المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

الفصل: ‌(المعلم الرابع: التوبة)

• الطريق إلى الخلوص من فتنة الشيطان هي القيام بعبودية الله.

• الخلاص من الشيطان هو التزام المسلم بشرائع الإسلام الظاهرة والباطنة.

• كل ما يصيب بني آدم من شرور ما هي إلا محفزات لتحقيق العبودية لربه

ويا ليت بني آدم يفهم هذه المسألة ، ولو كانت هذه المحفزات لا تريد ذلك ولا تعلمه أصلاً كتسليط الكفار والشياطين على المؤمن فالنجاة هي توحيد الله عز وجل.

• اتباع ما جاءنا عن الله ورسوله من عقائد وأقوال وأعمال وشرائع ظاهرة وباطنة هو الحرز من الشيطان.

• المخرج الحقيقي والمختصر وأقصر الطرق إلى الحصول على المرغوب ودفع المرهوب هو توحيد الله عز وجل بشموله فلا دافع للآفات إلا هو ولا معطي للخيرات إلا هو.

• الشيطان لا يكفه عن الإنسان إلا الله.

(المعلم الرابع: التوبة)

• التوبة هي الرجوع إلى الله.

• تأخير التوبة ذنب تجب التوبة منه ، ويجب تعجيل التوبة حتى لا تصير المعاصي راناً وطبعاً لا يقبل المحو ، ومن يدري لعل العبد يُمنع من التوبة ويُحال بينه وبينها إذا ارتكب الذنب.

• العباد قسمان إما تائب أو ظالم وليس ثمَ قسمٌ ثالث ألبته.

• من لزم الاستغفار جعل الله له من كل هم فرجاً ومن كل ضيق مخرجاً ورزقه من حيث لا يحتسب ، إلا أن التوبة هي أمر زائد على الاستغفار.

• من أي الذنوب تكون التوبة؟

التوبة تكون من الكبائر والصغائر ، والتوبة من الكبائر والصغائر واجبة كحكم شرعي واجب على المكلف أما ما يتعلق بتكفير الذنوب وهذا أمرٌ أخروي فإن الصغائر تُغفر باجتناب الكبائر وأداء الفرائض، وها هنا أمرٌ ينبغي التفطّن له، وهو أن الكبائر قد يقترن بها من الحياء والخوف من الله، والاستعظام لها ما يُلحقها بالصغائر، وقد يقترن بالصغائر من قلة الحياء، وعدم المبالاة، وترك الخوف، والاستهانة بها ما يُلحقها بالكبائر، بل يجعلها في أعلى المراتب، وهذا أمرٌ

ص: 15

مرجعه إلى ما يقوم بالقلب، وهو قدر زائد على مجرّد الفعل، والإنسان يعرف ذلك من نفسه ومن غيره ، وخلاصة القول أن التوبة تكون من الكبائر والصغائر، لكن من تاب من الكبائر غفر الله له الصغائر.

• التوبة نوعان: واجبة وهي من ترك المأمور وفعل المحظور وهذه للأبرار المقتصدين، ومستحبة وهي من ترك المستحبات وفعل المكروهات وهي للسابقين المقربين.

• التوبة من ترك أعمال القلوب قد تكون أهم من التوبة من فعل المنهيات أحياناً، والتوبة من الاعتقادات أعظم من التوبة من الإرادات.

• تختلف طبقات التائبين ورتبهم تبعاً لاختلاف أحوالهم وتباينهم في أعمالهم واصطحابهم التوبة إلى آخر العمر واستقامتهم عليها ، ومن التائبين من يكون حاله بعد الذنب أحسن مما كان قبله بحسب التوبة.

• لا بد للتائب من الصبر على سفهاء الناس والمثبطين عن الخير.

• من أضرار الذنوب: حرمان العلم ، الوحشة في القلب ، تعسير الأمور ، وهن البدن ، حرمان الطاعة ، محق البركة ، قلة التوفيق ، ضيق الصدر ، تولد السيئات ، اعتياد الذنوب ، هوان المذنب على الله وعلى الناس ، لعنة البهائم له ، لباس الذل ، الطبع على القلب والدخول تحت اللعنة ، منع إجابة الدعاء ، الفساد في البر والبحر وانعدام الغيرة ، ذهاب الحياء ، زوال النعم ، نزول النقم ، الرعب في قلب العاصي ، الوقوع في أسر الشيطان ، سوء الخاتمة ، عذاب الآخرة.

