المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌النوع الثالث ما جاء من الكلمات على ثلاثة أوجه - موصل الطلاب إلى قواعد الإعراب

[خالد الأزهري]

فهرس الكتاب

- ‌شرح الْجُمْلَة وَذكر أسمائها وأحكامها وَفِيه أَربع مسَائِل

- ‌الْمَسْأَلَة الأولى فِي شرح الْجُمْلَة

- ‌الْمَسْأَلَة الثَّانِيَة فِي بَيَان الْجمل الَّتِي لَهَا مَحل من الْإِعْرَاب

- ‌الْمَسْأَلَة الثَّالِثَة فِي بَيَان الْجمل الَّتِي لَا مَحل لَهَا من الْأَعْرَاب

- ‌الْمَسْأَلَة الرَّابِعَة الْجمل الخبرية

- ‌فِي الْجَار وَالْمَجْرُور فِيهِ أَيْضا أَربع مسَائِل

- ‌الْمَسْأَلَة الأولى تعلق الْجَار وَالْمَجْرُور بِفعل أَو بِمَا فِي مَعْنَاهُ

- ‌الْمَسْأَلَة الثَّانِيَة فِي بَيَان حكم الْجَار وَالْمَجْرُور بعد الْمعرفَة والنكرة

- ‌الْمَسْأَلَة الثَّالِثَة فِي بَيَان مُتَعَلق الْجَار وَالْمَجْرُور والمحذوف فِي هَذِه الْمَوَاضِع

- ‌الْمَسْأَلَة الرَّابِعَة حكم الْمَرْفُوع بعد الْجَار وَالْمَجْرُور فِي الْمَوَاضِع السَّابِقَة

- ‌فِي تَفْسِير كَلِمَات كَثِيرَة يحْتَاج إِلَيْهَا المعرب

- ‌النَّوْع الأول مَا جَاءَ على وَجه وَاحِد لَا غير وَهُوَ أَرْبَعَة

- ‌النَّوْع الثَّانِي مَا جَاءَ من هَذِه الْكَلِمَات على وَجْهَيْن

- ‌النَّوْع الثَّالِث مَا جَاءَ من الْكَلِمَات على ثَلَاثَة أوجه

- ‌النَّوْع الرَّابِع مَا جَاءَ من الْكَلِمَات على أَرْبَعَة أوجه

- ‌النَّوْع الْخَامِس مَا يَأْتِي من الْكَلِمَات على خَمْسَة أوجه

- ‌النَّوْع السَّادِس مَا يَأْتِي من الْكَلِمَات على سَبْعَة أوجه

- ‌النَّوْع السَّابِع مَا يَأْتِي من الْكَلِمَات على ثَمَانِيَة أوجه

- ‌النَّوْع الثَّامِن مَا يَأْتِي من الْكَلِمَات على اثْنَي عشر وَجها

- ‌فِي الإشارات إِلَى عِبَارَات محررة مستوفاة موجزة وَهِي ثَمَانِيَة أَنْوَاع عدد أَبْوَاب الْجنَّة

الفصل: ‌النوع الثالث ما جاء من الكلمات على ثلاثة أوجه

‌النَّوْع الثَّالِث مَا جَاءَ من الْكَلِمَات على ثَلَاثَة أوجه

وَهُوَ سبع إِحْدَاهَا إِذْ فَيُقَال فِيهَا ظرف لما مضى من الزَّمَان غَالِبا وَتدْخل على الجملتين الاسمية والفعلية فَالْأولى نَحْو

{واذْكُرُوا إِذْ أَنْتُم} وَالثَّانيَِة نَحْو {واذْكُرُوا إِذْ كُنْتُم قَلِيلا} وَمن غير الْغَالِب أَنَّهَا قد تسْتَعْمل للمستقبل نَحْو {فَسَوف يعلمُونَ إِذْ الأغلال فِي أَعْنَاقهم} فَإذْ هُنَا بِمَعْنى إِذا لِأَن الْعَامِل فِيهَا فعل مُسْتَقْبل

