المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌1 - موقفه صلى الله عليه وسلم مع ثمامة بن أثال، سيد أهل اليمامة: - مواقف النبي - صلى الله عليه وسلم - في الدعوة إلى الله تعالى

[سعيد بن وهف القحطاني]

فهرس الكتاب

- ‌المقدمة

- ‌تمهيد: مكانة مواقف النبي صلى الله عليه وسلم في نفس الداعية والمدعو

- ‌المبحث الأول: مواقف النبي صلى الله عليه وسلم قبل الهجرة:

- ‌المطلب الأول: مواقفه صلى الله عليه وسلم في مرحلة الدعوة السرية

- ‌المطلب الثاني: مواقفه صلى الله عليه وسلم في مرحلة الدعوة الجهرية بمكة:

- ‌(أ) موقفه الحكيم في صعوده على الصفا ونداؤه العام:

- ‌(ب) صموده وثباته أمام ممثلي قريش واضطهادهما:

- ‌المطلب الثالث: مواقف النبي صلى الله عليه وسلم بعد خروجه إلى الطائف:

- ‌1 - موقفه الحكيم في دعوته لأهل الطائف:

- ‌2 - حكمته العظيمة في جوابه لملك الجبال:

- ‌3 - حكمته في دخوله إلى مكة في جوار المطعم بن عدي:

- ‌4 - من مواقفه الحكيمة في الأسواق والمواسم:

- ‌المبحث الثاني: مواقف النبي صلى الله عليه وسلم بعد الهجرة

- ‌المطلب الأول: مواقف الحكمة في الإصلاح والتأسيس

- ‌1 - بناء المسجد والاجتماع فيه أول عمل وحد بين القلوب:

- ‌2 - دعوة اليهود إلى الإسلام بالقول الحكيم:

- ‌3 - المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار:

- ‌4 - التربية الحكيمة:

- ‌5 - ميثاق المهاجرين والأنصار وموادعة اليهود:

- ‌المطلب الثاني: مواقف الحكمة في حسن الإعداد للقتال، والشجاعة والبطولة

- ‌1 - ما فعله في غزوة بدر الكبرى:

- ‌2 - مواقفه الحكيمة في غزوة أحد:

- ‌3 - ومن مواقفه التي تزخر بالحكمة والشجاعة ما فعله في معركة حنين:

- ‌4 - ومن مواقفه التي تزخر بالحكمة والشجاعة:

- ‌المطلب الثالث: مواقف الحكمة الفردية

- ‌1 - موقفه صلى الله عليه وسلم مع ثمامة بن أثال، سيد أهل اليمامة:

- ‌2 - موقفه صلى الله عليه وسلم مع الأعرابي الذي أراد قتله:

- ‌3 - موقفه صلى الله عليه وسلم مع اليهودي زيد بن سعنة، أحد أحبار اليهود:

- ‌4 - موقفه صلى الله عليه وسلم مع الأعرابي الذي بال في المسجد:

- ‌5 - موقفه صلى الله عليه وسلم مع معاوية بن الحكم:

- ‌6 - موقفه صلى الله عليه وسلم مع الطفيل بن عمرو الدوسي:

- ‌7 - موقفه صلى الله عليه وسلم مع الشاب الذي استأذنه في الزنا:

- ‌8 - موقفه صلى الله عليه وسلم مع من شفع في ترك إقامة الحد:

- ‌9 - موقفه صلى الله عليه وسلم الحكيم في الكرم والجود:

- ‌10 - مواقف النبي صلى الله عليه وسلم مع زعيم المنافقين عبد اللَّه بن أُبيّ:

- ‌(أ) شفاعته لليهود (بنو قينقاع) عندما نقضوا العهد:

- ‌(ب) ما فعله مع النبي صلى الله عليه وسلم يوم أُحد:

- ‌(ج) صده الرسول صلى الله عليه وسلم عن الدعوة إلى اللَّه تعالى:

- ‌(د) تثبيته بني النضير:

الفصل: ‌1 - موقفه صلى الله عليه وسلم مع ثمامة بن أثال، سيد أهل اليمامة:

والنجاح، والسعادة في الدنيا والآخرة، {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا} (1).

‌المطلب الثالث: مواقف الحكمة الفردية

كان النبي صلى الله عليه وسلم أحكم خلق اللَّه، فقد كان يتألف الناس ليدخلوا في الإسلام، ويصبر على أذاهم، ويعفو عن إساءتهم، ويقابلها بالإحسان، وله صلى الله عليه وسلم مواقف في الكرم، والجود، والعفو، والحلم، والرفق، والعدل، تظهر في النقاط الآتية:

‌1 - موقفه صلى الله عليه وسلم مع ثمامة بن أثال، سيد أهل اليمامة:

روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: بعث رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم خيلاً قِبَلَ نجد، فجاءت برجل من بني حنيفة، يقال له ثمامة بن أُثال، سيد أهل اليمامة، فربطوه بسارية من سواري المسجد، فخرج إليه رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فقال:((ماذا عندك يا ثمامة؟)) فقال: عندي يا محمد خير، إن تقتل تقتل ذا دم (2)، وإن تنعم تنعم على شاكر،

وإن كنت تريد المال فسل تعط منه ما شئت، فتركه رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم حتى كان بعد الغد، فقال:((ما عندك يا ثمامة؟)) فقال: ما قلت لك،

(1) سورة الأحزاب، الآية:21.

