الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[بَابُ الْأَذَانِ]
284 -
(1) - حَدِيث: «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم جَمَعَ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ وَأَسْقَطَ الْأَذَانَ مِنْ الثَّانِيَةِ.» هَذَا مُسْتَفَادٌ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ الطَّوِيلِ عِنْدَ مُسْلِمٍ فِي صِفَةِ الْحَجِّ، فَفِيهِ:«أَنَّهُ خَطَبَ بِعَرَفَةَ، ثُمَّ أَذَّنَ، ثُمَّ أَقَامَ فَصَلَّى الظُّهْرَ، ثُمَّ أَقَامَ فَصَلَّى الْعَصْرَ، وَلَمْ يُصَلِّ بَيْنَهُمَا» .
وَرَوَى أَبُو دَاوُد مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ: «جَمَعَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ، بِجَمْعٍ بِإِقَامَةٍ وَاحِدَةٍ لِكُلِّ صَلَاةٍ، وَلَمْ يُنَادَ فِي الْأُولَى» . وَفِي رِوَايَةٍ: «أَنَّهُ لَمْ يُنَادَ بَيْنَهُمَا وَلَا عَلَى إثْرِ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا إلَّا بِالْإِقَامَةِ» وَأَصْلُهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ، وَفِي رِوَايَةٍ لِلشَّافِعِيِّ:«لَمْ يُنَادَ فِي وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا إلَّا بِإِقَامَةٍ» . وَفِي الْبُخَارِيِّ: «جَمَعَ بِجَمْعٍ، كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا بِإِقَامَةٍ» . وَلَمْ يَذْكُرْ الْأَذَانَ، وَفِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ:«أَنَّهُ بِإِقَامَةٍ وَاحِدَةٍ» . أَخْرَجَهُ مِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ، لَكِنْ بَيَّنَ أَبُو دَاوُد فِي رِوَايَتِهِ أَنَّ قَوْلَهُ: بِإِقَامَةٍ وَاحِدَةٍ؛ أَيْ لِكُلِّ صَلَاةٍ، وَرَوَاهُ أَبُو الشَّيْخِ الْأَصْبَهَانِيُّ، مِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَالْمَحْفُوظُ عَنْ ابْنِ عُمَرَ، وَذَكَرَ الطَّبَرِيُّ فِي تَهْذِيبِ الْآثَارِ:«أَنَّهُ صَلَّاهُمَا بِإِقَامَةٍ وَاحِدَةٍ» مِنْ حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، وَخُزَيْمَةَ بْنِ ثَابِتٍ وَأُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ، وَابْنِ عُمَرَ أَيْضًا. قُلْت: هُوَ مِمَّا اُخْتُلِفَ فِيهِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ، وَأُسَامَةَ، وَابْنِ مَسْعُودٍ، فَإِنَّ حَدِيثَ أُسَامَةَ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ بِلَفْظِ: «فَصَلَّى الْمَغْرِبَ ثُمَّ أَنَاخَ كُلُّ إنْسَانٍ بَعِيرَهُ فِي مَنْزِلِهِ، ثُمَّ أُقِيمَتْ
الْعِشَاءُ فَصَلَّاهَا وَلَمْ يُصَلِّ بَيْنَهُمَا» ، وَحَدِيثُ ابْنِ مَسْعُودٍ فِي الْبُخَارِيِّ:«أَنَّهُ صَلَّاهُمَا بِأَذَانَيْنِ وَإِقَامَتَيْنِ» .
285 -
(2) - حَدِيثٌ: «صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي، فَإِذَا حَضَرَتْ الصَّلَاةُ فَلْيُؤَذِّنْ لَكُمْ أَحَدُكُمْ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ مَالِكِ بْنِ الْحُوَيْرِثِ بِأَلْفَاظٍ مُخْتَلِفَةٍ، وَاللَّفْظُ الْمَذْكُورُ هُنَا لِلْبُخَارِيِّ فِي كِتَابِ الْأَذَانِ، وَزَادَ فِي أَوَّلِهِ قِصَّةً: وَفِي آخِرِهِ: «ثُمَّ لِيَؤُمَّكُمْ أَكْبَرُكُمْ» .
286 -
(3) - حَدِيثُ: «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قَالَ لِأَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ: إنَّك رَجُلٌ تُحِبُّ الْغَنَمَ وَالْبَادِيَةَ، فَإِذَا دَخَلَ وَقْتُ الصَّلَاةِ فَأَذِّنْ وَارْفَعْ صَوْتَك، فَإِنَّهُ لَا يَسْمَعُ صَوْتَك حَجَرٌ وَلَا شَجَرٌ وَلَا مَدَرٌ إلَّا شَهِدَ لَك يَوْمَ الْقِيَامَةِ» ، هَذَا السِّيَاقُ تَبِعَ فِيهِ الْغَزَالِيُّ وَالْإِمَامُ، وَالْقَاضِي الْحُسَيْنُ وَالْمَاوَرْدِيُّ، وَابْنُ دَاوُد شَارِحُ الْمُخْتَصَرِ، وَهُوَ مُغَايِرٌ لِمَا فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ وَالْمُوَطَّأِ. وَغَيْرِهِمَا مِنْ كُتُبِ الْحَدِيثِ، فَفِيهَا عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي صَعْصَعَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّهُ قَالَ لَهُ:«إنِّي أَرَاك تُحِبُّ الْغَنَمَ وَالْبَادِيَةَ فَإِذَا كُنْت فِي غَنَمِك وَبَادِيَتِك فَأَذَّنْت بِالصَّلَاةِ فَارْفَعْ صَوْتَك بِالنِّدَاءِ، فَإِنَّهُ لَا يَسْمَعُ مَدَى صَوْتِ الْمُؤَذِّنِ جِنٌّ وَلَا إنْسٌ إلَّا شَهِدَ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» قَالَ أَبُو سَعِيدٍ: سَمِعْته مِنْ رَسُولِ اللَّهِ
- صلى الله عليه وسلم، وَكَذَا رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ عَنْ مَالِكٍ، وَتَعَقَّبَهُ الشَّيْخُ مُحْيِي الدِّينِ، وَبَالَغَ كَعَادَتِهِ، وَأَجَابَ ابْنُ الرِّفْعَةِ عَنْ هَؤُلَاءِ الْأَئِمَّةِ الَّذِينَ أَوْرَدُوهُ مُغَيَّرًا بِأَنَّهُمْ لَعَلَّهُمْ فَهِمُوا أَنَّ قَوْلَ أَبِي سَعِيدٍ: هَكَذَا سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، عَائِدٌ إلَى كُلِّ مَا ذَكَرَهُ، يَكُونُ تَقْدِيرُهُ: سَمِعْت كُلَّ مَا ذَكَرْت لَك مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَحِينَئِذٍ يَصِحُّ مَا أَوْرَدُوهُ بِاعْتِبَارِ الْمَعْنَى لَا بِصُورَةِ اللَّفْظِ، وَلَا يَخْفَى مَا فِي هَذَا الْجَوَابِ مِنْ الْكُلْفَةِ، وَالرَّافِعِيُّ أَوْرَدَهُ دَالًّا عَلَى اسْتِحْبَابِ أَذَانِ الْمُنْفَرِدِ، وَهُوَ خِلَافُ مَا فَهِمَهُ النَّسَائِيُّ، وَالْبَيْهَقِيُّ، فَإِنَّهُمَا تَرْجَمَا عَلَيْهِ الثَّوَابَ عَلَى رَفْعِ الصَّوْتِ، كَذَا قِيلَ، وَفِيهِ نَظَرٌ، لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ التَّرْجَمَةِ عَلَى بَعْضِ مَدْلُولَاتِ الْحَدِيثِ، أَلَّا يَكُونَ فِيهِ شَيْءٌ آخَرُ، وَقَدْ رَوَى النَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيثِ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ مَرْفُوعًا:«يَعْجَبُ رَبُّك مِنْ رَاعِي غَنَمٍ فِي رَأْسِ شَظِيَّةٍ، يُؤَذِّنُ بِالصَّلَاةِ وَيُصَلِّي، فَيَقُولُ اللَّهُ: اُنْظُرُوا إلَى عَبْدِي» الْحَدِيثَ.
287 -
(4) - حَدِيثُ: «إذَا كَانَ أَحَدُكُمْ بِأَرْضٍ فَلَاةٍ، فَدَخَلَ عَلَيْهِ وَقْتُ صَلَاةٍ، فَإِنْ صَلَّى بِغَيْرِ أَذَانٍ وَلَا إقَامَةٍ صَلَّى وَحْدَهُ، وَإِنْ صَلَّى بِإِقَامَةٍ يُصَلِّي بِإِقَامَتِهِ وَصَلَاتِهِ مَلَكَاهُ، وَإِنْ صَلَّى بِأَذَانٍ وَإِقَامَةٍ صَلَّى خَلْفَهُ صَفٌّ مِنْ الْمَلَائِكَةِ، أَوَّلُهُمْ بِالْمَشْرِقِ وَآخِرُهُمْ بِالْمَغْرِبِ» . هَذَا الْحَدِيثُ بِهَذَا اللَّفْظِ لَمْ أَرَهُ.
وَرَوَى النَّسَائِيُّ فِي الْمَوَاعِظِ مِنْ سُنَنِهِ عَنْ سُوَيْد بْنِ نَصْرٍ: أَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُلٍّ، عَنْ سَلْمَانَ رَفَعَهُ:«إذَا كَانَ الرَّجُلُ فِي أَرْضٍ فَيْءٍ - أَيْ قَفْرٍ - فَتَوَضَّأَ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ الْمَاءَ تَيَمَّمَ، ثُمَّ يُنَادِي بِالصَّلَاةِ، ثُمَّ يُقِيمُهَا وَيُصَلِّيهَا إلَّا أَمَّ مِنْ جُنُودِ اللَّهِ صَفًّا» قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: وَزَادَنِي سُفْيَانُ عَنْ دَاوُد، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ عَنْ، سَلْمَانَ:«يَرْكَعُونَ بِرُكُوعِهِ وَيَسْجُدُونَ بِسُجُودِهِ» وَرَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي مُصَنَّفِهِ
وَابْنُ أَبِي شَيْبَةَ كِلَاهُمَا، عَنْ مُعْتَمِرِ بْنِ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَبِيهِ بِلَفْظِ:«فَحَانَتْ الصَّلَاةُ فَلْيَتَوَضَّأْ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ مَاءً فَلْيَتَيَمَّمْ، فَإِنْ أَقَامَ صَلَّى مَعَهُ مَلَكَاهُ، فَإِنْ أَذَّنَ وَأَقَامَ صَلَّى خَلْفَهُ مِنْ جُنُودِ اللَّهِ مَا لَا يُرَى طَرَفَاهُ» وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ الْوَهَّابِ بْنِ عَطَاءٍ، عَنْ التَّيْمِيِّ نَحْوُهُ، وَمِنْ حَدِيثِ يَزِيدَ بْنِ هَارُونَ، عَنْ التَّيْمِيِّ مَوْقُوفًا وَرَجَّحَهُ عَلَى الْمَرْفُوعِ، وَمِنْ رِوَايَةِ دَاوُد بْنِ أَبِي هِنْدٍ نَحْوُهُ مَا رَوَاهُ النَّسَائِيُّ، قَالَ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ: ثَنَا هُشَيْمٌ، ثَنَا دَاوُد بِهِ.
وَرَوَى أَبُو نُعَيْمٍ فِي الْحِلْيَةِ مِنْ حَدِيثِ كَعْبِ الْأَحْبَارِ مَوْقُوفًا نَحْوَهُ، وَمَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ: أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: مَنْ صَلَّى بِأَرْضٍ فَلَاةٍ صَلَّى عَنْ يَمِينِهِ مَلَكٌ وَعَنْ شِمَالِهِ مَلَكٌ، وَإِنْ أَذَّنَ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ صَلَّى وَرَاءَهُ مِنْ الْمَلَائِكَةِ أَمْثَالُ الْجِبَالِ وَفِي رِوَايَةِ مَعْنٍ وَالْقَعْنَبِيِّ عَنْهُ: أَذَّنَ وَأَقَامَ. قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي الْعِلَلِ: وَرَوَاهُ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ وَهُوَ أَصَحُّ، وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ مِنْ حَدِيثِ الْمُسَيِّبِ بْنِ رَافِعٍ لَا أَعْلَمُهُ إلَّا عَنْ وَرْقَاءَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.
فَذَكَرَ نَحْوَ حَدِيثِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ الْمَاضِي.
