المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الغدر الشعر المتدلي من أمام القربوس إلى آذانها، شبهه بذوائب النساء في الكثرة إذا - نخبة عقد الأجياد في الصافنات الجياد

[محمد بن عبد القادر الجزائري]

فهرس الكتاب

- ‌المقدمة في نشأة الخيل وأول من ركبها من العرب

- ‌الباب الأول فيما جاء في فضلها وتكريمها وكراهة التشاؤم منها والنهي عن أكل لحومها

- ‌الفصل الأول فيما يدل على فضلها من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية

- ‌الفصل الثاني في تكريم العرب لها وحبهم إياها وما ورد عنهم في ذلك

- ‌الفصل الثالث فيما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم من كراهة التشاؤم بها

- ‌الفصل الرابع فيما ورد من النهي عن أكل لحومها وإخصائها وجز نواصيها وأذنابها

- ‌تتمة قي سقوط الزكاة عنها

- ‌الباب الثاني في بيان أنواعها وفضل الذكر منها على الأنثى

- ‌الفصل الأول في العربي

- ‌الفصل الثاني في الهجين

- ‌الفصل الثالث في المقرف

- ‌الفصل الرابع في البرذون

- ‌الفصل الخامس في فضل الذكر على الأنثى

- ‌الباب الثالث في ألوانها وفيه خمسة فصول

- ‌الفصل الأول في الأشقر

- ‌الفصل الثاني في الأحمر وهو الكميت

- ‌الفصل الثالث في الأدهم

- ‌الفصل الرابع في الأشهب

- ‌الفصل الخامس في الأصفر

- ‌تتمة في ذكر بعض ما قاله الأدباء في أوصافها من التشبيهات والاستعارات البديعة في

- ‌الباب الرابع في الغرة والتحجيل والدوائر وأسماء المفاصل والطبائع والصهيل وفيه ستة

- ‌الفصل الأول في الغرة

- ‌الفصل الثاني في التحجيل

- ‌الفصل الثالث في الدوائر وتسمى في المشرق بالنياشين وفي المغرب بالنخلات

- ‌الفصل الرابع في أسماء مفاصل الرأس ومنابت شعره وأسنانه وما يتعلق بذلك

- ‌نادرة

- ‌الفصل الخامس في طبائعها

- ‌الفصل السادس في الصهيل

- ‌الباب الخامس في نعوت الخيل الممدوحة والمذمومة واختلافها باختلاف الأقاليم وفيه

- ‌الفصل الأول في تعوت الخيل الممدوحة

- ‌الغدر الشعر المتدلي من أمام القربوس إلى آذانها، شبهه بذوائب النساء في الكثرة إذا

- ‌الفصل الثاني في بيان اختلاف أوصافها باختلاف أقاليمها

- ‌الباب السادس في تقفيزها وأطوارها وخدمتها والإنفاق عليها وتأديبها وكيفية تضميرها

- ‌الفصل الأول في التقفيز

- ‌الفصل الثاني في الأطور وعلاماتها

- ‌الفصل الثالث في خدمتها والإنفاق عليها

- ‌الفصل الرابع في تأديبها وتدريبها

- ‌الفصل الخامس في كيفية التضمير

- ‌الفصل السادس في معالجة بعض أمراضها، وإن كانت مذكورة في كتب البيطرة

- ‌تتمة

- ‌خاتمة في المسابقة وما يتعلق بها وفيها خمسة مطالب

- ‌المطلب الأول فيما يدل على فضلها وحسن نتيجتها في الشرع والسياسة

- ‌المطلب الثاني فيما اتفق الأئمة على جوازه من أنواعها وما اختلفوا فيه

- ‌فائدة

- ‌المطلب الثالث في ترتيب خيل الحلبة وذكر أسمائها

- ‌المطلب الرابع فيما ورد فيها عن الملوك والأمراء

- ‌المطلب الخامس في اسماء خيل النبيّ صلى الله عليه وسلم والمشهور من خيل العرب

- ‌تتمة في ذكر ما وقع فيها من الفكاهات والمنادمة

الفصل: ‌الغدر الشعر المتدلي من أمام القربوس إلى آذانها، شبهه بذوائب النساء في الكثرة إذا

والماء منهمرٌ والشد منحدرٌ

والقصب مضطورٌ واللون غربيب

كأنها حين فاض الماء واحتفلت

سقعاء لاح لها في المرقب الذيب

وقال أيضاً:

وخد أسيل كالمسن وبركة

كجؤجؤ هيق دقه قد تمورا

وقال عقبة بن سابق:

عريض الخد والجبهة

والصهوة والجنب

وقال أيضاً:

ولها بركة كجؤجؤ هيق

ولبان مضرج بالخضاب

وقال زهير بن مسعود الضبي:

ضافي السبيب أسيل الخد مشرفه

جافي الضلوع شديد أسره تئق

وقال آخر:

يمتمه بأسيل الخد منتصب

خاظي البضيع كمثل الجذع مشنوق

وقال أبو صدقة العجلي:

عارٍ من اللحم صبي اللحى

مؤلل الأذن أسيل الخد

وقال أبودؤاد:

أسيل سلجم المقب

للا شختٌ ولا جافي

أي: رقيق ضمر لا غليظ الخلقة ولا هزيل، ومنها أن يكون شعر معرفتها طويلاً غزيراً. قال امرؤ القيس:

لها غدر كقرون النسا

ء ركبن في يوم ريح وصر

‌الغدر الشعر المتدلي من أمام القربوس إلى آذانها، شبهه بذوائب النساء في الكثرة إذا

نفشتها الريح، وقال حميد بن الأرقم:

قد أغتدي والصبح محمر الطرر

والليل يحدوه تباشير السحر

وفي تواليه بخور كالشرر

بسحق المبعة ميال الغدر

كأنه يوم الرهان محتضر

وقد بدا أول شخص ينتظر

دون أنابي من الخيل زمر

صار غداً ينفض صبيان المطر

وقال حازم:

ألقت توالي خيله أعراقها

من فوق أطلاء الهوادي والعكا

تصاحب الخرصان حين تلتقي

منه على جماجم مثل العلا

معروفة أعراقها ما عرفت

أعرافها ولا نواصيها سفا

معتزة نفوسها مهتزةٌ

أعطافها إلى الصريخ إن دعا

الأطلاء: الأصول، والهوادي: الأعناق، والعكوة: - بالضم - ذنب الدابة، حيث عري من الشعر من مفرزه، تقول: عكوت ذنب الدابة: إذا عقدته، والصخب: الصياح، والخرص: ما على الجبهة من السنان، ويطلق على الرمح، والجمجمة: عظم الرأس المشتمل على الدماغ، والعلاة: الزبرة التي يضرب عليها الحدادة الحديد أو الصخرة، والأعراق: أصول الأشياء، والسفا: خفة الشعر، وهو من عيوب الخيل وما ذكر من تنزيه أعرافها ونواصيها عن السفا ومعرفة أعراقها وأعرافها يدل على عتقها ونجابة أصلها واعتزاز نفوسها واهتزاز أعطافها لإجابة الصريخ، ويدل على كرمها ومبادرة فرسانها لنصرة المضطهد وإغاثة الملهوف.

روي أن عبد الملك بن مروان قال لجلسائه: أي المناديل أفخر؟ فقال بعضهم: مناديل مصر كأنها عرقي البيض، وقال البعض: مناديل اليمن كأنها زهر الربيع، فقال: ما صنعتم شيئاً، أفخر المناديل مناديل عبدة بن الطبيب حيث يقول:

لما نزلنا ضربنا ظل أجبيةٍ

وفار للقوم باللحم المراجيل

وردٌ أشقر ما يونيه طابخه

ما قارب النضج منها فهو مأكول

ثم انثنينا إلى جرد مسومةٍ

أعرافهن لأيدينا مناديل

زيدت الياء بالمراجل للضرورة، والورد: القطيع من الطير، والأشقر: من الدم: ما صار علقاً. وقال الرمادي:

قامت قوائمه لنا بطعامنا

غضاً وقام العرف بالمنديل

وقال امرؤ القيس:

وقلت لفتيان كرامٍ ألا انزلوا

فعالوا علينا فضل بردٍ مطيب

ففئنا إلى بيتٍ مدرجٍ

سماوته من أتحمي معصبٍ

وأوتاده عاديّة وعماده

ردينيةٌ فيها أسنةُ قعضب

وأطنابه أشطان خوص نجائب

وصهوته من أتحمي مشرعب

فلما دخلناه أضفنا ظهورنا

إلى كل حاري حديد مشطب

فظل لنا يوم لذيذ بنعمةٍ

فقل في مقيل نحسه متغيب

كأن عيون الوحش حول خبائنا

وأرحلنا الجزع الذي لم يثقب

نمشُّ بأعرافِ الجياد أكفنا

إذا نحن قمنا عن شواءٍ مضهب

ومنها أن تكون طويلة العنق، روي أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه دعا بفرسين عربي وهجين للشرب، فتطاول العتيق فشرب لطول عنقه، وتبازخ الهجين، أي: ثنى حافره؛ لقصر عنقه، والبزخ: تطامن الظهر، وإشراف القطاة والحارك، قال امرؤ القيس:

ومستفلك الذفرى كأن عنانه

ومثناته في رأس جذعٍ مشذب

ص: 39

وهذا البت من قصيدة قالها حين تذكر الشعر مع علقمة بن عبدة وادعاه كل منهما فقال له علقمة: قل شعراً تمدح فيه فرسك والصيد، وأنا أقول مثل ذلك، والحكم بيني وبينك أم جندب فقال امرؤ القيس:

خليلي مرا بي على أم جندب

لنقضي لبانات الفؤاد المعذبِ

إلى أن قال في وصف الفرس والصيد:

وقد أغتدي والطير وفي وكناتها

وماء الندى يجري على كل مذنب

بمنجرد قيد الأوابد لاحهُ

طرادُ الهوادي كل شأوٍ مغربِ

على الأين جياشٌ كأن سراته

على الضمر والتعداء سرحة مرقب

يباري الخنوف المستقل زماعه

ترى شخصه كأنه عود مشجب

له أيطلا ظبي وساقا نعامةٍ

وصهوة عير قائمٍ فوق مرقب

ويخطو على صم صلابٍ كأنها

حجارة غيل وارسات بطحلب

له كفل كالدعص لبده الندى

إلى حاركٍ مثل الغبيط المذاب

وعين كمرآة الصناع تديرها

بمحجرها من النصيف المنقب

له أذنان تعرف العتق فيهما

كسامعتي مذعورةٍ وسط ربرب

ومستفلك الذفرى كأنه عنانه

ومثناته في رأس جذع مشذب

وأسحم ريان العسيب كأنه

عناكيل قنوٍ من سميحة مرطب

إذا ما جرى شأوين وابتل عطفه

تقول هزيز الريح مرت بأثأب

يدير قطاة كالمحالة أشرفت

إلى سندٍ مثل الغبيط المذاب

ويخضد في الآري حتى كأنه

به عرةٌ من طائف غير معقب

فيوماً على سرب نقيٍّ جلوده

ويوماً على بيدانةٍ أم تولب

فبينا نعاجٌ يرتعين خميلةً

كمشي العذارى في الملاء المهدب

تراهن من تحت الغبار نواصلاً

ويخرجن من جعدٍ ثراه منصب

فكان تنادينا وعقد عذاره

وقال صحابي قد شأونك فاطلب

فلأياً بلأيٍ ما حملنا غلامنا

على ظهر محبوك السراة محنب

فللساق ألهوب وللسوط درة

وللزجر منه وقع أهوج منعب

فأدرك لم يجهد ولم يثن شأوه

يمر كخذروف الوليد المثقب

ترى الغار في مستنقع القاع لاحباً

على جدذ الصحراء من شد ملهب

خفاهن من أنفاقهن كأنما

خفاهن ودق من عشي مجلب

فعادى عداء بين ثور ونعجة

وبين شبوب كالقضيمة قرهب

وظل لقيران الصريم غماغمٌ

يداعسها بالسمهري المعلب

فكاب على حر الجبين ومتقٍ

بمدرية كأنها ذلق مشعب

وقلنا لفتيان كرامٍ ألا انزلوا

فعالوا علينا فضل ثوبٍ مطنب

ففئنا إلى بيتٍ بعلياء مدرج

سماوته من أتحمي معصب

وأوتاده مازيةٌ وعماده

ردينيةٌ فيها أسنة قعضب

وأطنابه أشطان خوص نجائب

وصهوته من أتحميِّ مشرعب

فلما دخلنا أضفنا ظهورنا

إلى كل حاري جديد مشطب

كأن عيون الوحش حول خبائنا

وأرحلنا الجزع الذي لم يثقب

نمش بأعراف الجياد أكفنا

إذا نحن قمنا عن شواءٍ مضهب

ورحنا كأنا من جوائي عشية

نعالي النعاج بين عدل ومحقب

وراح كتيس الربل ينفض رأسه

أذاةً به من صائك متحلب

كأن دماء الهاديات بعرفه

عصارة حناء بشيبٍ مخضب

وأنت إذا استدبرته سد فرجه

بضاف فويق الأرض ليس بأصهب

وأنشد علقمة بن عبدة قصيدته التي مطلعها:

ذهبت من الهجران في غير مذهب

ولم يك حقاً كل هذا التجنب

ثم وصف الفرس والصيد بقوله:

