المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ذكر بعض الأخبارالتي رويت بالنهي عن القول في تأويل القرآن بالرأي - تفسير الطبري جامع البيان - ط دار التربية والتراث - جـ ١

[ابن جرير الطبري]

الفصل: ‌ذكر بعض الأخبارالتي رويت بالنهي عن القول في تأويل القرآن بالرأي

‌ذكر بعض الأخبار

التي رُويت بالنهي عن القولِ في تأويل القرآن بالرَّأي

73-

حدثنا يحيى بن طلحة اليربوعي، قال: حدثنا شَريك، عن عبد الأعلى، عن سعيد بن جُبير، عن ابن عباس: أن النبي

ص: 77

صلى الله عليه وسلم قال: من قالَ في القرآن برأيه فليتبوأ مقعدَه من النار (1).

74 -

حدثنا محمد بن بشار، قال: حدثنا يحيى بن سعيد، قال: حدثنا سفيان، قال: حدثنا عبد الأعلى - هو ابن عامر الثعلبي-، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: من قال في القرآن برأيه - أو بما لا يعلم - فليتبوأ مقعدَه من النار.

75 -

وحدثنا أبو كريب، قال: حدثنا محمد بن بشر، وَقبِيصة، عن سفيان، عن عبد الأعلى، قال: حدثنا سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من قال في القرآن بغير علم فليتبوأ مقعدَه من النار.

76 -

حدثنا محمد بن حميد، قال: حدثنا الحكم بن بَشير، قال: حدثنا عمرو بن قيس المُلائي، عن عبد الأعلى، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: من قال في القرآن برأيه فليتبوأ مقعدَه من النار.

77 -

حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا جرير، عن ليث، عن بكر، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: من تكلَّم في القرآن برأيه فليتبوأ مقعدَه من النار.

78 -

وحدثني أبو السائب سَلْم بن جُنادة السُّوَائي، قال: حدثنا حفص ابن غياث، عن الحسن بن عُبيد الله، عن إبراهيم، عن أبي معمر، قال: قال أبو بكر الصديق رضي الله عنه: أيُّ أرْضٍ تُقِلُّني، وأيُّ سماءٍ تُظِلُّني، إذا قلتُ في القرآن ما لا أعلم (2)!

79 -

حدثنا محمد بن المثنى، قال: حدثنا ابن أبي عدي، عن شعبة، عن سليمان، عن عبد الله بن مرة، عن أبي معمر، قال: قال أبو بكر الصديق: أيُّ أرضٍ تُقِلُّني، وأيُّ سماءٍ تظلّني، إذا قلتُ في القرآن برأيي - أو: بما لا أعلم.

قال أبو جعفر: وهذه الأخبار شاهدةٌ لنا على صحة ما قُلنا: من أنّ ما كان مِن تأويل آيِ القرآن الذي لا يُدرَك علمه إلا بنَصِّ بيان رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو بنَصْبه الدلالة عليه - فغير جائز لأحد القِيلُ فيه برأيه. بل القائلُ في ذلك برأيه - وإن أصاب الحق فيه - فمخطئ فيما كانَ من فِعله، بقيله فيه برأيه، لأن إصابته ليستْ إصابة مُوقن أنه محقٌّ، وإنما هو إصابة خارصٍ وظانً. والقائل

