المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌مناقشة الرأى الثالث: - نزول القرآن على سبعة أحرف

[مناع القطان]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة

- ‌اختلاف اللهجات العربية:

- ‌اختلاف العلماء فى وجود كلمات فى القرآن بغير العربية:

- ‌نزول القرآن على سبعة أحرف

- ‌درجة حديث نزول القرآن على سبعة أحرف:

- ‌طائفة من أحاديث نزول القرآن على سبعة أحرف:

- ‌معنى الحرف فى اللّغة:

- ‌آراء العلماء فى المراد بالأحرف السبعة:

- ‌سبب اهتمام العلماء بهذا الموضوع:

- ‌الرأى الأول:

- ‌الرأى الثانى:

- ‌تحديد اللّغات السبع:

- ‌وجه تخصيص لغات تلك القبائل:

- ‌ما تدل عليه النصوص بعامة وما جاء عن لغة قريش بخاصة:

- ‌الرأى الثالث فى المراد بالأحرف السبعة:

- ‌الرأى الرابع فى المراد بالأحرف السبعة:

- ‌الرأى الخامس فى المراد بالأحرف السبعة:

- ‌الرأى السادس فى المراد بالأحرف السبعة:

- ‌الترجيح والمناقشة

- ‌الرأى المختار:

- ‌مناقشة الرأى الثانى:

- ‌مناقشة الرأى الثالث:

- ‌مناقشة الرأى الرابع:

- ‌مناقشة الرأى الخامس:

- ‌مناقشة الرأى السادس:

- ‌زيادة بيان فى ترجيح الرأى الأول:

- ‌شبهات المستشرقين:

- ‌حكمة نزول القرآن على سبعة أحرف: تتلخص حكمة نزول القرآن على سبعة أحرف فى أمور:

الفصل: ‌مناقشة الرأى الثالث:

أن يخرقه، فاستوثقت له الأمة على ذلك بالطاعة، ورأت أنّ فيما فعل من ذلك الرشد والهداية، فتركت القراءة بالأحرف الستة التى عزم عليها إمامها العادل فى تركها، طاعة منها له، ونظرا منها لأنفسها ولمن بعدها من سائر أهل ملتها، حتى درست من الأمة معرفتها، وتعفّت آثارها، فلا سبيل لأحد اليوم إلى القراءة بها، لدثورها وعفو آثارها، وتتابع المسلمين على رفض القراءة بها، من غير جحود منها صحتها وصحة شىء منها، ولكن نظرا منها لأنفسها ولسائر أهل دينها، فلا قراءة للمسلمين اليوم إلا بالحرف الواحد الذى اختاره لهم إمامهم الشفيق الناصح، دون ما عداه من الأحرف الستة الباقية.

وإنما جاز ترك سائر الأحرف لأن أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالقراءة بها لم يكن فرضا، وإنما كان أمر إباحة ورخصه، ولو كانت القراءة بها فرضا لوجب نقلها بمن تقوم بهم الحجة، ويزيل الشك من قرأة الأمة، وفى تركهم هذا النقل دليل على أنهم كانوا فى القراءة بها مخيّرين، بعد أن يكون فى نقلة القرآن من الأمة من تجب بنقله الحجة ببعض تلك الأحرف السبعة «1» .

‌مناقشة الرأى الثالث:

ويجاب عن الرأى الثالث الذى يرى أن المراد بالأحرف السبعة سبعة أوجه:

من الأمر، والنهى، والحلال، والحرام، والمحكم، والمتشابه، والأمثال، وما هو فى معنى ذلك من الوجوه والأنواع والمعانى- بأن عماد هذا الرأى هو الحديث الذى يرويه سلمة بن أبى سلمة بن عبد الرحمن عن أبيه عن ابن مسعود عن النبى صلى الله عليه وسلم، وقد قال فيه أبو عمر بن عبد البر: «هذا حديث عند أهل العلم لم يثبت،

(1) انظر مقدمة تفسير ابن جرير 1/ 57 - 64، وكتاب المصاحف ص 11 - 34، وروى «حرق» بالحاء المهملة، و «يحرقه» ، كما روى بالخاء المعجمة، وخرق الكتاب أو الثوب:

شققه ومزقه.

(6 - نزول القرآن).