وَيُقَال فِيهَا تَارَة حرف مفاجأة إِذا وَقعت بعد بَينا أَو بَيْنَمَا

ص: 99

فَالْأول كَقَوْلِك بَينا أَنا فِي ضيق إِذْ جَاءَ الْفرج

وَالثَّانِي كَقَوْلِه

(استقدر الله خيرا وارضين بِهِ

فَبَيْنَمَا الْعسر إِذْ دارت مياسير)

وَهل هِيَ ظرف زمَان أَو مَكَان أَو حرف بِمَعْنى المفاجأة أَو حرف زَائِد للتوكيد أَقْوَال وَيُقَال فِيهَا تَارَة حرف تَعْلِيل بِالْعينِ كَقَوْلِه تَعَالَى {وَلنْ ينفعكم الْيَوْم إِذْ ظلمتم أَنكُمْ فِي الْعَذَاب مشتركون} أَي وَلنْ ينفعكم الْيَوْم اشتراككم فِي الْعَذَاب لأجل ظلمكم فِي الدُّنْيَا

وَهل هِيَ حرف بِمَنْزِلَة لَام التَّعْلِيل أَو ظرف وَالتَّعْلِيل مُسْتَفَاد من قُوَّة الْكَلَام قَولَانِ

الثَّانِيَة من الْكَلِمَات الَّتِي جَاءَت على ثَلَاثَة أوجه لما بِفَتْح اللَّام

ص: 100

وَتَشْديد الْمِيم فَيُقَال فِيهَا فِي نَحْو لما جَاءَ زيد جَاءَ عَمْرو لما حرف وجود لوُجُود فوجود مَجِيء عَمْرو لوُجُود مَجِيء زيد

وتختص بِالدُّخُولِ على الْفِعْل الْمَاضِي على الْأَصَح وَكَونهَا حرفا هُوَ مَذْهَب سِيبَوَيْهٍ وَزعم الْفَارِسِي ومتابعوه كَابْن جنى أَنَّهَا ظرف للزمان بِمَعْنى حِين وَالْمعْنَى فِي الْمِثَال حِين جَاءَ زيد جَاءَ عَمْرو

فَيَقْتَضِي مجيئهما فِي زمن وَاحِد وَهُوَ غير لَازم

وَتارَة يُقَال فِيهَا إِذا دخلت على الْمُضَارع فِي نَحْو {بل لما يَذُوقُوا عَذَاب} حرف جزم لنفي حدث لمضارع وَقَلبه أَي قلب زَمَنه مَاضِيا نَفْيه بِالْحَال متوقعا ثُبُوته فِي الِاسْتِقْبَال أَلا ترى أَن الْمَعْنى فِي الْمِثَال أَنهم لم يذوقوه أَي الْعَذَاب إِلَى الْآن وَأَن ذوقهم لَهُ متوقع فِي الْمُسْتَقْبل

وَتارَة يُقَال فِيهَا حرف اسْتثِْنَاء بِمَنْزِلَة إِلَّا الاستثنائية فِي لُغَة هُذَيْل فَإِنَّهُم يجْعَلُونَ لما بِمَعْنى إِلَّا فِي نَحْو قَوْلهم

أنْشدك الله لما فعلت كَذَا

أَي مَا أَسأَلك إِلَّا فعلك كَذَا وَمِنْه أَي وَمن مَجِيء لما بِمَعْنى إِلَّا قَوْله تَعَالَى

ص: 101

{إِن كل نفس لما عَلَيْهَا حَافظ} فِي قِرَاءَة التَّشْدِيد وَهِي قِرَاءَة ابْن عَامر وَعَاصِم وَحَمْزَة وَأبي جَعْفَر أَلا ترى أَن الْمَعْنى مَا كل نفس إِلَّا عَلَيْهَا حَافظ فَإِن نَافِيَة وَلما بِمَعْنى إِلَّا وَلَا الْتِفَات إِلَى إِنْكَار الْجَوْهَرِي ذَلِك حَيْثُ قَالَ إِن لما بِمَعْنى إِلَّا غير مَعْرُوف فِي اللُّغَة وَسَبقه إِلَى ذَلِك الْفراء وَأَبُو عُبَيْدَة وَمَا قَالَه المُصَنّف حَكَاهُ الْخَلِيل وسيبويه

