المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌في الإشارات إلى عبارات محررة مستوفاة موجزة وهي ثمانية أنواع عدد أبواب الجنة - موصل الطلاب إلى قواعد الإعراب

[خالد الأزهري]

فهرس الكتاب

- ‌شرح الْجُمْلَة وَذكر أسمائها وأحكامها وَفِيه أَربع مسَائِل

- ‌الْمَسْأَلَة الأولى فِي شرح الْجُمْلَة

- ‌الْمَسْأَلَة الثَّانِيَة فِي بَيَان الْجمل الَّتِي لَهَا مَحل من الْإِعْرَاب

- ‌الْمَسْأَلَة الثَّالِثَة فِي بَيَان الْجمل الَّتِي لَا مَحل لَهَا من الْأَعْرَاب

- ‌الْمَسْأَلَة الرَّابِعَة الْجمل الخبرية

- ‌فِي الْجَار وَالْمَجْرُور فِيهِ أَيْضا أَربع مسَائِل

- ‌الْمَسْأَلَة الأولى تعلق الْجَار وَالْمَجْرُور بِفعل أَو بِمَا فِي مَعْنَاهُ

- ‌الْمَسْأَلَة الثَّانِيَة فِي بَيَان حكم الْجَار وَالْمَجْرُور بعد الْمعرفَة والنكرة

- ‌الْمَسْأَلَة الثَّالِثَة فِي بَيَان مُتَعَلق الْجَار وَالْمَجْرُور والمحذوف فِي هَذِه الْمَوَاضِع

- ‌الْمَسْأَلَة الرَّابِعَة حكم الْمَرْفُوع بعد الْجَار وَالْمَجْرُور فِي الْمَوَاضِع السَّابِقَة

- ‌فِي تَفْسِير كَلِمَات كَثِيرَة يحْتَاج إِلَيْهَا المعرب

- ‌النَّوْع الأول مَا جَاءَ على وَجه وَاحِد لَا غير وَهُوَ أَرْبَعَة

- ‌النَّوْع الثَّانِي مَا جَاءَ من هَذِه الْكَلِمَات على وَجْهَيْن

- ‌النَّوْع الثَّالِث مَا جَاءَ من الْكَلِمَات على ثَلَاثَة أوجه

- ‌النَّوْع الرَّابِع مَا جَاءَ من الْكَلِمَات على أَرْبَعَة أوجه

- ‌النَّوْع الْخَامِس مَا يَأْتِي من الْكَلِمَات على خَمْسَة أوجه

- ‌النَّوْع السَّادِس مَا يَأْتِي من الْكَلِمَات على سَبْعَة أوجه

- ‌النَّوْع السَّابِع مَا يَأْتِي من الْكَلِمَات على ثَمَانِيَة أوجه

- ‌النَّوْع الثَّامِن مَا يَأْتِي من الْكَلِمَات على اثْنَي عشر وَجها

- ‌فِي الإشارات إِلَى عِبَارَات محررة مستوفاة موجزة وَهِي ثَمَانِيَة أَنْوَاع عدد أَبْوَاب الْجنَّة

الفصل: ‌في الإشارات إلى عبارات محررة مستوفاة موجزة وهي ثمانية أنواع عدد أبواب الجنة

الْبَاب الرَّابِع

‌فِي الإشارات إِلَى عِبَارَات محررة مستوفاة موجزة وَهِي ثَمَانِيَة أَنْوَاع عدد أَبْوَاب الْجنَّة

ص: 159

الْبَاب الرَّابِع فِي الإشارات إِلَى عِبَارَات محررة مهذبة منقحة مستوفاة للمقصود موجزة من الإيجاز وَهُوَ تَجْرِيد الْمَعْنى من غير رِعَايَة للفظ الأَصْل بِلَفْظ يسير وَلم يقل مختصرة لِأَن الِاخْتِصَار تَجْرِيد اللَّفْظ الْيَسِير من اللَّفْظ الْكثير مَعَ بَقَاء الْمَعْنى وَلَيْسَ مرَادا هُنَا

