المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌[بَابُ الْأَحْدَاثِ] 152 - (1) - حَدِيثُ أَنَسٍ: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - التلخيص الحبير - ط قرطبة - جـ ١

[ابن حجر العسقلاني]

الفصل: ‌ ‌[بَابُ الْأَحْدَاثِ] 152 - (1) - حَدِيثُ أَنَسٍ: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ

[بَابُ الْأَحْدَاثِ]

152 -

(1) - حَدِيثُ أَنَسٍ: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم احْتَجَمَ، وَصَلَّى وَلَمْ يَتَوَضَّأْ وَلَمْ يَزِدْ عَلَى غَسْلِ مَحَاجِمِهِ» الدَّارَقُطْنِيُّ بِلَفْظِهِ إلَّا أَنَّهُ قَالَ: قَالَ: فَصَلَّى، رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ، وَفِي إسْنَادِهِ صَالِحُ بْنُ مُقَاتِلٍ، وَهُوَ ضَعِيفٌ، وَادَّعَى ابْنُ الْعَرَبِيِّ؛ أَنَّ الدَّارَقُطْنِيُّ صَحَّحَهُ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ، بَلْ قَالَ عُقْبَةُ فِي السُّنَنِ: صَالِحُ بْنُ مُقَاتِلٍ لَيْسَ بِالْقَوِيِّ، وَذَكَرَهُ النَّوَوِيُّ فِي فَصْلِ الضَّعِيفِ.

(فَصْلٌ) : وَأَمَّا مَا رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ، مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا «لَيْسَ فِي الْقَطْرَةِ، وَلَا الْقَطْرَتَيْنِ مِنْ الدَّمِ وُضُوءٌ إلَّا أَنْ يَكُونَ دَمًا سَائِلًا» فَإِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ جِدًّا، فِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ بْنِ عَطِيَّةَ، وَهُوَ مَتْرُوكٌ. قَوْلُهُ: وَرُوِيَ مِثْلُ مَذْهَبِنَا عَنْ ابْنِ عُمَرَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَابْنِ أَبِي أَوْفَى، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَجَابِرٍ، وَعَائِشَةَ، أَمَّا حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ، فَرَوَاهُ الشَّافِعِيُّ فِي الْقَدِيمِ وَابْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَالْبَيْهَقِيُّ:«أَنَّهُ عَصَرَ بَثْرَةً فِي وَجْهِهِ، فَخَرَجَ شَيْءٌ مِنْ دَمِهِ فَحَكَّهُ بَيْنَ إصْبَعَيْهِ، ثُمَّ صَلَّى وَلَمْ يَتَوَضَّأْ» وَعَلَّقَهُ الْبُخَارِيُّ.

وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ: أَنَّهُ كَانَ إذَا احْتَجَمَ، غَسَلَ أَثَرَ الْمَحَاجِمِ. وَحَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ: رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ عَنْ رَجُلٍ عَنْ لَيْثٍ، عَنْ طَاوُسٍ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَقَالَ: اغْسِلْ أَثَرَ الْمَحَاجِمِ عَنْكَ وَحَسْبُكَ " وَحَدِيثُ ابْنِ أَبِي أَوْفَى ذَكَرَهُ الشَّافِعِيُّ، وَوَصَلَهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي الْمَعْرِفَةِ.

ص: 202

وَكَذَا حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ مَوْقُوفًا. وَحَدِيثُ جَابِرٍ، عَلَّقَهُ الْبُخَارِيُّ، وَوَصَلَهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ وَأَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُمَا مِنْ طَرِيقِ عَقِيلِ بْنِ جَابِرٍ، عَنْ أَبِيهِ: أَنَّ رَجُلَيْنِ مِنْ الصَّحَابَةِ، حَرَسَا فِي لَيْلَةِ غَزْوَةِ ذَاتِ الرِّقَاعِ، فَقَامَ أَحَدُهُمَا يُصَلِّي فَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ الْكُفَّارِ فَرَمَاهُ بِسَهْمٍ، فَوَضَعَهُ فِيهِ فَنَزَعَهُ، ثُمَّ رَمَاهُ بِآخَرَ فَنَزَعَهُ، ثُمَّ رَمَاهُ بِثَالِثٍ، فَرَكَعَ وَسَجَدَ، ثُمَّ انْتَبَهَ صَاحِبُهُ، فَلَمَّا رَأَى مَا بِهِ مِنْ الدِّمَاءِ قَالَ: أَلَا أَنْبَهْتَنِي؟ ، قَالَ: كُنْتُ فِي سُورَةٍ فَأَحْبَبْتُ أَلَّا أَقْطَعَهَا، وَحَدِيثُ عَائِشَةَ لَمْ أَقِفْ عَلَيْهِ.

153 -

(2) - حَدِيثُ جَابِرٍ: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: الضَّحِكُ يَنْقُضُ الصَّلَاةَ وَلَا يَنْقُضُ الْوُضُوءَ» الدَّارَقُطْنِيُّ، وَنُقِلَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ النَّيْسَابُورِيِّ أَنَّهُ قَالَ: هُوَ حَدِيثٌ مُنْكَرٌ، وَخَطَّأَ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي رَفْعِهِ، وَقَالَ: الصَّحِيحُ عَنْ جَابِرٍ مِنْ قَوْلِهِ. وَقَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: قَالَ أَحْمَدُ: لَيْسَ فِي الضَّحِكِ حَدِيثٌ صَحِيحٌ، وَكَذَا قَالَ الذُّهْلِيُّ: لَمْ يَثْبُتْ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي الضَّحِكِ فِي الصَّلَاةِ خَبَرٌ، وَأَبُو شَيْبَةَ الْمَذْكُورُ فِي إسْنَادِ حَدِيثِ جَابِرٍ، هُوَ الْوَاسِطِيُّ جَدُّ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ، وَوَهِمَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ، فَسَمَّاهُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ إِسْحَاقَ، وَرَوَى ابْنُ عَدِيٍّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ قَالَ: لَيْسَ فِي الضَّحِكِ حَدِيثٌ صَحِيحٌ، وَحَدِيثُ الْأَعْمَى الَّذِي وَقَعَ فِي الْبِئْرِ، مَدَارُهُ عَلَى أَبِي الْعَالِيَةِ، وَقَدْ اضْطَرَبَ عَلَيْهِ، وَقَدْ اسْتَوْفَى الْبَيْهَقِيّ الْكَلَامَ عَلَيْهِ فِيهِ فِي الْخِلَافِيَّاتِ، وَجَمَعَ أَبُو يَعْلَى الْخَلِيلِيُّ طُرُقَهُ فِي جُزْءٍ مُفْرَدٍ.

154 -

(3) - حَدِيثُ: أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «تَوَضَّئُوا مِنْ لُحُومِ الْإِبِلِ، وَلَا تَتَوَضَّئُوا مِنْ لُحُومِ الْغَنَمِ» أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ،

ص: 203

وَابْنُ مَاجَهْ وَابْنُ حِبَّانَ وَابْنُ الْجَارُودِ وَابْنُ خُزَيْمَةَ مِنْ حَدِيثِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ، وَقَالَ ابْنُ خُزَيْمَةَ فِي صَحِيحِهِ، لَمْ أَرَ خِلَافًا بَيْنَ عُلَمَاءِ الْحَدِيثِ أَنَّ هَذَا الْخَبَرَ صَحِيحٌ مِنْ جِهَةِ النَّقْلِ لِعَدَالَةِ نَاقِلِيهِ، وَذَكَرَ التِّرْمِذِيُّ الْخِلَافَ فِيهِ عَلَى ابْنِ أَبِي لَيْلَى، هَلْ هُوَ عَنْ الْبَرَاءِ، أَوْ عَنْ ذِي الْغُرَّةِ أَوْ عَنْ أُسَيْدِ بْنِ حُضَيْرٍ، وَصَحَّحَ أَنَّهُ عَنْ الْبَرَاءِ، وَكَذَا ذَكَرَهُ. ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ فِي الْعِلَلِ عَنْ أَبِيهِ. قُلْتُ: وَقَدْ قِيلَ: إنَّ ذَا الْغُرَّةِ لَقَبُ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ، وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ غَيْرُهُ، وَأَنَّ اسْمَهُ يَعِيشُ. وَحَدِيثُ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ؛ رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَرَوَى ابْنُ مَاجَهْ نَحْوَهُ مِنْ حَدِيثِ مُحَارِبِ بْنِ دِثَارٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ، وَذَكَرَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ فِي الْعِلَلِ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ مُنْكَرٌ، وَأَرَى لَهُ أَصْلًا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ، لَكِنَّهُ مَوْقُوفٌ.

(فَائِدَةٌ) قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: حَكَى بَعْضُ أَصْحَابِنَا عَنْ الشَّافِعِيِّ، قَالَ: إنْ صَحَّ الْحَدِيثُ فِي لُحُومِ الْإِبِلِ؛ قُلْتُ بِهِ. قَالَ الْبَيْهَقِيّ: قَدْ صَحَّ فِيهِ حَدِيثَانِ: حَدِيثُ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ، وَحَدِيثُ الْبَرَاءِ، قَالَهُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ.

155 -

(4) - حَدِيثُ جَابِرٍ: «كَانَ آخِرُ الْأَمْرِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم تَرْكُ الْوُضُوءِ مِمَّا مَسَّتْ النَّارُ» الْأَرْبَعَةُ

ص: 204

وَابْنُ خُزَيْمَةَ وَابْنُ حِبَّانَ مِنْ حَدِيثِهِ. وَقَالَ أَبُو دَاوُد: هَذَا اخْتِصَارٌ مِنْ حَدِيثِ: «قَرَّبْتُ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم خُبْزًا وَلَحْمًا فَأَكَلَ، ثُمَّ دَعَا بِوَضُوءٍ فَتَوَضَّأَ قَبْلَ الظُّهْرِ، ثُمَّ دَعَا بِفَضْلِ طَعَامِهِ فَأَكَلَ، ثُمَّ قَامَ إلَى الصَّلَاةِ وَلَمْ يَتَوَضَّأْ» . وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ فِي الْعِلَلِ عَنْ أَبِيهِ نَحْوَهُ؛ وَزَادَ: وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ شُعَيْبٌ حَدَّثَ بِهِ مَنْ حَفِظَهُ، فَوَهِمَ فِيهِ، وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: نَحْوًا مِمَّا قَالَهُ أَبُو دَاوُد، وَلَهُ عِلَّةٌ أُخْرَى: قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي سُنَنِ حَرْمَلَةَ: لَمْ يَسْمَعْ ابْنُ الْمُنْكَدِرِ هَذَا الْحَدِيثَ مِنْ جَابِرٍ، إنَّمَا سَمِعَهُ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ، وَقَالَ الْبُخَارِيُّ فِي الْأَوْسَطِ: ثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ، قَالَ: قُلْتُ لِسُفْيَانَ: إنَّ أَبَا عَلْقَمَةَ الْفَرْوِيَّ رَوَى عَنْ ابْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْ جَابِرٍ: «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَكَلَ لَحْمًا وَلَمْ يَتَوَضَّأْ» فَقَالَ: أَحْسِبُنِي سَمِعْتُ ابْنَ الْمُنْكَدِرِ قَالَ: أَخْبَرَنِي مَنْ سَمِعَ جَابِرًا، وَيُشَيِّدُ أَصْلَ حَدِيثِ جَابِرٍ، مَا أَخَرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْحَارِثِ قُلْتُ لِجَابِرٍ: الْوُضُوءُ مِمَّا مَسَّتْ النَّارُ؟ قَالَ: لَا.

وَلِلْحَدِيثِ شَاهِدٌ مِنْ حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ مَسْلَمَةَ، أَخَرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَلَفْظُهُ:«أَكَلَ آخِرَ أَمْرِهِ لَحْمًا، ثُمَّ صَلَّى وَلَمْ يَتَوَضَّأْ» وَقَالَ الْجُوزَجَانِيّ: حَدِيثُ عَائِشَةَ: «مَا تَرَكَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الْوُضُوءَ مِمَّا مَسَّتْ النَّارُ حَتَّى قُبِضَ» حَدِيثٌ بَاطِلٌ.

