المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌من تفسيره المخطوط: - معاجم مفردات القرآن (موازنات ومقترحات)

[أحمد حسن فرحات]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة

- ‌لمحة تاريخية عن التأليف في معاني القرآن وغريبه قبل الراغب الأصفهاني

- ‌مفردات الراغب معلم بارز في معاجم المفردات القرآنية

- ‌ميزات مفردات الراغب:

- ‌كشف جذر الكلمة:

- ‌تتبع المعاني المستعارة:

- ‌تحرّي المعاني الصحيحة:

- ‌الكلمات الجامعة لمعنيين:

- ‌نفي معان موهومة:

- ‌تعريفات جامعة

- ‌قواعد كلية:

- ‌قواعد أكثرية:

- ‌ردود وانتقادات:

- ‌مكملات مفردات الراغب:

- ‌من كتاب الذريعة:

- ‌من تفسيره المخطوط:

- ‌موازنات بين المفردات وأربعة معاجم قرآنية

- ‌مدخل

- ‌الطبعات المعتمدة في الموازنة:

- ‌موازنات بين مقدمات الكتب الخمسة:

- ‌ومن خلال النظر في المقدمات السابقة نخرج بالنتائج التالية:

- ‌مواضع الوهم من الكلمة والكلام:

- ‌موازنة بين المعاجم الخمسة في دراسة بعض المفردات:

- ‌كلمة آلاء:

- ‌كلمة درس:

- ‌كلمة صغو

- ‌كلمة الطوفان:

- ‌أصل كلمة صلى:

- ‌كلمة العصر

- ‌ملاحظات على المعاجم السابقة:

- ‌مقترحات:

- ‌للكلمة والكلام وجوه ولابد من تعيين المراد في كل موضع وهي:

- ‌خاتمة

- ‌مصادر ومراجع

الفصل: ‌من تفسيره المخطوط:

والحِجْرُ: أصله من الحَجْر، أي: المنع، وهذا اسم لم يلزمه الإنسان من حظر الشرع والدخول في أحكامه، وعلى ذلك قوله تعالى {هَلْ فِي ذَلِكَ قَسَمٌ لِذِي حِجْرٍ} .

والحجا: وسمي حجا. من حجاه: أي: قطعه ومنه الأحجية، فكأنه سمي بذلك لكونه قاطعاً للإنسان عما يقبح.

وأما اللب: فهو الذي قد خلص من عوارض الشُّبه، وترشح لاستفادة الحقائق من دون الفزع إلى الحواس. ولذلك علق الله تعالى في كل موضع ذكره بحقائق المعقولات دون الأمور المحسوسة، نحو قوله تعالى:{إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآياتٍ لأُولِي الْأَلْبَابِ} فوصفهم بهداية الله إياهم.

وهكذا نرى اختلاف أسماء العقل باختلاف منازله، وارتباط ذلك كله بمعان دقيقة دل عليها التدبر الواعي للآيات التي وردت فيها الأسماء المتعددة، مما يجعل كلا منها مختصاً بمعنى دون غيره.

ص: 20

‌من تفسيره المخطوط:

- عند تفسير لقوله تعالى {وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ..} يقول الراغب:

" الخضوع والخشوع " و " الخنوع " و " السجود " و " الركوع": تتقارب وبينها فروق:

ص: 20

فالخضوع: ضراعة بالقلب و" الخشوع": بالجوارح، ولذلك قيل:"إذا تواضع القلب خشعت الجوارح" وقال تعالى: {وَخَشَعَتِ الْأَصْوَاتُ} .

و" الخنوع ": ضراعة لمن دونه، طمعاً لعرض في يده.ولذلك أكثر ما يجيء في الذم.

و" الركوع": تذلّل مع التطأطؤ" و " السجود" مع خفض الراس

".

وهكذا يبدأ تفسير الآية ببيان الفروق بين ما يظن أنه من قبيل الترادف على المعنى الواحد، فيبين اختصاص كل كلمة بمعنى تفترق به عن غيرها، وإن كانت هذه الكلمات كلها تشترك في جزء من المعنى أيضاً، وهو ما عبر عنه بالتقارب.

وعند قوله تعالى {قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْهَا جَمِيعاً فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدىً فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ} .

يقول الراغب: " المجيء " و " الإتيان " و" الإقبال" متقاربة:

غير أن " المجيء " عام و " الإقبال " مجيء من ناحية القُبُل و " الإتيان ": مجيء من بُعْد، ومنه قيل"الأتيّ": للغريب وللسيل الجائي من بعيد و " آتيته " أي: أعطيته، منقول عن أتيته وأتوته، وهما لغتان.

ثم يقول الراغب:

و" الإتباع " و " الإتلاء " و " الاحتذاء" و " الاقتداء" تتقارب:

فالإتلاء: مجيء بعد آخر بلا فاصل بينهما من جنسهما.

ص: 21

والاحتذاء: منقول من حذو النعل بالنعل.

والاقتداء: اتباع على قدر، أي: على قدر المتبع بلا تجاوز ولا تأخر.

والاتباع: عام في كل ذلك. ومنه قيل لـ " الرعية": أتباع. وسمي العِجْل التابع لأمه تبيعاً.

ثم يقول الراغب: و "الخوف" و "الفزع" و "الحذر" و "الرهبة" و "الهيبة" و "الخشية" و " الوجل" و " الشفقة" تتقارب:

فالخوف: توقع مكروه عن أمارة، وذلك للمذنب. ولهذا قال أمير المؤمنين: لايخافن امرؤ إلا ذنبه ولا يرجون إلا ربه.

والفزع: اضطراب عن وهم كمن سمع هدّة فاضطرب. والحذر: خوف مع احتراز. والرهبة: خوف مع اضطراب واحتراز. والهيبة: رهبة مع استشعار تعظيم والشفقة: خوف مع محبة.

ولذلك قيل: الخوف والحذر للمذنب. والرهبة للعابد والخشية للعالم، والهيبة للعارف

وهكذا نرى مدى اهتمام الراغب في بيان الفروق في تفسيره بين ما يظن أنه من المترادف، وأنه إذا انتهى من كلمة في بيان فروق مترادفاتها، انتقل إلى كلمة أخرى لبيان الفروق بين مترادفاتها. والراغب بصنيعة هذا متميز عن كل من تقدمه ومن جاء بعده وهو بذلك يقدم لنا ثروة هائلة في هذا الجانب، كنا نتمنى لو أن الكتاب الذي كان سيتبع به كتاب " المفردات " قد وصل

ص: 22

إلينا، إذن لوصلنا خير كثير، وعلى كل حال فما وصلنا في تفسيره يعطينا فكرة عظيمة عن اهتمامه بهذا الجانب الذي يجعل فهمنا للغة أدق، وهو بذلك يرشحنا لإدراك أسرار التعبير في الكتاب المعجز، ويجعلنا قادرين على تذوق بلاغته وسحر بيانه،واكتشاف ما انطوت عليه حروفه وكلماته من خبيء المعاني ومكنونات المعارف والعلوم.

ص: 23