المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الفصل الأول في الأشقر - نخبة عقد الأجياد في الصافنات الجياد

[محمد بن عبد القادر الجزائري]

فهرس الكتاب

- ‌المقدمة في نشأة الخيل وأول من ركبها من العرب

- ‌الباب الأول فيما جاء في فضلها وتكريمها وكراهة التشاؤم منها والنهي عن أكل لحومها

- ‌الفصل الأول فيما يدل على فضلها من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية

- ‌الفصل الثاني في تكريم العرب لها وحبهم إياها وما ورد عنهم في ذلك

- ‌الفصل الثالث فيما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم من كراهة التشاؤم بها

- ‌الفصل الرابع فيما ورد من النهي عن أكل لحومها وإخصائها وجز نواصيها وأذنابها

- ‌تتمة قي سقوط الزكاة عنها

- ‌الباب الثاني في بيان أنواعها وفضل الذكر منها على الأنثى

- ‌الفصل الأول في العربي

- ‌الفصل الثاني في الهجين

- ‌الفصل الثالث في المقرف

- ‌الفصل الرابع في البرذون

- ‌الفصل الخامس في فضل الذكر على الأنثى

- ‌الباب الثالث في ألوانها وفيه خمسة فصول

- ‌الفصل الأول في الأشقر

- ‌الفصل الثاني في الأحمر وهو الكميت

- ‌الفصل الثالث في الأدهم

- ‌الفصل الرابع في الأشهب

- ‌الفصل الخامس في الأصفر

- ‌تتمة في ذكر بعض ما قاله الأدباء في أوصافها من التشبيهات والاستعارات البديعة في

- ‌الباب الرابع في الغرة والتحجيل والدوائر وأسماء المفاصل والطبائع والصهيل وفيه ستة

- ‌الفصل الأول في الغرة

- ‌الفصل الثاني في التحجيل

- ‌الفصل الثالث في الدوائر وتسمى في المشرق بالنياشين وفي المغرب بالنخلات

- ‌الفصل الرابع في أسماء مفاصل الرأس ومنابت شعره وأسنانه وما يتعلق بذلك

- ‌نادرة

- ‌الفصل الخامس في طبائعها

- ‌الفصل السادس في الصهيل

- ‌الباب الخامس في نعوت الخيل الممدوحة والمذمومة واختلافها باختلاف الأقاليم وفيه

- ‌الفصل الأول في تعوت الخيل الممدوحة

- ‌الغدر الشعر المتدلي من أمام القربوس إلى آذانها، شبهه بذوائب النساء في الكثرة إذا

- ‌الفصل الثاني في بيان اختلاف أوصافها باختلاف أقاليمها

- ‌الباب السادس في تقفيزها وأطوارها وخدمتها والإنفاق عليها وتأديبها وكيفية تضميرها

- ‌الفصل الأول في التقفيز

- ‌الفصل الثاني في الأطور وعلاماتها

- ‌الفصل الثالث في خدمتها والإنفاق عليها

- ‌الفصل الرابع في تأديبها وتدريبها

- ‌الفصل الخامس في كيفية التضمير

- ‌الفصل السادس في معالجة بعض أمراضها، وإن كانت مذكورة في كتب البيطرة

- ‌تتمة

- ‌خاتمة في المسابقة وما يتعلق بها وفيها خمسة مطالب

- ‌المطلب الأول فيما يدل على فضلها وحسن نتيجتها في الشرع والسياسة

- ‌المطلب الثاني فيما اتفق الأئمة على جوازه من أنواعها وما اختلفوا فيه

- ‌فائدة

- ‌المطلب الثالث في ترتيب خيل الحلبة وذكر أسمائها

- ‌المطلب الرابع فيما ورد فيها عن الملوك والأمراء

- ‌المطلب الخامس في اسماء خيل النبيّ صلى الله عليه وسلم والمشهور من خيل العرب

- ‌تتمة في ذكر ما وقع فيها من الفكاهات والمنادمة

الفصل: ‌الفصل الأول في الأشقر

بكسر أوله وفتح الذال المعجمة، وهو الذي استوى أبوه وأمه في الخسة، ويقال للأنثى برذونة، ورمكة بالتحريك، قال ابن حبيب: البرذون عظيم الأعضاء. بخلاف العربي، فإنه أضمر وأرق أعضاء، ويوصف بغلظ الرقبة، وكثرة الجلبة، إن أرسلته، قال: أمسكني، وإن أمسكته، قال: أرسلني، ويكنى بأبي الأخطل، لخطل أذنيه، أي استرهائهما. قال السراج الوراق:

لصاحب الأحباس برذونة

بعيدة العهد عن القرط

إذا رأت خيلاً على مربط

تقول سبحانك يا معطي

تمشي إلى خلف إذا ما مشت

كأنما تكتب بالقبطي

وقال آخر:

نجى علاجاً وبشراً كل سلهبة

واستلحم الموت أصحاب البراذين

وأول من أنتج البراذين، أحد ملوك الفرس، فإنه أنزى الخيل العربية على البقر لقوته أعضائها، وشدة صبرها فأنتجت البراذين. وأول من أنتج البغال أفريدون من ملوكهم أيضاً. وقال المسعودي:"إن أهالي صعيد مصر مما يلي الحبشة، كانوا يعلون الثيران على الأتن، والحمير على البقر وإن بلاد الزنج بقراً يقاتلون عليها، وتجري كالخيل بسروج ولجم".