• وسائل دفع آثار الخطيئة دون الشرك: 1 - التوبة النصوح وهي للشرك وما دونه.

2 - الاستغفار. 3 - عمل الحسنات الماحية.

4 -

أن يدعو له إخوانه المؤمنون ويشفعوا له حياً وميتاً.

5 -

أن يهدي له إخوانه المؤمنون من ثواب أعمالهم ما ينفعه الله به. 6 - شفاعة النبي محمد صلى الله عليه وسلم. 7 - ابتلاء الله له في الدنيا بمصائب في نفسه وماله وأولاده وأقاربه ومن يُحب ونحو ذلك. 8 - أن يبتليه الله في البرزخ بالفتنة والضغطة وهي عصرة القبر فيكفَر بها عنه.

9 -

أن يبتليه الله في عرصات القيامة من أهوالها بما يكفر عنه.

10 -

أن يرحمه أرحم الراحمين.

فمن أخطأته هذه العشرة فلا يلومنَ إلا نفسه.

• مكفرات الذنوب: قد دلت نصوص الكتاب والسنة على أن عقوبة الذنوب تزول عن العبد بنحو عشرة أسباب:

ص: 16

السبب الأول: التوبة وقت المهلة وهذا متفق عليه بين المسلمين. السبب الثاني: الاستغفار قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (لو لم تذنبوا لذهب الله بكم ولجاء بقوم يذنبون ثم يستغفرون الله فيغفر لهم) والاستغفار بدون التوبة ممكن واقع فيكون في حق بعض المستغفرين الذين قد يحصل لهم عند الاستغفار من الخشية والإنابة ما يمحو الذنوب ويستغفرون بنوع من الصدق والإخلاص.

السبب الثالث: الحسنات الماحية كالصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان كذلك قيام ليلة القدر إيماناً واحتساباً وحج البيت الحرام بلا رفث ولا فسوق والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وعتق الرقبة المؤمنة والصدقة وغيرها.

السبب الرابع: الدافع للعقاب دعاء المؤمنين للمؤمن مثل صلاتهم على جنازته والدعاء من أسباب المغفرة للميت.

السبب الخامس: ما يُعمل للميت من أعمال البر ونحوه.

السبب السادس: شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم وغيره في أهل الذنوب يوم القيامة وخاصة في حق أهل الكبائر.

السبب السابع: المصائب المكفَرة في الدنيا.

السبب الثامن: ما يحصل في القبر من الفتنة والضغطة والروعة فإن هذا مما يكفَر به الخطايا. السبب التاسع: أهوال يوم القيامة وكربها وشدائدها.

السبب العاشر: رحمة الله وعفوه ومغفرته بلا سبب من العباد، ودعوى أن عقوبات أهل الكبائر لا تندفع إلا بالتوبة مُخالف لذلك.

• مسألة: الحسنات إنما تكفر الصغائر فقط فأما الكبائر فلا تُغفر إلا بالتوبة؟

الجواب من وجوه: الأول: أن هذا الشرط جاء في الفرائض كالصلوات الخمس والجمعة وصيام رمضان وذلك أن الله تعالى يقول (إِن تَجْتَنِبُواْ كَبَآئِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُم مُّدْخَلاً كَرِيمًا) فالفرائض مع ترك الكبائر مقتضية لتكفير السيئات وأما الأعمال الزائدة من التطوعات فلا بد أن يكون لها ثواب آخر فإن الله سبحانه يقول (فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ & وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ).

ص: 17

الثاني: أنه قد جاء التصريح في كثير من الأحاديث بأن المغفرة قد تكون مع الكبائر كما في قوله صلى الله عليه وسلم (غُفر له وإن كان فرَ من الزحف)، وغيرها.

الثالث: أن قوله تعالى لأهل بدر ونحوهم اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم إن حُمل على الصغائر أو على المغفرة مع التوبة لم يكن فرق بينهم وبين غيرهم فكما لا يجوز حمل الحديث على الكفر لما قد عُلم أن الكفر لا يُغفر إلا بالتوبة فلا يجوز حمله على مجرد الصغائر المكفرة باجتناب الكبائر.

