المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌النوع الرابع ما جاء من الكلمات على أربعة أوجه - موصل الطلاب إلى قواعد الإعراب

[خالد الأزهري]

فهرس الكتاب

- ‌شرح الْجُمْلَة وَذكر أسمائها وأحكامها وَفِيه أَربع مسَائِل

- ‌الْمَسْأَلَة الأولى فِي شرح الْجُمْلَة

- ‌الْمَسْأَلَة الثَّانِيَة فِي بَيَان الْجمل الَّتِي لَهَا مَحل من الْإِعْرَاب

- ‌الْمَسْأَلَة الثَّالِثَة فِي بَيَان الْجمل الَّتِي لَا مَحل لَهَا من الْأَعْرَاب

- ‌الْمَسْأَلَة الرَّابِعَة الْجمل الخبرية

- ‌فِي الْجَار وَالْمَجْرُور فِيهِ أَيْضا أَربع مسَائِل

- ‌الْمَسْأَلَة الأولى تعلق الْجَار وَالْمَجْرُور بِفعل أَو بِمَا فِي مَعْنَاهُ

- ‌الْمَسْأَلَة الثَّانِيَة فِي بَيَان حكم الْجَار وَالْمَجْرُور بعد الْمعرفَة والنكرة

- ‌الْمَسْأَلَة الثَّالِثَة فِي بَيَان مُتَعَلق الْجَار وَالْمَجْرُور والمحذوف فِي هَذِه الْمَوَاضِع

- ‌الْمَسْأَلَة الرَّابِعَة حكم الْمَرْفُوع بعد الْجَار وَالْمَجْرُور فِي الْمَوَاضِع السَّابِقَة

- ‌فِي تَفْسِير كَلِمَات كَثِيرَة يحْتَاج إِلَيْهَا المعرب

- ‌النَّوْع الأول مَا جَاءَ على وَجه وَاحِد لَا غير وَهُوَ أَرْبَعَة

- ‌النَّوْع الثَّانِي مَا جَاءَ من هَذِه الْكَلِمَات على وَجْهَيْن

- ‌النَّوْع الثَّالِث مَا جَاءَ من الْكَلِمَات على ثَلَاثَة أوجه

- ‌النَّوْع الرَّابِع مَا جَاءَ من الْكَلِمَات على أَرْبَعَة أوجه

- ‌النَّوْع الْخَامِس مَا يَأْتِي من الْكَلِمَات على خَمْسَة أوجه

- ‌النَّوْع السَّادِس مَا يَأْتِي من الْكَلِمَات على سَبْعَة أوجه

- ‌النَّوْع السَّابِع مَا يَأْتِي من الْكَلِمَات على ثَمَانِيَة أوجه

- ‌النَّوْع الثَّامِن مَا يَأْتِي من الْكَلِمَات على اثْنَي عشر وَجها

- ‌فِي الإشارات إِلَى عِبَارَات محررة مستوفاة موجزة وَهِي ثَمَانِيَة أَنْوَاع عدد أَبْوَاب الْجنَّة

الفصل: ‌النوع الرابع ما جاء من الكلمات على أربعة أوجه

‌النَّوْع الرَّابِع مَا جَاءَ من الْكَلِمَات على أَرْبَعَة أوجه

وَهن أَربع إِحْدَاهَا لَوْلَا فَيُقَال فِيهَا تَارَة حرف يَقْتَضِي امْتنَاع جَوَابه لوُجُود شَرطه وتختص بِالْجُمْلَةِ الاسمية المحذوفة الْخَبَر وجوبا غَالِبا وَذَلِكَ إِذا كَانَ الْخَبَر كونا مُطلقًا نَحْو لَوْلَا زيد أَي مَوْجُود لأكرمتك امْتنع الاكرام الَّذِي هُوَ الْجَواب لوُجُود زيد الَّذِي هُوَ الشَّرْط

وَمِنْه أَي وَمن دُخُولهَا على الْجُمْلَة الاسمية المحذوفة الْخَبَر لولاى لَكَانَ كَذَا أَي لَوْلَا أَنا مَوْجُود فَأَقَامَ الْموصل الْمُتَّصِل مقَام الْمُنْفَصِل وَحذف الْخَبَر لكَونه كونا مُطلقًا هَذَا مَذْهَب الاخفش وَذهب سيبوية إِلَى أَن لَوْلَا جَارة للضمير كَمَا تقدم وَمن غير الْغَالِب لَوْلَا زيد سالمنا مَا سلم

