المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌تحديد اللغات السبع: - نزول القرآن على سبعة أحرف

[مناع القطان]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة

- ‌اختلاف اللهجات العربية:

- ‌اختلاف العلماء فى وجود كلمات فى القرآن بغير العربية:

- ‌نزول القرآن على سبعة أحرف

- ‌درجة حديث نزول القرآن على سبعة أحرف:

- ‌طائفة من أحاديث نزول القرآن على سبعة أحرف:

- ‌معنى الحرف فى اللّغة:

- ‌آراء العلماء فى المراد بالأحرف السبعة:

- ‌سبب اهتمام العلماء بهذا الموضوع:

- ‌الرأى الأول:

- ‌الرأى الثانى:

- ‌تحديد اللّغات السبع:

- ‌وجه تخصيص لغات تلك القبائل:

- ‌ما تدل عليه النصوص بعامة وما جاء عن لغة قريش بخاصة:

- ‌الرأى الثالث فى المراد بالأحرف السبعة:

- ‌الرأى الرابع فى المراد بالأحرف السبعة:

- ‌الرأى الخامس فى المراد بالأحرف السبعة:

- ‌الرأى السادس فى المراد بالأحرف السبعة:

- ‌الترجيح والمناقشة

- ‌الرأى المختار:

- ‌مناقشة الرأى الثانى:

- ‌مناقشة الرأى الثالث:

- ‌مناقشة الرأى الرابع:

- ‌مناقشة الرأى الخامس:

- ‌مناقشة الرأى السادس:

- ‌زيادة بيان فى ترجيح الرأى الأول:

- ‌شبهات المستشرقين:

- ‌حكمة نزول القرآن على سبعة أحرف: تتلخص حكمة نزول القرآن على سبعة أحرف فى أمور:

الفصل: ‌تحديد اللغات السبع:

من لغات سبع، فيكون إطلاق الحرف على كل كلمة منها على سبيل المجاز، من إطلاق الجزء وإرادة الكل.

‌تحديد اللّغات السبع:

واختلف أصحاب هذين الرأيين فى تحديد اللّغات السبع:

(أ) فقال أبو حاتم السجستانى «1» : نزل القرآن بلغة قريش، وهذيل، وتميم، وأزد، وربيعة، وهوازن، وسعد بن بكر.

قال أبو على الأهوازى «2» : سمعت أبا عبد الله محمد بن المعلى الأزدى «3» بالبصرة يقول: سمعت أبا بكر محمد بن دريد الأزدى «4» يقول: سمعت أبا حاتم سهل بن محمد السجستانى يقول: معنى سبعة أحرف: سبع لغات من لغات العرب، وذلك أن القرآن نزل بلغة قريش، وهذيل، وتميم، وأزد، وربيعة، وهوازن، وسعد بن بكر «5»

(1) سهل بن محمد بن عثمان السجستانى، إمام البصرة فى النحو والقراءات واللّغة والعروض، له ثلاثون كتابا ونيف، منها: المختصر فى النحو على مذهب الأخفش وسيبويه، والأضداد، توفى سنة 248 هـ، وقيل: 250 هـ (انباه الرواة للقفطى 2/ 58).

(2)

الحسن بن على بن إبراهيم بن يزداد، مقرئ الشام فى عصره- ت 446 هـ (ميزان الاعتدال للذهبى، تحقيق على البجاوى 1/ 512، ط. دار المعرفة- بيروت).

(3)

محمد بن المعلى بن عبد الله الأسدي، أبو عبد الله الأزدى النحوى اللّغوى، كان حيا قبل سنة 315 هـ (بغية الوعاة ص 106، ومعجم المؤلفين لكحالة 12/ 42 ط. دمشق).

(4)

محمد بن الحسن بن دريد، أبو بكر الأزدى اللّغوى الشافعى، يقال له: أشعر العلماء، وأعلم الشعراء، (ت 321 هـ)، من تصانيفه: كتاب الجمهرة فى اللّغة، وكتاب الاشتقاق، وكتاب غريب القرآن (انباه الرواة 3/ 92، وبغية الوعاة ص 30).