وقد أغتدي قبل الشروع بسابحٍ

أقب كيعفور الفلاة مجلب

عظيم طويل مطمئن كأنه

بأسفل ذي ماوان سرحة مرقب

كميت كلون الأرجوان نشرته

لبيع الرداء في الصوان المكعب

ممر معقد الأندري يزينه

مع العتق خلقٌ مفعم غير جانب

له حرتان تعرف العتق فيهما

كسامعتي مذعورة وسط ربرب

وجوف هواء تحت متن كأنه

من الهضبة زحلوق ملعب

قطاة ككردوس المحالة أشرفت

إلى سند مثل الغبيط المذأب

وغلب كأعناق الضباع مضيغها

سلام الشظى يغشى بها كل مركب

وسمر يفلقن الظراب كأنها

حجارة غيل وارسات بطحلب

إذا ما اقتنصنا لم نخاتل بجنةٍ

ولكن ننادي من بعيد ألا اركب

ص: 40

أخا ثقة لا يلعن الحي شخصه

صبوراً على العلات غير مسبب

إذا أنفدوا زاداً فإن عنانه

وأكرعه مستعملاً خير مكسب

رأينا شياهاً يرتعين خميلة

كمشي العذارى في الملاء المهدب

فبينا تمارينا وعقد عذاره

خرجن علينا كالجمان المثقب

وأقبل يهوي ثانياً من عنانه

يمر كمر الرائح المتحلب

ترى الفأر عن مسترغب القدر لائحاً

على جدد الصحراء من شد ملهب

خفا الفأر من أنفاقه فكأنما

تجلله شؤبوب غيث منقب

فغادر صرعى من حمارٍ وخاضب

وتيس وثورٍ كالهشيمة قرهب

فقلنا ألا قد كان صيد لقانصٍ

فخبوا علينا فضل برد مطنب

فظل الأكف يختلفن بحانذٍ

إلى جؤجؤ مثل المداك المخضب

وظل لنا يومٌ لذيذ بنعمةٍ

فقل في مقيل نحسه متغيب

حبيب إلى الأصحاب غير ملعنٍ

يفدونه بالأمهات وبالأب

فيوماً على بقعٍ دقاقٍ صدوره

ويوماً على سفع المدامع ربرب

وراح يباري في الجناب قلوصنا

عزيزاً علينا كالحباب المسيب

فلما فرغا من إنشادهما قالت أم جندب زوجة امرئ القيس لبعلها: علقمة أشعر منك لأنك قلت:

فللساق ألهوب وللسوط درةٌ

وللزجر منه وقع أهوج منقب

فضربت فرسك بسوطك، وامتريته بساقيك، وزجرته بسوطك، وأما فرس علقمة فإنه أدرك ثانياً من عنانه، ولذا قال:

فأقبل يهوي ثانياً من عنانه

يمر كمر الرائح المتحلب

فغضب امرؤ القيس من قولها وطلقها، فخلفه علقمة عليها ولذا سمي علقمة الفحل؛ لأن كل من عارض شاعراً وغلبه سمي فحلاً.

وقال امرؤ القيس أيضاً:

وسالفة كسحوق الليان

أضرم فيه الغوي السعر

وقال أبو تمام يمدح الحسن بن وهب على فرس أهداه له:

نعم متاع الدنيا حباك به

أروع لا جيدرٌ ولا جبسُ

أصفر منه كأنه محة البي

ضة صافٍ كأنه عجس

هاديه جذعٌ من الأراك وما

خلف الصلا منه صخرة جلس

يكاد يجري تلجادي من ماء عط

فيه ويجنى من متنه الورس

هذب في جنسه ونال المدى

بنفسه فهو وحده جنس

أحرز آباؤه الفضيلة مذ

تفرست في عروقها الفرس

ليس بديعاً منه ولا عجباً

أن يطرق الماء ورده خمس

يترك ما مر مذ قبيل به

كأن أدنى عهد به الأمس

وهو إذا ما ناجاه فارسه

يفهم عنه ما يفهم الإنسُ

وهو ولما تهبط ثنيته

لا الربع في جريه ولا السدس

وهو إذا ما رنا بمقلته

كانت سخاماً كأنها نقس

وهو إذا ما أعرت غرته

عينيك لاحت كأنها برس

ضمخ من لونه فجاء كأن

قد كسفت في أديمه الشمس

كل ثمين من الثناء له

غير ثنائي فإنه بخس

هذب عمي به صقيل من ال

فتيان أقطار عرضه ملس

سامي القذالين والجبين إذا

نكس من لؤم فعله النكس

وقال أبو العلاء المعري:

أمامك الخيل مسحوباً أجلتها

من فاخر الوشي أو من ناعم السرقِ

كأنما الآل يجري في مراكبها

وسط النهار وإن أسرجن في الغسق

كأنها في نضار ذائب سبحت

واستنقذت بعد أن أشفت على الغرق

ثقيلة النقض مما حليت ذهباً

فليس تملك غير المشي والعنق

تسمو بما قلدته من أعنتها

منيفة كصوادي يترب السحق

السرق: الحرير (فارسي معرب)، والآل: السراب. والمراكب: كل آلة تكون على الفرس وقت ركوبها، ويترب: - بالتاء المثناة فوق - هي اليمامة، وقال عقبة بن مكدم:

في تليل كأنه جذع نخل

مستهل مشذب الأكراب

وقال امرؤ القيس:

ومرقبةٍ كالزج أشرفتُ فوقها

أقلب طرفي في فضاء عريض

فظلتُ وظل الجون عندي بلبده

كأني أعدي عن جناح مهيض

فلما أجن الشمس عني غوارها

نزلت إليه قائماً بالحضيض

يباري شباة الرمح خد مذلق

كصفح السنان الصلبي النحيض

أخفضه بالنقر لما علوته

ويرفع طرفاً غير جافٍ غضيض

وقد أغتدي والطير في وكناتها

بمنجرد عبل اليدين قبيض

له قصريا عيرٍ وساقا نعامة

كفحل الهجان ينتحى للغضيض

ص: 41

يجم على الساقين بعد كلاله

جموم عيون الحسي بعد المخيض

ذعرت به سرباً نقياً جلودها

كما ذعر السرحان جنب الربيض

ووالى ثلاثاً واثنتين وأربعاً

وغادر أخرى في قناة رفيض

فآب إياباً غير نكدٍ مواكلٍ

وأخلف ماء بعد ماءٍ فضيض

وسن كسنيق سناء وسنماً

ذعرتُ بمدلاج الهجير نهوض

فالشاهد في قوله: (يباري شباة الرمح خد مذلق

البيت) ، فإنه وصف خده بكون أملس، وبأنه يباري حد الرمح إذا مد فارسه رمحه، وذلك من طول عنقه، وقال الوزير أبو عامر بن أرقم:

فتى الخيل يقتادها ذبلا

خفافاً تباري القنا الذابلا

ترى كل أجرد سامي التلي

ل تحسبه غصناً مائلا

وجرداء إن أوجست صارخاً

تذكرك الظبية الخاذلا

إذا شنهن بأرض العدا

يصير عاليها سافلا

وقال المتنبي:

في سرج ظامئة الفصوص طمرة

يأبى تفردها بها التمثيلا

نيّالةِ الطلبات لولا أنها

تعطي مكان لجامها مانيلا

تندى سوالفها إذا استحضرتها

وتظن عقد عنانها محلولا

فقوله: (نيّالة الطلبات) أي: تدرك كلما تطلبه إن أحضرت ولو لم تعط رأسها لوضع اللجام في فيها ما ناله أحد من طول عنقها. وقال طفيل:

طوال الهوادي والمتون صليبةٌ

مغادير فيها للأمير معقب

وقال الأعشى:

والقارح العدى وكل طمرة

لا تستطيع يد الطويل قذالها

وقال: غدا بتليلٍ كجذع الخضا_ب حر القذال طويل الغسن الغسن شعر المعرفة والناصية والذنب. وقال مالك بن زغبة:

وذات مناسب جرداء بكر

كأن سراتها كر مشيق

تنيف بصلهب للخيل عالٍ

كأن عموده جذعٌ سحوق

تراها عند قبتنا قصيراً

ونبذلها إذا باقت بؤوق

أي: منسوبة الأب والأم، وسراتها: أعلاها، والصلهب: العنق، أي: إذا أشرفت ترى عنقها كأنه نخلة طويلة من شدة طوله.

وقال غيلان بن حريث:

يستوعب البوعين من جريره

من لد لحييه إلى منحوره

أي من لحييه إلى نحره يستوعب باعين من الخيل. وقال آخر:

الحمد يعذلني على إمساكها

ويقول قد أفنيت ما لا يحسب

فحلفت لا أنفك عنه شظية

جرداً وسياط المسدة سلهب

لما رأيت قبيلة مسعودة

بالخيل يسعفها الرهان فتحلب

صافيت مهتز اللدان كأنه

نار تراوحه اليدان مدرب

أما إذا استقبلته فكأنه

جذع سما فوق النخيل مسردب

وإذا تصفحه الفراش معرضاً

فيقول سرحان القطا المتنصب

أما إذا استدبرته فيشوقه

ساق تقمصها وظيف أجذب

منه وجاعره كأن حماتها

لما كشطت الجد عنها أرنب

ومفرق الجنبين دكت فوقه

حصد وسابقة تظل تقلب

وترى اللجام يصل في أشداقها

متنفس رحب وجوف حوشب

وحزامه باعٌ إذا ما قسته

يعيى له حيزومه والمثقب

وقال عدي بن زيد:

مشرف الهادي له غسن

يعرق العلجين إحضارا

وقال ابن مقبل:

يرخي العذار وإن طالت قبائله

في حزةٍ مثل سنف المرخة الصفر

القبائل: سيور اللجام، واحدتها: قبلة، وقال:

وحاوطني حتى ثنيت عنانه

على مدبر العلباء ريان كاهله

أي: عنقه طويل وفي علبائه إدبار. وقال ابن زمرك وزير الغني بالله الأندلسي:

وكتيبة أردفتها بكتيبةٍ

والخيل تمرح في الحديد وترفل

من كل منخفر كلمعة بارق

بالبدر يسرج والأهلة ينعل

أوفى بهاد كالظليم وخلفه

كفل كما ماج الكثيب الأهيل

حتى إذا ملك الكمي عنانه

يهوي كما يهوي بجوٍ أجدل

وقال زهير:

وملجماً ما إن ينال قذاله

ولا قدماه الأرض إلا أنامله

القذال: جماع مؤخر الرأس، ومعقد العذار من الفرس خلف الناصية.

وقال ابن دريد:

سامي التليل في دسيعٍ مفعمٍ

رحب اللبان في أمنيات العجى

سامي التليل: مرتفع العنق، والدسيع: مفرز العنق في الكاهل، والمفعم: الممتلئ من اللحم، والأمينة: الصلبة، واللبان: ما يجري عليه اللبب، والعجى: كل عصبة في يد أو رجل. وقال سلامة بن جندل:

ص: 42

يرى في الدسيع إلى هادٍ له تلع

في جؤجؤ كمداك الطيب مخضوب

وقال ابن هانئ:

وكأنما الجرد الجنائب خردٌ

سفرت تشوق متيماً متبولا

تعنو لمن تعنو الملوك لعزه

فيكون أكثر مشيها تبجيلا

ويجل عنها قدره حتى إذا

راقته كانت نائلاً مبذولا

من كل يعبوبٍ يجيد فلا ترى

إلا قذالاً سامياً وتليلا

وكأن بين عنانه ولبانه

رشأ يزيغ إلا الكناس خذولا

لو تشرئب له عقيلة ربرب

ظنته جؤذر رملها المكحولا

إن شيم أقبل عارضاً متهللاً

أو ريع أدبر خاضعاً إجفيلا

تتبين اللحظات فيه مواقعاً

فتظن فيه للقداح مجيلا

يتزيل الأروى على صهواته

ويبيت في وكر العقاب نزيلا

يهوي بأم الخشف بين فروجه

ويقيد الإدمانة العطبولا

صلتان يعنف بالبروق لوامعاً

ولقد يكون لأمهن سليلا

يستغرق الشأو المغرب صافناً

ويجيء سابق حلبة مشكولا

والمرغوب من أوصاف إناث الخيل هو المرغوب من أوصاف ذكورها إلا أنه ينبغي أن تكون قليلة لحم اللهزمة أي موضع القلادة ورقة الخيشوم والشفة وقرب ما بين الفخذين لأنه إذا اتسع استرخت ودخلها الريح وطول القيام على المعلف وقلة النوم وأن يكون حضرها وثباً لا تمغطاً. قال سنان العبدي:

أما إذا ما أقبلت فمطارة

كالجذع شذبه نفي المنجل

أما إذا ما أعرضت فقليله

ضخم مكان حزامها والمركل

أما إذا تشتد فهي نعامة

تنفي سنابكها صلاب الجندل

وقال امرؤ القيس:

إذا أقبلت دباءةٌ

من الخضر مغموسة في الغدر

وإن أدبرت قلت أثفية

ململمة ليس فيها أثر

أو اعترضت قلت سرعوفة

لها ذنبٌ خلفها مسبطر

شبهها بالدباءة: لرقة أولها وغلظ آخرها، والأثفية: الحجر التي تنصب عليها القدر، والململمة: المجتمعة، والأثر: - بالضم - أثر الجرح أي ليس بها خدش، والسرعوفة قليلة اللحم والمسبطر الطويل، أي: إن استقبلتها فكأنها مقعية لإشراف عنقها، وإن استدبرتها فكأنها تحبو من استواء عجزها، وإن استعرضتها فكأنها مستوية لإشراف أقطارها، وقال الشاعر:

أما إذا استقبلته فكأنه

نار تكفكف أن يطير وقد جرى

أما إذا استدبرته فنزاله

ساق قموص الدفع عاردة النسا

أما إذا استعرضته متمطراً

فتقول هذا مثل سرحان الغضى

ولقد علمت على توقي الردى

أن الحصون الخيل لا عدت العدا

إني وجدت الخيل عزاً ظاهراً

تنجي من الغما ويكشفن الدجى

وتبين الثغر المخوف طلائعاً

وتبين للصعلوك همة ذي الغنى

يخرجن من خلل الغبار عوابثاً

كأصابع المقرور أقعى فاصطلا

وقال أبو دؤاد:

كالسيد ما استقبلته وإذا

ولى تقول ململم ضرب

لام إذا استعرضته ومشى

متتابعاً ما خانه عقب

يمشي كمشي نعامةٍ تبعت

أخرى إذا هي راعها خطب

وقال الأعشى:

أما إذا استقبلته فكأنه

جذع سما فوق النخيل مشذب

وإذا تصفحه الفوارس معرضاً

فتقول سرحان الغضى المتصوب

أما إذا استدبرته فتسوقه

ساق يقصمها وظيف أحدب

منه وجاعرة كأن حماتها

لما كشفت الحبل عنها أرنب

وقال لبيد بن ربيعة العامري:

ولقد حميت الحي تحمل شكتي

فرط وشاحي إذ غدوت لجامها

فعلوت مرتقباً على ذي هبوةٍ

حرجٍ إلى أعلامهن قتامها

حتى إذا ألقت يداً في كافر

وأجن عورات الثغور ظلامها

أسهلت وانتصبت كجذع منيفةٍ

جرداء يحصر دونها جرامها

رفعتها طرد النعام وشله

حتى إذا سخنت وخف عظامها

قلقت رحالتها وأسبل نحرها

وابتل من زبد الحميم حزامها

ترقى وتطعن في العنان وتنتحي

ورد الحمامة إذ أجد حمامها

ص: 43

الشكة: السلاح، والفرط: الفرس السريع، والشاهد في قوله:(أسهلت وانتصبت كجذع منيفة) أي: رفعت عنقها كجذع النخلة الطويلة العالية كونها جرداء يضيق صدر من أراد قطع ثمرها لعجزه عن ارتقائها، وقد أخطأ بمدحه فرسه بالعرق بقوله وابتل من زبد الحميم حزامها، حيث أن عرق الخيل مذموم، قال امرؤ القيس:

فصاد لنا عيراً وثوراً وخاضباً

غداة ولم ينضح بماء فيغسل

وقال:

فأدرك لم يعرق مناط عذاره

يمر كخذروف الوليد المثقب

فغادر صرعى من حمار وخاضبٍ

وتيس وثور كالهشيمة قرهب

الخذروف: كعصفور، شيء يدوره الصبي بخيط في يديه فيسمع له دوي. قال ابن مقبل:

هاج الوليد بخيط مبرم خلق

بين الرواجب في عود من العشر

وقال آخر:

فصاد ثلاثاً كجذع النظا

م لم ينطلق ولم يغسل

ومما يستدل به على طول عنق الفرس أن يكال من ابتداء شعر المعرفة مما يلي الظهر إلى ما بين فتحتي المنخرين ثم يكال من منبت المعرفة أيضاً إلى نهاية العسيب فإن كان المقدم أطول دل على عتقه وإن كان التالي أطول دل على هجنته وإن تساويا كان متوسطاً.

ومنها أن تكون مرتفعة الرأس والأكتاف والكفل ملسة الظهر ضخمة الصدر ضامرة الكليتين مكتنزة اللحم، قال ابن دريد:

بذاك أم بالخيل تعدو المرطى

ناشزة أكتادها قب الكلى

الخيل: اسم جمع لا واحد له من لفظه، وقال أبو عبيدة واحدة خائل، وسمي بذلك لأنه يختال في مشيه، وجمع الخيل: خيول، والفرس: أفراس، ويشترك في اسم الفرس الذكر والأنثى، وحكى ابن جني والضراء فرسة، ولا تصغر بخلاف الذكر فإنه يصغر على فريس، ولفظه مشتق من الافتراس، أي: افترس الأرض بسرعته، ويسمى راكبه: فارساً، ويجمع على: فوارس شذوذاً، ويقولون لركاب الخيل: فرسان، ويقولون لمن أحسن ركوبها: ركبة - بالكسر -، ويركبها العرب والعجم، وتقول لركاب النجب والهجن: ركبان، ولا يستعملها إلا العرب خاصة، وربما قاتلوا عليهما، قال العنبري:

فليت لي بهم قوماً إذا ركبوا

شنوا الإغارة فرساناً وركبانا

وقال شبيب بن شيبة لقيت خالد بن صفوان على حمار فقلت له: أين أنت عن الخيل؟ قال: تلك للطلب والهرب ولست طالباً ولا هارباً، قلت: فأين أنت من البغال؟ قال: تلك للأثقال ولست ذا ثقل، قلت: فأين أنت عن البراذين؟ قال: تلك للمسرعين ولست مسرعاً، قلت: فماذا تصنع بحمارك؟ قال: أدب عليه دبيباً وأقرب عليه تقريباً وأزور إذا شئت عليه حبيباً. ثم لقيته بعد ذلك على فرس فقلت له يا أبا صفوان ما فعل الحمار؟ قال بئس الدابة، إن أرسلته ولّى، وإن استوقفته أدلى، قليل الغوث كثير الروث، بطيء عن الغارة، سريع إلى الغرارة، لا تنكح به النساء ولا تهرق به الدماء، وقال جرير بن عبد الحميد: لا تركب الحمار فإن كان حديداً أتعب بدنك وإن كان بليداً أتعب رجلك، والمرطى عدو دون التقريب.

قال طفيل الغنوي:

تقريبه المرطى والجون معتدل

كأنه سبدٌ بالماء مغسول

وأنواع السير: العنق، ثم الخبب، وهو دون العنق لأنه خطو فسيح أو نقل الفرس أيامنه جميعاً وأياسره جميعاً، ثم التقريب، وهو أن: يوقع يديه في العدو معاً ويضمهما معاً، أو أن يضع يديه موضع رجليه، وهو دون الحضر، والإنضاء: الإفراط في السير، والناشزة: المرتفعة، والأكتاد: جمع كتد - بفتح التاء وكسرها - وهو ما بين الكاهل والوسط، والكاهل: أعلى الكتفين وما يليه من أصل العنق، والكلى: جمع كلية أو كلوة.

وقال الشاعر:

ترى العلافي عليها موفدا

كأن برجاً فوقها مشيدا

الموفد الحارك المشرف، وقال عمرو بن العاص:

شبت الحرب فأعددت لها

مشرف الحارك محبوك الثبج

يصل الشر بشر فإذا

وثب الخيل من الشر معج

جرشع أعظمه خفرية

فإذا ابتل من الماء حرج

الشرة: النشاط، والمعج: السريع، وقال ابن مقبل:

ذعرت به العير مستوزياً

شكير حجافله قد كتن

المستوزي: المشرف المنتصب. قال أبو دؤاد:

نبيل النواهض والمنكبين

حديد المحازم ناتي المعد

النبيل: الحسن، والناهض: لحم العضد، والمنكب: مجمع رأس الكتف، والمعد: الحارك، ويقال له: الصرد، قال الشاعر:

خفيف النعامة ذو ميعةٍ

كثيف الفراسة ناتي الصرد

ص: 44

النعامة: الدماغ، والميعة: الناصية الطويلة السائلة، والصرد: الحارك، وأسفله يسمى المنسبح، وإشرافه لا يعتري إلا عتاقها؛ ولذا يجعل للسرج سناف ليثبت مكانه ولا يتأخر، والسناف: سير يجعل فوق اللبب.

وقال ابن دريد:

ومشرف الأقطار خاظ نحضه

حابي القصير جرشع عرد النسا

قريب ما بين القطاة والمطا

بعيد ما بين القذال والصلا

أقطار الفرس: ما أشرف منه؛ كالرأس والعجز والكانبة وهي منقطع العرف، والخاظي: المكتنز، والنحض: اللحم، والحابي: المرتفع، والقصير: آخر الأضلاع، والجرشع: ضخم الصدر منفتح الجنبين، والعرد: الشديد، والنسا: عرق في الفخذ، لحيم قوي ظاهر، يستبطن الفخذين حتى يصير إلى الحافر، فإذا هزلت الدابة خفي وإذا سمنت جرى بينهما وظهر؛ كأنه حية، فإن قصر كان أشد لزة لرجليها، وإن كان فيه توتير كان أسرع لقبضهما وبسطهما، إلا أنه لا يسرع المشي، ولذا كان شنجه ممدوحاً في العتاق، مذموماً في الهماليج؛ لأن العتاق للجري، والهماليج: للسير، والهملجة: مقاربة الخطا مع الإسراع، والارتجال: خلط العنق بشيء من الهملجة، والعنق: مباعدة الخطا والوسع في الجري، ولذا يوصف البرذون والبغل والحمار بالفره دون العتيق. وعيب على عدي بن زيد قوله:

بضافٍ يعري جله عن سراته

يبذ الجياد فارهاً متتابعا

والقطاة: مقعد الردف، والمطا: الظهر، والقذال: جماع مؤخر الرأس، والصلا: ما عن يمين الذنب وشماله، وقال ابن الرقاع:

وترى لفر نساه غيباً غامضاً

قلق الخصيلة من فويق المفصل

أي: انفلقت فخذاه لما سمن، فجرى النسا واستبان، وقال طفيل:

وعارضتها رهواً على متتابع

شديد القصير خارجي محنب

الخارجي: كل من فاق جنسه ونظيره، وقال امرؤ القيس:

كميتٍ يزل اللبد عن حال متنه

كما زلت الصفواء بالمتنزل

الحال: موضع اللبد من الفرس، والصفواء: الحجر اللينة الملساء، والمتنزل: الذي ينزل عليها، أي أنه أملس المتن يزل عنه اللبد كما تزل الصفواء بالمتنزل. فالمطلوب في متن الفرس قلة لحمه، ولذا خطّأ الأصمعي أمرأ القيس في وصفه المتن بكثرة اللحم بقوله:

لها متنتان خظاتا كما

اكب على ساعديه النمر

أي: لها متنتان كساعدي النمر البارك في غلظها.

وقال ابن دريد:

مداخل الخلق رحيب شجرة

مخلولق الصهوة ممسود وأي

مداخل الخلق: مجتمعه، والرحيب: الواسع، والشجر ما بين اللحيين، والمخلولق: الأملس، والصهوة: مقعد الفارس، والممسود: المفتول، ووأي: السريع الشديد، قال النابغة:

لقد لحقت بأولى الخيل تحملني

كبداء لا شنج فيها ولا طنب

الطنب: طول الظهر، وقال الجعدي:

مثل هميان العذاري بطنه

أبلق الحقوين مشطوب الكفل

وقال حميد بن ثور:

موشحة الأقراب أما سراتها

فملس وأما جلدها فذهيب

وقال ابن الأحمر:

بمقلص درك الطريدة متنه

كصفا الخليقة بالفضاء اللبد

الخليقة: الصخرة التي لا كسر فيها ولا وصم، وقال آخر:

أمرت عزيزاه ونيطت كرومه

إلى كفل راب وصلب موثق

الكرمة: رأس الفخذ المستدير، كأنه جوزة، وقال أبو دؤاد:

مزح الدهر فأعددت له

مشرف الحارك محبوك الكتد

وقال آخر:

على محبوك السراة كأنه

عقاب هوت من من مرقب وتعلت

وقال امرؤ القيس:

لها كفل كصفاة المسي

ل أبرز عنها جحاف مضر

الصفاة: الصخرة الملساء، أي: أن كفله كالصخرة الملساء التي جرى عليها السيل وأذهب ما كان عليها من الغبار، والجحاف: السيل الذي يجحف، أي: يحمل كل شيء مضر، فشبه كفله بالصفاة التي يجري عليها السيل حتى صفت وأملست، وهو المطلوب في الكفل، لأن الفرق عيب، وقال أيضاً:

له كفل كالدعص لبده الندى

إلى حارك مثل الغبيط المذأب

الدعص: الكثيب الصغير من الرمل، والغبيط: قتب الهودج، والمذأب: الواسع، أي: أن كفله مملس مستوٍ وحاركه مشرف، فهو مع الحارك مثل الغبيط. وقال:

وقد أغتدي والطير في وكناتها

بمنجرد قيد الأوابد هيكل

مكر مفر مقبل مدبر معاً

كجلمود صخر حطه السيل من عل

كميت يزل اللبد عن حال متنه

كما زلت الصفواء بالمتنزل

ص: 45

على العقب جياش كأن اهتزامه

إذا جاش فيه حميه غلي مرجل

مسح إذا ما السابحات على الونى

أثرن غباراً بالكديد المركل

يطير الغلام الخف عن صهواته

ويلوي بأثواب العنيف المثقل

دريرٍ كخذروف الوليد أمره

تقلب كفيه بخيطٍ موصل

له أيطلا ظبيٍ وساقا نعامةٍ

وإرخاء سرحان وتقريب تتفل

كأن على الكتفين منه إذا انتحى

مداك عروسٍ أو صلاية حنظل

كأن دماء الهاديات بعرفه

عصارة حناء بشيب مرجل

فعن لنا سرب كأن نعاجه

عذارى دوارٍ في ملاء مذيل

فأدبرن كالجزع المفصل بينه

بجيد معم في العشيرة مخول

فألحقنا بالهاديات ودونه

أواخرها في صرة لم تزيل

فعادى عداءً بين ثورٍ ونعجةٍ

دراكاً ولم ينضح بماء فيغسل

وظل طهاة اللحم من بين منضجٍ

صفيف شواءٍ أو قديرٍ معدل

ورحنا وراح الطرف ينفض رأسه

متى ما ترق العين فيه تسهل

وبات عليه سرجه ولجامه

وبات بعيني قائماً غير مرسل

وأنت إذا استدبرته سد فرجه

بضاف فويق الأرض ليس بأعزل

المداك: الحجر الذي سحق عليه الطبيب، والصلاية: الحجر الأملس الذي يستخرج بدمه دهن الحنظل، والهاديات: المتقدمات، وعصارة الحناء: ما يبقى من أثرها، والمرجل: المشط، وشبه دماء الصيد على عرفه بما جف من الحناء على شعر الأشيب، وذلك لأنهم كانوا إذا ذبحوا الصيد يطلون عرف الفرس به، والسرب: القطيع، والدوار: اسم صنم كانوا يدورون حوله في الجاهلية، والملاء: جمع ملاءة وهي الملحفة، والجزع: خرزة فيه سواد وبياض، والجيد: العنق، والمعم: كريم الأعمام، والمخول: كريم الأخوال، والصرة: الصيحة، وعادى: والى بين صيدين، والطهاة: جمع طاه وهو الطابخ، والصفيف: من اللحم: الرقيق، والقدير: الذي طبخ في القدر، والطرف: كريم الطرفين، أي أنه ينفض رأسه من المرح والنشاط، ومتى نظرت العين أعلاه نظرت أسفله لكمال صورته، وبهاء حسنه، وقوله: (وبات بعيني

إلخ) أي: بات قائماً بمرأى عيني حيث تراه يأكل علفه غير مرسل إلى المرعى.