ص: 102

وَالْكسَائِيّ وَمن حفظه حجَّة على من لم يحفظ والمثبت مقدم على النَّافِي

الثَّالِثَة من الْكَلِمَات الَّتِي جَاءَت على ثَلَاثَة أوجه نعم بِفتْحَتَيْنِ فَيُقَال فِيهَا حرف تَصْدِيق إِذا وَقعت بعد الْخَبَر الْمُثبت نَحْو قَامَ زيد أَو الْخَبَر الْمَنْفِيّ نَحْو مَا قَامَ زيد وَيُقَال فِيهَا حرف اعلام إِذا وَقعت بعد الِاسْتِفْهَام نَحْو هَل قَامَ زيد وَيُقَال فِيهَا حرف وعد إِذا كَانَت بعد الطّلب نَحْو أَن يُقَال لَك أحسن إِلَى فلَان فَتَقول نعم

وَمن مجيئها أَيْضا للإعلام بعد الِاسْتِفْهَام قَوْله تَعَالَى {فَهَل وجدْتُم مَا وعد ربكُم حَقًا قَالُوا نعم} وَهَذَا الْمَعْنى وَهُوَ مَجِيء

ص: 103

نعم للإعلام لم ينص عَلَيْهِ سِيبَوَيْهٍ فَإِنَّهُ قَالَ نعم عدَّة وتصديق وَلم يزدْ على ذَلِك

الْكَلِمَة الرَّابِعَة مِمَّا جَاءَ على ثَلَاثَة أوجه إِي بِكَسْر الْهمزَة وَسُكُون الْيَاء المخففة وَهِي حرف جَوَاب بِمَنْزِلَة نعم فَتكون لتصديق الْخَبَر ولإعلام المستخبر ولوعد الطَّالِب فَتَقَع بعد نَحْو قَامَ زيد وَمَا قَامَ زيد وَهل قَامَ زيد وَاضْرِبْ زيدا

كَمَا تقع نعم بعده هَذَا مُقْتَضى التَّشْبِيه وَزعم ابْن الْحَاجِب أَنَّهَا إِنَّمَا تقع بعد الِاسْتِفْهَام خَاصَّة إِلَّا أَنَّهَا نعم من حَيْثُ كَونهَا تخْتَص بالقسم بعْدهَا نَحْو قَوْله تَعَالَى {ويستنبئونك أَحَق هُوَ قل إِي وربي إِنَّه لحق}

الْكَلِمَة الْخَامِسَة مِمَّا جَاءَ على ثَلَاثَة أوجه حَتَّى فأحد أوجهها أَن تكون جَارة فَتدخل على الِاسْم الصَّرِيح الظَّاهِر فَتكون بِمَعْنى إِلَى فِي الدّلَالَة على الِانْتِهَاء من الْغَايَة نَحْو

{حَتَّى مطلع الْفجْر} {حَتَّى حِين} وَهل مجرورها دَاخل فِيمَا قبلهَا أَو خَارج عَنهُ أَو دَاخل تَارَة وخارج أُخْرَى أَقْوَال ذهب

ص: 104

سِيبَوَيْهٍ والمبرد وَأَبُو بكر وَأَبُو عَليّ إِلَى الأول

وَذهب أَبُو حَيَّان وَأَصْحَابه إِلَى الثَّانِي وَذهب ثَعْلَب وَصَاحب الذَّخَائِر إِلَى الثَّالِث

وَتدْخل على الإسم المؤول من أَن حَال كَونهَا مضمرة وجوبا وَمن الْفِعْل الْمُضَارع وَهِي فِي ذَلِك على وَجْهَيْن فَتكون تَارَة بِمَعْنى إِلَى نَحْو قَوْله تَعَالَى {لن نَبْرَح عَلَيْهِ عاكفين حَتَّى يرجع إِلَيْنَا مُوسَى} التَّقْدِير حَتَّى أَن يرجع بِأَن وَالْفِعْل الْمُضَارع أَي إِلَى رُجُوعه بِتَأْوِيل الْمصدر من أَن وَالْفِعْل أَي زمَان رُجُوعه بِتَقْدِير زمَان وَذَلِكَ لِأَن الرُّجُوع لَا بُد لَهُ من زمَان يكون حُصُوله فِيهِ كالفعل إِلَّا أَن دلَالَة الْمصدر على الزَّمَان التزامية وَدلَالَة الْفِعْل المؤول مِنْهُ الْمصدر على الزَّمَان وضعية

