الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لَقَدْ مُزِجَتْ حَلاوَتُهَا بِسُمٍّ
…
فَمَا كَالْحِذْرِ مِنْهَا مِنْ مَلاذِ
عَجِبْتُ لِمُعْجِبٍ بِنَعِيمِ دُنْيَا
…
وَمَغْبُونِ بِأَيَّامٍ لِذَاذِ
وَمُؤْثِرٍ الْمَقَامَ بِأَرْضٍ قَفْرٍ
…
عَلَى بَلَدٍ خَصِيبِ ذِي رَذَاذِ
اللهم نور قلوبنا بنور الإيمان وثبتها على قولك الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة واجعلنا هداة مهتدين وتوفنا مسلمين وألحقنا بعبادك الصالحين يا أكرم الأكرمين ويا أرحم الراحمين وصلى آله على محمد. وعلى آله وصحبه أجمعين.
فوائد ومواعظ ونصائح
قال أحد العلماء: اعلم أنه لا يسلم إنسان من النقص إلا من عصمه الله كالرسل قال الله جل وعلا عن الإنسان {إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً} وقال صلى الله عليه وسلم: «كل بني آدم خطاء وخير الخطائين التوابون» . فمن خفيت عليه عيوبه فقط سقط.
وصار من السخف والرذالة والخسة وضعف التمييز والعقل وقله الفهم بحيث لا يختلف عن متخلف من الرذائل.
وعليه أن يتدارك نفسه بالبحث عن عيوبه والسؤال عنها بدقه وأكثر من يفهم عيوب الإنسان أعداؤه لأنهم دائمًا ينقبون عنها 0
وكذلك الأصدقاء الناصحين الصادقين المنصفين يفهمونها غالبًا.
فالعاقل يشتغل بالبحث عنها والسعي في إزالتها ولا يتعرض لعيوب الناس التي لا تضره لا في الدنيا ولا في الآخرة إلا من باب النصيحة.
كما لو رأى إنسانا معجبًا بنفسه فيبدى له النصح وجها لوحه لا خلف ظهره.
واحذر أن تقارن بينك وبين من هو أكثر منك عيوبًا فتستسهل الرذائل وتهاون بعيوبك.
لكن قارن بين نفسك ومن هو أفضل منك لتسلم من عجبك بنفسك وتفيق من داء الكبر والعجب الذي يولد عليك الاستحقار والاستخفاف بالناس مع العلم بأن فيهم من هو خير منك.
فإذا استخففت بهم بغير حق استخفوا بك بحق لأن الله جل وعلا وتقدس يقول {وَجَزَاء سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا} .
فتسبب على نفسك أن تكون أهلاً للاستخفاف بك مع ما تجنيه من الذنوب وطمس ما فيك من فضليه.
فإن كنت معجبًا بعقلك ففكر وتأمل في كل فكرة سوء تحل بخاطرك وفي أضاليل الأماني الطائفة بك فإنك تعلم نقص عقلك حينئذ 0
وإن أعجبت بآرائك فتأمل وفكر في غلطاتك وسقطاتك واحفظها وتذكرها ولاتنسها0
وفى رأي كنت تراه صوابًا فتبين لك خطؤك وصواب غيرك والغالب أن خطاك أكثر من الصواب.
وهكذا ترى الناس غير الرسل والأنبياء عليهم الصلاة والسلام.
وإن أعجبت بعملك فتفكر في معاصيك هل بيتك خال من الملاهي والمنكرات مثل الصور والتلفاز والمذياع وأغانيه والمجلات والجرائد التي فيها صور ذوات الأرواح 0
وهل هو خال من الأولاد الذي لا يشهدون الجماعة وهل أنت سالم من الغيبة وإخلاف الوعد والكذب والحسد والكبر والرياء.
والعقوق وقطيعه الرحم والظلم والربا والدخان وحلق اللحية0
والغش وقول الزور وسوء الظن بالمسلمين والتجسس والاحتقار لهم ونحو ذالك.
فأنت إذا تفقدت نفسك وبيتك وأولادك وجدت عندك من الشرور والآثام ما بعضه يغلب على ما أعجبت به من عملك لا تدرى هل هو مقبول أو مردود.
وإن أعجبت بعلمك أو عملك فأعلم أنه موهوبة من العزيز العليم وهبك إياها فلا تقابلها بما يسخطه عليك 0قال تعالى: {وَاللهُ أَخْرَجَكُم مِّن بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئاً} .
قال الله جل وعلا {وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ} وقال سبحانه وتعالى {وَمَا أُوتِيتُم مِّن الْعِلْمِ إِلَاّ قَلِيلاً} .
وأسأل الله أن يزيد منه، وأن يجعله حجة لك لا عليك، قال تبارك وتعالى {وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْماً} .
وتفكر فيما تحمله من العلم هل أنت عامل به أم لا واجعل مكان عجبك بنفسك واستنقاصًا لها واستقصارًا فهو أولى بك.
وتفكر فيمن كان أعلم منك تجدهم كثيرًا، ثم اعلم أن العلم الذي تفتخر فيه ربما يكون وبالاً عليك.
فيكون الجاهل أحسن حالاً ومالاً وأعذر منك فبذلك التفكير يزول العجب والكبر عنك وتهون نفسك عندك حينئذٍ.
وإن أعجبت بشجاعتك وقوتك فتفكر فيمن هو أشجع وأقوى منك ثم أنظر في تلك النجدة التي منحك الله تعالى فيم صرفتها.
فإن كنت صرفتها في معصية الله فأنت آثم لأنك بذلت نفسك فيما ليس ثمنا لها0
وإن كنت صرفتها في طاعة فقد أفسدتها بإعجابك بعملك.
ثم تفكر في زوالها عنك وقت الكبر عندما تنحل قوتك ويضعف جسمك وتدفع الأرض عند قيامك وقعودك ومردك إليها 0
تَسَاقَطُ أَسْنَانٌ وَيَضْعُفُ نَاضِرٌ
…
وَتَقْصُرُ خُطْوَاتٌ وَيَثْقُل مَسْمَعُ
قال الله جل وعلا وتقدس {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفاً وَشَيْبَةً يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ} 0
وقال وصاحب التعبد المطلق ليس له غرض في تعبد بعينه يؤثره على غيره0
بل غرضه تتبع مرضاه الله تعالى أينما كانت فمدار تعبده عليها فلا يزال متنقلاً في منازل العبودية كلما رفعت له منزلة عمل على سيره إليها واشتغل بها 0
حتى تلوح له منزله أخرى فهذا دأبه في السير حتى ينتهي سيره 0
فإن رأيت العلماء رأيته معهم 0
وإن رأيت المتصدقين المحسنين رأيته معهم 0
وإن رأيت العباد رأيته معهم 0
وإن رأيت المجاهدين رأيته معهم 0
وإن رأيت الذاكرين رأيته معهم 0
وإن رأيت أرباب الجمعية وعكوف القلب على الله رأيته معهم 0
فهذا هو العبد المطلق الذي لم تملكه الرسوم ولم تقيده القيود 0
ولم يكن عمله على مراد نفسه وما فيه لذتها وراحتها من العبادات.
بل هو على مراد ربه ولو كانت لذة نفسه وراحتها في سواه.