المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌في ذم الشيب يدعي فيه الإبداع - نصرة الثائر على المثل السائر

[الصفدي]

فهرس الكتاب

- ‌بسم الله الرحمن الرحيم

- ‌عفوك اللهم

- ‌الابتداء بالحمدلة

- ‌عجز الحريري عن إنشاء ما طلب منه

- ‌في الديوان

- ‌ثقافة الكاتب

- ‌هل تضر مخالفة النحو في معنى

- ‌هل يقدح اللحن في حسن الكلام

- ‌حول لون البقرة في الآية صفراء فاقع لونها

- ‌التأدب في الحديث عن العظماء

- ‌إنكار التلقب بالناصر على السلطان صلاح الدين

- ‌رسالة ابن زيادة البغدادي

- ‌البلاغة والفصاحة

- ‌تحديد معنى البلاغة والفصاحة

- ‌أقسام علم البيان

- ‌الاستعارة والكناية

- ‌تعليلات النحاة

- ‌ما يشترك فيه الكاتب والشاعر

- ‌كيف يستفيد الكاتب المنشىء

- ‌من التراث الأدبي

- ‌الصفدي ينتقد ابن الأثير في بعض من إنشائه

- ‌ادعاء ابن الأثير الإبداع في رسالة له

- ‌في ذم الشيب

- ‌مناقشة مثال لابن الأثير

- ‌مناقشة مثال آخر لابن الأثير

- ‌نماذج من إنشاء ابن الأثير والنقاش حولها

- ‌مناسبة اللفظ للمعنى

- ‌اللفظ والتركيب

- ‌هل سورة النجم مسجوعة على حرف الياء

- ‌مناسبة اللفظ للمعنى

- ‌ونماذج من خطب ابن نباته

- ‌الموضوعات والألفاظ

- ‌مناسبة اللفظ للسجع

- ‌مناقشة حول معنى أخطا فيه ابن الأثير

- ‌في إنشائه

- ‌عودة إلى الإبتداء بالحمد

- ‌أقسام التصريع

- ‌كلامه على التجنيس

- ‌التجنيس المعكوس

- ‌التجنيس المجنب

- ‌لزوم ما لا يلزم

- ‌مناقشة حول معنى أخطأ ابن الأثير فيه

- ‌في إنشائه

- ‌لفظة خود متى تكون حسنة أو قبيحة

- ‌هل كلمة الإمة بالكسر فصيحة

- ‌حول المعاظلة اللفظية

- ‌من أنواع المعاظلة

- ‌رد التعصب

- ‌حول وصل همزة القطع وقطع همزة الوصل

- ‌هل صح اطلاع بعض الشعراء والكتاب

- ‌على حكم اليونان وعلومهم

- ‌شاهد الحال ودوره في استخراج المعاني

- ‌فضل المتنبي في لاميته في خيمة سيف الدولة

- ‌هل أبدع أبو نواس في أبياته

- ‌هل يمكن إبداع معنى من معنى غير مبتدع

- ‌مناقشة نموذج من إنشاء ابن الأثير

- ‌نماذج من إنشاء ابن الأثير يدعي فيها التقدم

- ‌الحسن في أبيات ابن بقي

- ‌أحسن ما قيل في الخمر وكأسها

- ‌نماذج من إنشاء ابن الأثير يدعي فيها السمو

- ‌نموذج من إنشاء ابن الأثير

- ‌في ذم الشيب يدعي فيه الإبداع

- ‌مناقشة نموذج من إنشاء ابن الأثير

- ‌نموذج من إنشاء ابن الأثير يدعي فيه الإبداع

- ‌مناقشة رسالة لابن الأثير من عاشق إلى معشوق

- ‌مناقشة نموذج من إنشاء ابن الأثير

- ‌رسالة لابن الأثير في وصف قسي البندق وحامليها

- ‌هل من شرط بلاغة التشبيه

- ‌أن يشبه الشيء بما هو أكبر منه وأعظم

