المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[الجدال بالتي هي أحسن] - مفهوم الحكمة في الدعوة

[صالح بن حميد]

الفصل: ‌[الجدال بالتي هي أحسن]

لأن الحكمة هي تعليم لمتطلبي الكمال من معلم يهتم بتعليم طلابه فلا تكون إلا في حالة حسنة فلا حاجة إلى التنبيه على أن تكون حسنة.

أما الموعظة الحسنة فلما كان المقصود منها غالبا ردع نفس الموعظ عن أعمال سيئة أو عن توقع ذلك منه، كانت مظنة لصدور غلظة من الواعظ ولحصول انكسار في نفس الموعوظ.

ومن الوعظ الحسن إلانة القول وترغيب الموعوظ في الخير: {اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى - فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى} [طه: 43 - 44](1) .

[الجدال بالتي هي أحسن]

الجدال بالتي هي أحسن الجدل في أصله: الاحتجاج لتصويب رأي ورد ما يخالفه. فهو حوار وتبادل في الأدلة ومناقشتها. وهو حال

(1) سورة طه، الآيتان: 43، 44.

ص: 12

أوسع من الخصام والمخاصمة على أن المخاصمة نوع جدل من حيث هي تراد في الكلام والحجج.

ومن أجل هذا قال الجرجاني في تعريفاته:

الجدل: دفع المرء خصمه عن إفساد قوله بحجة أو شبهة أو بقصد تصحيح كلامه، قال: وهو الخصومة في الحقيقة.

غير أن الذي نعنيه هنا هو الجدال والمحاجة والحوار بما لا يرقى إلى الخصومة، إلا إذا اعتبرنا الجدال مع الظالمين خصومة؛ لأنه قد تجرد منه نعت الحسن، وإذا احتاج رجل الدعوة إلى الجدال فليكن بالتي هي أحسن.

وقريب من التوجيه المذكور في الموعظة الحسنة يقال هنا. ويكون حسن الجدال في الالتزام بموضوعيته، وبعده عن الانفعال، والترفع عن المسائل الصغيرة في مقابل القضايا الكبرى، حفظا للوقت وعزة

ص: 13