الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تنبيه: لا يجب قراءة هذا الكتاب من أوله إلى آخره مُرتباً ، بل للقاريء الكريم أن يتخيَر ويقرأ كل معلم من هذه المعالم مجرَداَ عن ما قبله وعن ما بعده.
(المعلم الأول: عوارض الأهلية وشروط التكليف وموانعه)
• الأهلية هي صلاحية الإنسان لوجوب الحقوق الشرعية له أو عليه أو صلاحيته لصدور الفعل منه على وجه يُعتد به شرعاً.
• عوارض الأهلية هي أحوال منافية لأهلية الإنسان غير لازمة له.
وهي نوعان:
1 -
عوارض سماوية: (وهي ما ثبت من قبل صاحب الشرع بدون اختيار للعبد فيه وهذه العوارض خارجة عن قدرة العبد وهي أحد عشر (الصغر، الجنون، العته، والنسيان، النوم، الإغماء، الرق، المرض، الحيض، النفاس، الموت) ويخرج الحمل والرضاع والشيخوخة القريبة إلى الفناء من العوارض لدخولها في المرض ولو أفردا من بين العوارض فلا بأس.
والعته: هو اختلاط كلامه مرة وعدم اختلاطه مرة فيشبه بعض كلامه كلام العقلاء وبعضه كلام المجانين.
2 -
عوارض مكتسبة: (وهو ما كان لاختيار العبد فيه دخل باكتساب أو ترك إزالتها وهي نوعان منه ومن غيره أما الذي منه فهي الجهل والسكر والهزل والسفه والخطأ والسفر أما الذي من غيره فالإكراه بما فيه من إلجاء وبما ليس فيه إلجاء.)
لكن ليُعلم أنه ليس كل جهل هو عذر وعارض فهناك جهل باطل ولا يصلح عذراً في الآخرة ، أما السكر فالمتفق في جعل السكر عارضاً وعذراً مؤثراً كونه بطريق مباح فيكون كالإغماء، وأما السفه فهو خفة تبعث الإنسان على العمل في ماله بخلاف مُقتضى العقل.
• الغضب عند أهل العلم له ثلاث مراتب:
المرتبة الأولى: أن يشتد غضبه حتى يفقد عقله، وحتى لا يبقى معه تمييز من شدة الغضب. فهذا حكمه حكم المجانين لا يترتب على كلامه حكم؛ لا طلاقه، ولا سبّه، ولا غير ذلك، ويكون كالمجنون لا يترتب عليه حكم.
المرتبة الثانية: دون ذلك، أن يشتد معه الغضب ويغلب عليه الغضب جدًّا حتى يغير فكره، وحتى لا يضبط نفسه ويستولي عليه استيلاءً كاملاً، حتى يصير كالمكره والمدفوع الذي لا يستطيع التخلص مما في نفسه، لكنه دون الأول، فلم يَزُلْ شعوره بالكيلة، ولم يفقد عقله بالكلية، لكن معه شدة غضب بأسباب المسابَة والمخاصمة والنزاع بينه وبين بعض الناس كأهله أو زوجته أو ابنه أو أميره أو غير ذلك.
وهذا يُلحق بالأول الذي فقد عقله؛ لأنه أقرب إليه، ولأن مثله مدفوع مكره إلى النطق، لا يستطيع التخلص من ذلك لشدة الغضب.
وحكمه حكم من فقد عقله في هذا المعنى، أي في عدم وقوع طلاقه، وفي عدم ردْته؛ لأنه يشبه فاقد الشعور بسبب شدة غضبه واستيلاء سلطان الغضب عليه حتى لم يتمكن من التخلص من ذلك.
المرتبة الثالثة: فهو الغضب العادي، الذي لا يزول معه العقل، ولا يكون معه شدة تضيِّق عليه الخناق، وتُفقده ضبط نفسه، بل هو دون ذلك، غضب عادي يتكدّر ويغضب، ولكنه سليم العقل سليم التصرف.
فهذا عند أهل العلم تقع تصرفاته، ويقع بيعه وشراؤه وطلاقه وغير ذلك؛ لأن غضبه خفيف لا يغيَر عليه قصده ولا قلبه ، والله أعلم.
• التمييز هو أن يميَز الطفل بين ما يضره وما ينفعه ويكون غالباً في السادسة أو السابعة من عمره.
• الصغير (الطفل) المميز يجري عليه قلم الحسنات ولا يجري عليه قلم السيئات وليس عليه واجب وليس عليه محرم لكن يجب على ولي الطفل مُميزاً كان أو غير مميز أن يجنبه المحرمات من الأطعمة والملابس وغير ذلك.
