الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[بَابُ الْغُسْلِ]
179 -
(1) - حَدِيثُ: «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قَالَ لِفَاطِمَةَ بِنْتِ أَبِي حُبَيْشٍ: إذَا أَقْبَلَتْ الْحَيْضَةُ فَدَعِي الصَّلَاةَ. وَإِذَا أَدْبَرَتْ فَاغْتَسِلِي وَصَلِّي» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ، بِلَفْظِ:«فَاغْسِلِي عَنْكِ الدَّمَ وَصَلِّي» وَفِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ: «ثُمَّ اغْتَسِلِي وَصَلِّي» . وَفِي رِوَايَةٍ لِابْنِ مَنْدَهْ: «فَلْتَغْتَسِلْ وَلْتُصَلِّ» وَاسْتَدَلَّ الْبَيْهَقِيّ عَلَى أَنَّهَا كَانَتْ مُمَيِّزَةً بِقَوْلِهِ فِي الْحَدِيثِ: «دَعِي الصَّلَاةَ قَدْرَ الْأَيَّامِ الَّتِي كُنْتِ تَحِيضِينَ فِيهَا» ثُمَّ قَالَ: وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ كَانَ لَهَا حَالَتَانِ، حَالَةٌ تُمَيِّزُ، وَحَالَةٌ لَا تُمَيِّزُ، فَأَمَرَهَا بِالرُّجُوعِ إلَى الْعَادَةِ.
حَدِيثُ: «إنَّمَا الْمَاءُ مِنْ الْمَاءِ» كَرَّرَهُ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ مِنْهُ، وَقَدْ رَوَاهُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ مُطَوَّلًا، وَفِيهِ قِصَّةُ عِتْبَانَ بْنِ مَالِكٍ، وَاقْتَصَرَ الْبُخَارِيُّ عَلَى الْقِصَّةِ، دُونَ قَوْلِهِ:«الْمَاءُ مِنْ الْمَاءِ» ، وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَابْنُ خُزَيْمَةَ وَابْنُ حِبَّانَ، بِلَفْظِ الْبَابِ، وَرَوَاهُ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ
وَالطَّبَرَانِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي أَيُّوبَ وَرَوَاهُ أَحْمَدُ، مِنْ حَدِيثِ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ، وَمِنْ حَدِيثِ عِتْبَانَ بْنِ مَالِكٍ، وَالطَّحَاوِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَابْنُ شَاهِينَ فِي نَاسِخِهِ، مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ، وَقَدْ جَمَعَ طُرُقَهُ الْحَازِمِيُّ، وَقَبْلَهُ ابْنُ شَاهِينَ.
180 -
(2 حَدِيثُ عَائِشَةَ: «إذَا الْتَقَى الْخِتَانَانِ فَقَدْ وَجَبَ الْغُسْلُ، فَعَلْتُهُ أَنَا وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَاغْتَسَلْنَا» الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ أَنَا الثِّقَةُ، عَنْ الْأَوْزَاعِيِّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِيهِ، أَوْ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ الْقَاسِمِ، عَنْهَا، وَفِي مُخْتَصَرِ الْمُزَنِيِّ.
وَذَكَرَهُ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ بِلَا شَكٍّ، وَفِي سُنَنِ حَرْمَلَةَ، رَوَاهُ عَنْ الْوَلِيدِ بْنِ مُسْلِمٍ. عَنْ الْأَوْزَاعِيِّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ مِنْ غَيْرِ شَكٍّ، وَهَكَذَا رَوَاهُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ عَنْ الْوَلِيدِ، حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ، حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْقَاسِمِ بِهِ، قَالَ النَّسَائِيُّ: أَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ، ثَنَا الْوَلِيدُ، بِهِ. وَالتِّرْمِذِيُّ ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، ثَنَا الْوَلِيدُ، ثُمَّ قَالَ: حَسَنٌ صَحِيحٌ، وَصَحَّحَهُ
أَيْضًا ابْنُ حِبَّانَ وَابْنُ الْقَطَّانِ، وَأَعَلَّهُ الْبُخَارِيُّ بِأَنَّ الْأَوْزَاعِيَّ أَخْطَأَ فِيهِ، وَرَوَاهُ غَيْرُهُ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ مُرْسَلًا، وَاسْتَدَلَّ عَلَى ذَلِكَ بِأَنَّ أَبَا الزِّنَادِ قَالَ: سَأَلْتُ الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ، سَمِعْتَ فِي هَذَا الْبَابِ شَيْئًا؟ فَقَالَ: لَا. وَأَجَابَ مَنْ صَحَّحَهُ بِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْقَاسِمُ كَانَ نَسِيَهُ، ثُمَّ تَذَكَّرَ فَحَدَّثَ بِهِ ابْنَهُ، أَوْ كَانَ حَدَّثَ بِهِ ابْنَهُ ثُمَّ نَسِيَ، وَلَا يَخْلُو الْجَوَابُ عَنْ نَظَرٍ.
(تَنْبِيهٌ) : قَالَ النَّوَوِيُّ فِي التَّنْقِيحِ: هَذَا الْحَدِيثُ أَصْلُهُ صَحِيحٌ، إلَّا أَنَّ فِيهِ تَغْيِيرًا، وَتَبِعَ فِي ذَلِكَ ابْنَ الصَّلَاحِ، فَإِنَّهُ قَالَ فِي مُشْكِلِ الْوَسِيطِ: هُوَ ثَابِتٌ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ بِغَيْرِ هَذَا اللَّفْظِ، وَأَمَّا بِهَذَا اللَّفْظِ فَغَيْرُ مَذْكُورٍ، انْتَهَى.
وَقَدْ عُرِفَ مِنْ رِوَايَةِ الشَّافِعِيِّ وَمَنْ تَابَعَهُ، أَنَّهُ مَذْكُورٌ بِاللَّفْظِ الْمَذْكُورِ، وَأَصْلُهُ فِي مُسْلِمٍ، بِلَفْظِ:«إذَا جَلَسَ بَيْنَ شُعَبِهَا الْأَرْبَعِ، وَمَسَّ الْخِتَانُ الْخِتَانَ، فَقَدْ وَجَبَ الْغُسْلُ» . حَدِيثُ عَائِشَةَ: «إذَا الْتَقَى الْخِتَانَانِ وَجَبَ الْغُسْلُ» تَقَدَّمَ قَبْلَهُ. (فَائِدَةٌ) ذَهَبَ الْجُمْهُورُ إلَى نَسْخِ حَدِيثِ «إنَّمَا الْمَاءُ مِنْ الْمَاءِ» وَأَوَّلَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ، فَقَالَ: إنَّمَا قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم «إنَّمَا الْمَاءُ مِنْ الْمَاءِ، فِي الِاحْتِلَامِ» أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَأَصْلُهُ فِي التِّرْمِذِيِّ، وَلَمْ يَذْكُرْ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، وَفِي إسْنَادِهِ لِينٌ، لِأَنَّهُ مِنْ رِوَايَةِ شَرِيكٍ، عَنْ أَبِي الْجِحَافِ.
