الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني" رواه البخاري ومسلم.
والبدع كثيرة، وقد سبق ذكر كثير منها، وسأذكر بشيء من التفصيل بدعتين من أخطر البدع العملية، وأكثرها وقوعًا والتي لا تصل إلى حد الشرك الأكبر، ولكن أدى ابتداعها والتساهل بها إلى الوقوع فيه فيما يلي:
البدعة الأولى: التوسل البدعي:
التوسل في الاصطلاح له تعريفان:
الأول: تعريف عام: وهو التقرب إلى الله تعالى بفعل المأمورات وترك المحرمات.
الثاني: تعريف خاص بباب الدعاء: وهو أن يذكر الداعي في دعائه ما يرجو أن يكون سببًا في قبول دعائه، أو أن يطلب من عبد صالح أن يدعو له.
والتوسل في أصله ينقسم إلى قسمين:
القسم الأول: التوسل المشروع:
وهذا القسم يشمل أنواعًا كثيرة، يمكن إجمالها فيما يلي:
1 -
التوسل إلى الله تعالى بأسمائه وصفاته، كما قال تعالى:{وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا} [سورة الأعراف: 180].
وذلك بأن يدعو الله تعالى بأسمائه كلها، كأن يقول: اللهم إني أسألك بأسمائك الحسنى أن تغفر لي" أو أن يدعو الله تعالى باسم معين من أسمائه تعالى يناسب ما يدعو به، كأن يقول: "اللهم يا رحمن ارحمني"، أو أن يقول: "اللهم إني أسألك بأنك أنت الرحمن الرحيم أن ترحمني".
أو أن يدعو الله تعالى بجميع صفاته، كأن يقول:"اللهم إني أسألك بصفاتك العليا أن ترزقني رزقًا حلالًا"، أو أن يدعوه بصفة واحدة من صفاته تعالى تناسب ما يدعو به، كأن يقول مثلًا:"اللهم انصرنا على القوم الكافرين إنك قوي عزيز" وكأن يقول: "اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني"، كما ورد في السنة في دعاء ليلة القدر.
2 -
الثناء على الله تعالى، والصلاة على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم في بداية الدعاء، لما ثبت عن فضالة بن عبيد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه سمع رجلًا يدعو في صلاته لم يحمد الله ولم يصل على نبيه صلى الله عليه وسلم، فقال:"عجل هذا"، ثم دعاه فقال له:"إذا صلى أحدكم فليبدأ بتحميد الله والثناء عليه، ثم ليصل على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم ليدع بما شاء"، قال: وسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلًا يصلي فمجَّد الله وحمده، وصلى على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم، فقال عليه الصلاة والسلام:"ادع تجب، وسل تعط".
ومن ذلك أن يثني على الله تعالى بكلمة التوحيد "لا إله إلا الله"، التي هي أعظم الثناء على الله تعالى، كما توسل بها يونس عليه السلام في بطن الحوت، ثم يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، فيقول في توسله مثلًا:"لا إله إلا الله، اللهم صل على محمد، اللهم اغفر لي".
ومن ذلك: سورة الفاتحة، فشطرها الأول ثناء على الله تعالى، وآخرها دعاء.
3 -
أن يتوسل العبد إلى الله تعالى بعباداته القلبية، أو الفعلية، أو القولية، أو غيرها، كما في قوله تعالى:{إِنَّهُ كَانَ فَرِيقٌ مِنْ عِبَادِي يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ (109)} [سورة المؤمنون: 109]، وكما في قصة الثلاثة
أصحاب الغار، فأحدهم توسل إلى الله تعالى ببره بوالديه، والثاني توسل إلى الله تعالى بإعطاء الأجير أجره كاملًا بعد تنميته له، والثالث توسل إلى الله تعالى بتركه الفاحشة، وقال كل واحد منهم في آخر دعائه:"اللهم إن كنت فعلت ذلك ابتغاء وجهك فافرج عنا ما نحن فيه".
ومن ذلك أن يقول الداعي: اللهم إني أسألك بمحبتي لك ولنبيك محمد صلى الله عليه وسلم ولجميع رسلك وأوليائك أن تنجيني من النار، أو يقول: اللهم إني صمت رمضان ابتغاء وجهك فارزقني السعادة في الدنيا والآخرة.
4 -
أن يتوسل إلى الله تعالى بذكر حاله، وأنه محتاج إلى رحمة الله وعونه، كما في دعاء موسى عليه السلام:{رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ (24)} [سورة القصص: 24]، فهو عليه السلام توسل إلى ربه جل وعلا باحتياجه للخير أن ينزل عليه خيرا.
ومن ذلك قول الداعي: اللهم إني ضعيف لا أتحمل عذاب القبر ولا عذاب جهنم فأنجني منهما، أو يقول: اللهم إني قد آلمني المرض فاشفني منه.
ويدخل في هذا: الاعتراف بالذنب وإظهار الحاجة لرحمة الله ومغفرته، كما في قوله تعالى:{قَالَا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ (23)} [الأعراف: 23].
5 -
التوسل بدعاء الصالحين رجاء أن يستجيب الله دعاءهم. وذلك بأن يطلب من مسلم حي حاضر أن يدعو له.
كما في قول أبناء يعقوب عليهم السلام له: {قَالُوا يَاأَبَانَا اسْتَغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا إِنَّا كُنَّا خَاطِئِينَ (97)} [سورة يوسف: 97]، وكما في قصة الأعرابي الذي طلب من