• للتكليف موانع منها: الجهل وهو عدم العلم فمتى فعل المكلف محرماً جاهلاً بتحريمه فلا شيء عليه ومتى ترك واجباً جاهلاً بوجوبه لم يلزمه قضاؤه إذا كان قد فات وقته.
النسيان وهو ذهول القلب عن شيء معلوم فمتى فعل محرماً ناسياً فلا شيء عليه ومتى ترك واجباً ناسياً فلا شيء عليه حال نسيانه ولكن عليه فعله إذا ذكره.
الإكراه وهو إلزام الشخص بما لا يريد فمن أُكره على شيء محرم فلا شيء عليه ومن أكره على ترك واجب فلا شيء عليه حال الإكراه وعليه قضاؤه إذا زال.
وهذه الموانع إنما هي في حق الله لأنه مبني على العفو والرحمة أما في حقوق المخلوقين فلا تمنع من ضمان ما يجب ضمانه إذا لم يرض صاحب الحق بسقوطه والله أعلم.
• شروط التكليف: العلم والقدرة. ومن موانعه الجهل والعجز والإكراه والنسيان وغير ذلك.
• من أسباب الإعذار: التأويل.
• الغلط والنسيان والسهو وسبق اللسان بما لا يريده العبد بل يريد خلافه به مكرهاً أو غير عارف لمقتضاه من لوازم البشرية لا يكاد ينفك الإنسان من شيء منه فلو رتب عليه الحكم لحرجت الأمة وأصابها غاية التعب والمشقة فرفع عنها المؤاخذة بذلك كله حتى الخطأ في اللفظ من شدة الفرح والغضب والسكر وكذلك الخطأ والنسيان والإكراه والجهل بالمعنى وسبق اللسان بما لم يرده والتكلم في الإغلاق ولغو اليمين فهذه عشرة أشياء لا يؤاخذ الله بها عبده بالتكلم في حال منها لعدم قصده وعقد قلبه الذي يؤاخذ به.
• الغافل والذاهل والناسي لا يُؤخذ بما يصدر منه.
• من همَ بالسيئة ولم يفعلها معفوٌ عنه وإن تركها لله فهو مأجور.
(المعلم الثاني: مصير الناس بعد الموت ومنازلهم عند ربهم)
• الله عز وجل رحيم واسع الرحمة وحكيم يُنزل الأمور منازلها ويعطي كل أحد بحسب حاله ومقامه ، قال تعالى (ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ وَمِنْهُم مُّقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ) اشترك هؤلاء الثلاثة في الإيمان وفي اصطفاء الله لهم من بين الخليقة وفي دخول الجنة وافترقوا في تكميل مراتب الإيمان وفي مقدار الاصطفاء من الله وميراث الكتاب وفي منازل الجنة ودرجاتها بحسب أوصافهم.
وهم ثلاث مراتب كلية:
الأول: ظالم لنفسه. الثاني: مقتصد. الثالث: سابق بالخيرات.
أما الظالم لنفسه فهو المؤمن الذي خلط عملاً صالحاً وآخر سيئاً وترك من واجبات الإيمان ما لا يزول معه الإيمان بالكلية وهذا القسم ينقسم إلى قسمين القسم الأول: من يرد القيامة وقد كُفَر عنه السيئات كلها إما بدعاء أو شفاعة أو آثار خيرية ينتفع بها في الدنيا أو عُذَب في البرزخ بقدر ذنوبه ثم رُفع عنه العقاب وعمل الثواب عمله فهذا من أعلى هذا القسم.
القسم الثاني: من ورد القيامة وعليه سيئات فهذا توزن حسناته وسيئاته ثم هم بعد هذا النوع ثلاثة أنواع:
النوع الأول: من ترجح حسناته على سيئاته فهذا لا يدخل النار بل يدخل الجنة برحمة الله.
النوع الثاني: من تساوت حسناتهم وسيئاتهم فهؤلاء هم أصحاب الأعراف وهي موضع مرتفع بين الجنة والنار يكونون عليه ويلبثون فيه ما شاء الله ثم بعد ذلك يدخلون الجنة.
النوع الثالث: من رجحت سيئاته على حسناته فهذا قد استحق دخول النار إلا أن يمنع من ذلك مانع من شفاعة الرسول صلى الله عليه وسلم له أو أحد أقاربه أو معارفه أو تدركه رحمة الله المحضة بلا واسطة وإلا فلا بد له من دخول النار يُعذب فيها بقدر ذنوبه ثم مآله إلى الجنة ولا يبقى في النار أحد في قلبه أدنى أدنى أدنى مثقال حبة خردل.