ومنها أن تكون طويلة الذراعين والساقين غليظتهما منتصبن كساقي النعامة وأول من شبه فرسه بالظبي والنعامة والسرحان امرؤ القيس بقوله:

له أيطلا ظبي وساقا نعامة

وإرخاء سرحان وتقريب تتفل

الأيطل: الخاصرة، وخص الظبي بذلك لأنه ضامر الأيطل، وخص النعامة لأنها طويلة الساقين صلبتهما، والإرخاء: سهولة الجري مأخوذ من الرخاء وهي الريح السهلة، والسرحان: الذئب، والتتفل: ولد الثعلب.

وقال طرفة بن العبد:

ولولا ثلاث هن من لذة الفتى

وجدك لم أحفل متى قام عودي

فمنهن سبق العاذلات بشربة

كميت إذا حلت بماء تزبد

وكري إذا نادى المضاف محنباً

كسيد الغضافي الضحية المتورد

وتقصير يوم الدجن والدجن معجبٌ

ببهكنةٍ تحت الخباء المعمد

وقد أخذ هذا المعنى ابن نهيك عبد الله الأنصاري فقال:

ولولا ثلاث هن من عيشة الفتى

وجدك لم أحفل متى قام رامس

قمنهن سبق العاذلات بشربة

كان أخاها مطلع الشمس ناعس

ومنهن تجريد الكواعب كالدمى

إذا ابتز عن أكفالهن الملابس

ومنهن تقريط الجواد عنانه

إذا استبق الشخص القوي الفوارس

التقريط: جعل العنان وراء الأذن عند طرح اللجام.

وقال امرؤ القيس:

فلأياً بلأيٍ ما حملنا وليدنا

على ظهر محبوك السراة محنب

الحنب والتحنيب - بالحاء المهملة -: اعوجاج قليل في الساقين، هو محمود في الحيل إذا لم يفرط و - بالجيم -: توتير في الرجلين، قال الشاعر:

هل لك في أجود ما قاد العرب

هل لك في الخاص غير المؤتسب

جذل رهان في ذراعيه حلب

أذل إن قيد وإن قام نصب

وقال النابغة الجعدي:

في مرفقيه تقاربٌ وله

بلدة نحر كجبأة الخزم

البلدة: منقطع الفهدتين من أسفلها إلى عضدها، والجبأة: خشبة الحذاء شبه بها صدر الفرس في الاستدارة، ويروى:(وبركة زور) .

وقال بشر بن أبي حازم:

تسوف للحزام بمرفقيها

يسد خواء طبييها الغبار

ص: 46

أي: إذا استفرغت الجري نسفت حزامها بمرفقيها، وإذا ملأت فروجها عدواً سد الغبار ما بين طبييها، وقال أبو النجم:

وانسف الجالب من أندابه

أغباطنا الميس على أصلابه

وقال امرؤ القيس:

وساقان كعباهما أصمعا

ن لحم حمايتهما منبتر

الأصمع: اللطيف، والحماة: عضلة الساق، وقال الشاعر:

له ساقا ظليم خا

ضبٍ فوجئ بالرعب

حديد الطوف والمنك

ب والعرقوب والقلب

وقال ابن دريد:

ركبن في حواشبٍ مكتنةٍ

إلى نسورٍ مثل ملفوظ النوى

ركبن: أي القوائم، والحوشب: موصل الوظيف في الرسغ، والمكتن: المستور، والنسر: لحمة في باطن الحافر، والملفوظ: المطروح، ويقال للحافر: السنبك، ولحرفيه: الحاميتان، ولمؤخره: الدابرة، وقال امرؤ القيس:

ولم أشهد الخيل المغيرة في الضحى

على هيكل نهد الجزارة جوال.

سليم الشظى عبل الشوى شنج النسا

له حجبان مشرفات على الفالي

الهيكل: الفرس الطويل، والنهد: الضخم المشرف، والجزارة: القوائم.

قال الأعشى:

ولا نقاتل بالعصا

ولا نرامي بالحجاره

إلا علالة أو بدا

هة قارح نهد الجزاره

والجوال النشيط السريع في الإدبار والإقبال،وعبل الشوى غليظ القوائم قوي العصب،قال عنترة العبسي:

تمسي وتصبح فوق ظهر حشية

وابيت فوق سراة أدهم ملجم

وحشيتي سرج على عبل الشوى

نهد مراكله، نبيل المحزم

المراكل: المواضع التي تصيب رجل الفارس من الجانبين إذا استوى على ظهر الفرس، والشظا: عظم لاصق بالذراع، والشوى: اليدان والرجلان والنسا عرق في الفخذ، وقال خفاف بن ندبة:

عبل الذراعين سليم الشظى

كالسيد يوم نقرة الصادر

وقال ربيعة بن مقروم الضبي:

ولقد شهدت الخيل يوم طرادها

بسليم أوظفة القوائم هيكل

متقاذفٍ شنج النسا عبل الشوى

سباق أبدية الجياد عميثل

لو لم أكفكفه لكان إذا جرى

منه الغريم يدق فاس المنجل

وإذا جرى منه الحميم رأيته

يهوى بفارسه هوي الأجدل

وإذا تعلل بالسياط جيادها

أعطاك نائبه ولم يتعلل

الوظيف: مستدق الذراع والساق، ولكل من ذوات الأربع ثلاثة مفاصل الفخذ والساق والوظيف، ثم الحافر أو الخف أو الظلف، وفي يديه ثلاثة مفاصل، العضد والذراع، والوظيف، ثم الحافر، أو الخف أو الظلف. وقصر الذراعين من عيوب الفرس، قال الأصمعي: لم يسبق أدن قط إلا أدن بني يربوع، والأدن قصير الذراعين.

ومنها أن يكون عسيبها قصيراً رقيقاً وبهذا يفرق العتيق وغيره، لأن الغير يصل عسيبه إلى خاصرتيه وسبيبها طويل. قال ابن دريد:

طويل ذيل وسبيب وطلا

قصير ظهر وعسيب ونسا

السبيب: شعر الناصية والعرف والذنب، والطلا: - بالضم - العنق، وتحمد الناصية الطويلة كثيرة الشعر، وتذم القصيرة الخفيفة، قال ابن جندل:

من كل حت إذا ما ابتل ملبده

صافي الأديم أسيل الخد يعبوب

وليس أسفى ولا أقنى ولا سفل

يسقي دواء قفي السكن مربوب

الحت: السريع، واليعبوب: واسع الجري، والأسفى: خفيف الناصية، والأقنى: الذي في أنفه احد يداب، والسفل: سيء الخلق، والقفية: ما يؤثر به الضيف، والمربوب: المربى، والسفا: ممدوح في البغال والحمير، مذموم في الخيل، والعسيب عظم الذنب، والممدوح في الخيل قصره، والنسا: عرق يستبطن الفخذين من الورك إلى الحافر، قال امرؤ القيس:

ضليعٌ إذا استدبرته سد فرجه

بضافٍ فويق الأرض ليس بأعزل

الضليع: القوي العظيم، والفرج: فضاء ما بين اليدين والرجلين، والضافي: السابغ، والأعزل: الذي يميل ذنبه إلى أحد شقيه، والمعنى: قوي يسد ما بين رجليه من الفضاء بذنب سابغ مرتفع عن الأرض غير مائل إلى أحد الشقين، وقد خطئ البحتري بقوله:

ذنب كما سحب الرداء يذب عن

عرف وعرف كالقناع المسبل

لأن الذنب إذا مس الأرض كان عيباً، فكيف إذا سحبه وإنما الممدوح ما قرب من الأرض ولم يمسها، وقال أبو القاسم الحسن بن بشر في الموازنة بين أبي تمام والبحتري وقد عيب على امرئ القيس قوله:

لها ذنب مثل ذيل العروس

تسد به فرجها من دبر

ص: 47

وما أرى العيب لحق امرأ القيس في هذا لأن العروس إذا كانت تسحب ذيلها فليس ينكر تشبيه الذنب به وإن لم يمس الأرض لأن الشيء يشبه بالشيء إذا قرب منه أو دنا من معناه فإن أشبهه في أكثر أحواله فقد صح التشبيه ولاق به وإن امرأ القيس لم يقصد أن يشبه طول الذنب بطول ذيل العروس وإنما أراد مشابهته له بالسبوغ والكثرة والكثافة. ألا تراه قال تسد به فرجها من دبر. وقد يكون الذنب طويلاً يكاد يمس الأرض ولا يكون كثيفاً، بل يكون رقيقاً، نزر الشعر خفيفاً لا يسد فرج الفرس، فلما قال تسد به فرجها علم أنه أراد الكثافة والسبوغ مع الطول، فتشبيه الذنب الطويل بذيل العروس من هذه الجهة تشبيه صحيح لا عيب فيه، ولا يحكم عليه بأنه قصد بذلك سحبه على الأرض، وإنما العيب في قول البحتري: ذنب كما سحب الرداء حيث صرح بأنه سحب ذنبه كما يسحب الرداء، ومثل قول امرئ القيس قول خداش بن زهير:

لها ذنب مثل ذيل الهدي

إلى جؤجوءٍ أيد الزافر

الهدي: العروس التي تهدى إلى زوجها، والزافر: الصدر، لأنها تزفر منه، فقد أراد بذيل العروس طوله وسبوغه، وشبه الذنب السابغ به، وإن لم يمس الأرض بطوله، ومما يصحح ذلك قولهم:(فرس ذيال) إذا كان طويلاً طويل الذنب، فإذا كان قصيراً طويل الذنب، قالوا (ذائل) ، وإنما قالوا ذلك تشبيهاً للذنب بالذيل لا غير، قال النابغة:

بكل مدجج كالليث يسمو

إلى أوصال ذيال رفن

المدجج: شاكي السلاح، والرفن والرفل: طول الذنب. وقد استقصيت الاحتجاج لبيت امرئ القيس فيما بينته من سهو أبي العباس عبد الله بن المعتز فيما ادعاه على امرئ القيس من الغلط، انتهى بتصرف.

أقول وقد غلط ابن حمديس الصقلي كما غلط البحتري فقال:

ومجرد في الأرض ذيل عسيبه

حمل الزبرجد منه جسم عقيق

يجري كلمع البرق في آثاره

من كثرة الكبوات غير مفيق

ويكاد يخرج سرعة من طله

لو كان يرغب في فراق رفيق

وقد عيب على امرئ القيس أيضاً قوله:

وأسحم ريان العسيب كأنه

عثاكل قنوٍ من سميحة مرطب

لأن ريان العسيب غليظه وهذا مما لا يمدح به إلا الإبل لا غير.

قال الشاعر:

وتلف حاذيها بذي خصل

ريان مثل قوادم النسر

الحاذي: الذنب، والضمير راجع إلى الناقة، والحاذ: ما يقع عليه الذنب من جانبي الفخذين، وقال المتنبي:

أتاهم بأوسع من أرضهم

طوال السبيب قصار العسب

وقال:

أغر أعداؤه إذا سلموا

بالهرب استكثروا الذي فعلوا

يقبلهم وجه كل سابحةٍ

أربعها قبل طرفها تصل

جرداء ملءِ الحزام مجفرةً

يكون مثل عسيبها الخصل

إن أدبرت قلت لا تليل لها

أو أقبلت قلت ما لها كفل

الجرداء: قصيرة الشعر، والمجفرة: واسعة الجنبين، والخصل: جمع خصلة، أي: كثيرة شعر الذنب، والتليل: العنق، والكفل: الردف، والممدوح فيهما الإشراف، والمعنى: إن تأملتها رأيتها مشرفة عند إقبالها بعنقها وعند إدبارها بعجزها، وقال علي بن جبلة:

تحسبه أقعد في استقباله

حتى إذا استدبرته قلت أكب

ومنها أن تكون ممحصة القوائم، أي: قليلة لحمها، قوية خالصة من الرهل، أي: الاسترخاء، قال الشاعر:

محص فرافص أشرفت حجباته

بنضو السوابق زاهق قرد

الممحص والفرافص: معناهما واحد، أي: قوية قوائمه خالصة من الرهل، والحجبات من الفرس: ما أشرفت من صفات البطن على وركيه.

وقال رؤبة:

شديد جلز الصلب ممحوص الشوى

كالكر لا شخت ولا فيه لوى

الكر: الحبل، والشخت: الدقيق الضامر لا من هزال، واللوى: اعوجاج الذنب، يقال:(لوى ذنب الفرس) إذا اعوج، وهو عيب، ولو كان اعوجاجه خلقة.

