ندخل على سلطاننا، فنقول لهم بخلاف ما نتكلم إذا خرجنا من عندهم، قال: كنا نَعُدُّ هذا نفاقًا.
9 -
بغض الأنصار رضي الله عنهم فقد روى البخاري ومسلم عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "آية المنافق بغضُ الأنصار، وآية المؤمن حبُّ الأنصار".
10 -
بغض الخليفة الراشد علي بن أبي طالب رضي الله عنه، فقد روى مسلم في صحيحه عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: والذي فلَقَ الحبَّةَ وبَرَأ النسمة إنه لعهد النبيِّ الأميِّ صلى الله عليه وسلم إليَّ: أن لا يحبني إلا مؤمن، ولا يبغضني إلا منافق.
وبالجملة فإن من اجتمعت فيه أكثر خصال هذا النفاق، واستمر عليها فهو على خطر عظيم، ويُخشى أن يقع في النفاق الأكبر، ولذلك خاف جماعات من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم هذا النفاق على أنفسهم، فقد خافه الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه على نفسه، وخافه الصحابي الجليل حنظلة الأسيدي رضي الله عنه على نفسه، وخافه غيرهما من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم على أنفسهم، وخافه بعدهم كثير من السلف الصالح رحمهم الله عز وجل على أنفسهم.