وَفِي
السُّنَنِ بِسَنَدٍ رِجَالُهُ ثِقَاتٌ، عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ قَالَ: إنَّمَا كَانَ الْمَاءُ مِنْ الْمَاءِ، رُخْصَةً فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ. لَكِنْ وَقَعَ عِنْدَ أَبِي دَاوُد مَا يَقْتَضِي انْقِطَاعَهُ، فَقَالَ: عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ، حَدَّثَنِي بَعْضُ مَنْ أَرْضَى، أَنَّ سَهْلَ بْنَ سَعْدٍ أَخْبَرَهُ، أَنَّ أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ أَخْبَرَهُ، وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ مَاجَهْ مِنْ طَرِيقِ يُونُسَ، عَنْ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: قَالَ سَهْلٌ. . . وَجَزَمَ مُوسَى بْنُ هَارُونُ وَالدَّارَقُطْنِيّ، بِأَنَّ الزُّهْرِيَّ لَمْ يَسْمَعْهُ مِنْ سَهْلٍ، وَقَالَ ابْنُ خُزَيْمَةَ: هَذَا الرَّجُلُ الَّذِي لَمْ يُسَمِّهِ الزُّهْرِيُّ، هُوَ أَبُو حَازِمٍ، ثُمَّ سَاقَهُ مِنْ طَرِيقِ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ سَهْلٍ، عَنْ أُبَيِّ: أَنَّ الْفُتْيَا الَّتِي كَانُوا يُفْتُونَ: أَنَّ الْمَاءَ مِنْ الْمَاءِ، كَانَتْ رُخْصَةً، رَخَّصَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي بَدْءِ الْإِسْلَامِ، ثُمَّ أَمَرَ بِالِاغْتِسَالِ بَعْدُ، وَقَدْ وَقَعَ فِي رِوَايَةٍ لَابْنِ خُزَيْمَةَ، مِنْ طَرِيقِ مَعْمَرٍ، عَنْ الزُّهْرِيِّ، أَخْبَرَنِي سَهْلٌ. فَهَذَا يَدْفَعُ قَوْلَ ابْنِ حَزْمٍ بِأَنَّهُ لَمْ يَسْمَعْهُ مِنْهُ، لَكِنْ قَالَ ابْنُ خُزَيْمَةَ: أَهَابُ أَنْ تَكُونَ هَذِهِ اللَّفْظَةُ غَلَطًا مِنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ الرَّاوِي لَهُ، عَنْ مَعْمَرٍ، قُلْت: أَحَادِيثُ أَهْلِ الْبَصْرَةِ، عَنْ مَعْمَرٍ يَقَعُ فِيهَا الْوَهْمُ، لَكِنْ فِي كِتَابِ ابْنِ شَاهِينَ مِنْ طَرِيقِ مُعَلَّى بْنِ مَنْصُورٍ، عَنْ ابْنِ الْمُبَارَكِ، عَنْ يُونُسَ، عَنْ الزُّهْرِيِّ، حَدَّثَنِي سَهْلٌ، وَكَذَا أَخْرَجَهُ بَقِيَ بْنُ مَخْلَدٍ فِي مُسْنَدِهِ، عَنْ أَبِي كُرَيْبٍ، عَنْ ابْنِ الْمُبَارَكِ.
وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الزُّهْرِيُّ سَمِعَهُ مِنْ رَجُلٍ، عَنْ سَهْلٍ، ثُمَّ لَقِيَ سَهْلًا فَحَدَّثَهُ، أَوْ سَمِعَهُ مِنْ سَهْلٍ، ثُمَّ ثَبَتَهُ فِيهِ أَبُو حَازِمٍ، وَرَوَاهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ، مِنْ طَرِيقِ شُعْبَةَ، عَنْ سَيْفِ بْنِ وَهْبٍ، عَنْ أَبِي حَرْبِ بْنِ أَبِي الْأَسْوَدِ، عَنْ عَمِيرَةَ بْنِ يَثْرِبِيٍّ،
عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ نَحْوَهُ، وَرَوَى مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ، عَنْ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّب: أَنَّ عُمَرَ، وَعُثْمَانَ، وَعَائِشَةَ كَانُوا يَقُولُونَ: إذَا مَسَّ الْخِتَانُ الْخِتَانَ، فَقَدْ وَجَبَ الْغُسْلُ ".
وَفِي الْبَابِ عِدَّةُ أَحَادِيثَ فِي عَدَمِ الْإِيجَابِ، لَكِنْ انْعَقَدَ الْإِجْمَاعُ أَخِيرًا عَلَى إيجَابِ الْغُسْلِ، قَالَهُ الْقَاضِي ابْنُ الْعَرَبِيِّ.
181 -
(3) - حَدِيثُ: «أَنَّ أُمَّ سُلَيْمٍ جَاءَتْ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَتْ: إنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِ مِنْ الْحَقِّ، هَلْ عَلَى الْمَرْأَةِ مِنْ غُسْلٍ إذَا احْتَلَمَتْ؟ قَالَ: نَعَمْ إذَا رَأَتْ الْمَاءَ فَقَالَتْ لَهَا أُمُّ سَلَمَةَ: فَضَحْتِ النِّسَاءَ. . . الْحَدِيثَ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ، وَاللَّفْظُ لِلْبُخَارِيِّ فِي الطَّهَارَةِ، وَلَهُ أَلْفَاظٌ عِنْدَهُمَا، وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ، عَنْ أُمِّ سُلَيْمٍ، وَمِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ: أَنَّ امْرَأَةً سَأَلَتْ. وَفِي الْبَابِ: عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، أَنَّ بُسْرَةَ سَأَلَتْ. . . أَخْرَجَهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ.
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ وَعَنْ خَوْلَةَ بِنْتِ حَكِيمٍ، وَرَوَاهُ النَّسَائِيُّ.
(تَنْبِيهٌ) : وَقَعَ فِي كَلَامِ الصَّيْدَلَانِيِّ، وَتَبِعَهُ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ، ثُمَّ الْغَزَالِيُّ، وَالرُّويَانِيُّ، ثُمَّ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، أَنَّ أُمَّ سُلَيْمٍ جَدَّةُ أَنَسٍ، وَغَلَّطَهُمْ ابْنُ الصَّلَاحِ، ثُمَّ النَّوَوِيُّ فِي ذَلِكَ.
(تَنْبِيهٌ آخَرُ) : فِي الْوَسِيطِ: أَنَّ الْقَائِلَةَ فَضَحْتِ النِّسَاءَ: عَائِشَةُ، وَغَلَّطَهُ بَعْضُ النَّاسِ فَلَمْ يُصِبْ، فَقَدْ وَقَعَ ذَلِكَ فِي مُسْلِمٍ.
182 -
(4) - حَدِيثُ: «مَنْ غَسَّلَ مَيِّتًا فَلْيَغْتَسِلْ» أَحْمَدُ وَالْبَيْهَقِيُّ، مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ صَالِحٍ مَوْلَى التَّوْأَمَةِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، بِهَذَا، وَزَادَ «وَمَنْ حَمَلَهُ فَلْيَتَوَضَّأْ» وَصَالِحٌ؛ ضَعِيفٌ، وَرَوَاهُ الْبَزَّارُ، مِنْ رِوَايَةِ
الْعَلَاءِ، عَنْ أَبِيهِ، وَمِنْ رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ ثَوْبَانِ، وَمِنْ رِوَايَةِ أَبِي بَحْرٍ الْبَكْرَاوِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، كُلُّهُمْ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ، مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ الْمُخْتَارِ، وَابْنُ حِبَّانَ، مِنْ رِوَايَةِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ كِلَاهُمَا، عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد، مِنْ رِوَايَةِ عَمْرِو بْنِ عُمَيْرٍ، وَأَحْمَدُ مِنْ رِوَايَةِ شَيْخٍ يُقَالُ لَهُ أَبُو إِسْحَاقَ، كِلَاهُمَا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَذَكَرَ الْبَيْهَقِيُّ لَهُ طُرُقًا وَضَعَّفَهَا، ثُمَّ قَالَ: وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ مَوْقُوفٌ، وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: الْأَشْبَهُ مَوْقُوفٌ. وَقَالَ عَلِيٌّ وَأَحْمَدُ: لَا يَصِحُّ فِي الْبَابِ شَيْءٌ، نَقَلَهُ التِّرْمِذِيُّ عَنْ الْبُخَارِيِّ عَنْهُمَا، وَعَلَّقَ الشَّافِعِيُّ الْقَوْلَ بِهِ عَلَى صِحَّةِ الْخَبَرِ، وَهَذَا فِي الْبُوَيْطِيِّ.
