المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌كلمة تكريم الباحث علي الرضا الحسيني للأستاذ الأخضر رحموني - موسوعة الأعمال الكاملة للإمام محمد الخضر حسين - ١٥/ ١

[محمد الخضر حسين]

فهرس الكتاب

- ‌(29)«مُلتَقَى الإِمَامِ مُحَمَّدٍ الخَضِرِ حُسَين في الجَزَائر»

- ‌المقدمة

- ‌حفل افتتاح الملتقى

- ‌كلمة افتتاح الملتقى لوالي ولاية "بسكرة" الأستاذ ساعد أقوجيل

- ‌كلمة رئيس الجمعية الخلدونية للأبحاث والدراسات التاريخية الأستاذ فوزي مصمودي

- ‌كلمة الشيخ عبد القادر عثماني شيخ زاوية (علي بن عمر)

- ‌كلمة الشيخ عبد الرحمن شيبان رئيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين

- ‌كلمة رئيس الجمعية بتكريم الباحث علي الرضا الحسيني

- ‌كلمة تكريم الباحث علي الرضا الحسيني للأستاذ الأخضر رحموني

- ‌التكريم

- ‌تحية شعرية لعلي الرضا الحسيني بعد التكريم

- ‌محاضرات الملتقى

- ‌ومضات من حياة العلامة محمد الخضر حسين

- ‌الإمام الشيخ محمد الخضر حسين ومنهجه في التراجم

- ‌الإمام العلامة محمد الخضر حسين شاعرا ً

- ‌جهود الأزهر في مواجهة التغريب الإمام محمد الخضر حسين الجزائري نموذجا ً

- ‌الإمام محمد الخضر حسين رجل العلاقات والمؤسسات العلمية

- ‌توصيات الملتقى

- ‌على هامش الملتقى

- ‌بعض عناوين الصحافة الجزائرية عن الملتقى

- ‌ملتقى الإمام محمد الخضر حسين

- ‌في الذكرى الخمسين لوفاة العلامة التونسي محمد الخضر حسين شيغ الأزهر السابق

- ‌بسكرة عاصمة الثقافة باحتفالها بالإمام محمد الخضر حسين إمام العالم الإسلامي، وأستاذ الشيخ ابن باديس

- ‌ربيع في الشتاء

- ‌تذكرة ملتقى الإمام العلامة محمد الخضر حسين

الفصل: ‌كلمة تكريم الباحث علي الرضا الحسيني للأستاذ الأخضر رحموني

حفل افتتاح الملتقى

‌كلمة تكريم الباحث علي الرضا الحسيني للأستاذ الأخضر رحموني

أيها الجمع الكريم!

إن اجتماعنا في هذا الحفل البهيج الذي تُزيِّن صفوفه نخبةٌ من رجال العلم والثقافة، والجهاد والسياسة، والتي تستحق منا كل الشكر والعرفان، تسعى من خلاله الجمعية الخلدونية للأبحاث والدراسات التاريخية إلى تكريم الأستاذ الباحث علي الرضا الحسيني كعربون وفاء، واعتراف بفضائل الأستاذ في إحياء التراث المغاربي، وخاصة إعادة بعث لأعمال العلامة محمد الخضر حسين إلى النور.

وبرغم مشقة السفر، والابتعاد عن الأهل والخلّان في سورية الشقيقة، فقد أبي إلا أن يكون حاضراً بيننا اليوم، ولبى إيجابياً دعوة الجمعية الخلدونية عندما علم أن ولاية "بسكرة"، ومن خلالها الجزائر ستحتفي بالعلامة محمد الخضر حسين، وقد خُصص له ملتقىً وطني يحمل اسمه. وليس هذا بالغريب عن رجل هو من ورثة الأنبياء؛ لأننا نكرم في شخصه صفة العالم الذي كرمه الله، وأوجب تكريمه وطاعته.

إن الأمة العظيمة هي التي تقدر أبناءها الذين بذلوا من أجلها الغالي، من أجل عزتها وكرامتها وحريتها، والتعريف برجالاتها، وتخليد مآثرهم، والأمة الهلوك هي التي تقلل من شأن من عظَّم شأنها، ورفع راية مجدها عالياً،

ص: 23

وحافظ على مقومات شخصيتها.

فبورك في كل من سعى إلى هذا التكريم، وخاصة أن الأستاذ علي الرضا الحسيني يستحق منا جميعاً كل التقدير والإجلال؛ فقد قضى سبعاً وثلاثين سنة في البحث والجمع والتحقيق، وطبع تراث عمه الإمام محمد الخضر حسين؛ حيث نشر أعماله الكاملة، ومنها: روائع مجلة "الهداية الإسلامية" التي عاش معها، وراجعها مدة خمسة وعشرين عاماً لقطف ثمارها. وكذا الأعمال الكاملة لوالده العلامة زين العابدين بن الحسين، وعمه اللغوي محمد المكي ابن الحسين، وخال والده النابغة محمد المكي بن عزّوز، والآخرين من السادة الفضلاء أهل التقوى والصلاح.

