الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
موازنة بين المعاجم الخمسة في دراسة بعض المفردات:
كلمة آلاء:
- قال الراغب: "فاذكروا آلاء الله " أي: نعمه – الواحد، ألا و " إلى " نحو " أنىً " و " إنىً" لواحد الآناء.وقال بعضهم في قوله تعالى:{وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ. إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} (القيامة: 22-23) إن معناه: إلى نعمة ربها منتظرة. وفي هذا تعسف من حيث البلاغة.
- وقال السمين: والآلاء: النعم. واحدها: إلى"كمعى "و" ألىً " كـ " رحىً" و " إلى" كهجر و " إليْ" كفِلْس قال تعالى: {فَاذْكُرُوا آلاءَ اللَّهِ} أي: نعمه الظاهرة والباطنة وإليه الإشارة بقوله: " وأسبغ عليكم نعمه ظاهرة وباطنة" – قرئ بالإفراد والجمع – وقوله {فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ} معناه: أن كل نعمة من نعمه وإن قلت بالنسبة إلى فضله العميم فلا ينبغي أن تكفر بل تشكر. ثم نقل ما أورده الراغب في {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ} .
- وأما الفيروز آبادي فلم يذكر الكلمة أصلاً.
وأما الفراهي فقد قال: أجمعوا أن معناه: النِّعم. ولكن القرآن وأشعار العرب يأباه والظاهر أن معناه: الفعال العجيبة – فارسيته: كرشمة – ولما كان غلب فعاله تعالى " الرحمة" طنّوا أن الآلاء هي النعم. والرواية عن ابن عباس – رضي الله عنه – حملتهم على هذا، ولكن السلف إذا سئلوا أجابوا حسب السؤال، والمراد المخصوص في الموضع المسؤول عنه. وهذا
- الظن فتح لهم نفذاً إلى تبديل معنى " إلى " في قوله تعالى {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} فقالوا: إن " إلى " واحد " الآلاء" وليس في كلام العرب له مثال ولكنهم زعموا أن الأعمش (1) أراد هذا في قوله:
أبيضُ لايرهَبُ الهُزالَ
…
ولا يَقْطَعُ رُحْماً ولا يخون إلا
قال ابن دريد: وقد خففت العرب " الألّ ".
أما القرآن: فقوله تعالى {فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكَ تَتَمَارَى هَذَا نَذِيرٌ مِنَ النُّذُرِ الْأُولَى} (النجم 55-56) بعد ذكر هلاك الأقوام – وهكذا في سورة الرحمن.
وأما كلام العرب:
فقال طرفة (2) :
كاملٍ يحملُ آلاءَ الفتى
…
نَبِهٍ سيِّدِ ساداتٍ خِضَمْ
وقالت مية (3) بنت ضرار ترثي أخاها:
كريمٍ ثناهُ وآلاؤه
…
وكافي العشيرةِ ما غالها
وقال المهلهل أخو كليب يرثي أخاه كليباً:
الحزم والعزم كانا من طبائعه
…
ما كل آلائه يا قوم أحصيها
وقال ربيعة (4) بن مقروم أحد بني غيظ بن السيد:
ولولا فوارسنا ما دَعَت
…
بذات السُّلَيم تميم تميماً
(1) ديوان الأعمش: 175 – بتحقيق كامل سليمان.
(2)
ديوان طرفه بشرح الشنتمري: 110.
(3)
شاعرات العرب: ص 400، جمع عبد البديع صقر.
(4)
شرح المفضليات للتبريزي: 2/681-682.
وما إن لأوئبها أن أعدَّ
…
مآثر قومي ولا أن ألوما
ولكن أذكر آلاءنا
…
حديثاً وما كان منا قديما
- معنى " لأوئبها: لأخزيها والضمير يعود على تميم.
وقال الأجدع الهمداني:
ورضيت آلاء الكُمَيْتِ فمن
…
يُبِعْ (1) فرَساً فليسَ جوادُنا بمباعِ
قال الجوهري في هذا الشعر: آلاؤه: خصاله الجميلة ولكنه لم يثبت على هذا المعنى الذي هو أصله فقال في مادة " الآلاء": والآلاء: النعم، واحدها: ألى " بالفتح وقد يكسر ويكتب بالياء، مثل مِعىً وأمعاء. فاتبع ما فهم المفسرون عن ابن عباس رضي الله عنه.
وقال فضالة بن زيد العدواني – وهو من المعمرين:
وفي الفقر ذلّ للرقاب وقلّ ما
…
رأيت فقيراً غير نكس مذمّم
يلام وإن كان الصوابُ بكفِّه
…
ويحمد آلاء البخيل المدرهم
أي: يحمدون صفات البخيل وفعاله، وهذا البيت أوضح دلالة مما ذكرنا قبله على معنى الآلاء وقال الحماسي (2) في المراثي- ولم يسمه أبو تمام:
إذا ما امرؤ أثنى بآلاء ميتٍ
…
فلا يُبْعِدِ اللهُ الوليدَ بن أدهما
فما كان مفراحاً إذا الخيرُ مسَّه
…
ولا كان مناناً إذا هو أنعما
(1) قال الفراء: تقول: أبَعْتَ الخيل: إذا أردت أنك أمسكتها للتجارة والبيع. فإن أردت أنك أخرجتها من يدك. قلت: بعتها: والبيت في أدب الكاتب: 1/343 وإصلاح المنطق: 1/235.
(2)
الحماسة: 1/383.
ففسّر ما أراد من الآلاء، بذكر أنه لم يكن مفراحاً إذا مسه الخير، ولا مناناً إذا أنعم.
وقالت الخنساء:
فنبكي أخاك لآلائه
…
إذا المجدُ ضيَّعه السائسونا
أما معجم المجمع فقد قال: آلاء: نعم.
وبالموازنة بين الأقوال السابقة يتبين ما يلي:
- الاختصار في قول الراغب ورده على المعتزلة بقوله: وهذا تعسف من حيث البلاغة.
- الزيادة التي أضافها السمين لم تكن إلا في ذكر بعض الآيات التي لم يذكرها الراغب.
- وأما الفيروزأبادي فلم يذكر الكلمة أصلاً.
- وكذلك معجم المجمع لم يذكر إلا كلمة واحدة وهي" نِعَم ".
أما التحقيق والتأصيل والتدقيق فهو ما لجأ إليه الفراهي ولابد أن الذي دفع الفراهي إلى هذه الدراسة شعوره بأن المعنى المعروف ليس دقيقاً، وبخاصة حينما ينظر إليه في تفسير الآية القرآنية كما في قوله تعالى في سورة " الرحمن":{يُرْسَلُ عَلَيْكُمَا شُوَاظٌ مِنْ نَارٍ وَنُحَاسٌ فَلا تَنْتَصِرَانِ فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ} (الرحمن: 35-36) فأين النعمة في إرسال الشواظ من النار؟ وهذا ما اضطر كثيراً من المفسرين إلى التعسف في التأويل،