وَقَالَ الذُّهْلِيُّ: لَا أَعْلَمُ فِيهِ حَدِيثًا ثَابِتًا، وَلَوْ ثَبَتَ لَلَزِمَنَا اسْتِعْمَالُهُ. وَقَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: لَيْسَ فِي الْبَابِ حَدِيثٌ يَثْبُتُ، وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ فِي الْعِلَلِ، عَنْ أَبِيهِ: لَا يَرْفَعُهُ الثِّقَاتُ، إنَّمَا هُوَ مَوْقُوفٌ، وَذَكَرَ الدَّارَقُطْنِيُّ الْخِلَافَ فِي حَدِيثِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ، هَلْ هُوَ عَنْ صَالِحٍ، أَوْ عَنْ الْمَقْبُرِيِّ، أَوْ عَنْ سُهَيْلٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَوْ عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ عُمَيْرٍ، ثُمَّ قَالَ: وَقَوْلُهُ: عَنْ الْمَقْبُرِيِّ، أَصَحُّ، وَقَالَ الرَّافِعِيُّ: لَمْ يُصَحِّحْ عُلَمَاءُ الْحَدِيثِ فِي هَذَا الْبَابِ شَيْئًا
مَرْفُوعًا، قُلْت: قَدْ حَسَّنَهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ: وَلَهُ طُرُقٌ أُخْرَى، قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ ثَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنْ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رَفَعَهُ:«مَنْ غَسَّلَ مَيِّتًا فَلْيَغْتَسِلْ» ذَكَرَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ، وَقَالَ: فِيهِ نَظَرٌ، قُلْت: رُوَاتُهُ مُوَثَّقُونَ.
وَقَالَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ فِي الْإِلْمَامِ: حَاصِلُ مَا يَعْتَلُّ بِهِ وَجْهَانِ، أَحَدُهُمَا: مِنْ جِهَةِ الرِّجَالِ، وَلَا يَخْلُو إسْنَادٌ مِنْهَا مِنْ مُتَكَلَّمٍ فِيهِ، ثُمَّ ذَكَرَ مَا مَعْنَاهُ أَنَّ أَحْسَنَهَا رِوَايَةُ سُهَيْلٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَهِيَ مَعْلُولَةٌ، وَإِنْ صَحَّحَهَا ابْنُ حِبَّانَ وَابْنُ حَزْمٍ، فَقَدْ رَوَاهُ سُفْيَانُ، عَنْ سُهَيْلٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ إِسْحَاقَ مَوْلَى زَائِدَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قُلْت: إِسْحَاقُ مَوْلَى زَائِدَةَ أَخْرَجَ لَهُ مُسْلِمٌ، فَيَنْبَغِي أَنْ يُصَحَّحَ الْحَدِيثُ، قَالَ: وَأَمَّا رِوَايَةُ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، فَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ، إلَّا أَنَّ الْحُفَّاظَ مِنْ أَصْحَابِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو رَوَوْهُ عَنْهُ مَوْقُوفًا. وَفِي الْجُمْلَةِ هُوَ بِكَثْرَةِ طُرُقِهِ أَسْوَأُ أَحْوَالِهِ أَنْ يَكُونَ حَسَنًا، فَإِنْكَارُ النَّوَوِيِّ عَلَى التِّرْمِذِيِّ تَحْسِينَهُ مُعْتَرَضٌ، وَقَدْ قَالَ الذَّهَبِيُّ فِي مُخْتَصَرِ الْبَيْهَقِيّ: طُرُقُ هَذَا الْحَدِيثِ أَقْوَى مِنْ عِدَّةِ أَحَادِيثَ احْتَجَّ بِهَا الْفُقَهَاءُ، وَلَمْ يُعِلُّوهَا بِالْوَقْفِ، بَلْ قَدَّمُوا رِوَايَةَ الرَّفْعِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَفِي الْبَابِ: عَنْ عَائِشَةَ، رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَالْبَيْهَقِيُّ، وَفِي إسْنَادِهِ مُصْعَبُ بْنُ شَيْبَةَ، وَفِيهِ مَقَالٌ، وَضَعَّفَهُ أَبُو زُرْعَةَ وَأَحْمَدُ. وَالْبُخَارِيُّ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ.
وَفِيهِ عَنْ عَلِيٍّ: وَسَيَأْتِي فِي الْجَنَائِزِ. وَعَنْ حُذَيْفَةَ: ذَكَرَهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَالدَّارَقُطْنِيّ فِي الْعِلَلِ، وَقَالَا: إنَّهُ لَا يَثْبُتُ، قُلْتُ: وَنَفْيِهِمَا الثُّبُوتَ عَلَى طَرِيقَةِ الْمُحَدِّثِينَ، وَإِلَّا فَهُوَ عَلَى طَرِيقَةِ الْفُقَهَاءِ
قَوِيٌّ، لِأَنَّ رُوَاتَهُ ثِقَاتٌ، أَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ، مِنْ طَرِيقِ مَعْمَرٍ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ حُذَيْفَةَ، وَأَعَلَّهُ بِأَنَّ أَبَا بَكْرِ بْنَ إِسْحَاقَ الضُّبَعِيّ، قَالَ: هُوَ سَاقِطٌ. قَالَ عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ: لَا يَثْبُتُ فِيهِ حَدِيثٌ، انْتَهَى. وَهَذَا التَّعْلِيلُ لَيْسَ بِقَادِحٍ لِمَا قَدَّمْنَاهُ. وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ: رَوَاهُ ابْنُ وَهْبٍ فِي جَامِعِهِ. وَعَنْ الْمُغِيرَةِ: رَوَاهُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ، وَذَكَرَ الْمَاوَرْدِيُّ أَنَّ بَعْضَ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ خَرَّجَ لِهَذَا الْحَدِيثِ مِائَةً وَعِشْرِينَ طَرِيقًا، قُلْت: وَلَيْسَ ذَلِكَ بِبَعِيدٍ.
وَقَدْ أَجَابَ أَحْمَدُ عَنْهُ بِأَنَّهُ مَنْسُوخٌ، وَكَذَا جَزَمَ بِذَلِكَ أَبُو دَاوُد، وَيَدُلُّ لَهُ مَا رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ عَنْ الْحَاكِمِ، عَنْ أَبِي عَلِيٍّ الْحَافِظِ، عَنْ أَبِي الْعَبَّاسِ الْهَمْدَانِيِّ الْحَافِظِ، ثَنَا أَبُو شَيْبَةَ، ثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلَالٍ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَيْسَ عَلَيْكُمْ فِي غُسْلِ مَيِّتِكُمْ غُسْلٌ إذَا غَسَّلْتُمُوهُ، إنَّ مَيِّتَكُمْ يَمُوتُ طَاهِرًا وَلَيْسَ بِنَجِسٍ، فَحَسْبُكُمْ أَنْ تَغْسِلُوا أَيْدِيَكُمْ» قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: هَذَا ضَعِيفٌ، وَالْحَمْلُ فِيهِ عَلَى أَبِي شَيْبَةَ، قُلْتُ: أَبُو شَيْبَةَ، هُوَ إبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ، احْتَجَّ بِهِ النَّسَائِيُّ وَوَثَّقَهُ النَّاسُ، وَمِنْ فَوْقِهِ احْتَجَّ بِهِمْ الْبُخَارِيُّ، وَأَبُو الْعَبَّاسِ الْهَمْدَانِيُّ، هُوَ ابْنُ عُقْدَةَ، حَافِظٌ كَبِيرٌ، إنَّمَا تَكَلَّمُوا فِيهِ بِسَبَبِ الْمَذْهَبِ، وَلِأُمُورٍ أُخْرَى، وَلَمْ يُضَعِّفْهُ بِسَبَبِ الْمُتُونِ أَصْلًا، فَالْإِسْنَادُ حَسَنٌ، فَيَجْمَعُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأَمْرِ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ بِأَنَّ الْأَمْرَ عَلَى النَّدْبِ، أَوْ الْمُرَادَ بِالْغُسْلِ غُسْلِ الْأَيْدِي، كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ.