ومنها أن تشيل أذنابها عند شدة العدو ويسمى عند أهل الشام التصنيع، قال علقمة بن شيبان بن عدي:

ولقد شهدت الخيل يوم طرادها

فطعنت تحت كنانة المتمطر

ونطاعن الأبطال عن أبنائنا

وعلى بصائرنا وإن لم نبصر

ولقد رأيت الخيل شلن عليكم

شول المخاض أبت عن المتغبر

أي: رأيتكم والخيل تعدو عليكم رافعة أذنابها رفع النوق الحوامل إذا طلب أحد حلب غبرها، أي: بقية ما في ضرعها من اللبن، وقال قطبة بن أوس الملقب بالحادرة:

ص: 48

ونحن نمعنا من تميمٍ وقد طغت

مراعي الملا حتى تضمنها نجد

كمعطفنا يوم الكفافة خيلنا

لتتبع أخرى الجيش إذ بلغ الجد

على حين شالت واستخفت رجالهم

حلائب أحيال يسيل بها الشد

إذا هي شك السمهري نحورها

وحامت على الأبطال أتعبها القد

تكر سراعاً في المضيق عليهم

وتثني بطاء ما تخب ولا تعدو

فأثنوا علينا لا أبا لأبيكم

بإحساننا إن الثناء هو الخلد

وقال المفضل النكري:

تشق الأرض شائلة الذنابى

وهاديها كأن جذع سحوق

وقال النمر:

جموم الشد شائلة الذنابى

تخال بياض غرتها سراجا

وقال الحطيئة:

ولن تفعلوا حتى تشول عليهم

بفرسانها شول المخاض اقمطرت

عوابس بالشعث الكماة إذا ابتغوا

علالتها بالمحصدات أضرت

المحصدات: السياط المفتولة، والعلالة: الجري بعد الجري. وقال بشار:

والخيل شائلة تشق غبارها

كعقارب قد رفعت أذنابها

فشبه الخيل الرابفعة أذنابها بالعقارب الرافعة لأذنابها. وقال المتنبي:

رمى الدرب بالجرد الجياد إلى العد

وما علموا أن السهام خيول

شوائل تشوال العقارب بالقنا

لها مرح من تحته وصهيل

فقد استحق المتنبي بصنيعه بيت بشار حيث أخذ معناه وزاد عليه لأنه جعل الخيل شائلة بالقنا كما تشول العقارب بأذنابها وإن لها من الطعن ما للعقارب من اللسع، وقال الصفي الحلي:

وكتيبة تذر الصهيل رواعدا

والبيض برقاً والعجاج سحائبا

حتى إذا ريح الجلاد حدت لها

مطرت فكان الوبل نبلاً صائبا

بذوائب ملد يخلن أراقماً=وشوائل جرد يخلن عقاربا

تطأ الصدور من الصدور كأنما

تعتاض من وطء التراب ترائبا

وقال غني بن مالك:

دفعنا الخيل شائلة عليهم

وقلنا بالضحى فيحي فياحي

وقال عدي بن خرشة الحظمي:

ويكشف نخوة المحتال عني

جراز كا لعقيقة إن لقيت

واقدر مشرف الصهوات شاظ

كميت لا احمق ولا شيت

الشاظي: الذي يرفع ذنبه في عدوه والأحمق الذي يضع حافر رجليه موضع يديه والشئيت: الذي يقصر موقع حافر رجليه عن موقع حافر يديه وهما عيب بخلاف الأقدر وهو الذي يفوت موقع حافر يديه وهو محمود والكرب الذي يضرب بيده باستقامة ولا يفلتها نحو بطنه وهو عيب خلقي وأما أهل المغرب فيكرهون شيل أذناب الخيل ويعدونه من عيوبها وأكره ما يكون عندهم شيل ذنب الأنثى وجميع أجناس خيل الشام تشيل أذنابها عند العدو إلا الجنس المسمى عندهم بالجافة فإن أفرادها لا تشيله.

فائدة: إذا شق من جلد أصل ذنب الفرس الذي يعزل ذنبه مقدار شبر وسلخ الجلد من الجانبين حتى يظهر العسيب، ثم يقطع اللحم الذي على جانبي العسيب، ويحشى الجرح بالزبل اليابس ليحبس الدم، ثم يلقى بعض جلده إلى بعض، ويربط ثلاثة أيام، ثم يطوى بالخل والعسل، ويدهن بالمرهم حتى يبرأ، فإنه لا يعزل بعد ذلك.

ومنها أن تكون ضامرة البطن. قال الصفي الحلي:

لمن الشوازب كالنعام الجفل

كسيت جلالاً من غبار القسطل

يبرزن في حلل العجاج عوابساً

يحملن كل مدرع ومسرنل

شبه العرائس تجتلى فكأنها

في الخدر من ذيل العجاج المسبل

فعلت قوائمهن عند طرادها

فعل الصوالج في كرات الجندل

فتظل ترقم في الصخور أهلة

بسنا حوافرها وإن لم تنعل

يحملن من آل العريض فوارسا

كالأسد في أجم الرماح الذبل

وقال أيضا:

وكتيبة ضرب العجاج رواقها

من فوق أعمدة القنا المران

نسج الغبار على الجياد مدارعا

موصولة بمدارع الفرسان

ودم بأذيال الدروع كأنه

حول الغدير شقائق النعمان

حتى إذا استعر الوغى وتتبعت

بيض الصفاح مكامن الأضغان

وبرزت تلفظك الصفوف إليهم

لفظ الزناد سواطع النيران

بأقب يعصي الكف ثم يطيعه

فتراه بين تسرع وتوان

قد أكسبته رياضة سواسه

فتكاد تركضه بغير عنان

كالصقر في الطيران والطاووس في ال

خطرات والخطاف في الروغان

يرنو إلى حبك السماء توهما

إن المجرة حلبة الميدان

ص: 49

لو قيل عج نحو السماء مبادرا

وطئت يداه دوابر الدبران

أو قيل جز فوق الصراط مسارعا

لمشى عليه مشية السرطان

وقال أبو العلاء المعري:

وتحتي الكر إدماجا وفوقي

نظير الكر في ديم وهتن

وقبله:

كأني لم أرد الخيل تردي

إذا استقيتها علقا سقتني

ألاقي الدارعين بغير درع

وأدعو باالمدجج لا تفتني

كأن جيادهم أسراب وحش

أصرعهن من ربد وأتن

وما أعجلت عن زرد حذارا

ولاكن المفاضة أثقلتني

أكلت منكبي سمر العوالي

وحمل الساربري أكل متني

وقد أغدو بها قضاء زغفا

وتكفيني المهابة ما كفتني

وتحتي الكر إدماجا وفوقي

نظير الكر في ديم وهتن

أعاذل طالما أتلفت مالي

ولكن الحوادث أتلفتني

الرديان: ضرب من العدو والعلق: الدم والمدجج: شاكي السلاح والسرب: قطيع البقر والظباء وغيرها والربد: النعام، والأتن: الإناث من الوحش، والزرد: الدرع، والمفاوضة: الدرع الواسعة، والزغف: الدرع اللينة الواسعة المحكمة، والكر الأول: الحبل، والإدمادج: إحكام الفتل، والكر الثاني: الغدير، والديم: المطر الدائم، وهتن المطر: هطل، وقال أبو تمام:

وحاذه بسيوف طالما شهرت

فأخلفت مترفا ما كان فسك رجا

وشرب مضمرلت طالما خرقت

من القتام كان الوغى نسجا

وقال أيضا:

ألم يجلب الخيل من بابل

شوازب مثل قداح الساء؟

وقال ابن الصعق:

بمنجب مثل العقا

ب تخاله للضمر قدحا

وقال آخر:

بالخيل عابسة زورا مناكبها

تعدو شوازب بالشعث الصناديد

الشوازب: الضوامر، وقال عنترة:

نأتي الصريخ على جيادٍ ضمرٍ

خمص البطون كأنهن ثعالي

من كل شهواء اليدين طمرة

ومقلصٍ عبل الشوى ذيال

وقال المتنبي:

وشزبٌ أحمت الشعرى شكائمها

ووسمتها على آنافها الحكم

حتى وردن بسمنين بحيرتها

تنش بالماء في أشداقها اللجم

وأصبحت بقرى هنزيط جائلةً

ترعى الظبى في خصيبٍ نبته اللمم

الشعرى: نجم يطلع في فصل الصيف، والشكيمة: رأس اللجام، والحكم: ما أحاط بحنكي الفرس من لجامه، والمعنى: حميت حدائد لجمها بحرارة الهواء حتى وسمت أنوف الخيل، ثم وردت بحيرة سمنين، فلما أصاب الماء سمع لها نشيش في أضداقها كأنها محماة على النار، وسقيها الماء باللجم لئلا يحصل لها ضرر، وقال امرؤ القيس:

وإن أمس مكروباً فيا رب غارةٍ

شهدت على أقب رخو اللبان

على ربدٍ يزداد عفواً إذا جرى

مسح حثيث الركض والزألان

ويخدى على صم صلابٍ ملاطس

شديدات عقد لينات مثان

وغيثٍ من الوسمي حو نباته

تبطنته بشيظم صلتان

مكر مفر مقبل مدبر معاً

كتيس ظباء الحلب العدوان

إذا ما جنباه تأوَّد متنه

كعرق الرخامى اهتز في الهطلان

القب: الضامر، والرخو: اللين، يقال فرس رخوة، أي: سهلة مسترسلة، واللبان: - بالفتح - الصدر، أي: أنه لين الأعطاف واسع الصدر، والربذ: الخفيف القوائم في المشي، والعفو: الجري بلا مشقة، والذئلان: المر الخفيف، ومنه تسمية الذئب ذؤالة، والمعنى كلما زاد جريه زاد نشاطه ويحذى: أي يسرع على حوافر صلاب، والملطاس: المعول والعقد: الرسغ، والمثاني: المفاصل التي تنثني، والوسمي: أول مطر يقع في الأرض، والحو: الخضر، والتلاع: ما ارتفع من الأرض، والشيظم: الطويل، والصلتان: - محركة - النشيط. وقوله: (مكر الخ

) أي: أنه قد ضمر للجري فنشاطه نشاط ذكر الظباء، والتأود: التثني: والمتن: الظهر، وتجنيب الفرس: ركوب فارسه ناقة وقوده بجانبها لوقت الحاجة: وقال عنترة:

وغداة صبحن الجفار عوابساً

يهدي أوائلهن شعث مشزب

وقال المتنبي:

ورميك الليل بالجنود وقد

رميت أجفانهم بتسهيد

فصبحتهم رعالها شزبا

بين ثبات إلى عباديد

الضمير في رعاللها للخيل، وقال أبو إسحاق ابن الحاج النميري الأندلسي:

أقول لجرد الخيل قبا بطونها

معقدة منها لحرب سباسب

طوالع من تحت العجاج كأنها

نعام بكثبان الصريم خواضب

ص: 50

محجلة غرأ كأن رعالها

بحار جرت فيها والجنائب

من الاعوجيات الصوافن ترتمي

إذا رجعت يوم القراع مقانب

وقال الأشتر النخعي:

بقيت وفري وانحرفت عن العلا

ولقيت أضيافي بوجه عبوس

إن لم أشن على ابن حرب غارة

لم تخل يوماً من نهاب نفوس

خيلاً كأمثال الثعالي شزّباً

تعدو ببيضٍ في الكريهة شوس

حمي الحديد عليهم فكأنه

ومضان برقٍ أو شعاع شموس

الثعالي: الغيلان. وقال آخر:

وهل رد عنه باللقان وقوفه

صدور المذاكي والمطهمة القبا

وقال المنخل بن الحارث اليشكري:

وعلى الجياد الضمرا

ت فوارس مثل الصقور

يخرجن من خلل الغبا

ر يجفن بالنعم الكثير

أقررت عيني من أؤل

ئك والفواتح بالعبير

وقال زفر بن الحارث:

ولما لقينا عصبة تغلبية

يقودون جردا للمنية ضمرا

سقيناهم كأساً سقونا بمثله

ولكنهم كانوا على الموت أصبرا

وهي من الشهادة لأعدائه بالصبر والشجاعة.