ص: 105

وَتَكون حَتَّى تَارَة بِمَعْنى كي التعليلية نَحْو قَوْلك للْكَافِرِ أسلم حَتَّى تدخل الْجنَّة أَي كي تدخل الْجنَّة أَي لأجل دُخُولهَا

وَقد تكون حَتَّى فِي الْموضع الْوَاحِد تحتملهما أَي الْمَعْنيين معنى إِلَى وَمعنى كي كَقَوْلِه تَعَالَى {فَقَاتلُوا الَّتِي تبغي حَتَّى تفيء إِلَى أَمر الله} يحْتَمل أَن يكون الْمَعْنى على الْغَايَة أَو التَّعْلِيل أَي إِلَى أَن تفيء أَو كي أَن تفيء وَالْغَالِب أَنَّهَا لَا تكون لغير ذَلِك

وَزعم ابْن هِشَام الخضراوي وَتَبعهُ ابْن مَالك أَنَّهَا أَي حَتَّى تكون بِمَعْنى إِلَّا الاستثنائية كَقَوْلِه

(لَيْسَ الْعَطاء من الفضول سماحة

حَتَّى تجود وَمَا لديك قَلِيل)

أَي إِلَّا تجود ووهو أَي أَن تجود اسْتثِْنَاء مُنْقَطع لِأَن الْجُود فِي حَالَة قلَّة المَال لَيْسَ من جنس الْمُسْتَثْنى مِنْهُ وَهُوَ الْعَطاء فِي حَالَة الْكَثْرَة

ص: 106

قَالَ الدماميني وَتَبعهُ الشمني وتحتمل الْغَايَة احْتِمَالا مرجوحا بِأَن يكون الْمَعْنى أَن انْتِفَاء كَون عطائك معدودا من السماحة ممتدا إِلَى زمن عطائك فِي حَال قلَّة مَالك فَإِذا أَعْطَيْت فِي تِلْكَ الْحَالة تثبت سماحتك انْتهى

الْوَجْه الثَّانِي من أوجه حَتَّى أَن تكون حرف عطف خلافًا للكوفيين تفِيد مُطلق الْجمع من غير تَرْتِيب وَلَا معية على الْأَصَح كالواو فِي ذَلِك إِلَّا أَن الْمَعْطُوف بهَا أَي بحتى مَشْرُوط بأمرين أَحدهمَا أَن يكون بَعْضًا من الْمَعْطُوف عَلَيْهِ إِمَّا حَقِيقَة أَو حكما كَمَا سَيَأْتِي

وَالْأَمر الثَّانِي أَن يكون الْمَعْطُوف بهَا غَايَة لَهُ أَي للمعطوف عَلَيْهِ كالشرف نَحْو قَوْلك مَاتَ النَّاس حَتَّى الْأَنْبِيَاء فَإِن الْأَنْبِيَاء عَلَيْهِم الصَّلَاة وَالسَّلَام هم الْمَعْطُوف بحتى وهم غَايَة النَّاس فِي شرف الْمِقْدَار بِالنِّسْبَةِ إِلَى كمالات النَّوْع الانساني وَعَكسه كالدناءة نَحْو قَوْلك زارني النَّاس حَتَّى الحجامون فَإِن الحجامون هم الْمَعْطُوف بحتى وهم غَايَة فِي دناءة الْمِقْدَار وكالقوة والضعف كَمَا قَالَ الشَّاعِر

ص: 107

(قهرناكم حَتَّى الكماة فَأنْتم

تهابوننا حَتَّى بنينَا الأصاغرا)