وَيُقَال فِيهَا تَارَة حرف تحضيض بِمُهْملَة فمعجمتين وَتارَة حرف عرض بِسُكُون الرَّاء أَي طلب بإزعاج فِي التحضيض أَو طلب بِرِفْق فِي الْعرض على التَّرْتِيب فتختص فيهمَا بِالْجُمْلَةِ الفعلية

ص: 114

المبدوءة بالمضارع أَو مَا فِي تَأْوِيله فالتحضيض نَحْو {لَوْلَا تستغفرون الله} أَي استغفروه وَلَا بُد وَنَحْو {لَوْلَا أنزل إِلَيْهِ ملك} فَأنْزل مؤول بالمضارع أَي ينزل

وَالْعرض نَحْو لَوْلَا تنزل عندنَا فتصيب خيرا وَنَحْو {لَوْلَا أخرتني إِلَى أجل قريب} فأخرتني مؤول بالمضارع أَي تؤخرني

وَيُقَال فِيهَا تَارَة حرف توبيخ مصدر وبخه أَي عيره بِفِعْلِهِ الْقَبِيح فتختص بِالْجُمْلَةِ الفعلية المبدوءة بالماضي نَحْو {فلولا نَصرهم الَّذين اتَّخذُوا من دون الله قربانا آلِهَة} أَي فَهَلا نَصرهم

قيل وَتَكون لَوْلَا حرف اسْتِفْهَام مُخْتَصّ بالماضي نَحْو {لَوْلَا أخرتني إِلَى أجل قريب} {لَوْلَا أنزل عَلَيْهِ ملك} قَالَه أَحْمد أَبُو عُبَيْدَة الْهَرَوِيّ وَالْمعْنَى هَل أخرتني وَهل أنزل وَالظَّاهِر أَنَّهَا أَي لَوْلَا فِي الْآيَة الأولى وَهِي لَوْلَا أخرتني للعرض كَمَا تقدم وَفِي الْآيَة الثَّانِيَة وَهِي {لَوْلَا أنزل عَلَيْهِ ملك} للتحضيض أَي هلا أنزل

ص: 115

وَزَاد الْهَرَوِيّ معنى آخر وَهُوَ أَن تكون لَوْلَا نَافِيَة بِمَنْزِلَة لم وَجعل مِنْهُ أَي من الْمَنْفِيّ {فلولا كَانَت قَرْيَة آمَنت} أَي لم تكن قَرْيَة آمَنت وَهَذَا بعيد وَالظَّاهِر أَن المُرَاد بلولا هُنَا التوبيخ وَالْمعْنَى فَهَلا وَهُوَ قَول الْأَخْفَش وَالْكسَائِيّ وَالْفراء وَيُؤَيِّدهُ أَن فِي حرف أبي بن كَعْب وحرف عبد الله بن مَسْعُود أَي قراءتهما فَهَلا وَيلْزم من ذَلِك الْمَعْنى الَّذِي ذَكرْنَاهُ وَهُوَ التوبيخ معنى النَّفْي الَّذِي ذكره الْهَرَوِيّ لِأَن اقتران التوبيخ بِالْفِعْلِ الْمَاضِي يشْعر بِانْتِفَاء وُقُوعه

الْكَلِمَة الثَّانِيَة مِمَّا جَاءَ على أَرْبَعَة أوجه إِن الْمَكْسُورَة الْهمزَة الْخَفِيفَة النُّون فَيُقَال فِيهَا شَرْطِيَّة وَمَعْنَاهَا تَعْلِيق حُصُول مَضْمُون جملَة بِحُصُول مَضْمُون جملَة أُخْرَى كَالَّتِي فِي نَحْو {إِن تخفوا مَا فِي صدوركم أَو تبدوه يُعلمهُ الله} فحصول مَضْمُون الْعلم مُعَلّق بِحُصُول مَضْمُون مَا يخفونه أَو يبدونه

وَإِن الشّرطِيَّة حكمهَا بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْعَمَل أَن تجزم فعلين مضارعين أَو ماضيين أَو مُخْتَلفين وَيُسمى الأول مِنْهُمَا شرطا وَالثَّانِي جَوَابا وَجَزَاء