- ‌مناقشة حول التشبيه في أبيات أحد الشعراء

- ‌مناقشة نماذج من التشبه من إنشاء ابن الأثير

- ‌براعة التشبيه في بيت للبحتري

- ‌مناقشة نموذج آخر من إنشاء ابن الأثير

- ‌الالتفات في بعض الآيات

- ‌اقحام النحو

- ‌حول توكيد الضميرين

- ‌ابن الأثير يناقش المتنبي في بعض شعره

- ‌ حول ورود أن بعد لما

- ‌وأثرها في الدلالة على تراخي الزمن

- ‌حول الكناية

- ‌حول المغالطات المعنوية

- ‌الأحاجي والمغالطات في مقامات الحريري

- ‌الفرق بين الإلغاز والوصف

- ‌أمثلة من وصف السفن

- ‌مناقشة الصفدي لابن الأثير

- ‌في تعليقه على لغز في حمام

- ‌من أقوالهم في الحمام

- ‌أمثلة على الألغاز الحسان

- ‌ومناقشة‌‌ الفرق بين اللغز والتعريض

- ‌ الفرق بين اللغز والتعريض

- ‌المبادىء والافتتاحات

- ‌من المحاسن افتتاح الكتاب بآية أو حديث أو بيت شعر

- ‌في التخلص والاقتضاب

- ‌التخلص في القرآن الكريم

- ‌حول أمثلة من ذلك أوردها ابن الأثير من القرآن الكريم

- ‌نماذج من التخلص في إنشاء ابن الأثير

- ‌التناسب بين المعاني ومناقشة أمثلة من ذلك

- ‌مناقشة ابن الأثير في الاقتصاد والتفريط والإفراط

- ‌المفاضلة بين التسميتين الإرصاد والتوشيح

- ‌حول السرقات الشعرية

- ‌الاقتصاد في اللفظ

- ‌بين النثر والنظم

الفصل: ‌في ذم الشيب يدعي فيه الإبداع

خاف الملال إذا طالت إقامته

فصار يظهر أحيانا ويحتجب

كأنه حين يبدو من مطالعه

صبٌ يقبّل حبّا وهو يرتقب

وذكرت هنا قول بعض المتأخرين في زر ورد.

سبقت إليك من الحدائق وردةٌ

وأتتك قبل أوانها تطفيلا

طمعت بلثمك إذ رأتك فجمّعت

فمها إليك كطالبٍ تقبيلا

وهذا من محاسن التضمين الذي نقل عن أصله، لأن المتنبي قال في الناقة من جملة قصيدته:

ويغيرني جذب الزمام لقلبها

فمها إليك كطالبٍ تقبيلا

على أنه أخذه من ابن بابك، وإنما حسن ذلك التضمين. فإن ابن بابك قال:

وافى الشتاء فبز النور بهجته

فعل المشيب بشعر الّلمّة الرّجل

وردٌ تفتح ثم ارتدّ مجتمعا

كما تجمّعت الأفواه للقبل

وما أحسن قول مجير الدين محمد بن تميم في اللينوفر:

غدا اللينوفر المصفرّ يحكي

النّجوم فلا يغادرها شبيها

تغوص العين فيه إذا تجلّى

النّهار وفي الظلام يغوص فيها

وقد استخدم العين هنا في معنين: أولهما العين الباصرة، والثاني العين الجارية وقول ابن حمديس الصقلي:

اشرب على بركة لينوفرٍ

مصفرة الأوراق خضراء

كأنما أزهارها أخرجت

ألسنة النار من الماء

وما ألطف قول التنوخي من جملة أبيات:

ألف المياه مشاكلا بلطافةٍ

حتى يفارق شكله لم يصبر

فيقوم طورا ثم يرفع رأسه

بتخنّثٍ وتأودٍ وتكسّر

وكأنه في الماء صاحب مذهبٍ

أغراه وسواسٌ بأن لم يطهر

وقول الآخر:

كأن لينوفرها عاشقٌ

نهاره يرقب وجه الحبيب

حتى إذا الليل بدا سجفه

وانصرف المحبوب نحو الكئيب

غمّض عينيه عسى أن يرى

في النوم من فاز به عن قريب

وبالغ الآخر في الظرف حين قال:

وكأنه إذ غاب وقت مسائه

في الماء واحتجبت نضارة قده

صبٌّ يهدده الحبيب بهجره

ظلما فغرّق نفسه من وجده

وقال الوجيه ابن الذروي يهجو اللينوفر المصري:

ولينوفرٍ أبدى لنا باطنا له

مع الظاهر المخضر جمرة عندم

فشبهته لما قصدت هجاءه

بكاسات حجّامٍ بها لوثة الدم

‌نموذج من إنشاء ابن الأثير

‌في ذم الشيب يدعي فيه الإبداع

قال: ومن ذلك ما ذكرته في ذم الشيب فقلت: والشيب إعدام لا يسار، وظلم لا أنوان، وهو الموت الأول الذي يصلي نارا من الهم أشد وقودا من النار، ولئن قال قوم إنه جلالة فإنهم دقوا به وما جلوا، وأفتوا في وصفه بغير علم فضلوا وأضلوا، وما أراه إلا محراثا للعمر ولم تدخل آلة الحرث دار قوم إلا ذلوا. ون عجائب شأنه أنه المملول الذي يشفق من بعده، والخلق الذي يكره نزع بدره، ولما فقد الشباب كان عنه عوضا ولا عوض عنه في فقده.

أقول: إنه أخذ بعد فراغه من هذا الفصل في الدندنة على العادة، وأن المعنى الذي ابتدعه هو تشبيه الشيب بآلة الحرث، وقد شبه الناس الشيب بأشياء منها اشتعال النار، وقد نطق القرآن العظيم به في قوله تعالى " واشتعل الرأس شيبا ".

وقال الأرجاني:

قد أشعل الشيب رأسي المبلا عجلا

والشمع عند اشتعال الرأس ينسبك

فإن يكن راعها من لونه يققٌ

فطالما راقها من لونه حلك

ومنها تشبيه بالصبح، قال:

وقالوا انتبه من رقدة اللهو والصبا

فقد لاح صبحٌ في دجاك عجيب

فقلت: أخلاّني دعوني ولذّتي

فإن الكرى عند الصباح يطيب

ومنها تشبيهه بالنجوم، قال:....

ومنها تشبيهه بالتبسم. قال أبو تمام:

رأت تبسّمه فاهتاج هائجها

وقال لاعجها للعبرة انسكبي

فلا يؤرّقك إيماض القتير به

فإنّ ذاك ابتسام الرأي والأدب

ومنها تشبيهه بالحبب. قال....

ومنها تشبيهه بالغبار قال ابن المعتز:

صدّت شرير وأزمعت هجري

وضعت ضمائرها إلى الغدر

قالت كبت وشبت قلت لها

هذا غبار وقائع الدهر

ص: 55

ومنها تشبيهه بالسيف، قال:

أنا إن نزعت عن الغواية والصبا

فلطالما استهوتني الآثام

أصبو سيفٌ للمشيب مجرّدٌ

وقلت نورٌ بدا على قضبه

ومنها تشبيهه بالزهر. قال الغزي:

تألق الشيب فاعتذرت له

وقلت نورٌ بدا على قضبه

كأن ثغر الحبيب ركّب في

مفارقي ما أضاء من شنبه

ومنها تشبيهه بالبوم والقطاة كقول الشافعي رضي الله عنه في أبياته التي منها:

أيا بومةً قد عششت فوق هامتي

على الرغم مني حين طار غرابها

وقال الغزي:

قطاةً في الهداية كان شيبي

وإن سمّته نقبته غرابا

وشبهه السراج الوارق بالقرطم، وإنما حسن ذلك لأنه رحمه الله تعالى كان أشقر. فقال.

ذهب العصفر مني

وبدا قرطم شيبي

والتي قد ملكت رق

بي ردّتني بعيبي

وقيل لأعرابي عن الشيب: ما هذا البياض الذي في رأسك؟ فقال زبدة مخضتها الأيام وفضة سبكتها التجارب.