ص: 205

حَدِيثُ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم «قَالَ فِي الرَّجُلِ يُصِيبُهُ الْمَذْيُ: يَنْضَحُ فَرْجَهُ وَيَتَوَضَّأُ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ» الشَّيْخَانِ عَنْ «عَلِيٍّ: كُنْتُ رَجُلًا مَذَّاءً، فَاسْتَحْيَيْتُ أَنْ أَسْأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِمَكَانِ ابْنَتِهِ مِنِّي، فَأَمَرْتُ الْمِقْدَادَ فَسَأَلَهُ، فَقَالَ: يَغْسِلُ ذَكَرَهُ وَيَتَوَضَّأُ، وَفِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ: تَوَضَّأْ، وَاغْسِلْ ذَكَرَكَ، وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ: تَوَضَّأْ وَانْضَحْ فَرْجَكَ» ، وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ مِنْ طَرِيقِ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ الْمِقْدَادِ أَنَّ عَلِيًّا أَمَرَهُ أَنْ يَسْأَلَ، وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ مُنْقَطِعَةٌ، وَلِأَحْمَدَ وَالنَّسَائِيِّ وَابْنِ حِبَّانَ أَنَّهُ أَمَرَ عَمَّارَ بْنَ يَاسِرٍ أَنْ يَسْأَلَ، وَفِي رِوَايَةٍ لَابْنِ خُزَيْمَةَ أَنَّ عَلِيًّا سَأَلَ بِنَفْسِهِ، وَجَمَعَ بَيْنَهَا ابْنُ حِبَّانَ بِتَعَدُّدِ الْأَسْئِلَةِ، وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد مِنْ طَرِيقِ عُرْوَةَ عَنْ عَلِيٍّ، وَفِيهِ يَغْسِلُ أُنْثَيَيْهِ وَذَكَرَهُ، وَعُرْوَةُ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ عَلِيٍّ، لَكِنْ رَوَاهُ أَبُو عَوَانَةَ فِي صَحِيحِهِ مِنْ حَدِيثِ عُبَيْدَةَ، عَنْ عَلِيٍّ بِالزِّيَادَةِ، وَإِسْنَادُهُ لَا مَطْعَنَ فِيهِ.

وَرَوَى

ص: 206

أَبُو دَاوُد مِنْ حَدِيثِ حِزَامِ بْنِ حَكِيمٍ، عَنْ عَمِّهِ «عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ: سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ الْمَاءِ يَكُونُ بَعْدَ الْمَاءِ، قَالَ: ذَلِكَ الْمَذْيُ، وَكُلُّ فَحْلٍ يُمْذِي، فَتَغْسِلْ مِنْهُ فَرْجَكَ، وَأُنْثَيَيْكَ، وَتَوَضَّأْ وُضُوءُك لِلصَّلَاةِ» ، وَفِي إسْنَادِهِ ضَعْفٌ، وَقَدْ حَسَّنَهُ التِّرْمِذِيُّ.

157 -

(6) - حَدِيثُ: «لَا وُضُوءَ إلَّا مِنْ صَوْتٍ، أَوْ رِيحٍ» ، أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ، وَابْنُ مَاجَهْ وَالْبَيْهَقِيُّ، مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ: هَذَا حَدِيثٌ ثَابِتٌ قَدْ اتَّفَقَ الشَّيْخَانِ عَلَى إخْرَاجِ مَعْنَاهُ، مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ، وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: سَمِعْتُ أَبِي وَذَكَرَ حَدِيثَ شُعْبَةَ عَنْ سَهْلٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا:«لَا وُضُوءَ إلَّا مِنْ صَوْتٍ، أَوْ رِيحٍ» فَقَالَ أَبِي: هَذَا وَهْمٌ، اخْتَصَرَ شُعْبَةُ مَتْنَ هَذَا الْحَدِيثِ فَقَالَ:«لَا وُضُوءَ إلَّا مِنْ صَوْتٍ، أَوْ رِيحٍ» ، وَرَوَاهُ أَصْحَابُ سُهَيْلٍ بِلَفْظِ:«إذَا كَانَ أَحَدُكُمْ فِي الصَّلَاةِ، فَوَجَدَ رِيحًا مِنْ نَفْسِهِ، فَلَا يَخْرُجْ، حَتَّى يَسْمَعَ صَوْتًا أَوْ يَجِدَ رِيحًا» ، وَرَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالطَّبَرَانِيُّ، مِنْ حَدِيثِ السَّائِبِ بْنِ خَبَّابٍ بِلَفْظِ:«لَا وُضُوءَ إلَّا مِنْ رِيحٍ أَوْ سَمَاعٍ» .

158 -

(7) - قَوْلُهُ: رُوِيَ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «الْوُضُوءُ مِمَّا خَرَجَ» الدَّارَقُطْنِيُّ، وَالْبَيْهَقِيُّ، مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ بِلَفْظِ: «الْوُضُوءُ

ص: 207

مِمَّا يَخْرُجُ، وَلَيْسَ مِمَّا يَدْخُلُ» وَفِي إسْنَادِهِ الْفُضَيْلُ بْنُ الْمُخْتَارِ، وَهُوَ ضَعِيفٌ جِدًّا، وَفِيهِ شُعْبَةُ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ وَهُوَ ضَعِيفٌ، وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: الْأَصْلُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّهُ مَوْقُوفٌ، وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ: لَا يَثْبُتُ مَرْفُوعًا، وَرَوَاهُ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ مَوْقُوفًا، مِنْ طَرِيقِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي ظَبْيَانَ عَنْهُ، وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي أُمَامَةَ، وَإِسْنَادُهُ أَضْعَفُ مِنْ الْأَوَّلِ، وَمِنْ حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ مَوْقُوفًا. وَفِي الْبَابِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ، رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي غَرَائِبِ مَالِكٍ. مِنْ طَرِيقِ سَوَادَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْهُ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا:«لَا يَنْقُضُ الْوُضُوءَ إلَّا مَا خَرَجَ مِنْ قُبُلٍ أَوْ دُبُرٍ» وَإِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ.

159 -

(8) - حَدِيثُ: «الْعَيْنَانِ وِكَاءُ السَّهِ» ، أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَابْنُ مَاجَهْ وَالدَّارَقُطْنِيّ مِنْ حَدِيثِ عَلِيٍّ، وَهُوَ مِنْ رِوَايَةِ بَقِيَّةَ عَنْ الْوَضِينِ بْنِ عَطَاءٍ، قَالَ الْجُوزَجَانِيُّ: وَاهٍ، وَأَنْكَرَ عَلَيْهِ هَذَا الْحَدِيثَ، عَنْ مَحْفُوظِ بْنِ عَلْقَمَةَ، وَهُوَ ثِقَةٌ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَائِذٍ، وَهُوَ تَابِعِيٌّ ثِقَةٌ مَعْرُوفٌ، عَنْ عَلِيٍّ، لَكِنْ قَالَ أَبُو زُرْعَةَ: لَمْ يَسْمَعْ مِنْهُ، وَفِي هَذَا النَّفْيِ نَظَرٌ، لِأَنَّهُ يَرْوِي عَنْ عُمَرَ كَمَا جَزَمَ بِهِ الْبُخَارِيُّ، رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالدَّارَقُطْنِيّ وَمِنْ حَدِيثِ مُعَاوِيَةَ أَيْضًا، وَفِي إسْنَادِهِ بَقِيَّةُ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ، وَهُوَ ضَعِيفٌ، قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: سَأَلْتُ أَبِي عَنْ هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ، فَقَالَ: لَيْسَا بِقَوِيَّيْنِ، وَقَالَ أَحْمَدُ: حَدِيثُ عَلِيٍّ أَثَبَتُ مِنْ حَدِيثِ مُعَاوِيَةَ فِي هَذَا الْبَابِ، وَحَسَّنَ الْمُنْذِرِيُّ وَابْنُ الصَّلَاحِ وَالنَّوَوِيُّ، حَدِيثَ عَلِيٍّ، وَقَالَ الْحَاكِمُ فِي عُلُومِ الْحَدِيثِ: لَمْ يَقُلْ فِيهِ: «وَمَنْ نَامَ فَلْيَتَوَضَّأْ» غَيْرُ

ص: 208

إبْرَاهِيمَ بْنِ مُوسَى الرَّازِيِّ، وَهُوَ ثِقَةٌ، كَذَا قَالَ، وَقَدْ تَابَعَهُ غَيْرُهُ.

(تَنْبِيهٌ) : السَّهِ الْمَذْكُورُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ بِفَتْحِ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ وَكَسْرِ الْهَاءِ الْمُخَفَّفَةِ الدُّبُرُ، وَالْوِكَاءُ بِكَسْرِ الْوَاوِ الْخَيْطُ الَّذِي تُرْبَطُ بِهِ الْخَرِيطَةُ وَالْمَعْنَى الْيَقَظَةُ وِكَاءُ الدُّبُرِ أَيْ حَافِظَةُ مَا فِيهِ مِنْ الْخُرُوجِ لِأَنَّهُ مَا دَامَ مُسْتَيْقِظًا أَحَسَّ بِمَا يَخْرُجُ مِنْهُ.

160 -

(9) - قَوْلُهُ: رُوِيَ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَنْ اسْتَجْمَعَ نَوْمًا فَعَلَيْهِ الْوُضُوءُ» الْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ، بِلَفْظِ:«مَنْ اسْتَحَقَّ النَّوْمَ، وَجَبَ عَلَيْهِ الْوُضُوءُ» ، وَقَالَ بَعْدَهُ: لَا يَصِحُّ رَفْعُهُ. وَرُوِيَ مَوْقُوفًا وَإِسْنَادُهُ صَحِيحٌ، وَرَوَاهُ فِي الْخِلَافِيَّاتِ مِنْ طَرِيقٍ آخَرَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَأَعَلَّهُ بِالرَّبِيعِ بْنِ بَدْرٍ، عَنْ ابْنِ عَدِيٍّ، وَكَذَا قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي الْعِلَلِ: إنَّ وَقْفَهُ أَصَحُّ.

161 -

(10) - حَدِيثُ: " أَنَّ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانُوا يَنْتَظِرُونَ الْعِشَاءَ، فَيَنَامُونَ قُعُودًا ثُمَّ يُصَلُّونَ وَلَا يَتَوَضَّئُونَ "، الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ أَنَا الثِّقَةُ عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ بِهِ، وَقَالَ: أَحْسِبُهُ قُعُودًا.

