المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الوسائل المعينة للتخلص من اليأس والقنوط - موسوعة الأخلاق الإسلامية - جـ ٣

[مجموعة من المؤلفين]

فهرس الكتاب

- ‌ذم الكذب في واحة الشعر

- ‌ نقض العهد

- ‌معاني العهد

- ‌الفرق بين العهد وبعض الكلمات

- ‌حكم نقض العهد:

- ‌النهي عن نقض العهد في القرآن والسنة

- ‌أقوال السلف والعلماء في ذم نقض العهد

- ‌آثار نقض العهد

- ‌صور نقض العهد

- ‌أسباب الوقوع في نقض العهد

- ‌الوسائل المعينة على ترك نقض العهد

- ‌مسائل متفرقة حول نقض العهد

- ‌نقض العهد في واحة الشعر

- ‌ النميمة

- ‌الفرق بين النميمة وبعض الصفات

- ‌ذم النميمة والنهي عنها في القرآن والسنة

- ‌أقوال السلف والعلماء في ذم النميمة

- ‌حكم النميمة

- ‌أقسام النميمة

- ‌أسباب الوقوع في النميمة

- ‌آثار ومضار النميمة

- ‌فوائد ترك النميمة

- ‌علاج النميمة

- ‌حكم وأمثال في النميمة

- ‌مسائل متفرقة حول النميمة

- ‌ذم النميمة في واحة الشعر

- ‌وأخيراً:

- ‌ اليأس والقنوط

- ‌الفرق بين اليأس والقنوط والخيبة:

- ‌ذم اليأس والقنوط في القرآن والسنة

- ‌من أقوال السلف والعلماء في ذم اليأس والقنوط

- ‌حكم اليأس والقنوط

- ‌أقسام اليأس من رحمة الله

- ‌آثار ومضار اليأس والقنوط

- ‌صور اليأس والقنوط

- ‌أسباب اليأس والقنوط

- ‌الوسائل المعينة للتخلص من اليأس والقنوط

- ‌قصص في اليأس والقنوط

- ‌كلمات في اليأس والقنوط

- ‌اليأس والقنوط في واحة الشعر

الفصل: ‌الوسائل المعينة للتخلص من اليأس والقنوط

‌الوسائل المعينة للتخلص من اليأس والقنوط

1 -

الإيمان بأسماء الله وصفاته:

أن العلم والإيمان بأسماء الله وصفاته وخاصة التي تدل على الرحمة والمغفرة والكرم والجود تجعل المسلم لا ييأس من رحمة الله وفضله، قال علوي السقاف:(إذا علم العبد وآمن بصفات الله من الرحمة، والرأفة، والتَّوْب، واللطف، والعفو، والمغفرة، والستر، وإجابة الدعاء؛ فإنه كلما وقع في ذنب؛ دعا الله أن يرحمه ويغفر له ويتوب عليه، وطمع فيما عند الله من سترٍ ولطفٍ بعباده المؤمنين، فأكسبه هذا رجعة وأوبة إلى الله كلما أذنب، ولا يجد اليأس إلى قلبه سبيلاً، كيف ييأس من يؤمن بصفات الصبر، والحلم؟! كيف ييأس من رحمة الله من علم أن الله يتصف بصفة الكرم، والجود، والعطاء)(1).

2 -

حسن الظن بالله ورجاء رحمته:

قال السفاريني: (حال السلف رجاء بلا إهمال، وخوف بلا قنوط. ولابد من حسن الظن بالله تعالى)(2).

فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((قال الله عز وجل: أنا عند ظن عبدي بي، وأنا معه حيث يذكرني، والله لله أفرح بتوبة عبده من أحدكم يجد ضالته بالفلاة، ومن تقرب إلي شبرا، تقربت إليه ذراعا، ومن تقرب إلي ذراعا، تقربت إليه باعا، وإذا أقبل إلي يمشي، أقبلت إليه أهرول)) (3).

وعن أنس رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((قال الله تعالى: يا ابن آدم، إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك على ما كان منك ولا أبالي، يا ابن آدم، لو بلغت ذنوبك عنان السماء، ثم استغفرتني، غفرت لك ولا أبالي، يا ابن آدم، إنك لو أتيتني بقراب الأرض خطايا، ثم لقيتني لا تشرك بي شيئا، لأتيتك بقرابها مغفرة)) (4).

