الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تعالى أعلم (1).
المسألة الرابعة: الزكاة كالدين في التركة
، فلا تسقط بموت صاحب المال، وتخرج من ماله وإن لم يوصِ بها؛ لحديث ابن عباس رضي الله عنهما: أن امرأة جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: إن أمي نذرت أن تحج فماتت
(1) اختلف العلماء رحمهم الله تعالى هل تسقط الزكاة بتلف المال أو لا تسقط على النحو الآتي:
القول الأول: إن الزكاة لا تسقط بتلف المال فرط المالك أو لم يفرط، وهو المشهور عن الإمام أحمد واختاره الخرقي في مختصره، فتكون الزكاة على هذا القول كدين الآدمي لا يسقط بتلف المال، إلا إذا تلف زرع أو ثمر بجائحة قبل الحصاد أو الجذاذ، وكذا بعدهما قبل الوضع في الجرين ونحوه لعدم استقرارها قبل ذلك.
القول الثاني: تسقط الزكاة بتلف المال إذا لم يفرط، وهذا قول في مذهب الإمام أحمد. قال العلامة ابن عثيمين رحمه الله:((الصحيح في هذه المسألة أنه إن تعدى أو فرط ضمن وإن لم يتعدَّ ولم يفرط فلا ضمان؛ لأن الزكاة بعد وجوبها أمانة عنده، والأمين إذا لم يتعدَّ ولم يفرط فلا ضمان عليه)) [الشرح الممتع 6/ 47].
قال الإمام ابن قدامة رحمه الله: ((والصحيح إن شاءالله أن الزكاة تسقط بتلف المال إذا لم يفرط في الأداء)) [المغني لابن قدامة 4/ 145].
القول الثالث: وحكى الميموني عن أحمد أنه إذا تلف النصاب قبل التمكن من الأداء سقطت الزكاة عنه، وإن تلف بعده لم تسقط، وحكاه ابن المنذر مذهباً للإمام أحمد، وهو قول الشافعي، والحسن بن صالح، وإسحاق، وأبي ثور، وابن المنذر، وبه قال مالك إلا في الماشية، فإنه قال: لا شيء فيها حتى يجيء المصدق، فإن هلكت قبل مجيئه فلا شيء عليه.
القول الرابع: وقال أبو حنيفة: تسقط الزكاة بتلف النصاب على كل حال، إلا أن يكون الإمام قد طالبه بها فمنعها.
والراجح إن شاء الله تعالى القول الثاني، وأنها تسقط بتلف المال إذا لم يفرط أو يتعدَّ، وهو الذي رجحه ابن قدامة كما تقدم، وصححه العلامة ابن عثيمين.
قال الإمام ابن قدامة: ((وإن قلنا بوجوبها بعد تلف المال فأمكن المالك أداؤها أدَّاها، وإلا أنظر بها إلى ميسرته وتمكنه من أدائها من غير مضرة عليه [المغني، 4/ 145]. وانظر المغني، 4/ 144، والشرح الكبير مع المقنع والإنصاف، 6/ 377، والروض المربع، 3/ 182، والشرح الممتع، 6/ 47، والكافي، 2/ 95.
قبل أن تحج أفأحج عنها؟ قال: ((نعم حجي عنها، أرأيت لو كان على أمك دينٌ أكنتِ قاضيته؟)) قالت: نعم. قال: ((اقضوا الله، فالله أحقُّ بالوفاء)) (1). وفي لفظ: ((فاقضوا الله الذي له، فإن الله أحق بالوفاء)) (2). وفي رواية: أن رجلاً قال: إن أختي نذرت أن تحج وإنها ماتت فقال: ((فاقضوا الله فهو أحق بالقضاء)) (3).
وإذا وجبت الزكاة على الميت وعليه دين برهن وضاق المال قُدِّم الدين برهن، فإن كان عليه دين بدون رهن وضاق المال قسم المال بالحصص بين دين الله ودين الآدمي على القول الراجح (4)، والله سبحانه وتعالى أعلم (5).
(1) البخاري، كتاب جزاء الصيد، باب الحج والنذر عن الميت، برقم 1852.
(2)
البخاري، كتاب الاعتصام، باب من شبَّه أصلاً معلوماً بأصل مبين قد بين الله حكمها؛ ليفهم السائل برقم 7315.
(3)
البخاري، كتاب الأيمان والنذور، باب من مات وعليه نذر، برقم 6699.
(4)
اختلف العلماء رحمهم الله فيمن مات وعليه زكاة على أقوال:
القول الأول: إن الزكاة تؤخذ من تركته ولا تسقط بموته، وهو قول عطاء، والحسن، والزهري، وقتادة، ومالك، والشافعي، وإسحاق، وأبي ثور، وابن المنذر، وهذا هو الراجح إن شاءالله تعالى.
والقول الثاني: تؤخذ من الثلث مقدماً على الوصايا ولا يجاوز الثلث، قاله الأوزاعي والليث.
والقول الثالث: لا تخرج الزكاة إلا أن يوصي بها الميت، فتكون كسائر الوصايا تعتبرمن الثلث ويزاحم بها أصحاب الوصايا؛ لأنها عبادة من شرطها النية، قال بهذا القول: ابن سيرين، والشعبي، والنخعي، وحماد بن أبي سليمان، والبستي، والثوري، وأصحاب الرأي. والقول الراجح الأول.
انظر المغني، 4/ 145، والمقنع مع الشرح الكبير، 6/ 384، والروض المربع، 3/ 184، والسلسبيل، 1/ 254.
(5)
واختلف العلماء رحمهم الله الذين قالوا: إن الزكاة لا تسقط عن الميت في مسألة اجتماع الدين والزكاة أيهما يقدم إذا ضاق المال.
فقيل: يقدم دين الآدمي، لأنه مبني على المشاحة؛ ولأن الآدمي محتاج إلى ماله في الدنيا أما الله تعالى فهو غني عنه.
وقيل: يقدم حق الله؛ لأنه أحق بالقضاء والوفاء كما في الحديث.
وقيل: يتحاصان؛ فإن كان عليه دين مائة (100 وزكاة (100 وتركته (100 فدين الآدمي (50، والزكاة (50 وهذا هو الراجح. [الشرح الممتع، 6/ 49 - 50، والمغني 4/ 146].