ص: 116

وَتارَة يُقَال فِيهَا نَافِيَة وَتدْخل على الْجُمْلَة الاسمية كَالَّتِي فِي نَحْو {إِن عنْدكُمْ من سُلْطَان بِهَذَا} وعَلى الفعلية الماضوية كَالَّتِي فِي نَحْو {إِن أردنَا إِلَّا إحسانا} والمضارعية كَالَّتِي فِي نَحْو {إِن يعد الظَّالِمُونَ بَعضهم بَعْضًا إِلَّا غرُورًا} وَحكمهَا الإهمال عِنْد جُمْهُور الْعَرَب

وَأهل الْعَالِيَة يعملونها عمل لَيْسَ فيرفعون بهَا الِاسْم وينصبون الْخَبَر نثرا أَو شعرًا فالنثر نَحْو قَول بَعضهم إِن أحد خيرا من أحد إِلَّا بالعافية فأحذ اسْمهَا وَخيرا خَبَرهَا وَالشعر وكقول شَاعِرهمْ

(إِن هُوَ مستوليا على أحد

إِلَّا على أَضْعَف المجانين)

فَهُوَ اسْمهَا ومستوليا خَبَرهَا

وَقد اجْتمعَا إِن الشّرطِيَّة وَإِن النافية فِي قَوْله تَعَالَى

ص: 117

{وَلَئِن زالتا إِن أمسكهما من أحد من بعده} فَإِن الدَّاخِلَة على زالتا شَرْطِيَّة وَإِن الدَّاخِلَة على أمسكهما نَافِيَة

وَيُقَال فِيهَا تَارَة مُخَفّفَة من الثَّقِيلَة كَالَّتِي فِي نَحْو قَوْله تَعَالَى {وَإِن كلا لما ليوفينهم} فِي قِرَاءَة من خفف الثَّقِيلَة وَهُوَ الحرميان وَأَبُو بكر

ويقل إعمالها عمل إِن الْمُشَدّدَة من نصب الِاسْم وَرفع الْخَبَر كهذه الْقِرَاءَة فكلا اسْمهَا وَمَا بعده خَبَرهَا

وَمن وُرُود إهمالها قَوْله تَعَالَى {إِن كل نفس لما عَلَيْهَا حَافظ} فِي قِرَاءَة من خفف لما وَهُوَ نَافِع وَابْن كثير وَأَبُو عَمْرو وَالْكسَائِيّ وَخلف وَيَعْقُوب

فَكل نفس مُبْتَدأ ومضاف إِلَيْهِ وَجُمْلَة لما عَلَيْهَا حَافظ خَبره وَمَا صلَة وَالتَّقْدِير إِن كل نفس لعليها حَافظ وَأما من شدد لما وَهُوَ أَبُو

ص: 118

جَعْفَر وَابْن عَامر وَعَاصِم وَحَمْزَة فَهِيَ أَي إِن عِنْده نَافِيَة وَلما إيجابية على لُغَة هُذَيْل وَالتَّقْدِير مَا كل نفس إِلَّا عَلَيْهَا حَافظ

وَيُقَال فِيهَا تَارَة زَائِدَة لتقوية الْكَلَام وتوكيده وَالْغَالِب أَن تقع بعد مَا النافية كَالَّتِي فِي نَحْو مَا إِن زيد قَائِم وتكف مَا الحجازية عَن الْعَمَل فِي الْمُبْتَدَأ وَالْخَبَر كَقَوْلِه

(فَمَا إِن طبنا جبن وَلَكِن

منايانا ودولة آخرينا)

وَحَيْثُ اجْتمعت مَا وَإِن فَإِن تقدّمت مَا على إِن فَهِيَ أَي مَا نَافِيَة وَإِن زَائِدَة نَحْو مَا تقدم فِي الْمِثَال وَالْبَيْت وَإِن تقدّمت إِن على مَا فَهِيَ أَي إِن الشّرطِيَّة وَمَا زَائِدَة نَحْو {وَإِمَّا تخافن من قوم خِيَانَة}

الْكَلِمَة الثَّالِثَة مِمَّا جَاءَ على أَرْبَعَة أوجه أَن الْمَفْتُوحَة الْهمزَة الْخَفِيفَة النُّون فَيُقَال فِيهَا تَارَة حرف مصدري تؤول مَعَ صلتها