• شروط التوبة: الإقلاع عن الذنوب والندم على ما فات والعزم على عدم العودة وإرجاع حقوق من ظلمهم أو طلب البراءة منهم وأن تصدر في زمن التوبة وهو ما قبل حضور الأجل أو طلوع الشمس من مغربها ، ثم إن كان الذنب مما يوجب الكفر فلا بد من الإتيان بالشهادتين وإثبات ما أنكر وإنكار ما قد اعتقد مما يوجب الكفر. وقد ذكر أهل العلم تفصيلات أخرى لشروط التوبة النصوح منها: أن يكون ترك الذنب لله لا لشيء آخر، وأن يستشعر قبح الذنب وضرره، فلا يشعر باللذة والسرور حين يتذكر الذنوب الماضية ولا يتمنى العود لذلك في المستقبل ، والمبادرة إلى التوبة ، وأن يخشى على توبته من النقص ولا يجزم بأنها قد قُبلت فيركن إلى نفسه ولا يأمن مكر الله ولكن دون التعمق في ذلك إلى حد القنوط من رحمة الله بل عليه إحسان الظن بربه فيكون بين رجاء وخوف ، واستدراك ما فات من حق الله إن كان مُمكناً كإخراج المعصية ، وإتلاف المحرمات الموجودة عنده التي لا ينتفع بها -أن الزكاة التي منعها في الماضي - مفارقة موضع المعصية إذا كان وجوده فيه قد يُوقعه في المعصية مرة أخرى ، ومفارقة من أعانه على المعصية ويختار من الرفقاء الصالحين من يعينه على نفسه ويكون بديلاً عن رفقاء السوء ، وأن يعمد إلى البدن الذي رباه بالسحت فيصرف طاقته في طاعة الله ويتحرَى الحلال حتى ينبت له لحم طيب.

• ماذا تفعل إذا أذنبت؟ عملان الأول: عمل القلب (ندم على ما فات –العزم على عدم العودة) الثاني: عمل الجوارح (الإقلاع فوراً – فعل الحسنات المختلفة من الحسنات والطاعات ومنها صلاة التوبة) والنتيجة يُغفر ما تقدم من ذنبه + تجب له الجنة).

ص: 18

• الإصرار على المعصية: هو عقد القلب على شهوة الذنب والاستقرار على المخالفة والعزم على المعاودة ، أو بمعنى آخر الإصرار هو العزم على فعل تلك الصغيرة بعد الفراغ منها وقضاء حاجته منها فهذا حكمه حكم من كررها فعلاً.

• مصير ذنوب التائب: ذنوب التائب تُغفر وسيئاته تُبدَل حسنات بحسب صدق التائب وكمال توبته ، وتكون الحسنات عوض السيئات بأقل منها أو مساوياً أو أكثر منها كماً أو كيفاً ، والحسنات أيام الجاهلية تثبت لصاحبها بعد التوبة.

• مسألة هل الشخص إذا تاب من ذنب ثم عاد إليه هل يعود إثم هذا الذنب الأول عليه لأنه رجع إليه إذا مات عليه؟ الراجح أنه لا يُؤخذ إلا بالثاني وأما الأول فقد محت أثره التوبة وصار بمنزلة من لم يعمله ما لم يكن كفراً أكبر ، وعلى هذا فمن عاد إلى الذنب بعد توبة صحيحة مستكملة الشروط فهو كمن عمل معصية جديدة تلزمه توبة جديدة منها وتوبته الأولى صحيحة.

• حكم التوبة الجزئية فيما دون الشرك: تصح التوبة من أي ذنب ولو أصر على ذنب آخر إذا لم يكن من النوع نفسه ولا يتعلق بالذنب الأول ، أي بمعنى آخر أن هناك توبة عامة وهناك توبة خاصة وهي صحيحة وذلك بأن يتوب عن ذنب بعينه مع مباشرة آخر لا تعلَق له به ولا هو من نوعه فيتوب عن بعض الذنوب دون بعض ، لكن إن تاب من ذنب وهو مصر على آخر من نوعه فتوبة من هذا حاله غير صحيحة.

• حكم توبة العاجز عن المعصية: صحيحة وتكون التوبة من عزمه على المعصية لو قدر عليها ومن وساوس الشيطان له بالمعصية بألا يستحليها ويستعذبها.

• توبة تارك الصلاة: الراجح أنه لا يلزمه القضاء لأنه قد فات وقتها ولا يمكن استدراكه ويُكثر الاستغفار والإكثار من النوافل لعل الله أن يتجاوز عنه ومن أحسن فيما بقي غُفر له ما مضى.

