الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[المسألة الثامنة في المعجزة الفرق بينها وبين السحر]
المسألة الثامنة
في المعجزة. الفرق بينها وبين السحر كل ما لم تبلغه طاقة البشر، ولم يقع في دائرة قدرتهم، فهو معجزة، وقد تُطلق المعجزة على ما خرج عن طاقة العامة من الخلق دون الخاصّة، كبعض المسائل العلمية، واختراع بعض الآلات، والأجهزة الحديثة، وغيرها مما لا يقوى عليه إلّا خواص الناس، وكالغوص، والسباحة، وحمل الأثقال، وهذا عجز نسبي يكون في مخلوق دون آخر.
وأما المراد من المعجزة هنا (أي في علم التوحيد) : فهي الأمر الخارق للعادة الخارج عن سنة الله في خلقه، الذي يظهره الله على يد مُدّعي النبوة تصديقًا له في دعواه، وتأييدًا له في رسالته، مقرونًا بالتحدّي لأمته، ومطالبتهم أن يأتوا بمثله، فإذا عجزوا كان ذلك آية من الله- تعالى- على اختياره إيّاه، وإرساله إليهم بشريعته.
أما السحر: فهو في اللغة كل ما دق، ولطف، وخفي
سببه، فيشمل قوة البيان، وفصاحة اللسان، لما في ذلك من لطف العبارة، ودقَة المسلك، ويشمل النميمة لما فيها من خفاء أمر النَّمام، وتلطفه في خداع من نم بينهما ليتم له ما يُريد من الوقيعة، ويشمل العزائم والعُقَد التي يعقدها الساحر، وينفث فيها مستعينا بالأرواح الخبيثة من الجن، فيصل بذلك في زعمه إلى ما يريد من الأحداث والمكاسب.
وبذلك يتبين الفرق بين المعجزة والسحر: 1 - فالمعجزة ليست من عمل النبي، وكسبه. إنما هي خلق محض من الله- تعالى- على خلاف سنته في الكائنات.
وأما السحر: فمن عمل الساحر، وكسبه سواء أكان تعويذات، أم بيانا، أم نميمة، أم غير ذلك، وله أسبابه ووسائله التي قد تنتهي بمن عرفها ومهر فيها، واستعملها إلى مسبباتها، فليس خارقا للعادة، ولا مخالفًا لنظام الكون في ربط الأسباب بمسبباتها، والوسائل بمقاصدها.
2 -
والمعجزة: تظهر على يد مدعي النبوة لتكون آية على صدقه في رسالته التي بها هداية الناس من الضلالة، وإخراجهم من الظلمات إلى النور، والأخذ بأيديهم إلى ما ينفعهم في عقائدهم، وأخلاقهم، وأبدانهم، وأموالهم.
أما السحر: فهو خلق ذميم، أو خرافة، أو صناعة يموه بها الساحر على الناس، ويضللهم، ويخدعهم بها عن أنفسهم، وما ملكت أيديهم، ويتخذها وسيلة لكسب العيش من غير حله، ويفرق بها بين المرء وزوجه، والصديق وصديقه، وبالجملة يفسد بها أحوال الأمة بخفاء، والناس عنه غافلون.
3 -
سيرة من ظهرت على يده المعجزة حميدة. وعاقبته مأمونة، فهو صريح في القول والفعل، صادق اللهجة، حسن العشرة، سخي، كريم، عفيف عما في أيدي الناس، يدعو إلى الحق، وينافح دونه بقوة وشجاعة.
أما الساحر: فسيرته ذميمة، ومغبته وخيمة، خائن خداع سيئ العشرة، يأخذ ولا يُعطي، يدعو إلى الباطل، ويسعى جهده في ستره، خشية أن يفتضح أمره، وينكشف سره، فلا يتم له ما أراد من الشرّ والفساد.
4 -
من ظهرت على يده المعجزة يقود الأمم والشعوب إلى الوحدة والسعادة، ويهديها طريق الخير، وعلى يده يسود الأمن والسلام، وتفتح البلاد، ويكون العمران.
أما الساحر: فهو آفة الوحدة، ونذير الفرقة، والتخريب والفوضى، والاضطراب.