فالكماة جمع كمي وَهُوَ البطل من الْكمّ وَهُوَ السّير لِأَنَّهُ يستر نَفسه بالدرع والبيضة غَايَة فِي الْقُوَّة والبنون الأصاغر غَايَة فِي الضعْف

وَتقول فِي الْبَعْض الْحَقِيقِيّ أكلت السَّمَكَة حَتَّى رَأسهَا وَفِي الْحكمِي أعجبتني الْجَارِيَة حَتَّى كَلَامهَا

لِأَن الْكَلَام فِي عدم استقلاله بِنَفسِهِ واحتياجه إِلَيْهَا كجزئها لما بَينهمَا من التَّعَلُّق الاشتمالي

وَيمْتَنع أَن تَقول أعجبتني الْجَارِيَة حَتَّى وَلَدهَا لِأَن الْوَلَد مُسْتَقل بِنَفسِهِ وَغير قَائِم بهَا

وَفِي تمثيله للثَّانِي لف وَنشر غير مُرَتّب وَالضَّابِط وَهُوَ أَمر كلي منطبق على جزئياته أَن يُقَال مَا صَحَّ اسْتِثْنَاؤُهُ مِمَّا قبله على الِاتِّصَال صَحَّ دُخُول حَتَّى عَلَيْهِ وَمَا لَا يَصح اسْتِثْنَاؤُهُ مِمَّا قبله فَلَا دُخُول حَتَّى عَلَيْهِ أَلا ترى أَنه يَصح إِن يُقَال أعجبتني الْجَارِيَة إِلَّا كَلَامهَا وَيمْتَنع إِلَّا وَلَدهَا لعدم دُخُوله فِيهَا الْوَجْه الثَّالِث من أوجه حَتَّى أَن تكون حرف ابْتِدَاء على الْأَصَح فَتدخل على ثَلَاثَة أَشْيَاء على الْجُمْلَة الفعلية المبدوءة بِالْفِعْلِ الْمَاضِي نَحْو قَوْله تَعَالَى {حَتَّى عفوا وَقَالُوا}

ص: 108

والمبدوءة بِالْفِعْلِ الْمُضَارع الْمَرْفُوع نَحْو قَوْله تَعَالَى {وزلزلوا حَتَّى يَقُول الرَّسُول} فِي قِرَاءَة من رفع وَهُوَ نَافِع

وعَلى الْجُمْلَة الاسمية كَقَوْلِه وَهُوَ جرير

(فَمَا زَالَت الْقَتْلَى تمج دماءها

بدجلة حَتَّى مَاء دجلة أشكل)

وَقد تقدم وَقيل هِيَ مَعَ الْجُمْلَة الفعلية المصدرة بِالْفِعْلِ الْمَاضِي جَارة أَن بعْدهَا مضمرة وَالتَّقْدِير فِي حَتَّى عفوا حَتَّى أَن عفوا كَذَا يُقَال ابْن مَالك قَالَ المُصَنّف فِي المغنى وَلَا أعرف لَهُ فِي ذَلِك سلفا وَفِيه تكلّف من غير ضَرُورَة انْتهى

وَقد مضى خلاف الزّجاج وَابْن درسْتوَيْه فِي الْكَلَام على الْجُمْلَة الابتدائية

الْكَلِمَة السَّادِسَة مِمَّا جَاءَ على ثَلَاثَة أوجه كلا بِفَتْح الْكَاف وَتَشْديد اللَّام فَيُقَال فِيهَا تَارَة حرف ردع وزجر وَهُوَ قَول الْخَلِيل وسيبويه

ص: 109

وَجُمْهُور الْبَصرِيين فِي نَحْو {فَيَقُول رَبِّي أهانن كلا} أَي انته وانزجر عَن هَذِه الْمقَالة الَّتِي هِيَ إِخْبَار بِأَن تَقْدِير الرزق أَي تضييقه إهانة فقد تكون كَرَامَة ليؤديه إِلَى سَعَادَة الْآخِرَة