ص: 119

بِالْمَصْدَرِ وَينصب الْمُضَارع لفظا أَو محلا فَالْأول نَحْو {يُرِيد الله أَن يُخَفف عَنْكُم} وَالثَّانِي يُرِيد النِّسَاء أَن يرضعن أَوْلَادهنَّ

وَأَن هَذِه هِيَ الدَّاخِلَة على الْفِعْل الْمَاضِي فِي نَحْو أعجبني أَن صمت بِدَلِيل أَنَّهَا تؤول بِالْمَصْدَرِ أَي صيامك لَا أَن غَيرهَا خلافًا لِابْنِ طَاهِر فِي زَعمه أَنَّهَا غَيرهَا محتجا بِأَن الدَّاخِلَة على الْمُضَارع تخلصه للاستقبال فَلَا تدخل على غَيره كالسين وَنقض بإن الشّرطِيَّة فَإِنَّهَا تدخل على الْمُضَارع وتخلصه للاستقبال وَتدْخل على الْمَاضِي بِاتِّفَاق

وَيُقَال فِيهَا تَارَة زَائِدَة لتقوية الْمَعْنى وتوكيده كَالَّتِي فِي نَحْو {فَلَمَّا أَن جَاءَ البشير} وَكَذَا يحكم لَهَا بِالزِّيَادَةِ حَيْثُ جَاءَت بعد لما التوقيتية كَهَذا الْمِثَال أَو وَقعت بَين فعل الْقسم وَلَو كَقَوْلِه

(فأقسم أَن لَو الْتَقَيْنَا وَأَنْتُم

لَكَانَ لكم يَوْم من الشَّرّ مظلم)

ص: 120

أَو بَين الْكَاف ومجرورها كَقَوْلِه كَأَن ظَبْيَة تعطو إِلَى وارق السّلم فِي رِوَايَة الْجَرّ

وَيُقَال فِيهَا تَارَة مفسرة لمضمون جملَة قبلهَا فَتكون بِمَنْزِلَة أَي التفسيرية كَالَّتِي فِي نَحْو {فأوحينا إِلَيْهِ أَن اصْنَع الْفلك}

أَي اصْنَع فَالْأَمْر بصنع الْفلك تَفْسِير للوحي وَكَذَا يحكم لَهَا بِأَنَّهَا مفسرة حَيْثُ وَقعت بعد جملَة اسمية وفعلية فِيهَا معنى القَوْل دون حُرُوفه أَي حُرُوف القَوْل وَلم تقترن أَن بخافض ويتأخر عَنْهَا جملَة اسمية أَو فعلية فالفعلية كالمثال الْمُتَقَدّم

والاسمية نَحْو {ونودوا أَن تلكم الْجنَّة أورثتموها} فَلَيْسَ مِنْهَا أَي المفسرة نَحْو {وَآخر دَعوَاهُم أَن الْحَمد لله رب الْعَالمين} لِأَن الْمُتَقَدّم عَلَيْهَا غير جملَة وَإِنَّمَا

ص: 121

هِيَ المخففة من الثَّقِيلَة وَلَا نَحْو كتبت إِلَيْهِ بِأَن افْعَل لدُخُول الْخَافِض عَلَيْهَا

وَإِنَّمَا هِيَ أَن المصدرية وَلَا نَحْو ذكرت عسجدا أَن ذَهَبا لِأَن الْمُتَأَخر عَنْهَا مُفْرد لَا جملَة فَيجب أَن يُؤْتى بِأَيّ مَكَانهَا وَلَا نَحْو قلت لَهُ أَن افْعَل لِأَن الْجُمْلَة الْمُتَقَدّمَة فِيهَا حُرُوف القَوْل