يَنْبَغِي لَك أَيهَا المعرب أَن تَقول فِي نَحْو ضرب بِضَم أَوله وَكسر مَا قبل آخِره من قَوْلك ضرب زيد ضرب فعل مَاض لتبين نوع الْفِعْل لم يسم فَاعله لتبين أَنه لم يبْق على صيغته الْأَصْلِيَّة أَو تَقول فعل مَاض مَبْنِيّ للْمَفْعُول لَو جازة هَاتين العبارتين

وَلَا تقل مَعَ قَوْلك فعل مَاض مَبْنِيّ لما أَي لشَيْء لم يسم فَاعله لما فِيهِ أَي لما فِي هَذَا التَّعْبِير بِمَعْنى الْعبارَة من التَّطْوِيل والخفاء أما التَّطْوِيل فَلِأَن هَذِه الْعبارَة سبع كَلِمَات والعبارتان السابقتان دون ذَلِك وَأما الخفاء فلإبهام مَا وَقعت عَلَيْهِ مَا المجرورة بِاللَّامِ وَفِي كلتا العبارتين السابقتين نظر أما الأولى فَلِأَنَّهَا تصدق على الْفِعْل الَّذِي لَا فَاعل لَهُ نَحْو قَلما إِنَّه فعل مَاض لم يسم فَاعله مَعَ أَنه لَيْسَ مرَادا وَأما الثَّانِيَة فَلِأَن الْمَفْعُول حَيْثُ أطلق انْصَرف إِلَى الْمَفْعُول بِهِ لِأَنَّهُ أَكثر المفاعيل دورا فِي الْكَلَام كَمَا قَالَه المُصَنّف فِي المغنى فَلَا يَشْمَل الْمسند إِلَى الْمَجْرُور والظرف

ص: 161

والمصدر

يَنْبَغِي لَك أَن تَقول فِي نَحْو زيد الْمسند إِلَيْهِ الْفِعْل الْمَبْنِيّ للْمَفْعُول نَائِب عَن الْفَاعِل لجلائه ووجازته

وَلَا تقل مفعول لما لم يسم فَاعله لخفائه وَطوله كَمَا يُؤْخَذ مِمَّا تقدم وَصدقه بِالْجَرِّ أَي ولصدق هَذَا القَوْل على الْمَفْعُول الثَّانِي مثل درهما من نَحْو أعطي زيد درهما فَيصدق على درهما فِي هَذَا الْمِثَال أَنه مفعول لما لم يسم فَاعله مَعَ أَنه لَيْسَ مرَادا وَمن ثمَّ سَمَّاهُ المتقدمون خبر مَا لم يسم فَاعله

وَيَنْبَغِي لَك أَن تَقول فِي قد حرف لتقليل زمن الْمَاضِي وتقريبه من الْحَال وتقليل حدث الْمُضَارع وَتَحْقِيق حدثيهما وَتَقَدَّمت أَمْثِلَة ذَلِك فِي بحث قد

وَأَن تَقول فِي لن من نَحْو لن أقوم حرف نفي واستقبال وَلَا يَقْتَضِي تَأْكِيد النَّفْي على الْأَصَح خلافًا للزمخشري فِي كشافه وَلَا تأييده خلافًا لَهُ فِي أنموذجه فَلَنْ أقوم يحْتَمل أَنَّك تُرِيدُ لَا تقوم أبدا وَأَنَّك لَا تقوم فِي بعض أزمنة الْمُسْتَقْبل

وَأَن تَقول فِي لم من نَحْو لم يقم حرف جزم لنفي الْمُضَارع وَقَلبه مَاضِيا

ص: 162

وَأَن تَقول فِي أما الْمَفْتُوحَة الْهمزَة الْمُشَدّدَة الْمِيم من نَحْو {فَأَما الْيَتِيم فَلَا تقهر} الْآيَة حرف شَرط وتفصيل وتوكيد

وَمن نَحْو أما زيد فمنطلق حرف شَرط وتوكيد بِدُونِ تَفْصِيل

وَأَن تَقول فِي أَن الْمَفْتُوحَة الْهمزَة الساكنة النُّون من نَحْو أَن تقوم حرف مصدري ينصب الْمُضَارع وَيُخَلِّصهُ للاستقبال