288 -
(5) - حَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ: «حُبِسْنَا عَنْ الصَّلَاةِ يَوْمَ الْخَنْدَقِ حَتَّى كَانَ بَعْدَ الْمَغْرِبِ هَوِيًّا مِنْ اللَّيْلِ، فَدَعَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِلَالًا، فَأَقَامَ الظُّهْرَ فَصَلَّاهَا، ثُمَّ أَقَامَ الْعَصْرَ فَصَلَّاهَا، ثُمَّ أَقَامَ الْمَغْرِبَ فَصَلَّاهَا، ثُمَّ أَقَامَ الْعِشَاءَ فَصَلَّاهَا، وَلَمْ يُؤَذِّنْ لَهَا مَعَ الْإِقَامَةِ» الشَّافِعِيُّ عَنْ ابْنِ أَبِي فُدَيْكٍ، عَنْ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ، عَنْ أَبِيهِ بِهَذَا وَأَتَمَّ مِنْهُ، وَلَيْسَ فِي آخِرِهِ ذِكْرُ الْعِشَاءِ، وَلَا قَوْلُهُ: وَلَمْ يُؤَذِّنْ لَهَا مَعَ الْإِقَامَةِ. وَزَادَ «وَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يَنْزِلَ فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ {فَرِجَالا أَوْ رُكْبَانًا} [البقرة: 239] » وَقَدْ رَوَاهُ النَّسَائِيَّ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ
وَفِيهِ: «فَأَذَّنَ لِلظُّهْرِ فَصَلَّاهَا فِي وَقْتِهَا، ثُمَّ أَذَّنَ لِلْعَصْرِ فَصَلَّاهَا فِي وَقْتِهَا، ثُمَّ أَذَّنَ لِلْمَغْرِبِ فَصَلَّاهَا فِي وَقْتِهَا» . وَرَوَاهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ وَابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحَيْهِمَا مِنْ حَدِيثِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْقَطَّانِ، عَنْ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ بِهِ وَفِي آخِرِهِ:«ثُمَّ أَقَامَ الْمَغْرِبَ فَصَلَّى كَمَا كَانَ يُصَلِّيهَا فِي وَقْتِهَا» . وَصَحَّحَهُ ابْنُ السَّكَنِ، وَلِذِكْرِ الْأَذَانِ فِيهِ شَاهِدٌ، مِنْ حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ، وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: لَيْسَ بِإِسْنَادِهِ بَأْسٌ إلَّا أَنَّ أَبَا عُبَيْدَةَ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ أَبِيهِ، وَفِي رِوَايَةِ النَّسَائِيّ فَذَكَرَ الْإِقَامَةَ لِكُلِّ صَلَاةٍ لَمْ يَذْكُرْ أَذَانًا، قَالَ النَّسَائِيُّ: غَرِيبٌ مِنْ حَدِيثِ سَعِيدٍ، عَنْ هِشَامٍ، مَا رَوَاهُ غَيْرُ زَائِدَةَ، وَلَهُ شَاهِدٌ آخَرُ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَفِي سَنَدِهِ عَبْدُ الْكَرِيمِ بْنُ أَبِي الْمُخَارِقِ وَهُوَ مَتْرُوكٌ.
(تَنْبِيهٌ)
رَوَى الطَّحَاوِيُّ: «أَنَّ اللَّهَ حَبَسَ الشَّمْسَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ الْخَنْدَقِ، حِينَ شُغِلُوا عَنْ صَلَاةِ الْعَصْرِ حَتَّى غَرَبَتْ الشَّمْسُ، فَرَدَّهَا اللَّهُ عَلَيْهِ حَتَّى صَلَّى الْعَصْرَ» . وَحَكَى النَّوَوِيُّ عَنْهُ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ أَنَّ رُوَاتَهُ ثِقَاتٌ ذَكَرَهُ فِي بَابِ تَحْلِيلِ الْغَنَائِمِ.
289 -
(6) - حَدِيثُ: «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم كَانَ فِي سَفَرٍ فَقَالَ: احْفَظُوا عَلَيْنَا صَلَاتَنَا، - يَعْنِي رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ - فَضُرِبَ عَلَى آذَانِهِمْ، فَمَا أَيْقَظَهُمْ إلَّا حَرُّ الشَّمْسِ، فَقَامُوا فَسَارُوا هُنَيْئَةً، ثُمَّ نَزَلُوا فَتَوَضَّئُوا، وَأَذَّنَ بِلَالٌ فَصَلُّوا رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ وَرَكِبُوا» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي قَتَادَةَ مُطَوَّلًا وَلَهُ أَلْفَاظٌ، وَمِنْ
طَرِيقِ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ مُخْتَصَرًا وَفِيهِ قِصَّةٌ، وَلَيْسَ فِيهِ ذِكْرُ الْأَذَانِ وَلَا الْإِقَامَةِ، وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَابْنُ حِبَّانَ مِنْ طَرِيقِ الْحَسَنِ، عَنْ عِمْرَانَ وَفِيهِ:«ثُمَّ أَمَرَ مُؤَذِّنًا فَأَذَّنَ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ أَقَامَ ثُمَّ صَلَّى الْفَجْرَ» . وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ، وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَفِيهِ:«فَأَذَّنَ وَأَقَامَ» ، وَزَادَ فِيهِ أَبُو الْعَبَّاسِ السَّرَّاجُ:«أَنَّهُ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ فِي مَكَانِهِ، ثُمَّ قَالَ: اقْتَادُوا بِنَا مِنْ هَذَا الْمَكَانِ، وَصَلُّوا الصُّبْحَ فِي مَكَان آخَرَ» وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ وَالْبَزَّارُ مِنْ حَدِيثِ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ بِلَالٍ وَفِيهِ انْقِطَاعٌ، وَالنَّسَائِيُّ وَأَحْمَدُ وَالطَّبَرَانِيُّ مِنْ حَدِيثِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ، وَأَحْمَدُ وَابْنُ حِبَّانَ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَأَبُو دَاوُد مِنْ حَدِيثِ
عَمْرِو بْنِ أُمَيَّةَ الضَّمْرِيِّ وَذِي مِخْبَرٍ، وَالنَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي مَرْيَمَ السَّلُولِيِّ، وَفِي حَدِيثِهِمْ ذِكْرُ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ، وَرَوَاهُ الْبَزَّارُ وَالطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَفِيهِ:«فَأَمَرَ مُؤَذِّنًا فَأَذَّنَ كَمَا كَانَ يُؤَذِّنُ»
290 -
(7)(فَائِدَةٌ)
أَخْرَجَ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ، مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْقِصَّةَ كَانَتْ بِخَيْبَرَ، وَبِذَلِكَ صَرَّحَ ابْنُ إِسْحَاقَ وَغَيْرُهُ، مِنْ أَهْلِ الْمَغَازِي فَقَالُوا: إنَّ ذَلِكَ كَانَ حِينَ قَوْلِهِ مِنْ خَيْبَرَ، وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: هُوَ الصَّحِيحُ، وَقِيلَ: مَرْجِعُهُ مِنْ حُنَيْنٍ، وَفِي حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ، وَفِي حَدِيثِ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ مُرْسَلًا أَنَّ ذَلِكَ كَانَ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ، قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: أَحْسَبُهُ وَهْمًا، وَقَالَ الْأَصِيلِيُّ: لَمْ يَعْرِضْ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إلَّا مَرَّةً، وَقَالَ ابْنُ الْحَصَّارِ: هِيَ ثَلَاثُ نَوَازِلَ مُخْتَلِفَةٍ. قَوْلُهُ: لِحَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ فَإِنَّهُ «لَمْ يَأْمُرْ لِلْعِشَاءِ بِالْأَذَانِ» ، تَقَدَّمَ حَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ قَرِيبًا. حَدِيثُ:«أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم جَمَعَ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ بِعَرَفَةَ فِي وَقْتِ الظُّهْرِ بِأَذَانٍ وَإِقَامَتَيْنِ» هُوَ فِي حَدِيثِ جَابِرٍ الطَّوِيلِ عِنْدَ مُسْلِمٍ، تَقَدَّمَ.
حَدِيثُ: «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم جَمَعَ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ بِالْمُزْدَلِفَةِ فِي وَقْتِ الْعِشَاءِ بِإِقَامَتَيْنِ مِنْ غَيْرِ أَذَانٍ» تَقَدَّمَ بَيَانُهُ فِي أَوَّلِ الْبَابِ.
291 -
(8) - حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ: «كَانَ الْأَذَانُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَثْنًى مَثْنًى وَالْإِقَامَةُ فُرَادَى، إلَّا أَنَّ الْمُؤَذِّنَ كَانَ يَقُولُ: قَدْ قَامَتْ الصَّلَاةُ مَرَّتَيْنِ» أَحْمَدُ وَالشَّافِعِيُّ وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ وَأَبُو عَوَانَةَ
وَالدَّارَقُطْنِيّ، وَابْنُ خُزَيْمَةَ وَابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ شُعْبَةَ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الْمُؤَذِّنِ، عَنْ مُسْلِمٍ أَبِي الْمُثَنَّى عَنْهُ، قَالَ شُعْبَةُ لَا يُحْفَظُ لِأَبِي جَعْفَرٍ غَيْرُ هَذَا الْحَدِيثِ، فَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: اسْمُهُ مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ بْنِ مِهْرَانَ. وَقَالَ الْحَاكِمُ: اسْمُهُ عُمَيْرُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ حَبِيبٍ الْخِطْمِيِّ، وَوَهَمَ الْحَاكِمُ فِي ذَلِكَ، وَرَوَاهُ أَبُو عَوَانَةَ، وَالدَّارَقُطْنِيّ مِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ الْمُغِيرَةِ الصَّيَّادِ، عَنْ عِيسَى بْنِ يُونُسَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ، وَأَظُنُّ سَعِيدًا وَهَمَ فِيهِ، وَإِنَّمَا رَوَاهُ عِيسَى، عَنْ شُعْبَةَ كَمَا تَقَدَّمَ، لَكِنْ سَعِيدُ وَثَّقَهُ أَبُو حَاتِمٍ.
وَرَوَى ابْنُ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ سَعْدِ الْقَرْظِ مَرْفُوعًا: «كَانَ أَذَانُ بِلَالٍ مَثْنَى مَثْنَى، وَإِقَامَتُهُ مُفْرَدَةً» وَعَنْ أَبِي رَافِعٍ نَحْوُهُ، وَهُمَا ضَعِيفَانِ. قَوْلُهُ: إنَّ أَبَا مَحْذُورَةَ لَمَّا حَكَى الْأَذَانَ عَنْ تَلْقِينِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ذَكَرَ التَّكْبِيرَ فِي أَوَّلِهِ أَرْبَعًا، هُوَ كَمَا قَالَ، فَقَدْ سَاقَهُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي مَحْذُورَةَ بِتَرْبِيعِ التَّكْبِيرِ فِي أَوَّلِهِ، الشَّافِعِيُّ وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ
وَابْنُ حِبَّانَ، وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ أَبِي مَحْذُورَةَ فَذَكَرَ التَّكْبِيرَ فِي أَوَّلِهِ مَرَّتَيْنِ فَقَطْ، وَقَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ: الصَّحِيحُ فِي هَذَا تَرْبِيعُ التَّكْبِيرِ، وَبِهِ يَصِحُّ كَوْنُ الْأَذَانِ تِسْعَ عَشْرَةَ كَلِمَةً، وَقَدْ قَيَّدَ بِذَلِكَ فِي نَفْسِ الْحَدِيثِ يَعْنِي - الْآتِيَ بَعْدَ قَلِيلٍ - قَالَ: وَقَدْ يَقَعُ فِي بَعْضِ رِوَايَاتِ مُسْلِمٍ بِتَرْبِيعِ التَّكْبِيرِ وَهِيَ الَّتِي يَنْبَغِي أَنْ تُعَدَّ فِي الصَّحِيحِ، انْتَهَى وَقَدْ رَوَاهُ أَبُو نُعَيْمٍ فِي الْمُسْتَخْرَجِ، وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ إِسْحَاقَ بْنِ إبْرَاهِيمَ، عَنْ مُعَاذِ بْنِ هِشَامٍ بِسَنَدِهِ وَفِيهِ: تَرْبِيعُ التَّكْبِيرِ، وَقَالَ بَعْدَهُ: أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، عَنْ إِسْحَاقَ، وَكَذَلِكَ أَخْرَجَهُ أَبُو عَوَانَةَ فِي مُسْتَخْرَجِهِ مِنْ طَرِيقِ عَلِيِّ بْنِ الْمَدِينِيِّ، عَنْ مُعَاذٍ.