• توبة تارك الصيام وتارك الزكاة: تارك الصيام فإن كان مسلماً وقت تركه للصيام فإنه يجب عليه القضاء مع إطعام مسكين عن كل يوم أخَره من رمضان حتى دخل رمضان الذي بعده من غير عذر وهذه

ص: 19

كفارة التأخير وهي واحدة لا تُضاعف ولو توالت أشهر رمضان ، أما تارك الزكاة فيجب عليه إخراجها.

• التوبة من ظلم الناس: إذا كانت السيئة في حق آدمي فعلى التائب أن يخرج من هذه المظالم إما بأدائها إلى أصحابها وإما باستحلالها منهم وطلب مسامحتهم فإن سامحوه وإلا ردها.

• توبة المغتاب والقاذف: توبة المغتاب والقاذف بعد توبته لله يبقى حق المجني عليه فهنا المسألة تعتمد على المصالح والمفاسد فعليه استحلالهم إن لم يقتضي ذلك إذكاء العداوة والبغضاء بينهم ، وإلا فعليه أن يُبريء المقذوف ويثني بالخير على من اغتابه في المجالس التي ظلمه فيها ويذكر محاسنه بما فيه ويدافع عمن اغتابه ويرد عنه إذا أراد أحد أن يسيء إليه ويستغفر له بظهر الغيب.

• توبة القاتل العمد: القاتل العمد عليه ثلاثة حقوق: حق لله فلا يُقضى إلا بالتوبة ، حق القتيل فلا يُمكن الوفاء به في الدنيا فإذا حسنت توبة القاتل فإن الله يتولى حق القتيل والله عز وجل يضمن التبعات ، حق الورثة أن يُسلَم نفسه إليهم ليأخذوا حقهم إما بالقصاص أو بالدية أو بالعفو.

• توبة السارق: توبة السارق بعد توبته لله إن كان المسروق عنده الآن فعليه رده إلى أصحابه وإن تلف أو نقصت قيمته وجب عليه أن يعوضهم إلا إذا سامحوه ، علماً أنه لا يلزم أن يُصارح ويواجه المجني عليه بل له الحيلة في رد حقوقهم تفادياً للإحراج وغيره ، ومن سرق مالاً وأراد التوبة ورد الحق لأهله ولم يجدهم فعليه البحث والاستقصاء عنهم فإن لم يجدهم فليدفعه لورثتهم فإن لم يجدهم فليتصدق بالنيابة عنهم ولو كانوا كفاراً ، ومن سرق مالاً واتَجر به ونما وأراد التوبة ورد الحق لأهله فعليه رد رأس المال لأهله ويأخذ النصف من الربح الزائد (النامي) وإن تلف بعض رأس المال فعليه بالتعويض.

• توبة المرتشي: تكون بإرجاع الحق لأهله ما استطاع إلى ذلك سبيلاً بسبب الرشوة، وعليه أن يتخلص من المال الحرام في وجوه الخير هذا إذا كان الراشي ظالم أما إذا كان الراشي صاحب حق ولم يكن له سبيل للوصول إلى حقه إلا بالرشوة فعلى المرتشي رد المال إلى الراشي صاحب الحق.

ص: 20

• الشخص الذي يعمل في أعمال محرمة أو يقدم خدمات محرمة ويأخذ مقابلاً وأجرة على ذلك إذا تاب إلى الله وعنده هذا المال الحرام فإنه يتخلص منه ولا يُعيده إلى من أخذه منه.

• من اشترى شيئاً لا يتجزَأ كالبيت بمال بعضه حلال وبعضه حرام فيكفيه أن يُخرج ما يُقابل الحرام من ماله الآخر ويتصدَق به تطييباً لتلك الممتلكات فإن كان هذا الجزء من المال الحرام هو حق للآخرين وجب رد مثله إليهم على التفصيل السابق.

• توبة من لديه أموال من كسب حرام:

من لديه أموال من كسب حرام وأراد أن يتوب فإن كان كافراً أو مسلم غير عالم بالتحريم عند كسبها فلا يلزم عند التوبة بإخراجها ، وإن كان مسلماً عند كسبها عالماً بالتحريم فإنه يُخرج ما لديه بحسب غلبة الظن من الحرام.