ص: 81

وأبو سلمة لم يلق ابن مسعود، وابنه سلمة ليس ممن يحتج به، وهذا الحديث مجتمع على ضعفه من جهة إسناده، وقد ردّه قوم من أهل النظر، منهم أحمد ابن أبى عمران «1» ، فيما سمعه الطحاوى منه قال: من قال فى تأويل السبعة الأحرف هذا القول فتأويله فاسد، لأنه محال أن يكون الحرف منها حراما لا ما سواه، أو يكون حلالا لا ما سواه، لأنه لا يجوز أن يكون القرآن يقرأ على أنه حلال كله، أو حرام كله، أو أمثال كله، قال أبو عمر: ويرويه اللّيث «2» عن عقيل «3» ، عن ابن شهاب عن سلمة بن أبى سلمة عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا» «4» .

وما روى عن أبى قلابة، قال فيه الشيخ أحمد شاكر: هذا حديث مرسل، فلا تقوم به حجّة «5» .

وسائر ما روى فى هذا الباب لا يخرج عن أن يكون بيانا لأسماء الله تعالى التى وردت فى مواضع متعددة من القرآن، أو تأويلا للحديث بحمله على أنواع من العلوم دون سند أو دليل بتكلف وتمحل.

وظاهر الأحاديث يدل على أن المراد بالأحرف السبعة أن الكلمة تقرأ على وجهين أو ثلاثة إلى سبعة توسعة للأمة، والشيء الواحد لا يكون حلالا وحراما فى آية واحدة، والتوسعة لم تقع فى تحريم حلال، ولا تحليل حرام، ولا فى تغيير شىء من الوجوه والمعانى المذكورة.

(1) هو أحمد بن أبى عمران، أبو جعفر، الفقيه الحنفى، قاضى الديار المصرية- ت 280 هـ (شذرات الذهب 2/ 175).

(2)

اللّيث بن سعد بن عبد الرحمن الفهمى، أبو الحارث المصرى، الحافظ، إمام أهل مصر فى عصره حديثا وفقها- ت 175 هـ (وفيات الأعيان 1/ 454، تهذيب التهذيب 8/ 459).

(3)

عقيل بن خالد بن عقيل الأيلى أبو خالد مولى عثمان من حفّاظ الحديث- ت 141 هـ (تهذيب التهذيب 7/ 255).

(4)

انظر تفسير الطبرى 1/ 68، والمرشد الوجيز ص 107 - 108.

(5)

تفسير الطبرى 1/ 69.

ص: 82

والذى ثبت فى الأحاديث الصحيحة أن الصحابة الذين اختلفوا فى القراءة احتكموا إلى النبى صلى الله عليه وسلم، فاستقرأ كل رجل منهم، ثم صوّب جميعهم فى قراءتهم على اختلافها، حتى ارتاب بعضهم لتصويبه إياهم،

فقال صلى الله عليه وسلم للذى ارتاب منهم عند تصويبه جميعهم: «إن الله أمرنى أن أقرأ القرآن على سبعة أحرف» .

ومعلوم أن تماريهم فيما تماروا فيه من ذلك، لو كان تماريا واختلافا فيما دلّت عليه تلاواتهم من التحليل والتحريم والوعد والوعيد وما أشبه ذلك، لكان مستحيلا أن يصوّب جميعهم، ويأمر كل قارئ منهم أن يلزم قراءته فى ذلك على النحو الذى هو عليه، لأن ذلك لو جاز أن يكون صحيحا وجب أن يكون الله جلّ ثناؤه قد أمر بفعل شىء بعينه وزجر عنه- فى تلاوة الذى دلت تلاوته على النهى والزجر عنه- وأباح وأطلق فعل ذلك الشيء بعينه، وجعل لمن شاء من عباده أن يفعله فعله، ولمن شاء منهم أن يتركه تركه، فى تلاوة من دلت تلاوته على التخيير.

وذلك من قائله- إن قاله- إثبات ما قد نفى الله جلّ ثناؤه عن تنزيله ومحكم كتابه فقال: أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ، وَلَوْ كانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً «1» .

وفى نفى الله جلّ ثناؤه ذلك عن محكم كتابه أوضح الدليل على أنه لم ينزل كتابه على لسان محمد صلى الله عليه وسلم إلا بحكم واحد متفق فى جميع خلقه لا بأحكام فيهم مختلفة «2» .

(1) النساء: 82.

(2)

انظر تفسير الطبرى 1/ 48 - 49.

ص: 83