292 -
(9) - حَدِيثُ: عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ فِي الْأَذَانِ، وَفِيهِ: تَرْبِيعُ التَّكْبِيرِ فِي أَوَّلِهِ وَهِيَ قِصَّةٌ مَشْهُورَةٌ. أَبُو دَاوُد، وَابْنُ خُزَيْمَةَ، وَابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحَيْهِمَا، وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ يَعْقُوبَ بْنِ إبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ ابْنِ إِسْحَاقَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَارِثِ التَّيْمِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَبْدِ رَبِّهِ. حَدَّثَنِي أَبِي؛ قَالَ:«لَمَّا أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِعَمَلِ النَّاقُوسِ لِيُضْرَبَ بِهِ لِلنَّاسِ لِجَمْعِ الصَّلَاةِ، طَافَ بِي وَأَنَا نَائِمٌ رَجُلٌ يَحْمِلُ نَاقُوسًا» ، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ، وَفِيهِ تَرْبِيعُ التَّكْبِيرِ، وَإِفْرَادُ الْإِقَامَةِ، وَفِيهِ:«فَقُمْ مَعَ بِلَالٍ فَأَلْقِ عَلَيْهِ مَا رَأَيْت فَلْيُؤَذِّنْ بِهِ، فَإِنَّهُ أَنْدَى صَوْتًا مِنْك» وَفِيهِ: «أَنَّ عُمَرَ جَاءَ فَقَالَ: قَدْ رَأَيْت مِثْلَ مَا رَأَى» . وَرَوَاهُ أَحْمَدُ عَنْ يَعْقُوبَ بِهِ، وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ
أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ ابْنِ إِسْحَاقَ، وَرَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالْحَاكِمُ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ وَقَالَ: هَذَا أَمْثَلُ الرِّوَايَاتِ فِي قِصَّةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ، لِأَنَّ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ قَدْ سَمِعَ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ، وَرَوَاهُ يُونُسُ، وَمَعْمَرٌ، وَشُعَيْبٌ، وَابْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ: وَأَمَّا أَخْبَارُ الْكُوفِيِّينَ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ، فَمَدَارُهَا عَلَى حَدِيثِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، وَاخْتُلِفَ عَلَيْهِ، فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ غَيْرَ ذَلِكَ، وَأَمَّا طَرِيقُ وَلَدِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ فَغَيْرُ مُسْتَقِيمَةِ الْإِسْنَادِ، كَذَا قَالَ الْحَاكِمُ، وَقَدْ صَحَّحَ الطَّرِيقَ الْأُولَى مِنْ رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ أَبِيهِ الْبُخَارِيُّ، فِيمَا حَكَاهُ التِّرْمِذِيُّ فِي الْعِلَلِ عَنْهُ، وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الذُّهْلِيُّ: لَيْسَ فِي أَخْبَارِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ أَصَحُّ مِنْ حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ، يَعْنِي هَذَا؛ لِأَنَّ مُحَمَّدًا قَدْ سَمِعَ مِنْ أَبِيهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ، وَابْنَ أَبِي لَيْلَى لَمْ يَسْمَعْ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ، وَقَالَ ابْنُ خُزَيْمَةَ فِي صَحِيحِهِ: هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ ثَابِتٌ مِنْ جِهَةِ النَّقْلِ، لِأَنَّ مُحَمَّدًا سَمِعَ مِنْ أَبِيهِ، وَابْنَ إِسْحَاقَ سَمِعَ مِنْ التَّيْمِيِّ وَلَيْسَ هَذَا مِمَّا دَلَّسَهُ، وَسَيَأْتِي الْإِشَارَةُ إلَى طَرِيقٍ أُخْرَى لِحَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ إنْ شَاءَ اللَّهُ مِنْ عِنْدَ أَبِي دَاوُد.
(تَنْبِيهٌ) قَالَ التِّرْمِذِيُّ: لَا نَعْرِفُ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ شَيْئًا يَصِحُّ إلَّا حَدِيثَ الْأَذَانِ، وَكَذَا قَالَ الْبُخَارِيُّ. وَفِيهِ نَظَرٌ؛ فَإِنَّ لَهُ عِنْدَ النَّسَائِيّ وَغَيْرِهِ حَدِيثًا غَيْرَ هَذَا فِي الصَّدَقَةِ، وَعِنْدَ أَحْمَدَ آخَرُ فِي قِسْمَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم شَعْرَهُ، وَأَظْفَارَهُ، وَإِعْطَائِهِ لِمَنْ لَمْ تَحْصُلْ لَهُ أُضْحِيَّةٌ.
293 -
(10) - حَدِيثُ «بِلَالٍ: أَنَّهُ أَمَرَ أَنْ يَشْفَعَ الْأَذَانَ، وَيُوتِرَ الْإِقَامَةَ» .
مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ قَالَ: «أُمِرَ بِلَالٌ أَنْ يَشْفَعَ الْأَذَانَ، وَيُوتِرَ الْإِقَامَةَ» . وَرَوَاهُ النَّسَائِيُّ وَابْنُ حِبَّانَ، وَالْحَاكِمُ وَلَفْظُهُمْ:«أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ بِلَالًا» . وَاسْتَدَلَّ ابْنُ حِبَّانَ عَلَى صِحَّةِ ذَلِكَ بِمَا رَوَاهُ أَيْضًا فِيهِ مِنْ الْقِصَّةِ فِي أَوَّلِهِ: أَنَّهُمْ الْتَمَسُوا شَيْئًا يُؤَذِّنُونَ بِهِ عِلْمًا لِلصَّلَاةِ فَأُمِرَ بِلَالٌ. قَالَ: فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الْآمِرَ لَهُ بِذَلِكَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لَا غَيْرُ. وَفِي الْبَابِ: عَنْ أَبِي مَحْذُورَةَ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي تَارِيخِهِ وَالدَّارَقُطْنِيّ وَابْنُ خُزَيْمَةَ بِلَفْظِ: «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَمَرَهُ أَنْ يَشْفَعَ الْأَذَانَ وَيُوتِرَ الْإِقَامَةَ» .
(فَائِدَةٌ) وَرَدَ فِي تَثْنِيَةِ الْإِقَامَةِ أَحَادِيثُ مِنْهَا: مَا رَوَى التِّرْمِذِيُّ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ قَالَ:«كَانَ أَذَانُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم شَفْعًا فِي الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ» وَقَالَ: مُنْقَطِعٌ. وَقَالَ الْحَاكِمُ وَالْبَيْهَقِيُّ: الرِّوَايَاتُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ فِي هَذَا الْبَابِ كُلُّهَا مُنْقَطِعَةٌ لِأَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ زَيْدٍ اُسْتُشْهِدَ يَوْمَ أُحُدٍ، ثُمَّ أَسْنَدَ عَنْ الدَّرَاوَرْدِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ؛ قَالَ: دَخَلَتْ ابْنَةُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ، عَلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ فَقَالَتْ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَنَا ابْنَةُ
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ، شَهِدَ أَبِي بَدْرًا وَقُتِلَ يَوْمَ أُحُدٍ، وَفِي صِحَّةِ هَذَا نَظَرٌ؛ فَإِنَّ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ لَمْ يُدْرِكْ هَذِهِ الْقِصَّةَ، وَقَدْ رَوَى أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إبْرَاهِيمَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي. وَنَقَلَ التِّرْمِذِيُّ أَنَّ الْبُخَارِيَّ صَحَّحَهُ.
وَرَوَى الْوَاقِدِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ قَالَ: تُوُفِّيَ أَبِي بِالْمَدِينَةِ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ، وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: شَهِدَ أُحُدًا، وَالْخَنْدَقَ، وَالْمَشَاهِدَ كُلَّهَا، وَلَوْ صَحَّ مَا تَقَدَّمَ لَلَزِمَ أَنْ تَكُونَ بِنْتُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ صَحَابِيَّةً.
وَرَوَى عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَالدَّارَقُطْنِيّ وَالطَّحَاوِيُّ مِنْ حَدِيثِ الْأَسْوَدِ بْنِ يَزِيدَ: «أَنَّ بِلَالًا كَانَ يُثَنِّي الْأَذَانَ وَيُثَنِّي الْإِقَامَةَ، وَكَانَ يَبْدَأُ بِالتَّكْبِيرِ وَيَخْتِمُ بِالتَّكْبِيرِ» .
وَرَوَى الْحَاكِمُ وَالْبَيْهَقِيُّ فِي الْخِلَافِيَّاتِ، وَالطَّحَاوِيُّ، مِنْ رِوَايَةِ سُوَيْد بْنِ غَفَلَةَ: أَنَّ بِلَالًا كَانَ يُثَنِّي الْأَذَانَ وَالْإِقَامَةَ وَادَّعَى الْحَاكِمُ فِيهِ الِانْقِطَاعَ، وَلَكِنْ فِي رِوَايَةِ الطَّحَاوِيِّ: سَمِعْت بِلَالًا، وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ مَا رَوَاهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ حُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ شَيْخٍ يُقَالُ: الْحَفْصُ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، وَهُوَ سَعْدُ الْقَرْظِ قَالَ:«أَذَّنَ بِلَالٌ، حَيَاةَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ أَذَّنَ لِأَبِي بَكْرٍ فِي حَيَاتِهِ، وَلَمْ يُؤَذِّنْ فِي زَمَانِ عُمَرَ» ، انْتَهَى. وَسُوَيْدُ بْنُ غَفَلَةَ هَاجَرَ فِي زَمَنِ أَبِي بَكْرٍ، وَأَمَّا مَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد مِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ: أَنَّ بِلَالًا أَرَادَ أَنْ يَخْرُجَ إلَى الشَّامِ، فَقَالَ لَهُ أَبُو بَكْرٍ: بَلْ تَكُونُ عِنْدِي، فَقَالَ: إنْ كُنْت أَعْتَقَتْنِي لِنَفْسِك فَاحْبِسْنِي، وَإِنْ كُنْت أَعْتَقَتْنِي لِلَّهِ فَذَرْنِي أَذْهَبُ إلَى اللَّهِ، فَقَالَ: اذْهَبْ، فَذَهَبَ فَكَانَ بِهَا حَتَّى مَاتَ، فَإِنَّهُ مُرْسَلٌ وَفِي إسْنَادِهِ عَطَاءٌ الْخُرَاسَانِيُّ وَهُوَ مُدَلِّسٌ، وَيُمْكِنُ التَّوْفِيقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأَوَّلِ. وَرَوَى الطَّبَرَانِيُّ فِي
مُسْنَدِ الشَّامِيِّينَ مِنْ طَرِيقِ جُنَادَةَ بْنِ أَبِي أُمَيَّةَ، «عَنْ بِلَالٍ أَنَّهُ كَانَ يَجْعَلُ الْأَذَانَ وَالْإِقَامَةَ مَثْنًى مَثْنًى، وَكَانَ يَجْعَلُ إصْبَعَيْهِ فِي أُذُنَيْهِ» . إسْنَادُهُ ضَعِيفٌ. وَحَدِيثُ أَبِي مَحْذُورَةَ فِي تَثْنِيَةِ الْإِقَامَةِ مَشْهُورٌ عِنْدَ النَّسَائِيّ وَغَيْرِهِ.
(فَائِدَةٌ) أَوْرَدَ الرَّافِعِيُّ حَدِيثَ بِلَالٍ الْمُتَقَدِّمَ مُحْتَجًّا لِلْقَدِيمِ فِي إفْرَادِ كَلِمَةِ الْإِقَامَةِ، لَكِنْ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنْ يَشْفَعَ الْأَذَانَ، وَيُوتِرَ الْإِقَامَةَ. وَفِيهِ بَحْثٌ ذَكَرْته فِي الْمُدْرَجِ، وَفِي رِوَايَةِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ:«كَانَ بِلَالٌ يُثَنِّي الْأَذَانَ، وَيُوتِرُ الْإِقَامَةَ، إلَّا قَوْلَهُ: قَدْ قَامَتْ الصَّلَاةُ» . وَأَخْرَجَهُ أَبُو عَوَانَةَ، وَالسَّرَّاجُ كَذَلِكَ.
294 -
(11) - حَدِيثُ أَبِي مَحْذُورَةَ: «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَلَّمَهُ الْأَذَانَ تِسْعَ عَشْرَةَ كَلِمَةً، وَالْإِقَامَةَ سَبْعَ عَشْرَة كَلِمَةً» . هَكَذَا رَوَاهُ الدَّارِمِيُّ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وَرَوَيَاهُ أَيْضًا مُطَوَّلًا وَتَكَلَّمَ الْبَيْهَقِيّ عَلَيْهِ بِأَوْجُهٍ مِنْ التَّضْعِيفِ، رَدَّهَا ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ فِي الْإِلْمَامِ وَصَحِيحِ الْحَدِيثِ.
295 -
(12) - حَدِيثُ جَابِرٍ: «إذَا أَذَّنْتَ فَتَرَسَّلْ فَإِذَا أَقَمْتَ فَاحْدُرْ»
التِّرْمِذِيُّ وَالْحَاكِمُ وَالْبَيْهَقِيُّ وَابْنُ عَدِيٍّ وَضَعَّفُوهُ إلَّا الْحَاكِمُ، فَقَالَ: لَيْسَ فِي إسْنَادِهِ مَطْعُونٌ غَيْرُ عَمْرِو بْنِ فَائِدٍ. قُلْتُ: لَمْ يَقَعْ إلَّا فِي رِوَايَتِهِ هُوَ، وَلَمْ يَقَعْ فِي رِوَايَةِ الْبَاقِينَ، لَكِنْ عِنْدَهُمْ فِيهِ: عَبْدُ الْمُنْعِمِ صَاحِبُ السِّقَاءِ وَهُوَ كَافٍ فِي تَضْعِيفِ الْحَدِيثِ.