(5)

المرشد الوجيز ص 93، 94

ص: 41

واستنكر هذا القول ابن قتيبة «1» ، فيما نقله عنه ابنه، محتجا بقوله تعالى: وَما أَرْسَلْنا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ «2» :

ما لم تكن هذه اللّغات السبع فى بطون قريش.

قال أبو علىّ الأهوازى: سمعت أبا الحسن علىّ بن إسماعيل بن الحسن القطان «3» ، يقول: سمعت أبا جعفر أحمد بن عبد الله بن مسلم «4» يقول:

سمعت أبى يقول: عن أبى حاتم السجستانى- وهذا القول عظيم من قائله، لأنه غير جائز أن يكون فى القرآن لغة تخالف لغة قريش، لقوله تعالى:

وَما أَرْسَلْنا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسانِ قَوْمِهِ إلّا أن يكون القائل لهذا أراد ما وافق من هذه اللّغات لغة قريش «5» .

ويؤيد هذا الاعتراض ما جاء فى حديث جمع القرآن الكريم فى عهد عثمان رضى الله عنه، حين ندب لهذا الأمر زيد بن ثابت، وعبد الله بن الزبير، وسعيد بن العاص، وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام، وقال للرهط القرشيين الثلاثة: إذا اختلفتم أنتم وزيد بن ثابت فى شيء من القرآن فاكتبوه بلسان قريش فإنه إنما نزل بلسانهم «6» .

(1) عبد الله بن مسلم بن قتيبة الدينورى أبو محمد، من أئمة الأدب، ومن المصنفين المكثرين، من كتبه: تأويل مختلف الحديث، وأدب الكاتب، وتأويل مشكل القرآن- ت 276 هـ (وفيات الأعيان 1/ 314).

(2)

إبراهيم: 4

(3)

على بن إسماعيل بن الحسن بن إسحاق، أبو الحسن البصرى القطان، المعروف بالخاشع، توفى سنة 390 هـ (غاية النهاية فى طبقات القراء، لابن الجزرى 1/ 526 ط. القاهرة).

(4)

أحمد بن عبد الله بن مسلم بن قتيبة الدينورى، قاض فقيه، كان يحفظ كتب أبيه، توفى بمصر سنة 322 هـ (الأعلام 1/ 149).

(5)

المرشد الوجيز ص 94

(6)

من حديث رواه البخارى.

ص: 42

كما يؤيد هذا الاعتراض كذلك ما روى من إنكار عمر رضى الله عنه على ابن مسعود قراءته: «عتى حين» أى: حَتَّى حِينٍ «1» ، وكتب إليه:

إن القرآن لم ينزل بلغة هذيل، فأقرئ الناس بلغة قريش، ولا تقرئهم بلغة هذيل، أخرجه ابن عبد البر من طريق أبى داود «2» بسنده، وذلك قبل أن يجمع عثمان الناس على قراءة واحدة «3» .

وفى سنن أبى داود أن عمر كتب إلى ابن مسعود: أما بعد .. فإن الله تعالى أنزل القرآن بلغة قريش، فإذا أتاك كتابى هذا فأقرئ الناس بلغة قريش، ولا تقرئهم بلغة هذيل،

قال ابن عبد البر أبو عمر: ويحتمل أن يكون هذا من عمر على سبيل الاختيار، لا أن الذى قرأ به ابن مسعود لا يجوز، قال: وإذا أبيح لنا قراءته على كل ما أنزل فجائز الاختيار فيما أنزل عندى، والله أعلم «4» .

(ب) وقيل: نزل القرآن بلغة مضر خاصة، وقال أصحاب هذا الرأى: هذه اللّغات كلها السبع، إنما تكون فى مضر، واحتجوا بقول عثمان رضى الله عنه: نزل القرآن بلسان مضر، وروى نحوه عن عمر، وعيّنوا اللّغات السبع من مضر فقالوا: جائز أن يكون منها لقريش، ومنها لكنانة، ومنها لأسد، ومنها لهذيل، ومنها لتميم، ومنها لضبة «5» . ومنها لقيس، فهذه قبائل مضر تستوعب سبع لغات على هذه المراتب «6» .