قَالَ الْحَاكِمُ: أَرَادَ بِالثِّقَةِ ابْنَ عُلَيَّةَ. وَرَوَاهُ الشَّافِعِيُّ أَيْضًا، وَمُسْلِمٌ وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ، مِنْ حَدِيثِ شُعْبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ بِلَفْظِ:" كَانَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَنْتَظِرُونَ الْعِشَاءَ الْآخِرَةَ، حَتَّى تَخْفِقَ رُءُوسُهُمْ ثُمَّ يُصَلُّونَ وَلَا يَتَوَضَّئُونَ " قَالَ أَبُو دَاوُد: وَاللَّفْظُ لَهُ؛ زَادَ فِيهِ شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. وَلَفْظُ التِّرْمِذِيِّ مِنْ طَرِيقِ شُعْبَةَ: لَقَدْ رَأَيْتُ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُوقَظُونَ لِلصَّلَاةِ، حَتَّى إنِّي لَأَسْمَعُ لِأَحَدِهِمْ غَطِيطًا

ص: 209

ثُمَّ يَقُومُونَ فَيُصَلُّونَ وَلَا يَتَوَضَّئُونَ. قَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ: هَذَا عِنْدَنَا وَهُمْ جُلُوسٌ. قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: وَعَلَى هَذَا حَمَلَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ وَالشَّافِعِيُّ، وَقَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ: هَذَا الْحَدِيثُ سِيَاقُهُ فِي مُسْلِمٍ، يَحْتَمِلُ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَى نَوْمِ الْجَالِسِ، وَعَلَى ذَلِكَ نَزَّلَهُ أَكْثَرُ النَّاسِ، لَكِنْ فِيهِ زِيَادَةٌ تَمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ، رَوَاهَا يَحْيَى الْقَطَّانُ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ؛ قَالَ:«كَانَ أَصْحَابُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يَنْتَظِرُونَ الصَّلَاةَ، فَيَضَعُونَ جُنُوبَهُمْ، فَمِنْهُمْ مَنْ يَنَامُ، ثُمَّ يَقُومُ إلَى الصَّلَاةِ» ، رَوَاهَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ السَّلَامِ الْخُشَنِيِّ، عَنْ بُنْدَارٍ مُحَمَّدِ بْنِ بَشَّارٍ عَنْهُ، وَقَالَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ، يُحْمَلُ هَذَا عَلَى النَّوْمِ الْخَفِيفِ، لَكِنْ يُعَارِضُهُ رِوَايَةُ التِّرْمِذِيِّ الَّتِي فِيهَا ذِكْرُ الْغَطِيطِ.

قَالَ: وَرَوَى أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ هَذَا الْحَدِيثَ، عَنْ يَحْيَى الْقَطَّانِ بِسَنَدِهِ، وَلَيْسَ فِيهِ يَضَعُونَ جُنُوبَهُمْ. وَكَذَا أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ عَنْ بُنْدَارٍ بِدُونِهَا، وَكَذَا أَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ تَمَّامٍ عَنْ بِنْدَارٍ، وَرَوَاهُ الْبَزَّارُ وَالْخَلَّالُ، مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الْأَعْلَى، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، وَفِيهِ: فَيَضَعُونَ جُنُوبَهُمْ، وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: لَمْ يَقُلْ شُعْبَةُ قَطُّ: كَانُوا يَضْطَجِعُونَ. قَالَ: وَقَالَ هِشَامٌ: كَانُوا يَنْعَسُونَ. وَقَالَ الْخَلَّالُ: قُلْتُ لِأَحْمَدَ: حَدِيثُ شُعْبَةَ كَانُوا يَضَعُونَ جُنُوبَهُمْ؟ فَتَبَسَّمَ، وَقَالَ: هَذَا بِمَرَّةٍ يَضَعُونَ جُنُوبَهُمْ. حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ: وَجَبَ الْوُضُوءُ عَلَى كُلِّ نَائِمٍ إلَّا مَنْ خَفَقَ خَفْقَةً بِرَأْسِهِ. رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ مَوْقُوفًا وَمَرْفُوعًا.

162 -

(11) - قَوْلُهُ: رُوِيَ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لَا وُضُوءَ عَلَى مَنْ نَامَ قَاعِدًا، إنَّمَا الْوُضُوءُ عَلَى مَنْ نَامَ مُضْطَجِعًا، فَإِنَّ مَنْ نَامَ مُضْطَجِعًا اسْتَرْخَتْ مَفَاصِلُهُ» ، وَفِي لَفْظٍ:«لَا وُضُوءَ عَلَى مَنْ نَامَ قَائِمًا أَوْ رَاكِعًا أَوْ سَاجِدًا» ، أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَالدَّارَقُطْنِيّ بِاللَّفْظِ الْأَوَّلِ، وَرَوَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ

ص: 210

فِي زِيَادَاتِهِ بِلَفْظِ: «لَيْسَ عَلَى مَنْ نَامَ سَاجِدًا وُضُوءٌ، حَتَّى يَضْطَجِعَ» وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ بِلَفْظِ: «لَا يَجِبُ الْوُضُوءُ عَلَى مَنْ نَامَ جَالِسًا أَوْ قَائِمًا، أَوْ سَاجِدًا، حَتَّى يَضَعَ جَنْبَهُ» الْحَدِيثَ، قَالَ الرَّافِعِيُّ تَبَعًا لِإِمَامِ الْحَرَمَيْنِ: اتَّفَقَ أَئِمَّةُ الْحَدِيثِ عَلَى ضَعْفِ الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ. قُلْتُ: مَخْرَجُ الْحَدِيثَيْنِ وَاحِدٌ، وَمَدَارُهُ عَلَى يَزِيدَ أَبِي خَالِدٍ الدَّالَانِيِّ، وَعَلَيْهِ اخْتَلَفَ فِي أَلْفَاظِهِ، وَضَعَّفَ الْحَدِيثَ مِنْ أَصْلِهِ؛ أَحْمَدُ وَالْبُخَارِيُّ فِيمَا نَقَلَهُ التِّرْمِذِيُّ فِي الْعِلَلِ الْمُفْرَدِ، وَأَبُو دَاوُد فِي السُّنَنِ، وَالتِّرْمِذِيُّ وَإِبْرَاهِيمُ الْحَرْبِيُّ فِي عِلَلِهِ، وَغَيْرُهُمْ.

وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ فِي الْخِلَافِيَّاتِ: تَفَرَّدَ بِهِ أَبُو خَالِدٍ الدَّالَانِيُّ، وَأَنْكَرَهُ عَلَيْهِ جَمِيعُ أَئِمَّةِ الْحَدِيثِ، وَقَالَ فِي السُّنَنِ: أَنْكَرَهُ عَلَيْهِ جَمِيعُ الْحُفَّاظِ، وَأَنْكَرُوا سَمَاعَهُ مِنْ قَتَادَةَ وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ، رَوَاهُ سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَوْلُهُ، وَلَمْ يَذْكُرْ فِيهِ أَبَا الْعَالِيَةِ وَلَمْ يَرْفَعْهُ.

163 -

(12) - حَدِيثُ: «لَا وُضُوءَ عَلَى مَنْ نَامَ قَائِمًا أَوْ رَاكِعًا أَوْ سَاجِدًا» رَوَاهُ ابْنُ عَدِيٍّ فِي الْكَامِلِ، مِنْ حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، إلَّا أَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ " سَاجِدًا " وَفِيهِ مَهْدِيُّ بْنُ هِلَالٍ، وَهُوَ مُتَّهَمٌ بِوَضْعِ الْحَدِيثِ، وَمِنْ رِوَايَةِ عُمَرَ بْنِ هَارُونَ الْبَلْخِيّ، وَهُوَ مَتْرُوكٌ، وَمِنْ رِوَايَةِ مُقَاتِلِ بْنِ سُلَيْمَانَ، وَهُوَ مُتَّهَمٌ أَيْضًا.

وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ «حُذَيْفَةَ، قَالَ: كُنْتُ فِي مَسْجِدِ الْمَدِينَةِ جَالِسًا أُغْفِي، فَاحْتَضَنَنِي رَجُلٌ مِنْ خَلْفِي، فَالْتَفَتُّ، فَإِذَا أَنَا بِالنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقُلْتُ: هَلْ وَجَبَ عَلَيَّ الْوُضُوءُ؟ قَالَ: لَا حَتَّى تَضَعَ جَنْبَكَ» ، قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: تَفَرَّدَ بِهِ بَحْرُ بْنُ كُنَيْزٍ السَّقَّاءُ، وَهُوَ مَتْرُوكٌ لَا يُحْتَجُّ بِهِ. وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ يَزِيدَ بْنِ قُسَيْطٍ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: لَيْسَ عَلَى الْمُحْتَبِي النَّائِمِ، وَلَا عَلَى الْقَائِمِ النَّائِمِ، وَلَا عَلَى السَّاجِدِ النَّائِمِ، وُضُوءٌ حَتَّى يَضْطَجِعَ، فَإِذَا اضْطَجَعَ تَوَضَّأَ " إسْنَادُهُ جَيِّدٌ، وَهُوَ مَوْقُوفٌ.

ص: 211

قَوْلُهُ: رُوِيَ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إذَا نَامَ الْعَبْدُ فِي صَلَاتِهِ، بَاهَى اللَّهُ بِهِ مَلَائِكَتَهُ يَقُولُ: اُنْظُرُوا لِعَبْدِي رُوحُهُ عِنْدِي، وَجَسَدُهُ سَاجِدٌ بَيْنَ يَدَيَّ» أَنْكَرَ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ الْقَاضِي ابْنُ الْعَرَبِيِّ وُجُودَهُ. قَدْ رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي الْخِلَافِيَّاتِ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ، وَفِيهِ دَاوُد بْنُ الزِّبْرِقَانِ وَهُوَ ضَعِيفٌ. وَرُوِيَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ، عَنْ أَبَانَ، عَنْ أَنَسٍ. وَأَبَانُ مَتْرُوك، وَرَوَاهُ ابْن شَاهِينَ فِي النَّاسِخ وَالْمَنْسُوخ، مِنْ حَدِيثِ الْمُبَارَكِ بْنِ فَضَالَةَ، وَذَكَرَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي الْعِلَلِ، مِنْ حَدِيثِ عَبَّادِ بْنِ رَاشِدٍ، كِلَاهُمَا عَنْ الْحَسَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ بِلَفْظِ:«إذَا نَامَ الْعَبْدُ وَهُوَ سَاجِدٌ، يَقُولُ اللَّهُ: اُنْظُرُوا إلَى عَبْدِي» ، قَالَ: وَقِيلَ: عَنْ الْحَسَنِ بَلَغَنَا عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: وَالْحَسَنُ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، انْتَهَى. وَعَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ اقْتَصَرَ ابْنُ حَزْمٍ، وَأَعَلَّهَا بِالِانْقِطَاعِ، وَمُرْسَلُ الْحَسَنِ أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ فِي الزُّهْدِ، وَلَفْظُهُ:«إذَا نَامَ الْعَبْدُ وَهُوَ سَاجِدٌ يُبَاهِي اللَّهُ بِهِ الْمَلَائِكَةَ، يَقُولُ: اُنْظُرُوا إلَى عَبْدِي رُوحُهُ عِنْدِي، وَهُوَ سَاجِدٌ لِي» ، وَرَوَى ابْنُ شَاهِينَ عَنْ أَبِي سَعِيد مَعْنَاهُ، وَإِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ.

164 -

(13) - حَدِيثُ «عَائِشَةَ: أَصَابَتْ يَدِي أَخْمَصَ قَدَمِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ الصَّلَاةِ، قَالَ: أَتَاكِ شَيْطَانُكِ» هَذَا الْحَدِيثُ بِهَذَا السِّيَاقِ لَمْ أَرَهُ بِلَفْظِهِ، نَعَمْ؛ أَصْلُهُ فِي مُسْلِمٍ، مِنْ حَدِيثِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ «عَائِشَةَ، قَالَتْ: فَقَدْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَيْلَةً مِنْ الْفِرَاشِ، فَالْتَمَسْتُهُ، فَوَقَعَتْ يَدِي عَلَى بَطْنِ قَدَمَيْهِ، وَهُوَ فِي الْمَسْجِدِ، وَهُمَا مَنْصُوبَتَانِ، يَقُولُ: اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذَ بِرِضَاكَ مِنْ سَخَطِكَ» ، وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ كَذَلِكَ، وَزَادَ: وَهُمَا مَنْصُوبَتَانِ وَهُوَ سَاجِدٌ، وَأَعَلَّ الْبَيْهَقِيُّ هَذِهِ الرِّوَايَةَ، بِأَنَّ بَعْضَهُمْ رَوَاهُ عَنْ الْأَعْرَجِ، عَنْ عَائِشَةَ بِدُونِ ذِكْرِ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَرَجَّحَ الْبَرْقَانِيُّ الرِّوَايَةَ الزَّائِدَةَ أَعْنِي رِوَايَةَ مُسْلِمٍ.