فقد نشر الأستاذ علي الرضا الحسيني أكثر من ستين كتاباً بين تحقيق وبحث، وإنتاج وإبداع شعري؛ تقديراً لجهود هؤلاء المصابيح الأعلام، وإثراء للخزانة العربية. والغاية من هذا الجهد الكبير، لا يهدف منه الترويج لاسم العائلة، بل تقريب أعمال هذه النجوم الساطعة إلى القارئ، والتسهيل على الدارس، وحفظ الآثار في كتاب، بدلاً من ضياعها متناثرة في الصحف والمجلات الدورية. وكيف لا؟! والأستاذ علي الرضا الحسيني من أسرة خَدمت، وعُرفت بخدمة العلم ونشره، وبالزهد والتقوى، وينسب فرعها إلى الدوحة النبوية الشريفة، فجَدُّ والده من جانب الأب هو الشيخ علي بن عمر مؤسس زاوية (طولقة) العريقة، والتي تُعد من القلاع العلمية في الجزائر، التي حافظت على لغة القرآن الكريم منذ تأسيسها؛ عن طريق نشر العلم الصحيح، والتربية، ومساعدة الفقراء والمساكين، وتعليمهم بالمجان، ولا تزال تواصل رسالتها الاجتماعية إلى يوم الناس هذا تحت إشراف فضيلة الشيخ عبد القادر عثماني -حفظه الله-.

ص: 24

وجَدّ والده من جانب الأم هو الشيخ مصطفى بن عزوز، الذي رفض الاحتلال الفرنسي للجزائر، وأرشده شيخه علي بن عمر بالذهاب إلى تونس، وفعلًا هاجر إلى بلدة "نفطة" بالجريد، وأسس بها زاوية رحمانية كبرى، تحولت بمرور الزمن إلى ملجأ وملاذ لكل الفارين من الاستعمار الفرنسي، والمهاجرين الجزائريين طوال القرن التاسع عشر والعشرين.

وقد أفرد الأستاذ علي الرضا الحسيني لكل من زاوية "طولقة"، وزاوية "نفطة" كتاباً قيماً.

ووالده هو العلامة زين العابدين بن الحسين الذي ولد في تونس، وآثر مع كامل أسرته الفرار من الاستعمار الفرنسي، وكانت وجهتهم مدينة دمشق، عندما بدأت السلطات الفرنسية في ملاحقة أخيه الإمام محمد الخضر حسين، وحكمت عليه بالإعدام؛ لاشتغاله بالنضال الوطني، ودعوته المبكرة إلى تحرير أقطار المغرب العربي واستقلالها.

فاحتضنت سورية هذه العائلة، كما احتضنت عائلات جزائرية أخرى لعبت دوراً عظيماً ومؤثراً في التاريخ الحديث لسورية، وقاومت الاستعمار، وحررت الشعوب، وحافظت على الإسلام والعروبة في وجه الأعداء، وما الشيخ طاهر الجزائري إلا نموذج.

وفي سورية عمل الأستاذ زين العابدين في حقل التربية أربعين عاماً مدرساً للعلوم الإسلامية واللغوية في مختلف المدارس الرسمية، وكان يلقي الدروس الأسبوعية باستمرار طوال أيام حياته في مساجد دمشق، لا سيما في الجامع الأموي.

ص: 25

وفي دمشق ولد الأستاذ علي الرضا الحسيني في 17 نوفمبر 1932 م، وبها تلقى تعليمه.

أما عمّ المحتفى به، فهو العلامة اللغوي محمد المكي بن الحسين، الذي عَدّه بعض الدارسين بأنه جاحظ عصره، وكتبُه العديدة تؤكد تضلعه في اللغة، وتعمقه في الدراسة، وقدرة فائقة على الإحاطة بالموضوع، وتتبع تفاصيله.

أما عمّه الآخر، فهو شخصية هذا الملتقى الذي ستذكر فعالياته مجموعة من الأساتذة الجامعيين، نتعرف من خلالهم على محطات مهمة في حياته، ومسيرته العلمية والنضالية.

وأكتفي هنا بتهنئة الجزائر التي رفَعَتْها إليه عند تقلده مشيخة الأزهر الشريف، وهي قصيدة بتوقيع أمير شعراء الجزائر الشيخ محمد العيد آل خليفة، نشرها في جريدة "البصائر" العدد 208 الصادر سنة 52، ومن قوله:

هَنِّئِ الأزهرَ الشَّريفَ بشيخٍ

طابَ أُنْساً به وزادَ انْشِراحا

حازَ آلُ الحسينِ بالخِضْرِ الحرِّ

مَدَى فَخْرهِمْ وفازوا قِداحا

أورثَ الله منه طولقة العِرْ

قَ وَأَوْرَى بِنفْطَةَ المِصْباحا

تونسٌ تقبلُ التّهاني نَشْوَى

وتُهادي الجزائرَ الأفراحا

وخالُ والد الأستاذ علي الرضا الحسيني هو العلامة محمد المكّي بن عزّوز، أحدُ العلماء الكبار الذين طرقوا أبواب العلوم الشرعية واللغوية والأدبية، ولروحه الوطنية دعا الجزائريين إلى مقاطعة فرنسا اقتصادياً؛ مما دعا سلطات الاحتلال الفرنسي إلى مطاردته، فرحل إلى إستنبول؛ حيث عينه السلطان عبد الحميد مدرِّساً للحديث والتفسير في (دار الفنون)، وتوفي في

ص: 26

"الآستانة" تاركاً وراءه مجموعة من الكتب القيمة والرسائل.