قُلْتُ: يُؤَيِّدُ أَنَّ الْأَمْرَ فِيهِ لِلنَّدْبِ، مَا رَوَى الْخَطِيبُ فِي تَرْجَمَةِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمَخْرَمِيِّ، مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، قَالَ: قَالَ لِي أَبِي: كَتَبْتُ حَدِيثَ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ: كُنَّا نُغَسِّلُ الْمَيِّتَ، فَمِنَّا مَنْ يَغْتَسِلُ، وَمِنَّا مَنْ لَا يَغْتَسِلُ "؟ قَالَ: قُلْت: لَا، قَالَ: فِي ذَلِكَ الْجَانِبِ شَابٌّ يُقَالُ لَهُ: مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، يُحَدِّثُ بِهِ عَنْ أَبِي هِشَامٍ الْمَخْزُومِيِّ، عَنْ وُهَيْبٍ فَاكْتُبْهُ عَنْهُ. قُلْت: وَهَذَا إسْنَادٌ صَحِيحٌ، وَهُوَ أَحْسَنُ مَا جَمَعَ بِهِ بَيْنَ مُخْتَلِفِ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
حَدِيثُ: رُوِيَ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لَا يَقْرَأُ الْجُنُبُ، وَلَا الْحَائِضُ، شَيْئًا مِنْ الْقُرْآنِ» التِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ، وَفِي إسْنَادِهِ إسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، وَرِوَايَتُهُ عَنْ الْحِجَازِيِّينَ ضَعِيفَةٌ وَهَذَا مِنْهَا، وَذَكَرَ الْبَزَّارُ: أَنَّهُ تَفَرَّدَ بِهِ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، وَسَبَقَهُ إلَى نَحْوِ ذَلِكَ الْبُخَارِيُّ، وَتَبِعَهُمَا الْبَيْهَقِيُّ، لَكِنْ رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ، مِنْ حَدِيثِ الْمُغِيرَةِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ مُوسَى، وَمِنْ وَجْهٍ آخَرَ، فِيهِ مُبْهَمٌ، عَنْ أَبِي مَعْشَرٍ، وَهُوَ ضَعِيفٌ، عَنْ مُوسَى، وَصَحَّحَ ابْنُ سَيِّدِ النَّاسِ، طَرِيقَ الْمُغِيرَةِ، وَأَخْطَأَ فِي ذَلِكَ، فَإِنَّ فِيهَا عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ مَسْلَمَةَ، وَهُوَ ضَعِيفٌ، فَلَوْ سَلِمَ مِنْهُ لَصَحَّ إسْنَادُهُ، وَإِنْ كَانَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ ضَعَّفَهُ بِمُغِيرَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، فَلَمْ يُصِبْ فِي ذَلِكَ، فَإِنَّ مُغِيرَةَ ثِقَةٌ، وَكَأَنَّ ابْنَ سَيِّدِ النَّاسِ تَبِعَ ابْنَ عَسَاكِرَ فِي قَوْلِهِ فِي الْأَطْرَافِ: إنَّ عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ مَسْلَمَةَ هَذَا هُوَ الْقَعْنَبِيُّ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ، بَلْ هُوَ آخَرُ.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ أَبِيهِ: حَدِيثُ إسْمَاعِيلَ بْنِ عَيَّاشٍ هَذَا خَطَأٌ، وَإِنَّمَا هُوَ ابْنُ عُمَرَ. قَوْلُهُ: وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ، عَنْ أَبِيهِ: هَذَا بَاطِلٌ، أَنْكَرَ عَلَى إسْمَاعِيلَ. وَلَهُ شَاهِدٌ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ، رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ مَرْفُوعًا، وَفِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ،
وَهُوَ مَتْرُوكٌ، وَمَوْقُوفًا، وَفِيهِ يَحْيَى بْنُ أَبِي أُنَيْسَةَ، وَهُوَ كَذَّابٌ، وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ: هَذَا الْأَثَرُ لَيْسَ بِالْقَوِيِّ، وَصَحَّ عَنْ عُمَرَ: أَنَّهُ كَانَ يَكْرَهُ أَنْ يَقْرَأَ الْقُرْآنَ وَهُوَ جُنُبٌ، وَسَاقَهُ عَنْهُ فِي الْخِلَافِيَّاتِ، بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ
184 -
(6) - حَدِيثُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ: «لَمْ يَكُنْ يَحْجُبُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَنْ الْقُرْآنِ شَيْءٌ سِوَى الْجَنَابَةِ» . وَفِي رِوَايَةٍ: يَحْجِزُهُ، أَحْمَدُ وَأَصْحَابُ السُّنَنِ وَابْنُ خُزَيْمَةَ وَابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ وَالْبَزَّارُ
وَالدَّارَقُطْنِيّ وَالْبَيْهَقِيُّ، مِنْ طَرِيقِ شُعْبَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ عَلِيٍّ. وَفِي رِوَايَةٍ لِلنَّسَائِيِّ، عَنْ الْأَعْمَشَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ نَحْوِهِ، وَأَلْفَاظُهُمْ مُخْتَلِفَةٌ، وَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ، وَابْنُ السَّكَنِ، وَعَبْدُ الْحَقِّ، وَالْبَغَوِيِّ فِي شَرْحِ السُّنَّةِ.
وَرَوَى ابْنُ خُزَيْمَةَ بِإِسْنَادِهِ، عَنْ شُعْبَةَ قَالَ: هَذَا الْحَدِيثُ ثُلُثُ رَأْسِ مَالِي، وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: قَالَ شُعْبَةُ: مَا أُحَدِّثُ بِحَدِيثٍ أَحْسَنَ مِنْهُ، وَقَالَ الْبَزَّارُ: لَا يُرْوَى مِنْ حَدِيثِ عَلِيٍّ إلَّا عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْهُ، وَحَكَى الدَّارَقُطْنِيُّ فِي الْعِلَلِ أَنَّ بَعْضَهُمْ رَوَاهُ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ أَبِي الْبَخْتَرِيِّ. عَنْ عَلِيٍّ، وَخَطَّأَ هَذِهِ الرِّوَايَةَ، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ فِي سُنَنِ حَرْمَلَةَ: إنْ كَانَ هَذَا الْحَدِيثُ ثَابِتًا، فَفِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى تَحْرِيمِ الْقُرْآنِ عَلَى الْجُنُبِ، وَقَالَ فِي جِمَاعِ كِتَابِ الطَّهُورِ: أَهْلُ الْحَدِيثِ لَا يُثْبِتُونَهُ. قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: إنَّمَا قَالَ ذَلِكَ لِأَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَلَمَةَ رَاوِيهِ كَانَ قَدْ تَغَيَّرَ، وَإِنَّمَا رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ بَعْدَ مَا كَبُرَ، قَالَهُ شُعْبَةُ، وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ: كَانَ أَحْمَدُ يُوهِنُ هَذَا الْحَدِيثَ. وَقَالَ النَّوَوِيُّ فِي الْخُلَاصَةِ: خَالَفَ التِّرْمِذِيُّ الْأَكْثَرُونَ، فَضَعَّفُوا هَذَا الْحَدِيثَ، وَتَخْصِيصُهُ التِّرْمِذِيَّ بِذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَرَ تَصْحِيحَهُ لِغَيْرِهِ، وَقَدْ قَدَّمْنَا ذِكْرَ مَنْ صَحَّحَهُ غَيْرَ التِّرْمِذِيِّ.