وَأَن تَقول فِي الْفَاء الَّتِي بعد الشَّرْط من نَحْو {وَإِن يمسسك بِخَير فَهُوَ على كل شَيْء قدير} الْفَاء رابطة لجواب الشَّرْط بِالشّرطِ وَلَا تقل جَوَاب الشَّرْط كَمَا يَقُولُونَ كالحوفي وَغَيره لِأَن الْجَواب فِي الْحَقِيقَة إِنَّمَا هُوَ الْجُمْلَة بأسرها يَعْنِي الْفَاء ومدخولها لَا الْفَاء وَحدهَا وَفِيه تجوز لِأَن الْفَاء لَا مدْخل لَهَا فِي الْجَواب وَإِنَّمَا جِيءَ بهَا لربط الْجَواب بِالشّرطِ كَمَا قَالَ قبل التَّعْلِيل

وَالْجَوَاب عَن الْقَائِلين بِأَن الْفَاء جَوَاب الشَّرْط أَنه على حذف مُضَاف وَالتَّقْدِير حرف جَوَاب الشَّرْط أَولا حذف فَيكون مجَازًا علاقته الْمُجَاورَة من إِطْلَاق أحد المتجاورين وَهُوَ الْجَواب على مجاوره وَهُوَ الْفَاء

وَأَن تَقول فِي نَحْو زيد بِالْجَرِّ من جَلَست أَمَام زيد زيد مخفوض بِالْإِضَافَة أَي بِإِضَافَة أَمَام إِلَيْهِ أَو بالمضاف وَلَا تقل مخفوض بالظرف وَهُوَ أَمَام لِأَن الْمُقْتَضِي للخفض إِنَّمَا هِيَ الْإِضَافَة لاكون الْمُضَاف ظرفا بِخُصُوصِهِ بِدَلِيل أَن الْمُضَاف قد يَأْتِي غير ظرف كَأَن يكون اسْم ذَات أَو اسْم معنى نَحْو غُلَام زيد وإكرام عَمْرو وَفِي

ص: 163

بعض النّسخ إِنَّمَا هُوَ الْمُضَاف من حَيْثُ أَنه مُضَاف وَهُوَ مُتَعَيّن لِأَن الْأَصَح أَن الْعَامِل فِي الْمُضَاف إِلَيْهِ إِنَّمَا هُوَ الْمُضَاف لَا الْإِضَافَة

وَأَن تَقول فِي الْفَاء من نَحْو {إِنَّا أعطيناك الْكَوْثَر فصل لِرَبِّك وانحر} الْفَاء فَاء السَّبَبِيَّة وَلَا تقل فَاء الْعَطف لِأَنَّهُ لَا يجوز على رَأْي أَو لَا يحسن على آخر عطف الطّلب وَهُوَ قسم من الْإِنْشَاء على الْخَبَر الْمُقَابل للإنشاء فَلَو جعلنَا الْفَاء عاطفة صل على {إِنَّا أعطيناك الْكَوْثَر} لزم عطف الْإِنْشَاء على الْخَبَر وَلَا الْعَكْس أَي عطف الْخَبَر على الْإِنْشَاء وَهُوَ مَسْأَلَة خلاف منع من ذَلِك البيانيون لما بَينهمَا من التَّنَافِي وَعدم التناسب وَأَجَازَهُ الصفار وَقَالَ الْمرَادِي فِي شرح التسهيل أجَاز سِيبَوَيْهٍ التخالف فِي تعاطف الجملتين بالْخبر والاستفهام فَأجَاز هَذَا زيد وَمن عَمْرو انْتهى

وَأَن تَقول فِي الْوَاو العاطفة من نَحْو جَاءَ زيد وَعَمْرو الْوَاو حرف لمُجَرّد الْجمع بَين المتعاطفين قَالَ المُصَنّف فِي الْمُغنِي لَا تقل للْجمع الْمُطلق انْتهى لِأَنَّهَا قد تكون للْجمع الْمُقَيد نَحْو جَاءَ زيد وَعَمْرو قبله اَوْ بعده أَو مَعَه