وَرَوَى الدَّارَقُطْنِيُّ مِنْ حَدِيثِ سُوَيْد بْنِ غَفَلَةَ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَأْمُرُنَا أَنْ نُرَتِّلَ الْأَذَانَ، وَنَحْدُرَ الْإِقَامَةَ» . وَفِيهِ عَمْرُو بْنُ شِمْرٍ وَهُوَ مَتْرُوكٌ. وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ: رُوِيَ بِإِسْنَادٍ آخَرَ عَنْ الْحَسَنِ وَعَطَاءٍ: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ثُمَّ سَاقَهُ، وَقَالَ: الْإِسْنَادُ الْأَوَّلُ أَشْهَرُ يَعْنِي - طَرِيقَ جَابِرٍ - وَرَوَى الدَّارَقُطْنِيُّ مِنْ حَدِيثِ عُمَرَ مَوْقُوفًا نَحْوَهُ، وَلَيْسَ فِي إسْنَادِهِ إلَّا أَبُو الزُّبَيْرِ مُؤَذِّنُ بَيْتِ الْمَقْدِسِ، وَهُوَ تَابِعِيٌّ قَدِيمٌ مَشْهُورٌ.
(تَنْبِيهٌ) : التَّرَسُّلُ التَّأَنِّي، وَالْحَدْرَ بِالْحَاءِ وَالدَّالِ الْمُهْمَلَتَيْنِ الْإِسْرَاعُ وَيَجُوزُ فِي قَوْلِهِ فَاحْدُرْ ضَمُّ الدَّالِ وَكَسْرُهَا وَرُوِيَ فَاحْدِمْ بِالْمِيمِ وَهِيَ الْإِسْرَاعُ أَيْضًا وَالْأَوَّلُ أَشْهُرُ.
296 -
(13) - حَدِيثُ أَبِي مَحْذُورَةَ: «أَلْقَى عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم التَّأْذِينَ بِنَفْسِهِ فَقَالَ: قُلْ: اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ» الْحَدِيثُ وَفِيهِ التَّرْجِيعُ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ، وَقَدْ تَقَدَّمَ قَوْلُهُ: وَرَدَ الْخَبَرُ بِالتَّثْوِيبِ فِي أَذَانِ الصُّبْحِ، هُوَ كَمَا قَالَ فَقَدْ رَوَى ابْنُ خُزَيْمَةَ،
وَالدَّارَقُطْنِيّ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ قَالَ: «مِنْ السُّنَّةِ إذَا قَالَ الْمُؤَذِّنُ فِي أَذَانِ الْفَجْرِ حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ، قَالَ: الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنْ النُّوُمِ» وَصَحَّحَهُ ابْنُ السَّكَنِ وَلَفْظُهُ: «كَانَ التَّثْوِيبُ فِي صَلَاةِ الْغَدَاةِ إذَا قَالَ الْمُؤَذِّنُ: حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ» .
وَرَوَى ابْنُ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ، «عَنْ بِلَالٍ أَنَّهُ أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، يُؤْذِنُهُ لِصَلَاةِ الْفَجْرِ، فَقِيلَ: هُوَ نَائِمٌ، فَقَالَ: الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنْ النَّوْمِ مَرَّتَيْنِ فَأُقِرَّتْ فِي تَأْذِينِ الْفَجْرِ» فَثَبَتَ الْأَمْرُ عَلَى ذَلِكَ، وَفِيهِ انْقِطَاعٌ مَعَ ثِقَةِ رِجَالِهِ، وَذَكَرَهُ ابْنُ السَّكَنِ مِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى عَنْ بِلَالٍ، وَهُوَ فِي الطَّبَرَانِيِّ مِنْ طَرِيقِ الزُّهْرِيِّ عَنْ حَفْصِ بْنِ عُمَرَ عَنْ بِلَالٍ وَهُوَ مُنْقَطِعٌ أَيْضًا، وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي الْمَعْرِفَةِ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ فَقَالَ: عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ حَفْصِ بْنِ عُمَرَ بْنِ سَعْدٍ الْمُؤَذِّنِ، أَنَّ سَعْدًا كَانَ يُؤَذِّن، قَالَ حَفْصٌ: فَحَدَّثَنِي أَهْلِي أَنَّ بِلَالًا فَذَكَرهُ.
وَرَوَى ابْنُ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ، فَذَكَرَ قِصَّةَ اهْتِمَامِهِمْ بِمَا يَجْمَعُونَ بِهِ النَّاسَ قَبْل أَنْ يُشْرَعَ الْأَذَانُ، وَفِي آخِرِهِ: وَزَادَ بِلَالٌ فِي نِدَاءِ صَلَاةِ الْغَدَاةِ «الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنْ النَّوْمِ فَأَقَرَّهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم» وَإِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ جِدًّا وَلَكِنْ لِلتَّثْوِيبِ طَرِيقٌ أُخْرَى عَنْ ابْنِ عُمَرَ، رَوَاهَا السَّرَّاجُ، وَالطَّبَرَانِيُّ، وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَجْلَانَ، عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ:«كَانَ الْآذَانُ الْأَوَّلُ بَعْدَ حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ: الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنْ النَّوْمِ مَرَّتَيْنِ.» وَسَنَدُهُ حَسَنٌ، وَسَيَأْتِي بَقِيَّةُ الْأَحَادِيثِ فِي ذَلِكَ.
297 -
(14) - حَدِيثُ بِلَالٍ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا تُثَوِّبَنَّ فِي شَيْءٍ مِنْ الصَّلَاةِ إلَّا صَلَاةَ الْفَجْرِ» التِّرْمِذِيُّ
وَابْنُ مَاجَهْ وَأَحْمَدُ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ بِلَالٍ وَفِيهِ أَبُو إسْمَاعِيلَ الْمُلَائِيُّ وَهُوَ ضَعِيفٌ مَعَ انْقِطَاعِهِ بَيْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَبِلَالٍ، وَقَالَ ابْنُ السَّكَنِ: لَا يَصِحُّ إسْنَادُهُ. ثُمَّ إنَّ الدَّارَقُطْنِيّ رَوَاهُ مِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَفِيهِ: أَبُو سَعْدٍ الْبَقَّالُ وَهُوَ نَحْوُ أَبِي إسْمَاعِيلَ فِي الضَّعْفِ.
298 -
(15) - حَدِيثُ أَبِي مَحْذُورَةَ: «عَلَّمَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْأَذَانَ وَقَالَ: إذَا كُنْتَ فِي الصُّبْحِ فَقُلْتَ: حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ فَقُلْ: الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنْ النَّوْمِ مَرَّتَيْنِ» قَالَ الرَّافِعِيُّ: ثَبَتَ، انْتَهَى. رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَابْنُ حِبَّانَ مُطَوَّلًا مِنْ حَدِيثِهِ. وَفِيهِ هَذِهِ الزِّيَادَةُ وَفِيهِ: مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي مَحْذُورَةَ، وَهُوَ غَيْرُ مَعْرُوفِ الْحَالِ، وَالْحَارِثُ بْنُ عُبَيْدٍ، وَفِيهِ مَقَالٌ، وَذَكَرَهُ أَبُو دَاوُد مِنْ طُرُقٍ أُخْرَى عَنْ أَبِي مَحْذُورَةَ، مِنْهَا: مَا هُوَ مُخْتَصَرٌ وَصَحَّحَهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ جُرَيْجٍ: قَالَ أَخْبَرَنِي عُثْمَانُ بْنُ السَّائِبِ أَخْبَرَنِي أَبِي، وَأُمُّ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي مَحْذُورَةَ عَنْ أَبِي مَحْذُورَةَ، وَقَالَ بَقِيُّ بْنُ مَخْلَدٍ: ثَنَا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، ثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ، حَدَّثَنِي عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنِ رُفَيْعٍ، سَمِعْتُ «أَبَا مَحْذُورَةَ قَالَ: كُنْتُ غُلَامًا صَبِيًّا فَأَذَّنْتُ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْفَجْرَ يَوْمَ حُنَيْنٍ، فَلَمَّا انْتَهَيْتُ إلَى حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ قَالَ: أَلْحِقْ فِيهَا الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنْ النَّوْمِ» وَرَوَاهُ النَّسَائِيُّ مِنْ وَجْهٍ آخِرَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عَنْ أَبِي سَلْمَانَ، عَنْ أَبِي مَحْذُورَةَ وَصَحَّحَهُ ابْنُ حَزْمٍ.
حَدِيثُ: «أَنَّ الْمَلَكَ الَّذِي رَآهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدٍ فِي الْمَنَامِ كَانَ قَائِمًا» أَبُو دَاوُد مِنْ حَدِيثِ شُعْبَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ عَنْ ابْنِ أَبِي لَيْلَى قَالَ: أُحِيلَتْ الصَّلَاةُ ثَلَاثَةَ أَحْوَالٍ، حَدَّثَنَا أَصْحَابُنَا «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: لَقَدْ أَعْجَبَنِي أَنْ تَكُونَ صَلَاةُ الْمُسْلِمِينَ وَاحِدَةً فَذَكَرَ الْحَدِيثَ فَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ الْأَنْصَارِ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إنِّي رَجَعْتُ لِمَا رَأَيْتُ مِنْ اهْتِمَامِكَ، فَرَأَيْتُ رَجُلًا عَلَيْهِ ثَوْبَانِ أَخْضَرَانِ، فَقَامَ عَلَى الْمَسْجِدِ فَأَذَّنَ، ثُمَّ قَعَدَ، ثُمَّ قَامَ فَقَالَ: مِثْلَهَا إلَّا أَنَّهُ يَقُولُ: قَدْ قَامَتْ الصَّلَاةُ» - الْحَدِيثُ - وَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ مِنْ حَدِيثِ الْأَعْمَشِ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ عَنْ ابْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ بِهِ، وَرَوَاهُ أَبُو الشَّيْخِ فِي كِتَابِ الْأَذَانِ مِنْ طَرِيقِ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ قَالَ:«لَمَّا كَانَ اللَّيْلُ قَبْلَ الْفَجْرِ غَشِيَنِي النُّعَاسُ، فَرَأَيْتُ رَجُلًا عَلَيْهِ ثَوْبَانِ أَخْضَرَانِ، وَأَنَا بَيْنَ النَّائِمِ وَالْيَقْظَانِ، فَقَامَ عَلَى سَطْحِ الْمَسْجِدِ فَجَعَلَ أُصْبُعَيْهِ فِي أُذُنَيْهِ، وَنَادَى. . .» فَذَكَرَ الْحَدِيثَ بِطُولِهِ، وَهَذَا حَدِيثٌ ظَاهِرُهُ الِانْقِطَاعُ. قَالَ الْمُنْذِرِيُّ: إلَّا أَنَّ قَوْلَهُ فِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُد: حَدَّثَنَا أَصْحَابُنَا إنْ أَرَادَ بِهِ الصَّحَابَةَ فَيَكُونُ مُسْنَدًا، وَإِلَّا فَهُوَ مُرْسَلٌ. قُلْتُ: فِي رِوَايَةِ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ، وَابْنِ خُزَيْمَةَ وَالطَّحَاوِيِّ وَالْبَيْهَقِيِّ ثَنَا أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ، فَتَعَيَّنَ الِاحْتِمَالُ الْأَوَّلُ، وَلِهَذَا صَحَّحَهَا ابْنُ حَزْمٍ وَابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ.