وقال أبو القاسم بن هاني يمدح جعفر بن علي من قصيدة:

القائدي الخيل العتاق شوازباً

خزراً إلى لحظ السنان الأخزر

شعت النواصي حشرة آذانها

قب الأياطل داميات الأنسر

تنبو سنابكهن عن عفر الثرى

فيطأن في جد العزيز الأصفر

وقال النابغة الذبياني:

تأتي الجياد من الجولان قائضة

من بين منعلة ترجى ومجنوب

حتى استغاثت بأهل الملح ما طمعت

في منزل طعم نوم غير تأويب

ينضحن نضح المزاد الوفر اتأفها

شد الرواة بماء غير مشروب

قب الأياطل تردى في أعنتها

كالخاضبات من الذعر الظنابيب

شعث عليها مساعير لحربهم

شم العرانين من مرد ومن شيب

وقال:

وقد زحفوا لغسان بزحف

رجيب السرب أرعن مر جحن

بكل مجرب كالليث يسمو

على أوصال ذيال رفن

وضمر كالقداح مسومات

عليها معشر أشباه جن

ومنها أن تكون بعيدة ما بين الكعبين حتى لا يضرب بعضها بعضاً، قال ابن دريد:

لا صكك يشينه ولا فجا

ولا دخيس واهنٌ ولا شظى

لو اعتسفت الأرض فوق متنه

تجوبها ما خفت أن يشكو الوجى

يجري فتكبو الريح في غاياته

حسرى تلوذ بجراثيم السحا

تظنه وهو يرى محتجباً

عن العيون إن دأى وإن ردى

الصكك: تقارب الكعبين وتدانيهما حتى يضرب بعضهما بعضاً، والصدف: خلافه، وهو تداني الفخذين وتباعد الحافرين في التواءٍ في الرسغين أو ميل في الحافر إلى الشق الوحشي، فإن مال إلى الأنثى فهو القفد، والكتف: الذي انضمت كتفاه على وسط كاهله، والذي فيه انفراج أعالي الكتفين من عراضيفها مما يلي الكاهل، وكل هذه عيوب، والشين: العيب، والفجا: الفجج، وهو تباعد ما بين الكعبين بإفراط، والدخيس: موصل الوظيف في الرسغ، والعظيم: الذي في جوف الحافر، والوهن: الضعف، والشظى: عظم لاصق بالذراع إذا تحرك قيل شظى الفرس، أو: انتثار العصب وانشقاقه، والاعتساف: السير على غير هداية، والمتن: الظهر، وجوب الأرض: قطعها، والوجى: بلوغ الوجع إلى باطن الرسغ، والكبو: السقوط، وحسرى: معيية، وتلوذ: تدور، والذأى والردى: ضرب من العدو، وهو التقريب. وقال النابغة الجعدي:

وقد أكون أمام القوم تحملني

جرداء لا فجج فيها ولا صكك

وقال العجاج:

لا فجج يرى بها ولا فجا

إذا حجاجا كل جلد محجا

وقال المتنبي:

خرجن من النقع في عارض

ومن عرق الركض في وابل

فلما نشفن لقين السياط

بمثل صفا البلد الماحل

شفن لخمس إلى ما طلبن

قبيل الشفون إلى نازل

فدانت مرافقهن الثرى

على ثقة بالدم الغاسل

وما بين كاذتي المستغير

كما بين كاذتي البائل

فلقين كل ردينيةٍ

ومصبوحة لبن الشائل

ص: 51

فدانت مرافقهن: أي ساخت قوائمها في التراب إلى مرافقها، ثقة بأن الدم الذي يجريه ركابها يغسله ذلك التراب، والكاذة: لحم الفخذ، والمستغير: طالب الغارة، وشبه تفجج الفرس من شدة عدوه بتفجج البائل؛ لئلا يصيبه رشاشه، والردينية: الرماح، والسائلة: الناقة التي جف لبنها، فلا يصبح به إلا الفرس الكريم.

ومنها: أن يكون جلد البطن قوياً شديداً، قال النابغة الجعدي:

كأن مقط شراسيفه

إلى طرف القنب فالمنقب

لطمن بترسٍ شديد الصفا

ق من خشب الجوز لم يثقب

الشرسوف: مقطع الضلع المشرف على البطن، والصفاق: جلد البطن، والقنب: وعاء القضيب، والمنقب: وقد أخذه ابن مقبل فقال:

كأنما بين جنبيه ومنقبه

من جوزه ومناط الليث ملطوم

بترس أعجم لم تنخر مناقبه

مما تحير في آطامها الروم

وقال مرة بن محكان:

كالسيد لم ينقب البيطار سرّته

ولم يسمه ولم يلمس له عصبا

وقال آخر:

أقب لم يلمس البيطار سرته

ولم يدجه ولم يغمز له عصبا

وذلك أن البيطار ينقب بطن الدابة في سرتها حتى يسيل منها ماء أصفر ومنها أن يكون الشعر الذي في الخاصرة قوياً صلباً قال الشاعر:

طويل الحدا سليم الشظى

كريم المراح صليب الخرب

الحدا: سالفة الفرس، وهو ما تقدم من عنقه، والخرب: الشعر المقشعر في الخاصرة، وقال الجعدي:

شديد فلاة الموقفين كأنما

به نفسٌ أو قد أراد ليزفرا

ومنها أن يكون الشعر المتدلي في مؤخر الرسغ طويلاً أسود ويسمونه الثنن، قال امرؤ القيس:

لها ثنن كخوافي العقا

ب سود يفين إذا تزبئر

يفين: أي يكثرن، والازبئرار: الانتفاش.

ومنها أن تكون حوافرها مدورة صلبة ليس فيها تقشر، وأن تكون سوداء أو خضراء؛ لأن البياض إن لم يكن عن تحجيل لا يكون إلاّ عن رقة الحافر قال امرؤ القيس:

لها حافرٌ مثل قعب الولي

دركب فيه وظيف عجر

القعب: القدح الصغير، والوليد: الصبي، أي: إن حافرها صغير كقدح الصبي، وذلك ممدوح لثباته، والوظيف: مستدق الذراع والساق، والعجر: الصلب. وقال ابن المعتز:

وقد أغتدي بقارحٍ

مسوم يعبوب

ينفي الحصى بحافرٍ

كالقدح المكبوب

قد ضحكت غرته

في موضع التقطيب

ولقد أبدع الببغا عبد الواحد المخزومي بقوله:

وكأنما نقشت حوافر خيله

للناظرين أهلة في الجلمد

وكأن طرف الشمس مطروف وقد

جعل الغبار له مكان الإثمد

وقال حازم في مقصورته:

يلقى الصفا الصم بوقع سنبك

لا يشتكي من وقع ولا حفا

تراه في الهيجاء مخضوب فمٍ

من لوكه للجم، مخضوب الشوى

وقال كعب:

سمر العجايات يتركن الحصى زيماً

لم يقهن رؤوس الأكم تنعيل

زيماً: أي متفرقة. وقال آخر:

وحافرٍ صلب العجى مدملقٍ

وساق هيضواتها معرق

المدملق: الحجر المدور الأملس، وقال رؤبة:

بكل موقوع النسور أخلقا

لئم يدق الحجر المدملقا

وقال حسان بن ثابت رضي الله عنه:

كأن حماتيها أرنبان

تقبضتا خيفة الجندل

وقال خالد بن عبد الرحمن:

كأن حماتها كردوس فحل

مقلصة على ساقي ظليم

وقال أبو دؤاد:

له بين حواميه

نسور كنوى القسب

وقال ابن دريد:

يرضخ بالبيد الحصى فإن رقى

إلى الربا أورى بها نار الحبا

وضمنه الصفي الحلي بقوله:

لأجعلن معقلي

مطهماً صلب المطى

يرضخ بالبيد الحصى

وإن رقى إلى الربى

يكابر السمع اللحا

ظ إثره إذا جرى

إذا اجتهدت نظراً

في إثره قلت سنى

جاد به ابن الملك ال

منصور منصور اللوا

الرضخ: - بالخاء المعجمة وبالحاء المهملة - التكسير، والبيد: القفار، والرقي: الارتفاع، والربا: ما ارتفع من الأرض، وأراد بالحبا: الحباحب، وهي دويبة تبرق بالليل كالنار التي تخرج من حوافر الخيل، قال الشاعر:

إذا افترشت خمساً أثارت بمتنه

عجاجاً وبالكدان نار الحباحب

وقال أبو العلاء المعري:

لقد جشمت طرفك مثقلاتٍ

فجشمهن أربعة عجالا

ص: 52

أذال الجري منه زبرجدياً

وما حق الزبرجد أن يذالا

وقد يلقى زبرجده عقيقاً

إذا شهد الأمير به قتالا

أخف من الوجيه يداً ورجلاً

وأكرم في الجياد أباً وخالا

وكل ذؤابةٍ في رأس خودٍ

تمنى أن تكون له شكالا

يود التبر لو أمسى حديداً

إذا حذي الحديد له نعالا

التجشيم: التكليف، والطرف: الفرس الكريم، ولا يوصف به إلاّ الذكر خاصة، والمعنى: تسوم فرسك ما يهمك، وهو يسوم قوائمه العجلة لتبلغ مرادك، وقال الصفي الحلي:

وعادية إلى الغارات ضجاً

تريك لقدح حافرها التهابا

كأن الصبح ألبسها حجولاً

وجنح الليل قمصها إهابا

جياد في الجبال تخال وعلاً

وفي الفلوات تحسبها عقابا

إذا ما سابقتها الريح فرت

وأبقت في يد الريح الترابا

وقال المتنبي:

وجرداً مددنا بين آذانها القنا

فبتن خفافاً يتبعن العواليا

تماشى بأيد كلما وافت الصفا

نقشن به صدر البزاة حوافيا

وقال امرؤ القيس:

ويخطو على صم صلابٍ كأنها

حجارة غيل وراساتٌ بطحلب

الوارسات المصفرات والطحلب ما على الماء من الخضرة. وقال آخر:

لا رحح فيها ولا اصطرار

ولم يقلب أرضها البيطار

الرحح: الحافر العريض والمصطر: المتقبض، وقال الأعشى:

وكل كميت كجذع الخضا

ب يردى على سلطان اللثم

الخضاب: النخلة والسلطات: الحوافر واللثم: الصلب، وقال آخر:

يترك خوار الصفا ركوبا

بمكربات قعبت تقعيبا

المكرب الصلب والقعب قدح من خشب يشبه به الحافر بالاستدارة. وقال آخر:

بكل وأب للحصى رضاخ

ليس بمصطرٍ ولا فرشاخ

الوأب: الشديد القوي، والفرشاخ: المنبطح، وقال طرفة بن العبد:

من عناجيج ذكور وقح

وهضبات إذا ابتل الغدر

الوقح: صلابة الحافر، والعناجيج: الجياد من الخيل، والهضب: العرق وقال أبو النجم:

لا تشتكي الحوافر الصموحا

يلتحن وجهاً بالحصى الملتوحا

الصموح الشديد، وقال الأحمر الباهلي:

تمشي بأوظفة شداد أسرها

صم السنابك لا تفي بالجدجد

الوظايف: مستدق الذراع والساق، والأسر: شدة الخلق، والجدجد: الأرض الصلبة، وقال علقمة:

وقد أقود أمام الحي سلهبة

يهدى بها نسب بالحي معلوم

لا في شظاها ولا أرساغها عتب

ولا السنابك أفناهن تقليم

سلاءة كعصي الهند غل لها

ذو فيئة من نوى قران معجوم

تتبع جوناً إذا ما هيجت زحلت

كأن دفاً على علياء مهزوم

وقال امرؤ القيس:

كأني لم أركب جواداً ولم أقل

لخيلي كري كرةً بعد إجفال

ولم أشهد الخيل المغيرة بالضحى

على هيكلٍ نهد الجزارة جوال

سليم الشظى عبل الشوى شنج النسا

له حجبات مشرفات على الفال

وصمٌ صلابٌ ما يقين من الوجا

كأن مكان الردف منه على رال

وقد أغتدي والطير في وكناتها

كغيث من الوسمي رائده خال

تحاماه أطراف الرماح تحامياً

وجاد عليه كل أسحم هطال

بعجلزةٍ قد أترز الجري لحمها

كميت كأنها هراوة منوال

ذعرت بها سرباً نقياً جلوده

وأكرعه وشي البرود من الخال

كأن الصوار إذ يجاهدن غدوة

على جمدٍ خيل تجول بأجلال

فجال الصوار واتقين بقرهبٍ

طويل القرى والروق أخنس ذيال

فعادى عداء بين ثور ونعجة

وكان عداء الوحش مني على بال

كأني بفتخاء الجناحين لقوةٍ

صيودٍ من العقبان طأطأت شملال

تخطف خزان الشرية بالضحى

وقد حجرت منها ثعالب أورال

كأن قلوب الطير رطباً ويابساً

لدى وكرها العناب والحشف البالي

العجلزة: القوية الشديدة، وهو من الأوصاف المختصة بالأنثى فقط كالسرحوبة، والقيدود: بمعنى الطويلة، وقوله:(يقين) أي: يتقين، والوجا: الحفا، أو: شق حافر الفرس من الصدع، والردف: مقعد المردوف، تسمى القطاة، والرأل: فرخ النعامة، حذفت همزته للضرورة، وقال أبو تمام غالب بن رياح الحجام الأندلسي:

وتحتي ريح تسبق الريح إن جرت

وما خلت أن الريح ذات قوائم

ص: 53

لها في المدى سبق إلى كل غاية

كأن لها سبقاً يفوق عزائمي

وهمة نفس نزهتها عن الوجى

فيا عجباً حتى العلا في البهائم

فلقيه أبو حاتم الحجازي مع جماعة على فرس في غاية الضعف وشدة الوجى، فقال له: يا أبا تمام أنشدني قولك وتحتي ريح الأبيات

، فلما أنشدها، قال أبو حاتم لجماعته: ناشدتكم الله أيجوز لحجام على فرس رمكة هزيلة عرجاء رذيلة أن يمدحها بهذه الأبيات؟ فضحك الجماعة عليه وانطلق أبو تمام يسب أبا حاتم من شدة الغيظ، وقال محمد بن الأنباري سمعت البحتري يقول أنشدني أبو تمام نفسه:

وسابحٍ هطل التعداء هتانِ

على الجراء أمين غير خوان

أظمى الفصوص ولم تظمأ قوائمه

فخل عينيك في ظمآن ريان

فلو تراه مشيحاً والحصى قلق

بين السنابك من مثنى ووحدان

ومنها أن يكون الرسغ قصيراً قال لبيد:

ولقد أغدو وما يعدمني

صاحب غير طويل المحتبل

المحتبل: محل وضع الحبل، وهو الرسغ.

ومنها أن تكون اللحمة التي في باطن الحافر المسماة بالنسر صلبة يابسة، قال الشماخ:

مفج الحوامي عن نسور كأنها

نوى القسب ترت عن جريم ملجلج

التر: السقوط، والجريم: المصروم، والملجلج: ما مضغ ثم قذف به لصلابته.