أما المقتصد فهو الذي أدى الواجبات وترك المحرمات ولم يُكثر من نوافل العبادات وإذا صدر منه بعض الهفوات بادر إلى التوبة ، فيُعاد إلى مرتبته فهؤلاء أهل اليمين فهؤلاء سلموا من عذاب البرزخ وعذاب النار وسلم لهم إيمانهم وأعمالهم فأدخلهم الله بها الجنة.
وأما السابق إلى الخيرات فهو الذي كمل مراتب الإسلام وقام برتبة الإحسان فعبد الله كأنه يراه فإن لم يكن يراه فإنه يراه وبذل ما استطاع من النفع لعباد الله فكان قلبه ملآن من محبة الله والنصح لعباد الله فأدى الواجبات والمستحبات وترك المحرمات والمكروهات وفضول المباحات المنقصة لدرجته فهؤلاء هم صفوة الصفوة وهم المقربون.
علماً أن أصحاب هذه المراتب كلٌ على حسب درجته وبينهما تفاوت عظيم.
• مراتب أعمال الناس من حيث ميزان الشرع:
المرتبة الأولى: العمل الصالح المشروع الذي لا كراهة فيه: فهو سنة الرسول صلى الله عليه وسلم الباطنة والظاهرة والغالب على هذا الضرب هو أعمال السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان.
المرتبة الثانية: العمل الصالح من بعض وجوهه أو أكثرها إما لحُسن القصد أو لاشتماله مع ذلك على أنواع من المشروع ، وهذا الضرب كثير جداً في طرق المتأخرين ومن عامة المسلمين أيضاً، فقد يكون الشخص الواحد في العمل الواحد آثماً من جهة وفي ذات الوقت مُحسناً مأجوراً من جهة أخرى.
المرتبة الثالثة: ما ليس صلاح أصلاً إما لكونه تركاً للعمل الصالح مطلقاً أو لكونه عملاً فاسداً محضاً.
فأفضل هذه المراتب بلا شك الأولى ثم الثانية أما الثالثة فأعاذنا الله منها.
• أولياء الله المتقون هم الذين فعلوا المأمور وتركوا المحظور وصبروا على المقدور.
• هناك فرق بين القوة العلمية والقوة العملية والعلم شيء والتحلي بالعلم شيء آخر والناس مع هاتين القوتين (العلمية والعملية) أربعة أقسام:
القسم الأول: من الناس من تكون له القوة العلمية الكاشفة عن الطريق ومنازلها وأعلامها وعوارضها ومعاثرها، وتكون هذه القوة العلمية أغلب القوتين عليه ويكون ضعيفاً في القوة العملية يُبصر الحقائق ولا يعمل بموجبها ويرى المتالف والمخاوف والمعاطب ولا يتوقاه فهو فقيه ما لم يحضر العمل فإذا حضر العمل شارك الجهَال في التخلَف وفارقهم في العلم وهذا هو الغالب على أكثر النفوس المنشغلة بالعلم والمعصوم من عصمه الله ولا قوة إلا بالله.
القسم الثاني: ومن الناس من تكون له القوة العملية الإرادية وتكون أغلب القوتين عليه وتقتضي هذه القوة السير والسلوك والزهد في الدنيا والرغبة في
الآخرة والجد والتشمير في العمل ويكون أعمى البصر عند ورود الشبهات في العقائد والانحرافات في الأعمال والأقوال والمقامات كما كان الأول ضعيف العقل عند ورود الشهوات فداء هذا من جهله وداء الأول من فساد إرادته وضعف عقله وهذا حال أكثر أرباب الفقر والتصوف السالكين على غير طريق العلم.
القسم الثالث: من كانت له هاتان القوتان استقام له سيره إلى الله ورُجي له النفوذ وقوي على رد القواطع والموانع بحول الله وقوته فإن القواطع كثيرة شأنها شديد ولا يخلص من حبائلها إلا الواحد بعد الواحد ولولا القواطع والآفات لكانت الطريق معمورة بالسالكين ولو شاء الله لأزالها وذهب بها ولكن الله يفعل ما يريد.
القسم الرابع: فإذا كان السير ضعيفاً والهمة ضعيفة والعلم بالطريق ضعيفاً والقواطع الخارجة والداخلة كثيرة شديدة فإنه جهد البلاء ودرك الشقاء وشماتة الأعداء إلا أن يتداركه الله برحمة منه.
• العلماء ثلاثة عالم بالله دون أمره وعالم بأمر الله ليس عالماً بالله وعالم بالله عالم بأمر الله وهذا هو الراسخ في العلم.