(2)

معناه: أن تقتل تقتل صاحب دم يدرك قاتله به ثأره لرئاسته وفضيلته، وقيل: معناه تقتل من عليه دم مطلوب به، وهو مستحق عليه فلا عتب عليك في قتله. انظر: فتح الباري، 8/ 88.

ص: 62

إن تنعم تنعم على شاكر، وإن تقتل تقتل ذا دم، وإن كنت تريد المال فسل تعط منه ما شئت، فتركه رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم حتى كان من الغد، فقال:((ماذا عندك يا ثمامة؟)) فقال: عندي ما قلت لك، إن تنعم تنعم على شاكر، وإن تقتل تقتل ذا دم، وإن كنت تريد المال فسل تعط منه ما شئت، فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:((أطلقوا ثمامة)) ، فانطلق إلى نخل قريب من المسجد، فاغتسل، ثم دخل المسجد فقال: <أشهد أن لا إله إلا اللَّه وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، يا محمد! واللَّه ما كان على الأرض وجه أبغض إليَّ من وجهك، فقد أصبح وجهك أحبَّ الوجوه كلها إليَّ، واللَّه ما كان من دين أبغض إليَّ من دينك، فأصبح دينك أحبَّ الدين كله إليَّ، واللَّه ما كان من بلد أبغض إليَّ من بلدك، فأصبح بلدك أحب البلاد كلها إليَّ، وإن خيلك أخذتني وأنا أريد العمرة فماذا ترى؟ فبشره رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، وأمره أن يعتمر، فلما قدم مكة قال له قائل: أصبوت؟ فقال: [لا واللَّه]، ولكني أسلمت مع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، ولا واللَّه لا يأتيكم من اليمامة حبة حنطة حتى يأذن فيها رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم > (1).

"ثم خرج رضي الله عنه إلى اليمامة فمنعهم أن يحملوا إلى مكة شيئاً،

(1) البخاري مع الفتح، كتاب المغازي، باب وفد بني حنيفة وحديث ثمامة بن أثال، 8/ 87، (رقم 4372)، ومسلم - واللفظ له إلا ما بين المعقوفين فمن البخاري - في كتاب الجهاد والسير، باب ربط الأسير وحبسه وجواز المنّ عليه، 3/ 1386، (رقم 1764).

ص: 63

فكتبوا إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: إنك تأمر بصلة الرحم، وإنك قد قطعت أرحامنا، وقد قتلت الآباء بالسيف والأبناء بالجوع، فكتب رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إلى ثمامة أن يخلي بينهم وبين الحمل (1).

وذكر ابن حجر أن ابن منده روى بإسناده عن ابن عباس قصة إسلام ثمامة ورجوعه إلى اليمامة، ومنعه عن قريش الميرة، ونزول قوله تعالى:{وَلَقَدْ أَخَذْنَاهُم بِالْعَذَابِ فَمَا اسْتَكَانُوا لِرَبِّهِمْ وَمَا يَتَضَرَّعُونَ} (2).

وقد ثبت ثمامة على إسلامه لما ارتد أهل اليمامة، وارتحل هو ومن أطاعه من قومه فلحقوا بالعلاء بن الحضرمي فقاتل معه المرتدين من أهل البحرين (3).

اللَّه أكبر، ما أحكم النبي محمداً صلى الله عليه وسلم. وما أعظمه من موقف، فقد كان صلى الله عليه وسلم يتألف القلوب، ويلاطف من يرجى إسلامه من الأشراف الذين يتبعهم على إسلامهم خلق كثير.

وهكذا ينبغي للدعاة إلى اللَّه عز وجل أن يعظموا أمر العفو عن المسيء،

لأن ثمامة أقسم أن بغضه انقلب حبًّا في ساعة واحدة؛ لما أسداه النبي

(1) سيرة ابن هشام 4/ 317 بتصرف يسير، وفتح الباري بشرح صحيح البخاري، 8/ 88.

(2)

سورة المؤمنون، الآية:76.

وقال ابن حجر عن هذا الأثر: <إسناده حسن>. انظر: الإصابة في تمييز الصحابة، 1/ 203.

(3)

انظر: الإصابة في تمييز الصحابة، 1/ 203.

وهناك أبيات شعرية له رضي الله عنه تدل على تأثره بعفوه صلى الله عليه وسلم.

ص: 64