قال الشافعي:

ولما قسا قلبي وضاقت مذاهبي

جعلت رجائي دون عفوك سلما

تعاظمني ذنبي فلما قرنته

بعفوك ربي كان عفوك أعظما

فما زلت ذا عفو عن الذنب لم تزل

تجود وتعفو منة وتكرما

فإن تنتقم مني فلست بآيس

ولو دخلت نفسي بجرمي جهنما

ولولاك لم يغوى بإبليس عابد

فكيف وقد أغوى صفيك آدما

وإني لآتي الذنب أعرف قدره

وأعلم أن الله يعفو ترحما (5)

3 -

تعلق القلب بالله والثقة به:

لا بد على المرء أن يعلق قلبه بالله ويجعل الثقة به سبحانه وتعالى في كل أحواله و (لا يليق بالمسلم أن ييأس من روح الله ولا يقنط من رحمته، ولا يكون نظره مقصوراً على الأمور المادية والأسباب الظاهرة، بل يكون متلفتا في قلبه في كل وقت إلى مسبب الأسباب إلى الكريم الوهاب متحريا للفرج واثقا بأن الله سيجعل بعد العسر يسرا ومن هنا ينبعث للقيام بما يقدر عليه من النصح والإرشاد والدعوة ويقنع باليسير إذا لم يمكن الكثير وبزوال بعض الشر وتخفيفه إذا تعذر غير ذلك)(6).

4 -

أن يكون بين الخوف والرجاء:

قال تعالى في مدح عباده المؤمنين: إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ [الأنبياء: 90].

(1)((صفات الله عز وجل الواردة في الكتاب والسنة)) لعلوي السَّقَّاف (1/ 36).

(2)

((غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب)) للسفاريني (1/ 466).

(3)

رواه البخاري (7405)، مسلم (2675) واللفظ له.

(4)

رواه الترمذي (3540)، وأحمد (5/ 167) (21510). قال الترمذي: حسن غريب. وصحح إسناده الضياء في ((المختارة)) (4/ 399)، وصححه السيوطي في ((الجامع الصغير)) (6065).

(5)

((سير أعلام النبلاء)) للذهبي (10/ 76).

(6)

انظر: ((الهمة العالية)) لمحمد الحمد (1/ 50).

ص: 44

قال السفاريني: (نص الإمام - أحمد – رضي الله عنه: ينبغي للمؤمن أن يكون رجاؤه وخوفه واحدا. فأيهما غلب صاحبه هلك. وهذا هو العدل، ولهذا من غلب عليه حال الخوف أوقعه في نوع من اليأس والقنوط، إما في نفسه، وإما في أمور الناس، ومن غلب عليه حال الرجاء بلا خوف أوقعه في نوع من الأمن لمكر الله، إما في نفسه وإما في الناس)(1).

5 -

الإيمان بالقضاء والقدر:

إذا علم المرء وأيقن أن كل ما حصل له هو بقضاء الله وقدره يستريح قلبه ولم ييأس لفوات شيء قال تعالى: مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ [الحديد: 22].

وقال سبحانه: مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ [التغابن: 11].

قال ابن القيم: (إذا جرى على العبد مقدور يكرهه فله فيه ستة مشاهد أحدها مشهد التوحيد وأن الله هو الذي قدره وشاءه وخلقه وما شاء الله كان وما لم يشاء لم يكن الثاني مشهد العدل وأنه ماض فيه حكمه عدل فيه قضاؤه الثالث مشهد الرحمة وأن رحمته في هذا المقدور غالبه لغضبه وانتقامه ورحمته حشوه الرابع مشهد الحكمة وأن حكمته سبحانه اقتضت ذلك لم يقدره سدى ولا قضاه عبثا الخامس مشهد الحمد وأن له سبحانه الحمد التام على ذلك من جميع وجوهه السادس مشهد العبودية وأنه عبد محض من كل وجه تجري عليه أحكام سيده وأقضيته بحكم كونه ملكه وعبده فيصرفه تحت أحكامه القدرية كما يصرفه تحت أحكامه الدينية فهو محل لجريان هذه الأحكام عليه)(2).

6 -

الصبر عند حدوث البلاء:

وذلك أن الله سبحانه ذم اليائسين من رحمته عند حصول البلاء واستثنى من الذم الصابرين على البلاء وجعل لهم الثواب العظيم.

فقال تعالى: وَلَئِنْ أَذَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنَّا رَحْمَةً ثُمَّ نَزَعْنَاهَا مِنْهُ إِنَّهُ لَيَئُوسٌ كَفُورٌ وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ نَعْمَاءَ بَعْدَ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ ذَهَبَ السَّيِّئَاتُ عَنِّي إِنَّهُ لَفَرِحٌ فَخُورٌ إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ [هود: 9 - 11].

ونهى النبي صلى الله عليه وسلم عن تمني الموت بسبب البلاء فعن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا يتمنين أحدكم الموت لضرر أصابه. فإن كان لا بد فاعلا، فليقل: اللهم أحيني ما كانت الحياة خيرا لي، وتوفني إذا كانت الوفاة خيرا لي)) (3).

7 -

الدعاء مع الإيقان بالإجابة:

قال تعالى عن نبيه يعقوب عليه السلام لما عوتب في تذكر يوسف عليه الصلاة والسلام بعد طول الزمان وانقطاع الأمل وحصول اليأس في رجوعه قال بلسان المؤمن الواثق في وعد الله برفع البلاء عن الصابرين وإجابة دعوة المضطرين قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ [يوسف: 86].