ص: 164

وَأَن تَقول فِي حَتَّى من نَحْو قدم الْحجَّاج حَتَّى المشاة

حَتَّى حرف عطف للْجمع والغاية والتدريج

وَأَن تَقول فِي ثمَّ من نَحْو قَامَ زيد ثمَّ عَمْرو ثمَّ حرف عطف للتَّرْتِيب بَين المتعاطفين والمهلة فِي الزَّمَان

وَأَن تَقول فِي الْفَاء من نَحْو قَامَ زيد فعمرو وَالْفَاء حرف عطف للتَّرْتِيب والتعقيب وتعقيب كل شَيْء بِحَسبِهِ تَقول تزوج فلَان فولد لَهُ إِذا لم يكن بَينهمَا إِلَّا مُدَّة الْحمل

وَإِذا اختصرت فِيهِنَّ أَي فِي أحرف الْعَطف الْأَرْبَعَة وَمَا عطفت فَقل عاطف ومعطوف على طَرِيق اللف والنشر على التَّرْتِيب الأول للْأولِ وَالثَّانِي للثَّانِي كَمَا تَقول فِي بِسم جَار ومجرور وَكَذَلِكَ تَقول فِي لن نَبْرَح وَلنْ نَفْعل ناصب ومنصوب وَفِي لم يقم جازم ومجزوم

وَأَن تَقول فِي إِن الْمَكْسُورَة الْهمزَة الْمُشَدّدَة النُّون حرف تَأْكِيد تنصب الِاسْم اتِّفَاقًا وترفع الْخَبَر على الْأَصَح وتزيد على ذَلِك فِي أَن الْمَفْتُوحَة الْهمزَة الْمُشَدّدَة النُّون مصدري فَتَقول حرف توكيد مصدري ينصب الِاسْم اتِّفَاقًا وَيرْفَع الْخَبَر على الْأَصَح

وَتقول فِي كَأَن حرف تَشْبِيه ينصب الِاسْم وَيرْفَع الْخَبَر

وَفِي لَكِن حرف اسْتِدْرَاك ينصب الِاسْم وَيرْفَع الْخَبَر

وَفِي لَعَلَّ حرف ترج ينصب الِاسْم وَيرْفَع الْخَبَر

وَفِي لَيْت حرف تمن ينصب الِاسْم وَيرْفَع الْخَبَر

ص: 165

وَاعْلَم أَنه يعاب على الناشىء فِي صناعَة بِكَسْر الصَّاد وَهِي الْعلم الْحَاصِل من التمرن فِي الْعَمَل الْإِعْرَاب بِكَسْر الْهمزَة وَتقدم بَيَانه أَن يذكر فعلا من الْأَفْعَال الثَّلَاثَة وَلَا يبْحَث عَن فَاعله إِن كَانَ لَهُ فَاعل وَلَو قَالَ أَن يذكر عَاملا وَلَا يبْحَث عَن معموله لَكَانَ اشمل ليدْخل فِي الْعَامِل جَمِيع الْأَفْعَال وأسمائها والمصادر وأسمائها وَالصِّفَات وَمَا فِي مَعْنَاهَا وَيدخل فِي الْمَعْمُول الْفَاعِل ونائبه وَاسم كَانَ وَأَخَوَاتهَا وَخبر إِن وَأَخَوَاتهَا وَمَا أشبه ذَلِك

أَو يذكر مُبْتَدأ فِي الأَصْل أَو فِي الْحَال وَلَا يفحص عَن خَبره اهو مَذْكُور أم مَحْذُوف وجوبا أم جَوَازًا

أَو يذكر ظرفا أَو مجرورا لَهما مُتَعَلق وَلَا يُنَبه على مُتَعَلّقه أَو هُوَ فعل أم شبهه وَتقدم أَن الْمَجْرُور بِحرف زَائِد لَا يتَعَلَّق بِشَيْء فَلَا مُتَعَلق لَهُ