‌الفصل الخامس في فضل الذكر على الأنثى

قال تعالى: "وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل" قال ابن عباس رضي الله عنهما: "القوة: الخيل الذكور، وقوله: من رباط الخيل، أي: الإناث. والذكر أشرف من الأنثى لأنه خلق قبلها فهو أشد حرارة منها، وإن كانا من جنس واحد من مزاج واحد". وقد تعلقت الإرادة الإلهية بتقويم أقواهما حرارة أولاً؛ ولذا خلق آدم عليه السلام قبل حواء، ويقال للذكر: حصان - بكسر المهملة - لأنه حصن ماءه فلم ينز إلا على كريمة. وروي عن أنس بن مالك رضي الله عنه: "كان السلف يحبون الفحول من الخيل ويقولون إنها أجرى وأقوى من الأنثى لأن المقصد من اقتناء الخيل القتال عليها". قال عمرو بن السليح:

لقيناهم بجمع من علاف

وبالخيل الصلادمة الذكور

وقال الأعشى:

وأعددت للخيل أوزارها

رماحاً طوالاً وخيلاً ذكورا

ومنه يعلم أن الذكر في القتال خير من الأنثى؛ لأنه أجرى وأجرأ يقاتل مع صاحبه. قال دكين بن رجا:

أشم خنديد منيف أشعبه

يقتحم الفارس لولا قبقبه

الخنديد: العتيق، والمنيف: المشرف، والشعب: ما أشرف منه، والقبقب: اللجام، فهو بخلاف الأنثى، فإنها ربما تكون سبب قتل صاحبها، إذا كانت وديقاً، ورأت الفحل ولو من غير نوعها لشدة شبقها.

وعن أبي محيرز رضي الله عنه: "كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يفضلون ركوب الفحول في الصفوف وسائر أمور الحرب لإرهاب العدو، ويفضلون الخصيان في الكمين والطلائع لأنها أصبر وأقوى في الجهد، ويفضلون الإناث في الغارات والبيات لعدم صهيلها، ودفعها البول وهي تجري، بخلاف الفحل فإنه يحصر البول حتى يتفقأ".

وللإناث من الخيل فضل على كافة ما يقتنى من المال، ففي الحديث:"خير المال مهرة مأمورة وسكة مأبورة". المأمورة: كثيرة النتاج، والمأبورة: النخلة الملقحة. وفيه أيضاً: "عليكم بإناث الخيل فإن ظهورها عز وبطونها كنز" وقيل لبعض الحكماء: أي المال أشرف قال: فرس - تتبعها فرس وفي بطنها فرس، ويقال للأنثى: حجر - بلا هاء -، لعدم مشاركة الذكر لها فيه.

‌الباب الثالث في ألوانها وفيه خمسة فصول

‌الفصل الأول في الأشقر

وأنواعه ستة: مذهب وخلوقي ومدمي وأمغر وسلقد وورد، فالأشقر المذهب هو الذي تعلو شقرته صفرة، والخلوقي هو الذي اشتدت شقرته وعلتها صفرة كلون الزعفران، والمدمى هو الذي تعلو شقرته حمرة، لا كالكميت، وأصول شعره كأنها خضبت بالحناء، والأمغر هو الذي ليس بناصع الحمرة ولم تشب شقرته بصفرة. والسلقد هو الصافي الخالص ويسمى قرفي، والورد هو الذي تعلو الحمرة إلى الشقرة الخلوقية، وأصول شعره سود، فإذا كان في ذنب الأشقر بياض يسمونه أشعل، ويتشاءمون منه. قال زيد الخيل في فرسه الورد:

ما زلت أرميهم بشكة فارس

وبالورد حتى أحرثوه وبلدا

وقال ابن نباتة:

وورد من العرب منسوب ولا قطعت

أيدي الحوادث من أنسابه شجره

إذا امتطى ظهره، رامي السهام مضى

والسهم حد، فلولا سبقه عقره

عجبت كيف يسمى سابحاً وله

وثب لو البحر أرسى دونه ظفره

ص: 12

لما ترفع عن ند يسابقه

أضحى يسابق في ميدانه نظره

والأشقر الورد، إذا اشتملت شقرته، على شهبته، يقال له أغبر. وقد ورد فيها أحاديث وآثار تدل على فضلها. روي عن ابن عباس رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال:"يمن الخيل في شقرها". وعنه عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم: "خير الخيل الشقر" وعنه قال: "كان صلى الله عليه وسلم، بطريق تبوك، وقد قل الماء، فبعث الخيل في كل جهة يطلبون الماء، فكان أول من طلع بالماء صاحب فرس أشقر، والثاني صاحب فرس أشقر، وكذلك الثالث، فقال صلى الله عليه وسلم: اللهم بارك في الشقر" وعن محمد بن مهاجر قال: "سألت ابن وهب الجشمي لم فضل الأشقر؟ قال: لأن النبي صلى الله عليه وسلم بعث سرية فكان أول من جاء بالفتح صاحب فرس أشقر".