(فَائِدَةٌ) ذَكَرَ الْفُورَانِيُّ وَالْغَزَالِيُّ: «أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ زَيْدٍ سَأَلَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَأْذَنَ لَهُ فِي الْأَذَانِ مَرَّةً وَاحِدَةً فَأَذَّنَ الظُّهْرَ» ، قَالَ النَّوَوِيُّ: هَذَا بَاطِلٌ وَهُوَ كَمَا قَالَ، وَعِنْدَ عَبْدِ الرَّزَّاقِ مِنْ حَدِيثِ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ فِي قِصَّةِ الرُّؤْيَا فَبَلَغَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَمَرَهُ بِالتَّأْذِينِ لَكِنْ يُحْمَلُ ذَلِكَ عَلَى
أَنَّ الْمَأْمُورَ بِلَالٌ، فَلَا يَنْتَهِضُ لِمَا ذَكَرَاهُ، وَأَيْضًا فَفِي إسْنَادِهِ أَبُو جَابِرٍ الْبَيَاضِيُّ وَهُوَ كَذَّابٌ. قَوْلُهُ:«كَانَ بِلَالٌ وَغَيْرُهُ مِنْ مُؤَذِّنِي رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُؤَذِّنُونَ قِيَامًا» ، أَمَّا قِيَامُ بِلَالٍ: فَثَابِتٌ فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ فَفِيهِ: «قُمْ يَا بِلَالُ، فَنَادِ بِالصَّلَاةِ» . وَفِي الِاسْتِدْلَال بِهِ نَظَرٌ، لِأَنَّ مَعْنَاهُ اذْهَبْ إلَى مَوْضِعٍ بَارِزٍ فَنَادِ فِيهِ، قَالَ النَّوَوِيُّ: وَعِنْدَ النَّسَائِيّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي مَحْذُورَةَ: «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَمَّا عَلَّمَهُ الْأَذَانَ قَالَ لَهُ: قُمْ فَأَذِّنْ بِالصَّلَاةِ» وَالِاسْتِدْلَالُ بِهِ كَاَلَّذِي قَبْلَهُ، وَعِنْدِ أَبِي دَاوُد مِنْ طَرِيقِ عُرْوَةَ، عَنْ امْرَأَة مِنْ بَنِي النَّجَّارِ قَالَتْ:«كَانَ بَيْتِي أَطْوَلَ بَيْتٍ حَوْلَ الْمَسْجِدِ، فَكَانَ بِلَالٌ يُؤَذِّنُ عَلَيْهِ الْفَجْرَ، فَيَأْتِي بِسَحَرٍ فَيَجْلِسُ عَلَى الْبَيْتِ يَنْتَظِرُ الْفَجْرَ، فَإِذَا رَآهُ تَمَطَّأَ» . وَقَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: أَجْمَعَ كُلُّ مَنْ يُحْفَظُ عَنْهُ الْعِلْمُ أَنَّ السُّنَّةَ أَنْ يُؤَذِّنَ الْمُؤَذِّنُ قَائِمًا قَالَ: وَرَوَيْنَا عَنْ أَبِي زَيْدٍ الْأَنْصَارِيِّ الصَّحَابِيِّ أَنَّهُ أَذَّنَ وَهُوَ قَاعِدٌ، قَالَ: وَثَبَتَ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ يُؤَذِّنُ عَلَى الْبَعِيرِ، وَيَنْزِلُ فَيُقِيمُ، وَسَيَأْتِي حَدِيثُ وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ قَرِيبًا - إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى -. قَوْلُهُ: وَيَنْبَغِي أَنْ يَسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةَ لِمَا قَدَّمْنَاهُ، قَالَ إِسْحَاقُ فِي مُسْنَدِهِ: ثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى قَالَ: «جَاءَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدٍ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إنِّي رَأَيْتُ رَجُلًا نَزَلَ مِنْ السَّمَاءِ، فَقَامَ عَلَى جِذْمِ حَائِطٍ، فَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ» . فَذَكَرَ الْحَدِيثَ، وَفِي الْكَامِلِ لِابْنِ عَدِيٍّ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَعْدِ بْنِ عَمَّارِ بْنِ سَعْدِ الْقَرَظِ، حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ آبَائِهِ:«أَنَّ بِلَالًا كَانَ إذَا كَبَّرَ بِالْأَذَانِ اسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ» . وَرَوَاهُ الْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ مِنْ طَرِيقِ
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمَّارِ بْنِ سَعْدِ الْقَرَظِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ نَحْوَهُ.
300 -
(17) - حَدِيثُ أَبِي جُحَيْفَةَ: «رَأَيْتُ بِلَالًا خَرَجَ إلَى الْأَبْطُحِ، فَلَمَّا بَلَغَ حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ لَوَّى عُنُقَهُ يَمِينًا وَشِمَالًا وَلَمْ يَسْتَدِرْ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِهِ بِدُونِ قَوْلِهِ: «وَلَمْ يَسْتَدِرْ» ، وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَعِنْدَهُ «وَلَمْ يَسْتَدِرْ» ، وَرَوَاهُ النَّسَائِيُّ بِلَفْظِ: فَجَعَلَ يَقُولُ فِي أَذَانِهِ هَكَذَا يَنْحَرِفُ يَمِينًا وَشِمَالًا، وَرَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَعِنْدَهُ: فَرَأَيْتُهُ يَدُورُ فِي أَذَانِهِ، لَكِنْ فِي إسْنَادِهِ حَجَّاجُ بْنُ أَرْطَاةَ، وَرَوَاهُ الْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي جُحَيْفَةَ بِأَلْفَاظٍ زَائِدَةٍ، وَقَالَ: قَدْ أَخْرَجَاهُ إلَّا أَنَّهُمَا لَمْ يَذْكُرَا فِيهِ إدْخَالَ الْأُصْبُعَيْنِ فِي الْأُذُنَيْنِ وَالِاسْتِدَارَةَ، وَهُوَ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِهِمَا وَرَوَاهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ بِلَفْظِ:«رَأَيْتُ بِلَالًا يُؤَذِّنُ يُتْبِعُ بِفِيهِ يُمِيلُ رَأْسَهُ يَمِينًا وَشِمَالًا» وَرَوَاهُ مِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى وَفِيهِ: وَضْعُ الْأُصْبُعَيْنِ فِي الْأُذُنَيْنِ، وَكَذَا رَوَاهُ أَبُو عَوَانَةَ فِي صَحِيحِهِ، وَرَوَاهُ أَبُو نُعَيْمٍ فِي مُسْتَخْرَجِهِ وَعِنْدَهُ:«رَأَى بِلَالًا يُؤَذِّنُ وَيَدُورُ وَأُصْبُعَاهُ فِي أُذُنَيْهِ» وَكَذَا رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ، وَالِاسْتِدَارَةُ لَمْ تَرِدْ مِنْ طَرِيقٍ صَحِيحَةٍ، لِأَنَّ مَدَارَهَا عَلَى سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، وَهُوَ لَمْ يَسْمَعْهُ مِنْ عَوْنٍ، إنَّمَا رَوَاهُ عَنْ رَجُلٍ عَنْهُ، وَالرَّجُلُ يُتَوَهَّمُ أَنَّهُ الْحَجَّاجُ وَالْحَجَّاجُ غَيْرُ مُحْتَجٍّ بِهِ،
قَالَ: وَوَهَمَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي إدْرَاجِهِ، ثُمَّ بَيَّنَ ذَلِكَ بِمَا أَوْضَحْتُهُ فِي الْمُدْرَجِ، وَتَعَقَّبَهُ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ فِي الْإِلْمَامِ بِمَا يُرَاجَعُ مِنْهُ، وَقَدْ وَرَدَتْ الِاسْتِدَارَةُ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ، أَخْرَجَهُ أَبُو الشَّيْخِ فِي كِتَابِ الْأَذَانِ مِنْ طَرِيقِ حَمَّادٍ وَهُشَيْمٍ جَمِيعًا عَنْ عَوْنٍ، وَالطَّبَرَانِيِّ مِنْ طَرِيقِ إدْرِيسَ الْأَوْدِيِّ عَنْهُ، وَفِي الْأَفْرَادِ لِلدَّارَقُطْنِيِّ عَنْ بِلَالٍ:«أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إذَا أَذَّنَّا أَوْ أَقَمْنَا أَلَا نُزِيلَ أَقْدَامَنَا عَنْ مَوَاضِعِهَا.» إسْنَادُهُ ضَعِيفٌ.
301 -
(18) - حَدِيثُ: «يُغْفَرُ لِلْمُؤَذِّنِ مَدَى صَوْتِهِ» أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ وَابْنُ خُزَيْمَةَ وَابْنُ حِبَّانَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ بِهَذَا وَزِيَادَةٍ «وَيَشْهَدَ لَهُ كُلُّ رَطْبٍ وَيَابِسٍ» وَأَبُو يَحْيَى الرَّاوِي لَهُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ: لَا يُعْرَفُ. وَادَّعَى ابْنُ حِبَّانَ فِي الصَّحِيحِ أَنَّ اسْمَهُ سَمْعَانُ. وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ وَجْهَيْنِ آخَرَيْنِ عَنْ الْأَعْمَشِ، فَقَالَ تَارَةً: عَنْ أَبِي صَالِحٍ، وَتَارَةً: عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَمِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى، عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: الْأَشْبَهُ أَنَّهُ عَنْ مُجَاهِدٍ مُرْسَلٌ، وَفِي الْعِلَل لِابْنِ أَبِي حَاتِمٍ سُئِلَ أَبُو زُرْعَةَ عَنْ حَدِيثِ مَنْصُورٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبَّادٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ بِهَذَا وَرَوَاهُ جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ فَقَالَ فِيهِ: عَنْ عَطَاءٍ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَوَقَفَهُ، وَرَوَاهُ أَبُو أُسَامَةَ عَنْ الْحَارِثِ بْنِ الْحَكَمِ عَنْ أَبِي هُبَيْرَةَ يَحْيَى بْنِ عَبَّادٍ عَنْ شَيْخٍ مِنْ الْأَنْصَارِ فَقَالَ: الصَّحِيحُ حَدِيثُ مَنْصُورٍ، قِيلَ لِأَبِي زُرْعَةَ: رَوَاهُ مَعْمَرٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ عَبَّادِ بْنِ أُنَيْسٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ فَقَالَ: هَذَا وَهْمٌ. ثُمَّ سَاقَ بِإِسْنَادِهِ عَنْ وُهَيْبٍ قَالَ:
قُلْتُ لِمَنْصُورٍ: عَطَاءٌ هَذَا هُوَ ابْنُ أَبِي رَبَاحٍ؟ قَالَ: لَا.
وَرَوَاهُ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيثِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ بِلَفْظِ: «الْمُؤَذِّنُ يُغْفَرُ لَهُ مَدَى صَوْتِهِ وَيُصَدِّقُهُ مَنْ يَسْمَعُهُ مِنْ رَطْبٍ وَيَابِسٍ، وَلَهُ مِثْلُ أَجْرِ مَنْ صَلَّى مَعَهُ» وَصَحَّحَهُ ابْنُ السَّكَنِ وَرَوَاهُ أَحْمَدُ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ مُجَاهَدٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ كَمَا تَقَدَّمَ. وَفِي الْبَابِ: عَنْ أَنَسٍ عِنْدَ ابْنِ عَدِيٍّ، وَأَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ فِي عِلَلِ الدَّارَقُطْنِيِّ، وَجَابِرٍ فِي الْمُوَضَّحِ لِلْخَطِيبِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَقَدْ تَقَدَّمَ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ عِنْدَ الْبَيْهَقِيّ وَرَوَاهُ أَحْمَدُ مِنْ حَدِيثِهِ بِلَفْظِ:«يُغْفَرُ لِلْمُؤَذِّنِ مَدَى صَوْتِهِ، وَيَشْهَدُ لَهُ كُلُّ رَطْبٍ وَيَابِسٍ سَمِعَ صَوْتَهُ» . قَوْلُهُ: «إنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَلَّمَ الْأَذَانَ مُرَتَّبًا» . هُوَ كَمَا قَالَ وَهُوَ ظَاهِرُ رِوَايَةِ أَبِي مَحْذُورَةَ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ كَمَا تَقَدَّمَ.
302 -
(19) - حَدِيثُ: رُوِيَ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «حَقٌّ وَسُنَّةٌ أَلَّا يُؤَذِّنَ الرَّجُلُ إلَّا وَهُوَ طَاهِرٌ» الْبَيْهَقِيّ وَالدَّارَقُطْنِيّ فِي الْأَفْرَادِ وَأَبُو الشَّيْخِ فِي الْأَذَانِ، مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ الْجَبَّارِ بْنِ وَائِلٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ:«حَقٌّ وَسُنَّةٌ أَلَّا يُؤَذِّنَ الرَّجُلُ إلَّا وَهُوَ طَاهِرٌ، وَلَا يُؤَذِّنَ إلَّا وَهُوَ قَائِمٌ» وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ؛ إلَّا أَنَّ فِيهِ انْقِطَاعًا، لِأَنَّ عَبْدَ الْجَبَّارِ ثَبَتَ عَنْهُ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ أَنَّهُ قَالَ: كُنْت غُلَامًا لَا أَعْقِلُ صَلَاةَ أَبِي، وَنَقَلَ النَّوَوِيُّ: اتِّفَاقَ أَئِمَّةِ الْحَدِيثِ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ أَبِيهِ، وَنَقَلَ عَنْ بَعْضِهِمْ: أَنَّهُ وُلِدَ بَعْدَ وَفَاةِ أَبِيهِ، وَلَا يَصِحُّ ذَلِكَ لِمَا يُعْطِيهِ ظَاهِرُ سِيَاقِ مُسْلِمٍ.
