المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[كبار الفرق الإسلامية أربع] - مذكرة التوحيد

[عبد الرزاق عفيفي]

فهرس الكتاب

- ‌[مقدمة في تعريف التوحيد وبيان الحكم وأقسامه]

- ‌[مسائل المسألة الأولى إثبات أن العالم ممكن]

- ‌[المسألة الثانية الممكن محتاج إلى موجد ومؤثر]

- ‌[المسألة الثالثة في إثبات وجوب الوجود لله سبحانه وتعالى]

- ‌[المسألة الرابعة في أنواع التوحيد]

- ‌[توحيد الربوبية]

- ‌[توحيد الأسماء والصفات]

- ‌[توحيد الإلهية]

- ‌[المسألة الخامسة في الفرق بين النبي والرسول وبيان النسبة بينهما]

- ‌[المسألة السادسة في إمكان الوحي والرسالة]

- ‌[المسألة السابعة في حاجة البشر إلى الرسالة]

- ‌[المسألة الثامنة في المعجزة الفرق بينها وبين السحر]

- ‌[المسألة التاسعة في أنواع المعجزة]

- ‌[قصة يوسف عليه السلام]

- ‌[قصة موسى عليه السلام]

- ‌[خاتمة وتشتمل على أمرين]

- ‌[الأمر الأول الطريقة المثلى للدعوة إلى الله]

- ‌[الأمر الثاني الطريقة المثلى للدعوة إلى الله]

- ‌[الفرق الإسلامية]

- ‌[تمهيد]

- ‌[المقدمة الثانية]

- ‌[كبار الفرق الإسلامية أربع]

- ‌[الفرق وتشعبها]

- ‌[الشيعة]

- ‌[الزيدية]

- ‌[الإمامية]

- ‌[الكيسانية]

- ‌[أسئلة منثورة من سنوات عدة]

الفصل: ‌[كبار الفرق الإسلامية أربع]

[كبار الفرق الإسلامية أربع]

القدرية، الصفاتية، الخوارج، الشيعة ثم يتركب بعضها مع بعض، ويتشعّب عن كل فرقة أصناف، فتصل إلى ثلاث وسبعين فرقة، ولأصحاب كتب المقالات، طريقان في الترتيب.

أحدهما: أنهم وضعوا المسائل أصولا ثم أوردوا في كل مسألة: مذهب طائفة طائفة، وفرقة فرقة.

والثاني: أنهم وضعوا الرجال وأصحاب المقالات أصولا، ثم أوردوا مذاهبهم في مسألة مسألة، وترتيب هذا المختصر على الطريقة الأخيرة لأني وجدتها أضبط للأقسام وأليق بأبواب الحساب، وشرطي على نفسي أن أورد مذهب كل فرقة على ما وجدته في كتبهم من غير تعصب لهم، ولا كسر عليهم، دون أن أبيّن صحيحه من فاسده، وأعين حقه من باطله، وإن كان لا يخفى على الأفهام الذكية في مدارج الدلائل العقلية لمحات الحق، ونفحات الباطل.

ومهما يكن المنهج الذي سلكه من ألف في الفرق

ص: 115

الإسلامية، وأيا كان اجتهادهم في تعيين الفرق، وتمييز بعضها من بعض لتبلغ العدد الذي ورد في الحديث، فلن يبرئهم ما وضعوا من الأصول والضوابط من معرة التكلف، ولن يعصمهم من مزالق التخمين، وما يوجه إليهم من طعنات النقاد.

فإن النصوص وإن دلّت على حدوث الفِرق في هذه الأمة، وبيّنت عدد الفرق إجمالًا لم تخص بحدوث الفرق عهدًا دون عهد، والأمة لا تزال تتابع أجيالها، وتختلف آراؤها، والمستقبل غيب لا يعلمه إلا الله، فربما حدث من البدع، ومذاهب الضلال ما ليس في الحسبان مما لا يمكن رده إلى مذاهب الفرق الأولى.

وإذا كان ذلك على ما وصفت كان تعيين الفرق رجمًا بالغيب، واقتحامًا لمتاهات لا تزيد من رمى بنفسه فيها إلا حيرة. مع ما في ذلك من التكلف في ضمّ بعض الفرق إلى بعض بإلغاء ضرب من الخلاف خشية أن يتجاوز العدد ما ذكر في الحديث، أو جعل الواحدة فرقتين باعتبار نوع من الخلاف حذرًا أن ينقص العدد عما ذكر في الحديث إلّا أن التأجيل، ووضع القواعد على النحو الذي صنفه " الشهرستاني " وغيره أقرب إلى الضبط، وأسرع للفهم والتحصيل، وأبعد عن نشر الكلام، وأدخل في

ص: 116

صناعة التأليف. لذلك اكتفيت بذكر أصول الفرق الكبار مع مراعاة ترتيبها حسب حدوثها من غير استقصاء، أو محاولة بلوغ العدد المذكور في الحديث.