أَو يذكر جملَة فعلية أَو اسمية وَلَا يذكر لَهَا مَحل من الْإِعْرَاب أم لَا وَهل الْمحل رفع أَو نصب خفض أَو جزم

أَو يذكر مَوْصُولا اسميا وَلَا يبين صلته وعائده

وَمَا يعاب على الناشىء فِي صناعَة الْإِعْرَاب أَن يقْتَصر فِي إِعْرَاب الِاسْم الْمُبْهم من قَوْلك قَامَ ذَا أَو قَامَ الَّذِي على أَن يَقُول فِي الأول ذَا اسْم إِشَارَة أَو يَقُول فِي الثَّانِي الَّذِي اسْم مَوْصُول فَإِن

ص: 166

ذَلِك لَا يبْنى عَلَيْهِ إِعْرَاب من رفع أَو غَيره فَالصَّوَاب أَن يُقَال فِي ذَا أَو الَّذِي فِي المثالين فَاعل مَحَله رفع وَهُوَ اسْم إِشَارَة أَو فَاعل وَهُوَ اسْم مَوْصُول

وَهل الْمحل للموصول دون صلته أَولهمَا صحّح فِي الْمُغنِي الأول

وَقد أورد المُصَنّف سؤالا على مَا قَرَّرَهُ وَأجَاب عَنهُ فَقَالَ فَإِن قلت لَا فَائِدَة فِي قَوْله فِي ذَا أَنه اسْم إِشَارَة بعد قَوْله فَاعل لِأَن الْغَرَض بَيَان الْإِعْرَاب وَكَونه اسْم إِشَارَة لَا يَنْبَنِي عَلَيْهِ إِعْرَاب بِخِلَاف قَوْلك فِي الَّذِي مَعَ بَيَان مَحَله من الْإِعْرَاب إِنَّه اسْم مَوْصُول فَإِن فِيهِ فَائِدَة وتنبيها على مَا يفْتَقر الْمَوْصُول إِلَيْهِ من الصِّلَة والعائد ليطلبهما المعرب وليعلم أَن جملَة الصِّلَة لَا مَحل لَهَا قلت بلَى فِيهِ أَي فِي قَوْله اسْم إِشَارَة فَائِدَة وَهِي التَّنْبِيه على أَن مَا يلْحقهُ من الْكَاف حرف خطاب وَإِن كَانَت متصرفة تصرف الْأَسْمَاء لَا أَنَّهَا اسْم مُضَاف إِلَيْهِ

وليهتد إِلَى أَن الِاسْم المقرون بأل الَّذِي يَقع بعده أَي بعد اسْم الْإِشَارَة من نَحْو قَوْلك جَاءَنِي هَذَا الرجل نعت

ص: 167

عِنْد ابْن الْحَاجِب اَوْ عطف بَيَان عِنْد ابْن مَالك على الْخلاف الْمَذْكُور فِي الْمُعَرّف بأل الْوَاقِع بعد الْإِشَارَة وَالْوَاقِع بعد أَيهَا فِي نَحْو يَا أَيهَا الرجل فَذهب بَعضهم إِلَى أَنه نعت أَيهَا وَبَعْضهمْ إِلَى أَنه بَيَان عَلَيْهَا وَقيل بدل مِنْهَا

وَمِمَّا لَا يَبْنِي عَلَيْهِ إِعْرَاب أَن يَقُول فِي غُلَام من نَحْو غُلَام زيد مُضَاف مُقْتَصرا عَلَيْهِ فَإِن الْمُضَاف لَيْسَ لَهُ إِعْرَاب مُسْتَقر كالفاعل فَإِن لَهُ إعرابا مُسْتَقرًّا وَهُوَ الرّفْع أَو محلا وَنَحْوه أَي الْفَاعِل مِمَّا لَهُ اعراب مُسْتَقر كالمفعول لَهُ إعرابا وَهُوَ النصب بِخِلَاف الْمُضَاف فَإِنَّهُ لَيْسَ لَهُ إِعْرَاب مُسْتَقر وَإِنَّمَا إعرابه بِحَسب مَا يدْخل عَلَيْهِ مِمَّا يَقْتَضِي رَفعه أَو نَصبه أَو خفضه فَالصَّوَاب أَن يبين موقع إعرابه فَيَقُول فَاعل أَو مفعول أَو نَحْو ذَلِك من الْعمد والفضلات بِخِلَاف الْمُضَاف إِلَيْهِ فَإِن لَهُ إعرابا مُسْتَقرًّا وَهُوَ الْجَرّ بالمضاف فَإِذا قيل مُضَاف إِلَيْهِ علم أَنه مجرور لفظا أَو محلا