(1) المؤمنون: 25، 54

(2)

سليمان بن الأشعث بن شداد بن عمرو، وقيل: سليمان بن الأشعث بن إسحاق بن بشير أبو داود السجستانى، الحافظ، صاحب السنن، إمام أهل الحديث فى زمانه- ت 275 هـ (تهذيب التهذيب 4/ 169).

(3)

فتح البارى 9/ 27

(4)

المرشد الوجيز ص 101

(5)

هو ضبه بن أدعم تميم بن مر، وفى بعض الروايات: تيم الرباب- والرباب: أحياء ضبة.

(6)

المرشد الوجيز ص 101

ص: 43

ويرد على هذا الرأى كذلك ما استنكره ابن قتيبة، وما ذكرناه آنفا مما يساند اعتراضه.

كما يرد عليه أن فى مضر شواذ لا يجوز أن يقرأ القرآن عليها، مثل كشكشة قيس «1» ، وعنعنة تميم «2» .

ويجاب عن ذلك:

بأن معنى قوله تعالى: إِلَّا بِلِسانِ قَوْمِهِ «3» إلا بلغة قومه، وقومه هم العرب، فالآية تشمل لغات العرب كلها.

وعن أيوب السختيانى «4» أنه قال: معنى قوله تعالى: إِلَّا بِلِسانِ قَوْمِهِ: أراد العرب كلهم.

قال أبو شامة: فعلى هذا القول لا يستقيم اعتراض ابن قتيبة على ذلك التأويل.

والمراد بقول عمر وقول عثمان رضى الله عنهما: أن القرآن نزل بلغة قريش، أو بلسان مضر، أن ذلك كان أول نزوله، ثم كان التيسير بعد ذلك على العرب

(1) الكشكشة: لهجة، يجعلون الشين مكان الكاف فى خطاب المؤنث، فيقولون فى «عليك» و «منك»:«عليش» و «منش» أو يزيدون بعد الكاف المكسورة شينا، يقولون فى «عليك»:

«عليكش» فكشكشة قيس، يجعلون كاف المؤنث شينا، فيقولون فى: جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا (مريم: 24): «ربش تحتش» وعنعنة تميم، يقولون فى «أن» «عن» فيقرءون:«فعسى الله «عن» يأتى بالفتح» (المائدة: 52)، وبعضهم يبدل السين تاء، فيقول فى «الناس»:

«النات» وهذه لغات يرغب بالقرآن عنها.

(2)

عنعنة تميم: إبدالهم العين من الهمزة ويقولون: «عن» موضع «أن» .

(3)

إبراهيم: 4.

(4)

أيوب بن أبى تميمة كيسان السختيانى، أبو بكر البصرى، من صغار التابعين، توفى سنة 131 هـ (تهذيب التهذيب 1/ 397).

ص: 44

فجاز لهم أن يقرؤه بلغاتهم، أما غير العربى فالأولى له أن يقرأه بلغة قريش لأفضليتها.

قال أبو شامة: «أشار عثمان رضى الله عنه إلى أول نزوله، ثم إن الله تعالى سهّله على الناس، فجوّز لهم أن يقرءوه على لغاتهم على ما سبق تقريره، لأن الكل لغات العرب، فلم يخرج عن كونه بلسان عربى مبين.

وأما من أراد من غير العرب حفظه فالمختار له أن يقرأه على لسان قريش، وهذا إن شاء الله تعالى هو الذى كتب فيه عمر إلى ابن مسعود رضى الله عنهما:«أقرئ الناس بلغة قريش» لأن جميع لغات العرب بالنسبة إلى غير العربى مستوية فى التعسر عليه، فإذا لا بد من واحدة منها، فلغة النبى صلى الله عليه وسلم أولى له، وإن أقرئ بغيرها من لغات العرب، فجائز فيما لم يخالف خط المصحف، وأما العربى المجبول على لغة فلا يكلّف لغة قريش لتعسرها عليه، وقد أباح الله تعالى القراءة على لغته، والله أعلم» «1» .