(1) الأحاديث 73 - 76 - تدور هذه الأحاديث كلها على عبد الأعلى بن عامر الثعلبي، وقد تكلموا فيه. "قال أحمد: ضعيف الحديث. وقال أبو زرعة: ضعيف الحديث، ربما رفع الحديث وربما وقفه. وقال ابن عدي: يحدث بأشياء لا يتابع عليها، وقد حدث عنه الثقات. وقال يعقوب بن سفيان: في حديثه لين وهو ثقة. وقال الدارقطني: يعتبر به. وحسن له الترمذي، وصحح له الحاكم، وهو من تساهله. وصحح الطبري حديثه في الكسوف". تهذيب التهذيب 6: 94 - 95. وقد روى أحمد هذا الحديث من طريق سفيان الثوري عن عبد الأعلى: 2069، ورواه أيضًا من طريق أبي عوانة عن عبد الأعلى رقم: 3025، بلفظ: "من كذب على القرآن بغير علم". وقلنا في شرح المسند: "إسناده ضعيف لضعف عبد الأعلى الثعلبي" ورواه أحمد أيضًا من أوجه أخر، كلها من رواية عبد الأعلى. وقال ابن كثير في التفسير 1: 11: "هكذا أخرجه الترمذي والنسائي من طرق عن سفيان الثوري، به. ورواه أبو داود عن مسدد عن أبي عوانة عن عبد الأعلى، به، مرفوعًا وقال الترمذي: هذا حديث حسن". وأخشى أن يكون قول ابن جرير بعد: "وهذه الأخبار شاهدة لنا على صحة ما قلنا

"، دالا على أنه يصحح حديثه هذا كما صحح حديثه في الكسوف.

(2)

الخبر 78 - في المخطوطة والمطبوعة: "سالم بن جنادة"، وهو خطأ. وفي المخطوطة "أبي نعم" مكان "أبي معمر"، وهو خطأ. وأبو معمر هو: عبد الله بن سخبرة الأزدي، تابعي ثقة، أرسل الحديث عن أبي بكر. وإبراهيم الذي حدث عنه هو: إبراهيم بن يزيد بن قيس النخعي.

وقوله "تقلني": أي تحملني. أقل الشيء واستقله: رفعه وحمله. وانظر طرق هذا الخبر في تفسير ابن كثير 1: 12.

ص: 78

في دين الله بالظنّ، قائلٌ على الله ما لم يعلم. وقد حرَّم الله جلّ ثناؤه ذلك في كتابه على عباده، فقال:{قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنزلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ} [سورة الأعراف: 33] . فالقائل في تأويل كتاب الله، الذي لا يدرك علمه إلا ببيان رسول الله صلى الله عليه وسلم، الذي جعل الله إليه بيانه -قائلٌ بما لا يعلمُ وإن وافق قيله ذلك في تأويله، ما أراد الله به من معناه. لأن القائل فيه بغير علم، قائلٌ على الله ما لا علم له به. وهذا هو معنى الخبر الذي:-

80-

حدثنا به العباس بن عبد العظيم العبري، قال: حدثنا حبَّان بن هلال، قال: حدثنا سهيل أخو حزم، قال: حدثنا أبو عمران الجونيّ (1) عن جندب: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من قال في القرآن برأيه فأصاب، فقد أخطأ (2) .

يعني صلى الله عليه وسلم أنه أخطأ في فعله، بقيله فيه برأيه، وإن وافق قِيلُه ذلك عينَ الصَّواب عند الله. لأن قِيله فيه برأيه، ليس بقيل عالم أنّ الذي قال فيه من قول حقٌّ وصوابٌ. فهو قائل على الله ما لا يعلم، آثم بفعله ما قد نُهىَ عنه وحُظِر عليه.

(1) في المطبوعة "سهيل بن أبي حزم"، وهو نفسه "سهيل أخو حزم". وإنما قيل "سهيل أخو حزم" تعريفًا له بأخيه "حزم بن أبي حزم القطعي"، إذ كان أوثق منه وأشهر. و "سهيل" هذا قال البخاري في التاريخ الكبير 2\ 2: 107: "ليس بالقوي عندهم"، وروى ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل 2\ 1: 247-248 عن أبيه، قال:"سهيل بن أبي حزم: ليس بالقوي، يكتب حديثه ولا يحتج به، وحزم أخوه أتقن منه". وفي المطبوعة أيضًا "أبو عمران الجويني"، وهو خطأ، وأبو عمران هو: عبد الملك بن حبيب الأزدي البصري.

(2)

الحديث 80- قال ابن كثير في التفسير 1: 11-12، ونقل الخبر عن الطبري:"وقد روى هذا الحديث أبو داود والترمذي والنسائي من حديث سهيل بن أبي حزم القطعي. وقال الترمذي: غريب. وقد تكلم بعض أهل العلم في سهيل".

ص: 79