(تَنْبِيهٌ) لَمْ يَقَعْ فِي شَيْءٍ مِنْ كُتُبِ الْحَدِيثِ التَّصْرِيحُ بِذِكْرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِيهِ: وَقَالَ النَّوَوِيُّ فِي الْخُلَاصَةِ: لَا أَصْلَ لَهُ، وَالرَّافِعِيُّ تَبِعَ فِي إيرَادِهِ ابْنَ الصَّبَّاغِ، وَصَاحِبَ الْمُهَذَّبِ، وَشَيْخَهُمَا فِي التَّعْلِيقَةِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ ذَكَرَهُ بِالْمَعْنَى، لِأَنَّهُ فِي حُكْمِ الْمَرْفُوعِ، إذْ قَوْلُ الصَّحَابِيِّ الشَّيْءُ الْفُلَانِيُّ سُنَّةٌ، يَقْتَضِي نِسْبَةَ ذَلِكَ إلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَوَقَعَ التَّحْرِيفُ لِلنَّاقِلِ الْأَخِيرِ، وَفِي مَعْنَاهُ الْحَدِيثُ الَّذِي بَعْدَهُ.
303 -
(20) - حَدِيثُ: رُوِيَ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لَا يُؤَذِّنُ إلَّا مُتَوَضِّئٌ» التِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَهُوَ مُنْقَطِعٌ، وَالرَّاوِي لَهُ عَنْ الزُّهْرِيِّ ضَعِيفٌ، وَرَوَاهُ أَيْضًا مِنْ رِوَايَةِ يُونُسَ، عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْهُ مَوْقُوفًا وَهُوَ أَصَحُّ، وَرَوَاهُ أَبُو الشَّيْخِ فِي كِتَابِ الْأَذَانِ لَهُ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ بِلَفْظِ «إنَّ الْأَذَانَ مُتَّصِلٌ بِالصَّلَاةِ، فَلَا يُؤَذِّنُ أَحَدُكُمْ إلَّا وَهُوَ طَاهِرٌ» وَعُمُومُ حَدِيثِ الْمُهَاجِرِ بْنِ قُنْفُذٍ عِنْدَ أَبِي دَاوُد حَيْثُ جَاءَ فِيهِ: «إنِّي كَرِهْتُ أَنْ أَذْكُرَ اللَّهَ إلَّا عَلَى طُهْرٍ» وَصَحَّحَهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ وَابْنُ حِبَّانَ، وَفِي إسْنَادِهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ هَارُونَ الْفَرْوِيُّ وَهُوَ ضَعِيفٌ.
304 -
(21) - حَدِيثُ: أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قَالَ فِي قِصَّةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ: «أَلْقِهِ عَلَى بِلَالٍ فَإِنَّهُ أَنْدَى صَوْتًا مِنْكَ» تَقَدَّمَ فِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ وَهُوَ عِنْدَ أَصْحَابِ السُّنَنِ سِوَى النَّسَائِيّ.
قَوْلُهُ: وَلِهَذَا يُسْتَحَبُّ أَنْ يَضَعَ أُصْبُعَيْهِ فِي صِمَاخَيْ أُذُنَيْهِ. تَقَدَّمَ مِنْ طُرُقٍ،
وَلَيْسَ فِيهِ ذِكْرُ الصِّمَاخَيْنِ.
قَوْلُهُ: وَأَنْ يُؤَذِّنَ عَلَى مَوْضِعٍ عَالٍ. تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ يَنْبَغِي أَنْ يُؤَذِّنَ قَائِمًا. وَرَوَى أَبُو الشَّيْخِ فِي كِتَابِ الْأَذَانِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي بَرْزَةَ الْأَسْلَمِيَّ قَالَ: «مِنْ السُّنَّةِ الْأَذَانُ فِي الْمَنَارَةِ، وَالْإِقَامَةُ فِي الْمَسْجِدِ» ، وَهُوَ فِي سُنَنِ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ مِثْلُهُ، وَفِي كِتَابِ أَبِي الشَّيْخِ أَيْضًا عَنْ ابْنِ عُمَرَ: كَانَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ يُؤَذِّنُ فَوْقَ الْبَيْتِ. قَوْلُهُ: «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم اخْتَارَ أَبَا مَحْذُورَةَ لِحُسْنِ صَوْتِهِ» ، ابْنُ خُزَيْمَةَ وَالدَّارِمِيُّ، وَأَبُو الشَّيْخِ وَغَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ حَدِيثِ أَبِي مَحْذُورَةَ فِي قِصَّتِهِ، وَفِيهِ: فَأَعْجَبَهُ صَوْتُ أَبِي مَحْذُورَةَ، وَلِابْنِ خُزَيْمَةَ: أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لَقَدْ سَمِعْتُ فِي هَؤُلَاءِ تَأْذِينَ إنْسَانٍ حَسَنِ الصَّوْتِ» وَصَحَّحَهُ ابْنُ السَّكَنِ.
305 -
(22) - حَدِيثُ: رُوِيَ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قَالَ «الْأَئِمَّةُ ضُمَنَاءُ، وَالْمُؤَذِّنُونَ أُمَنَاءُ فَأَرْشَدَ اللَّهُ الْأَئِمَّةَ وَغَفَرَ لِلْمُؤَذِّنِينَ» الشَّافِعِيُّ عَنْ إبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي يَحْيَى عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ بِهَذَا، وَرَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ مِنْ حَدِيثِ الدَّرَاوَرْدِيِّ عَنْ سُهَيْلٍ بِهِ، وَعَنْ سُفْيَانَ، عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ يُبَلِّغُ بِهِ بِلَفْظِ:«الْإِمَامُ ضَامِنٌ» الْحَدِيثُ. وَرَوَاهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ إِسْحَاقَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عُمَارَةَ عَنْ سُهَيْلٍ بِهِ؛ وَقَالَ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ: ثَنَا قُتَيْبَةُ، ثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ عَنْ سُهَيْلٍ مِثْلَهُ، قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْهَادِي: أَخْرَجَ مُسْلِمٌ بِهَذَا الْإِسْنَادِ نَحْوًا مِنْ أَرْبَعَةَ عَشَرَ
حَدِيثًا، وَرَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَابْنُ حِبَّانَ مِنْ حَدِيثِ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ بِلَفْظِ:«الْإِمَامُ ضَامِنٌ وَالْمُؤَذِّنُ مُؤْتَمَنٌ» الْحَدِيثُ. وَفِي رِوَايَةٍ لِأَبِي دَاوُد عَنْ الْأَعْمَشِ نُبِّئْتُ عَنْ أَبِي صَالِحٍ وَلَا أَرَانِي إلَّا قَدْ سَمِعْتُهُ مِنْهُ وَعَلَّقَ التِّرْمِذِيُّ مِثْلَهَا دُونَ قَوْلِهِ: وَلَا أَرَانِي. . . إلَى آخِرِهِ، قَالَ: وَرَوَاهُ نَافِعُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا زُرْعَةَ يَقُولُ: حَدِيثُ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَصَحُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ عَائِشَةَ. وَقَالَ مُحَمَّدٌ: عَكْسُهُ، وَذُكِرَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْمَدِينِيِّ أَنَّهُ لَمْ يُثْبِتْ وَاحِدًا مِنْهُمَا. وَقَالَ أَحْمَدُ: لَيْسَ لِحَدِيثِ الْأَعْمَشِ أَصْلٌ. وَقَالَ ابْنُ الْمَدِينِيِّ: لَمْ يَسْمَعْ سُهَيْلٌ هَذَا الْحَدِيثَ مِنْ أَبِيهِ، إنَّمَا سَمِعَهُ مِنْ الْأَعْمَشِ، وَلَمْ يَسْمَعْهُ الْأَعْمَشُ مِنْ أَبِي صَالِحٍ بِيَقِينٍ، لِأَنَّهُ يَقُولُ فِيهِ: نُبِّئْتُ عَنْ أَبِي صَالِحٍ، وَكَذَا قَالَ الْبَيْهَقِيُّ فِي الْمَعْرِفَةِ. وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي الْعِلَلِ: رَوَاهُ سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ، وَرَوْحُ بْنُ الْقَاسِمِ، وَمُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ وَغَيْرُهُمْ عَنْ سُهَيْلٍ عَنْ الْأَعْمَشِ قَالَ: وَقَالَ أَبُو بَدْرٍ عَنْ الْأَعْمَشِ: حَدَّثْتُ عَنْ أَبِي صَالِحٍ وَقَالَ ابْنُ فُضَيْلٍ: عَنْهُ عَنْ رَجُلٍ عَنْ أَبِي صَالِحٍ.
وَقَالَ عَبَّاسٌ عَنْ ابْنِ مَعِينٍ: قَالَ الثَّوْرِيُّ: لَمْ يَسْمَعْ الْأَعْمَشُ هَذَا الْحَدِيثَ مِنْ أَبِي صَالِحٍ، وَرَجَّحَ الْعُقَيْلِيُّ، وَالدَّارَقُطْنِيّ طَرِيقَ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَلَى طَرِيقِ أَبِي صَالِحٍ عَنْ عَائِشَةَ. كَمَا نَقَلَ التِّرْمِذِيُّ عَنْ أَبِي زُرْعَةَ، وَصَحَّحَهُمَا ابْنُ حِبَّانَ جَمِيعًا ثُمَّ قَالَ: قَدْ سَمِعَ أَبُو صَالِحٍ هَذَيْنِ الْخَبَرَيْنِ مِنْ عَائِشَةَ وَأَبِي هُرَيْرَةَ جَمِيعًا، وَمِنْ الِاخْتِلَافِ عَلَى الْأَعْمَشِ فِيهِ مَا رَوَاهُ إبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ عَنْهُ عَنْ مُجَاهَدٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَخْرَجَهُ أَبُو الْعَبَّاسِ السَّرَّاجُ مِنْ طَرِيقِهِ، وَصَحَّحَهُ الضِّيَاءُ فِي الْمُخْتَارَةِ. وَفِي الْبَابِ: عَنْ أَبِي أُمَامَةَ عِنْدَ أَحْمَدَ، وَعَنْ جَابِرٍ فِي الْعِلَلِ لِابْنِ الْجَوْزِيِّ.
(تَنْبِيهٌ) رَوَى الْبَزَّارُ هَذَا الْحَدِيثَ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي حَمْزَةَ السُّكَّرِيِّ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ فَزَادَ فِيهِ: «قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَقَدْ تَرَكْتَنَا نَتَنَافَسُ فِي الْأَذَانِ بَعْدَكَ، فَقَالَ: إنَّهُ يَكُونُ بَعْدَكُمْ قَوْمٌ سَفَلَتْهُمْ مُؤَذِّنُوهُمْ» قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: هَذِهِ الزِّيَادَةُ لَيْسَتْ بِمَحْفُوظَةٍ، فَأَشَارَ ابْنُ الْقَطَّانِ إلَى أَنَّ الْبَزَّارَ هُوَ الْمُنْفَرِدُ بِهَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ، فَقَدْ جَزَمَ ابْنُ عَدِيٍّ بِأَنَّهَا مِنْ أَفْرَادَ أَبِي حَمْزَةَ، وَكَذَا قَالَ الْخَلِيلِيُّ وَابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ، وَأَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ غَيْرِ طَرِيقِ الْبَزَّارِ فَبَرِئَ مِنْ عُهْدَتِهَا، وَأَخْرَجَهَا ابْنُ عَدِيٍّ فِي تَرْجَمَةِ عِيسَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ يَحْيَى بْنِ عِيسَى الرَّمْلِيِّ عَنْ الْأَعْمَشِ وَاتَّهَمَ بِهَا عِيسَى، وَقَالَ: إنَّمَا تُعْرَفُ هَذِهِ الزِّيَادَةُ بِأَبِي حَمْزَةَ، قَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ: أَبُو حَمْزَةَ ثِقَةٌ وَلَا عَيْبَ لِلْإِسْنَادِ إلَّا مَا ذُكِرَ مِنْ الِانْقِطَاعِ.