وَرَوَى مُسْلِمٌ أَيْضًا فِي أَوَاخِرِ الْكِتَابِ عَنْ «عَائِشَةَ قَالَتْ: خَرَجَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مِنْ عِنْدِهَا لَيْلًا، فَغِرْتُ عَلَيْهِ، فَجَاءَ فَرَأَى مَا أَصْنَعُ، فَقَالَ: مَا لَكِ يَا

ص: 212

عَائِشَةُ أَغِرْتِ؟ فَقُلْتُ: وَمَا لِي لَا يَغَارُ مِثْلِي عَلَى مِثْلِكَ، فَقَالَ: لَقَدْ جَاءَكِ شَيْطَانُكِ، قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَوَمَعِي شَيْطَانٌ؟» الْحَدِيثُ. وَذَكَرَهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ فِي الْعِلَلِ، مِنْ طَرِيقِ يُونُسَ بْنِ خَبَّابٍ، عَنْ عِيسَى بْنِ عُمَرَ، عَنْ «عَائِشَةَ: أَنَّهَا افْتَقَدَتْ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَإِذَا هُوَ فِي الْمَسْجِدِ، فَوَضَعَتْ يَدَهَا عَلَى أَخْمَصِ قَدَمَيْهِ، وَهُوَ يَقُولُ: اللَّهُمَّ أَعُوذُ بِرِضَاكَ مِنْ سَخَطِكَ» ، قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لَا أَدْرِي عِيسَى أَدْرَكَ عَائِشَةَ أَمْ لَا؟

وَرَوَى الطَّبَرَانِيُّ فِي الْمُعْجَمِ الصَّغِيرِ مِنْ حَدِيثِ عُمْرَةَ، عَنْ «عَائِشَةَ قَالَتْ: فَقَدْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ذَاتَ لَيْلَةٍ، فَقُلْتُ: إنَّهُ قَامَ إلَى جَارِيَتِهِ مَارِيَةَ، فَقُمْتُ أَلْتَمِسُ الْجِدَارَ، فَوَجَدْتُهُ قَائِمًا يُصَلِّي، فَأَدْخَلْتُ يَدِي فِي شَعْرِهِ لِأَنْظُرَ اغْتَسَلَ أَمْ لَا، فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ: أَخَذَكِ شَيْطَانُكِ يَا عَائِشَةُ» - الْحَدِيثُ - قُلْتُ: وَظَاهِرُ هَذَا السِّيَاقِ يَقْتَضِي تَغَايُرَ الْقِصَّتَيْنِ، مَعَ الِاخْتِلَافِ فِي الْإِسْنَادِ عَلَى رَاوِيهِ عَنْ عَمْرَةَ، فَإِنَّهُ مِنْ رِوَايَةِ فَرَجِ بْنِ فَضَالَةَ وَهُوَ ضَعِيفٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عَمْرَةَ، وَقَدْ رَوَاهُ جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ وَوُهَيْبٌ وَيَزِيدُ بْنُ هَارُونَ وَغَيْرُ وَاحِدٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ، عَنْ عَائِشَةَ، وَمُحَمَّدٌ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ عَائِشَةَ. قَالَهُ أَبُو حَاتِمٍ.

(تَنْبِيهٌ) : قَالَ الشَّافِعِيُّ: رَوَى مَعْبَدُ بْنُ نَبَاتَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَطَاءٍ، عَنْ عَائِشَةَ، عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:«أَنَّهُ كَانَ يُقَبِّلُ وَلَا يَتَوَضَّأُ» ، وَقَالَ: لَا أَعْرِفُ حَالَ مَعْبَدٍ، فَإِنْ كَانَ ثِقَةً فَالْحُجَّةُ فِيمَا رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قُلْتُ: رُوِيَ مِنْ عَشْرَةِ أَوَجُهً، عَنْ عَائِشَةَ، أَوْرَدَهَا الْبَيْهَقِيُّ فِي الْخِلَافِيَّاتِ، وَضَعَّفَهَا، وَسَيَأْتِي ذِكْرُ حَدِيثِ النَّسَائِيّ فِي آخِرِ الْبَابِ.

165 -

(14) - حَدِيثُ بُسْرَةَ بِنْتِ صَفْوَانَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«مَنْ مَسَّ ذَكَرَهُ فَلْيَتَوَضَّأْ» مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ عَنْهُ وَأَحْمَدُ

ص: 213

وَالْأَرْبَعَةُ وَابْنُ خُزَيْمَةَ وَابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ وَابْنُ الْجَارُودِ، مِنْ حَدِيثِهَا، وَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ، وَنُقِلَ عَنْ الْبُخَارِيِّ أَنَّهُ أَصَحُّ شَيْءٍ فِي الْبَابِ. وَقَالَ أَبُو دَاوُد: وَقُلْتُ لِأَحْمَدَ: حَدِيثُ بُسْرَةَ لَيْسَ بِصَحِيحٍ؟

قَالَ: بَلْ هُوَ صَحِيحٌ. وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: صَحِيحٌ ثَابِتٌ، وَصَحَّحَهُ أَيْضًا يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ، فِيمَا حَكَاهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ وَأَبُو حَامِدِ بْنِ الشَّرْقِيِّ وَالْبَيْهَقِيُّ وَالْحَازِمِيُّ، وَقَالَ الْبَيْهَقِيّ: هَذَا الْحَدِيثُ وَإِنْ لَمْ يُخَرِّجْهُ الشَّيْخَانِ، لِاخْتِلَافٍ وَقَعَ فِي سَمَاعِ عُرْوَةَ مِنْهَا أَوْ مِنْ مَرْوَانَ، فَقَدْ احْتَجَّا بِجَمِيعِ رُوَاتِهِ، وَاحْتَجَّ الْبُخَارِيُّ بِمَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ فِي عِدَّةِ أَحَادِيث، فَهُوَ عَلَى شَرْطِ الْبُخَارِيِّ بِكُلِّ حَالٍ، وَقَالَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ فِي صَحِيحِهِ، فِي أَوَاخِرِ تَفْسِيرِ سُورَةِ آلِ عِمْرَانَ: إنَّهُ يَلْزَمُ الْبُخَارِيَّ إخْرَاجُهُ، فَقَدْ أَخَرَجَ نَظِيرَهُ.

وَغَايَةُ مَا يُعَلَّلُ بِهِ هَذَا الْحَدِيثُ أَنَّهُ مِنْ رِوَايَةِ عُرْوَةَ، عَنْ مَرْوَانَ، عَنْ بُسْرَةَ، وَأَنَّ رِوَايَةَ مِنْ رَوَاهُ عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ بُسْرَةَ مُنْقَطِعَةٌ، فَإِنَّ مَرْوَانَ حَدَّثَ بِهِ عُرْوَةَ، فَاسْتَرَابَ عُرْوَةُ بِذَلِكَ، فَأَرْسَلَ مَرْوَانُ رَجُلًا مِنْ حَرَسِهِ إلَى بُسْرَةَ فَعَادَ إلَيْهِ بِأَنَّهَا ذَكَرَتْ ذَلِكَ، فَرِوَايَةُ مَنْ رَوَاهُ عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ بُسْرَةَ مُنْقَطِعَةٌ، وَالْوَاسِطَةُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا، إمَّا مَرْوَانُ وَهُوَ مَطْعُونٌ فِي عَدَالَتِهِ، أَوْ حَرَسِهِ وَهُوَ مَجْهُولٌ، وَقَدْ جَزَمَ ابْنُ خُزَيْمَةَ وَغَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ الْأَئِمَّةِ، بِأَنَّ عُرْوَةَ سَمِعَهُ مِنْ بُسْرَةَ، وَفِي صَحِيحِ ابْنِ خُزَيْمَةَ وَابْنِ حِبَّانَ: قَالَ عُرْوَةُ: فَذَهَبْتُ إلَى بُسْرَةَ فَسَأَلْتُهَا، فَصَدَّقَتْهُ، وَاسْتَدَلَّ عَلَى ذَلِكَ بِرِوَايَةِ جَمَاعَةٍ مِنْ الْأَئِمَّةِ لَهُ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مَرْوَانَ بْنِ بُسْرَةَ، قَالَ عُرْوَةُ: ثُمَّ لَقِيتُ بُسْرَةَ فَصَدَّقَتْهُ، وَبِمَعْنَى هَذَا أَجَابَ الدَّارَقُطْنِيُّ وَابْنُ حِبَّانَ، وَقَدْ أَكْثَرَ ابْنَ خُزَيْمَةَ وَابْنُ حِبَّانَ وَالدَّارَقُطْنِيّ وَالْحَاكِمُ، مِنْ

ص: 214

سِيَاقِ طُرُقِهِ بِمَا اجْتَمَعَ لِي فِي الْأَطْرَافِ الَّتِي جَمَعْتُهَا لَكُتُبِهِمْ، وَبَسَطَ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي عِلَلِهِ، الْكَلَامَ عَلَيْهِ فِي نَحْوٍ مِنْ كُرَّاسَيْنِ، وَأَمَّا الطَّعْنُ فِي مَرْوَانَ، فَقَدْ قَالَ ابْنُ حَزْمٍ: لَا نَعْلَمُ لِمَرْوَانَ شَيْئًا يُجْرَحُ بِهِ قَبْلَ خُرُوجِهِ عَلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ، وَعُرْوَةُ لَمْ يَلْقَهُ إلَّا قَبْلَ خُرُوجِهِ عَلَى أَخِيهِ.

(تَنْبِيهٌ) نَقَلَ بَعْضُ الْمُخَالِفِينَ عَنْ يَحْيَى بْنِ مُعِينٍ أَنَّهُ قَالَ: ثَلَاثَةُ أَحَادِيثَ لَا تَصِحُّ: حَدِيثُ: مَسُّ الذَّكَرِ "، وَ " لَا نِكَاحَ إلَّا بِوَلِيٍّ " وَ " كُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ " وَلَا يُعْرَفُ هَذَا عَنْ ابْنِ مَعِينٍ. وَقَدْ قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: إنَّ هَذَا لَا يَثْبُتُ عَنْ ابْنِ مُعِينٍ، وَقَدْ كَانَ مِنْ مَذْهَبِهِ انْتِقَاضُ الْوُضُوءِ بِمَسِّهِ، وَقَدْ رَوَى الْمَيْمُونِيُّ عَنْ يَحْيَى بْنِ مُعِينٍ أَنَّهُ قَالَ: إنَّمَا يَطْعَنُ فِي حَدِيثِ بُسْرَةَ، مَنْ لَا يَذْهَبُ إلَيْهِ وَفِي سُؤَالَاتِ مُضَرَ بْنِ مُحَمَّدٍ لَهُ، قُلْت لِيَحْيَى: أَيُّ شَيْءٍ صَحَّ فِي مَسِّ الذَّكَرِ؟ قَالَ: حَدِيثُ مَالِكٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ مَرْوَانَ، عَنْ بُسْرَةَ، فَإِنَّهُ يَقُولُ فِيهِ: سَمِعْت؛ وَلَوْلَا هَذَا لَقُلْت: لَا يَصِحُّ فِيهِ شَيْءٌ، فَهَذَا يَدُلُّ بِتَقْدِيرِ ثُبُوتِ الْحِكَايَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ عَنْهُ عَلَى أَنَّهُ رَجَعَ عَنْ ذَلِكَ، وَأَثْبَتَ صِحَّتَهُ بِهَذِهِ الطَّرِيقَةِ خَاصَّةً.

(تَنْبِيهٌ آخَرُ) طَعَنَ الطَّحَاوِيُّ فِي رِوَايَةِ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ لِهَذَا الْحَدِيثِ، بِأَنَّ هِشَامًا لَمْ يَسْمَعْهُ مِنْ أَبِيهِ، إنَّمَا أَخَذَهُ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ، وَكَذَا قَالَ النَّسَائِيُّ: إنَّ هِشَامًا لَمْ يَسْمَعْ هَذَا مِنْ أَبِيهِ.