• توبة فاعل الفاحشة على حالتين: إذا زنى بالمرأة اغتصاباً وإكراهاً فهذا عليه أن يدفع لها مهراً مثلها عوضاً عما ألحق بها من الضرر مع توبته إلى الله وإقامة الحد عليه إذا وصل أمره إلى الإمام أو من ينوب عنه كالقاضي ونحوه وأما إذا لم يصل الأمر إلى الإمام أو من ينوب عنه فليستر على نفسه ، وأما إذا زنى بالمرأة برضاها فهذا لا يجب عليه إلا التوبة ولا يُلحق به الولد مُطلقاً ولا تجب عليه النفقة لأن الولد جاء من سفاح ومثل هذا يُنسب لأمَه لكنه لو تاب وتابت المرأة فإنه يجوز له حينئذٍ أن يتزوج منها لكن بعد تبيَن براءة حملها ، إذ لا يجوز العقد على امرأة في بطنها جنين من الزنا ولو كان منه.

• توبة الإمام المتبوع في الباطل: عليه إعلان التوبة على الملأ والبراءة مما كان عليه وبيان عوار الباطل الذي كان عليه.

• لا يلزم الكافر قضاء العبادات إذا أسلم بل تسقط تخفيفاً عنه وترغيباً له في الإسلام.

• توبة المبتدع ممكنة والطريق إليها أن يتبع من الحق ما علمه.

• حكم توبة الزنديق أو المنافق قضاءً: توبة الزنديق أو المنافق الذي أظهر الكفر وطعن في الإسلام تُقبل توبته إذا جاء تائباً من قبل نفسه قبل أن يُعثر عليه وإلا فلا ، أما التوبة فيما بين العبد وربه مقبولة كائناً من كان إذا كانت في زمن المهلة والخلاف في قبول توبة الزنديق المقصود به في أحكام الدنيا.

ص: 21

• من علامات صدق التائب أن يكون حاله بعد التوبة خيراً مما كان قبلها.

• المرتد تحبط أعماله إذا مات عليها ويحبط ثواب أعماله قبل الردة فلا يجب عليه إعادتها ولكن أيضاً لا ثواب عليها والله أعلم ، وذلك أن الحبوط نوعان عام وخاص فالعام حبوط الحسنات بالردة والسيئات كلها بالتوبة والخاص حبوط السيئات والحسنات بعضها ببعض وهذا حبوط مقيد جزئي ولما كان الكفر والإيمان كل منهما يُبطل الآخر ويُذهبه كانت شعبة كل واحد منهما لها تأثير في إذهاب بعض شعب الآخر فإن عظمت الشعبة أذهبت في مُقابلها شعباً كثيرة.

• ما معنى الاستقامة على دين الله ، وهل من لازم الاستقامة والتقوى أن يكون المسلم معصوماً من الزلل والخطأ ، وما توجيهكم للقانطين من رحمة الله؟

الاستقامة هي السداد فإن لم يقدر ولن يقدر فعليه المقاربة فإن نزل عن المقاربة فلم يبق إلا التفريط والضياع ولا ينجي أحدٌ عمله إلا أن يتغمده الله برحمة منه وفضل ، وليس في المؤمنين إلا من له ذنب من ترك مأمور أو فعل محظور، وليس من شرط ولي الله أن لا يكون له ذنب أصلاً بل أولياء الله تعالى هم الذين قال الله فيهم (أَلا إِنَّ أَوْلِيَاء اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ & الَّذِينَ آمَنُواْ وَكَانُواْ يَتَّقُونَ) ولا يخرجون عن التقوى بإتيان ذنب صغير لم يصرَوا عليه ولا بإتيان ذنب كبيراً أو صغير إذا تابوا منه ، وما من عبد إلا وقد اقترف ذنباً وفعل إثماً وكل بني آدم خطاء ، وقال ربك جل جلاله في وصفه لعباده المؤمنين المحسنين (الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلَاّ اللَّمَمَ إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ الْمَغْفِرَةِ) واللمم هي الذنوب الصغار التي لا يصر صاحبها عليها أو التي يُلم بها العبد المرة بعد المرة على وجه النُدرة والقلَة فهذه ليست مجرد الإقدام عليها مُخرجاً للعبد من أن يكون من المحسنين فإنها مع الإتيان بالواجبات وترك المحرمات تدخل تحت مغفرة الله التي وسعت كل شيء ، والمكلف يجب عليه العزم على عدم المعصية صغيرةً كانت أو كبيرة وإن كان بحسب الطبيعة التي جبله الله عليها لا يمكنه الاحتراز عن هذه الصغائر بالكلية لأن الله ما أراد له العصمة وهذا أمر مُتفق عليه قد أيدتَه النصوص الشرعية، والمسلم لا ينفك عن مواقعة شيء من صغائر الذنوب، وما من عبد مؤمن إلا وله ذنب يعتاده الفينة بعد الفينة أو ذنب هو مقيم عليه لا يفارقه حتى يفارق الحياة إذ أن المؤمن خُلق مفتَنا توَاباً نسياً إذا ذُكَر ذكر، بل وأجمع المسلمون قاطبة على أن الأنبياء-عليهم الصلاة والسلام معصومون من الخطأ لما