(فَائِدَةٌ) : هَذَا الْحَدِيثُ ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ مُسْتَدِلًّا بِهِ عَلَى أَفْضَلِيَّةِ الْأَذَانِ. وَفِي الْبَابِ عَنْ مُعَاوِيَةَ عِنْدَ مُسْلِمٍ: «الْمُؤَذِّنُونَ أَطْوَلُ النَّاسِ أَعْنَاقًا يَوْمَ
الْقِيَامَةِ» ، وَفِيهِ عَنْ ابْنِ الزُّبَيْرِ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ بِأَلْفَاظٍ مُخْتَلِفَةٍ، وَقَالَ ابْنُ أَبِي دَاوُد سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ: مَعْنَاهُ أَنَّ النَّاسَ يَعْطَشُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَإِذَا عَطِشَ الْإِنْسَانُ انْطَوَتْ عُنُقُهُ، وَالْمُؤَذِّنُونَ لَا يَعْطَشُونَ، فَأَعْنَاقُهُمْ قَائِمَةٌ. وَفِي صَحِيحِ ابْنِ حِبَّانَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ:«يُعْرَفُونَ بِطُولِ أَعْنَاقِهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» زَادَ السَّرَّاجُ: لِقَوْلِهِمْ: لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ. وَفِيهِ عَنْ ابْنِ أَبِي أَوْفَى: «إنَّ خِيَارَ عِبَادِ اللَّهِ الَّذِينَ يُرَاعُونَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ وَالْأَهِلَّةَ لِذِكْرِ اللَّهِ» صَحَّحَهُ الْحَاكِمُ، وَحَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ:«لَا يَسْمَعُ مَدَى صَوْتِ الْمُؤَذِّنِ جِنٌّ وَلَا إنْسٌ إلَّا شَهِدَ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، وَفِي حَدِيثِ أَنَسٍ:«إذَا أُذِّنَ فِي قَرْيَةٍ آمَنَهَا اللَّهُ مِنْ عَذَابِهِ ذَلِكَ الْيَوْمَ» رَوَاهُ 3 الطَّبَرَانِيُّ.
306 -
(23) - حَدِيثُ: رُوِيَ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَنْ أَذَّنَ سَبْعَ سِنِينَ مُحْتَسِبًا، كُتِبَتْ لَهُ بَرَاءَةٌ مِنْ النَّارِ» ، التِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَفِيهِ جَابِرٌ الْجُعْفِيُّ وَهُوَ ضَعِيفٌ جِدًّا. وَرَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَالْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ بِلَفْظِ:«مَنْ أَذَّنَ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ سَنَةً، وَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ» الْحَدِيثُ، وَفِيهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَيُّوبَ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ
نَافِعٍ عَنْهُ. وَهَذَا الْحَدِيثُ أَحَدُ مَا أُنْكِرَ عَلَيْهِ. وَرَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي التَّارِيخِ مِنْ حَدِيثِ يَحْيَى بْنِ الْمُتَوَكِّلِ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ صَدَقَةَ عَنْ نَافِعٍ، وَقَالَ: هَذَا أَشْبَهُ، لَكِنْ رَوَاهُ الْحَاكِمُ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ لَهِيعَةَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي جَعْفَرٍ عَنْ نَافِعٍ بِهِ، وَرَوَاهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي الْعِلَلِ نَحْوَ الْأَوَّلِ، مِنْ حَدِيثِ مَكْحُولٍ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ، وَفِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ بْنِ عَطِيَّةَ وَهُوَ ضَعِيفٌ.
307 -
(24) - حَدِيثُ: «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ لَهُ مُؤَذِّنَانِ: بِلَالٌ، وَابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ الْقَاسِمِ عَنْ عَائِشَةَ.
وَرَوَى ابْنُ السَّكَنِ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ: «كَانَ لَهُ ثَلَاثَةُ مُؤَذِّنِينَ» فَذَكَرَهُمَا بِزِيَادَةِ أَبِي مَحْذُورَةَ، وَجَمَعَ بَيْنَهُمَا الْبَيْهَقِيّ بِأَنَّ الْأَوَّلَ الْمُرَادُ بِهِ بِالْمَدِينَةِ، وَالثَّانِي الْمُرَادُ بِهِ بِانْضِمَامِ مَكَّةَ، قُلْتُ: وَعَلَى هَذَا كَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَصِيرُوا أَرْبَعَةً لِأَنَّ سَعْدَ الْقَرْظِ كَانَ بِقُبَاءَ.
وَرَوَى الدَّارِمِيُّ وَغَيْرُهُ فِي حَدِيثِ أَبِي مَحْذُورَةَ: «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ نَحْوًا مِنْ عِشْرِينَ رَجُلًا فَأَذَّنُوا» . قَوْلُهُ: وَلَا يُسْتَحَبُّ أَنْ يَتَرَاسَلُوا الْأَذَانَ إذْ لَمْ يَفْعَلْهُ مُؤَذِّنُو رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم هُوَ مُسْتَفَادٌ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ فِي الصَّحِيحِ: «كَانَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مُؤَذِّنَانِ بِلَالٌ وَابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ، لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا إلَّا أَنْ يَنْزِلَ هَذَا
وَيَرْقَى هَذَا» .
308 -
(25) - حَدِيثُ: «لَوْ يَعْلَمُ النَّاسُ مَا فِي النِّدَاءِ وَالصَّفِّ الْأَوَّلِ، ثُمَّ لَمْ يَجِدُوا إلَّا أَنْ يَسْتَهِمُوا عَلَيْهِ لَاسْتَهَمُوا عَلَيْهِ» ، مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ أَتَمُّ مِنْهُ، وَلِابْنِ عَبْدِ الْبَرِّ فِي الِاسْتِذْكَارِ كَلَامٌ حَسَنٌ عَلَى هَذَا الْحَدِيثِ.
309 -
(26) - حَدِيثُ زِيَادِ بْنِ الْحَارِثِ الصُّدَائِيِّ: «أَمَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ أُؤَذِّنَ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ فَأَذَّنْتُ فَأَرَادَ بِلَالٌ أَنْ يُقِيمَ، فَقَالَ: إنَّ أَخَا صُدَاءَ، قَدْ أَذَّنَ وَمَنْ أَذَّنَ فَهُوَ يُقِيمُ» أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ، مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زِيَادِ بْنِ أَنْعُمٍ الْإِفْرِيقِيِّ عَنْ زِيَادِ بْنِ نُعَيْمٍ الْحَضْرَمِيِّ عَنْ زِيَادِ بْنِ الْحَارِث الصُّدَائِيِّ، وَاللَّفْظُ لِلتِّرْمِذِيِّ، وَسَاقَهُ أَبُو دَاوُد مُطَوَّلًا، قَالَ التِّرْمِذِيُّ: إنَّمَا يُعْرَفُ مِنْ حَدِيثِ الْإِفْرِيقِيِّ، وَقَدْ ضَعَّفَهُ الْقَطَّانُ وَغَيْرُهُ، قَالَ: وَرَأَيْتُ مُحَمَّدَ بْنَ إسْمَاعِيلَ يُقَوِّي أَمْرَهُ وَيَقُولُ: هُوَ مُقَارِبُ الْحَدِيثِ، قَالَ: وَالْعَمَلُ عَلَى هَذَا عِنْدَ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ، قَوْلُهُ: وَفِي الْقِصَّةِ الْمَرْوِيَّةِ، كَانَ بِلَالٌ غَائِبًا، وَزِيَادٌ أَذَّنَ بِإِذْنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، الطَّبَرَانِيُّ وَالْعُقَيْلِيُّ فِي الضُّعَفَاءِ. وَأَبُو الشَّيْخِ فِي الْأَذَانِ مِنْ حَدِيثِ سَعِيدِ بْنِ رَاشِدٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ: «كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي سَيْرٍ لَهُ، فَحَضَرَتْ الصَّلَاةُ، فَنَزَلَ الْقَوْمُ فَطَلَبُوا بِلَالًا فَلَمْ يَجِدُوهُ، فَقَامَ رَجُلٌ فَأَذَّنَ، ثُمَّ جَاءَ بِلَالٌ، فَقَالَ الْقَوْمُ: إنَّ رَجُلًا قَدْ أَذَّنَ، فَسَكَتَ الْقَوْمُ هَوِيًّا، ثُمَّ إنَّ بِلَالًا أَرَادَ أَنْ
يُقِيمَ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: مَهْلًا يَا بِلَالُ، فَإِنَّمَا يُقِيمُ مَنْ أَذَّنَ» ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا الْمُبْهَمَ هُوَ الصُّدَائِيُّ، وَسَعِيدُ بْنُ رَاشِدٍ هَذَا ضَعِيفٌ، وَضَعَّفَ حَدِيثَهُ هَذَا أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيّ، وَابْنُ حِبَّانَ فِي الضُّعَفَاءِ.
310 -
(27) - حَدِيثُ: «أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ زَيْدٍ أَلْقَى الْأَذَانَ عَلَى بِلَالٍ، قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: أَنَا رَأَيْتُهُ، وَأَنَا كُنْتُ أُرِيدُهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: فَأَقِمْ أَنْتَ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد مِنْ حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ عَمّهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ، قَالَ:«أَرَادَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَشْيَاءَ لَمْ يَصْنَعْ مِنْهَا شَيْئًا، فَأَدَّى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدٍ، الْأَذَانَ، فَأَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَأَخْبَرَهُ قَالَ: أَلْقِهِ عَلَى بِلَالٍ، فَأَذَّنَ بِلَالٌ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: أَنَا رَأَيْتُهُ، وَأَنَا كُنْتُ أُرِيدُهُ قَالَ: فَأَقِمْ أَنْتَ» وَمُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو هُوَ الْوَاقِفِيُّ، بَيْنَهُ أَبُو دَاوُد الطَّيَالِسِيُّ، فِي رِوَايَتِهِ وَهُوَ ضَعِيفٌ، وَاخْتُلِفَ عَلَيْهِ فِيهِ، فَقِيلَ: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، وَقِيلَ: عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ، قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: إسْنَادُهُ حَسَنٌ، أَحْسَنُ مِنْ حَدِيثِ الْإِفْرِيقِيِّ. وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ: إنْ صَحَّا لَمْ يَتَخَالَفَا، لِأَنَّ قِصَّةَ الصُّدَائِيِّ بَعْدُ، وَذَكَرَهُ ابْنُ شَاهِينَ فِي النَّاسِخِ، وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ، لَمْ يَذْكُرْ سَمَاعَ بَعْضِهِمْ مِنْ بَعْضٍ، كَأَنَّهُ يُشِيرُ إلَى مَا رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ أَبِي الْعُمَيْسِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ، «أَنَّهُ رَأَى الْأَذَانَ وَالْإِقَامَةَ مَثْنَى مَثْنَى، فَأَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَأَخْبَرَهُ، فَقَالَ: عَلِّمْهُنَّ بِلَالًا، قَالَ: فَتَقَدَّمْتُ، فَأَمَرَنِي أَنْ أُقِيمَ فَأَقَمْتُ» ، قَالَ الْحَاكِمُ: رَوَاهُ الْحُفَّاظُ مِنْ أَصْحَابِ أَبِي الْعُمَيْسِ عَنْ زَيْدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ، وَعِنْدَ ابْنِ شَاهِينَ:«أَنَّ عُمَرَ جَاءَ فَقَالَ: أَنَا رَأَيْتُ الرُّؤْيَا وَيُؤَذِّنُ بِلَالٌ، قَالَ فَأَقِمْ أَنْتَ» . وَقَالَ غَرِيبٌ: لَا أَعْلَمُ أَحَدًا قَالَ فِيهِ: إنَّ الَّذِي أَقَامَ عُمَرُ إلَّا فِي هَذَا، وَالْمَعْرُوفُ أَنَّهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدٍ، وَلَهُ طَرِيقٌ أُخْرَى أَخْرَجَهَا أَبُو الشَّيْخِ فِي كِتَابِ الْأَذَانِ مِنْ حَدِيثِ الْحَكَمِ عَنْ مِقْسَمٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ:«كَانَ أَوَّلَ مَنْ أَذَّنَ فِي الْإِسْلَامِ بِلَالٌ، وَأَوَّلُ مَنْ أَقَامَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدٍ» ، وَإِسْنَادُهُ
مُنْقَطِعٌ بَيْنَ الْحَكَمِ وَمِقْسَمٍ، لِأَنَّ هَذَا مِنْ الْأَحَادِيثِ الَّتِي لَمْ يَسْمَعْهَا مِنْهُ. (قَوْلُهُ) مِنْ الْمَحْبُوبَاتِ أَنْ يُصَلِّيَ الْمُؤَذِّنُ وَسَامِعُهُ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بَعْدَ الْأَذَانِ وَيَقُولُ:«اللَّهُمَّ رَبَّ هَذِهِ الدَّعْوَةِ التَّامَّةِ، وَالصَّلَاةِ الْقَائِمَةِ، آتِ مُحَمَّدًا الْوَسِيلَةَ، وَالْفَضِيلَةَ، وَالدَّرَجَةَ الرَّفِيعَةَ، وَابْعَثْهُ الْمَقَامَ الْمَحْمُودَ الَّذِي وَعَدْتَهُ» أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَغَيْرُهُ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «إذَا سَمِعْتُمْ الْمُؤَذِّنَ فَقُولُوا مِثْلَ مَا يَقُولُ ثُمَّ صَلُّوا عَلَيَّ» الْحَدِيثُ.
وَأَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ وَأَصْحَابُ السُّنَنِ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ مَرْفُوعًا «مَنْ قَالَ حِينَ يَسْمَعُ النِّدَاءَ، اللَّهُمَّ رَبَّ هَذِهِ الدَّعْوَةِ التَّامَّةِ. . .» الْحَدِيثُ، لَكِنْ لَيْسَ فِيهِ وَالدَّرَجَةَ الرَّفِيعَةَ، وَقَالَ: مَقَامًا مَحْمُودًا، وَعِنْدَ النَّسَائِيّ، وَابْنِ خُزَيْمَةَ بِالتَّعْرِيفِ فِيهِمَا، وَلَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنْ طُرُقِهِ ذِكْرُ الدَّرَجَةِ الرَّفِيعَةِ، وَزَادَ الرَّافِعِيُّ فِي الْمُحَرَّرِ فِي آخِرِهِ:«يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ» ، وَلَيْسَتْ أَيْضًا فِي شَيْءٍ مِنْ طُرُقِهِ. وَرَوَى الْبَزَّارُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ الْمَقَامَ الْمَحْمُودَ: الشَّفَاعَةُ.
(قَوْلُهُ) : وَيُسْتَحَبُّ لِمَنْ سَمِعَ أَذَانَ الْمَغْرِبِ أَنْ يَقُولَ: «اللَّهُمَّ هَذَا إقْبَالُ لَيْلِكَ» الْحَدِيثُ. رَوَاهُ أَبُو دَاوُد، وَالتِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ،
صَحَّحَهُ الْحَاكِمُ.
311 -
(28) - قَوْلُهُ: «وَأَنْ يُجِيبَ الْمُؤَذِّنَ فَيَقُولَ مِثْلَ مَا يَقُولُ إلَّا فِي الْحَيْعَلَتَيْنِ، فَإِنَّهُ يَقُولُ: لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ، وَإِلَّا فِي كَلِمَتَيْ الْإِقَامَةِ، فَإِنَّهُ يَقُولُ: أَقَامَهَا اللَّهُ وَأَدَامَهَا، وَجَعَلَنِي مِنْ صَالِحِي أَهْلِهَا، وَإِلَّا فِي التَّثْوِيبِ فَيَقُولُ: صَدَقْتَ وَبَرَرْتَ» عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ مَرْفُوعًا «إذَا سَمِعْتُمْ الْمُؤَذِّنَ فَقُولُوا مِثْلَ مَا يَقُولُ» أَخْرَجَهُ السِّتَّةُ، وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ.
وَرَوَى أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو «أَنَّ رَجُلًا قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّ الْمُؤَذِّنِينَ يَفْضُلُونَنَا، فَقَالَ: قُلْ كَمَا يَقُولُونَ، فَإِذَا انْتَهَيْت فَسَلْ تُعْطَهُ» وَعَنْ أُمِّ حَبِيبَةَ مَرْفُوعًا مِنْ فِعْلِهِ. رَوَاهُ ابْنِ خُزَيْمَةَ
وَالْحَاكِمُ، وَرَوَى الْبُخَارِيُّ وَالنَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيثِ مُعَاوِيَةَ مَرْفُوعًا «الْقَوْلُ كَمَا يَقُولُ الْمُؤَذِّنُ إلَّا الْحَيْعَلَتَيْنِ» ، وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ عُمَرَ وَالْبَزَّارُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي رَافِعٍ، وَأَمَّا كَلِمَتَيْ الْإِقَامَةِ: فَأَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد مِنْ حَدِيثِ أَبِي أُمَامَةَ «أَنَّ بِلَالًا أَخَذَ فِي الْإِقَامَةِ، فَلَمَّا بَلَغَ قَدْ قَامَتْ الصَّلَاةُ؛ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: أَقَامَهَا اللَّهُ وَأَدَامَهَا» وَهُوَ ضَعِيفٌ وَالزِّيَادَةُ فِيهِ لَا أَصْلَ لَهَا، وَكَذَا لَا أَصْلَ لِمَا ذَكَرَهُ فِي " الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنْ النَّوْمِ "
312 -
(29) - حَدِيثُ: رُوِيَ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «الْمُؤَذِّنُ أَمْلَكُ بِالْأَذَانِ، وَالْإِمَامُ أَمْلَكُ بِالْإِقَامَةِ» ابْنُ عَدِيٍّ فِي تَرْجَمَةِ شَرِيكٍ الْقَاضِي مِنْ رِوَايَتِهِ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، تَفَرَّدَ بِهِ شَرِيكٌ، وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ: لَيْسَ بِمَحْفُوظٍ. وَرَوَاهُ أَبُو الشَّيْخِ مِنْ طَرِيقِ أَبِي الْجَوْزَاءِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ، وَفِيهِ مُعَارِكُ بْنُ عَبَّادٍ وَهُوَ ضَعِيفٌ، وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ عَنْ عَلِيٍّ مَوْقُوفًا، وَقَدْ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ:«كَانَ بِلَالٌ يُؤَذِّنُ إذَا دَحَضَتْ الشَّمْسُ، وَلَا يُقِيمُ حَتَّى يَخْرُجَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم» .
حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ: «لَيْسَ عَلَى النِّسَاءِ أَذَانٌ» رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِهِ مَوْقُوفًا بِسَنَدٍ صَحِيحٍ، وَزَادَ:" وَلَا إقَامَةٌ " وَقَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: لَا يُعْرَفُ مَرْفُوعًا انْتَهَى. وَرَوَاهُ ابْنُ عَدِيٍّ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَسْمَاءَ مَرْفُوعًا، وَفِي إسْنَادِهِ الْحَكَمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأَيْلِيُّ وَهُوَ ضَعِيفٌ جِدًّا.
حَدِيثُ عَائِشَةَ: «أَنَّهَا كَانَتْ تُؤَذِّنُ وَتُقِيمُ» الْحَاكِمُ وَالْبَيْهَقِيُّ، وَزَادَ:«وَتَؤُمُّ النِّسَاءَ وَسَطَهُنَّ» وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ مَكْحُولٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ «كُنَّا نُصَلِّي بِغَيْرِ إقَامَةٍ» .
314 -
(31) - حَدِيثُ عُمَرَ: " لَوْلَا الْخِلِّيفَا لَأَذَّنْتُ " أَبُو الشَّيْخِ فِي كِتَابِ الْأَذَانِ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِهِ، وَفِيهِ: قِصَّةٌ، وَالْخِلِّيفَا بِتَشْدِيدِ اللَّامِ مَعَ كَسْرِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ، وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ: ثَنَا هُشَيْمٌ، ثَنَا إسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ عَنْ قَيْسٍ قَالَ: قَالَ عُمَرُ: " لَوْ أُطِيقُ مَعَ الْخِلِّيفَا لَأَذَّنْتُ ".
315 -
(32) - حَدِيثُ: " أَنَّ عُثْمَانَ اتَّخَذَ أَرْبَعَةً مِنْ الْمُؤَذِّنِينَ، وَلَمْ تَزِدْ الْخُلَفَاءُ الرَّاشِدُونَ عَلَى هَذَا الْعَدَدِ " هَذَا الْأَثَرُ ذَكَرَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ فُقَهَاءِ أَصْحَابِنَا: مِنْهُمْ صَاحِبُ الْمُهَذَّبِ، وَبَيَّضَ لَهُ الْمُنْذِرِيُّ وَالنَّوَوِيُّ، وَلَا يُعْرَفُ لَهُ أَصْلٌ، وَقَدْ ذَكَرَ الْبَيْهَقِيّ فِي الْمَعْرِفَةِ: أَنَّ الشَّافِعِيَّ احْتَجَّ فِي الْإِمْلَاءِ بِقِصَّةِ عُثْمَانَ فِي جَوَازِ أَكْثَرَ مِنْ مُؤَذِّنَيْنِ اثْنَيْنِ. قَوْلُهُ: وَأَمَّا الْجَمْعُ بَيْنَ الْأَذَانِ وَالْإِمَامَةِ فَلَا يُسْتَحَبُّ، لِأَنَّهُ لَمْ يَفْعَلْهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَلَا أَمَرَ بِهِ، وَلَا السَّلَفُ الصَّالِحُ بَعْدَهُ كَذَا قَالَ،
وَقَدْ رَوَى
التِّرْمِذِيُّ وَأَحْمَدُ، وَالدَّارَقُطْنِيّ مِنْ حَدِيثِ يَعْلَى بْنِ مُرَّةَ:«أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَذَّنَ وَهُوَ عَلَى رَاحِلَتِهِ، وَأَقَامَ وَهُوَ عَلَى رَاحِلَتِهِ» ، وَلَفْظُ التِّرْمِذِيِّ:«أَنَّهُمْ كَانُوا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي مَسِيرٍ فَانْتَهَوْا إلَيَّ مَضِيقٍ، وَحَضَرَتْ الصَّلَاةُ فَمُطِرُوا، فَأَذَّنَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَقَامَ، فَتَقَدَّمَ عَلَى رَاحِلَتِهِ فَصَلَّى بِهِمْ، يُومِئُ إيمَاءً» ، وَقَالَ: تَفَرَّدَ بِهِ عُمَرُ بْنُ الرَّمَّاحِ، وَقَالَ عَبْدُ الْحَقِّ: إسْنَادُهُ صَحِيحٌ، وَالنَّوَوِيُّ: إسْنَادُهُ حَسَنٌ، وَضَعَّفَهُ الْبَيْهَقِيّ وَابْنُ الْعَرَبِيِّ وَابْنُ الْقَطَّانِ لِحَالِ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ، وَقَدْ رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ بِلَفْظِ «فَأَمَرَ الْمُؤَذِّنَ فَأَذَّنَ وَأَقَامَ، أَوْ أَقَامَ بِغَيْرِ أَذَانٍ، ثُمَّ تَقَدَّمَ فَصَلَّى بِنَا عَلَى رَاحِلَتِهِ» ، وَرَجَّحَ السُّهَيْلِيُّ هَذِهِ الرِّوَايَةَ، لِأَنَّهَا بَيَّنَتْ مَا أُجْمِلَ فِي رِوَايَةِ التِّرْمِذِيِّ: وَإِنْ كَانَ الرَّاوِي لَهُ عَنْ عُمَرَ بْنِ الرَّمَّاحِ عِنْدَهُ شَدِيدَ الضَّعْفِ، وَقَدْ رَوَى ابْنُ عَدِيٍّ عَنْ أَنَسٍ مَرْفُوعًا:«يُكْرَهُ لِلْإِمَامِ أَنْ يَكُونَ مُؤَذِّنًا» قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: مُنْكَرٌ، وَالْبَلَاءُ فِيهِ مِنْ سَلَّامٍ الطَّوِيلِ، أَوْ زَيْدٍ الْعَمِّيِّ. وَرَوَى ابْنُ حِبَّانَ فِي تَرْجَمَةِ الْمُعَلَّى بْنِ هِلَالٍ عَنْ جَابِرٍ مِثْلَهُ، وَالْمُعَلَّى مُتَّهَمٌ بِالْكَذِبِ.
وَرَوَى أَصْحَابُ السُّنَنِ الْأَرْبَعَةُ حَدِيثَ «عُثْمَانَ بْنِ أَبِي الْعَاصِ قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ اجْعَلْنِي إمَامَ قَوْمِي، قَالَ: أَنْتَ إمَامُهُمْ، وَاِتَّخِذْ مُؤَذِّنًا لَا يَأْخُذُ عَلَى أَذَانِهِ أَجْرًا» وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ.
قَوْلُهُ: الْمَنْقُولُ: «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَقُولُ فِي تَشَهُّدِهِ: أَشْهَدُ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ» كَذَا قَالَ وَلَا أَصْلَ لِذَلِكَ، بَلْ أَلْفَاظُ التَّشَهُّدِ مُتَوَاتِرَةٌ عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ:" أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ أَوْ عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ " وَسَيَأْتِي فِي التَّشَهُّدِ، وَلِلْأَرْبَعَةِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ فِي خُطْبَةِ الْحَاجَةِ:«وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ» ، نَعَمْ فِي الْبُخَارِيِّ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ، لَمَّا خِفْتُ أَزْوَادَ الْقَوْمِ، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ فِي دُعَاءِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ «قَالَ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ» وَلَهُ شَاهِدٌ عِنْدَ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَوْلُهُ: «الدُّعَاءُ بَيْنَ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ لَا يُرَدُّ» رَوَاهُ النَّسَائِيُّ وَابْنُ خُزَيْمَةَ. وَابْنُ حِبَّانَ مِنْ حَدِيثِ بُرَيْدِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ عَنْ أَنَسٍ، وَأَخْرَجَهُ هُوَ وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ مِنْ طَرِيقِ مُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ عَنْ أَنَسٍ، وَرَوَى
أَبُو دَاوُد وَابْنُ خُزَيْمَةَ وَابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ «قَلَّ مَا تُرَدُّ عَلَى دَاعٍ دَعْوَتُهُ عِنْدَ حُضُورِ النِّدَاءِ» الْحَدِيثُ.