وَقَالَ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ. حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ عُرْوَةَ، وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ لَا تَدُلُّ عَلَى أَنَّ هِشَامًا لَمْ يَسْمَعْهُ مِنْ أَبِيهِ، بَلْ فِيهَا أَنَّهُ أَدْخَلَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ وَاسِطَةً، وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّهُ سَمِعَهُ مِنْ أَبِيهِ أَيْضًا، مَا رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ أَيْضًا، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ، حَدَّثَنِي أَبِي، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ؛ قَالَ: قَالَ شُعْبَةُ: لَمْ يَسْمَعْ هِشَامٌ حَدِيثَ أَبِيهِ فِي مَسِّ الذَّكَرِ، قَالَ يَحْيَى: فَسَأَلْت هِشَامًا؛ فَقَالَ: أَخْبَرَنِي أَبِي. وَرَوَاهُ الْحَاكِمُ مِنْ طَرِيقِ عَمْرِو بْنِ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ هِشَامٍ، حَدَّثَنِي أَبِي، وَكَذَا هُوَ فِي

ص: 215

مُسْنَدِ أَحْمَدَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ هِشَامٍ، حَدَّثَنِي أَبِي، وَرَوَاهُ الْجُمْهُورُ مِنْ أَصْحَابِ هِشَامٍ، عَنْهُ عَنْ أَبِيهِ بِلَا وَسَاطَةٍ فَهَذَا إمَّا أَنْ يَكُونَ هِشَامٌ سَمِعَهُ مِنْ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ أَبِيهِ، ثُمَّ سَمِعَهُ مِنْ أَبِيهِ، فَكَانَ يُحَدِّثُ بِهِ تَارَةً هَكَذَا، وَتَارَةً هَكَذَا أَوْ يَكُونُ سَمِعَهُ مِنْ أَبِيهِ وَثَبَتَهُ فِيهِ أَبُو بَكْرٍ، فَكَانَ تَارَةً يَذْكُرُ أَبَا بَكْرٍ.

وَتَارَةً لَا يَذْكُرُهُ، وَلَيْسَتْ هَذِهِ الْعِلَّةُ بِقَادِحَةٍ عِنْدَ الْمُحَقِّقِينَ. وَفِي الْبَابِ: عَنْ جَابِرٍ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، وَزَيْدِ بْنِ خَالِدٍ، وَسَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، وَأُمِّ حَبِيبَةَ، وَعَائِشَةَ، وَأُمِّ سَلَمَةَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَابْنِ عُمَرَ وَعَلِيِّ بْنِ طَلْقٍ، وَالنُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ، وَأَنَسٍ، وَأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، وَمُعَاوِيَةَ بْنِ حَيْدَةَ، وَقَبِيصَةَ، وَأَرْوَى بِنْتِ أُنَيْسٍ. أَمَّا حَدِيثُ جَابِرٍ: فَذَكَرَهُ التِّرْمِذِيُّ، وَأَخْرَجَهُ ابْنُ مَاجَهْ وَالْأَثْرَمُ، وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: إسْنَادُهُ صَالِحٌ، وَقَالَ الضِّيَاءُ: لَا أَعْلَمُ بِإِسْنَادِهِ بَأْسًا، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: سَمِعْتُ جَمَاعَةً مِنْ الْحُفَّاظِ، غَيْرَ ابْنِ نَافِعٍ يُرْسِلُونَهُ. وَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ: فَذَكَرَهُ التِّرْمِذِيُّ، وَأَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَغَيْرُهُ، وَسَيَأْتِي. وَأَمَّا حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو: فَذَكَرَهُ التِّرْمِذِيُّ، وَرَوَاهُ أَحْمَدُ

ص: 216

وَالْبَيْهَقِيُّ، مِنْ طَرِيقِ بَقِيَّةَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْوَلِيدِ الزُّبَيْدِيُّ، حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ رَفَعَهُ:«أَيُّمَا رَجُلٍ مَسَّ فَرْجَهُ فَلْيَتَوَضَّأْ، وَأَيُّمَا امْرَأَةٍ مَسَّتْ فَرْجَهَا فَلْتَتَوَضَّأْ» قَالَ التِّرْمِذِيُّ فِي الْعِلَلِ عَنْ الْبُخَارِيِّ: هُوَ عِنْدِي صَحِيحٌ.

وَأَمَّا حَدِيثُ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ: فَذَكَرَهُ التِّرْمِذِيُّ وَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَالْبَزَّارُ، مِنْ طَرِيقِ عُرْوَةَ عَنْهُ؛ قَالَ الْبُخَارِيُّ: إنَّمَا رَوَاهُ الزُّهْرِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ بُسْرَةَ. وَقَالَ ابْنُ الْمَدِينِيِّ: أَخْطَأَ فِيهِ ابْنُ إِسْحَاقَ، انْتَهَى وَأَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيّ فِي الْخِلَافِيَّاتِ، مِنْ طَرِيقِ ابْنِ جُرَيْجٍ: حَدَّثَنِي الزُّهْرِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ بُسْرَةَ، وَزَيْدِ بْنِ خَالِدٍ، وَأَخْرَجَهُ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ فِي مُسْنَدِهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ بَكْرٍ الْبُرْسَانِيِّ، عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ. وَهَذَا إسْنَادٌ صَحِيحٌ. وَأَمَّا حَدِيثُ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ: فَذَكَرَهُ الْحَاكِمُ، وَأَخْرَجَهُ وَأَمَّا حَدِيثُ أُمِّ حَبِيبَةَ فَصَحَّحَهُ أَبُو زُرْعَةَ وَالْحَاكِمُ، وَأَعَلَّهُ الْبُخَارِيُّ بِأَنَّ مَكْحُولًا لَمْ يَسْمَعْ مِنْ عَنْبَسَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ وَكَذَا قَالَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ وَأَبُو زُرْعَةَ، وَأَبُو حَاتِمٍ، وَالنَّسَائِيُّ: إنَّهُ لَمْ يَسْمَعْ مِنْهُ، وَخَالَفَهُمْ دُحَيْمٌ، وَهُوَ أَعْرَفُ بِحَدِيثِ الشَّامِيِّينَ: فَأَثْبَتَ سَمَاعَ مَكْحُولٍ مِنْ عَنْبَسَةَ، وَقَالَ الْخَلَّالُ فِي الْعِلَلِ: صَحَّحَ أَحْمَدُ حَدِيثَ أُمِّ حَبِيبَةَ. أَخْرَجَهُ ابْنُ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ الْعَلَاءِ بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ مَكْحُولٍ.

وَقَالَ ابْنُ السَّكَنِ: لَا أَعْلَمُ بِهِ عِلَّةً. وَأَمَّا حَدِيثُ عَائِشَةَ: فَذَكَرَهُ التِّرْمِذِيُّ، وَأَعَلَّهُ أَبُو حَاتِمٍ، وَسَيَأْتِي مِنْ طَرِيقِ الدَّارَقُطْنِيُّ. وَأَمَّا حَدِيثُ أُمِّ سَلَمَةَ: فَذَكَرَهُ الْحَاكِمُ.

ص: 217

وَأَمَّا حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ: فَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ مِنْ جِهَةِ ابْنِ عَدِيٍّ فِي الْكَامِلِ. وَفِي إسْنَادِهِ الضَّحَّاكُ بْنُ حَجْوَةَ، وَهُوَ مُنْكَرُ الْحَدِيثِ. وَأَمَّا حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ: فَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ إِسْحَاقَ الْفَرْوِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا، وَالْعُمَرِيُّ ضَعِيفٌ، وَلَهُ طَرِيقٌ أُخْرَى، أَخْرَجَهَا الْحَاكِمُ وَفِيهَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبَانَ، وَهُوَ ضَعِيفٌ، وَطَرِيقٌ أُخْرَى أَخْرَجَهَا ابْنُ عَدِيٍّ، وَفِيهَا أَيُّوبُ بْنُ عُتْبَةَ، وَفِيهِ مَقَالٌ. وَأَمَّا حَدِيثُ عَلِيِّ بْنِ طَلْقٍ: فَأَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ وَصَحَّحَهُ. وَأَمَّا حَدِيثُ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ: فَذَكَرَهُ ابْنُ مَنْدَهْ، وَكَذَا حَدِيثُ أَنَسٍ، وَأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، وَمُعَاوِيَةَ بْنِ حَيْدَةَ، وَقَبِيصَةَ. وَأَمَّا حَدِيثُ أَرْوَى بِنْتِ أُنَيْسٍ: فَذَكَرَهُ التِّرْمِذِيُّ، وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ مِنْ طَرِيقِ هِشَامٍ أَبِي الْمِقْدَامِ. عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ عَنْهَا قَالَ: وَهَذَا خَطَأٌ. وَسَأَلَ التِّرْمِذِيُّ الْبُخَارِيَّ عَنْهُ، فَقَالَ: مَا تَصْنَعُ بِهَذَا؟ لَا تَشْتَغِلْ بِهِ.

(فَصْلٌ) حَدِيثُ طَلْقِ بْنِ عَلِيٍّ: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سُئِلَ عَنْ مَسِّ الذَّكَرِ فِي الصَّلَاةِ، فَقَالَ: هَلْ هُوَ إلَّا بَضْعَةٌ مِنْك» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَصْحَابُ السُّنَنِ

ص: 218

وَالدَّارَقُطْنِيّ عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ الْفَلَّاسُ، وَقَالَ: هُوَ عِنْدَنَا أَثْبَتُ مِنْ حَدِيثِ بُسْرَةَ، وَرُوِيَ عَنْ ابْنِ الْمَدِينِيِّ أَنَّهُ قَالَ: هُوَ عِنْدَنَا أَحْسَنُ مِنْ حَدِيثِ بُسْرَةَ. وَالطَّحَاوِيِّ وَقَالَ: إسْنَادُهُ مُسْتَقِيمٌ غَيْرُ مُضْطَرِبٍ، بِخِلَافِ حَدِيثِ بُسْرَةَ. وَصَحَّحَهُ أَيْضًا ابْنُ حِبَّانَ، وَالطَّبَرَانِيُّ، وَابْنُ حَزْمٍ، وَضَعَّفَهُ الشَّافِعِيُّ، وَأَبُو حَاتِمٍ، وَأَبُو زُرْعَةَ، وَالدَّارَقُطْنِيّ، وَالْبَيْهَقِيُّ، وَابْنُ الْجَوْزِيِّ، وَادَّعَى فِيهِ النَّسْخَ ابْنُ حِبَّانَ، وَالطَّبَرَانِيُّ، وَابْنُ الْعَرَبِيِّ، وَالْحَازِمِيُّ وَآخَرُونَ، وَأَوْضَحَ ابْنُ حِبَّانَ وَغَيْرُهُ ذَلِكَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

وَقَالَ الْبَيْهَقِيّ: يَكْفِي فِي تَرْجِيحِ حَدِيثِ بُسْرَةَ عَلَى حَدِيثِ طَلْقٍ: أَنَّ حَدِيثَ طَلْقٍ لَمْ يُخَرِّجْهُ الشَّيْخَانِ وَلَمْ يَحْتَجَّا بِأَحَدٍ مِنْ رُوَاتِهِ، وَحَدِيثُ بُسْرَةَ قَدْ احْتَجَّا بِجَمِيعِ رُوَاتِهِ، إلَّا أَنَّهُمَا لَمْ يُخَرِّجَاهُ، لِلِاخْتِلَافِ فِيهِ عَلَى عُرْوَةَ، وَعَلَى هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّ ذَلِكَ الِاخْتِلَافَ لَا يَمْنَعُ مِنْ الْحُكْمِ بِصِحَّتِهِ، وَإِنْ نَزَلَ عَنْ شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ، وَتَقَدَّمَ أَيْضًا عَنْ الْإِسْمَاعِيلِيِّ أَنَّهُ أَلْزَمَ الْبُخَارِيَّ إخْرَاجَهُ، لِإِخْرَاجِهِ نَظِيرَهُ فِي الصَّحِيحِ.