وَأما قَول بعض الْعلمَاء وَهُوَ سليم الرَّازِيّ فِي قَوْله تَعَالَى {مَا قلت لَهُم إِلَّا مَا أَمرتنِي بِهِ أَن اعبدوا الله رَبِّي وربكم} إِنَّهَا أَي أَن الدَّاخِلَة على اعبدوا مفسرة فَفِيهِ إِشْكَال لِأَنَّهُ لَا يَخْلُو إِمَّا أَن تكون مفسرة لأمرتنى أَو لَقلت قَالَ الزَّمَخْشَرِيّ وَكِلَاهُمَا لَا وَجه لَهُ لِأَنَّهُ إِن حمل على أَنَّهَا مفسرة لأمرتني دون قلت منع مِنْهُ فَسَاد الْمَعْنى أَلا ترى أَنه لَا يَصح أَن يكون {اعبدوا الله رَبِّي وربكم} مقولا لله تَعَالَى وَذَلِكَ لِأَن أَمرتنِي مقول قلت وَهُوَ مُسْند إِلَى ضمير الله تَعَالَى فَلَو فسر بِالْعبَادَة الْوَاقِعَة على الله رَبِّي وربكم لم يستقم لِأَن الله لَا يَقُول اعبدوا الله رَبِّي وربكم أَو حمل على أَنَّهَا أَي أَن مفسرة لَقلت دون أمرت فحروف القَوْل تأباه أَي تأبى التَّفْسِير لما تقدم من أَن شَرط الْمُفَسّر بِفَتْح السِّين أَن لَا يكون فِيهِ حُرُوف القَوْل لِأَن القَوْل يحْكى بعده الْكَلَام من غير أَن يتوسط بَينهمَا حرف التَّفْسِير انْتهى كَلَام الزَّمَخْشَرِيّ فَإِن أول لفظ

ص: 122

القَوْل بِغَيْرِهِ جَازَ التَّفْسِير وَلِهَذَا جوزه أَي التَّفْسِير الزَّمَخْشَرِيّ إِن أول قلت بأمرت وَالتَّقْدِير مَا أَمرتهم إِلَّا مَا أَمرتنِي بِهِ أَن اعبدوا الله وَاسْتَحْسنهُ المُصَنّف فِي الْمُغنِي

وَجوز الزَّمَخْشَرِيّ أَيْضا مصدريتها أَي مَصْدَرِيَّة أَن هَذِه على أَن الْمصدر المؤول من أَن وصلتها وَهُوَ أَن اعبدوا بَيَان للهاء أَي عطف بَيَان على الْهَاء المجرورة بِالْبَاء فِي بِهِ لَا أَن الْمصدر بدل من الْهَاء لِأَن الْمُبدل مِنْهُ فِي حكم السَّاقِط وعَلى تَقْدِير إِسْقَاط الضَّمِير الْمُبدل مِنْهُ تخلى الصِّلَة من عَائِد على الْمَوْصُول الَّذِي هُوَ مَا وَذَلِكَ لَا يجوز وَاللَّازِم بَاطِل وَكَذَا الْمَلْزُوم وَالصَّوَاب الْعَكْس وَهُوَ كَون الْمصدر بَدَلا من الْهَاء فِي بِهِ لَا عطف بَيَان عَلَيْهَا لِأَن الْبَيَان فِي الجوامد كالصفة فِي المشتقات فَكَمَا أَن الضمائر لَا تنْعَت كَذَلِك لَا يعْطف عطف بَيَان نَص على ذَلِك ابْن السَّيِّد وَابْن مَالك وعَلى هَذَا فَلَا يتبع الضَّمِير بعطف الْبَيَان كَمَا أَن الضَّمِير لَا ينعَت وَإِذا امْتنع أَن يكون بَيَانا تعين أَن يكون بَدَلا

فَإِن قَائِل يلْزم على القَوْل بالبدلية إخلاء الصِّلَة من عَائِد كَمَا تقدم بِنَاء على أَن الْمُبدل مِنْهُ فِي نِيَّة الطرح قُلْنَا ذَلِك غَالب لَا لَازم

ص: 123

وَلَئِن سلمنَا لُزُومه فلنا جَوَاب آخر وَهُوَ أَن نقُول الْعَائِد الْمُقدر الْحَذف مَوْجُود لَا مَعْدُوم فَلَا يلْزم الْمَحْذُور وَلَا يَصح أَن يُبدل الْمصدر الْمَذْكُور من مَا الموصولة المعمولة لَقلت لِأَن الْعِبَادَة مصدر مُفْرد لَا يعْمل فِيهَا فعل القَوْل لِأَن القَوْل وَمَا تصرف مِنْهُ لَا يعْمل إِلَّا فِي جملَة أَو مُفْرد يُؤَدِّي معنى الْجُمْلَة كقلت قصيدة وَالْعِبَادَة لَيست كَذَلِك

