المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[المعلم السابع الترغيب والترهيب ومواقف الشدة] - مفهوم الحكمة في الدعوة

[صالح بن حميد]

الفصل: ‌[المعلم السابع الترغيب والترهيب ومواقف الشدة]

ما كان عليه.

حق لمن غلط أو ذل أن يسمع كلمة حانية، وأن يستضيء بشمعة أمل من أجل أن يرجع إلى الجادة، ويسير مع الأخيار من الصحاب.

يمر أبو الدرداء رضي الله عنه على رجل قد أصاب ذنبا، والناس يسبونه، فأنكر عليهم صنيعهم. فقال لهم: أرأيتم لو وجدتموه في قليب، ألم تكونوا مستخرجيه؟ قالوا: بلى. قال: فلا تسبوا أخاكم واحمدوا الله الذي عافاكم، قالوا: أفلا تبغضه؟ قال إنما أبغض عمله فإذا تركه فهو أخي.

[المعلم السابع الترغيب والترهيب ومواقف الشدة]

المعلم السابع: الترغيب والترهيب ومواقف الشدة كل ما تقدم من التأكيد على مسالك اللين والرفق والمداراة، والغض عن الهفوات، وإقالة العثرات،

ص: 58

ليس معارضا لما هو معروف ومتقرر في مسالك الشرع من ضرورة سير الدعاة والمربين بين حالي الرغبة والرهبة، والرخاء والشدة. لكن المقدم في التعامل هو الترغيب والرفق كما قال الإمام أحمد:(والناس يحتاجون إلى مداراة ورفق بلا غلظة، إلا رجلا مباينا معلنا بالفسق والردى، فيجب نهيه. لأنه يقال. ليس لفاسق حرمة، فالمعلن المصر لا حرمة له) .

وطريق أنبياء الله عليهم السلام المذكورين في القرآن مسلوك فيه النجدين: {إِنَّا أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ} [نوح: 1] إلى قوله: {وَيُؤَخِّرْكُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى} [نوح: 4](1) .

وقال عن محمد صلى الله عليه وسلم: {فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذِي أَنْزَلْنَا وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ - يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ لِيَوْمِ الْجَمْعِ ذَلِكَ يَوْمُ التَّغَابُنِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ وَيَعْمَلْ صَالِحًا يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ - وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ خَالِدِينَ فِيهَا وَبِئْسَ الْمَصِيرُ} [التغابن: 8 - 10](2) .

(1) سورة نوح، الآيات: 1 - 4.

(2)

سورة التغابن، الآيات: 8 - 10.

ص: 59

ترغيب فيما وعد الله من حسن الجزاء في الدنيا، وحسن العافية في الآخرة:{وَأُخْرَى تُحِبُّونَهَا نَصْرٌ مِنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ} [الصف: 13](1) .

وترهيب من وعيد الله وغيرته على حرماته، والخوف من أليم عقابه عاجلا وآجلا:{وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ} [هود: 102](2) .

وبعد أيها القارئ الكريم: فلعله بملاحظة هذه المعالم وأمثالها يتحقق الخير وترشد المسالك وتؤتي الحكمة خيرها:

(1) سورة الصف، آية:13.

(2)

سورة هود، آية 102.

ص: 60

{وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ} [البقرة: 269](1) .

والنفوس تملك قدرا كبيرا من التأهيل في قبول ما عند الدعاة، وهي تحب سماع كلام الله وكلام رسول الله صلى الله عليه وسلم وتستفيد من المواعظ، وهي قريبة من الخير مستعدة له فليفقه هذه السنن الدعاة إلى الله، وليحملوا الناس على توجيهات الشرع لا على جلبة الشارع وغوغاء العامة، وليتجنبوا المزالق والمنعطفات الخطيرة التي يتعمد أعداء الملة من الكفار والمنافقين وضعها في الطريق.

وفق الله الجميع إلى سبيل الهدى، وأصلح الأعمال والمقاصد.

وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم.

تمت

(1) سورة البقرة، آية:269.

ص: 61