الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذم النميمة والنهي عنها في القرآن والسنة
ذم النميمة والنهي عنها من القرآن الكريم:
- قال تعالى: وَلا تُطِعْ كُلَّ حَلَاّفٍ مَّهِينٍ هَمَّازٍ مَّشَّاء بِنَمِيمٍ مَنَّاعٍ لِّلْخَيْرِ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ عُتُلٍّ بَعْدَ ذَلِكَ زَنِيمٍ [القلم: 10 - 13].
نجد بأن الله سبحانه وتعالى أورد عدة صفات للنمام في هذه الآية، وهي كما يلي:
1 -
حلاف: أي أن النمام كثير الحلف، وهو يعلم أن الناس لا يثقون به ولا يصدقونه لأنه كاذب، فهو بذلك يكثر الحلف ليدفع عن نفسه الكذب، يستقطب ثقة الناس بها.
2 -
مهين: فالنمام هين في نفسه هين عند الآخرين، فلا يحترمه أحد.
3 -
هماز: يعيب الناس ويهمزهم بالقول والإشارة.
4 -
مشاء بنميم: أي كثير المشي بالنميمة بين الناس، وبما يفسد معيشتهم وقلوبهم، ويقطع صلاتهم، ويذهب محبتهم لبعضهم.
5 -
مناع للخير: كثير المنع للخير عن نفسه وعن الآخرين، بل حتى منع عن نفسه الإيمان فلم يصل إلى قلبه.
6 -
معتد: تجاوز العدل والحق. وهو يعتدي على النبي صلى الله عليه وسلم وعلى المؤمنين.
7 -
أثيم: أي يعمل الآثار ويرتكب الذنوب والمعاصي.
8 -
عتل: أي شديد الفضاضة والقسوة، أي أنه شخص كريه من جميع الجوانب.
9 -
زنيم: أي أنه مشهور بخبثه ولؤمه وشره.
قال ابن حجر: (أي: دعيٍّ، واستنبط منه ابن المبارك أنّ ولد الزّنا لا يكتم الحديث، فعدم كتمه المستلزم للمشي بالنّميمة دليلٌ على أنّ فاعل ذلك ولد زنا)(1).
- وَقَالَ تَعَالَى: وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ [الهمزة: 1].
(قيل: اللّمزة: النّمّام. عن أبي الجوزاء، قال: قلت لابن عباس: من هؤلاء هم الذين بدأهم الله بالويل؟ قال: هم المشاءون بالنميمة، المفرقون بين الأحبة، الباغون أكبر العيب)(2).
وقال مقاتل: (فأما «الهمزة» فالذي ينم الكلام إلى الناس وهو النمام)(3).
- وَقَالَ تَعَالَى: حَمَّالَةَ الْحَطَبِ [المسد:4].
(قيل كانت نمّامةٌ حمّالةٌ للحديث إفسادًا بين النّاس، وسمّيت النّميمة حطبًا؛ لأنّها تنشر العداوة بين النّاس كما أنّ الحطب ينشر النّار.
قال مجاهد: يعني حمالة النميمة، تمشي بالنميمة) (4).
- وَقَالَ تَعَالَى: فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنْ اللَّهِ شَيْئًا [التحريم:10].
(أي؛ لأنّ امرأة نوحٍ كانت تقول عنه مجنونٌ، وامرأة لوطٍ كانت تخبر قومها بضيفانه حتّى يقصدوهم لتلك الفاحشة القبيحة الّتي اخترعوها حتّى أهلكتهم بذلك العذاب الفظيع)(5).
ذم النميمة والنهي عنها من السنة النبوية:
- عن حذيفة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا يدخل الجنة نمام))، وفي رواية ((قتات)) (6).
وبيّن ابن الملقن المراد بعدم دخول الجنة للنمام بقوله: (وحمل على ما إذا استحل بغير تأويل مع العلم بالتحريم، أو لا يدخلها دخول الفائزين)(7).
قال ابن بطال: (قال أهل التأويل: الهماز الذي يأكل لحوم الناس، ويقال: هم المشاءون بالنميمة المفرقون بين الأحبة، الباغون للبراء العنت. والقتات: النمام عند أهل اللغة)(8).