وَيَنْبَغِي للمعرب أَن لَا يعبر عَن مَا هُوَ مَوْضُوع على حرف وَاحِد بِلَفْظِهِ فَيَقُول فِي الضَّمِير الْمُتَّصِل بِالْفِعْلِ من نَحْو ضربت ت فَاعل إِذْ لَا يكون اسْم هَكَذَا فَالصَّوَاب أَن يعبر باسمه الْخَاص الْمُشْتَرك فَيَقُول التَّاء أَو الضَّمِير فَاعل وَأما مَا صَار بالحذف على حرف وَاحِد فَلَا بَأْس بذلك

ص: 168

فَتَقول فِي م مُبْتَدأ حذف خَبره لِأَنَّهُ بعض أَيمن وَفِي ق من نَحْو قَوْلك ق نَفسك فعل أَمر لِأَنَّهُ من الْوِقَايَة

فَإِن كَانَ مَوْضُوعا على حرفين نطق بِهِ فَتَقول من اسْم اسْتِفْهَام وَمَا أشبه بذلك وَلَا يحسن أَن ينْطق عَن الْكَلِمَة بحروف هجائها وَلَا يُقَال الْمِيم وَالنُّون اسْم اسْتِفْهَام وَلذَلِك كَانَ قَوْلهم أل فِي أَدَاة التَّعْرِيف أَقيس من قَوْلهم الْألف وَاللَّام

وَيَنْبَغِي أَن يجْتَنب المعرب أَن يَقُول فِي حرف من كتاب الله تَعَالَى إِنَّه زَائِد تَعْظِيمًا لَهُ واحتراما لِأَنَّهُ يسْبق إِلَى الأذهان ان الزَّائِد هُوَ الَّذِي لَا معنى لَهُ أصلا وَكَلَامه سُبْحَانَهُ منزه عَن ذَلِك لِأَن مَا من حرف فِيهِ إِلَّا وَله معنى صَحِيح وَمن فهم خلاف ذَلِك فقد وهم

وَقد وَقع هَذَا الْوَهم بِفَتْح الْهَاء مصدر وهم بِكَسْرِهَا إِذا غلط الإِمَام فَخر الدّين الرَّازِيّ خطيب الرّيّ قَالَ الكافيجي فَإِن قلت من ايْنَ علم المُصَنّف أَن هَذَا الْوَهم وَقع للْإِمَام فَخر الدّين الرَّازِيّ قلت من أَمريْن الأول أَنه نقل إِجْمَاع الأشاعرة على عدم وُقُوع المهمل فِي كَلَام الله تَعَالَى وَهُوَ عين الْإِجْمَاع على عدم وُقُوع الزَّائِد فِيهِ إِذْ الزَّائِد بِهَذَا الْمَعْنى هُوَ عين المهمل فَلَو لم يَقع لَهُ هَذَا الْوَهم لما احْتَاجَ إِلَى التَّعَرُّض لهَذَا الْإِجْمَاع