(ج) وقيل: اللّغات السبع، خمس منها فى هوازن: لسعيد، وثقيف، وكنانة، وهذيل، وقريش- أو ثقيف، وبنى سعد بن بكر، وبنى نصر بن معاوية، وبنى جشم، ولغتان على جميع ألسنة العرب، وتخصيص لغات هوازن لقربهم وجوارهم من منزل الوحى.

قال الأهوازى: وقال بعضهم: خمس منها بلغة هوازن، وحرفان لسائر لغات العرب، وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ربّى فى هوازن، ونشأ فى هذيل.

وقال أبو القاسم الهذلى «2» فى كتابه «الكامل» نقلا عن أبى عبيد: وقيل:

خمس لغات فى أكناف هوازن، لسعيد، وثقيف، وكنانة، وهذيل، وقريش.

(1) المرشد الوجيز ص 102

(2)

يوسف بن على بنت جبارة البكرى أبو القاسم الهذلى، مقرئ نحوى، عالم بالقراءات والعربية، كان ضرير البصر، له تصانيف فى القراءات وغيرها، منها «الكامل» فى القراءات، توفى سنة 465 هـ (غاية النهاية 2/ 397).

ص: 45

قال ابن عبد البر: وقد روى الأعمش «1» ، عن أبى صالح «2» ، عن ابن عباس قال: أنزل القرآن على سبعة أحرف، صار فى عجز هوازن منها خمسة.

قال أبو حاتم: عجز هوازن: ثقيف، وبنو سعد بن بكر، وبنو جشم، وبنو نصر بن معاوية، قال أبو حاتم: خص هؤلاء دون ربيعة وسائر العرب لقرب جوارهم من مولد النبى صلى الله عليه وسلم، ومنزل الوحى، وإنما مضر وربيعة أخوان، قال:

وأحب الألفاظ واللّغات إلينا أن نقرأ بها لغات قريش، ثم أدناهم من بطون مضر.

وروى الكلبى «3» ، عن أبى صالح عن ابن عباس قال:«القرآن على سبع لغات، منها خمس بلغة العجز من هوازن» .

قال أبو عبيد: والعجز هم: سعد بن بكر، وجشم بن بكر، ونصر بن معاوية، وثقيف، وهذه القبائل هى التى يقال لها: عليا هوازن، وهم الذين قال فيهم أبو عمرو بن العلاء «4»: أفصح العرب عليا هوازن، وسفلى تميم، فهذه عليا هوازن، وأما سفلى تميم فبنو دارم، فهذه سبع قبائل «5» .

(1) سليمان بن مهران الأسدي بالولاء، أبو محمد الكوفى الملقب بالأعمش، تابعى مشهور، كان عالما بالقرآن والحديث والفرائض- ت 148 هـ (تهذيب التهذيب 4/ 222).

(2)

باذان أبو صالح، مولى أم هانئ بنت أبى طالب، قال ابن معين: ليس به بأس، وإذا روى عنه الكلبى فليس بشيء. (تهذيب التهذيب 1/ 416).

(3)

محمد بن السائب بن بشر بن عمرو الكلبى أبو النضر الكوفى، عالم بالتفسير وأنساب العرب، كان يكذب فى رواية الحديث، وحكى الإجماع على ترك حديثه- ت 146 هـ (تهذيب التهذيب 9/ 178).

(4)

زبان بن العلاء بن عمار بن العريان بن عبد الله التميمى المازنى أبو عمرو البصرى، أحد القرّاء السبعة، توفى سنة 154 هـ (غاية النهاية 1/ 288، وبغية الوعاة ص 367).

(5)

انظر المرشد الوجيز ص 92، 93، 96، 100، 102

ص: 46