(1)((الزواجر عن اقتراف الكبائر) لابن حجر الهيتمي (2/ 34).
(2)
((جامع البيان في تأويل القرآن)) للطبري (24/ 596).
(3)
((تفسير مقاتل بن سليمان)) (4/ 839).
(4)
((تفسير مجاهد)) لمجاهد بن جبر (ص759).
(5)
((الزواجر عن اقتراف الكبائر)) لابن حجر الهيتمي (2/ 34).
(6)
رواه مسلم (105).
(7)
((الإعلام بفوائد عمدة الأحكام)) لابن الملقن (1/ 531).
(8)
((شرح صحيح البخاري)) لابن بطال (9/ 249).
- وعن عبد الله بن مسعود- رضي الله عنه قال: إنّ محمّداً صلى الله عليه وسلم قال: ((ألا أنبّئكم ما العضة؟ هي النّميمة القالة بين النّاس)). وإنّ محمّداً صلى الله عليه وسلم قال: ((إنّ الرّجل يصدق حتّى يكتب صدّيقاً، ويكذب حتّى يكتب كذّاباً)) (1).
قال المناوي: ((القالة بَين النَّاس)): أي كثرة القول وإيقاع الخصومة بينهما فيما يحكى للبعض عن البعض وقيل القالة بمعنى المقولة وزعم بعضهم أن القالة هنا جمع وهم الذين ينقلون الكلام ويوقعون الخصومة بين الناس) (2).
وقال ابن عثيمين: (هي النميمة: أن ينقل الإنسان كلام الناس بعضهم في بعض من أجل الإفساد بينهم، وهي من كبائر الذنوب)(3).
- وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما – قَالَ: ((مَرَّ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِقَبْرَيْنِ، فَقَالَ: إنَّهُمَا لَيُعَذَّبَانِ، وَمَا يُعَذَّبَانِ فِي كَبِيرٍ أَمَّا أَحَدُهُمَا: فَكَانَ لَا يَسْتَتِرُ مِنْ الْبَوْلِ، وَأَمَّا الْآخَرُ: فَكَانَ يَمْشِي بِالنَّمِيمَةِ فَأَخَذَ جَرِيدَةً رَطْبَةً، فَشَقَّهَا نِصْفَيْنِ، فَغَرَزَ فِي كُلِّ قَبْرٍ وَاحِدَةً فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لِمَ فَعَلْتَ هَذَا؟ قَالَ: لَعَلَّهُ يُخَفَّفُ عَنْهُمَا مَا لَمْ يَيْبَسَا)) (4).
قال ابن بطال: (ومعنى الحديث: الحض على ترك النميمة)(5).
وقال ابن دقيق العيد: (فِي الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى عِظَمِ أَمْرِ النَّمِيمَةِ، وَأَنَّهَا سَبَبُ الْعَذَابِ، وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى النَّمِيمَةِ الْمُحَرَّمَةِ)(6).
وقال الشوكاني: (وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى نَجَاسَةِ الْبَوْلِ مِنْ الْإِنْسَانِ وَوُجُوبِ اجْتِنَابِهِ وَهُوَ إجْمَاعٌ، وَيَدُلُّ أَيْضًا عَلَى عِظَمِ أَمْرِهِ وَأَمْرِ النَّمِيمَةِ، وَأَنَّهُمَا مِنْ أَعْظَمِ أَسْبَابِ عَذَابِ الْقَبْرِ)(7).
(1) روى مسلم شطره الأول (2606)، ورواه أحمد بتمامه (1/ 437)(4160).
(2)
((فيض القدير)) للمناوي (3/ 133).
(3)
((شرح رياض الصالحين)) لابن عثيمين (6/ 147).
(4)
رواه البخاري (6052)، ومسلم (292).
(5)
((شرح صحيح البخاري)) لابن بطال (3/ 346).
(6)
((إحكام الأحكام شرح عمدة الأحكام)) لابن دقيق العيد (1/ 104).
(7)
((نيل الأوطار)) للشوكاني (1/ 121).