وَرَوَى الدَّارَقُطْنِيُّ عَنْ عَلِيٍّ، مَوْقُوفًا «اقْرَءُوا الْقُرْآنَ مَا لَمْ تُصِبْ أَحَدَكُمْ جَنَابَةٌ، فَإِنْ أَصَابَتْهُ فَلَا، وَلَا حَرْفًا» وَهَذَا يُعَضِّدُ حَدِيثَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَمَةَ لَكِنْ قَالَ ابْنُ خُزَيْمَةَ: لَا حُجَّةَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ لِمَنْ مَنَعَ الْجُنُبَ مِنْ الْقِرَاءَةِ، لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ نَهْيٌ وَإِنَّمَا هِيَ حِكَايَةُ فِعْلٍ (وَلَمْ) يُبَيِّنْ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ إنَّمَا امْتَنَعَ مِنْ ذَلِكَ لِأَجْلِ الْجَنَابَةِ، وَذَكَرَ الْبُخَارِيُّ عَنْ
ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّهُ لَمْ يَرَ بِالْقُرْآنِ لِلْجُنُبِ بَأْسًا. وَذَكَرَ فِي التَّرْجَمَةِ قَالَتْ عَائِشَةُ: «كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَذْكُرُ اللَّهَ عَلَى كُلِّ أَحْيَانِهِ» .
185 -
(7) - حَدِيثُ: رُوِيَ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لَا أُحِلُّ الْمَسْجِدَ لِحَائِضٍ وَلَا جُنُبٍ» أَبُو دَاوُد مِنْ حَدِيثِ جَسْرَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، وَفِيهِ قِصَّةٌ، وَابْنُ مَاجَهْ وَالطَّبَرَانِيُّ، مِنْ حَدِيثِ جَسْرَةَ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، وَحَدِيثُ الطَّبَرَانِيُّ أَتَمُّ، وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ: الصَّحِيحُ حَدِيثُ جَسْرَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، وَضَعَّفَ بَعْضُهُمْ هَذَا الْحَدِيثَ، بِأَنَّ رَاوِيهِ أَفْلَتُ بْنُ خَلِيفَةَ، مَجْهُولُ الْحَالِ.
وَأَمَّا قَوْلُ ابْنِ الرِّفْعَةِ فِي أَوَاخِرِ شُرُوطِ الصَّلَاةِ مِنْ الْمَطْلَبِ، بِأَنَّهُ مَتْرُوكٌ، فَمَرْدُودٌ، لِأَنَّهُ لَمْ يَقُلْهُ أَحَدٌ مِنْ أَئِمَّةِ الْحَدِيثِ، بَلْ قَالَ أَحْمَدُ: مَا أَرَى بِهِ بَأْسًا، وَقَدْ صَحَّحَهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ، وَحَسَّنَهُ ابْنُ الْقَطَّانِ.
186 -
(8) - حَدِيثُ عَائِشَةَ: «كُنْتُ أَغْتَسِلُ أَنَا وَالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مِنْ إنَاءٍ وَاحِدٍ تَخْتَلِفُ أَيْدِينَا فِيهِ مِنْ الْجَنَابَةِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، بِاللَّفْظِ الْمَذْكُورِ مِنْ حَدِيثِهَا، وَمِنْ حَدِيثِ
أُمِّ سَلَمَةَ وَمَيْمُونَةَ نَحْوَهُ.
187 -
(9) - حَدِيثُ عَائِشَةَ: «كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إذَا أَرَادَ أَنْ يَأْكُلَ أَوْ يَنَامَ وَهُوَ جُنُبٌ، تَوَضَّأَ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ بِمَعْنَاهُ، وَلَفْظُ مُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِ الْأَسْوَدِ عَنْهَا:«كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إذَا كَانَ جُنُبًا وَأَرَادَ أَنْ يَأْكُلَ أَوْ يَنَامَ، تَوَضَّأَ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ» وَلَهُمَا مِنْ طَرِيقِ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ عَائِشَةَ:«كَانَ إذَا أَرَادَ أَنْ يَنَامَ وَهُوَ جُنُبٌ، تَوَضَّأَ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ قَبْلَ أَنْ يَنَامَ» وَلِلْبُخَارِيِّ عَنْ عُرْوَةَ، عَنْهَا:«إذَا أَرَادَ أَنْ يَنَامَ وَهُوَ جُنُبٌ، غَسَلَ فَرْجَهُ وَتَوَضَّأَ لِلصَّلَاةِ» وَرَوَاهُ النَّسَائِيُّ، بِلَفْظِهِ إلَى قَوْلِهِ: تَوَضَّأَ " وَهُوَ أَيْضًا مِنْ رِوَايَةِ الْأَسْوَدِ.
وَرَوَى ابْنُ أَبِي خَيْثَمَةَ، عَنْ الْقَطَّانِ قَالَ: تَرَكَ شُعْبَةُ حَدِيثَ الْحَكَمِ فِي الْجُنُبِ إذَا أَرَادَ أَنْ يَأْكُلَ. قُلْتُ: قَدْ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ طَرِيقِهِ فَلَعَلَّهُ تَرَكَهُ بَعْدَ أَنْ كَانَ يُحَدِّثُ بِهِ لِتَفَرُّدِهِ بِذِكْرِ الْأَكْلِ، كَمَا حَكَاهُ الْخَلَّالُ عَنْ أَحْمَدَ، وَقَدْ رُوِيَ الْوُضُوءُ عِنْدَ الْأَكْلِ لِلْجُنُبِ، مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ، عِنْدَ ابْنِ مَاجَهْ وَابْنِ خُزَيْمَةَ، وَمِنْ
حَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ وَأَبِي هُرَيْرَةَ، عِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ فِي الْأَوْسَطِ، وَقَدْ رَوَى النَّسَائِيُّ مِنْ طَرِيقِ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، بِلَفْظِ «كَانَ إذَا أَرَادَ أَنْ يَنَامَ وَهُوَ جُنُبٌ، تَوَضَّأَ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ، وَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَأْكُلَ أَوْ يَشْرَبَ غَسَلَ يَدَيْهِ، ثُمَّ يَأْكُلُ أَوْ يَشْرَبُ» وَأَمَّا مَا رَوَاهُ أَصْحَابُ السُّنَنِ مِنْ حَدِيثِ الْأَسْوَدِ أَيْضًا عَنْ عَائِشَةَ: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَنَامُ وَهُوَ جُنُبٌ، وَلَا يَمَسُّ مَاءً» فَقَالَ أَحْمَدُ: إنَّهُ لَيْسَ بِصَحِيحٍ، وَقَالَ أَبُو دَاوُد: هُوَ وَهْمٌ، وَقَالَ يَزِيدُ بْنُ هَارُونُ: هُوَ خَطَأٌ، وَأَخْرَجَ مُسْلِمٌ الْحَدِيثَ دُونَ قَوْلِهِ: وَلَمْ يَمَسَّ مَاءً " وَكَأَنَّهُ حَذَفَهَا عَمْدًا، لِأَنَّهُ عَلَّلَهَا فِي كِتَابِ التَّمْيِيزِ، وَقَالَ مُهَنَّا عَنْ أَحْمَدَ بْنِ صَالِحٍ: لَا يَحِلُّ أَنْ يُرْوَى هَذَا الْحَدِيثُ، وَفِي عِلَلِ الْأَثْرَمِ: لَوْ لَمْ يُخَالِفْ أَبَا إِسْحَاقَ فِي هَذَا؛ إلَّا إبْرَاهِيمُ وَحْدَهُ لَكَفَى.