وعن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة، واعلموا أن الله لا يستجيب دعاء من قلب غافل لاه)) (4).

(1)((غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب)) للسفاريني (1/ 462).

(2)

((الفوائد)) لابن القيم (1/ 32).

(3)

رواه البخاري (5671)، ومسلم (5680). واللفظ للبخاري.

(4)

رواه الترمذي (3479)، وأحمد (2/ 177) (6655). قال الترمذي: غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه. وقال الحاكم (1/ 670): إسناده مستقيم. وصحح إسناده أحمد شاكر في ((تخريج المسند)) (6655).

ص: 45

وعنه أيضا عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لا يزال يستجاب للعبد، ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم، ما لم يستعجل)) (1).

قال القرطبي:- ينبغي - (استدامة الدعاء وترك اليأس من الإجابة وداوم رجائهما واستدامة الإلحاح في الدعاء فإن الله يحب الملحين في الدعاء)(2).

والمرء مع إلحاحه في الدعاء عليه أن يوقن بأن (النصر مع الصبر وأن الفرج مع الكرب وأن مع العسر يسرا)(3).

8 -

الأخذ بالأسباب:

يظهر لنا جلياً في قصة يوسف عليه السلام الأخذ بالأسباب وترك الاستسلام لليأس فقد قال نبي الله يعقوب عليه السلام لأولاده لما أبلغوه فقد ابنه الثاني: يَا بَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلَا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ [يوسف: 87].

قال السعدي: (ورد النهي عن تمني الموت للضر الذي ينزل بالعبد، من مرض أو فقر أو خوف، أو وقوع في شدة ومهلكة، أو نحوها من الأشياء. فإن في تمني الموت لذلك مفاسد.

.. منها: أنه يضعف النفس، ويحدث الخور والكسل. ويوقع في اليأس، والمطلوب من العبد مقاومة هذه الأمور والسعي في إضعافها وتخفيفها بحسب اقتداره، وأن يكون معه من قوة القلب وقوة الطمع في زوال ما نزل به. وذلك موجب لأمرين: اللطف الإلهي لمن أتى بالأسباب المأمور بها، والسعي النافع الذي يوجبه قوة القلب ورجاؤه .. فيجعل العبد الأمر مفوضا إلى ربه الذي يعلم ما فيه الخير والصلاح له، الذي يعلم من مصالح عبده ما لا يعلم العبد، ويريد له من الخير ما لا يريده، ويلطف به في بلائه كما يلطف به في نعمائه) (4).

9 -

الزهد في الدنيا:

فمن أسباب اليأس والقنوط الأساسية تعلق القلب بالدنيا والفرح بأخذها والحزن والتأسف على فواتها بكل ما فيها من جاه وسلطان وزوجة وأولاد ومال وعافية .. الخ فاعلم أن الله سبحانه يعطي الدنيا لمن لا يحب ومن يحب ولا يعطي الآخرة إلا لمن أحب وقد منع أحب الخلق إليه وأكرمهم عليه نبينا محمد صلى الله عليه وسلم الدنيا وما فيها فخرج وما ملأ بطنه من خبز البر ثلاث أيام متواليات، وأن المرء لن يأخذ أكثر مما قدر له فلا ييأس ولا يقنط لفوات شيء.

(1) رواه مسلم (2735).

(2)

((المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم)) للقرطبي (7/ 63).

(3)

رواه أحمد (1/ 307)(2803)، والطبراني (11/ 123)(11243)، والبيهقي في ((الاعتقاد)) (147)، والضياء في ((الأحاديث المختارة)) (10/ 23) (13). من حديث ابن عباس رضي الله عنهما. قال البيهقي في ((الاعتقاد)):[له] شواهد عن ابن عباس، وصححه عبدالحق الإشبيلي في ((الأحكام الشرعية الكبرى)) (3/ 333)، وقال ابن رجب في ((جامع العلوم والحكم)) (1/ 459): حسن جيد، وحسنه ابن حجر في ((موافقة الخبر الخبر)) (1/ 327)، وقال السخاوي في ((المقاصد الحسنة)) (188): حسن وله شاهد، وحسنه محمد الغزي في ((إتقان ما يحسن)) (1/ 200)، وقال السفاريني في ((شرح كتاب الشهاب)) (111): بمجموع أسانيده يصل إلى درجة الحسن، وصحح إسناده أحمد شاكر في تحقيق ((مسند أحمد)) (4/ 287).

(4)

انظر ((بهجة قلوب الأبرار وقرة عيون الأخيار في شرح جوامع الأخبار)) للسعدي (1/ 175 - 176) بتصرف يسير.

ص: 46