الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بشريعة أخرى، فإن عيسى عليه السلام إنما ينزل على شريعة نبينا، ولا يسعه إلا اتباعه".
هذه عبارة الشيخ الكردستاني، وهي -كما رأيتها- خاصة بالحديث عن عيسى عليه السلام، ولم يقلها ليدل على أن باب النبوة بعد النبي صلى الله عليه وسلم لا يزال مفتوحاً، وهذه العبارة تشبه عبارة النيسابوري إذ قال عند قوله تعالى:{وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ} [الأحزاب: 40]: ومجيء عيسى عليه السلام في آخر الزمان لا ينافي ذلك؛ لأنه ممن نبئ قبله، وهو يجيء على شريعة نبينا صلى الله عليه وسلم مصلياً إلى قبلته، وكأنه بعض أمته. وهذا مثل ينبئك أن داعية القاديانية ينسب إلى علماء الإسلام ما لم يخطر لهم على بال.
*
اقتراح غلام أحمد على علماء الهند أن يتركوه عشر سنين:
ذكرنا في المقال السابق: أن غلام أحمد اقترح على علماء الإسلام بالهند أن يتركوه عشر سنين لا يعارضونه، ولا يفندون آراءه، وقال لهم: إن كنت كاذباً، فسيظهر كذبي، وأن كنت صادقاً، نجوتم من العقوبة التي ينزلها الله على من يناوئني، وقلنا: إن العلماء لم يكونوا من الغباوة بحيث تروج عليهم هذه المكيدة، بل لم يكونوا من الجهل بواجبات الدين على حوإن يقبلوا هذا الاقتراح، ويطلقوا لغلام أحمد الشكيمة غير مبالين بما يفسده من عقائد وأخلاق وآداب، ولم يخجل داعية القاديانية أن يتعرض في مقاله لهذا الاقتراح، وتبلغ به قلة الخجل أن يعد مثل هذا في طرق الدعوة الصحيحة، ويقيسه بحكمة القرآن الحكيم في قوله تعالى:
{قُلْ يَاأَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا
اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ} [آل عمران: 64].
والفرق بين الآية الكريمة، واقتراح غلام أحمد، كالفرق بين البياض الناصع، والسواد الحالك، وداعية القاديانية إما أنه لم يفهم معنى الآية، وإما أنه يتخيل أن قراء مقاله قد وضعوا عقولهم بين أصابعه يعبث بها كيف يشاء.
وهل من المعقول أن يكون مثل غلام أحمد في اقتراحه السخيف مثل رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ أمره الله تعالى بأن يدعو أهل الكتاب إلى إخلاص العبادة لله تعالى، وعدم اتخاذ بعضنا بعضاً أرباباً من دون الله، فإذا لم يقبلوا هذه الدعوة، اعتز هو وأصحابه بإسلامهم، وأعرض عن أولئك الجاهلين؟!.
وإذا قص القرآن الكريم أن بعض المدافعين عن رسول عزم بعض قومه على قتله، قال لهم في دفاعه عنه:
فإن ذلك الرجل إنما قال هذه الكلمة في حق داع إلى الله بحق، قد قامت البينات على صدقه، ولم يكن بيد القوم دليل أو أمارة على كذبه البتة، وليس هذا حال غلام أحمد مع علماء الإسلام، فإن دعاوي غلام أحمد مناقضة لأصول الإسلام، فكذبه مقطوع به، فإذا قال لأهل العلم: دعوني، ولا تتعرضوا لدعاياتي مقدار عشر سنين، فإنما يقول لهم: دعوني أبدل دينكم الحنيف، وأهدم شريعتكم الغراء، وأقيم العقبات في سبيل عزتكم، وكونوا على هذا البلاء صابرين، ولهذه المهانة محتملين، وبعقوبة الله غير مبالين.