فَكَيْفَ وَقَدْ وَافَقَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْأَسْوَدِ، وَكَذَلِكَ رَوَى عُرْوَةُ وَأَبُو سَلَمَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، وَقَالَ ابْنُ مُفَوِّزٍ: أَجْمَعَ الْمُحَدِّثُونَ عَلَى أَنَّهُ خَطَأٌ مِنْ أَبِي إِسْحَاقَ. كَذَا قَالَ، وَتَسَاهَلَ فِي نَقْلِ الْإِجْمَاعِ، فَقَدْ صَحَّحَهُ الْبَيْهَقِيُّ، وَقَالَ: إنَّ أَبَا إِسْحَاقَ قَدْ بَيَّنَ سَمَاعَهُ مِنْ الْأَسْوَدِ فِي رِوَايَةِ زُهَيْرٍ عَنْهُ، وَجَمَعَ بَيْنَهُمَا ابْنُ سُرَيْجٍ عَلَى مَا حَكَاهُ الْحَاكِمُ، عَنْ أَبِي الْوَلِيدِ الْفَقِيهِ عَنْهُ، وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي الْعِلَلِ: يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ الْخَبَرَانِ صَحِيحَيْنِ، قَالَهُ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ.
وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: يَرَوْنَ أَنَّ هَذَا غَلَطٌ مِنْ أَبِي إِسْحَاقَ، وَعَلَى تَقْدِيرِ صِحَّتِهِ فَيُحْمَلُ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ لَا يَمَسُّ مَاءً لِلْغُسْلِ، وَيُؤَيِّدُهُ رِوَايَةُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْأَسْوَدِ، عَنْ
أَبِيهِ، عِنْدَ أَحْمَدَ بِلَفْظِ:«كَانَ يُجْنِبُ مِنْ اللَّيْلِ، ثُمَّ يَتَوَضَّأُ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ حَتَّى يُصْبِحَ، وَلَا يَمَسُّ مَاءً» أَوْ كَانَ يَفْعَلُ الْأَمْرَيْنِ لِبَيَانِ الْجَوَازِ، وَبِهَذَا جَمَعَ ابْنُ قُتَيْبَةَ فِي اخْتِلَافِ الْحَدِيثِ، وَيُؤَيِّدُهُ مَا رَوَاهُ هُشَيْمٌ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ عَائِشَةَ مِثْلُ رِوَايَةِ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ الْأَسْوَدِ، وَمَا رَوَاهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ وَابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحَيْهِمَا عَنْ «ابْنِ عُمَرَ: أَنَّهُ سَأَلَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَيَنَامُ أَحَدُنَا وَهُوَ جُنُبٌ؟ قَالَ نَعَمْ وَيَتَوَضَّأُ إنْ شَاءَ» وَأَصْلُهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ دُونَ قَوْلِهِ: إنْ شَاءَ "، كَمَا سَيَأْتِي.
188 -
(10) - حَدِيثُ: «إذَا أُتِيَ أَحَدُكُمْ أَهْلَهُ، ثُمَّ بَدَا لَهُ أَنْ يُعَاوِدَ، فَلْيَتَوَضَّأْ بَيْنَهُمَا وُضُوءًا» مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، وَرَوَاهُ أَحْمَدُ وَابْنُ خُزَيْمَةَ وَابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ، (وَزَادُوا) :«فَإِنَّهُ أَنْشَطُ لِلْعَوْدِ» ، وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ خُزَيْمَةَ وَالْبَيْهَقِيِّ:«فَلْيَتَوَضَّأْ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ» .
وَقَالَ: إنَّ الشَّافِعِيَّ قَالَ: لَا يَثْبُتُ مِثْلُهُ، وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ: لَعَلَّهُ لَمْ يَقِفْ عَلَى إسْنَادِ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ، وَوَقَفَ عَلَى إسْنَادِ حَدِيثِ غَيْرِهِ. فَقَدْ رُوِيَ عَنْ عُمَرَ وَابْنِ عُمَرَ، بِإِسْنَادَيْنِ ضَعِيفَيْنِ: وَيُؤَيِّدُ هَذَا حَدِيثُ أَنَسٍ الثَّابِتُ فِي الصَّحِيحَيْنِ: «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم -
كَانَ يَطُوفُ عَلَى نِسَائِهِ بِغُسْلٍ وَاحِدٍ» وَيُعَارِضُهُ مَا رَوَى أَحْمَدُ وَأَصْحَابُ السُّنَنِ، مِنْ حَدِيثِ أَبِي رَافِعٍ:«أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم طَافَ عَلَى نِسَائِهِ ذَاتَ لَيْلَةٍ، يَغْتَسِلُ عِنْدَ هَذِهِ وَعِنْدَ هَذِهِ فَقِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلَا تَجْعَلُهُ غُسْلًا وَاحِدًا؟ فَقَالَ: هَذَا أَزْكَى وَأَطْيَبُ» وَهَذَا الْحَدِيثُ طَعَنَ فِيهِ أَبُو دَاوُد، فَقَالَ: حَدِيثُ أَنْسَ أَصَحُّ مِنْهُ، وَقَالَ النَّوَوِيُّ: هُوَ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ فَعَلَ الْأَمْرَيْنِ فِي وَقْتَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ.
189 -
(11) - حَدِيثُ: رُوِيَ عَنْ «عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيَرْقُدُ أَحَدُنَا وَهُوَ جُنُبٌ؟ قَالَ: نَعَمْ، إذَا تَوَضَّأَ أَحَدُكُمْ فَلْيَرْقُدْ» قَالَ: وَيُرْوَى أَنَّهُ قَالَ: «اغْسِلْ فَرْجَك وَتَوَضَّأْ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، وَالْأَوَّلُ لَفْظُ الْبُخَارِيِّ، وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ:«نَعَمْ لِيَتَوَضَّأْ، ثُمَّ لِيَنَمْ حَتَّى يَغْتَسِلَ إذَا شَاءَ» وَلِابْنِ خُزَيْمَةَ: «أَيَنَامُ أَحَدُنَا وَهُوَ جُنُبٌ؟ قَالَ: يَنَامُ وَيَتَوَضَّأُ إنْ شَاءَ» وَفِي رِوَايَةٍ
لِلشَّيْخَيْنِ ذَكَرَ «عُمَرُ أَنَّهُ تُصِيبُهُ جَنَابَةٌ مِنْ اللَّيْلِ، فَقَالَ: تَوَضَّأْ وَاغْسِلْ ذَكَرَكَ، ثُمَّ نَمْ» .
وَرَوَى مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ لَا يَغْسِلُ رِجْلَيْهِ إذَا تَوَضَّأَ وَهُوَ جُنُبٌ لِلْأَكْلِ أَوْ النَّوْمِ، وَيُؤَيِّدُهُ حَدِيثُ عَلِيٍّ فِي سُنَنِ أَبِي دَاوُد حَيْثُ: قَالَ «هَذَا وُضُوءُ مَنْ لَمْ يُحْدِثْ» وَلِابْنِ حِبَّانَ مِنْ حَدِيثِ «ابْنِ عَبَّاسٍ: بِتُّ عِنْدَ مَيْمُونَةَ، فَرَأَيْت النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَامَ فَبَالَ، ثُمَّ غَسَلَ وَجْهَهُ وَكَفَّهُ، ثُمَّ نَامَ»
190 -
(12) - حَدِيثُ: «تَحْتَ كُلِّ شَعْرَةٍ جَنَابَةٌ، فَبُلُّوا الشَّعْرَ، وَأَنْقُوا الْبَشَرَةَ» أَبُو دَاوُد، وَالتِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ وَالْبَيْهَقِيُّ، مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَمَدَارُهُ عَلَى الْحَارِثِ بْنِ وَجِيهٍ، وَهُوَ ضَعِيفٌ جِدًّا، قَالَ أَبُو دَاوُد: الْحَارِثُ حَدِيثُهُ مُنْكَرٌ، وَهُوَ ضَعِيفٌ، وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: غَرِيبٌ لَا نَعْرِفُهُ إلَّا مِنْ
حَدِيثِ الْحَارِثِ، وَهُوَ شَيْخٌ لَيْسَ بِذَاكَ، وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي الْعِلَلِ: إنَّمَا يُرْوَى هَذَا عَنْ مَالِكِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ الْحَسَنِ مُرْسَلًا، وَرَوَاهُ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، عَنْ هُشَيْمٍ، عَنْ يُونُسَ، عَنْ الْحَسَنِ قَالَ: نُبِّئْت أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.