وعن زيد بن صفوان: "كان صلى الله عليه وسلم يحب من الخيل الشقر، وإلا فأدهم أغر محجل، ثلاث طليق اليمنى". وعن عمرو بن الحارث الأنصاري عن أشياخ أهل مصر، قالوا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لو أن خيل العرب جمعت في صعيد واحد، ما سبقها إلا أشقر". وحكى ابن النحاس، أن سليمان بن عبد الملك، "سأل يوماً بن نصير فاتح المغرب والأندلس، عن حروب الأمم التي حاربها، ما كنت تفزع إليه عند الحرب؟ قال: الدعاء والصبر، قال: فأي الخيل رأيت أصبر؟ قال: الشقر، قال: فأي الأمم أشد قتالاً؟ قال: هم أكثر من أن أصف، قال: فأخبرني عن الروم، قال: أسد في حصونهم، عقبان على خيولهم، نساء على مراكبهم، إن رأوا فرصة انتهزوها، وإن رأوا غلبة فأوعال تذهب في الجبال لا يرون الهزيمة عاراً، قال: فالبربر، قال: هم أشبه الأمم بالعرب لقاءً ونجدة وصبراً وفروسية، غير أنهم أغدر الناس، قال: فأهل الأندلس، قال: ملوك مترفون، وفرسان لا يجبنون، قال: فالإفرنج، قال: هناك العدد والجلد والشدة والبأس، قال: فكيف كانت الحرب بينك وبينهم؟ قال: أما هذا فوالله ما هزمت لي راية قط، ولا بدد لي جمع، ولا نكب المسلمون معي، منذ اقتحمت الأربعين إلى أن بلغت الثمانين". وقد أكثر الشعراء من مدح الأشقر فمن ذلك قول ابن خفاجة:

ومشى يتيه بها اختيالاً أجرد

في شقرة لو سال سال نضارا

تسترقص الأعطاف من طرب به

شية تدور على العيون عقارا

لو كنت شاهده وقد ملأ الفضا

ركضاً وسد على الكميّ قفارا

لرأيت فيما قد رأيت وقد بدا

ناراً تكون إذا جرى إعصارا

يستعطف الأسماع إطراءً له

في صورة تستعطف الأبصارا

وقال المتنبي:

فأصبح يجتاب المسوح مخافة

وقد كان يجتاب الدلاص المسردا

تمشي به العكاز في الدير تائباً

وما كان يرضى مشي أشقر أجردا

وما تاب حتى غادر الكر وجهه

جريحاً وخلى وجهه النقع أرمدا

وقال آخر:

تذكرت من يبكي عليّ فلم أجد

سوى السيف والرمح الرديني باكيا

وأشقر خنذيذ يجر عنانه

إلى الماء لم يترك له الموت ساقيا

وقال إسحاق بن خفاجة:

ومطهم شرق الأديم كأنما

ألفت معاطفه النجيع خضابا

طرب إذا غنى الحسام ممزق

ترب العجاجة جيئة وذهابا

قدحت يد الهيجاء منه بارقاً

متلهباً يزجي القتام سحابا

ورمى الحفاظ به شياطين العدا

فأنقض في ليل الغبار شهابا

بسام ثغر الحلي تحسب أنه

كأس أثار بها المزاج حبابا

وقال يمدح القائد أبا الطاهر:

وحن إليه كل ورد محجل

كأن لجيناً سال منه على تبر

يجول فتجري في عنان، به الصبا

ويزخر في لبد به البحر في البر

وأشهب وضاح تحمل رقعة

من الحسن لم تعبر به العين في بسر

تخط سطور الضرب في صدره الظبا

ويعجمها وخز المثقفة السمر

ويدرج منه السلم ما تنشر الوغى

فطوراً إلى طي وطوراً إلى نشر

وأدهم لولا أنه راق صورة

لما عرفته العين من ليلة الهجر

طويل سبيب العرف والفتق والشوى

قصير عسيب الذيل والظهر والنسر

له غرة تستصحب النصر طلعة

كفاك بها في صورة الحشر من عشر

وقال الصلاح الصفدي:

يا حسنهُ من أشقر قصرت

عنه بروق الجو في الركض

ص: 13