نعم يجوز أَن تبدل الْعِبَادَة من مَا إِن أول قلت بأمرت لِأَن أمرت يعْمل فِي الْمُفْرد الْخَالِي من معنى الْجُمْلَة نَحْو أَمرتك الْخَيْر وَالْأَكْثَر تعديته إِلَى الْمَأْمُور بِهِ بِالْبَاء

قَالَ الزَّمَخْشَرِيّ مَا حَاصله وَلَا يمْتَنع فِي أَن من قَوْله تَعَالَى {وَأوحى رَبك إِلَى النَّحْل أَن اتخذي} أَن تكون مقسرة بِمَنْزِلَة أَي مثلهَا فِي {فأوحينا إِلَيْهِ أَن اصْنَع الْفلك} فَيكون التَّقْدِير أَي اتخذي فسر الْوَحْي إِلَى النَّحْل بِأَنَّهُ الْأَمر بِأَن تتَّخذ من الْجبَال بُيُوتًا انْتهى

خلافًا لمن منع ذَلِك وَهُوَ الإِمَام الرَّازِيّ فَإِنَّهُ قَالَ متعقبا لكَلَام الزَّمَخْشَرِيّ إِن الْوَحْي هُنَا إلهام بِاتِّفَاق وَلَيْسَ فِي الإلهام معنى القَوْل وَإِنَّمَا هِيَ مَصْدَرِيَّة أَي باتخاذ الْجبَال بُيُوتًا وَأَشَارَ المُصَنّف إِلَى دَفعه نصْرَة للزمخشري بقوله لِأَن الإلهام فِي معنى القَوْل لِأَن الْمَقْصُود من القَوْل الْإِعْلَام والإلهام فعل من الله يتَضَمَّن الْإِعْلَام بِحَيْثُ يكون الملهم عَالما بِمَا ألهم بِهِ والهام الله النَّحْل من هَذَا الْقَبِيل

ص: 124

وَيُقَال فِيهَا تَارَة مُخَفّفَة من الثَّقِيلَة كَالَّتِي فِي نَحْو {علم أَن سَيكون مِنْكُم مرضى} {وَحَسبُوا أَلا تكون فتْنَة} فِي قِرَاءَة الرّفْع فِي يكون وَهِي قِرَاءَة أبي عَمْرو وَحَمْزَة وَالْكسَائِيّ وَيَعْقُوب وَخلف فِي اخْتِيَاره

وَكَذَا يحكم لَهَا بِالتَّخْفِيفِ من الثَّقِيلَة حَيْثُ وَقعت بعد علم وَلَيْسَ المُرَاد بِهِ ع ل م بل كل مَا يدل على الْيَقِين أَو ظن ينزل ذَلِك الظَّن منزلَة الْعلم

وَتقدم مثالهما

الْكَلِمَة الرَّابِعَة مِمَّا جَاءَ على أَرْبَعَة أوجه من بِفَتْح الْمِيم فَتكون تَارَة شَرْطِيَّة كَالَّتِي فِي نَحْو {من يعْمل سوءا يجز بِهِ} وَتارَة مَوْصُولَة كَالَّتِي فِي نَحْو {وَمن النَّاس من يَقُول} على أحد الِاحْتِمَالَيْنِ فتحتاج إِلَى صلَة وعائد وَتارَة استفهامية كَالَّتِي فِي نَحْو

ص: 125

{من بعثنَا من مرقدنا} فتحتاج إِلَى جَوَاب

وَتارَة نكرَة مَوْصُوفَة كَالَّتِي فِي نَحْو مَرَرْت بِمن معجب لَك إِنْسَان معجب لَك وتحتاج إِلَى صفة وَأَجَازَ ابو عَليّ الْفَارِسِي أَن تقع نكرَة تَامَّة فَلَا تحْتَاج إِلَى صفة

وَحمل عَلَيْهِ قَوْله

(وَنعم من هُوَ فِي سر وإعلان

)

ففاعل نعم مستتر فِيهَا وَمن تَمْيِيز بِمَعْنى شخصا وَالضَّمِير الْمُنْفَصِل هُوَ الْمَخْصُوص بالمدح أَي وَنعم شخصا هُوَ أَي بشر بن مَرْوَان الْمَذْكُور فِي الْبَيْت قبله

ص: 126