ص: 22

يبلغونه عن الله-عز وجل-من الأحكام، وهذا لا نزاع فيه بين أهل العلم، وقد ذهب جمهور أهل العلم إلى أن الأنبياء معصومون من المعاصي الكبائر دون الصغائر، وقد تقع الصغيرة منهم لكن الله عز وجل لا يُقرهم عليها بل يُنبههم عليها فيتركونها، أما في أمور الدنيا فقد يقع الخطأ منهم ثم ينبهون على ذلك. فهؤلاء الأنبياء عليهم السلام فما بالك بما هو دونهم وقد قال نبينا صلى الله عليه وسلم (والذي نفسي بيده لو لم تذنبوا لذهب الله بكم ولجاء بقومٍ يُذنبون فيستغفرون الله فيغفر لهم) وليعلم المسلم أن تكفير السيئات الوارد في قوله تعالى (إِن تَجْتَنِبُواْ كَبَآئِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُم مُّدْخَلاً كَرِيمًا) مشروط باجتناب الكبائر هذا من حيث الوعد ولكن قد يغفر الله لمن يشاء مما هو دون الشرك ، ويدخل في اجتناب الكبائر فعل الفرائض التي يكون تاركها مرتكباً كبيرة كالصلوات الخمس والجمعة وصوم رمضان، واللمم المعفو عنه هو ما يعمله الإنسان المرة بعد المرة ولا يتعمق فيه ولا يُقيم عليه، فيُقال ألممت ، ويُقال ما فعلته إلا إلماماً أي الحين بعد الحين ، واللمم هي صغائر الذنوب، كما ذكرنا ، والفقيه كل الفقه هو الذي لا يؤيَس الناس من رحمة الله ولا يُجرئهم على معصية الله ولهذا يؤمر العبد بالتوبة كلما أذنب ، والله رحيم أمر عباده بما يُصلحهم ونهاهم عما يُفسدهم ثم إذا وقعوا في أسباب الهلاك لم يؤيسهم من رحمته بل جعل لهم أسباباً يتوصلون بها إلى رفع الضر عنهم والله يحب العبد المُفتَن التوَاب ، وما دام العبد يُذنب ثم يتوب فقد غفر الله له ، والله عفو غفور تواب يقبل التوب ويغفر الذنب ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل ويبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار فضلاً منه وإحساناً فاستغفر ربك في كل حين إنه كان غفاراً والله يعدك مغفرة منه وفضلاً وهو واسع المغفرة وهو الذي يقبل التوبة عن عباده وهو الغفور الودود ، واعلم أنك ما دعوت الله ورجوته إلا غفر لك على ما كان فيك ولا يبالي ولو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرته غفر لك ولا يبالي ولو أتيته بقراب الأرض خطايا ثم لقيته لا تشرك به شيئاً لأتاك بقرابها مغفرة ، والله غفور رحيم ، وينبغي حسن الظن بالله والوثوق برحمته وعدم القنوط من عفوه فإن الله عند حسن ظن عبده فليظن عبده به ما شاء ، ومن أصلح ما بقي من عمره يُغفر له ما مضى ، والتائب من الذنب كمن لا ذنب له ، وأخيراً أوصيك بتقوى الله فيما بقي من عمرك فإنه من يتق الله يجعل له مخرجاً ومن يتق الله يجعل له من أمره يسراً ومن يتق الله يكفر عنه سيئاته ويُعظم له أجراً ومن يتق الله يرزقه من حيث لا يحتسب ، فاتق الله حيثما كنت وأتبع السيئة

ص: 23