وما أحسن قول القاضي الفاضل رحمه الله.

إليك بعد انقضاء اللهو واللعب

عني فلم أر بي ما يقتضي أربي

والعمر كالكأس والأيام تمزجه

والشيب فيه قذىً في موضع الحبب

وشبه بأشياء مناسبة غير هذه، ولم أر لأحد تشبيهه بآلة الحرث، وأي مناسبة بين آلة الحرث والشيب وما وجه الشبه وليس هذا من باب تشبيه المحسوس بالمحسوس، ولا من باب المحسوس بالمعقول، وما أدري ما هو، وأما تشبيه الهرم بالحرث نفسه فجائز وأما قوله اعدام لا يسار، فمأخوذ من قول المتنبي:

وقد أراني الشباب الروح في بدني

وقد أراني المشيب الروح في بدلي

وأما قوله ظلام لا أنوار، فمأخوذ من قول أبي تمام:

له منظرٌ في العين أبيض ناصعٌ

ولكنه في القلب أسود أسفع

وقول أبي الطيب:

ابعدت بياضا لا بياض له

لأنت أسود في عيني من الظلم

وما أحسن قول الغزي:

كيف لا ينفر الظباء من الشي

ب ومن عادة الظباء النفور

أبيضٌ مظلمٌ وكل بياضٍ

في سوى العين والمفارق نور

وأما قوله: وهو الموت الأول.. السجعة، قال محمود الوراق: الشيب إحدى الميتتين.

وقال غيره: الشيب غمام قطر الغموم.

وأما قوله: ولئن قال قوم إنه جلالة.. السجعة، فذكرت به قول بعض المتأخرين:

وقالوا شباب المرء لهوٌ وغرّةٌ

ومن خلفه شيب الوقار ولا ريب

وأي وقارٍ لامرىءٍ عرّي الصبا

وقدّامه شيبٌ ومن خلفه شيب

وأما قوله: وهو المملول الذي يشفق من بعده، فمأخوذ من قول مسلم ابن الوليد وقول مسلم في غاية الحسن:

الشيب كرهٌ وكره أن يفارقني

اعجب بشيءٍ على البغضاء مودود

يمضي الشباب فيأتي بعده بدلٌ

والشيب يذهب مفقودا بمفقود

قيل: إن المنذر بن أبي سبرة نظر إلى أبي الأسود الدؤلي وعليه قميص مرقوع فقال له: ما أصبرك على هذا القميص؟ فقال: رب مملول لا يستطاع فراقه. فبعث إليه تختا من ثياب.

ونظر سليمان بن وهب في المرآة فرأى الشيب فقال: عيب لا عدمناه وقد جاء في ترسل الفاضل ذكر الشيب فقال: فمن يطلع شرف السبعين يهبط إلى الحضيض، ومن يعمر العمر الطويل يقع في الطويل العريض وأيام المشيب كلها بيض، وما نحن ممن يصوم الأيام البيض.

وما ألطف قول ابن المعتز:

أيا نفس قد أثقلتني بذنوبي

أيا نفس كفي عن هواك وتوبي

وكيف التصابي بعد أن ذهب الصبا

وقد ملّ مقراضي عتاب مشيبي

وما أحلى قول:

ألا يا ساريا في بطن قفرٍ

ليقطع في الفلا وعرا وسهلا

قطعت نقا المشيب وبنت عنه

وما بعد النقا إلا المصلّى

ولبعض الشعراء:

ولما رأيت الشيب راءً بعارضي

تيقنت أنّ الوصل لي منك واصل

ربما يفهم من هذا البيت غير ما قصده الناظم، فيتوهم أنه يظن أن الشيب سبب لوصاله وهو على خلاف المعهود من كلام الشعراء، فإنهم ما زالوا يقولون إن الشيب سبب نفار الغواني عن المحبين.

وما أحسن قول خالد الكاتب في هذا:

ص: 56