166 -

(15) - حَدِيثُ: «إذَا أَفْضَى أَحَدُكُمْ بِيَدِهِ إلَى فَرْجِهِ، لَيْسَ دُونَهَا حِجَابٌ وَلَا سِتْرٌ، فَقَدْ وَجَبَ عَلَيْهِ الْوُضُوءُ» ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ، مِنْ طَرِيقِ نَافِعِ بْنِ أَبِي نُعَيْمٍ، وَيَزِيدَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ جَمِيعًا، عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ بِهَذَا، وَقَالَ: احْتِجَاجُنَا فِي هَذَا بِنَافِعٍ، دُونَ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ، وَقَالَ فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ لَهُ: هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ سَنَدُهُ، عُدُولٌ نَقَلَتُهُ، وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ، وَابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ، وَأَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ وَالطَّبَرَانِيُّ فِي الصَّغِيرِ وَقَالَ: لَمْ يَرْوِهِ عَنْ نَافِعِ بْنِ أَبِي نُعَيْمٍ؛ إلَّا عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الْقَاسِمِ، تَفَرَّدَ بِهِ أَصْبَغُ، وَقَالَ

ص: 219

ابْنُ السَّكَنِ: هُوَ أَجْوَدُ مَا رُوِيَ فِي هَذَا الْبَابِ، وَأَمَّا يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ فَضَعِيفٌ، وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: كَأَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ لَا يُعْرَفُ إلَّا مِنْ رِوَايَةِ يَزِيدَ، حَتَّى رَوَاهُ أَصْبَغُ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ، عَنْ نَافِعِ بْنِ أَبِي نُعَيْمٍ وَيَزِيدَ جَمِيعًا عَنْ الْمَقْبُرِيِّ. فَصَحَّ الْحَدِيثُ؛ إلَّا أَنَّ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ كَانَ لَا يَرْضَى نَافِعَ بْنَ أَبِي نُعَيْمٍ فِي الْحَدِيثِ، وَيَرْضَاهُ فِي الْقِرَاءَةِ. وَخَالَفَهُ ابْنُ مَعِينٍ فَوَثَّقَهُ، وَرَوَاهُ الشَّافِعِيُّ وَالْبَزَّارُ وَالدَّارَقُطْنِيّ مِنْ طَرِيقِ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ خَاصَّةً، وَقَالَ فِيهِ النَّسَائِيُّ: مَتْرُوكٌ، وَضَعَّفَهُ غَيْرُهُ، قَالَ الْبَزَّارُ: لَا نَعْلَمُهُ يُرْوَى عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ بِهَذَا اللَّفْظِ إلَّا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ، وَأَدْخَلَ الْبَيْهَقِيُّ فِي الْخِلَافِيَّاتِ بَيْنَ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ النَّوْفَلِيِّ وَبَيْنَ الْمَقْبُرِيِّ، رَجُلًا، فَإِنَّهُ أَخْرَجَهُ مِنْ طَرِيقِ الشَّافِعِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نَافِعٍ، عَنْ النَّوْفَلِيِّ، عَنْ أَبِي مُوسَى الْحَنَّاطِ، عَنْ الْمَقْبُرِيِّ، وَقَالَ: قَالَ ابْنُ مَعِينٍ: أَبُو مُوسَى هَذَا رَجُلٌ مَجْهُولٌ.

(تَنْبِيهٌ) : احْتَجَّ أَصْحَابُنَا بِهَذَا الْحَدِيثِ، فِي أَنَّ النَّقْضَ إنَّمَا يَكُونُ إذَا مَسَّ الذَّكَرَ بِبَاطِنِ الْكَفِّ، لِمَا يُعْطِيهِ لَفْظُ الْإِفْضَاءِ، لِأَنَّ مَفْهُومَ الشَّرْطِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ غَيْرَ الْإِفْضَاءِ لَا يَنْقُضُ، فَيَكُونُ تَخْصِيصًا لِعُمُومِ الْمَنْطُوقِ، لَكِنْ نَازَعَ فِي دَعْوَى أَنَّ الْإِفْضَاءَ لَا يَكُونُ إلَّا بِبَطْنِ الْكَفِّ غَيْرُ وَاحِدٍ، قَالَ ابْنُ سِيدَهْ فِي الْمُحْكَمِ: أَفْضَى فُلَانٌ إلَى فُلَانٍ، وَصَلَ إلَيْهِ، وَالْوُصُولُ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ بِظَاهِرِ الْكَفِّ أَوْ بَاطِنِهَا. وَقَالَ ابْنُ حَزْمٍ: الْإِفْضَاءُ يَكُونُ بِظُهْرِ الْيَدِ كَمَا يَكُونُ بِبَطْنِهَا. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: الْإِفْضَاءُ فَرْدٌ مِنْ أَفْرَادِ الْمَسِّ، فَلَا يَقْتَضِي التَّخْصِيصَ.

167 -

(16) - حَدِيثُ عَائِشَةَ: «وَيْلٌ لِلَّذِينَ يَمَسُّونَ فُرُوجَهُمْ ثُمَّ يُصَلُّونَ وَلَا يَتَوَضَّئُونَ» الْحَدِيثُ وَفِيهِ: «إذَا مَسَّتْ إحْدَاكُنَّ فَرْجَهَا فَلْتَتَوَضَّأْ» الدَّارَقُطْنِيُّ وَضَعَّفَهُ بِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْعُمَرِيِّ، وَكَذَا ضَعَّفَهُ ابْنُ حِبَّانَ بِهِ، وَلَهُ شَاهِدٌ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، وَقَدْ تَقَدَّمَ.

وَرَوَى ابْنُ عَدِيٍّ مِنْ

ص: 220

حَدِيثِ «بُسْرَةَ، أَنَّهَا سَمِعَتْ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَأْمُرُ بِالْوُضُوءِ مِنْ مَسِّ الذَّكَرِ، وَالْمَرْأَةُ مِثْلُ ذَلِكَ» . قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ. تَفَرَّدَ بِهَذِهِ الزِّيَادَةِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ نِمْرٍ، وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: فِيهِ وَهْمٌ فِي مَوْضِعَيْنِ، أَحَدُهُمَا: فِي رِوَايَتِهِ إيَّاهُ، عَنْ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، وَلَمْ يَسْمَعْهُ الزُّهْرِيُّ مِنْهُ، وَالثَّانِي: فِي ذِكْرِ الْمَرْأَةِ.

وَرَوَى الطَّحَاوِيُّ مِنْ طَرِيقِ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، أَنَّهُ سَمِعَ رَجُلًا يُحَدِّثُ فِي مَسْجِدِ الْمَدِينَةِ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ مِثْلَ حَدِيثِ بُسْرَةَ، رِجَالُ إسْنَادِهِ ثِقَاتٌ؛ إلَّا هَذَا الْمُبْهَمَ، وَصَحَّحَ الْحَاكِمُ وَقْفَهُ عَلَى عَائِشَةَ بِالْجُمْلَةِ الْأَخِيرَةِ. وَأَخْرَجَهُ مِنْ طَرِيقَيْنِ. وَرُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ مَا يُخَالِفُهُ، قَالَ أَبُو يَعْلَى: حَدَّثَنَا الْجَرَّاحُ بْنُ مَخْلَدٍ، حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا الْمُفَضَّلُ بْنُ ثَوَابٍ، حَدَّثَنِي حُسَيْنُ بْنُ ذِرَاعٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ يُوسُفَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْحِمْيَرِيِّ قَالَ: دَخَلْتُ أَنَا وَرِجَالٌ مَعِي عَلَى عَائِشَةَ، فَقَالَتْ:«سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: مَا أُبَالِي مَسِسْتُ فَرْجِي، أَوْ أَنْفِي» إسْنَادُهُ مَجْهُولٌ.

168 -

(17) - حَدِيثُ: «مِنْ مَسِّ الْفَرْجِ الْوُضُوءُ» تَقَدَّمَ مِنْ حَدِيثِ بُسْرَةَ، وَهَذَا لَفْظُ رِوَايَةِ الطَّبَرَانِيِّ عَنْ إِسْحَاقَ الدَّبَرِيِّ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ مَرْوَانَ، عَنْ «بُسْرَةَ: أَنَّهَا سَمِعَتْ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَأْمُرُ بِالْوُضُوءِ مِنْ مَسِّ الْفَرْجِ» ، فَكَأَنَّ عُرْوَةَ لَمْ يَرْجِعْ لِحَدِيثِهِ فَأَرْسَلَ إلَيْهَا شُرْطِيًّا فَرَجَعَ فَأَخْبَرَهُمْ أَنَّهَا سَمِعَتْ ذَلِكَ.

169 -

(18) - حَدِيثُ: رُوِيَ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قَبَّلَ زُبَيْبَةَ الْحَسَنِ أَوْ الْحُسَيْنِ وَصَلَّى وَلَمْ يَتَوَضَّأْ» الطَّبَرَانِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ «عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى الْأَنْصَارِيِّ قَالَ: كُنَّا عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَجَاءَ الْحَسَنُ فَأَقْبَلَ يَتَمَرَّغُ عَلَيْهِ، فَرَفَعَ عَنْ قَمِيصِهِ، وَقَبَّلَ زُبَيْبَتَهُ» . قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: إسْنَادُهُ لَيْسَ بِالْقَوِيِّ، قُلْتُ: وَلَيْسَ فِيهِ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَتَوَضَّأْ، وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ مِنْ طَرِيقِ

ص: 221

قَابُوسِ بْنِ أَبِي ظَبْيَانَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ «ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: رَأَيْتَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَرَّجَ مَا بَيْنَ فَخِذَيْ الْحُسَيْنِ، وَقَبَّلَ زُبَيْبَتَهُ» وَقَابُوسٌ ضَعَّفَهُ النَّسَائِيُّ، وَلَيْسَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَيْضًا أَنَّهُ صَلَّى عَقِبَ ذَلِكَ، وَأَنْكَرَ ابْنُ الصَّلَاحِ عَلَى الْغَزَالِيِّ هَذَا السِّيَاقَ. وَالْغَزَالِيُّ تَبِعَ الْإِمَامَ فِي النِّهَايَةِ فِيهِ، قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: وَلَيْسَ فِي حَدِيثِ أَبِي لَيْلَى تَرَدُّدٌ بَيْنَ الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ، إنَّمَا هُوَ عَنْ الْحَسَنِ، بِفَتْحِ الْحَاءِ مُكَبَّرًا، وَإِذَا تَقَرَّرَ أَنَّهُ لَيْسَ فِي الْحَدِيثِ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم، صَلَّى عَقِبَ ذَلِكَ، فَلَا يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى عَدَمِ النَّقْضِ، نَعَمْ يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى جَوَازِ مَسِّ فَرْجِ الصَّغِيرِ وَرُؤْيَتِهِ.

وَقَالَ الْإِمَامُ فِي النِّهَايَةِ: هُوَ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ جَرَى مِنْ وَرَاءِ ثَوْبٍ، وَتَبِعَهُ الْغَزَالِيُّ فِي الْوَسِيطِ، قُلْت: وَسِيَاقُ الْبَيْهَقِيّ يَأْبَى هَذَا التَّأْوِيلَ فَإِنَّ فِيهِ أَنَّهُ رَفَعَ قَمِيصَهُ.

170 -

(19) - حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ: «إذَا وَجَدَ أَحَدُكُمْ فِي بَطْنِهِ شَيْئًا فَأَشْكَلَ عَلَيْهِ، أَخَرَجَ مِنْهُ شَيْءٌ أَمْ لَا، فَلَا يَخْرُجَنَّ مِنْ الْمَسْجِدِ، حَتَّى يَسْمَعَ صَوْتًا أَوْ يَجِدَ رِيحًا» مُسْلِمٌ وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ. وَفِي الْبَابِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَاصِمٍ الْمَازِنِيِّ بِمَعْنَاهُ.

