الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أسلم؟)) قالوا: حاشا للَّه ما كان ليسلم، قال: ((أفرأيتم إن
أسلم؟)) قالوا: حاشا للَّه ما كان ليسلم، قال:((يا ابن سلام اخرج عليهم))، فخرج فقال: يا معشر اليهود، اتقوا اللَّه فواللَّه الذي لا إله إلا هو إنكم لتعلمون أنه رسول اللَّه، وأنه جاء بحق، فقالوا: كذبت، [شرنا، وابن شرنا]، ووقعوا فيه (1).
وهذه أول تجربة تلقاها رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم من اليهود عند دخول المدينة (2).
ومن حسن سياسته صلى الله عليه وسلم أنه وافق على إخفاء عبد اللَّه بن سلام حتى يسأل اليهود عن مكانته بينهم، وعندما أثنوا عليه، ورفعوا من قدره أمره بالخروج فخرج وأعلن شهادته، وأظهر ما كان يكتمه اليهود من صدق النبي صلى الله عليه وسلم. ثم ضبطهم صلى الله عليه وسلم بالمعاهدة التي ستأتي.
3 - المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار:
كما قام النبي صلى الله عليه وسلم بالبدء ببناء المسجد ودعوة اليهود إلى الإسلام، قام صلى الله عليه وسلم بالمؤاخاة بين المهاجرين والأنصار، وهذا من الرشد، والكمال النبوي، والنضج السياسي، والحكمة المحمدية (3).
(1) البخاري مع الفتح، في كتاب أحاديث الأنبياء، 6/ 362، وفي كتاب مناقب الأنصار، 7/ 250 (رقم 3911)، 7/ 272 (رقم 3938)، والألفاظ من المواضع الثلاثة، وانظر أيضاً: البخاري مع الفتح، 8/ 165، والبداية والنهاية، 3/ 210.
(2)
انظر: الرحيق المختوم، ص175، وهذا الحبيب يا محبّ، ص175، وفقه السيرة لمحمد الغزالي، ص198، والتاريخ الإسلامي لمحمود شاكر، 2/ 173.
(3)
انظر: هذا الحبيب يا محب، لأبي بكر الجزائري، ص178.
آخى بينهم صلى الله عليه وسلم في دار أنس بن مالك، وكانوا تسعين رجلاً، نصفهم من المهاجرين، ونصفهم من الأنصار، آخى بينهم على المواساة، يتوارثون بعد الموت دون ذوي الأرحام إلى حين وقعة بدر، فلما أنزل اللَّه عز وجل:{وَأُوْلُواْ الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ} (1)، ردّ التوارث إلى الرحم دون عقد الأخوة (2).
ذابت عصبيات الجاهلية، فلا حمية إلا للإسلام، وسقط فوارق النسب واللون والوطن، فلا يتقدم أحد ولا يتأخر إلا بمروءته وتقواه، وكانت عواطف الأخوة، والإيثار؛ والمواساة والمؤانسة تمتزج في هذه الأخوة، وتملأ المجتمع الجديد بأروع الأمثال؛ وفي هذه الأخوة أقوى مظهر من مظاهر عدالة الإسلام الإنسانية والأخلاقية (3).
ولم تكن هذه المؤاخاة معاهدة دونت على الورق فحسب، ولا كلمات قيلت باللسان فقط؛ وإنما كانت مؤاخاة سجلت على صفحات القلوب، وعملاً يرتبط بالدماء والأموال، لا كلاماً يثرثر به اللسان، إنها مؤاخاة في القول والعمل، والنفس والمتاع والأملاك، في العسر واليسر (4).
(1) سورة الأنفال: الآية: 75.
(2)
انظر: زاد المعاد، 3/ 63، والرحيق المختوم، ص180.
(3)
انظر: زاد المعاد، 3/ 63، والرحيق المختوم، ص180.
(4)
انظر: التاريخ الإسلامي لمحمود شاكر، 2/ 165، وفقه السيرة لمحمد الغزالي، ص192.