فَذَكَرَهُ، وَرَوَاهُ أَبَانُ الْعَطَّارُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ الْحَسَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مِنْ قَوْلِهِ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: هَذَا الْحَدِيثُ لَيْسَ بِثَابِتٍ، وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ: أَنْكَرَهُ أَهْلُ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ - الْبُخَارِيُّ وَأَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُمَا -.
وَفِي الْبَابِ عَنْ أَبِي أَيُّوبَ: رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ فِي حَدِيثٍ فِيهِ: «أَدَاءُ الْأَمَانَةِ غُسْلُ الْجَنَابَةِ، فَإِنَّ تَحْتَ كُلِّ شَعْرَةٍ جَنَابَةً» وَإِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ. وَعَنْ عَلِيٍّ مَرْفُوعًا: «مَنْ تَرَكَ مَوْضِعَ شَعْرَةٍ مِنْ جَنَابَةٍ لَمْ يَغْسِلْهَا، فُعِلَ بِهِ كَذَا وَكَذَا» الْحَدِيثُ، وَإِسْنَادُهُ صَحِيحٌ، فَإِنَّهُ مِنْ رِوَايَةِ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، وَقَدْ سَمِعَ مِنْهُ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ قَبْلَ الِاخْتِلَاطِ. أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد وَابْنُ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ حَمَّادٍ، لَكِنْ قِيلَ: إنَّ الصَّوَابَ وَقْفُهُ عَلَى عَلِيٍّ.
قَوْلُهُ: فَسَّرُوا الْأَذَى فِي الْخَبَرِ بِمَوْضِعِ الِاسْتِنْجَاءِ إذَا كَانَ قَدْ اسْتَجْمَرَ بِالْحَجَرِ، وَالْخَبَرُ الْمُشَارُ إلَيْهِ سَيَأْتِي مِنْ حَدِيثِ مَيْمُونَةَ
حَدِيثُ عَائِشَةَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إذَا اغْتَسَلَ مِنْ الْجَنَابَةِ بَدَأَ فَغَسَلَ يَدَيْهِ، ثُمَّ يَتَوَضَّأُ كَمَا يَتَوَضَّأُ لِلصَّلَاةِ، ثُمَّ يُدْخِلُ أَصَابِعَهُ فِي الْمَاءِ، فَيُخَلِّلُ بِهَا أُصُولَ شَعْرِهِ، ثُمَّ يُفِيضُ الْمَاءَ عَلَى جِلْدِهِ كُلِّهِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، وَمِنْ أَوْجُهٍ أُخَرَ، وَاللَّفْظُ لِلْبُخَارِيِّ وَزَادَ فِيهِ «ثُمَّ يَصُبُّ عَلَى رَأْسِهِ ثَلَاثَ غَرَفَاتٍ» وَعَلَى هَذَا احْتِجَاجُ الرَّافِعِيِّ بِهِ عَلَى الْوُضُوءِ قَبْلَ الْغُسْلِ وَاضِحٌ، وَاحْتِجَاجُهُ بِهِ عَلَى تَقْدِيمِ غَسْلِ الرِّجْلَيْنِ فِي الْوُضُوءِ عَلَى الْغُسْلِ مُشْكِلٌ، فَإِنَّهُ ظَاهِرٌ فِي تَأْخِيرِهِمَا فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ وَلَفْظُهُ:«ثُمَّ أَفَاضَ عَلَى سَائِرِ جَسَدِهِ ثُمَّ غَسَلَ رِجْلَيْهِ» .
192 -
(14) - حَدِيثُ «مَيْمُونَةَ: أَنَّهَا وَصَفَتْ غُسْلَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَتْ: ثُمَّ تَمَضْمَضَ وَاسْتَنْشَقَ وَغَسَلَ وَجْهَهُ وَذِرَاعَيْهِ، ثُمَّ أَفَاضَ عَلَى سَائِرِ جَسَدِهِ، ثُمَّ تَنَحَّى فَغَسَلَ رِجْلَيْهِ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ بِمَعْنَاهُ، وَفِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ:«أَدْنَيْت لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم غُسْلَهُ مِنْ الْجَنَابَةِ، فَغَسَلَ كَفَّيْهِ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا، ثُمَّ أَدْخَلَ يَدَهُ فِي الْإِنَاءِ ثُمَّ أَفْرَغَ بِهِ عَلَى فَرْجِهِ وَغَسَلَ بِشِمَالِهِ، ثُمَّ ضَرَبَ بِشِمَالِهِ الْأَرْضَ فَدَلَكَهَا دَلْكًا شَدِيدًا، ثُمَّ تَوَضَّأَ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ، ثُمَّ أَفْرَغَ عَلَى رَأْسِهِ ثَلَاثَ حَثَيَاتٍ مِلْءَ كَفَّيْهِ، ثُمَّ غَسَلَ سَائِرَ جَسَدِهِ، ثُمَّ تَنَحَّى عَنْ مَقَامِهِ ذَلِكَ فَغَسَلَ رِجْلَيْهِ، ثُمَّ أَتَيْته بِالْمِنْدِيلِ فَرَدَّهُ» وَفِي لَفْظٍ لِلْبُخَارِيِّ: «تَوَضَّأَ رَسُولُ اللَّهِ
- صلى الله عليه وسلم وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ غَيْرَ رِجْلَيْهِ، وَغَسَلَ فَرْجَهُ وَمَا أَصَابَهُ مِنْ الْأَذَى، ثُمَّ أَفَاضَ عَلَيْهِ، ثُمَّ تَنَحَّى فَغَسَلَ رِجْلَيْهِ» . قَوْلُهُ: وَيُفِيضُ الْمَاءَ عَلَى رَأْسِهِ، ثُمَّ عَلَى الشِّقِّ الْأَيْمَنِ، ثُمَّ عَلَى الشِّقِّ الْأَيْسَرِ، وَذَلِكَ فِي غُسْلِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْبُخَارِيُّ مِنْ حَدِيثِ الْقَاسِمِ، عَنْ عَائِشَةَ بِلَفْظِ:«فَبَدَأَ بِشِقِّ رَأْسِهِ الْأَيْمَنِ، ثُمَّ الْأَيْسَرِ» . وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ أَيْضًا بِنَحْوِهِ، وَرَوَاهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ فِي صَحِيحِهِ بِلَفْظِ:«فَبَدَأَ بِشِقِّهِ الْأَيْمَنِ، ثُمَّ الْأَيْسَرِ» . وَرَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ بِلَفْظِ: «يَصُبُّ عَلَى شِقِّهِ الْأَيْمَنِ، ثُمَّ يَأْخُذُ بِكَفِّهِ يَصُبُّ عَلَى شِقِّهِ الْأَيْسَرِ. . . الْحَدِيثُ» . وَلِلْبُخَارِيِّ عَنْ «عَائِشَةَ: كَانَتْ إحْدَانَا إذَا أَصَابَتْهَا جَنَابَةٌ أَخَذَتْ بِيَدَيْهَا فَوْقَ رَأْسِهَا، ثُمَّ تَأْخُذُ بِيَدِهَا عَلَى شِقِّهَا الْأَيْمَنِ، وَبِيَدِهَا الْأُخْرَى عَلَى شِقِّهَا الْأَيْسَرِ» . وَلِأَحْمَدَ عَنْ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعَمٍ: «أَمَّا أَنَا فَآخُذُ مِلْءَ كَفَّيَّ ثَلَاثًا، وَأَصُبُّ عَلَى رَأْسِي ثُمَّ أُفِيضُ عَلَى سَائِرِ جَسَدِي» .