وَالثَّانِي أَنه حمل مَا فِي قَوْله تَعَالَى {فبمَا رَحْمَة} على أَنَّهَا

ص: 169

استفهامية بِمَعْنى التَّعَجُّب كَقَوْلِه تَعَالَى {مَا لي لَا أرى الهدهد} فَأَشَارَ المُصَنّف إِلَى الأول بقوله فَقَالَ الْفَخر الرَّازِيّ الْمُحَقِّقُونَ من الْمُتَكَلِّمين وهم الأشاعرة على أَن المهمل لَا يَقع فِي كَلَام الله تَعَالَى لترفعه عَن ذَلِك واشار إِلَى الثَّانِي بقوله فَأَما مَا فِي قَوْله تَعَالَى {فبمَا رَحْمَة} فَيمكن أَن تكون استفهامية للتعجب وَالتَّقْدِير فَبِأَي رَحْمَة يَعْنِي زَائِدَة انْتهى كَلَام الْفَخر الرَّازِيّ وَالظَّاهِر أَن هَذَا الْوَهم لَا يَقع لوَاحِد من الْعلمَاء فضلا عَن أَن يَقع لمثل الإِمَام الرَّازِيّ وَإِنَّمَا أنكر إِطْلَاق القَوْل بِالزَّائِدِ إجلالا لكَلَام الله تَعَالَى وللملازمة لباب الْأَدَب كَمَا هُوَ اللَّائِق بِحَالهِ

وَأما حمل مَا فِي قَوْله {فبمَا رَحْمَة} يُمكن أَن تكون استفهامية بِمَعْنى التَّعَجُّب على سَبِيل الْجَوَاز والإمكان الَّذِي قَالَه المعربون

وَعبارَة بَعضهم قيل مَا زَائِدَة للتوكيد وَقيل نكرَة وَقيل مَوْصُوفَة برحمة وَقيل غير مَوْصُوفَة وَرَحْمَة بدل مِنْهَا فَهُوَ بمعزل عَن الدّلَالَة على وُقُوع الْوَهم مِنْهُ بمراحل انْتهى كَلَام الكافيجي

وَلما فرغ المُصَنّف من نقل كَلَام الإِمَام الرَّازِيّ وتوجيهه وَأَرَادَ إِبْطَاله وَبَيَان تَعْرِيف الزَّائِد قَالَ وَالزَّائِد عِنْد النَّحْوِيين هُوَ الَّذِي لم يُؤْت بِهِ إِلَّا لمُجَرّد التقوية والتوكيد لَا إِن الزَّائِد عِنْدهم هُوَ المهمل كَمَا توهمه الإِمَام

ص: 170

الرَّازِيّ وَأَنت قد علمت أَن الإِمَام الرَّازِيّ بَرِيء من ذَلِك والتوجيه الْمَذْكُور للْإِمَام الرَّازِيّ فِي الْآيَة بَاطِل لأمرين

أَحدهمَا أَن مَا الاستفهامية إِذا خفضت وَجب حذف ألفها فرقا بَين الِاسْتِفْهَام وَالْخَبَر نَحْو {عَم يتساءلون} وَمَا فِي الْآيَة ثَابِتَة الْألف وَلَو كَانَت استفهامية لحذفت ألفها لدُخُول حرف الْخَفْض عَلَيْهَا وَأجِيب بِأَن حذف ألف مَا الاستفهامية إِذا دخل الْخَافِض اكثري لَا دائمي فَيجوز إِثْبَاتهَا للتّنْبِيه على إبْقَاء الشَّيْء على أَصله وعورض بِأَن إِثْبَات الْألف لُغَة شَاذَّة لَا يحسن تَخْرِيج التَّنْزِيل عَلَيْهَا

وَالْأَمر الثَّانِي أَن خفض رَحْمَة حِينَئِذٍ أَي حِين إِذْ قَالَ إِن مَا الاستفهامية يشكل على الْقَوَاعِد لِأَنَّهُ أَي خفض رَحْمَة لَا يكون بِالْإِضَافَة إِذْ لَيْسَ فِي أَسمَاء الِاسْتِفْهَام مَا يُضَاف إِلَّا أَي عِنْد النُّحَاة الْجَمِيع وَكم عِنْد أبي إِسْحَق الزّجاج وَلَا يكون خفضها بالإبدال من مَا وَذَلِكَ لَا يجوز لِأَن الْمُبدل من اسْم الِاسْتِفْهَام لَا بُد أَن يقْتَرن بِهَمْزَة الِاسْتِفْهَام إشعارا بتعلق معنى الِاسْتِفْهَام بِالْبَدَلِ قصدا واختصت الْهمزَة بذلك لِأَنَّهَا أصل الْبَاب ووضعها على حرف وَاحِد نَحْو كَيفَ أَنْت اصحيح أم سقيم وَرَحْمَة لم تقترن بِهَمْزَة الِاسْتِفْهَام فَلَا تكون بَدَلا من مَا وَلَا يكون خفضها على أَن تكون رَحْمَة صفة ل مَا لِأَن مَا لَا تُوصَف إِذا كَانَت شَرْطِيَّة أَو استفهامية وكل مَا لَا يُوصف لَا يكون لَهُ صفة فَوَجَبَ أَلا يكون صفة لما وَلَا يكون خفضها