وذكر جملة من الفرق المشهورة التي تشعّبت عنها مع بيان شيء مما يتميز به كل منها.

الخوارج: خرج جماعة من المسلمين على الخليفة الثالث عثمان بن عفان لأمور نقموها منه، وأحداث أنكروها عليه، وما زال بهم اللجاج في الخصومة معه حتى قتلوه. ولما انتهت الخلافة إلى علي بن أبي طالب كان ممن اختلف عليه، وقاتله: طلحة بن عبيد اللهّ القرشي، والزبير بن العوام. فأما الزبير فقتله ابن جرموز، وأما طلحة فرماه مروان بن الحكم بسهم فقتله، وكانت معهما عائشة رضي الله عنها على جمل لها، ولكنها رجعت سالمة مكرمة لم يعترض عليها أحد، وتسمى هذه الموقعة بـ "موقعة الجمل "(36هـ) . واختلف على عليّ - أيضًا - معاوية ومن تبعه- رضي الله عنهم ودارت الحرب بين الفريقين في صِفين حتى كان التحكيم الذي زاد الفتنة اشتعالًا، ودبّ الخلاف في جيش علي، وخرج عليه ممن كان من أنصاره فرقة تعرف بالحرورية،

ص: 117

وبالشراة. واشتهرت باسم الخوارج. وحديث العلماء في الفرق الإسلامية عن الخوارج إنما هو عن هؤلاء الذين خرجوا على عليّ رضي الله عنه من أجل التحكيم. أما طلحة، والزبير، ومعاوية، ومن تبعهم، فلم يعرفوا عند علماء المسلمين بهذا الاسم.

ثم صارت كلمة الخوارج تطلق على كل من خرج على إمام من أئمة المسلمين، اتفقت الجماعة على إمامته في أي عصر من العصور دون أن يأتي ذلك الإمام بكفر ظاهر ليس له عليه حجة، وإذن فأول من أحدث هذه البدعة في هذه الأمة، الجماعة التي خرجت على عليّ بن أبي طالب سنة 39 هـ، وأشدهم في التمرد، والخروج عليه، الأشعث بن قيس، ومسعود بن فدكي التميمي، وزيد بن حصين الطائي، والذي دعاهم إلى ذلك مسألة التحكيم المشهورة في التاريخ، ورضا الملومة به مع أنهم هم الذين أمروه به، واضطروه إليه، ثم أنكروه عليه. فقالوا: لم حكمت الرجال، لا حكم إلا الله.

ورؤوسهم ستة: الأزارقة، والنجدات، والصفرية، والعجاردة، والأباضية، والثعالبة، وعنها تتفرع فرقهم.

ومن أصولهم التي اشتركت فيها فرقهم، البراءة من علي،

ص: 118

وعثمان، وطلحة، والزبير، وعائشة، وابن عباس رضي الله عنهم وتكفيرهم.

والقول بأن الخلافة ليست في بني هاشم فقط، كما تقول الشيعة، ولا في قريش فقط، كما يقول أهل السنة، بل في الأمة عربها وعجمها، فمن كان أهلًا لها علمًا، واستقامة في نفسه، وعدالة في الأمة جاز أن يُختار إمامًا للمسلمين، والخروج على أئمة الجور، وكل من ارتكب منهم كبيرة. ولذلك سموا بالخوارج. والإيمان عندهم: عقيدة، وقول، وعمل.

وقد وافقوا في هذا أهل السنة في الجملة، وخالفوا غيرهم من الطوائف. ومن أصولهم- أيضًا-: التكفير بالكبائر، فمن ارتكب كبيرة فهو كافر. وتخليد من ارتكب كبيرة في النار إلا النجدات في الأخيرين. ولذا سموا وعيدية، ومن أصولهم - أيضًا- القول بخلق القرآن.

وإنكار أن يكون الله قادرًا على أن يظلم. وتوقف التشريع، والتكليف على إرسال الرسل، وتقديم السمع على العقل على تقدير التعارض، فمن وافقهم في هذه الأصول فهو منهم، وإن خالفهم في غيرها. ومن وافقهم في بعضها، ففيه منهم بقدر ذلك، وقد اجتمعوا بحروراء برئاسة عبد الله بن الكواء،

ص: 119

وعتاب بن الأعور، وعبد الله بن وهب الراسبي، وعروة بن حدير، ويزيد بن عاصم المحاربي، وحرقوص بن زهير المعروف بذي الثدية. وكانوا في اثني عشر ألف رجل. فقاتلهم عليّ يوم النهروان، فما نجا منهم إلا أقل من عشرة، فر منهم اثنان إلى عمان، واثنان إلى كرمان، واثنان إلى سجستان، واثنان إلى الجزيرة، وواحد إلى موزن، فظهرت بدع الخوارج في هذه المواضع.

وأول من بويع منهم بالخلافة عبد الله بن وهب الراسبي، فتبرأ من الحكمين، وممن رضي بهما، وكفّر هو ومن بايعه عليا لتحكيمه الرجال، ورضاه بذلك.

ص: 120