وقال ابن دريد:

ركبن في حواشب مكتنةٍ

إلى نسورٍ مثل ملفوظ النوى

وقال سلمة بن الخوشب:

عدوت بها تدافعني سبوحٌ

فراش نسورها عجم جريم

وقال العجاج: في رسغ لا يشتكي الحوشبا=مستبطناً من الصميم عصبا الحوشب: حشو الحافر، والذي يكون فيه يسمى الجبة، وما بين اللحم والعصب يسمى: دخيساً، وقال علقمة بن عبدة:

سلاءة كعصي الهند غل لها

ذو فيئة من نوى قران معجوم

أي لها في بطون حوافرها نسور صلاب كأنها نوى قران.

ومنها أن يكون شعر بدنها رقيقاً قصيراً، قال طفيل بن عوف الغنوي:

وبيتٍ تهب الريح في حجراته

بأرض عضاة بانه لم يحجب

سمادته أثمال برد مفوف

وصهوته من اتحمي مصعب

وأطنابه أرسان جرد كأنها

صدور القنا من باديء ومعقب

يكف على قومٍ تدور رماحهم

عروق الأعادي من غرير وأشيب

وفينا ترى الطولى وكل سميدعٍ

مدربٍ حربٍ وابن كل مدرب

طويل نجاد السيف لم يرض خطةً

من الخسف خواض إلى الموت محرب

وفينا رباط الخيل كل مطهم

وخيل كسرحان الغضا المتأوب

تباري تراخيها الزجاج كأنها

ضراء أحست تبأة من مكلب

مغاور من آل الوجيه ولاحق

عناجيج فيها لذة لمعقب

وكمت مدممة كأن متونها

جرى فوقها واستشعرت لون مذهب

وآذانها وحف كأن ذيولها

تجر أشاء من سميحة مطرب

وهضن الحصا حتى كأن رضاضه

ذرى برد من وابل متحلب

الحجرات: جمع حجرة، بضم الحاء المهملة وسكون الجيم، والعضاهة: الشجرة العظيمة، والوجيه واللاحق: اسمان لفرسين مشهورين، والعناجيج: جياد الخيل، والمدممة: شدة الحمرة المشابهة للدم، والمتن: الظهر، وقال امرؤ القيس:

وقد أغتدي والطير في وكناتها

بمنجردٍ قيد الأوابد هيكل

مكر مفر مقبل مدبر معاً

كجلمود صخرٍ حطه السيل من عل

وقال أيضاً:

وقد أغتدي والطير في وكناتها

بمنجرد عبل اليدين قبيض

وقال:

وقد أغتدي والطير في وكناتها

وماء الندى يجري على كل مذنب

وقال الأسدي في مقصورته:

وقد أغتدي في سفور الصباح

بأجرد كالسيل عبل الشوى

له كفل أيد مشرف

وأعمدة لا تشكي الوجى

وأذن مؤللة حشرة

وشدق رحاب وجوف هوا

ولحيان مدا إلى منخر

رحيب وعوج طوال الخطا

له تسعة طلن من بعد أن

قصرت له تسعة في الشوى

وسبع عرين وسبع كسين

وخمس رداءٍ وخمس ظما

وسبع قربن وسبع بعد

ن منه فما فيه عيب يرى

وسبع غلاظ وسبع رقاق

وصهوة عير ومتن خطا

حديد الثماني عريض الثماني

شديد الصفاق شديد الظما

وفيه من الطير خمس فمن

رأى مثله فرساً يقتنى

غرابان فوق قطاة له

ونسر ويعسوبه قد بدا

ص: 54

كأن بمنكبه إذ جرى

جناحاً يقلبه في الهوا

وقد استقصى في هذه الأبيات وصف الفرس أتم استقصاء؛ فالسيد: الذئب، ويوصف بالجردة لقلة شعره، والعبل: الممتلئ، والشوى: الأطراف، والكفل: أعلى الوركين، والأيد: القوي، والمشرف: العالي، وأراد بالأعمدة: القوائم - على الاستعارة -، والوجى: وجع في حافر الفرس، إذا رق من المشي حافياً، والمؤللة: المحددة، والحشرة: اللطيفة الرقيقة، والمحمود في أذن الفرس: أن تكون رقيقة الطرف إلى الطول منتصبة، والشدق: الفم، والرحاب: - كالرحيب - الواسع والهواء والفرجة بين الشيئين وقصره للضرورة، قال أبو داؤد:

أجوف الجوف فهو منه هواه

مثل ما جاف أبزن النجار

الأبزن: فارسي معرب، وهو شيء مجوف يتخذ من الخشب للماء، واللحيان: عظما اللهزمتين وهما اللتان تحت الأذن إلى طرف الفم، وأراد بالعوج رجليه، وبطوال الخطى سعتها لاستلزامها طول الرجل المستلزم لعلو الفرس. والتسعة الطويلة الممدوحة: هي الذراعان والفخذان والخدان والذيل ووالعرف والعنق. والتسعة القصيرة: هي الأرساغ الأربعة والساقان والظهر والعسيب وشعر البدن. والسبعة العارية من اللحم: القوائم الأربع والخدان وما بينهما. والسبعة المكسوة: الفخذان الوركان والجنبان والصدر. وقوله: (وسبع قربن) أي: وسبعة أعضاء قربن من سبعة: وهي رؤوس الأربعة أوظفة من الحوافر وركبتي الرجلين من الرسغين والحارك من القطاة ويلزمه قصر الظهر. والسبع التي بعدت عن مثلها: هي ركبتا اليدين من رسغيها وركبتا الرجلين من الوركين وما بين الأضلاع وبين الرأس والكتف وهو الحارك وبين الناصية والجحفلة. والسبعة الغلاظ: الركب الأربع والفخذان والعنق. والسبعة الرقاق: الأذنان والجحفلتان والأسنان واللسان والشعر، والصهوة: موضع السرج، والعير: حمار الوحش، أي: وفي ظهره قليل انحطاط. والثمانية المحددة، أي رقيقة الأطراف: وهي العرقوبان والأذنان وأطراف اللحيين وطرف العسيب والرأس. والثمانية العريضة: هي الفخذان والوركان والمنكبان واللحيان، وقوله:(شديد الصفاق) أي نواحي الجنبين، والمطا: الظهر، أي: قوي الظهر والجوانب. وقوله: (وفيه من الطير خمس) فسرها بقوله غرابان إلخ

والغرابان: طرفا الوركين الأسفلين، والقطاة: مقعد الردف، والنسر: بطن الحافر، واليعسوب: الغرة على قصبة الأنف، وقال آخر:

كأن قوادي والقيان هوت به

من الحقب جرداء اليدين وثيق

الأجرد: الذي رق شعره وقصر، وقال آخر:

وجردٍ طار باطلها تسيلاً

وأحدث قمؤها شعراً قصارا

وقال عمرو بن كلثوم في معلقته:

وتحملنا غداة الروع جردٌ

عرفن لنا نقائد وافتلينا

وردن دووارعاً وخرجن شعثاً

كأمثال الرصائع قد بلينا

ورثناهن عن آباء صدقٍ

ونورثها إذا متنا بنينا

أي: وتحملنا في الحروب خيل رقيقات الشعر قصيراته عرفن بأنهن لنا، وفطمن عندنا، ودروع الخيل: تجافيفها، أي: وردت وعليها التجافيف، وهي آلة يلبسونها للفرس في الحرب، وخرجت شعثاً قد بليت بعقد الأعنة لما نالها من الكلال والمشاق، وقد ورثناها من آباء كرام صادقين في القول والفعل وترثها منا أبناؤنا بعد موتنا، وقال المتنبي:

ومقانبٍ بمقانبٍ غادرتها

أقوات وحشٍ كن من أقواتها

أقبلتها غرر الجياد كأنما

أيدي بني عمران في جبهاتها

الثابتين فروسةً لجلودها

في ظهرها والطعن في لباتها

العارفين بها كما عرفتهم

والراكبين جدودهم أماتها

فكأنما نتجت قياماً تحتهم

وكأنهم ولدوا على صهواتها

إن الكرام بلا كرامٍ منهم

مثل القلوب بلا سويداواتها

المقنب: الجماعة من الثلاثين إلى الأربعين، والواو في قوله:(والطعن) للحال، أي: أن الطعن نزف الخيل، وهم يثبتون في تلك الحال، وإذا خفضت فمعناه يثبتون في ظهورها ثبات الطعن، وقوله:(والعارفين) أي: أن هذه الخيل تعرفهم كما يعرفونها لأنها تناسلت عندهم، وجدودهم كانوا يركبون أماتها - ويقال الأمات فيما لا يعقل، والأمهات تطلق على من يعقل، ويجوز العكس - ويشبهه قول الصفي الحلب في السيد النقيب مجد الدين:

إذا افتخر الأقوام يوماً بمجدهم

فإنك من قوم بهم يفخر المجد

ص: 55

تعود متن الصافنات صغيرهم

إلى أن تساوي عنده السرج والمهد

وقوله في السلطان الصالح شمس الدين:

من القوم في متن الجياد ولادهم

كأن متون الصافنات مهود

غيوث لهم يوم الجياد من الظبا

بروق ومن وطء الجياد رعود

وقول أبي العلاء المعري:

يا ابن الألى غير زجر الخيل ما عرفوا

إذا تعرف العرب زجر الشاء والعكر

والقائديها مع الأضياف تتبعها

ألافها وألوف اللأم والبدر

جمال ذا العصر كانوا في الحياة وهم

بعد الممات جمال الكتب والسير

وافقتهم في اختلاف من زمانكم

والبدر في الوهن مثل البدر في السحر

الموقدون بنجد نار باديةٍ

لا يحضرون وفقد العز في الحضر

إذا همى القطر شبتها عبيدهم

تحت الغمائم للسارين بالقطر

من كل أزهر لم تأشر ضمائرهم

للثم خدٍ ولا تقبيل ذي أشر

لكن يقبل فوه سامعي فرسٍ

مقابل الخلق بين الشمس والقمر

كأن أذنيه أعطت قلبه خبراً

عن السماء بما يلقى من الغير

يحس وطء الرزايا وهي نازلةٌ

فينهب الجري فعل الحارث المكر

من الجياد التي قد كان عودها

بنو الفصيص لقاء الطعن بالثغر

تغني عن الورد أن سلوا صوارمهم

أمامها لاشتباه البيض بالغدر

وكانوا يزجرون الخيل بلفظة: هلا أو اجذم أو هيا أو أرحب. قال الكميت:

نعلمها هيا وهلا وأرحبا

واجذم في أبياتنا ولنا قدم

وقال عدي بن الرقاع:

هن عجم وقد علمن من القو

ل هيا واقدمي رآء وقومي

روي أن رجلاً عرض بليلى الأخيلية بقوله:

ألا حييا ليلى وقولا لها هلا

فقد ركبت طرفاً أغر محجلا

فأجابته:

تعيرني داءً بأمك مثله

وأي جواد لا يقال له هلا

ومنها أن تكون كثيرة المنازعة للجام، قال ابن مقبل:

وأخلج نهاماً إذا الخيل أرعلت

جرى بسلاح الكهل والكهل أجرد

الأخلج: الطويل الذي يخلج العنان، أي: يجذبه، وقال حسان بن ثابت رضي الله عنه:

تظل جيادنا متمطراتٍ

يلطمهن بالخمر النساءُ

يناعن الأعنة مصعداتٍ

على أكتادها أسدٌ ضراء

يلطمهن: أي ينفضن الغبار عنهن بخمرهن، وقال الأفوه الأزدي:

وخيل عالكات اللجم فينا

كأن كماتها أسد الضريب

وقال طرفة بن العبد:

وفحول هيكلات وقح

أعوجيات على الشأو أزم

وقنا جرد وخيل ضمر

شذب من طول تعلاك اللجم

وقال كعب بن مالك:

ونزائعاً مثل الجبال نأى بها

علف الشعير وجودة الأقصاب

فتحوط سالمة الذمار وتارة

تردي العدا وتؤوب بالأسلاب

وقال آخر:

تغضب أحياناً على اللجام

كغضب النار على الضرام

أي: تعض على اللجام من حرصها كالغضبانة. وقال آخر:

وترى الكميت أمامه

وكأنه رجل مغاضب

وقال بشر:

إذا خرجت أوائلهن شعثاً

محجلة نواصيها قتام

ينازعن الأعنة مصغيات

كما يتفارط الثمد الحيام

وقال خفاف بن ندبة:

وخيل تهادى لا هوادة بيننا

شهدت بمدلوك المعاقم محنق

المدلوك: المدكوك، والمعاقم: فقر بين الفريدة والعجب في مؤخر الصلب، والحنق: الغضب، وقال عنترة:

تقدم وهو مصطبر مصر

بقارحة على فاس اللجام

وقال يزيد بن الحكم الثقفي:

واعلم بأن الحرب لا

يسطيعها المرح السؤوم

والخيل أجودها المنا

هب عند كبتها الأزوم

الأزوم: العضوض على اللجام، وقال أبو فراس الحمداني:

وسرنا بالخيول إلى نمير

تجاذبنا أعنتها جذابا

وقال ابن عبد الصمد:

على سابح فرد يفوت بأربع

له أربع منها الصبا والشمائل

من الصبح خوان العنان كأنه

مع البرق سار أو مع الليل سائل

وقال النصيب في مدح الفضل بن الربيع:

قاد الجياد إلى العداة كأنها

رجل الجراد تسوقهن جنوب

وقنا تبارى في الأعنة شزباً

تدع الحزون كأنهن سهوب

من كل مضطرب العنان كأنه

ذيب يبادره الفريسة ذيب

تهوى بكل مغاور عاداته

صدق اللقاء فما له تكذيب

ص: 56

وقال المعقر بن أوس:

وكل طموح في العنان كأنها

إذا اغتمست في الماء فتخاء كاسر

لها ناهض في المهد قد نهدت له

كما نهدت للبعل حسناء عاقر

وقال النابغة الذبياني:

خيل صيام وخيل غير صائمة

تحت العجاج وأخرى تعلك اللجما

يقال: صام الفرس إذا قام على غير اعتدال. وقال:

وأخرج من تحت العجاجة صدره

وهز اللجام رأسه فتصلصلا

وأم هوانا لا ينادي وليده

وشد ومر بالعنان ليرسلا

وقال أبو العلاء:

أليس الذي قاد الجياد مغذةً

روافل في ثوبٍ من النقع ذائل

يكاد يذيب اللجم تأثير حقدها

فيمنعها من ذاك برد المناهل

وما وردتها من صدى غير أنها

تريد بورد الماء حفظ المساحل

وعادت كأن الرثم بعد ورودها

أعرن احمرار الأفق فوق الجحافل

وقال:

كماة إذا الأعراف كانت أعنةً

فمغنيهم حسن الثبات عن الحزم

يطيلون أرواق الجياد وطالما

ثنوهن عضبا غير روق ولا جم

إذا ملأتهن القنا جبريه

وغيظاً فأوقعن الحفيظة باللجم

ورفتن مجدول الشكيم كأنما

أشرن إلى ذاوٍ من النبت بالأزم

فوارس حرب يصبح المسك مازجاً

به الركض نقعاً في أنوفهم الشم

وقال فرة بن قيس بن عاصم:

فصبحهم بالجيش قيس بن عاصم

فلم يجدوا إلا الأسنة مصدرا

على الجرد بعلكن الشكيم عوابساً

إذا الماء من أعطافهن تحدرا

فلم يرها الراؤون إلا فجأة

يثرن عجاجاً بالسنابك أكدرا

وقال المتنبي:

تجاذب فرسان الصباح أعنةً

كأن على الأعناق منها أفاعيا

بعزمٍ يسير الجسم في السرج راكباً

به ويسير القلب في الجسم ماشيا

قواصد كافورٍ توارك غيره

ومن قصد البحر استقل السواقيا

ومنها: أن تصفن على أحد حوافر يديها يقال: (صفنت الفرس) إذا قامت على ثلاث وثنت يدها الرابعة، وأما ثني الرجل فعام في العراب وغيرها بخلاف اليد فلا يكاد يوجد إلا في العراب الخلص، قال تعالى:"إذ عرض عليه بالعشي الصافنات الجياد" ومدح ابن هاني أبا القاسم الشيباني بقوله:

وعرين من كل ليث هصورٍ

كالحِ الناب أسجر الحملاق

فوقه خيطة اللجين تهادى

بيدي كل بهمةٍ مصداق

من عداد البرهان موجودة

للخلق فيها دلائل الخلاق

حسنت في العيون حتى حسبنا

ها تردت محاسن الأخلاق

قد لبسن العجاج معتكر اللون

ن ولكن الحديد مر المذاق

فإذا ما توجست منه فكراً

نصبت من مؤللاتٍ دقاق

وتراها حمر السنابك لما

وطئت في الجماجم الأفلاق

اللواتي مرقن من أضلع النص

ر له أسهم على المراق

أنت أصفيتهن حب سليما

ن قديماً للصافنات العتاق

لو رأى ما رأيت منها إلى أن

تتوارى شمس بسجف العناق

لم يقل ردوها علي ولا يط

فق مسحاً بالسوق والأعناق

وقال أيضاً:

لك الخير قلدها أعنة أمرها

فهن الصفون الملجمات العوالك

وقال الكميت:

نعلمهم بها كما علمتنا

أبوتنا جواري أو صفونا

وقال آخر:

وقام المها يقفلن كل مكبل

كمارص إيقاً مذهب اللون صافن

وقال الصفي الحلي:

وطرف أدهم الجلباب صافٍ

خفيف الجري يوم السلم صافن

شديد البأس ذو أمر مطاعٍ

مضارب كل قرم أو مطاعن

أحب إلي من تغريد شادٍ

وكأس مدامة في كف شادن

وقال الهجاج:

ألف الصفون فلا يزال كأنه

مما يقوم على الثلاث كسيرا

وقال عمرو بن كلثوم:

وأيامٍ لنا غر طوالٍ

عصينا الملك فيها أن ندينا

وسيد معشرٍ قد توجوه

بتاج الملك يحمي المحجرينا

تركنا الخيل عاكفة عليه

مقلدة أعنتها صفونا

ص: 57

ومنها: أن لا تثني سنبكها عند شرب الماء وقد مر ما اتفق لسليمان الباهلي مع عمرو بن معدي كرب، وروي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال لعمرو بن معدي كرب: كيف معرفتك بعراب الخيل؟ قال: معرفة الإنسان بنفسه وأهله وولده. فأمر بأفراس فعرضت عليه فقال: قدموا إليها الماء في التراس وهو وعاءٌ متسع قصير الجدر فمن شرب ولم يثن سنبكه فمن العراب ومن ثناه فليس منها.

ومنها: أن تكون كثيرة خفقان القلب ذكية حذرة. قال كعب بن مالك:

وكل طمرةٍ خفق حشاها

تدف دفيف صفراء الجراد

الدف: الجري. وقال آخر:

ومكفت فضل سابغة دلاص

على خيفانةٍ خفق حشاها

وقال آخر:

بشنجٍ موتر الأنساء

جابي الضلوع طفق الأحشاء

وقال الأعشى:

كم فيهم من شطبة خفيقٍ

وسابحٍ ذي ميعةٍ ضامر

الشطبة: الفرس الطويلة، ولا يوصف به الذكر.

وقال امرؤ القيس:

على الزيل جياش كأن اهتزامه

إذا جاش فيه حميه غلي مرجل

وقال عنترة العبسي:

ولي فرس يحكي الرياح إذا جرى

لأبعد شأواً من بعيد مرام

يجيب إشارات الضمير حساسة

ويغنيك عن صوتٍ له ولجام

وقال المتنبي:

وأدبها طول القتال فطرفه

يشير إليها من بعيد فتفهم

تجاوبه فعلاً وما يعرف الوحى

ويسمعها لحظاً وما يتكلم

وكان للمتنبي في أنطاكية مهر يسمى الطخرور فتعذر عليه المرعى لكثرة الثلج فقال:

ما للمروج الخضر والحدائق

يشكو خلاها كثرة العوائق

أقام فيها الثلج كالمرافق

يعقد فوق السن ريق الباصق

ثم مضى لا عاد من مفارق

بقائد من ذوبه وسائق

كأنما الطخرور باغة آبقٍ

يأكل من نبت قصير لاصق

كقشرك الحبر عن المهارق

أروده منه بكالشوذانق

بمطلق اليمنى طويل الفائق

عبل الشوى مقارب المرافق

رحب اللبان نائه الطرائق

ذي منخر رحب وإطل لاحق

محجل نهدٍ كميتٍ زاهق

شادخة غرته كالشارق

كأنها من لونه في بارق

باقٍ على البوغاء والشقائق

والأبردين والهجير الماحق

للفارس الراكض منه الواثق

خوف الجبان في فؤاد العاشق

كأنه في ريد طودٍ شاهق

يشأى إلى المسمع صوت الناطق

لو سابق الشمس من المشارق

جاء إلى الغرب مجيء السابق

يترك في حجارة الأبارق

آثار قلع الحلي في المناطق

مشياً وإن يعد فكالخنادق

لو أوردت غب سحاب صادق

لأحسبت خوامس الأيانق

إذا اللجام جاءه لطارقٍ

شحا له شحو الغراب الناعق

كأنما الجلد لعري الناهق

منحدر عن سيتي جلاهق

بز المذاكي وهو في العقائق

وزاد في الساق على النقانق

وزاد في الوقع على الصواعق

وزاد في الأذن على الخرانق

وزاد في الحذر على العقاعق

يميز الهزل من الحقائق

وينذر الركب بكل سارقٍ

يريك خرقاً وهو عين الحاذق

يحك أنى شاء حك الباشق

قوبل من آفقةٍ وآفق

بين عتاق الخيل والعتائق

فعنقه يربي على البواسق

وحلقه يمكن فتر الخانق

أعده للطعن في الفيالق

والضرب في الأوجه والمفارق

والسير في ظل اللواء الخافق

يحملني والنصل ذو السفاسق

يقطر في كمي على البنايق

لا ألحظ الدنيا بعيني وامق

ولا أبالي قلة الموافق

أي كبت كل حاسد منافق

أنت لنا وكلنا للخالق

ص: 58

المروج: مرج، وهو الذي يرسل فيه الدواب، والخلاء: الكلاء الرطب، والعوائق: ما يعوق الشيء، والطخرور: اسم مهره، والمهرقة: الصحيفة، والشوذانق: الشاهين، والضمير في أورد للنبات، وأدخل الباء على الكاف لأنها بمعنى مثل، والفائق: مفصل الرأس، فإذا طال طال العنق، وعبيل الشوى: غليظ الأطراف، وإذا تدانت مرافقه كان أمدح له، واللبان: الصدر، والناته: العالي، والطرائق: الأخلاق، والأطل: الخاصرة، واللاحق: الضامر، والزهق: المتوسط في السمن والهزال، والغرة: الشادخة التي ملأت الوجه، والشارق: ضوء الشمس، والبارق: السحاب، والبوعاء: الترائب، والشقائق: جمع شقيقة، الأرض ذات الرمل والحصا، وقد شبه غرته بالبرق وجسده بالسحاب، وباق: أي صبور، والأبردين: الغداة والعشي، والهجير: شد الحر، وخوف مبتدأ خبره قوله للفارس فيما تقدم، وبز: سبق، والمذاكي: جمع مذاك، الفرس الكبير، والعقائق: جمع عقيقة، الشعر الذي يخرج مع المولود، والنقانق: جمع نقنق، ذكر النعامن والخرانق: جمع خرنق، ولد الأرنب، والعقائق: طيور بلق بسواد وبياض، والخرق: ضد الحذق، والآفق من الشيء: فاضله وشريفه، والبواسق: النخل العالي، والفيالق: الكتتائب من الجيوش، والسفاسق: النصل، والموامق: المحب، وأي: حرف نداء. ولما قتل المهرجين كبست أنطاكية قال:

إذا غامرت في شرف مرومٍ

فلا تقنع بما دون النجوم

فطعم الموت في أمر حقير

كطعم الموت في أمر عظيم

ستبكي شجوها فرسي ومهري

صفائح دمعها ماء الجسوم

قربن النار ثم نشأن فيها

كما نشأ العذارى في النعيم

وفارقن الصياقل مخلصاتٍ

وأيديها كثيرات الكلوم

يرى الجبناء أن العجز عقلٌ

وتلك خديعة الطبع اللئيم

وكل شجاعةٍ في المرء تغني

ولا مثل الشجاعة في الحكيم

وكم من عائب قولاً صحيحاً

وآفته من الفهم السقيم

ولكن تأخذ الآذان منه

على قدر القرائح والعلوم

ومنها: أن تثبت في مشيها كمشي الكلاب في الهراس وهو شوك كأنه حسك. قال النابغة الجعدي:

وشعثٍ يطابقن بالدارعين

طباق الكلاب يطأن الهراسا

وقال ابن قعين:

إنا إذا الخيل عدت أكداسا

مثل الكلاب تتقي الهراسا

ومنها: أن تثب ما يعرض أمامها من حفرة وجدار عند الجري.

قال امرؤ القيس:

لها وثبات كوثب الظباء

فوادٍ خطاءٌ ووادٍ مطر

وقال أيضاً:

وأعددت للحرب وثابة

جواد المحثة والمرود

سبوحاً جموحاً وأحضارها

كمعمعة السعف الموقد

وقال القتيبي:

لها وثبات كصوب السحاب

فوادٍ خطيطٌ ووادٍ مطر

وقال آخر: يملأ عينيك بالفناء ويرضي_ك عقاباً إن شئت أو نزقا يقال: نزق الفرس إذا وثب. وقال المتنبي:

في سرج ظامئةٍ الفصوص طمرةٍ

يأبى تفردها بها التمثيلا

الطمرة: شديدة الوثب.

ومنها: أن تختال في مشيها، روى الأصمعي أن رجلاً معتوهاً جاء إلى أبي عمرو بن العلاء فقال: يا أبا عمرو ولم سميت الخيل خيلاً؟ فقال: لا أدري بل علمنا نتعلم. فقال: لاختيالها في المشي. فقال أبو عمرو اكتبوا هذه الحكمة وارووها عن معتوه وأنشد الأصمعي:

قد أطرق الحي على سابح

أسطع مثل الصدع الأجرد

لما أتيت الحي في ودقه

كأن عرجوناً بمثنى يدي

أقبل يختال في شأوه

يضرب في الأقرب والأبعد

كأنه سكران أو عابس

وابن رب حرث المورد

وقال ابن المعتز:

وقد يحضر الهيجاء في شنج النسا

تكامل في أسنانه فهو فارح

له عنقٌ يغتال طول عنانه

وصدرٌ إذا أعطيته الجري سابح

إذا مال عن أعطافه قلت شارب

عتاه بتصريف المدامة طافح

وقال:

ولقد وطئت الغيث يحملني

طرفٌ كلون الصبح حين وقد

يمشي ويعرض في العنان كما

صدق المعشق بالدلال وصد

طارت به رجل مرصعةٌ

رجامة بحصى الطريق ويد

وقال المراد:

شندف أشدق ما روعته

وإذا طوطئ طياً وطمر

الشندف: المختال في مشيه يميل من النشاط. وقال امرؤ القيس:

وإني زعيمٌ إن رجعت مملكاً

بسيرٍ ترى منه الفرانق أزورا

ص: 59