ص: 171

على أَن تكون رَحْمَة بَيَانا أَي عطف بَيَان على مَا لِأَن مَا لَا تُوصَف وكل مَا لَا يُوصف لَا يعْطف عَلَيْهِ عطف بَيَان كالمضمرات عِنْد الْأَكْثَرين

وَللْإِمَام الرَّازِيّ أَن يَقُول لما كَانَت مَا على صُورَة الْحَرْف نقل الْإِعْرَاب مِنْهَا إِلَى مَا بعْدهَا فجرت بالحرف على حد مَرَرْت بالضارب على القَوْل باسمية ال وَهُوَ الْأَصَح

وَكثير من النُّحَاة الْمُتَقَدِّمين يسمون الزَّائِد صلَة لكَونه يتَوَصَّل بِهِ إِلَى نيل غَرَض صَحِيح كتحسين الْكَلَام وتزيينه وَبَعْضهمْ يُسَمِّيه مؤكدا لِأَنَّهُ يُعْطي الْكَلَام معنى التَّأْكِيد والتقوية وَبَعْضهمْ يُسَمِّيه لَغوا لَا لغاية أَي عدم اعْتِبَاره فِي حُصُول الْفَائِدَة بِهِ لَكِن اجْتِنَاب هَذِه الْعبارَة الْأَخِيرَة فِي التَّنْزِيل وَاجِب لِأَنَّهُ يتَبَادَر إِلَى الأذهان من اللَّغْو الْبَاطِل وَكَلَام الله تَعَالَى منزه عَن ذَلِك

وَفِي هَذَا الْقدر الَّذِي ذكره المُصَنّف كِفَايَة لمن تَأمله فَإِن التَّأَمُّل أصل فِي إِدْرَاك الْأُمُور كلهَا فَلذَلِك نَص على التَّأَمُّل فِي ختم الْكتاب كَمَا فعل فِي افتتاحه حَيْثُ قَالَ تَقْتَضِي بمتأملها جادة الصَّوَاب

وَالله الْمُوفق وَالْهَادِي إِلَى سَبِيل الْخيرَات بمنه وَكَرمه سَأَلَ الله التَّوْفِيق وَالْهِدَايَة إِلَى طَرِيق الْخَيْر بمنه وَكَرمه كَمَا فعل فِي أول الْكتاب حَيْثُ قَالَ وَمن الله استمد التَّوْفِيق وَالْهِدَايَة إِلَى اقوم طَرِيق بمنه وَكَرمه فختم كِتَابه بِمَا ابْتَدَأَ بِهِ

ص: 172

وَالْحَمْد لله رب الْعَالمين وَالصَّلَاة وَالسَّلَام على سيد الْمُرْسلين مُحَمَّد وَآله وَصَحبه أَجْمَعِينَ

قَالَ مُؤَلفه خَالِد بن عبد الله الْأَزْهَرِي فرغت من تسويد هَذِه النُّسْخَة ثَالِث شَوَّال سنة ثَمَان وَتِسْعين وَثَمَانمِائَة 3 شَوَّال سنة 898 هـ جعله الله خَالِصا مُوجبا للفوز لَدَيْهِ ونفع بِهِ كَمَا نفع بِأَصْلِهِ إِنَّه على ذَلِك قدير وبالإجابة جدير

ص: 173