الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ولم يرد فى الأحاديث والآثار التعبير بالأوجه، وإنما ورد التعبير بالأحرف، وتأويل الأحرف بالأوجه تكلف لا حاجة إليه، ومعظم علماء اللّغة يفسّرون الأحرف باللّغات.
وغاية ما يدل عليه الاستقراء هو استنباط وجوه اختلاف القراءات أو اللّغات، وحمل هذا على الأحرف السبعة التى نزل بها القرآن يحتاج إلى دليل، ولا دليل، وهو استقراء ناقص لا يفيد الحصر فى سبعة، ولذا تفاوتت وجوه الاختلاف المستنبطة وتعددت عند القائلين بهذا الرأى.
مناقشة الرأى الخامس:
ويجاب عن الرأى الخامس- الذى يرى أن العدد سبعة لا مفهوم له- بأن الأحاديث تدل بنصها على حقيقة العدد وانحصاره:
«أقرأنى جبريل على حرف، فراجعته، فزادنى، فلم أزل أستزيده ويزيدنى حتى انتهى إلى سبعة أحرف» «1» .
فهذا يدل على حقيقة العدد المعيّن المحصور فى سبعة.
ويتضح هذا تفصيلا من رواية الإمام أحمد:
عن أبىّ بن كعب قال: «سمعت رجلا يقرأ، فقلت: من أقرأك؟ قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت: انطلق إليه، فأتيت النبى صلى الله عليه وسلم، فقلت: استقرئ هذا،
(1) أخرجه البخارى ومسلم.
(2)
أخرجه مسلم.
فقال: «اقرأ» ، فقرأ، فقال:«أحسنت» ، فقلت له: أو لم تقرئني كذا وكذا، قال:«بلى» ، وأنت قد أحسنت، فقلت بيدى: قد أحسنت مرتين! قال: فضرب النبى صلى الله عليه وسلم بيده فى صدرى، ثم قال:«اللهم أذهب عن أبىّ الشك» ، ففضت عرقا، وامتلأ جوفى فرقا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يا أبىّ، إنّ ملكين أتيانى، فقال أحدهما: اقرأ على حرف، فقال الآخر: زده، فقلت:
زدنى، قال: اقرأ على حرفين، فقال الآخر: زده، فقلت: زدنى، قال:
اقرأ على ثلاثة، فقال الآخر: زده، فقلت: زدنى، قال: اقرأ على أربعة أحرف، قال الآخر: زده، قلت: زدنى، قال: اقرأ على خمسة أحرف، قال الآخر: زده، قلت: زدنى، قال: اقرأ على ستة، قال الآخر: زده، قال:
اقرأ على سبعة أحرف، فالقرآن أنزل على سبعة أحرف» «1» .
فهذه الاستزادة المتتابعة العدد تقطع بأن المراد بالأحرف السبعة حقيقة السبعة الواقعة بين الستة والثمانية، ولا تحتمل تأويلا، وكلها نزل بها الوحى حرفا حرفا.
وقد رد ابن المنير «2» على من قال بواو الثمانية فى مثل قوله تعالى:
وَثامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ «3» مؤيدا من أنكر ذلك فقال: «وهو الصواب، لا كمن يقول: إنها واو الثمانية، فإن ذلك أمر لا يستقر لمثبته قدم، ويعدون من هذه الواو قوله فى الجنة: وَفُتِحَتْ أَبْوابُها «4» بخلاف أبواب النار، فإنه قال فيها: فُتِحَتْ أَبْوابُها «5» ، قالوا: لأن أبواب الجنة ثمانية، وأبواب
(1) مسند الإمام أحمد بن حنبل 5/ 124.
(2)
أحمد بن محمد بن منصور الإسكندرى المالكى المعروف بابن المنير، تولى قضاء الإسكندرية، من تصانيفه:«الانتصاف من صاحب الكشاف» بيّن فيه ما تضمنه من الاعتزال وناقشه- توفى سنة 683 هـ (بغية الوعاة ص 168، الديباج ص 70، معجم المؤلفين 2/ 161).
(3)
الكهف: 22.
(4)
الزمر: 73.
(5)
الزمر: 71.