أفلا يحق للأستاذ علي الرضا الحسيني سليلِ هذه العائلة المباركة، أن يفتخر بنسبه، والانتماء إلى هذه الكوكبة من العلماء الذين أضاؤوا بأعمالهم طريق الهدى:

ذاكَ عَمِّي (الخِضْرُ) و (الزَّيْنُ) أَبي

والنَّدى (المكِّيُّ) بَحْرُ الأدبِ

وجُدودي سِيَرٌ مَنْقوشةٌ

في ذُرا المَجْدِ بماءِ الذَّهبِ

وخَؤول يُنْسَبُ العزُّ لهم

إنْ تَسَلْ أهلَ التُّقى والنَّسَبِ

لِمَ لا أَمْضي على مِنْهاجِهمْ

ورِضا الله قُصارى مَطْلبي

وبرغم أن الأستاذ علي الرضا الحسيني مسكون بهاجس البحث، فإنه يمازج هذه الهواية المفضلة، مع مهنة المحاماة التي بدأ في ممارستها منذ 26 كتوبر 1965 م، وما زال حتى اليوم، إضافة إلى حبّه للأدب والشعر، فهو الشاعر الذي عانق في قصائده وجدانَ الفرد المسلم الذي ينبض قلبه بالاعتزاز والشعور العميق بالانتماء إلى هذه الأمة الماجدة، فعبَّر عن هموم الضعفاء في عصر العولمة، وانحطاطِ قيم حضارة الغرب.

فجاء شعره أصيلاً في منطلقاته، غنياً في مضمونه، حيّاً متدفقاً بالعاطفة النبيلة الصادقة، متوهجاً بالثقة المطلقة بأن القصيدة وحدها التي تقودنا إلى المجد والسؤدد، خاصة في قصائده التي رفعها إلى أبنائه وأحفاده ووطنه الكبير. وكان لفلسطين النصيبُ الأوفر من قصائده.

وقد أصدر من الدواوين الشعرية: "بثينة"، "زين"، "قلب شاعر"، "أنا شيد الطفولة"، "ورد وأشواك"، وغيرها.

ص: 27

ومن قصائده في الشوق إلى الوطن:

وَطني نشَرْتُ على رباكَ حَياتي

وغَرَزْتُ في قَلْبِ العِدا راياتي

لا نَجْمَ يَعْلو فوقَ نجمِكَ عِزَّةً

أوْ مَنْعَةً وعَراقةَ الهاماتِ

وَطني أحِنُ له حُنوَّ أُمومةٍ

وأُبوَّةٍ وصَبابِة النَّفَحاتِ

فيكَ الحَلاوةُ والمَرارةُ تُشْتَهى

والخيْرُ فيكَ بأطيبِ الثَّمَراتِ

إنْ غِبْتُ عنكَ أَهيمُ طِفْلاً شارداً

في غُرْبَتي وَترحُّلي وشَتاتي

قَلَمي وشِعْري والفُؤادُ وخَاطرِي

لكَ تَنْتمي بالحبِّ والصَّبَوات

وعندما نتذكر تونس، يقتضي الواجب أن نشير إلى أن الرئيس التونسي زين العابدين بن علي، قد وشَّح صدرَ الأستاذ علي الرضا الحسيني بوسام الاستحقاق الثقافي؛ تقديراً للخدمات الثقافية التي قدمها لتونس، وخاصة اهتمامه الكبير بآثار عائلة الحسين.

وإذا كان أستاذنا قد أهدى تونس ديوانه الموسوم "تونسيات"، فقد خصَّ ملحمةَ القرن العشرين الثورةَ الجزائرية الكبرى برواية تحمل عنوان:"الطريق إلى القمة"، تدور أحداثها حول ثورة أول نوفمبر. ومن الأعمال نتمنى أن تكلل أعماله الشعرية بديوان جديد يختار له من العناوين:"جزائريات".

شكراً أستاذنا، ونتمنى لكم موفور الصحة والعافية لمواصلة المشوار الأدي والفكري، والمرابضة في خندق الكلمة المضيئة كدليل اعتراف للسلف، والإشارة إلى حمل المشعل الذي أناره علماؤنا في الماضي، فصنعوا به أقوى أمة لا تعرف الخلاف ولا الهوان في ظل الأخوة والوحدة، وشكراً للجميع. والسلام عليكم.

ص: 28