قَوْلُهُ: وَالتَّرْغِيبُ فِي التَّجْدِيدِ إنَّمَا وَرَدَ فِي الْوُضُوءِ، وَالْغُسْلُ لَيْسَ فِي مَعْنَاهُ كَأَنَّهُ يُشِيرُ إلَى حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ:«مَنْ تَوَضَّأَ عَلَى طُهْرٍ كُتِبَ لَهُ عَشْرُ حَسَنَاتٍ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَسَنَدُهُ ضَعِيفٌ.
حَدِيثُ: «أَمَّا أَنَا فَأُحْثِيَ عَلَى رَأْسِي ثَلَاثَ حَثَيَاتٍ، فَإِذَا أَنَا قَدْ طَهُرْتُ» تَقَدَّمَ فِي الْوُضُوءِ.
193 -
(15) - حَدِيثُ عَائِشَةَ: «أَنَّ امْرَأَةً جَاءَتْ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم تَسْأَلُهُ عَنْ الْغُسْلِ مِنْ الْحَيْضِ؟ فَقَالَ: خُذِي فِرْصَةً مِنْ مِسْكٍ فَتَطَهَّرِي بِهَا. . .» الْحَدِيثُ. الشَّافِعِيُّ وَالْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ، وَسَمَّاهَا مُسْلِمٌ: أَسْمَاءَ بِنْتَ شَكَلٍ، وَقِيلَ: إنَّهُ تَصْحِيفٌ، وَالصَّوَابُ: أَسْمَاءُ بِنْتُ يَزِيدَ بْنِ السَّكَنِ، ذَكَرَهُ الْخَطِيبُ فِي الْمُبْهَمَاتِ، وَقَالَ الْمُنْذِرِيُّ: يَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ الْقِصَّةُ تَعَدَّدَتْ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
وَقَوْلُهُ: وَرُوِيَ: «خُذِي فِرْصَةً مُمَسَّكَةً» انْتَهَى. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ بِهَذَا اللَّفْظِ أَيْضًا.
(تَنْبِيهٌ) : الْفِرْصَةُ الْقِطْعَةُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَهِيَ بِكَسْرِ الْفَاءِ وَإِسْكَانِ الرَّاءِ حَكَاهُ ثَعْلَبٌ وَقَالَ ابْنُ سِيدَهْ الْفِرْصَةُ مِنْ الْقُطْنِ أَوْ الصُّوفِ مُثَلَّثَةُ الْفَاءِ وَالْمِسْكُ هُوَ الطِّيبُ الْمَعْرُوفُ وَقَالَ عِيَاضٌ رِوَايَةُ الْأَكْثَرِينَ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَهُوَ الْجِلْدُ وَفِيهِ نَظَرٌ لِقَوْلِهِ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ «فَإِنْ لَمْ تَجِدْ فَطِيبًا غَيْرَهُ» كَذَا أَجَابَ بِهِ الرَّافِعِيُّ فِي شَرْحِ الْمُسْنَدِ وَهُوَ مُتَعَقَّبٌ فَإِنَّ هَذَا لَفْظُ الشَّافِعِيِّ فِي الْأُمِّ نَعَمْ فِي رِوَايَةِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ يَعْنِي بِالْفِرْصَةِ الْمِسْكَ أَوْ الذَّرِيرَةَ.
194 -
(16) - حَدِيثُ: «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَتَوَضَّأُ بِالْمُدِّ، وَيَغْتَسِلُ بِالصَّاعِ» مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ سَفِينَةَ، وَاتَّفَقَا عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ، بِزِيَادَةِ: إلَى خَمْسَةِ أَمْدَادٍ " وَلَهُ أَلْفَاظٌ، وَلِأَبِي دَاوُد وَالنَّسَائِيِّ وَابْنِ مَاجَهْ، مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ كَحَدِيثِ الْبَابِ، وَلِأَبِي دَاوُد
وَابْنِ مَاجَهْ وَابْنِ خُزَيْمَةَ، مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ مِثْلُهُ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ الْقَطَّانِ.
195 -
(17) - حَدِيثُ: رَوَى أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «سَيَأْتِي أَقْوَامٌ يَسْتَقِلُّونَ هَذَا، فَمَنْ رَغِبَ فِي سُنَّتِي وَتَمَسَّكَ بِهَا، بُعِثَ مَعِي فِي حَظِيرَةِ الْقُدْسِ» رَوَاهُ الْحَافِظُ أَبُو الْمُظَفَّرِ السَّمْعَانِيُّ فِي أَثْنَاء الْجُزْءِ الثَّانِي مِنْ كِتَابِهِ الِانْتِصَارِ لِأَصْحَابِ الْحَدِيثِ، مِنْ حَدِيثِ أُمِّ سَعْدٍ بِلَفْظِ «الْوُضُوءُ مُدٌّ، وَالْغُسْلُ صَاعٌ، وَسَيَأْتِي أَقْوَامٌ يَسْتَقِلُّونَ ذَلِكَ، أُولَئِكَ خِلَافُ أَهْلِ سُنَّتِي، وَالْآخِذُ بِسُنَّتِي مَعِي فِي حَظِيرَةِ الْقُدْسِ» وَفِيهِ عَنْبَسَةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَهُوَ مَتْرُوكٌ. وَفِي الْبَابِ حَدِيثُ: عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ: «سَيَكُونُ قَوْمُ يَعْتَدُونَ فِي الطُّهُورِ وَالدُّعَاءِ» وَفِيهِ قِصَّةٌ. وَهُوَ صَحِيحٌ رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَابْنُ مَاجَهْ وَابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ وَغَيْرُهُمْ.
وَوَرَدَ فِي كَرَاهِيَةِ الْإِسْرَافِ فِي الْوُضُوءِ أَحَادِيثُ مِنْهَا:
حَدِيثُ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ «إنَّ لِلْوُضُوءِ شَيْطَانًا يُقَالَ لَهُ: الْوَلْهَانُ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ، وَفِيهِ خَارِجَةُ بْنُ مُصْعَبٍ وَهُوَ ضَعِيفٌ.
وَحَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ: «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم مَرَّ بِسَعْدٍ وَهُوَ يَتَوَضَّأُ، فَقَالَ: مَا هَذَا السَّرَفُ؟ قَالَ: أَفِي الْوُضُوءِ إسْرَافٌ؟ قَالَ: نَعَمْ وَإِنْ كُنْت عَلَى نَهْرٍ جَارٍ» رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَغَيْرُهُ، وَإِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ.
وَرَوَى ابْنُ عَدِيٍّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا: «كَانَ يَتَعَوَّذُ بِاَللَّهِ مِنْ وَسْوَسَةِ الْوُضُوءِ» وَإِسْنَادُهُ وَاهٍ.
قَوْلُهُ: رُوِيَ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم تَوَضَّأَ بِنِصْفِ مُدٍّ» . الطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ وَالْبَيْهَقِيُّ، مِنْ حَدِيثِ أَبِي أُمَامَةَ، وَفِي إسْنَادِهِ الصَّلْت بْنُ دِينَارٍ وَهُوَ مَتْرُوكٌ، وَفِي رِوَايَةٍ لِلْبَيْهَقِيِّ:«بِقِسْطٍ مِنْ مَاءٍ» وَفِي رِوَايَةٍ «بِأَقَلَّ مِنْ مُدٍّ» .
196 -
(18) - حَدِيثُ: رَوَى «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم تَوَضَّأَ بِثُلُثِ مُدٍّ» .
لَمْ أَجِدْهُ، وَالْمَعْرُوفُ مَا أَخْرَجَهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ وَابْنُ حِبَّانَ، مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ:«تَوَضَّأَ بِنَحْوِ ثُلُثَيْ الْمُدِّ» . وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيثِ أُمِّ عُمَارَةَ الْأَنْصَارِيَّةِ، وَصَحَّحَهُ أَبُو زُرْعَةَ فِي الْعِلَلِ لِابْنِ أَبِي حَاتِمٍ.