171 -

(20) - حَدِيثُ: «إنَّ الشَّيْطَانَ لَيَأْتِي أَحَدَكُمْ فَيَنْفُخُ بَيْنَ أَلْيَتَيْهِ، وَيَقُولُ: أَحْدَثْتَ أَحْدَثْتَ، فَلَا يَنْصَرِفَنَّ حَتَّى يَسْمَعَ صَوْتًا أَوْ يَجِدَ رِيحًا» هَذَا الْحَدِيثُ تَبِعَ فِي إيرَادِهِ الْغَزَالِيَّ، وَهُوَ تَبِعَ الْإِمَامَ، وَكَذَا (ذَكَرَهُ) الْمَاوَرْدِيُّ، وَقَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ فِي الْمَطْلَبِ: لَمْ أَظْفَرَ بِهِ، يَعْنِي هَذَا الْحَدِيثَ انْتَهَى. وَقَدْ ذَكَرَهُ الْبَيْهَقِيّ فِي الْخِلَافِيَّاتِ، عَنْ الرَّبِيعِ، عَنْ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: فَذَكَرَهُ بِغَيْرِ إسْنَادٍ، دُونَ قَوْلِهِ: فَيَقُولُ: أَحْدَثْتَ أَحْدَثْتَ " وَذَكَرَهُ

ص: 222

الْمُزَنِيّ فِي الْمُخْتَصَرِ عَنْ الشَّافِعِيِّ نَحْوَهُ بِغَيْرِ إسْنَادٍ أَيْضًا، ثُمَّ سَاقَهُ الْبَيْهَقِيّ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَاصِمٍ الْمَازِنِيِّ (بِمَعْنَاهُ) وَهُوَ فِي الصَّحِيحَيْنِ.

وَفِي الْبَابِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، وَابْنِ عَبَّاسٍ. أَمَّا حَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ: فَرَوَاهُ الْحَاكِمُ مِنْ طَرِيقِ عِيَاضِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إذَا جَاءَ أَحَدَكُمْ الشَّيْطَانُ، فَقَالَ: إنَّك أَحْدَثْتَ، فَلْيَقُلْ كَذَبْتَ، إلَّا مَا وَجَدَ رِيحًا بِأَنْفِهِ، أَوْ سَمِعَ صَوْتًا بِأُذُنِهِ» وَرَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ بِلَفْظِ: «فَلْيَقُلْ فِي نَفْسِهِ: كَذَبْتَ» وَهُوَ عِنْدَ أَحْمَدَ بِلَفْظِ: «إنَّ الشَّيْطَانَ لَيَأْتِي أَحَدَكُمْ وَهُوَ فِي صَلَاتِهِ، فَيَأْخُذُ بِشَعْرَةٍ مِنْ دُبُرِهِ فَيَمُدُّهَا، فَيَرَى أَنَّهُ أَحْدَثَ، فَلَا يَنْصَرِفْ حَتَّى يَسْمَعَ صَوْتًا» وَفِي إسْنَادِ أَحْمَدَ، عَلِيُّ بْنُ زَيْدِ بْنِ جُدْعَانَ. وَأَمَّا حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ: فَرَوَاهُ الْبَزَّارُ بِلَفْظِ: «يَأْتِي أَحَدَكُمْ الشَّيْطَانُ فِي صَلَاتِهِ، حَتَّى يَنْفُخَ فِي مَقْعَدَتِهِ، فَيُخَيَّلُ لَهُ أَنَّهُ قَدْ أَحْدَثَ وَلَمْ يُحْدِثْ، فَإِذَا وَجَدَ ذَلِكَ أَحَدُكُمْ فَلَا يَنْصَرِفْ حَتَّى يَسْمَعَ صَوْتًا بِأُذُنِهِ، أَوْ يَجِدَ رِيحًا بِأَنْفِهِ» وَفِي إسْنَادِهِ أَبُو أُوَيْسٍ، لَكِنْ تَابَعَهُ الدَّرَاوَرْدِيُّ عِنْدَ الْبَيْهَقِيّ.

ص: 223

(تَنْبِيهٌ) : قَالَ الرَّافِعِيُّ: هَذَا الْخَبَرُ حُجَّةٌ عَلَى مَالِكٍ، فِي تَفْرِقَتِهِ بَيْنَ الشَّكِّ فِي الصَّلَاةِ وَخَارِجِهَا، لِأَنَّهُ مُطْلَقٌ، انْتَهَى. وَرِوَايَةُ أَبِي دَاوُد لِهَذَا الْحَدِيثِ حُجَّةٌ لِمَالِكٍ، فَإِنَّهُ أَخْرَجَ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ بِلَفْظِ:«إذَا كَانَ أَحَدُكُمْ فِي الصَّلَاةِ فَوَجَدَ رِيحًا أَوْ حَرَكَةً فِي دُبُرِهِ، فَأَشْكَلَ عَلَيْهِ فَلَا يَنْصَرِفْ» الْحَدِيثُ.

172 -

(21) - حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ: فِي الَّذِي لَهُ مَا لِلرِّجَالِ وَمَا لِلنِّسَاءِ، يُوَرَّثُ مِنْ حَيْثُ يَبُولُ. ابْنُ عَدِيٍّ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ الْكَلْبِيِّ عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:«أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ مَوْلُودٍ لَهُ قُبُلٌ وَذَكَرٌ مِنْ أَيْنَ يُوَرَّثُ؟ قَالَ: مِنْ حَيْثُ يَبُولُ» أَوْرَدَهُ الْبَيْهَقِيّ فِي الْمَعْرِفَةِ فِي الْفَرَائِضِ، وَالْكَلْبِيُّ هُوَ مُحَمَّدُ بْنُ السَّائِبِ، مَتْرُوكُ الْحَدِيثِ؛ بَلْ كَذَّابٌ، وَأَخْرَجَهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي الْمَوْضُوعَاتِ، وَيُغْنِي عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ الِاحْتِجَاجُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بِالْإِجْمَاعِ، فَقَدْ نَقَلَهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ وَغَيْرُهُ، وَقَدْ رَوَى ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَعَبْدُ الرَّزَّاقِ هَذَا عَنْ عَلِيٍّ: أَنَّهُ وَرَّثَ خُنْثَى مِنْ حَيْثُ يَبُولُ، إسْنَادُهُ صَحِيحٌ.

173 -

(22) - حَدِيثُ: «لَا صَلَاةَ إلَّا بِطَهَارَةٍ» قُلْتُ: لَمْ أَرَ هَذَا الْحَدِيثَ بِهَذَا اللَّفْظِ، نَعَمْ رَوَى التِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ:«لَا تُقْبَلُ صَلَاةٌ إلَّا بِطَهُورٍ» وَأَصْلُهُ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ بِلَفْظِ: «لَا تُقْبَلُ صَلَاةٌ بِغَيْرِ طَهُورٍ» وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ بِلَفْظِ: «لَا صَلَاةَ لِمَنْ لَا

ص: 224

طَهُورَ لَهُ» . وَفِي الْبَابِ: عَنْ وَالِدِ أَبِي الْمَلِيحِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَأَنَسٍ، وَأَبِي بَكْرَةَ، وَأَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ، وَالزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ، وَأَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ وَغَيْرِهِمْ، وَقَدْ أَوْضَحْتُ طُرُقَهُ وَأَلْفَاظَهُ فِي الْكَلَامِ عَلَى أَوَائِلِ التِّرْمِذِيِّ.

174 -

(23) - حَدِيثُ: رُوِيَ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «الطَّوَافُ بِالْبَيْتِ صَلَاةٌ، إلَّا أَنَّ اللَّهَ أَبَاحَ فِيهِ الْكَلَامَ» التِّرْمِذِيُّ، وَالْحَاكِمُ وَالدَّارَقُطْنِيّ، مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ السَّكَنِ، وَابْنُ خُزَيْمَةَ، وَابْنُ حِبَّانَ، وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: رُوِيَ مَرْفُوعًا وَمَوْقُوفًا، وَلَا نَعْرِفُهُ مَرْفُوعًا إلَّا مِنْ حَدِيثِ عَطَاءٍ، وَمَدَارُهُ عَلَى عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ طَاوُسٍ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَاخْتُلِفَ فِي رَفْعِهِ وَوَقْفِهِ. وَرَجَّحَ الْمَوْقُوفَ النَّسَائِيُّ، وَالْبَيْهَقِيُّ، وَابْنُ الصَّلَاحِ وَالْمُنْذِرِيُّ، وَالنَّوَوِيُّ، وَزَادَ: إنَّ رِوَايَةَ الرَّفْعِ ضَعِيفَةٌ، وَفِي إطْلَاقِ ذَلِكَ نَظَرٌ، فَإِنَّ عَطَاءَ بْنَ السَّائِبِ صَدُوقٌ، وَإِذَا رُوِيَ عَنْهُ الْحَدِيثُ مَرْفُوعًا تَارَةً، وَمَوْقُوفًا أُخْرَى، فَالْحُكْمُ عِنْدَ هَؤُلَاءِ الْجَمَاعَةِ لِلرَّفْعِ، وَالنَّوَوِيُّ مِمَّنْ يَعْتَمِدُ ذَلِكَ وَيُكْثِرُ مِنْهُ وَلَا يَلْتَفِتُ إلَى تَعْلِيلِ الْحَدِيثِ بِهِ إذَا كَانَ الرَّافِعُ ثِقَةً، فَيَجِيءُ عَلَى طَرِيقَتِهِ أَنَّ الْمَرْفُوعَ صَحِيحٌ، فَإِنْ اعْتَلَّ عَلَيْهِ بِأَنَّ عَطَاءَ بْنَ السَّائِبِ اخْتَلَطَ، وَلَا تُقْبَلُ إلَّا رِوَايَةُ مَنْ رَوَاهُ عَنْهُ قَبْلَ اخْتِلَاطِهِ، أُجِيبَ بِأَنَّ الْحَاكِمَ أَخْرَجَهُ مِنْ رِوَايَةِ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْهُ، وَالثَّوْرِيُّ مِمَّنْ سَمِعَ قَبْلَ اخْتِلَاطِهِ بِاتِّفَاقٍ.

وَإِنْ كَانَ الثَّوْرِيُّ قَدْ اخْتَلَفَ عَلَيْهِ فِي وَقْفِهِ وَرَفْعِهِ، فَعَلَى طَرِيقَتِهِمْ تُقَدَّمُ رِوَايَةُ الرَّفْعِ أَيْضًا، وَالْحَقُّ أَنَّهُ مِنْ رِوَايَةِ سُفْيَانَ مَوْقُوفٌ، وَوَهَمَ عَلَيْهِ مَنْ رَفَعَهُ. قَالَ الْبَزَّارُ: لَا نَعْلَمُ

ص: 225

أَحَدًا رَوَاهُ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إلَّا ابْنُ عَبَّاسٍ، وَلَا نَعْلَمُ أَسْنَدَ عَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ عَنْ طَاوُسٍ غَيْرَ هَذَا، وَرَوَاهُ غَيْرُ وَاحِدٍ عَنْ عَطَاءٍ مَوْقُوفًا، وَأَسْنَدَهُ جَرِيرٌ وَفُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ، قُلْت: وَقَدْ غَلِطَ فِيهِ أَبُو حُذَيْفَةَ، فَرَوَاهُ مَرْفُوعًا عَنْ الثَّوْرِيِّ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ طَاوُسٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبَانَ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ ثَابِتٍ الْجَحْدَرِيِّ عَنْهُ، ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّ الْغَلَطَ مِنْ الْجَحْدَرِيِّ وَإِلَّا، فَقَدْ أَخْرَجَهُ ابْنُ السَّكَنِ مِنْ طَرِيقِ أَبِي حُذَيْفَةَ، فَقَالَ: عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَلَهُ طَرِيقٌ أُخْرَى لَيْسَ فِيهَا عَطَاءٌ وَهِيَ عِنْدَ النَّسَائِيّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي عَوَانَةَ، عَنْ إبْرَاهِيمَ بْنِ مَيْسَرَةَ، عَنْ طَاوُسٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ مَوْقُوفًا، وَرَفَعَهُ عَنْ إبْرَاهِيمَ، مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ، وَهُوَ ضَعِيفٌ رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ.

وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ مُوسَى بْنِ أَعْيَنَ، عَنْ لَيْثِ بْنِ أَبِي سُلَيْمٍ، عَنْ طَاوُسٍ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا، وَلَيْثٌ يُسْتَشْهَدُ بِهِ قُلْتُ: لَكِنْ اخْتَلَفَ عَلَى مُوسَى بْنِ أَعْيَنَ فِيهِ.

فَرَوَى الدَّارِمِيُّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ مَعْبَدٍ عَنْهُ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، فَرَجَعَ إلَى رِوَايَةِ عَطَاءٍ، وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ الْبَاغَنْدِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ أَبَانَ، عَنْ ابْنِ عُيَيْنَةَ، عَنْ إبْرَاهِيمَ مَرْفُوعًا، وَأَنْكَرَهُ الْبَيْهَقِيُّ عَلَى الْبَاغَنْدِيِّ، وَلَهُ طَرِيقٌ أُخْرَى مَرْفُوعَةٌ أَخْرَجَهَا الْحَاكِمُ فِي أَوَائِلِ تَفْسِيرِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ مِنْ الْمُسْتَدْرَكِ مِنْ طَرِيقِ الْقَاسِمِ بْنِ أَبِي أَيُّوبَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ. قَالَ: قَالَ اللَّهُ لِنَبِيِّهِ: {طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ} [البقرة: 125] فَالطَّوَافُ قَبْلَ الصَّلَاةِ، وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«الطَّوَافُ بِمَنْزِلَةِ الصَّلَاةِ إلَّا أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَلَّ فِيهِ النُّطْقَ، فَمَنْ نَطَقَ فَلَا يَنْطِقُ إلَّا بِخَيْرٍ» وَصَحَّحَ إسْنَادَهُ، وَهُوَ كَمَا قَالَ فَإِنَّهُمْ ثِقَاتٌ، وَأَخْرَجَ

ص: 226

مِنْ طَرِيقِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَوَّلَهُ الْمَوْقُوفَ، وَمِنْ طَرِيقِ فُضَيْلِ بْنِ عِيَاضٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ طَاوُسٍ، آخِرَهُ الْمَرْفُوعَ، وَرَوَى النَّسَائِيُّ وَأَحْمَدُ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ الْحَسَنِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ طَاوُسٍ، عَنْ رَجُلٍ أَدْرَكَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «الطَّوَافُ صَلَاةٌ، فَإِذَا طُفْتُمْ فَأَقِلُّوا الْكَلَامَ» وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ صَحِيحَةٌ، وَهِيَ تُعَضِّدُ رِوَايَةَ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، وَتُرَجِّحُ الرِّوَايَةَ الْمَرْفُوعَةَ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُبْهَمَ فِيهَا هُوَ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَعَلَى تَقْدِيرِ أَنْ يَكُونَ غَيْرُهُ، فَلَا يَضُرُّ، إبْهَامَ الصَّحَابَةِ.

وَرَوَاهُ النَّسَائِيُّ أَيْضًا، مِنْ طَرِيقِ حَنْظَلَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ طَاوُسٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ مَوْقُوفًا.

وَإِذَا تَأَمَّلْتَ هَذِهِ الطُّرُقَ عَرَفْتَ أَنَّهُ اخْتَلَفَ عَلَى طَاوُسٍ عَلَى خَمْسَةِ أَوْجُهٍ، فَأَوْضَحُ الطُّرُقِ وَأَسْلَمُهَا، رِوَايَةُ الْقَاسِمِ بْنِ أَبِي أَيُّوبَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، فَإِنَّهَا سَالِمَةٌ مِنْ الِاضْطِرَابِ، إلَّا أَنِّي أَظُنُّ أَنَّ فِيهَا إدْرَاجًا، وَاَللَّهُ أَعْلَمْ.

175 -

(24) - حَدِيثُ: أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم «قَالَ لِحَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ: لَا يَمَسُّ الْمُصْحَفَ إلَّا طَاهِرٌ» الدَّارَقُطْنِيُّ وَالْحَاكِمُ فِي الْمَعْرِفَةِ مِنْ مُسْتَدْرَكِهِ. وَالْبَيْهَقِيُّ فِي الْخِلَافِيَّاتِ وَالطَّبَرَانِيُّ مِنْ حَدِيثِ «حَكِيمٍ، قَالَ: لَمَّا بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إلَى الْيَمَنِ، قَالَ: لَا تَمَسَّ الْقُرْآنَ إلَّا وَأَنْتَ طَاهِرٌ» وَفِي إسْنَادِهِ سُوَيْدٌ أَبُو حَاتِمٍ، وَهُوَ ضَعِيفٌ، وَذَكَرَ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ: أَنَّهُ تَفَرَّدَ بِهِ، وَحَسَّنَ الْحَازِمِيُّ إسْنَادَهُ، وَاعْتَرَضَ النَّوَوِيُّ، عَلَى صَاحِبِ الْمُهَذَّبِ فِي إيرَادِهِ لَهُ: عَنْ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ، بِمَا حَاصِلُهُ أَنَّهُ تَبِعَ فِي ذَلِكَ

ص: 227

الشَّيْخَ أَبَا حَامِدٍ، يَعْنِي فِي قَوْلِهِ: عَنْ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ.

قَالَ: وَالْمَعْرُوفُ فِي كُتُبِ الْحَدِيثِ أَنَّهُ عَنْ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ.

قُلْتُ: حَدِيثُ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ أَشْهَرُ، وَهُوَ فِي الْكِتَابِ الطَّوِيلِ، كَمَا سَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ فِي الدِّيَاتِ - إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى -، ثُمَّ إنَّ الشَّيْخَ مُحْيِيَ الدِّينِ فِي الْخُلَاصَةِ، ضَعَّفَ حَدِيثَ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ، وَحَدِيثَ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ، جَمِيعًا، فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ وَقَفَ عَلَى حَدِيثِ حَكِيمٍ بَعْدَ ذَلِكَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

وَفِي الْبَابِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ: رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَالطَّبَرَانِيُّ. وَإِسْنَادُهُ لَا بَأْسَ بِهِ، ذَكَرَ الْأَثْرَمُ أَنَّ أَحْمَدَ احْتَجَّ بِهِ. وَعَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي الْعَاصِ: رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ وَابْنُ أَبِي دَاوُد فِي الْمَصَاحِفِ، وَفِي إسْنَادِهِ انْقِطَاعٌ، وَفِي رِوَايَةِ الطَّبَرَانِيِّ مَنْ لَا يُعْرَفُ. وَعَنْ ثَوْبَانَ: أَوْرَدَهُ عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ فِي مُنْتَخَبِ مُسْنَدِهِ، وَفِي إسْنَادِهِ خُصَيْبُ بْنُ جُحْدُرٍ، وَهُوَ مَتْرُوكٌ. وَرَوَى الدَّارَقُطْنِيُّ فِي قِصَّةِ إسْلَامِ عُمَرَ، أَنَّ أُخْتَهُ قَالَتْ لَهُ قَبْلَ أَنْ يُسْلِمَ: إنَّكَ رِجْسٌ، وَلَا يَمَسُّهُ إلَّا الْمُطَهَّرُونَ " وَفِي إسْنَادِهِ مَقَالٌ. وَفِيهِ عَنْ سَلْمَانَ مَوْقُوفًا، أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ، وَالْحَاكِمُ.

176 -

(25) - قَوْلُهُ: وَيُرْوَى أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لَا يَحْمِلُ الْمُصْحَفَ وَلَا يَمَسُّهُ إلَّا طَاهِرٌ» هَذَا اللَّفْظُ لَا يُعْرَفُ فِي شَيْءٍ مِنْ كُتُبِ الْحَدِيثِ، وَلَا يُوجَدُ ذِكْرُ حَمْلِ الْمُصْحَفِ فِي شَيْءٍ مِنْ الرِّوَايَاتِ وَأَمَّا الْمَسُّ فَفِيهِ الْأَحَادِيثُ الْمَاضِيَةُ.

177 -

(26) - حَدِيثُ: أَنَّهُ «صلى الله عليه وسلم كَتَبَ كِتَابًا إلَى هِرَقْلَ،

ص: 228

وَكَانَ فِيهِ {تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ} [آل عمران: 64] » الْآيَةُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ صَخْرِ بْنِ حَرْبٍ فِي حَدِيثٍ طَوِيلٍ.

178 -

(27) - قَوْلُهُ: اللَّمْسُ الْمُرَادُ بِهِ الْجَسُّ بِالْيَدِ، وَرُوِيَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ وَغَيْرِهِ، انْتَهَى. أَمَّا ابْنُ عُمَرَ: فَرَوَاهُ مَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ عَنْهُ، بِلَفْظِ «مَنْ قَبَّلَ امْرَأَةً أَوْ جَسَّهَا بِيَدِهِ، فَعَلَيْهِ الْوُضُوءُ» وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ، بِلَفْظِ «الْقُبْلَةُ مِنْ اللَّمْسِ، وَفِيهَا الْوُضُوءُ» وَاللَّمْسُ مَا دُونَ الْجِمَاعِ. وَفِي رِوَايَةٍ عَنْهُ فِي قَوْلِهِ: {أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ} [النساء: 43] مَعْنَاهُ مَا دُونَ الْجِمَاعِ، وَاسْتَدَلَّ الْحَاكِمُ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِاللَّمْسِ مَا دُونَ الْجِمَاعِ، بِحَدِيثِ «عَائِشَةَ: مَا كَانَ، أَوْ قَلَّ يَوْمٌ، إلَّا وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَأْتِينَا فَيَقِيلُ عِنْدَنَا وَيُقَبِّلُ وَيَلْمِسُ» الْحَدِيثُ وَاسْتَدَلَّ الْبَيْهَقِيُّ بِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ «الْيَدُ زِنَاهَا اللَّمْسُ» وَفِي قِصَّةِ مَاعِزٍ «لَعَلَّك قَبَّلْتَ أَوْ لَمَسْتَ» وَبِحَدِيثِ عُمَرَ:«الْقُبْلَةُ مِنْ اللَّمْسِ، فَتَوَضَّئُوا مِنْهَا» وَأَمَّا ابْنُ عَبَّاسٍ: فَحَمَلَهُ عَلَى الْجِمَاعِ.

(فَائِدَةٌ) رَوَى النَّسَائِيُّ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّحْمَنَ بْنِ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ «عَائِشَةَ، قَالَتْ: إنْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَيُصَلِّي وَأَنَا مُعْتَرِضَةٌ بَيْنَ يَدَيْهِ اعْتِرَاضَ الْجِنَازَةِ، حَتَّى إذَا أَرَادَ أَنْ يُوتِرَ، مَسَّنِي بِرِجْلِهِ» إسْنَادُهُ صَحِيحٌ، وَاسْتَدَلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ اللَّمْسَ فِي الْآيَةِ الْجِمَاعُ، لِأَنَّهُ مَسَّهَا فِي الصَّلَاةِ وَاسْتَمَرَّ.

ص: 229

وَأَمَّا حَدِيثُ: حَبِيبٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ «عَائِشَةَ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُقَبِّلُ بَعْضَ نِسَائِهِ ثُمَّ يُصَلِّي وَلَا يَتَوَضَّأُ» فَمَعْلُولٌ، ذَكَرَ عِلَّتَهُ أَبُو دَاوُد، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَالدَّارَقُطْنِيّ وَالْبَيْهَقِيُّ، وَابْنُ حَزْمٍ، وَقَالَ: لَا يَصِحُّ فِي هَذَا الْبَابِ شَيْءٌ، وَإِنْ صَحَّ فَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ الْأَمْرُ قَبْلَ نُزُولِ الْوُضُوءِ مِنْ اللَّمْسِ.

ص: 230