وَيُقَال فِيهَا تَارَة حرف جَوَاب وتصديق بِمَنْزِلَة إِي بِكَسْر الْهمزَة وَسُكُون الْيَاء وَهُوَ قَول الْفراء وَالنضْر بن شُمَيْل فِي نَحْو {كلا وَالْقَمَر} وَالْمعْنَى إِي وَالْقَمَر

وَيُقَال فِيهَا حرف بِمَعْنى حَقًا أَو بِمَعْنى أَلا بِفَتْح الْهمزَة وَاللَّام المخففة الاستفتاحية على خلاف فِي ذَلِك النَّحْو {كلا لَا تطعه} فَالْمَعْنى على الأول حَقًا لَا تطعه وَهُوَ قَول الْكسَائي وَابْن الْأَنْبَارِي وَمن وافقهما

وعَلى الثَّانِي أَلا لَا تطعه وَهُوَ قَول أبي حَاتِم والزجاج وَالصَّوَاب الثَّانِي وَهِي أَنَّهَا للاستفتاح لكسر الْهمزَة من إِن بعْدهَا

ص: 110

فِي نَحْو {كلا إِن الْإِنْسَان ليطْغى} كَمَا تكسر بعد الاستفتاحية فِي نَحْو {أَلا إِن أَوْلِيَاء} وَلَو كَانَت بِمَعْنى حَقًا لفتحت الْهمزَة بعْدهَا كَمَا تفتح بعد حَقًا كقولة

(أحقا أَن جيرتنا استقلوا

)

بِفَتْح الْهمزَة وَيدْفَع بِأَنَّهُ إِنَّمَا لم تفتح همزَة إِن بعد كلا إِذا كَانَت بِمَعْنى حَقًا لِأَنَّهَا حرف لَا يصلح للخبرية صَلَاحِية حَقًا لَهَا

الْكَلِمَة السَّابِعَة مِمَّا جَاءَ على ثَلَاثَة اوجه لَا تكون تَارَة نَافِيَة وَتارَة ناهية وَتارَة زَائِدَة

فالنافية تعْمل فِي النكرات عمل إِن كثيرا فتنصب الِاسْم وترفع الْخَبَر إِذا أُرِيد بهَا نفي الْجِنْس على سَبِيل التَّنْصِيص نَحْو لَا إِلَه إِلَّا الله فإله اسْمهَا وخبرها مَحْذُوف تقديرة لنا وَنَحْوه

ص: 111

وتعمل عمل لَيْسَ قَلِيلا فَترفع الِاسْم وتنصب الْخَبَر إِذا أُرِيد بهَا نفي الْجِنْس على سَبِيل الظُّهُور أَو أُرِيد بهَا نفي الْوَاحِد فَالْأول كَقَوْلِه

(تعز فَلَا شَيْء على الأَرْض بَاقِيا

وَلَا وزر مِمَّا قضى الله واقيا)

وَالثَّانِي كَقَوْلِك لَا رجل قَائِما بل رجلَانِ

والناهية تجزم الْفِعْل الْمُضَارع سَوَاء اسند إِلَى مُخَاطب أَو غَائِب فَالْأول نَحْو {وَلَا تمش} وَالثَّانِي نَحْو {فَلَا يسرف فِي الْقَتْل} ويقل إِسْنَاده للمتكلم مَبْنِيا للْمَفْعُول نَحْو لَا أخرج وَلَا تخرج ويندر جدا فِي الْمَبْنِيّ للْفَاعِل

ص: 112

وَالْفرق بَين النافية والناهية من حَيْثُ اللَّفْظ اخْتِصَاص الناهية بالمضارع وجزمه بِخِلَاف النافية

وَمن حَيْثُ الْمَعْنى إِن الْكَلَام مَعَ الناهية طلبي وَمَعَ النافية

خبري والزائدة الَّتِي دُخُولهَا فِي الْكَلَام كخروجها وفائدتها التقوية والتوكيد نَحْو {مَا مَنعك أَلا تسْجد} فِي سُورَة الْأَعْرَاف أَي أَن تسْجد كَمَا جَاءَ أَن تسْجد بِدُونِ لَا مُصَرحًا بِهِ فِي مَوضِع آخر فِي سُورَة ص

ص: 113